Telegram Web
شرح باب: ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

⤴️⤴️⤴️⤴️

#الباب_السبعون
📚71 باب ما جاء في الإقسام على الله📚

📚 المتن 📚

📚عن جندب بن عبدالله  قال: قال رسول الله ﷺ: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك رواه مسلم.

وفي حديث أبي هريرة: أن القائل رجل عابد. قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.📚

📚 شرح الشيخ 📚

الشيخ: يقول رحمه الله: باب ما جاء في الإقسام على الله، أي باب ما جاء فيه من الوعيد، فلما كان الإقسام على الله جرأة على الله، ونقصا في التوحيد، وضعفا في الإيمان، ذكره المؤلف هنا لأن المقصود فعل ما يكون فيه كمال الإيمان، وترك ما يكون فيه نقص الإيمان .

عن جندب بن عبدالله البجلي، يقال: جَندَب بفتح الدال، ويقال: جندُب بضم الدال لغتان، وهو جندب بن عبدالله بن سفيان البجلي رحمه الله، عن النبي ﷺ: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان! يعني النبي ﷺ يخبر عمن قبلنا أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى علي يعني يحلف على، التألي الحلف، والألية اليمين، من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له وأحبطت عملك رواه مسلم في الصحيح.

هذا معناه التحذير من التألي على الله، والإقدام عليه، وأنه لا يفعل كذا ولا يفعل كذا، والله لا يغفر الله لفلان، والله لا يدخله الجنة، والله لا يوفق ونحو ذلك، هذا منكر لا يجوز، ليس عندك علم من الله، وليس عندك حق عليه، فالواجب حفظ اللسان والحذر من أخطاره، لأن اللسان خطره عظيم، قد يتكلم الإنسان بكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب نسأل الله العافية كما جاء في الحديث، وهذا من هذا الباب، ولو ساء ظنك به، ولو كان صاحب معاصي، لا تقل هذا الكلام، قل: أخشى عليه، أخاف عليه، اللهم اهده، تدعو له بالهداية، أما أن تقسم على الله أنه ما يدخله الجنة ولا يغفر له، هذا غلط منك، إن ربك حكيم عليم، قد يغفر الله له، قد يتوب الله عليه وأنت لا تدري، الحاصل أن هذا من ظلم اللسان، ومن جور اللسان، ومن خطر اللسان، فالواجب الحذر، وهذا نقص في التوحيد، نقص في الإيمان.

وفي حديث أبي هريرة أنه كان رجلا عابدا، الذي حمله غيرته، حملته عبادته التي كان يتعبدها على أن قال هذا الكلام السيئ، وهذا يفيد أن الإنسان قد يغار غيرة فاسدة قد يجترئ بها على الله، قد يكون عابدا غيورا لله لكن توقعه غيرته في الإثم، قد يكون غيورا فيتكلم بكلام لا ينبغي مثل هذا الكلام، قد يكون غيورا فيأمر بمنكر وينهى عن معروف على غير بصيرة، قد يكون غيورا فينكر منكرا على غير بصيرة، فلا بد من التقيد بالحدود الشرعية في الغيرة في إنكار المنكر، لا بد من الحدود التي حدها الله تلزمها ولا تتعداها.

قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، يعني هذه الكلمة أهلكت دنياه وآخرته لأنها خطيرة حيث قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: قد غفرت له وأحبطت عملك لما اجترأ على الله، هذا وعيد عظيم يفيد الحذر من الجرأة على الله، وأن الإنسان قد يتكلم بكلمة تهلكه كما في الحديث السابق، يقول النبي ﷺ: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، وفي اللفظ الآخر: يزل بها في النار سبعين خريفًا، وفي اللفظ الآخر: إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يتبين فيها -يعني ما يتثبت فيها- يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه فالواجب على المؤمن، وعلى طالب العلم، وعلى الغيور لله أن يتثبت، وأن يحفظ لسانه، وأن لا يتكلم إلا عن بصيرة، وأن لا يعمل إلا عن بصيرة.

📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️

https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz

♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
شرح باب: ما جاء في الإقسام على الله بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

⤴️⤴️⤴️⤴️

#الباب_الواحد_والسبعون
📚72 باب لا يستشفع بالله على خلقه📚

📚 المتن 📚

📚عن جبير بن مطعم  قال: «جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي ﷺ: سبحان الله! سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد وذكر الحديث، رواه أبو داود.📚

📚 شرح الشيخ 📚

الشيخ: هذا الباب في التحذير من الاستشفاع بالله على خلقه، ذكره المؤلف هنا من باب كمال الإيمان، وهذا الكتاب ألف لبيان توحيد الله والإخلاص له وبيان تحريم الشرك وذرائعه ووسائله، وتحريم البدع والتحذير من المعاصي التي تنقص التوحيد وتنقص ثوابه، فهذا مما ينقص ثواب التوحيد، ولهذا ذكره المؤلف هنا رحمه الله، ولأنه من وسائل الشرك وهو الاستشفاع بالله على خلقه، لأن شأن الله أعظم من ذلك، فلا يستشفع بالله على خلقه، فهو سبحانه فوق ذلك وأعظم جل وعلا، ولهذا قال المؤلف: باب لا يستشفع بالله على خلقه، يعني لا يقول إني أستشفع بالله عليك، هذا الحديث رواه مطعم  أن النبي ﷺ جاءه ناس فقالوا: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، وفي اللفظ الآخر: هلكت الأموال وانقطعت السبل، يعني بسبب الجدب والقحط فاستسق لنا ربك، يعني اشفع لنا إلى ربك ليسقينا الغيث، فإننا نستشفع بالله عليك، وبك على الله، فاستنكر هذا عليه الصلاة والسلام وقال: سبحان الله، سبحان الله، شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه هذا يبين أنه لا يجوز أن يقال: أستشفع بالله عليك يا فلان، ولكن يستشفع بالمخلوق على المخلوق، فيقال: يا فلان أنا استشفع بفلان عليك ما في بأس، أما على الله لا، لا يقال: أستشفع بالله عليك يا فلان، لأن شأن الله أعظم من ذلك، ومن شأن المستشفع به إلى المشفوع إليه أن المشفوع أعظم، وهذا لا يليق، فإن الله فوق الجميع، وأعظم من الجميع ، فلا ينبغي لعاقل أن يستشفع بالله على خلقه، ولكن يسأله بأسمائه وصفاته ويضرع إليه في طلب حاجاته، أما المخلوقون فلا يستشفع إليهم بالله، وإنما يستشفع إليهم ببعضهم بعضا، كأن يستشفع إليه بأبيه، بأخيه، بعمه، بمن يعز عليه أن يعطيه كذا، أو يعينه على كذا، أو ما أشبه ذلك، وهذا من عادته ﷺ إذا سمع ما يكره قال: سبحان الله، سبحان الله، أو الله أكبر الله أكبر، وقد يقول ذلك عند الأمر العظيم أيضًا، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يقولون ذلك، فإنه لما قال بعض الصحابة: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال: الله أكبر الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة استعظم هذا لأنه من طلب الشرك، استعظم هذا وحذرهم منه بهذا الكلام العظيم الذي يريد الزجر والتحذير، ثم قال: الله أكبر يبين أن هذا الأمر لا يليق، ولما قال النبي ﷺ: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة قال ابن مسعود: فكبرنا، ولما قال: أرجو أن تكون ثلث أهل الجنة كبرنا، قال: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة فكبرنا، من باب تعظيم هذا الأمر والفرح به والسرور به، فهذا التكبير والتعظيم عند ذكر العظيم المحبوب وعند ذكر العظيم المكروه المنهي عنه، فيقال: سبحان الله، والله أكبر، عند هذا وعند هذا، عند المحبوب فرحا به، وعند المكروه إنكارا له، ومن هذا نستشفع بالله على خلقه من باب الإنكار وبيان أنه لا يليق أن يستشفع بالله على أحد من خلقه عز وجل.

📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️

https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz

♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
شرح باب: لا يستشفع بالله على خلقه بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

⤴️⤴️⤴️⤴️

#الباب_الثاني_والسبعون
📚73 باب ما جاء في حماية النبي ﷺ حمى التوحيد وسده طرق الشرك📚

📚 المتن 📚

📚عن عبدالله بن الشخير  قال: «انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ﷺ فقلنا: أنت سيدنا. فقال: السيد الله تبارك وتعالى، قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان رواه أبو داود بسند جيد.

