منظمة العدالة الدولية توجه خطاباً إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب بشأن تصريحاته عن المحتجزين الإسرائليين في غزة، وهذه 👇 ترجمة الخطاب:
الرئيس المنتخب دونالد ترامب
نكتب إليكم للتعبير عن إدانتنا الشديدة لتصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة فيما يتعلق بالأسرى والمعتقلين الإسرائيليين. إن إعلانكم أن "الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط" إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الإسرائيليين قبل تنصيبكم رئيساً ليس أمراً شائناً فحسب، وإنما يُظهِر جهلًا مخزًيا بحقيقة ما حدث ويحدث في فلسطين وجهلاً بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا حتى الآن.
إن من المخجل حقاً أنكم لم تكترثوا بستة وأربعين ألف فلسطيني بريء، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، الذين لقوا حتفهم بشكل مأساوي بسبب الهجمات الوحشية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، ولا بأكثر من مئة وعشرة آلاف من المدنيين الأبرياء الذين جرحوا وبترت أطرافهم، ولا بمليوني فلسطيني هجّرتهم إسرائيل قسراً من ديارهم، ولا بتدمير مئات المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ولا بتدمير مدن وأحياء بأكملها، ولا بآلاف الرهائن الفلسطينيين الذين اختطفتهم وتحتجزهم إسرائيل، ولا بحقيقة أن كل هذه الجرائم البشعة والفظائع ارتكبت بدعم عسكري ومالي وسياسي من الدولة التي ستكون رئيساً لها بعد أيام قليلة.
إن تصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة لا تقوض القيم والمباديء التي تدعي أميركا أنها تدافع عنها فحسب، وإنما تتناقض أيضاً مع كل المبادئ والقيم والأعراف الإنسانية. وغني عن القول: إن الواجب الأعظم على أي زعيم لأمة عظيمة مثل الأمة الأميركية هو الوقوف إلى جانب الحق والعدل، وعدم دعم البرابرة ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وغني عن القول كذلك: إن تصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة تقوض كل احتمالات التوصل إلى حل عادل ومنصف في فلسطين. إننا نحثكم على إعادة النظر في نهجكم المخزي ونذكركم بأن شعوب المنطقة، بل وشعوب العالم أجمع، لن تغفر أبداً لمن يقف إلى جانب الظلم والاستبداد ويشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
الرئيس المنتخب دونالد ترامب
نكتب إليكم للتعبير عن إدانتنا الشديدة لتصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة فيما يتعلق بالأسرى والمعتقلين الإسرائيليين. إن إعلانكم أن "الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط" إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الإسرائيليين قبل تنصيبكم رئيساً ليس أمراً شائناً فحسب، وإنما يُظهِر جهلًا مخزًيا بحقيقة ما حدث ويحدث في فلسطين وجهلاً بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا حتى الآن.
إن من المخجل حقاً أنكم لم تكترثوا بستة وأربعين ألف فلسطيني بريء، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، الذين لقوا حتفهم بشكل مأساوي بسبب الهجمات الوحشية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، ولا بأكثر من مئة وعشرة آلاف من المدنيين الأبرياء الذين جرحوا وبترت أطرافهم، ولا بمليوني فلسطيني هجّرتهم إسرائيل قسراً من ديارهم، ولا بتدمير مئات المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ولا بتدمير مدن وأحياء بأكملها، ولا بآلاف الرهائن الفلسطينيين الذين اختطفتهم وتحتجزهم إسرائيل، ولا بحقيقة أن كل هذه الجرائم البشعة والفظائع ارتكبت بدعم عسكري ومالي وسياسي من الدولة التي ستكون رئيساً لها بعد أيام قليلة.
إن تصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة لا تقوض القيم والمباديء التي تدعي أميركا أنها تدافع عنها فحسب، وإنما تتناقض أيضاً مع كل المبادئ والقيم والأعراف الإنسانية. وغني عن القول: إن الواجب الأعظم على أي زعيم لأمة عظيمة مثل الأمة الأميركية هو الوقوف إلى جانب الحق والعدل، وعدم دعم البرابرة ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وغني عن القول كذلك: إن تصريحاتكم وتهديداتكم غير المسؤولة تقوض كل احتمالات التوصل إلى حل عادل ومنصف في فلسطين. إننا نحثكم على إعادة النظر في نهجكم المخزي ونذكركم بأن شعوب المنطقة، بل وشعوب العالم أجمع، لن تغفر أبداً لمن يقف إلى جانب الظلم والاستبداد ويشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
الانتقالُ مِن (عقلية الثورة) إلى (عقلية الدولة) يعني: أن تبني الثورةُ دَولتَهَا الخاصة لا أنْ تتحولَ إلى مؤسسةٍ كَبِيرُهَا أنْ تكونَ ذاتَ وضعٍ خاصٍ داخلَ الدولةِ التي ثارت عليها!!
إنهاءُ (عقلية الثورة) بتصريحٍ إعلامي قبل بناء (دولة الثورة)؛ يُذكِّرني بنابليون الذي رُوي عنه أنه قال: (لقد انتهت الثورة، أنا الثورة)، ثم انتهى هو مهزوماً في (واترلو)، ثم مَنفِيَّاً في (سانت هيلانة)؛ بينما أسرة (البروبون) التي ثار الفرنسيون عليها تتقلبُ في نعيم قصر الإليزيه!!
إنْ لم يتذكر المنتصرون في الشام المبارك أن الدكتور مرسي رحمه الله ماتَ في السجن؛ فسيكون السجنُ بالنسبة لهم رفاهيةً لا يُمكِنُهم الحصول عليها!!
أعرف أن التصريحات الإعلامية في مثل هذه السياقات قد تكون مغازلة لأطراف خارجية وداخلية يُخشى ضَرَرُهَا ويُرجى نَفْعُهَا- ولا بأس بهذا أحياناً- ولكن.. إني لأجدُ ريحَ مِصرٍ لولا أن تُفَنِّدون!!
أسأل الله أن يحفظ المسلمين في الشام مِن الذئاب والثعالب، وأنْ يتم عليهم النصر والتمكين.
علي فريد
إنهاءُ (عقلية الثورة) بتصريحٍ إعلامي قبل بناء (دولة الثورة)؛ يُذكِّرني بنابليون الذي رُوي عنه أنه قال: (لقد انتهت الثورة، أنا الثورة)، ثم انتهى هو مهزوماً في (واترلو)، ثم مَنفِيَّاً في (سانت هيلانة)؛ بينما أسرة (البروبون) التي ثار الفرنسيون عليها تتقلبُ في نعيم قصر الإليزيه!!
إنْ لم يتذكر المنتصرون في الشام المبارك أن الدكتور مرسي رحمه الله ماتَ في السجن؛ فسيكون السجنُ بالنسبة لهم رفاهيةً لا يُمكِنُهم الحصول عليها!!
أعرف أن التصريحات الإعلامية في مثل هذه السياقات قد تكون مغازلة لأطراف خارجية وداخلية يُخشى ضَرَرُهَا ويُرجى نَفْعُهَا- ولا بأس بهذا أحياناً- ولكن.. إني لأجدُ ريحَ مِصرٍ لولا أن تُفَنِّدون!!
أسأل الله أن يحفظ المسلمين في الشام مِن الذئاب والثعالب، وأنْ يتم عليهم النصر والتمكين.
علي فريد
نعم انتصرت غزة.. ولا عزاء للمُثبِّطين !
==
في الوقت الذي عمت الفرحة وغمرت أرجاء غزة وفلسطين والأمة بأسرها على إثر توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، وفي الوقت الذي اعتُبر هذا الاتفاق نصرًا مؤزرًا للفلسطينيين، خرج من يفسد هذه الفرحة بقصد أو بغير قصد، وهو يشير إلى أعداد القتلى والمصابين وحجم الدمار الذي لحق بالقطاع، ويندد مجددًا بطوفان الأقصى، ويحمل المقاومة مسؤولية هذا الدمار، ومن ثم يرى أنها فرحة لا مبرر لها، وأنه لا ينبغي أن يوصف هذا الاتفاق بأنه نصر للفلسطينيين.
