tgoop.com/ask_albaydha/2381
Last Update:
#تأصيل #نسبية_الحق #روحانيةرقم
| م / ١٨٢
تاريخ| ٩ / ٢ / ١٤٤٦ هـ
• السؤال:
مقطع فيديو لأحد مشاهير الفلسفة الروحانية، يدعو لترك الأحكام ويعتبرها قيودًا عن الانطلاق في العمل بحب، ويضرب لذلك مثالًا بالحكم على رجل يرقص في مرقص ويزعم أن النفور من فعله والحكم على هذا الفعل بالخطأ عائق عن الانطلاق في الحياة بحب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• الإجابة:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ترك إطلاق الأحكام بالكلية أمر باطل يمكن الرد عليه فيما يأتي:
أولًا: امتلأ القرآن والسنة بالأحكام والأسماء الشرعية، قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
إلى آخر الآيات التي وصفت أفعال أهل الإيمان وخصاله وحكمت عليها بالفلاح والحق.
وهذه الآيات والأحكام موجهة لنا والواجب على الجميع اعتقاد الحق الذي فيها وحبه والسعي في تطبيقه والتواصي به، قال تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }.
ثانيًا: وكما سمى الله تعالى في كتابه "المؤمنون" و"المفلحون" ووصف سبيلهم وحكم على أعمالهم بالهدى؛ وأمرنا أن نتبع هذا السبيل ولا نحيد عنه، فقد سمى سبحانه "الكافرون"، و"المنافقون"، و"الفاسقون" وحكم على أفعالهم بالفسق والكفر والبطلان في آيات كثيرة، كل هذا دليل على أن تصرفات الناس وأفعالهم فيها الحق والباطل وفيها المنجي والمهلك، الذي يجب علينا اعتقاده والعمل به.
قال سبحانه: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، إلى آخر الآيات، فهذه وصية الله تعالى وكلها أحكام ختمت بقوله تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
فأمرنا بسلوك الصراط المستقيم بما فيه من أوامر ونواه وأحكام واعتقادات، وترك ما سواه وما يضاده.
فالدعوة لترك الأحكام على أفعال الناس وتصرفاتهم واعتبار ذلك قيودًا، هو دين الإباحيين الذين يجعلون كل شي مباحًا! حتى الموبقات والفواحش، وتسمية ذلك (حبًا) من التلبيس.
ثالثًا: مفهوم (ترك الأحكام) الذي يدعو له الروحانيين اليوم مستحيل في الواقع، وهو منطلق من شبهة نسبية الحقيقة الذي يهدم نفسه بنفسه وكذلك القول بترك إطلاق الأحكام، فنحن ندعو قائلها أن يبدأ بنفسه فيترك هذه القاعدة التي يدعو لها، لأنها حكم من الأحكام، وقيد من القيود.
رابعًا: لو أخذ الناس بهذه المبادئ الروحانية المنحرفة لفسدت معيشتهم كما فسد دينهم، فإن من اعتدى عليك وظلمك، لا يسوغ لك الحكم عليه بشيء وفق هذه النظرية! لأن ذلك من جملة الأحكام.
خامسًا: ترك إطلاق الأحكام ينسحب على الدين والقيم بالإبطال، فهل يريدون منا أن نترك أحكام الله تعالى العادلة، لأحكامهم وأهوائهم المنحرفة؟
فلا نحكم بشر ولا بخير ولا بحق ولا بباطل، وما يترتب على ذلك من ترك شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سادسًا: من أسماء الله جل وعلا الحكيم والحكم وهو الذي يقضي بالحق ويحكم به قدرًا وشرعًا، وقد ذم الله تعالى من يعرض عن الأحكام الصحيحة إلى اتباع الهوى، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ}.
فأحكام الله تعالى الشرعية يجب اعتقادها وإنزالها على واقع الناس وإلا لصارت لغوًا.
سابعًا: الغرض من الأحكام هو معرفة مراد الله تعالى والتواصي بالحق ونشره، وإقامة العدل والرحمة، لا الهمز أو السخرية، أو التكبر على عباد الله، كما أن الحكم على الفعل يجب أن يكون مقرونًا بدليله كما يجب تحري الدليل والعدل، لئلا يصاب المرء ظلمًا بالدعاوى العارية من الدليل.
وأخيرًا: مما ينهى عنه من الأحكام ويجدر التنبيه له؛ حكم المربين والآباء والأمهات على أبنائهم بالفشل أو الفساد واليأس من استصلاحهم، فهذا من الجور ومن معيقات التربية والإصلاح للنشء، وليس هو مقصود السؤال ولا فحوى المقطع.
هذا والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجيب:
أ. هناء بنت حمد النفجان
باحثة دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة.
الوسم المرجعي:
#متفرقات
قناة اسأل البيضاء:
https://www.tgoop.com/ask_albaydha
.
BY | اسأل البيضاء |
Share with your friend now:
tgoop.com/ask_albaydha/2381