وعن أنس : «أن ناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا. وابن سيدنا فقال: يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منْزلتي التي أنزلني الله رواه النسائي بسند جيد.📚

📚 شرح الشيخ 📚

الشيخ: يقول باب: حماية النبي ﷺ حمى التوحيد وسده طرق الشرك، تقدم في أول الكتاب باب ما جاء في حمى النبي جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك، الباب الأول فيما يتعلق بالأعمال، وأنه حمى حمى التوحيد من جهة الأعمال، فنهى عن اتخاذ المساجد على القبور والغلو فيها، لأن هذا من وسائل الشرك، وهنا الحماية حماية التوحيد من جهة الأقوال، والأول من جهة جناب التوحيد، وجنابه جزء منه، والباب الثاني هذا في حماه، والحمى خارج عن الذات، هذه الترجمة أبلغ فهي تتعلق بالحمى، تتعلق بالأقوال، والترجمة الأولى تتعلق بجزء من التوحيد وجنابه الذي هو جزء منه، وتتعلق بالأفعال وتعم الأقوال أيضا، فالرسول ﷺ حمى حمى التوحيد وحمى جناب التوحيد أقوالا وأعمالا عليه الصلاة والسلام، حمى جنابه يعني حمى ذات التوحيد، وحمى حماه من جهة القول والعمل حتى لا يقع الناس في الشرك، وحتى لا يدنو منه ولا يقربوا منه، وهذا من كمال البلاغ وتمام البلاغ أن يكون الداعي يحذر من الشرك ومن وسائل وذرائعه الموصلة إليه.

يقول عن عبدالله بن الشخير، وعبدالله بن الشخير صحابي من بني عامر أتى في وفد بني عامر إلى النبي ﷺ فقالوا له حين خاطبوه: يا سيدنا، قالوا: أنت سيدنا، قال: السيد الله تبارك وتعالى هذا من باب التواضع خوفا عليهم من الغلو، وإلا هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، لكن قال هذا لهم السيد الله من باب التواضع ولئلا يقعوا في الغلو، وهو يدل على أنه إذا خوطب الإنسان بأن يقال له: أنت سيدنا، ينبغي أن يقول: لا، السيد الله حتى لا يقع في قلبه شيء من الترفع والتعاظم، فلا يخاطب أنت سيدنا، فإذا قال له القائل ذلك، ينبغي له أن يقول: يا أخي لا تقل كذا، قل: يا أخي، يا أبا فلان، كما قال النبي ﷺ: السيد الله من باب التواضع والحذر من وقوع ما قد يقع في النفوس من التكبر والتعاظم.

ثم قال: يا أيها الناس لما قالوا: أنت أعظمنا طولا، قال: يا أيها الناس قولوا بقولكم، أو ببعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان يعني لا يجرنكم الشيطان إلى ما لا ينبغي، لا يتخذنكم جريا أي رسولا، الجري: الرسول، لا يتخذنكم رسلا إلى من بعدكم في جرهم إلى الشرك وجرهم إلى الغلو، فالزموا الألفاظ المعتادة: يا أبا القاسم، يا رسول الله، يا نبي الله، ودعوا عنكم الأقوال التي قد تفضي إلى الغلو، وفي حديث أنس: قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان يعني لا يوقعنكم في الضلالة، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله ، فإن الله قال: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ [المائدة:41]، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأنفال:64]، وقال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1]، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف:1] فيلزموا قول: يا رسول الله، يا نبي الله، يا عبد الله ورسوله، ونحو ذلك، والمقصود من هذا سد الذرائع التي قد توصل الناس بالتساهل إلى الشرك، فإنهم إذا قالوا له: أنت سيدنا، وأتوا بالألفاظ الكثيرة التي يأتي بها الناس الآن من الغلو قد تجرهم إلى أن يعبدوه من دون الله، ويدعوه، ويستغيثوا به، ويقولوا فيه إنه يعلم الغيب كما قال صاحب البردة:

يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ بهسواك عند حدوثِ الحادثِ العَممإن لم تكن آخذًا يوم المعاد يديعفوًا وإلا فقل يا زلة القدمفإن مِن جودك الدنيا وضَرتهاومن علومك علم اللوح والقلم

هكذا أوقعه الغلو في هذا، نسأل الله العافية، حتى قال في حق النبي ﷺ: إنه الذي ينجي يوم القيامة، وهو الذي يأخذ بزلة الناس يوم القيامة، وأن من لا ينجيه النبي ﷺ لا ينجو، وهذا من أعظم الغلو والشرك، نسأل الله العافية، وحتى زعم أنه من جود النبي ﷺ الدنيا وضرتها، من جود النبي ﷺ الدنيا وضرتها، وهي الآخرة، ومن علومه علم اللوح والقلم، يعني النبي ﷺ اطلع على كل شيء، والدنيا في قبضته، والآخرة في قبضته، كل هذا من الغلو الخبيث والكفر البواح، نعوذ بالله .

المقصود: أن الواجب على المؤمن أن يحذر شر لسانه وأن يقتصد في قوله، لا مع الرسول، ولا مع غيره، عليه بالتأدب بالآداب الشرعية في أقواله وأعماله مع الرسل، ومع الصالحين، ومع العلماء، ومع غيرهم حتى يتقيد بالأمر المشروع، وحتى لا يقع في الغلو الذي وقع فيه اليهود والنصارى، وحتى عبدوا أنبياءهم، وحتى استغاثوا بأنبيائهم وصلحائهم،
وحتى عبدوا علماءهم، ووقعوا في الشرك الأكبر والذنب الذي لا يغفر نعوذ بالله.

📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️

https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz

♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
شرح باب: ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

⤴️⤴️⤴️⤴️

#الباب_الثالث_والسبعون
📚 74 باب ما جاء في قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67]📚

📚 المتن 📚

📚عن ابن مسعود  قال: «جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر. ثم قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67]».

وفي رواية لمسلم: والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله.

وفي رواية للبخاري: يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع أخرجاه.

ولمسلم عن ابن عمر مرفوعا: يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟. ثم يطوي الأرضين السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟.

وروى عن ابن عباس قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.

وقال ابن جرير: حدثني يونس أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني أبي قال: قال رسول الله ﷺ: ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس.

وقال: قال أبو ذر  سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض.📚

📚 شرح الشيخ 📚

الشيخ: هذا الباب الأخير في الكتاب جمع أنواع التوحيد الثلاثة، فذكر الآية الكريمة باب قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67] هذه الآية العظيمة تبين عظم قدرته ، وأنه الخلاق العليم، وأنه يطوي السماوات ويقبض الأرض، فدل ذلك على عظم قدرته ، ومن كان بهذه المثابة فهو حري بأن يعبد ويطاع ويعظم، وهو الذي له الكمال في أسمائه وصفاته وأفعاله، لا شبيه له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه ، فالله جل وعلا له الصفات العليا والأسماء الحسنى، وهو سبحانه الخلاق الرزاق، وهو سبحانه أيضا المستحق للعبادة، فجميع أنواع التوحيد ثابتة له ، وهو الخالق لكل شيء، والمالك لكل شيء، والقادر على كل شيء، وهو الحكيم الخبير، السميع البصير، العلي القدير، الحميد المجيد، الموصوف بالصفات العليا وبالأسماء الحسنى عز وجل.

ومن ذلك يعلم أيضا أنه المستحق للعبادة، وأنه لا يستحقها سواه لكمال قدرته، وكمال علمه، وكمال أسمائه وصفاته، فمن كان بهذه المثابة فإنه يستحق لأن يعبد ويطاع، لأنه المالك لكل شيء، والقادر على كل شيء، والرزاق لعباده، والقائم بحاجاتهم وأعمالهم.

