منازلنا بُنيت على الطريقة الغربيّة بطريقةٍ تسمح بدخول أكبر قسطٍ من الشمس في بلادنا الحارّة، وبموادٍّ لا تعزل الحرارة أو البرودة، تفترض أنّ تكييف الهواء ضرورة، وقد نشأ عن ذلك الحاجة لكمٍّ هائلٍ من السلع التي أصبحت من ضرورات الحياة العصريّة، فلو ترك الإنسان جهاز التكييف لتصبّب عرقه وقلّت إنتاجيّته.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص75.

إنّ ساعات العمل تصلح تمامًا لبلادهم، أمّا بالنسبة لبلادنا فيوم العمل المناسب يمكن أن يبدأ بعد صلاة الفجر وينتهي وقت الظهيرة، على أن يستأنف الناس حياتهم الاجتماعيّة بعد العصر ويناموا بعد العشاء.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص75.

يجب ألّا نتقبّل الواقع المستورَد المتحيّز ضدّنا، وبهذه الطريقة قد نحرّر ذاتنا من التبعية للآخر.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص76.

ومرّةً أخرى يُعاد اكتشاف الدين، ويتبارى المتبارون في إثبات أنّ الإسلام سبق العالم في منح المرأة حقوقها وفي نظم الإدارة الحديثة، وكل هذا يعني أنّ الإسلام يكتشف شرعيّته بمقدار اقترابه من النموذج الحضاري الغربي!
وبالتدريج، يتمّ تغريب النموذج الإسلاميّ بحيث يتّفق مع النموذج الحضاري الغربيّ الحديث.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص94.

لقد تكوّن داخل العالم العربيّ الإسلاميّ مجموعةٌ من المتعلّمين يشغلون وظائف قياديّةً وغير قياديّة: الصحفيّون والمدرّسون والأساتذة الجامعيّون والمفكّرون والأدباء... الذين استوعبوا تمامًا النموذج الحضاريّ الغربيّ واستبطنوه دون أن يدركوا تضميناته المختلفة، فقد استوعبوه في غالب الأمر باعتباره مجموعةً من الأفكار الجميلة النبيلة التي لا تترابط داخل منظومةٍ واحدة، وتحوّلوا إلى أدواتِ توصيلٍ جيّدةٍ له ولقيمه، أحيانًا عن وعي، ولكن في معظم الأحيان عن غير وعيٍ وبدون فهمٍ عميق.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص96.

فئة المتعلّمين المتغرّبين هي أخطر القطاعات الثقافية التي تقوم بعملية التغريب، وإعادة صياغة القيم وإشاعة النموذج الحضاريّ الغربيّ بكلّ تحيّزاته، فعصر النهضة في الغرب -كما تعلّموا من الكتب التي درسوها- هو العصر الذي بُعثت الفنون والآداب به، والذي شاهد الإنسان وهو يضع نفسه في مركز الكون، لا عصر ميكافيلّي وهوبز وبداية الاحتلال وإبادة الملايين!
والثورة الفرنسيّة هي ثورة الإخاء والمساواة وإعلان حقوق الإنسان، لا ثورة العقلانيّة الماديّة التي عَبد فيها الإنسانُ العقلَ الماديّ المجرّد فلجأ للإرهاب ليصوغ الواقع بما يتّفق مع العقل.
ونيتشه هو فيلسوف الإنسان الأعظم، لا فيلسوف اختفاء الإله والإنسان...

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص97.

إنّ النموذج الإدراكيّ الكامن في فلسفتنا التعليميّة هو اللحاق بالغرب.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص99.

طالما طالبتُ بتدريس الأدب الإنجليزيّ باعتباره أدبًا أجنبيّا، في سياقٍ مقارنٍ مع الأدب العربيّ، مع التركيز على الخلفيّة الحضاريّة لهذا الأدب، ليُفهم باعتباره مرتبطًا بخلفيّةٍ حضاريّةٍ محدّدةٍ لا باعتباره أدبًا عالميّا، تمامًا كما يفعلون بالأدب العربيّ في بلادهم.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص99.

إنّه ثمّة إيمانٌ عند من يُبدي أسفه إذا أخطأ بأنّه إن عبّر الإنسان عن أسفه لفعلٍ ارتكبه فهذا التعبير أمرٌ له قيمته، إذ إنّه يعبّر عن التضامن بين الإنسان وأخيه الإنسان، والقيمة أمرٌ معنويٌّ كيفيٌّ لا يُقاس، يتجاوز عالم المادّة والبيع والشراء والثمن المحدّد والمعايير الاقتصاديّة.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص101.

إنّ ربّة المنزل التي تُسأل عن عملها فتجيب بأنّها لا تعمل، هي بالحقيقة فعلت الكثير من منظورٍ إنسانيٍّ مركّب، ولكنّها استبطنت الخطاب المعرفيّ الماديّ، فكانت إجابتها صحيحةً من منظورٍ ماديٍ بسيط.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص110.

إنّ ربّة المنزل التي استبطنت الخطاب المعرفيّ الماديّ تجد أنّها لا تعمل، ولذا عليها أن تخرج من المنزل فورًا حتّى تعمل، أي تتقاضى أجرًا فتستعيد احترامها لنفسها.
قد يفسد الأطفال، وقد تنهار الأسرة، وتضيع خصوصيّة الحضارة -فالأمّ هي التي تعلّم الأطفال الحضارة والقيم- ولكنّ هذه الأمور ثانويّة.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص110.

إنّ المنظومة المادّيّة وضعت الإنسان في مركز الكون نظريًّا فقط، وبدلًا من أن يصبح العالم مادّةً استعماليّةً لكلّ الجنس البشريّ، أصبح العالم ومعظم البشريّة مادّةً استعماليّةً للجنس الأبيض (صاحب القوّة).

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص130.

بدلًا من أن يقف الإنسان في مركز الكون -كما تقرّر النظريّة الماديّة- وقف الإنسان الأبيض فيه، ومارس إحساسًا بهذه المركزيّة وضرورة الحفاظ عليها وفرضها على الآخرين.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص130.

من المفاهيم الأساسيّة التي تلهج بها كلّ الألسنة مفهوم التقدّم، المشاريع والانقلابات كلّها تتمّ باسم هذا الشيء السحريّ، ركّز في مفهوم الناس عن التقدّم وستجده عُرِف بطريقةٍ ماديّةٍ بالدرجة الأولى، فرصد الناس للواقع ركَّز على العناصر المادية وحدها وأهمل أو همّش العناصر المعنويّة والأخلاقيّة.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص139/140.

إنّ ألعاب الفيديو باتت قمّة التقدّم وآخر الصيحات، وهي أيضًا قمّة العزلة وآخر صيحةٍ في عالم الاغتراب، إذ يجلس الطفل وحيدًا أمام جهازٍ أصمّ، ألعابٍ لا تعرف الضحك أو البكاء، لا هي بالحارّة ولا هي بالباردة، ألعابٍ تهدر إنسانيّة الإنسان، فالإنسان هو من يأتنس بغيره من البشر.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص141.

يجب أن ندرك أنّ التقدّم نابعٌ من تربةٍ غربيّة، مرتبطٌ بمرحلةٍ محدّدةٍ في التاريخ الغربيّ، وليس له صلاحيّةٌ وشرعيّةٌ تتجاوزان المكان والزمان.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص143.

"أيّدوا قوّاتنا"، "هل أنت ضدّ قواتنا؟" هذه شعارات بلا معنى، لن يكون بإمكان أحد الوقوف ضدّها، وسيصطف الجميع خلفها، فلا أحد يعرف ما تعنيه؛ لأنّها في واقع الأمر لا تعني شيئًا على الإطلاق، وقيمتها الأساسية تكمن في تشتيت الانتباه عن سؤالٍ ذي معنى هو "هل تؤيّد سياساتنا؟"، وهو السؤال الذي لن يسمح لك بالحديث عنه.

- السيطرة على الإعلام، نعوم تشومسكي، ص15.

يفترض مفهوم التقدّم وجود تاريخٍ إنسانيٍّ واحد (لا إنسانيّةٍ مشتركةٍ تتبدّى في تشكيلاتٍ حضاريّةٍ متنوّعة) ولذا ما يصلح لتشكيلٍ حضاريٍّ وتاريخيٍّ ما يصلح لكلّ التشكيلات الأخرى.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص145.

فكرة التقدّم باعتباره قانونًا عامًّا طبيعيًّا والغرب باعتباره قمّة التقدّم، تؤدّي إلى تقبّل مسلّمة تفوّق الغرب وعالميّته وإطلاقه، ومعياريّة النموذج الحضاري والمعرفي الغربي بحيث يصبح نموذجًا قياسيًّا للبشريّة جمعاء، على الجميع الالتزام به واتّباعه إن أرادوا سدّ الفجوة بينهم وبين الغرب للوصول إلى الرقيّ والسعادة.

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص146.

استخدم أحد جهابذة علم الاجتماع المصريّ «عدد ساعات الاستماع للسيمفونيات» معيارًا للتقدّم والتخلّف، وهو معيارٌ غريبٌ يجعل من كلّ البشر -باستثناء نخبةٍ صغيرةٍ في الغرب- متخلّفين، ويتجاهل الأشكال الفنيّة المحليّة الشعبية وغير الشعبية..
وهو يشبه أن يحكم عالمٌ عربيٌّ على الغرب بالتخلّف لانعدام فنّ الخطّ في جدران مبانيهم بينما هو فنٌّ شرقيّ!

- العالم من منظور غربي، عبد الوهّاب المسيري، ص147.