أرشيف كتبي مع ابيات شعرية ومقالات

الملاحظة الثانية: وصف الامام (عليه السلام) هذا الجيش بالشجاعة والفقاهة وانهم ثقة امير المؤمنين (عليه السلام) وهذا خلاف ما عهد من نقل الاخبار عن جيش امير المؤمنين في حياته حيث وصفوهم بالتقاعس والتخاذل، وليس العدد قليلا حتى يمكن القول انهم قلة من الذين كانوا معه عليه السلام، مع ملاحظة قول الامام الحسن (عليه السلام) ان هذا العدد هو (بقية الثقات) اذا كان الثقات اكثر من هذا العدد بكثير..
الملاحظة الثالثة: من الواضح ان الامام الحسن (عليه السلام) يكن كل الاحترام والتقدير لهذا الجيش فيوصيه بان يدنيهم من مجلسه ويفرش لهم جناحه وغيرها، كما انه أكد على ضرورة المشاورة معهم وبالأخص مع من عينهم الامام للقيادة في حال وقع على عبيد الله حادث. ولعل هذه الوصايا ليس لعبيد الله فقط او لخصوصية في هذا الجيش بل هي لكل قائد عسكري ولكل جيش.
الملاحظة الرابعة: المتابعة الدقيقة من الامام لمجريات الأمور فهو يطالبه بضرورة وصول التقرير اليومي عما يحدث وهذه من اهم صفات القيادة الواعية.
(فأما معاوية فإنه وافى حتى نزل في قرية يقال له الحبونية وأقبل عبيد الله بن العباس حتى نزل بإزائه فلما كان من غد وجه معاوية إلى عبيد الله أن الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلم الأمر إلي فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع ، ولك إن جئتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجل لك في هذا الوقت نصفها وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر . فانسل عبيد الله ليلا فدخل عسكر معاوية ، فوفى له بما وعده ، وأصبح الناس ينتظرونه أن يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه ، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة ، ثم خطبهم فثبتهم ، وذكر عبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو ، فأجابوه بالطاعة ، وقالوا له : انهض بنا إلى عدونا على اسم الله ، فنهض بهم ). بحار الانوار ج 44 ص 52
على الرغم من الزخم الذي وفره الامام لعبيد الله الا انه ضعف امام المغريات وخان الامام!
أسباب الخيانة:
الأول: الطمع في المناصب، وحقيقة الطامع في المنصب هي امران اما لسد نقص في نفسه فيحب الحصول على الامتيازات التي يجنيها من المنصب فيظن انه يحصل على الاحترام والوجاهة لسد النقص النفسي عنده وهذا ما حصل مع من سبقه بالخيانة فقد وعدهم بحكم بعض المناطق في حال خانوا الامام الحسن (عليه السلام). او الخوف من فقدان مما يعده ميزة لا يمكن التخلي عنها، لذا فقد عزف معاوية على هذا الوتر مع عبيد الله حيث قال له: (فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع). فخان عبيد الله الامام ليبقى متبوعا وليس تابعا، وهذه العلة نفسها التي بسببها سينقض السفياني اتفاقه مع الامام المهدي، (قال له بطانته ستكون تابعا بعد ان كنت متبوعا).
ولعل كثير ممن خان قيادته الحقة انما خانها بسبب أوهام وخيالات يوحيها الطغاة، فالطغاة يفوقون الشيطان بدهائهم ومكرهم، فالشيطان قد يغري الانسان البسيط ويدخل اليه العجب ويوهمه بعظيم عبادته او منجزاته للإسلام فيحبط عمله نتيجة العجب، اما الطغاة فانهم يوهمون المرء بانه صاحب مكانة مرموقة وان قيادته قد ظلمته بعدم رفع قدرته ومكانته، ويقولون لهم انكم لو كنتم تعملون معنا لأوصلناكم الى اعلى المراتب. ومن المؤسف ان البعض يصدق هذه الأوهام مما يقوده الى خيانة قيادته الحقة والنتيجة فقد قيادته الحقة ولم يحصل من الطغاة على أي شيء بل ان همهم اسقاط الذين يعملون بمعية القيادة الحقة.
الثاني: الطمع في الأموال، فالأموال من اشد المؤثرات على الانسان واهم أسباب الخيانة، فعبيد الله لم يستطع مقاومة المبلغ الذي عرضه عليه معاوية.
الثالث: فقدان الوعي الذي يجب ان يتحلى به كل انسان والقراءة الخاطئة او المنقوصة لمجريات الاحداث من الأسباب الرئيسة للخيانة الا ان هذا السبب غير ملحوظ ولم يركز عليه، من امثلة هذا السبب هو قد يقرأ البعض الساحة بانها متجهة صوب جهة ما او فئة ما وقيادته الواعية لها قراءة خلاف ذلك فتقع الخيانة بسبب القراءة الخاطئة للأحداث وعدم وعي قراءة قيادته الحقة.
الرابع: الميول والنوازع النفسية، فتارة تكون مواقف القيادة الواعية خلاف ميول البعض ونوازعهم النفسية مما يدفعهم الى خيانة قيادتهم بخاصة إذا كان هذا البعض يجد في جهة ما غرضه وسد نواقصه وقيادته على خلاف هذه الميول.
وقد يتخذ الطغاة أسلوب المديح والثناء على شخص ما لمحاولة استمالته وكسبه لصفهم ودفعه لخيانة قيادته وفي حال عدم استجابته لهذا الأسلوب فانهم يعمدون لتسقيطه بكيل التهم والافتراءات، وقد عمل معاوية بهذا الأسلوب مع قيس بن سعد الذي قاد الجيش بعد عبيد الله بن العباس:
(وكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه ، فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح ، فكتب إليه معاوية لما يئس منه : أما بعد فإنك يهودي ابن يهودي تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك ، فان ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك ، وإن ظهر أبغضهما إليك نكل بك وقتلك ، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ،

www.tgoop.com/bookmohammed/46

23 viewsJun 2, 2024 at 22:05

الملاحظة الثانية: وصف الامام (عليه السلام) هذا الجيش بالشجاعة والفقاهة وانهم ثقة امير المؤمنين (عليه السلام) وهذا خلاف ما عهد من نقل الاخبار عن جيش امير المؤمنين في حياته حيث وصفوهم بالتقاعس والتخاذل، وليس العدد قليلا حتى يمكن القول انهم قلة من الذين كانوا معه عليه السلام، مع ملاحظة قول الامام الحسن (عليه السلام) ان هذا العدد هو (بقية الثقات) اذا كان الثقات اكثر من هذا العدد بكثير..
الملاحظة الثالثة: من الواضح ان الامام الحسن (عليه السلام) يكن كل الاحترام والتقدير لهذا الجيش فيوصيه بان يدنيهم من مجلسه ويفرش لهم جناحه وغيرها، كما انه أكد على ضرورة المشاورة معهم وبالأخص مع من عينهم الامام للقيادة في حال وقع على عبيد الله حادث. ولعل هذه الوصايا ليس لعبيد الله فقط او لخصوصية في هذا الجيش بل هي لكل قائد عسكري ولكل جيش.
الملاحظة الرابعة: المتابعة الدقيقة من الامام لمجريات الأمور فهو يطالبه بضرورة وصول التقرير اليومي عما يحدث وهذه من اهم صفات القيادة الواعية.
(فأما معاوية فإنه وافى حتى نزل في قرية يقال له الحبونية وأقبل عبيد الله بن العباس حتى نزل بإزائه فلما كان من غد وجه معاوية إلى عبيد الله أن الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلم الأمر إلي فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع ، ولك إن جئتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجل لك في هذا الوقت نصفها وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر . فانسل عبيد الله ليلا فدخل عسكر معاوية ، فوفى له بما وعده ، وأصبح الناس ينتظرونه أن يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه ، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة ، ثم خطبهم فثبتهم ، وذكر عبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو ، فأجابوه بالطاعة ، وقالوا له : انهض بنا إلى عدونا على اسم الله ، فنهض بهم ). بحار الانوار ج 44 ص 52
على الرغم من الزخم الذي وفره الامام لعبيد الله الا انه ضعف امام المغريات وخان الامام!
أسباب الخيانة:
الأول: الطمع في المناصب، وحقيقة الطامع في المنصب هي امران اما لسد نقص في نفسه فيحب الحصول على الامتيازات التي يجنيها من المنصب فيظن انه يحصل على الاحترام والوجاهة لسد النقص النفسي عنده وهذا ما حصل مع من سبقه بالخيانة فقد وعدهم بحكم بعض المناطق في حال خانوا الامام الحسن (عليه السلام). او الخوف من فقدان مما يعده ميزة لا يمكن التخلي عنها، لذا فقد عزف معاوية على هذا الوتر مع عبيد الله حيث قال له: (فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع). فخان عبيد الله الامام ليبقى متبوعا وليس تابعا، وهذه العلة نفسها التي بسببها سينقض السفياني اتفاقه مع الامام المهدي، (قال له بطانته ستكون تابعا بعد ان كنت متبوعا).