وفي هذا الحديث حديث ابن مسعود  أن حبرا من الأحبار، يقال حبر بالفتح، ويقال حبر بالكسر، والحبر العالم، حبر من الأحبار يعني عالم من العلماء، ويفتح أيضا يقال حبر، جاء إلى النبي ﷺ يعني من علماء اليهود، وأخبر أنهم يجدون في كتبهم يعني التوراة: أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء على إصبع، والشجر على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، وفي اللفظ الآخر: والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع يعني أنه سبحانه يحمل هذه المخلوقات على أصابعه الخمسة جل وعلا، فمع عظمتها وسعتها هذه السماوات مع عظمتها وهذه الأرض مع ما فيها من الجبال والشجر وغير ذلك وهذه المخلوقات العظيمة هو  يأخذها بيده جل وعلا على أصابعه الخمسة ويهزها ويقول: أنا الملك، أنا الجبار، أين الجبارون؟ أين ملوك الأرض؟ هذا كله يبين لنا عظمته وقدرته العظيمة، ولهذا ضحك النبي ﷺ تصديقا لقول الحبر ثم تلا الآية: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر:67] تلاها تصديقا له في هذا إثبات الصفات، وأن له يمينا وشمالا، وأن كلتا يديه يمين كما في الحديث الآخر كلتا يدي ربي يمين مباركة سمى إحداهما يمين، وسمى إحداهما شمالا من حيث الاسم، ولكن من حيث المعنى والشرف كلتاهما يمين مباركة، ليس في شيء منهما نقص، وكذلك الكف، ما السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدنا، هذا يبين لنا عظمته سبحانه وسعة جوده وكبريائه، وأنه الخلاق العليم، وأنه المالك لكل شيء، وأنه المستحق لأن يعبد جل وعلا دون كل ما سواه، من كان بهذه الصفات وهذه القدرة وهذا الكمال فهو المستحق لأن يعبد ويطاع، ولهذا خلق الخلق ليعبدوه، وأمرهم بذلك في قوله سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]. وأرسل الرسل لهذا الأمر وبين أسماؤه وصفاته لعباده ليعظموه ويذلوا له وينقادوا لأوامره وينتبهوا لعظمته ويجتهدوا في طاعته ويحذروا مناهيه عز وجل.
📚وعن ابن مسعود قال: «بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم» أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله، ورواه بنحوه المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله.

قاله الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى. قال: وله طرق.

وعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله تعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم بني أخرجه أبو داود وغيره.📚

📚 شرح الشيخ 📚

الشيخ: هذان الحديثان من أحاديث الصفات، ومن أحاديث العلو، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن الله سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق، وعلمه في كل مكان، والأدلة على هذا أكثر من أن تحصر من الكتاب والسنة، فقد جاء في القرآن الكريم من الآيات الكثيرات ما يشهد لهذا، وأنه فوق العرش كآيات الاستواء وكغيرها إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55] بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158]،  إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر:10] في آيات كثيرات، وهكذا السنة، ومن ذلك حديث ابن مسعود هذا، وهو حديث صحيح جيد، وحديث ابن عباس وإن كان في سنده بعض الانقطاع لكنه منجبر، وإلا بعض أهل العلم أعله بالانقطاع، والرواية الأخرى بين السماء الدنيا والتي تليها إحدى وسبعين سنة، أو ثنتان وسبعون، أو ثلاث وسبعون سنة قال بعض أهل العلم: الجمع بينهما أن السير يختلف، وأن خمسمائة عام بالنظر إلى سير الأحمال والجري بالأقدام السير العادي، وثلاث وسبعون سنة ونحوها بالنظر إلى سير البرد، السير الخفيف القوي فإنه يكون بمقدار سدس بالنسبة إلى الأحمال والمثقلات أو حول ذلك.

فالحاصل أن هذا على كل تقدير يدل على علو الله جل وعلا، وأنه فوق العرش، وأنه فوق جميع الخلق أنه لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم مع علوه وفوقيته عز وجل  لا يخفى عليه شيء من أعمالنا.

وفيه الدلالة على ارتفاع هذه المخلوقات وسعة ما بينها بهذه المسافات العظيمة، وربك هو الخلاق العليم جل وعلا، هذه السماوات شأن عظيم، وهذا الفضاء الذي بيننا.. السماء وهكذا بين كل سماء، سواء كان خمسمائة عام كما في حديث ابن مسعود، أو ثلاث وسبعون عاما كما في رواية ابن عباس بالنظر إلى سير البرد والمراكب المستعجلة، وهو يدل على سعة ما بين هذه المخلوقات، وبعد ما بين هذه المخلوقات، والذي خلقها عز وجل  أعظم منها وأكبر جل وعلا، فهو المستحق لأن يعبد ويعظم، مع الإيمان بعلو وفوقيته، وأنه لا تخفى عليه خافية  من عباده، يعلم ما في قلوبهم ويعلم السر وأخفى، ولا يغيب عن علمه شيء مع كونه فوق جميع هذه المخلوقات عز وجل.