لا ريب أننا جميعًا تحترق أفئدتنا لهذه الخسائر البشرية والمادية التي أصابت غزة منذ بدء المعارك، لكن صاحب هذا المنحى يجهل أو يتجاهل مفهوم النصر والهزيمة، فالأمر ليس متعلقا بفارق أعداد القتلى بين الطرفين، وإنما يتحقق النصر بتحقق الأهداف.
العدو الإسرائيلي قد خسر هذه المعركة مع أن عدد قتلاه أقل بكثير من قتلى أهل غزة، لأنه وببساطة لم يحقق أيًا من أهدافه التي حركت آلته التدميرية ضد قطاع غزة.
نتنياهو كان يهدف إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين بلا شرط وبعيدا عن التفاوض مع المقاومة الفلسطينية، وها هو يتخلى عن هدفه، ويرضخ لاتفاقية إنهاء القتال.
وكذلك كان يهدف إلى القضاء على المقاومة وإفنائها، ويصدع الرؤوس بإعلان هذا الهدف، ومع ذلك ها هي المقاومة كانت تجالد الجيش الإسرائيلي حتى آخر لحظة، وتكبده الخسائر المتتابعة، ولم يستطع القضاء عليها.
أيضا كان هدفه إجلاء أهل غزة من القطاع، وها هي جموع النازحين تستعد للعودة من الجنوب الذي تكدسوا فيه إلى ديارهم في شمال ووسط غزة.
وأما غزة بشعبها الصامد ومقاومتها الباسلة فقد انتصرت لا ريب، ونوجز مظاهر هذا النصر بما يتسع له المقام في الإشارات التالية:
أولا: إحباط صفقة القرن التي كانت ستؤدي إلى تهجير الفلسطينيين وتمكين الصهاينة من فلسطين.
ثانيًا: وقف عملية تهويد الأقصى التي كانت أوشكت على الانتهاء قبل معركة طوفان الأقصى.
ثالثا: إحياء تدويل القضية الفلسطينية التي كانت قد تجمدت في المجتمع الدولي.
رابعًا: كسب التعاطف الدولي وتعريف شعوب الغرب بالقضية الفلسطينية التي تعمد الإعلام الغربي تغييب وعي الشعوب عن الإحاطة بها، وتخلصت هذه الشعوب من أسر الرواية الأحادية الصهيونية.
خامسًا: تحريك الضفة ونابلس وجنين وسائر المدن الفلسطينية باتجاه خيار المقاومة، والذي كان هدفًا للمقاومة في غزة منذ البداية.
سادسًا: تحطيم أسطورة القوة الإسرائيلية، والتي كانت تبحث عن نصر زائف وهمي في هدم البيوت على رؤوس المدنيين، لكنها على الصعيد الميداني، منيت بخسائر فادحة، وأثبتت فشلها في تحقيق نصر على الأرض.
سابعًا: خلخلة الداخل الإسرائيلي وإفقاد الجماهير الإسرائيلية ثقتها في الحكومة اليمينية المتطرفة التي باعت لها الوهم.
ثامنًا: إلحاق الخسائر الفادحة بالكيان الإسرائيلي، مئات القتلى من الضباط والجنود، وعشرات الآلاف من المصابين، وما يقارب نصف هؤلاء المصابين يعانون من صدمات نفسية، وكثير منهم يعالجون في المصحات النفسية أو خرجوا بعاهات مستديمة تخرجهم نهائيا من الخدمة، إضافة إلى تسجيل عشرات الحالات من الانتحار بين صفوف الجنود.
وتم تهجير أكثر من نصف مليون إسرائيلي ونزوح 143 ألف شخص، كما أن هناك خسائر فادحة في قطاع السياحة والاستثمار، وتفاقم معدلات الفقر، وشلل بقطاع البناء، وتفاقم عجز الميزانية، وازدياد حجم الهجرة العكسية.
تاسعًا: دوليا جرى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.
عاشرًا: شحن هائل للجماهير العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، وازدياد الوعي العربي والإسلامي بالخطر الصهيوني وتشابك مصالحه مع الغرب.
إن البطل الأول في هذه الحرب هو شعب غزة، الذي قدم أهله مثلا فريدا في الصمود والصبر، وإن كان هذا الشعب قدم عشرات الآلاف من الشهداء، فهذه ضريبة تدفعها كل الشعوب التواقة إلى الاستقلال.
شهداء غزة عند ربهم يرزقون، ومصابوها في أجر، وديارهم سوف تُبنى من جديد، وهذا الجيل الذي شهد تلك الحرب الضروس، لا خوف عليه بعد اليوم، فهو الجيل الذي عاش الأهوال ولن يثنيه شيء، وسوف يكون التحرير على يديه بإذن الله.
فحق لأهل غزة وسائر فلسطين وأمتنا كلها بأن نفرح بهذا النصر المبين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
==
إحسان الفقيه
https://al-sharq.com/opinion/19/01/2025/%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D8%AA-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%B9%D8%B2%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AB%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D9%86
==
في الوقت الذي عمت الفرحة وغمرت أرجاء غزة وفلسطين والأمة بأسرها على إثر توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، وفي الوقت الذي اعتُبر هذا الاتفاق نصرًا مؤزرًا للفلسطينيين، خرج من يفسد هذه الفرحة بقصد أو بغير قصد، وهو يشير إلى أعداد القتلى والمصابين وحجم الدمار الذي لحق بالقطاع، ويندد مجددًا بطوفان الأقصى، ويحمل المقاومة مسؤولية هذا الدمار، ومن ثم يرى أنها فرحة لا مبرر لها، وأنه لا ينبغي أن يوصف هذا الاتفاق بأنه نصر للفلسطينيين.
لا ريب أننا جميعًا تحترق أفئدتنا لهذه الخسائر البشرية والمادية التي أصابت غزة منذ بدء المعارك، لكن صاحب هذا المنحى يجهل أو يتجاهل مفهوم النصر والهزيمة، فالأمر ليس متعلقا بفارق أعداد القتلى بين الطرفين، وإنما يتحقق النصر بتحقق الأهداف.
العدو الإسرائيلي قد خسر هذه المعركة مع أن عدد قتلاه أقل بكثير من قتلى أهل غزة، لأنه وببساطة لم يحقق أيًا من أهدافه التي حركت آلته التدميرية ضد قطاع غزة.
نتنياهو كان يهدف إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين بلا شرط وبعيدا عن التفاوض مع المقاومة الفلسطينية، وها هو يتخلى عن هدفه، ويرضخ لاتفاقية إنهاء القتال.
وكذلك كان يهدف إلى القضاء على المقاومة وإفنائها، ويصدع الرؤوس بإعلان هذا الهدف، ومع ذلك ها هي المقاومة كانت تجالد الجيش الإسرائيلي حتى آخر لحظة، وتكبده الخسائر المتتابعة، ولم يستطع القضاء عليها.
أيضا كان هدفه إجلاء أهل غزة من القطاع، وها هي جموع النازحين تستعد للعودة من الجنوب الذي تكدسوا فيه إلى ديارهم في شمال ووسط غزة.
وأما غزة بشعبها الصامد ومقاومتها الباسلة فقد انتصرت لا ريب، ونوجز مظاهر هذا النصر بما يتسع له المقام في الإشارات التالية:
أولا: إحباط صفقة القرن التي كانت ستؤدي إلى تهجير الفلسطينيين وتمكين الصهاينة من فلسطين.
ثانيًا: وقف عملية تهويد الأقصى التي كانت أوشكت على الانتهاء قبل معركة طوفان الأقصى.
ثالثا: إحياء تدويل القضية الفلسطينية التي كانت قد تجمدت في المجتمع الدولي.
