tgoop.com/durus_dinia/33597
Last Update:
❏{ عبـودية المــسلم فــي فصـل الشتــاء }❏( الجزء 2 )
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أيها الناس: فإن الله تعالى خلق هذه الدار وجعلها دار عمل وسعي وابتلاء، ورتب على عمل أهلها الجزاء، فجعل دارين للجزاء لا تبليان ولا تفنيان: دار السرور والحبور، ودار النار والسعير والزمهرير.
ومن حكمته تبارك وتعالى أن جعل في دار الدنيا ما يذكّر بالآخرة، فجعل سرور العبد وفرحه بنعمة ربه مذكرًا له جنته وفضله، بينما تذكّر أحزانُ الدنيا ضيقَ المقام يوم القيامة، وتذكر نار الدنيا نار الآخرة دار الخزي والندامة، (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ) [الواقعة:73]
أستكمالا لدرس الأمس نتابع على بركة الله تعالى .
ثالثًا: إسباغ الوضوء على المكاره:
اعلم أن من الوظائف الفاضلة في موسم الشتاء الوضوء في شدة البرد، وهو إسباغ الوضوء على المكاره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» (رواه مسلم)، وفي رواية: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيُكَفَّرُ بِهِ الذُّنُوبَ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكَ الرِّبَاطُ» (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
وإسباغ الوضوء: تمامه على الوجه الأكمل، والمكاره: تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحو ذلك، قال القاضي عياض رحمه الله: "محو الخطايا كناية عن غفرانها"، قال: "ويحتمل محوها من كتاب الحفظة ويكون دليلاً على غفرانها". ورفع الدرجات: إعلاء المنازل في الجنة. وقوله: «فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»: أي الرباط المرغوب فيه، وأصل الرباط الحبس على الشيء كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة، ويحتمل أن يكون أفضل الرباط كما قيل: جهاد النفس.
الواجب الثالث: تأملات في آيات الله الكونية:
في فصل الشتاء نتعرض لبعض الآيات الكونية، مثل: الرياح والغيم والرعد والبرق، فلا بد لنا من وقفة مع هذه الآيات، لا بد أن نتفاعل معها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاعل مع الآيات الكونية، عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ؟ قَالَتْ: فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ، فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا» (رواه مسلم).
وأخذ يومًا بيد عائشة رضي الله عنها وأشار إلى القمر، وقال: «يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ . تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}» [الأحقاف:24 -25]، (رواه البخاري).
تأمل حال الرياح وأنها من آيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته جل وعلا، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164].
BY دروس ديـنيـة
Share with your friend now:
tgoop.com/durus_dinia/33597