ولعل كثير ممن خان قيادته الحقة انما خانها بسبب أوهام وخيالات يوحيها الطغاة، فالطغاة يفوقون الشيطان بدهائهم ومكرهم، فالشيطان قد يغري الانسان البسيط ويدخل اليه العجب ويوهمه بعظيم عبادته او منجزاته للإسلام فيحبط عمله نتيجة العجب، اما الطغاة فانهم يوهمون المرء بانه صاحب مكانة مرموقة وان قيادته قد ظلمته بعدم رفع قدرته ومكانته، ويقولون لهم انكم لو كنتم تعملون معنا لأوصلناكم الى اعلى المراتب. ومن المؤسف ان البعض يصدق هذه الأوهام مما يقوده الى خيانة قيادته الحقة والنتيجة فقد قيادته الحقة ولم يحصل من الطغاة على أي شيء بل ان همهم اسقاط الذين يعملون بمعية القيادة الحقة.
الثاني: الطمع في الأموال، فالأموال من اشد المؤثرات على الانسان واهم أسباب الخيانة، فعبيد الله لم يستطع مقاومة المبلغ الذي عرضه عليه معاوية.
الثالث: فقدان الوعي الذي يجب ان يتحلى به كل انسان والقراءة الخاطئة او المنقوصة لمجريات الاحداث من الأسباب الرئيسة للخيانة الا ان هذا السبب غير ملحوظ ولم يركز عليه، من امثلة هذا السبب هو قد يقرأ البعض الساحة بانها متجهة صوب جهة ما او فئة ما وقيادته الواعية لها قراءة خلاف ذلك فتقع الخيانة بسبب القراءة الخاطئة للأحداث وعدم وعي قراءة قيادته الحقة.
الرابع: الميول والنوازع النفسية، فتارة تكون مواقف القيادة الواعية خلاف ميول البعض ونوازعهم النفسية مما يدفعهم الى خيانة قيادتهم بخاصة إذا كان هذا البعض يجد في جهة ما غرضه وسد نواقصه وقيادته على خلاف هذه الميول.
وقد يتخذ الطغاة أسلوب المديح والثناء على شخص ما لمحاولة استمالته وكسبه لصفهم ودفعه لخيانة قيادته وفي حال عدم استجابته لهذا الأسلوب فانهم يعمدون لتسقيطه بكيل التهم والافتراءات، وقد عمل معاوية بهذا الأسلوب مع قيس بن سعد الذي قاد الجيش بعد عبيد الله بن العباس:
(وكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه ، فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح ، فكتب إليه معاوية لما يئس منه : أما بعد فإنك يهودي ابن يهودي تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك ، فان ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك ، وإن ظهر أبغضهما إليك نكل بك وقتلك ، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ،

BY أرشيف كتبي مع ابيات شعرية ومقالات