رابعًا: كسب التعاطف الدولي وتعريف شعوب الغرب بالقضية الفلسطينية التي تعمد الإعلام الغربي تغييب وعي الشعوب عن الإحاطة بها، وتخلصت هذه الشعوب من أسر الرواية الأحادية الصهيونية.
خامسًا: تحريك الضفة ونابلس وجنين وسائر المدن الفلسطينية باتجاه خيار المقاومة، والذي كان هدفًا للمقاومة في غزة منذ البداية.
سادسًا: تحطيم أسطورة القوة الإسرائيلية، والتي كانت تبحث عن نصر زائف وهمي في هدم البيوت على رؤوس المدنيين، لكنها على الصعيد الميداني، منيت بخسائر فادحة، وأثبتت فشلها في تحقيق نصر على الأرض.
سابعًا: خلخلة الداخل الإسرائيلي وإفقاد الجماهير الإسرائيلية ثقتها في الحكومة اليمينية المتطرفة التي باعت لها الوهم.
ثامنًا: إلحاق الخسائر الفادحة بالكيان الإسرائيلي، مئات القتلى من الضباط والجنود، وعشرات الآلاف من المصابين، وما يقارب نصف هؤلاء المصابين يعانون من صدمات نفسية، وكثير منهم يعالجون في المصحات النفسية أو خرجوا بعاهات مستديمة تخرجهم نهائيا من الخدمة، إضافة إلى تسجيل عشرات الحالات من الانتحار بين صفوف الجنود.
وتم تهجير أكثر من نصف مليون إسرائيلي ونزوح 143 ألف شخص، كما أن هناك خسائر فادحة في قطاع السياحة والاستثمار، وتفاقم معدلات الفقر، وشلل بقطاع البناء، وتفاقم عجز الميزانية، وازدياد حجم الهجرة العكسية.
تاسعًا: دوليا جرى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.
عاشرًا: شحن هائل للجماهير العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، وازدياد الوعي العربي والإسلامي بالخطر الصهيوني وتشابك مصالحه مع الغرب.
إن البطل الأول في هذه الحرب هو شعب غزة، الذي قدم أهله مثلا فريدا في الصمود والصبر، وإن كان هذا الشعب قدم عشرات الآلاف من الشهداء، فهذه ضريبة تدفعها كل الشعوب التواقة إلى الاستقلال.
شهداء غزة عند ربهم يرزقون، ومصابوها في أجر، وديارهم سوف تُبنى من جديد، وهذا الجيل الذي شهد تلك الحرب الضروس، لا خوف عليه بعد اليوم، فهو الجيل الذي عاش الأهوال ولن يثنيه شيء، وسوف يكون التحرير على يديه بإذن الله.
فحق لأهل غزة وسائر فلسطين وأمتنا كلها بأن نفرح بهذا النصر المبين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
==
إحسان الفقيه
https://al-sharq.com/opinion/19/01/2025/%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D8%AA-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%B9%D8%B2%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AB%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D9%86
Al-Sharq
انتصرت غزة.. ولا عزاء للمثبطين
في الوقت الذي عمت الفرحة وغمرت أرجاء غزة وفلسطين والأمة بأسرها على إثر توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، وفي الوقت الذي اعتُبر هذا الاتفاق نصرًا مؤزرًا ل...
يا إخوتنا الكرام في دول الخليج حفظكم الله وأكرمكم ..
نرجو أن تُطمئنونا على أحوال أخينا المسلم العربي عبدالرحمن يوسف القرضاوي..
وأسأل الله أن تُحسنوا مُعاملته ووِفادته وإن جهِل عليكم في مسألة او أخطأ التقدير في مرحلة .. فالكبار الذين انشغلوا بالعمل والبناء والتطوير وتكريس أمنهم الداخلي ومصالح بلدهم وشعوبهم، يتجاوزون ويصفحون ويتعاملون بما يليق بمكانتهم ..
وعلى الصعيد الشخصي ككاتبة مُسلمة .. لستُ فخورة بأي خطاب سابق كتبته او نُسِبَ إليّ وكان فيه تقليلا من شأن أحد من إخوتي وأنتم إخوتي ولو حكمتُم عليّ وعلى سواي ووضعتموني بقائمة "الأعداء" لكم ولبلدكم ولأمنكم ولسلامتكم، مهما اختلفتُ معكم ... لستُ أنا العدوّ وبإذن الله لن أكون ..
ومهما رأيتُ منكم من ممارسات وقرارات وسياسات، قد لا أُطيق أن أراها تصدر عمّن أنتمي إليهم وأحبهم .. مما لا يُمكن لي أمام نفسي وربّي أن أُقرّكم عليها، مما كان يسعني الصمت حيالها والتزام مسلكي في الإصلاح والدعوة إلى مكارم الأخلاق دون الانزلاق فيما انزلق فيه الرعاع والغوغاء من بعض بني قومي هداني الله وإياهم ..
مهما حدث .. مهما قيل .. سنظلّ إخوة ..
يُوحدّنا الإسلام الذي فضّلنا على العالمين إذ اصطفانا وحوّلنا من مجرد قبائل متناحرة إلى جيوش شديدة البأس تهدم أعتى قوّتين دمويتين وتفتح المدن والأمصار وتُقدّم البذرة الأولى في مسيرة التقدّم العلمي والتكنولوجي وباعتراف من كانوا يرفلون بالجهل والتخلّف والظلام حين كُنّا نخترع ونترجم ونُضيف ونُجدد ونبحث ونكتشف..
يا إخوة الدين والعروبة ..
لكُلّ منا زاوية في نظرته للأمور .. فما هو مقبول عندي قد لا يكون مقبولا عندكم ..
وما هو مرفوض عندي قطعيا قد يكون "شيئا عاديا جدا" عندكم ومفتوح فيه نقاش..
وقد لا أسمح لأحد أن يُناقشني في مسائل أعتقد أنها حقا مثلما تفعلون أنتم .. إذ ترون بعض الاجراءات التي تتخذونها هي من صُلب مصالحكم العُليا ولو كانت على حساب المنظومة القيمية ونعلم أن السياسة منظقة منزوعة الأخلاق في كثير ولكننا نربأ بكم أن لا تكونوا الأوائل في كل شيء..
قد تستهجنون مني وتستكثرون علي أنني أرى بعض الأمور ثقيلة جدا على نفسي وقلبي..
ومن أنا من غير قلبي يا أبناء الدين والدم .. وما هو قلبي من غير جذوره وأصوله ومنبته ووجوه أحبابه بلكناتهم المُختلفة..
قلبي يتمزّق حين أراكم تُخطئون وبالتأكيد لستُم ملائكة ..
وهو ذات قلبي الذي يُوقفني عند مفترق طُرق حاسم حين أتجاوز حدّ النُصح والتذكير بما يجب أن يصدر عن إخوتي وكبار قومي..
من حقكم أن تستهجنوا وتكرهوا وتستكثروا عليّ وعلى أمثالي التدخُّل ببعض ما تفعلون .. ومن حقي أيضا أن أقول حين يأتيني القول دون حسابات ربح أو خسارة ..
ولطالما كررت فقرة كتبتها في مقالة سابقة وها أنا أُعيد الإشارة وأسأل الله أن يشرح صدوركم لغايتي ومقصدي :
"*أحلم بأن يفقه بنو قومي معنى الأولويات وواجب الوقت، وفلسفة الالتقاء في منتصف الطريق، والاجتماع على الأرضية المشتركة، ونبذ الخلافات والفرعيات لمواجهة التحديات والأخطار الكبرى التي تزلزل أبواقها جدران بيوتنا المتهالكة. وكل لبيب بالإشارة يفهمُ....
*وأحلم بأن نتعامل برؤية الأمة الواحدة، وتحت أنوار الولاء والبراء وأخوّة الإيمان، أن نرصّ الصفوف، فلا ندع للشيطان فرجة فيها، والمخطئ فينا هو ابن ديننا وأرضنا وسمائنا ودمنا، نحتويه، نستوعبه، نفسح له الطريق لتعديل المسار. نحاوره، نراجعه، ونزيل عقبات التقارب معه، فإن احتاج إلى تقويم ففي بيتنا، لا نعين عليه الشيطان وأولياء الشيطان، ولا نستعين بعدونا على من أخطأ من أبنائنا، ولا نُجيب مطامع الشانئ والشامت.