وفق الله الجميع.

#انتهى

📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️

https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz

♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
شرح باب: قوله تعالى :"وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة" بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

⤴️⤴️⤴️⤴️

#الباب_الرابع_والسبعون_والأخير

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
مع ختام الانتهاء من #شروح أبواب كتاب التوحيد بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى نحمد الله جل وعلا وإليكم #الفهرس في #الرسالة_المثبتة للإطلاع على الشرح الذي تريدون بإذن الله وستبقى مفتوحة بإذن الله للاستفادة، #وساهموا في #نشرها فالدال على الخير كفاعله #ونختم بهذه #النصيحة الغالية ⤵️

#أكثر ما #أنصح به #نفسي و #إياكم:

أن تستقيموا، ولا تسمحوا لفترة الفتور أن تطول، أقلعوا عن أي معصية أنتم فيها وأغلقوا كل مايقربكم إليها من غناء، وصاحب سوء وتضييع وقتٍ و عدم الخشوع و الصلاة في غير الوقت و هجر القرآن وعدم طلب العلم الشرعي والإعراض عنه..

إن الدنيا والله فانية، وما ينفعنا غير العمل الصالح .. فلنقم بأنفسنا من هذا الوحل و الحضيض، نحب الله ولا نتبع شرعه ونهجر كلامه! نحب النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا نطلع على سنته ولا على حياته.. ولا نطبق سننه؟

"نريد الجنّة و لا ذرة عمل منّا نقدمه، و فوقها يكون الفرض خاليا من خشوع!"

من أراد العلا سعى إليه، قم صحح صلاتك ووضوءك وصلّها وحافظ عليها، من فجرك للعشاء، للراتبة للسنن من قيام وضحى، احرص و عد لأذكارك.. قرآنك اقرأه واحفظ يوميا صفحة أو اثنتين أو آية واحدة، واقرأ خمسا أو عشرا وداوم!

ألزم لسانك الذكر [ صباح-مساء-نوم..]، وٱلمم وقتك من هاته المواقع وضع حدّا.. واتقِ الله فيم تشاهد فيها، و اتق الله في المزاح إلى أقصى حدّ و إماتة القلب الذي ضاق ذرعا من حالتك المأساوية..! غَذّه بالتقوى..

أصلح عقيدتك وتفقه في دينك،

ابدأ تدريجيا عشر صفحات أو خمسا يوميا و دوّن الفوائد بكراسة، اقرأ شرح النواقض العشر للإسلام أو استمع لشرح الفوزان، ثم اقرأ شرح الأصول الثلاثة، وانتقل لشرح القواعد الأربع، ثم شرح كشف الشبهات.. وانتقل لكتاب شرح أجلّ ماخلقت لأجله..شرح كتاب التوحيد فاقرأ مثلا فتح المجيد لصالح آل الشيخ أو القول المفيد لابن عثيمين أو شرح كتاب التوحيد للعصيمي.. ثم انتقل خطوة خطوة لشرح العقيدة الواسطية، لمعة الاعتقاد.. وصحح عقيدتك و قلبك، والزم الأحكام الشرعية واسأل الثقات وقف عند حدود الحرام، و الزم الفرض، وقاوم النفس و جرّها نحو المسنون و المستحب لتحافظ عليه..

والله قلوبنا لاهية، وأنفسنا لاغية، وقتنا ضائع، و أهلكنا التنطع.

أهملنا الذكر، وما أوقفنا الزجر.. بخلنا على العقل علما، وأوردناه جهلا فحما..، ما خشعنا حتى في الطاعة، و النفس للجنة طامعة!

غفر الله لنا ولكم.

#مشرف(ة) القناة.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2025/02/22 23:46:55
Back to Top
HTML Embed Code: