tgoop.com/amegho/1083
Last Update:
(التغييرات الكونية وموافقة الصلاح الشرعي للصلاح الكوني في رمضان)
الحمد لله وبعد ..
المؤمن الذي يسلم بأخبار الله عز وجل في كلامه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، تنفتح له بوابة معرفية شعورية على عالم الغيب ، تتجاوز حدود الحس المُشاهد .. وإن من تمام الإيمان : وجود اتصال شعوري واستحضار مستمر بهذا العالم الغيبي ، والتفاعل القلبي والحسي معه ..
هذا وإن من المُلاحظ أن كثيرا من المقامات التعبدية العظيمة يكون لها اتصال بهذا الجانب الغيبي ، وكأن النفس تخرج من عالمها الدنيوي الأرضي الفاني ، وتعرج الروح في ملكوت الغيب المتصل بالسماء ...
فلذلك وصف الله عز وجل ذاك الذي آتاه ربه العلم فأبى أن يرفعه الله به ، وصفه بأنه أخلد إلى الأرض ، حيث أن مما يحققه العلم المتصل بالوحي = فتح هذه البوابة وتعزيزها في النفس ، فهي ترفع العبد وتصله بعالم الغيب . ويكون العكس إذا أعرض عن مثل هذه المقامات ، فهو يخلد إلى الأرض ويعيش حياة الفناء ..
والإنسان كائن أخروي ، لا سعادة له ولا هناء إلا بما يقربه من أصله ، فهو غريب عن هذه الدنيا ، مجرد عابر سبيل ، عينه على دار البقاء ، على تلكم الأنهار والأشجار ، وعلى ذلك النعيم العظيم ، يقرؤه في كتاب ربه فتشتاق روحه وتأنس نفسه .. ولاحظ هنا أن القرآن يستعمل مصطلح العودة وما دار في فلكه من معاني ، عند الحديث عن لقاء الله ويوم القيامة .. وكأن هذا أصلكم وهذا مقامكم ، وتلك هي الحيوان لو كنتم تعلمون
وتفكر أيضا أن الوحشة تكون في الركون للدنيا ، وفي قسوة القلب ، وفي البعد عن رب العالمين ، وأن الأنس في ذكر الله ، وفي محراب العبودية ، وفي لحظات السجود والمناجاة .. والوحشة بمعناها اللغوي هي شعور ناتج عن الابتعاد عن المألوف المعهود ، والأصل الأصيل للنفس .. فتفكر !
فهذه مقدمة لما أود الحديث عنه ، وهو أن شهر رمضان ، هو من الأزمة الاستثنائية طوال السنة ، ففيه من الاتصال بعالم الغيب الشيء الكبير ..
ففي هذا الشهر نزل القرآن ، كلام رب العزة والجلال ، ولعمري لو ما كان للشهر فضل غير ذاك لكفاه ..
وفي هذا الشهر ، وبشكل استثنائي ، تغلق أبواب النار ، وتُفتح أبواب الجنة .. فتفوح الرحمات على العباد المرابطين على محاريب العبودية ..
وفي هذا الشهر ، يعتق الله خلقا كثيرا من عباده من النار ، فيا له من شعور يصاحب المرء في كل صلاة وتلاوة وصدقة وعمل بر .. لا تدري أيها هو حبل نجاتك وسبب خلاصك .. فانهل من كل مورد مكنك الله منه !
وفي هذا الشهر تُصفد الشياطين ، وإنك لترى أثر ذلك في جموع المصلين التي تتضاعف بداية مع أول ليلة من هذا الشهر الفضيل ..
وفي هذا الشهر ، ليلة فيها من الاتصال بعالم الغيب القدر المذهل العجيب ، وهي أشرف ليالي العمر ، وهي ليلة القدر .. !
وفي هذا الشهر ، يلمس المؤمن بركة خاصة ، وفتوحا عجيبا ، ولذة لا بعدها لذة وسعادة .. كيف لا وهذا الشهر يتعرض فيها العباد لنفحات الرحمان ..
وفي هذا الشهر ، يجتمع جموع المؤمنين ، ليؤدوا صلاة التراويح ، بعد العشاء وفي الثلث الأخير .. فبالله كيف يكون المشهد إذا رُفعت الحجب ، ورأينا ملائكة الرحمن تحف هذه الجموع ، وتنصت للذكر الحكيم ..
فكل هذه معاني تزيدك قربا من مقام الغيب ، وتعرج بروحك في السماء ، فيكون رمضان بالنسبة لباقي الشهور ، كالسجود بالنسبة لباقي أركان الصلاة .. وأنا ذكرت فقط المعاني المتصلة بشهر رمضان ، وإلا فإن لكل شعيرة تُقام خلال هذا الشهر معاني خاصة تصلها بهذه البوابة ..
فمن المهم أن تُستحضر هذه المعاني ، بحيث يتجدد الشوق للقيا الله عز وجل ، ولدخول الجنة ، وكذلك لكي يزداد الأنس ويرتفع منسوب التعظيم لهذا الزمن الشريف ..
« والخلاصة .. أن في هذا الشهر الفضيل يتحقق قدر كبير من التوافق بين الصلاح الكوني والشرعي »
هذا والموفق من وفقه الله .. والحمد لله رب العالمين
#سقيا_العام
BY أعماق | أمين ✨
Share with your friend now:
tgoop.com/amegho/1083