تذكرتُ وأنا أكتب موقف كعب بن مالك، أحد الثلاثة الذين خلِّفوا عن غزوة تبوك، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم باعتزاله تهذيبا وتأديبا حتى يأذن الله له، ولك أن تتخيل أن الصحابي الجليل هجره القريب والبعيد، هجره الأخ والصديق، وصار وحيدا في داره وقومه، حتى جاء الفرج بعد خمسين ليلة، ونزل في توبته من عند الله قرآن.
في تلك المحنة التي ذاق مرارها، وصبر عليها احتسابا، جاءه وفد من قبل ملك غسان بكتاب قال فيها: "بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هون، فائتنا نواسِك".
فما كان من كعب إلا أن ألقى الرسالة في التنور قائلًا: وهذا أيضا من البلاء. تذكرت هذه الروح المسلمة التي لا تريد للشيطان مكانا في الديار، تلك الروح التي أريدها لي ولكم ولـ... وكل لبيب من الإشارة يفهم.."
نرجو أن تُطمئنونا على أحوال أخينا المسلم العربي عبدالرحمن يوسف القرضاوي..
وأسأل الله أن تُحسنوا مُعاملته ووِفادته وإن جهِل عليكم في مسألة او أخطأ التقدير في مرحلة .. فالكبار الذين انشغلوا بالعمل والبناء والتطوير وتكريس أمنهم الداخلي ومصالح بلدهم وشعوبهم، يتجاوزون ويصفحون ويتعاملون بما يليق بمكانتهم ..
وعلى الصعيد الشخصي ككاتبة مُسلمة .. لستُ فخورة بأي خطاب سابق كتبته او نُسِبَ إليّ وكان فيه تقليلا من شأن أحد من إخوتي وأنتم إخوتي ولو حكمتُم عليّ وعلى سواي ووضعتموني بقائمة "الأعداء" لكم ولبلدكم ولأمنكم ولسلامتكم، مهما اختلفتُ معكم ... لستُ أنا العدوّ وبإذن الله لن أكون ..
ومهما رأيتُ منكم من ممارسات وقرارات وسياسات، قد لا أُطيق أن أراها تصدر عمّن أنتمي إليهم وأحبهم .. مما لا يُمكن لي أمام نفسي وربّي أن أُقرّكم عليها، مما كان يسعني الصمت حيالها والتزام مسلكي في الإصلاح والدعوة إلى مكارم الأخلاق دون الانزلاق فيما انزلق فيه الرعاع والغوغاء من بعض بني قومي هداني الله وإياهم ..
مهما حدث .. مهما قيل .. سنظلّ إخوة ..
يُوحدّنا الإسلام الذي فضّلنا على العالمين إذ اصطفانا وحوّلنا من مجرد قبائل متناحرة إلى جيوش شديدة البأس تهدم أعتى قوّتين دمويتين وتفتح المدن والأمصار وتُقدّم البذرة الأولى في مسيرة التقدّم العلمي والتكنولوجي وباعتراف من كانوا يرفلون بالجهل والتخلّف والظلام حين كُنّا نخترع ونترجم ونُضيف ونُجدد ونبحث ونكتشف..
يا إخوة الدين والعروبة ..
لكُلّ منا زاوية في نظرته للأمور .. فما هو مقبول عندي قد لا يكون مقبولا عندكم ..
وما هو مرفوض عندي قطعيا قد يكون "شيئا عاديا جدا" عندكم ومفتوح فيه نقاش..
وقد لا أسمح لأحد أن يُناقشني في مسائل أعتقد أنها حقا مثلما تفعلون أنتم .. إذ ترون بعض الاجراءات التي تتخذونها هي من صُلب مصالحكم العُليا ولو كانت على حساب المنظومة القيمية ونعلم أن السياسة منظقة منزوعة الأخلاق في كثير ولكننا نربأ بكم أن لا تكونوا الأوائل في كل شيء..
قد تستهجنون مني وتستكثرون علي أنني أرى بعض الأمور ثقيلة جدا على نفسي وقلبي..
ومن أنا من غير قلبي يا أبناء الدين والدم .. وما هو قلبي من غير جذوره وأصوله ومنبته ووجوه أحبابه بلكناتهم المُختلفة..
قلبي يتمزّق حين أراكم تُخطئون وبالتأكيد لستُم ملائكة ..
وهو ذات قلبي الذي يُوقفني عند مفترق طُرق حاسم حين أتجاوز حدّ النُصح والتذكير بما يجب أن يصدر عن إخوتي وكبار قومي..
من حقكم أن تستهجنوا وتكرهوا وتستكثروا عليّ وعلى أمثالي التدخُّل ببعض ما تفعلون .. ومن حقي أيضا أن أقول حين يأتيني القول دون حسابات ربح أو خسارة ..
ولطالما كررت فقرة كتبتها في مقالة سابقة وها أنا أُعيد الإشارة وأسأل الله أن يشرح صدوركم لغايتي ومقصدي :
"*أحلم بأن يفقه بنو قومي معنى الأولويات وواجب الوقت، وفلسفة الالتقاء في منتصف الطريق، والاجتماع على الأرضية المشتركة، ونبذ الخلافات والفرعيات لمواجهة التحديات والأخطار الكبرى التي تزلزل أبواقها جدران بيوتنا المتهالكة. وكل لبيب بالإشارة يفهمُ....
*وأحلم بأن نتعامل برؤية الأمة الواحدة، وتحت أنوار الولاء والبراء وأخوّة الإيمان، أن نرصّ الصفوف، فلا ندع للشيطان فرجة فيها، والمخطئ فينا هو ابن ديننا وأرضنا وسمائنا ودمنا، نحتويه، نستوعبه، نفسح له الطريق لتعديل المسار. نحاوره، نراجعه، ونزيل عقبات التقارب معه، فإن احتاج إلى تقويم ففي بيتنا، لا نعين عليه الشيطان وأولياء الشيطان، ولا نستعين بعدونا على من أخطأ من أبنائنا، ولا نُجيب مطامع الشانئ والشامت.
تذكرتُ وأنا أكتب موقف كعب بن مالك، أحد الثلاثة الذين خلِّفوا عن غزوة تبوك، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم باعتزاله تهذيبا وتأديبا حتى يأذن الله له، ولك أن تتخيل أن الصحابي الجليل هجره القريب والبعيد، هجره الأخ والصديق، وصار وحيدا في داره وقومه، حتى جاء الفرج بعد خمسين ليلة، ونزل في توبته من عند الله قرآن.
في تلك المحنة التي ذاق مرارها، وصبر عليها احتسابا، جاءه وفد من قبل ملك غسان بكتاب قال فيها: "بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هون، فائتنا نواسِك".
فما كان من كعب إلا أن ألقى الرسالة في التنور قائلًا: وهذا أيضا من البلاء. تذكرت هذه الروح المسلمة التي لا تريد للشيطان مكانا في الديار، تلك الروح التي أريدها لي ولكم ولـ... وكل لبيب من الإشارة يفهم.."
من حقّنا عليكم كإخوة لكم في الدين أن تُكرموننا بحُسن مُعاملة إخوتنا في مضاربكم وفي أي بلاد دعمتموها وموّلتم أهل السلطة فيها.. من حقنا عليكم أن تتفقّدوا المجروح فيها ولو كان من وجهة نظركم قد أخطأ أو أساء..
من حقنا عليكم أن تمنعوا الظالم من التمادي والمبالغة في الانتقام والبطش..
من حقنا عليكم أن تهدأوا قليلا وتتأمّلوا ما سبق بعين العدل والفضل وتجمعوا ما ضاع منكم ومنا وما أسقطتموه أو أسقطناه ..
