tgoop.com/bookmohammed/52
Last Update:
#الحب_اونلاين
#مع ام #ضد ؟
أنا متزوجة وعن طريق الخطأ دخلت في علاقة مع شخص ما عبر الإنترنت وأحببنا بعضنا البعض، لكنني شعرت بالذنب بعد ذلك وأخبرته أن يتوقف وأنني لا أستطيع الاستمرار معه، لكنه ظل يتوسل بي للبقاء معه وعدم تركه. ماذا علي أن أفعل؟
تخيلي معي موظفًا يعمل في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، يقوم كل يوم بنفس العمل، عمل ممل جدًا، لا ابتكار ولا تحديات ولا تطور..
زملاؤه في غرفة الأرشيف أكبر منه بكثير، كلامهم يدور دوما حول الشكوى والتحسر على حال الدنيا، يتماوتون في حركاتهم وألفاظهم.. لا موسيقى في الغرفة سوى التنهيدات وال(مسم)، تعرفين المسم؟
إنه الصوت الذي كانت تطلقه أم جلال في فيلم أم العروسة، يعبر عن الاعتراض المجرد، مجرد من الفعل والأمل.. اعتراض محبط ممل.
وبينما يغرق صديقنا في أمواج الملل الفاترة، وأثناء تصفحه لفيسبوكه الممل، وجد رسالة من صديق عزيز قديم
(كيف حالك يا صديقي؟ يبحثون في الفندق الذي أعمل فيه عن غواص، فتذكرتك.. لقد كنت دوما رائعا في الغوص وتعليمه، الراتب ممتاز، وستقيم في غرفة مطلة، وسنتمكن يا صديقي من حضور الحفلات الليلية معًا، واستكشاف الغوص مع مجموعات رائعة من السائحين. في انتظارك غدًا)
ضرب الأدرنالين دماغ صديقنا، أغمض عينيه، وتساءل:
هل كنت ماهرًا في الغوص فعلا ذات يوم؟
فتح عينيه وفرت دمعة وهو يطالع الملفات السوداء الكئيبة حوله والتي تضم أوراقا سخيفة، وتذكر بأسى كم كان ماهرًا جدًا في الغوص، وعاشقًا للبحر..
ولكن كيف انتهى به الحال إلى هذه الوظيفة، وتلك الغرفة؟
قام بمزيج من الغضب وحلاوة الروح، هرع لبيته، حضر حقيبة السفر، وعد الساعات حتى موعد الأتوبيس، ثم سافر إلى (الحياة).
حسنًا..
هكذا يبدو الحب أون لاين لكثير من المتزوجين (رجالا ونساء)
يبدو الزواج كتلك الوظيفة المملة.
يبدو العشق كالغوص، مهارة ذبلت واندثرت، وذكرى حارقة، ورفاهية لا مكان لها.
يبدو ذلك الشخص الافتراضي المثير للإعجاب كتلك الفرصة في قصة صديقنا الغواص موظف الأرشيف، كرسالة الصديق المبهجة وسط ركام اليأس.
ولذلك أنت تشعرين بالذنب نعم، وتدركين جيدًا الخطأ دينيا وأخلاقيا، ولكنك لا تريدين التوقف، ليس فقط لتوسلات الآخر، وإنما لتوسلاتك أنت.
وكأنها العودة من فور سيزون شرم الشيخ إلى غرفة الأرشيف.
انطفاء لكل هرمونات السعادة، ستتوقف الموسيقى إذن وتعودين إلى تنهيدات الملل، من "أعشقك وأذوب في عينيك" إلى " لا تنسى كيس الزبالة وانت خارج".
ولكن..
هل الأمر حقًا كما يبدو عليه؟
قبل أن أفكك الصورة وأكشف لك أن تحت القبة لا يوجد شيخ، ولا حتى عمامة، لا فندق ولا غوص ولا حفلات!
لنكمل معه الرحلة..
كان صديقنا مندفعًا بمشاعره، يرسم له خياله أجمل الأوقات والمغامرات، وكلما شعر بالخوف أو القلق أو عدم الارتياح تذكر غرفة الأرشيف الخانقة فقوي قلبه على المضي نحو ذلك العالم الجديد.
ومن فرط خياله واشتياقه فإنه عندما وصل إلى وجهته كان يرى الألوان التي يحبها، ويسمع موسيقاه المفضلة، كانت تنبعث من قلبه ولكنه كان يسمعها في كل شيء حوله.
لم ينتبه جيدًا عندما اتجه به صديقه القديم بعيدًا عن البحر، وباتجاه الفناء الخلفي للمنتجع، كان مسحورًا بخياله واستعادة ذاته القديمة المخبوءة.
أشار له الصديق نحو بعض البالوعات "استخدم مهاراتك في الغوص يا صديقي لتحل لنا مشكلة وأزمة طارئة في الصرف".
شعر بعدم الارتياح ولكنه لم يفزع، قال لنفسه: "المهم أنني سأغوص، ولن أصبح مجرد موظف أرشيف بائس، يكفي أنني على مقربة من البحر، يكفي أنني أشعر بذاتي مجددًا".
المؤسف أن صديقنا لم ينتبه لموقعه الجديد إلا بعد أن وجد نفسه وسط القاذورات، لا يستطيع التنفس جيدًا، يحاول حل مشكلة لا تعنيه، مشكلة شخص آخر، مشكلة شديدة القذارة ولا تهمه".
في قاع البالوعة، وسط الروائح الخانقة، والفضلات والكائنات الدقيقة أصابته نوبة فزع، رأى صورة خياله محطمة..
لا أسماك ملونة ولا شعاب مرجانية هنا.
لا سائحون مبتهجون ولا مغامرات على اليخوت.
ولكن ما حطم قلبه أنه لم يتذكر غرفة الأرشيف، حاول أن يتذكرها ولكنه فشل، لأن صورة أخرى كانت تملأ وجدانه.
صورة لمكتب أنيق في غرفة واسعة بجواره كرسي هاموك للاسترخاء، وفريق نشيط ومتفائل لا تنهيدات لا مسم ولا شكاوى مستمرة، وإنما موسيقى الفلامنكو تسري في المكان، الذي يُطل على شارع حيوي تحضنه تلة مهيبة.
وتذكر حينها وهو يرى الفئران والطحالب العفنة والفضلات المقرفة كيف كان يتناول الموكاتشينو وهو يراقب الناس من شرفة مكتبه، أو يتناقش مع زملائه حول تحدٍ ما في العمل.
كان أكثر ما تذكره الرائحة المنعشة في مكتبه، والأرضية اللامعة، وضوء الشمس الذي يتسلل من الزجاج الشفاف فيملأ المكان دفئًا ولا يسمح بدخول الحشرات الطائرة، وهو الآن يبتلع بخزي القاذورات ويرافق الديدان.
اعتصر عقله ليبحث عن غرفة الأرشيف، أين غرفة الأرشيف التي قادتني يأسًا إلى هنا؟!
وتذكر..
BY أرشيف كتبي مع ابيات شعرية ومقالات
Share with your friend now:
tgoop.com/bookmohammed/52