إكرام عبدالرحمن يوسف القرضاوي والصفح عنه وإعادته إلى أهله سالما غانما مُعافى ... سيكون بمثابة صفحة جديدة ستُنيرها مواقف أخرى مُشرفة نسأل الله أن لا يحرمنا لذّة أن نراها جزءا من المرحلة القادمة ..
والله من وراء القصد..
#عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي
من حقنا عليكم أن تمنعوا الظالم من التمادي والمبالغة في الانتقام والبطش..
من حقنا عليكم أن تهدأوا قليلا وتتأمّلوا ما سبق بعين العدل والفضل وتجمعوا ما ضاع منكم ومنا وما أسقطتموه أو أسقطناه ..
إكرام عبدالرحمن يوسف القرضاوي والصفح عنه وإعادته إلى أهله سالما غانما مُعافى ... سيكون بمثابة صفحة جديدة ستُنيرها مواقف أخرى مُشرفة نسأل الله أن لا يحرمنا لذّة أن نراها جزءا من المرحلة القادمة ..
والله من وراء القصد..
#عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي
في بيانِ جملةٍ من محاسنِ أخلاقِه ﷺ التي جمعها بعضُ العلماءِ والتقطها من الأخبارِ:
كان أحلمَ الناسِ، وأشجعَ الناسِ، وأعدلَ الناسِ، وأعفَّ الناسِ،
لم تمسَّ يدُه قط يدَ امرأةٍ لا يملك رقَّها أو عصمةَ نكاحِها أو تكون ذات محرم منه،
وكان أسخى الناسِ، لا يبيتُ عنده دينارٌ ولا درهمٌ، وإن فضل شيء ولم يجد من يعطيه وفَجَأَهُ الليلُ لم يأوٍ إلى منزلِه حتى يتبرَّأَ منه إلى مَن يحتاج إليه،
لا يأخذُ مما آتاه اللهُ إلا قوت عامِهِ فقط من أيسر ما يجد من التمرِ والشعيرِ،
ويضع سائرَ ذلك في سبيلِ اللهِ، لا يُسأَلُ شيئًا إلا أعطاه، ثم يعود على قوتِ عامِه فيؤثِرُ منه حتى إنه ربّما احتاج قبل انقضاءِ العام إن لم يأته شيءٌ،
وكان يخصفُ النعلَ، ويرقِّع الثوبَ، ويخدم في مهنةِ أهلهِ، ويقطع اللحمَ معهنَّ،
وكان أشدَّ الناسِ حياءً، لا يثبت بصرَه في وجه أحدٍ، ويجيب دعوةَ العبدِ والحرِّ،
ويقبلُ الهديةَ ولو أنَّها جرعةُ لبنٍ ويُكافئ عليها، ولا يأكل الصدقةَ،
ولا يستكبرُ عن إجابةِ الأمَة والمسكين، يغضبُ لربِّه ولا يغضب لنفسِهِ،
وينفذ الحقَّ وإن عاد ذلك عليه بالضرر أو على أصحابِه،
وَجَدَ مِن فُضَلاء أصحابه وخيارهم قتيلًا بين اليهود فلم يَحِفْ عليهم ولا زاد على مُرِّ الحقِّ، بل وداه بمائةِ ناقةٍ وإنَّ بأصحابِه لَحاجة إلى بعيرٍ واحد يتقوون به،
وكان يعصب الحجرَ على بطنِه من الجوعِ، ولا يتورعُ عن مطعمٍ حلالٍ، لا يأكل متكئًا ولا على خِوانٍ، لم يشبعْ من خبزٍ ثلاثةَ أيام متوالية حتى لقي اللهَ تعالى، إيثارًا على نفسِه لا فقرًا ولا بخلًا،
يجيب الوليمةَ، ويعودُ المرضى، ويشهدُ الجنائزَ، ويمشي وحدَه بين أعدائِه بلا حارسٍ، أشدّ الناسِ تواضعًا، وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم من غير تطويلٍ، وأحسنهم بِشْرًا،
لا يهوله شيءٌ من أمور الدنيا، ويلبس ما وجد، يُردِف خلفَه عبدَه أو غيره، يَركب ما أمكنه، مرة فرسًا، ومرة بعيرًا، ومرة بغلةً، ومرة حمارًا، ومرة يمشي حافيًا بلا رداءٍ ولا عمامةٍ ولا قلنسوةٍ، يعودُ المرضى في أقصى المدينةِ، يحبُّ الطيبَ، ويكرهُ الرائحةَ الرديئةَ،
كان يجالسُ الفقراءَ، ويؤاكل المساكينَ، ويكرم أهلَ الفضلِ في أخلاقِهم، ويتألف أهلَ الشرفِ بالبرِّ لهم، يصل ذوي رحمِه من غير أن يؤثرَهم على مَن هو أفضلُ منهم، لا يجفو على أحدٍ، يقبل معذرةَ مَن اعتذرَ إليه، يمزح ولا يقول إلا حقًا،
يضحكُ من غير قهقهةٍ، يرى اللعبَ المباحَ فلا ينكره، يسابقُ أهلَه، وترفع الأصواتُ عليه فيصبر، وكان له عبيدٌ وإماءٌ لا يرتفعُ عليهم في مأكلٍ ولا ملبسٍ، ولا يمضي له وقتٌ في غير عملٍ لله تعالى أو فيما لا بدّ منه من صلاحِ نفسه، لا يحتقرُ مسكينًا لفقرِه وزمانتِه [ الزمانة: المرض المزمن ]، ولا يهاب ملكًا لمُلكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاءً مستويًا.
---
إحياء علوم الدين
-----
فأين أنا وأنت من أخلاق وصفات من نؤكّد حُبّنا له ؟!
كان أحلمَ الناسِ، وأشجعَ الناسِ، وأعدلَ الناسِ، وأعفَّ الناسِ،
لم تمسَّ يدُه قط يدَ امرأةٍ لا يملك رقَّها أو عصمةَ نكاحِها أو تكون ذات محرم منه،
وكان أسخى الناسِ، لا يبيتُ عنده دينارٌ ولا درهمٌ، وإن فضل شيء ولم يجد من يعطيه وفَجَأَهُ الليلُ لم يأوٍ إلى منزلِه حتى يتبرَّأَ منه إلى مَن يحتاج إليه،
لا يأخذُ مما آتاه اللهُ إلا قوت عامِهِ فقط من أيسر ما يجد من التمرِ والشعيرِ،
ويضع سائرَ ذلك في سبيلِ اللهِ، لا يُسأَلُ شيئًا إلا أعطاه، ثم يعود على قوتِ عامِه فيؤثِرُ منه حتى إنه ربّما احتاج قبل انقضاءِ العام إن لم يأته شيءٌ،
وكان يخصفُ النعلَ، ويرقِّع الثوبَ، ويخدم في مهنةِ أهلهِ، ويقطع اللحمَ معهنَّ،
وكان أشدَّ الناسِ حياءً، لا يثبت بصرَه في وجه أحدٍ، ويجيب دعوةَ العبدِ والحرِّ،
ويقبلُ الهديةَ ولو أنَّها جرعةُ لبنٍ ويُكافئ عليها، ولا يأكل الصدقةَ،
ولا يستكبرُ عن إجابةِ الأمَة والمسكين، يغضبُ لربِّه ولا يغضب لنفسِهِ،
وينفذ الحقَّ وإن عاد ذلك عليه بالضرر أو على أصحابِه،
وَجَدَ مِن فُضَلاء أصحابه وخيارهم قتيلًا بين اليهود فلم يَحِفْ عليهم ولا زاد على مُرِّ الحقِّ، بل وداه بمائةِ ناقةٍ وإنَّ بأصحابِه لَحاجة إلى بعيرٍ واحد يتقوون به،
وكان يعصب الحجرَ على بطنِه من الجوعِ، ولا يتورعُ عن مطعمٍ حلالٍ، لا يأكل متكئًا ولا على خِوانٍ، لم يشبعْ من خبزٍ ثلاثةَ أيام متوالية حتى لقي اللهَ تعالى، إيثارًا على نفسِه لا فقرًا ولا بخلًا،
يجيب الوليمةَ، ويعودُ المرضى، ويشهدُ الجنائزَ، ويمشي وحدَه بين أعدائِه بلا حارسٍ، أشدّ الناسِ تواضعًا، وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم من غير تطويلٍ، وأحسنهم بِشْرًا،
لا يهوله شيءٌ من أمور الدنيا، ويلبس ما وجد، يُردِف خلفَه عبدَه أو غيره، يَركب ما أمكنه، مرة فرسًا، ومرة بعيرًا، ومرة بغلةً، ومرة حمارًا، ومرة يمشي حافيًا بلا رداءٍ ولا عمامةٍ ولا قلنسوةٍ، يعودُ المرضى في أقصى المدينةِ، يحبُّ الطيبَ، ويكرهُ الرائحةَ الرديئةَ،
كان يجالسُ الفقراءَ، ويؤاكل المساكينَ، ويكرم أهلَ الفضلِ في أخلاقِهم، ويتألف أهلَ الشرفِ بالبرِّ لهم، يصل ذوي رحمِه من غير أن يؤثرَهم على مَن هو أفضلُ منهم، لا يجفو على أحدٍ، يقبل معذرةَ مَن اعتذرَ إليه، يمزح ولا يقول إلا حقًا،
يضحكُ من غير قهقهةٍ، يرى اللعبَ المباحَ فلا ينكره، يسابقُ أهلَه، وترفع الأصواتُ عليه فيصبر، وكان له عبيدٌ وإماءٌ لا يرتفعُ عليهم في مأكلٍ ولا ملبسٍ، ولا يمضي له وقتٌ في غير عملٍ لله تعالى أو فيما لا بدّ منه من صلاحِ نفسه، لا يحتقرُ مسكينًا لفقرِه وزمانتِه [ الزمانة: المرض المزمن ]، ولا يهاب ملكًا لمُلكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاءً مستويًا.
---
إحياء علوم الدين
-----
فأين أنا وأنت من أخلاق وصفات من نؤكّد حُبّنا له ؟!
التقى الإمام أبو بكر الباقلاني رحمه الله ( وكان مشهوراً بالمُناظرة ) راهبا نصرانياً : فقال النصراني : أنتم المسلمون عندكم عنصرية.
قال الباقلاني : وما ذاك ؟
قال النصراني : تُبيحون لأنفسكم زواج الكتابية - اليهودية أو النصرانية- ولا تُبيحون لغيركم الزواج ببناتكم.
قال له الامام : نحن نتزوج اليهودية لأننا آمنا بموسى.
ونتزوج النصرانية لأننا آمنا بعيسى.
وأنتم متى ما آمنتم بمحمد زوجناكم بناتنا ..
==
المصدر : تاريخ بغداد (٣٧٩/٥) للخطيب البغدادي
===
من فنون المناظرة تحويل تهمة الخصم إلى دفاع، مثل مناظرة الباقلاني.
قال الباقلاني : وما ذاك ؟
قال النصراني : تُبيحون لأنفسكم زواج الكتابية - اليهودية أو النصرانية- ولا تُبيحون لغيركم الزواج ببناتكم.
قال له الامام : نحن نتزوج اليهودية لأننا آمنا بموسى.
ونتزوج النصرانية لأننا آمنا بعيسى.
وأنتم متى ما آمنتم بمحمد زوجناكم بناتنا ..
==
المصدر : تاريخ بغداد (٣٧٩/٥) للخطيب البغدادي
===
من فنون المناظرة تحويل تهمة الخصم إلى دفاع، مثل مناظرة الباقلاني.
هذا اليوم أكثر مأساوية على إيران وأزلامها وأذنابها؛ من يوم هروب بشار الأسد..
رَفْعُ "الخفّاق الأخضر وكلمة التوحيد" خلف رموز القيادة السورية الجديدة بوجود وزير الخارجية السعودي هو أقسى على مليشيات إيران وعملائها؛ من انهيار منظومة الصنم الدموي الذي نكّل بالسوريين كما لم يفعل طاغية في العصر الحديث ..
هذا يوم بائس في حياة الطابور الخامس في بلاد المسلمين ..
لم تنتصر سوريا الحرية والكرامة وحسب.. بل انتصرت السعودية العظمى على إيران وعبث إيران ودجل من أبتلاهم الله بلوثة إيران ..
انتصرت السردية الأقرب لمنهج الحقّ على الخزعبلات والمظلوميات والبُكائيات والأكاذيب..
انتصر العمل الجادّ الدؤوب على اللطم والتطبير والزحف كما البهائم ..
سوريا هي القُنبلة النووية السعودية الأولى .. والتي أجهزت على أخر طموح يملأ رأس أصغر أخرق يستقي من عمامات قُم أسس ما قامت عليه خُدعة "ولاية الفقيه" باسم انتظار الإمام الغائب على بوّابة السرداب الموصول بالجحيم ..
خطوة مباركة يا إخوة الدم والدين ..
أسأل الله أن يوحّد صفوف المُسلمين وأن يردّنا إليه ردّا جميلا ..
#السعودية
#سوريا
#سوريا_الجديدة
رَفْعُ "الخفّاق الأخضر وكلمة التوحيد" خلف رموز القيادة السورية الجديدة بوجود وزير الخارجية السعودي هو أقسى على مليشيات إيران وعملائها؛ من انهيار منظومة الصنم الدموي الذي نكّل بالسوريين كما لم يفعل طاغية في العصر الحديث ..
هذا يوم بائس في حياة الطابور الخامس في بلاد المسلمين ..
لم تنتصر سوريا الحرية والكرامة وحسب.. بل انتصرت السعودية العظمى على إيران وعبث إيران ودجل من أبتلاهم الله بلوثة إيران ..
انتصرت السردية الأقرب لمنهج الحقّ على الخزعبلات والمظلوميات والبُكائيات والأكاذيب..
انتصر العمل الجادّ الدؤوب على اللطم والتطبير والزحف كما البهائم ..
سوريا هي القُنبلة النووية السعودية الأولى .. والتي أجهزت على أخر طموح يملأ رأس أصغر أخرق يستقي من عمامات قُم أسس ما قامت عليه خُدعة "ولاية الفقيه" باسم انتظار الإمام الغائب على بوّابة السرداب الموصول بالجحيم ..
خطوة مباركة يا إخوة الدم والدين ..
أسأل الله أن يوحّد صفوف المُسلمين وأن يردّنا إليه ردّا جميلا ..
#السعودية
#سوريا
#سوريا_الجديدة
من لهذه الأرواح التي أنهكتها الحروب؟
==
تنتهي الحروب، يُدفن القتلى، ويُداوَى المصابون، وتُشيّد البيوت من جديد، ويعود الغائبون، لكن يبقى هناك ما لا يعود، وإن عاد فسيكون بعد جهدٍ مضنٍ وطول أمد.
إنها تلك النفوس التي أرهقتها ويلات الحروب، أولئك الذين عاينوا الموت مرارًا، وماتوا آلاف المرات وهم لا يزالون بعد في سجل الأحياء.
الأطفال الذين طارت أمام أعينهم الأشلاء، وودعوا أحبتهم إلى القبور، وناموا على أزيز الطائرات بدلا من حكايات الجدات.
الثكلى التي ترمّلت وغاب عنها جدار البيت التي تتكئ عليه إذا ما ألمت بها الملمات، أو فقدت ولدها في ريعان الشباب أو نعومة الأظفار فذهبت معه بهجتها في الحياة.
الشيخ الكبير الذي كان يتهيأ لبقية باقية من حياته يقضيها في سلام وسكون قبل أن يلاقي ربه ويشيعه أبناؤه وأحفاده، فإذا به يحمل على عاتقه أثقل حِمْل في الدنيا وهو نعش فلذة الكبد.
لا يسلم من آثار تلك الحروب أولئك المهجّرون ساكنو المخيمات بعيدًا عن أرض الوطن، أصحاب المعاناة اليومية، تتعاقب عليهم الفصول تلو الفصول وهم يكابدون الجوع والبرد والقيظ والأوبئة والأمراض والعزلة عن العالم، خرجوا إلى تلك الخيام مُحمَّلين بذكريات بيوتهم ودفء الأسرة وألوان الطعام والفراش الوثير وأحاديث التفاؤل عن المستقبل، كل هذه الصور ماثلة أمامهم فتزيدهم المقارنة معاناة فوق المعاناة.
اضطراب ما بعد الصدمة، شبح يطارد الناجين من الحروب، يهدد أمنهم النفسي، ويحول بينهم وبين التعايش السوي مع الآخرين، ويكون عاملًا هدامًا لنسيج الأسرة، فتكثر حينئذ حالات الانفصال بين الأزواج، وينعدم الانسجام بين أفراد الأسرة، وكثيرًا ما يؤول الأمر بالناشئة إلى الاتجاه لتعاطي المخدرات هربًا من هذا الضغط النفسي وصوت الحرب الذي لا يزال طنينه يُعبِّئ آذانهم.
تنجم عن الحروب آثار نفسية بالغة السوء تفرض نفسها على الأطفال، منها الشعور الدائم بالخوف، والقلق والاكتئاب، وتأخر النمو العقلي والبدني والعاطفي، وصعوبة الاندماج في المجتمع، وردود الفعل العدائية، والاضطرابات السلوكية.
الصحة النفسية شيء حيوي ومُلح في ظل أزمات العصر الذي نعيشه، فكيف بالذين عاشوا أهوال الحروب، هؤلاء كيف سيعيشون بقية حياتهم إن لم يكن هناك من ينتشلهم أو يعمل على إنقاذهم من جحيم ما بعد الحرب؟
نعم إننا مطالبون بدعم إخوتنا في غزة وسوريا بالمساعدات الإنسانية من طعام وشراب ودواء، وإعادة إعمار الخراب الذي خلفته الحروب، ومساندتهم في إعادة تشييد البنى التحتية، لكننا في الوقت نفسه مطالبون بدعمهم فيما لا يقل أهمية عن كل ما سبق، مطالبون بالعمل على تأهيلهم النفسي للحياة الجديدة، ورأب ما تصدع في نفوسهم من ويلات الحروب، وإعادتهم إلى الاتزان النفسي للاندماج في مجتمعاتهم بشكل طبيعي.
ولا يخفى ما لمجال الإرشاد النفسي من دور فعال في هذا الميدان، وطرق العلاج الحديثة التي ينتهجها وعلى رأسها العلاج السلوكي المعرفي، ومن ثم فإن العمل على فتح الطريق لهذا المجال، بمثابة طوق نجاة لكل المتضررين من الحروب، للتعافي من آثار صدمات الحروب والاعتقال والتعذيب والفقد والاغتراب والتهجير.
وانطلاقا من هذا التأصيل، فإنني أدعو أهلنا الكرام في قطر، لإطلاق مبادرة لإعداد كوادر في مجال الإرشاد النفسي، للقيام بدور فعال في هذا الميدان كمسعفين نفسيين، سواء من القطريين أو من مرافقي المصابين من أهل غزة وسوريا الذين احتضنتهم قطر، ليكونوا عناصر فاعلة في التأهيل النفسي للمتضررين من الحروب.
وإنما أوجه دعوتي لأهل قطر، لما لهم من السبق في مد يد العون لأهل هذه البلاد، فما رأينا من أهل قطر قيادة وشعبا سوى سواعد الخير الممتدة، والشعور بالمسؤولية تجاه إخوانهم.
إطلاق مثل هذه المبادرة سوف يسهم في إنقاذ الآلاف من متضرري الحروب وإعادة دمجهم في الحياة مرة أخرى، فلا ينبغي أن نتركهم مجرد أجساد تمشي على الأرض بينما نفوسهم مهترئة مُحطمة، فهل يُرتجى من مثل هؤلاء أن يكونوا عناصر فاعلة منتجة مؤثرة في أوطانهم؟
أتمنى من سويداء قلبي أن تجد هذه الدعوة صدى وقبولا لدى المسؤولين في دوحة الخير قطر، وهذا هو العهد والظن بهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
https://al-sharq.com/opinion/26/01/2025/%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D9%87%D9%83%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8
==
تنتهي الحروب، يُدفن القتلى، ويُداوَى المصابون، وتُشيّد البيوت من جديد، ويعود الغائبون، لكن يبقى هناك ما لا يعود، وإن عاد فسيكون بعد جهدٍ مضنٍ وطول أمد.
إنها تلك النفوس التي أرهقتها ويلات الحروب، أولئك الذين عاينوا الموت مرارًا، وماتوا آلاف المرات وهم لا يزالون بعد في سجل الأحياء.
الأطفال الذين طارت أمام أعينهم الأشلاء، وودعوا أحبتهم إلى القبور، وناموا على أزيز الطائرات بدلا من حكايات الجدات.
الثكلى التي ترمّلت وغاب عنها جدار البيت التي تتكئ عليه إذا ما ألمت بها الملمات، أو فقدت ولدها في ريعان الشباب أو نعومة الأظفار فذهبت معه بهجتها في الحياة.
الشيخ الكبير الذي كان يتهيأ لبقية باقية من حياته يقضيها في سلام وسكون قبل أن يلاقي ربه ويشيعه أبناؤه وأحفاده، فإذا به يحمل على عاتقه أثقل حِمْل في الدنيا وهو نعش فلذة الكبد.
لا يسلم من آثار تلك الحروب أولئك المهجّرون ساكنو المخيمات بعيدًا عن أرض الوطن، أصحاب المعاناة اليومية، تتعاقب عليهم الفصول تلو الفصول وهم يكابدون الجوع والبرد والقيظ والأوبئة والأمراض والعزلة عن العالم، خرجوا إلى تلك الخيام مُحمَّلين بذكريات بيوتهم ودفء الأسرة وألوان الطعام والفراش الوثير وأحاديث التفاؤل عن المستقبل، كل هذه الصور ماثلة أمامهم فتزيدهم المقارنة معاناة فوق المعاناة.
اضطراب ما بعد الصدمة، شبح يطارد الناجين من الحروب، يهدد أمنهم النفسي، ويحول بينهم وبين التعايش السوي مع الآخرين، ويكون عاملًا هدامًا لنسيج الأسرة، فتكثر حينئذ حالات الانفصال بين الأزواج، وينعدم الانسجام بين أفراد الأسرة، وكثيرًا ما يؤول الأمر بالناشئة إلى الاتجاه لتعاطي المخدرات هربًا من هذا الضغط النفسي وصوت الحرب الذي لا يزال طنينه يُعبِّئ آذانهم.
تنجم عن الحروب آثار نفسية بالغة السوء تفرض نفسها على الأطفال، منها الشعور الدائم بالخوف، والقلق والاكتئاب، وتأخر النمو العقلي والبدني والعاطفي، وصعوبة الاندماج في المجتمع، وردود الفعل العدائية، والاضطرابات السلوكية.
الصحة النفسية شيء حيوي ومُلح في ظل أزمات العصر الذي نعيشه، فكيف بالذين عاشوا أهوال الحروب، هؤلاء كيف سيعيشون بقية حياتهم إن لم يكن هناك من ينتشلهم أو يعمل على إنقاذهم من جحيم ما بعد الحرب؟
نعم إننا مطالبون بدعم إخوتنا في غزة وسوريا بالمساعدات الإنسانية من طعام وشراب ودواء، وإعادة إعمار الخراب الذي خلفته الحروب، ومساندتهم في إعادة تشييد البنى التحتية، لكننا في الوقت نفسه مطالبون بدعمهم فيما لا يقل أهمية عن كل ما سبق، مطالبون بالعمل على تأهيلهم النفسي للحياة الجديدة، ورأب ما تصدع في نفوسهم من ويلات الحروب، وإعادتهم إلى الاتزان النفسي للاندماج في مجتمعاتهم بشكل طبيعي.
ولا يخفى ما لمجال الإرشاد النفسي من دور فعال في هذا الميدان، وطرق العلاج الحديثة التي ينتهجها وعلى رأسها العلاج السلوكي المعرفي، ومن ثم فإن العمل على فتح الطريق لهذا المجال، بمثابة طوق نجاة لكل المتضررين من الحروب، للتعافي من آثار صدمات الحروب والاعتقال والتعذيب والفقد والاغتراب والتهجير.
وانطلاقا من هذا التأصيل، فإنني أدعو أهلنا الكرام في قطر، لإطلاق مبادرة لإعداد كوادر في مجال الإرشاد النفسي، للقيام بدور فعال في هذا الميدان كمسعفين نفسيين، سواء من القطريين أو من مرافقي المصابين من أهل غزة وسوريا الذين احتضنتهم قطر، ليكونوا عناصر فاعلة في التأهيل النفسي للمتضررين من الحروب.
وإنما أوجه دعوتي لأهل قطر، لما لهم من السبق في مد يد العون لأهل هذه البلاد، فما رأينا من أهل قطر قيادة وشعبا سوى سواعد الخير الممتدة، والشعور بالمسؤولية تجاه إخوانهم.
إطلاق مثل هذه المبادرة سوف يسهم في إنقاذ الآلاف من متضرري الحروب وإعادة دمجهم في الحياة مرة أخرى، فلا ينبغي أن نتركهم مجرد أجساد تمشي على الأرض بينما نفوسهم مهترئة مُحطمة، فهل يُرتجى من مثل هؤلاء أن يكونوا عناصر فاعلة منتجة مؤثرة في أوطانهم؟
أتمنى من سويداء قلبي أن تجد هذه الدعوة صدى وقبولا لدى المسؤولين في دوحة الخير قطر، وهذا هو العهد والظن بهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
https://al-sharq.com/opinion/26/01/2025/%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D9%87%D9%83%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8
Al-Sharq
من لهذه الأرواح التي أنهكتها الحروب؟
تنتهي الحروب، يُدفن القتلى، ويُداوَى المصابون، وتُشيّد البيوت من جديد، ويعود الغائبون، لكن يبقى هناك ما لا يعود، وإن عاد فسيكون بعد جهدٍ مضنٍ وطول أمد...
زوبعةٌ ثارت ولم تهدأ منذ أن قام أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة، بتعيين بعض العناصر غير السورية في مواقع حيوية في الدولة، واعتبر البعض أنه إجراء ميليشياوي يهدف إلى ترهّل مفهوم الوطن، الذي ينبغي أن يقوم بسواعد أبنائه لا بسواعد غيرهم.
هذه الزوبعة في حقيقة الأمر لا مبرر لإثارتها، لأن ما أتت به مصادم لواقع الدول المعاصرة، التي تستعين بخبرات من خارج حدود الوطن للاستفادة منها، أو تعين في الوظائف العامة مواطنين يقيمون على أرضها وينتمون إلى جنسيات أخرى، دون أن ينال ذلك من سيادتها.
لا يشترط أن يتولى المناصب في الدولة، مَن كانت جذوره ممتدة في أرضها، فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية أقوى وأغنى دول العالم، يتبوأ منصب وزير الدفاع فيها لويد جيمس أوست، وهو من أصل افريقي.
الممثل واللاعب الأشهر في تاريخ رياضة كمال الأجسام، أرنولد شوارزينيغر، تولى منصب عمدة كاليفورنيا الأمريكية، فهو الحاكم الثامن والثلاثون لهذه الولاية، على الرغم من أنه من مواليد النمسا، كذلك فإن رالف نادر سياسي أمريكي ومحاضر لامع في الستينيات، ترشح لرئاسة أمريكا ست مرات عن حزب الخضر، رغم أن أبويه من لبنان، وغيره كثير من العناصر في المنابر الإعلامية الأمريكية مع كونهم من جنسيات وأصول مختلفة.
وفي الوطن العربي هناك العديد ممن تولوا مناصب في غير البلاد التي نشأوا فيها وأتوا منها، منهم على سبيل المثال سمير الرفاعي رئيس الوزراء الأردني الأسبق، هذا الرجل من مواليد صفد في فلسطين.
شبكة الجزيرة القطرية التي قدمت نموذجا عربيا مشرفا يلمع في سماء الإعلام العالمي، وأصبحت على قدم المساواة مع شبكات الإعلام الغربي، كثير من القائمين عليها من العرب غير القطريين.
كرة القدم التي لم تعد مجرد لعبة، وغدت مجالا ذا أبعاد سياسية وثقافية واقتصادية وقومية، لماذا لا نعترض إذا تولى مدربون أجانب تدريب منتخباتنا الوطنية؟ لماذا لا تتعالى الأصوات حينها بضرورة أن يُقدم المدرب الوطني ولو كان أقل كفاءة؟
إن المعيار في تعيين العناصر للوظائف العامة هو القدرة والثقة، أو القوة والأمانة، كما جاء في القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى مع الفتاتين اللتين سقا لهما (قالت إحداهما يا أبت استأجِره إن خير من استأجرت القوي الأمين).
نعم ابن الأرض هو أولى بها، ولكن إن كانت هناك حاجة إلى من هو أكثر منه كفاءة من خارج هذه الأرض، فليس هناك أدنى مشكلة في تعيينه من أجل الصالح العام، طالما أنه لا يقدح في سيادة الدولة.
لم تكن تلك القضية تمثل شيئا ذا بال قبل تقسيمات سايكس بيكو، التي وضعت تلك الحدود والحواجز بعد تفتيت الوطن العربي، ولنا أن نعلم أن بعض من تولى مشيخة الأزهر الشريف في مصر من ذوي أصول عربية أخرى، مثل الشيخ محمد الخضر، الذي تولى منصب شيخ الأزهر وهو تونسي المولد جزائري الأصل.
ولكن مع الأسف الشديد، انتقلت هذه الأسوار والحواجز والحدود التي صنعها الاحتلال إلى الوجدان العربي، فلم يعد كثير منا يتقبل فكرة الذوبان في مفهوم الأمة الواحدة.
العالم كله يتكتل ويتحد سوانا، الاتحاد الأوروبي كسر الحواجز وفتح الحدود ووحّد العملة، وأصبحت دولُهُ كتلة واحدة، ونحن هنا نسخط على تعيين الإدارة السورية لشخصيات من خارج الحدود السورية.
هناك قبائل مشتركة بين الدول لها اللكنات نفسها، والعادات والتقاليد نفسها، تمثل وحدة واحدة، وزعت على الأقطار، كالقبائل التي توزع بنوها بين سوريا والأردن، فوفقا لتقسيمات سايكس بيكو فإن السوريين ينبغي أن لا يستعينوا بأبناء هذه القبائل الموجودين على الأراضي الأردنية، وينبغي للأردنيين أن لا يستعينوا بمن يعيشون على الأراضي السورية، مع أنها قبائل واحدة.
لو افترضنا مثلا أن سوريا اقتطعت حدود الأردن ودخل من فيها تحت السيادة السورية، فحينئذ سيكون مقبولا أن يتم تعيين أبناء هذه القبائل في المناصب في الدولة السورية، مع أنهم قبل ذلك كانوا أردنيين، فأي منطق في هذا؟
حدود صنعها الاحتلال تغرس فينا هذا الخلل في الإدراك والتفكير وحسابات الأمور؟!
بناء سوريا الجديدة يحتاج إلى جهود كل من يهتم بأمر سوريا، ونحن أبناء أمة واحدة،
يتحتم علينا أن نتعاضد مع إخواننا السوريين من أجل إزالة أنقاض الحكم الفاشي، الذي أدخل البلاد في دوامة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،
وبناء سوريا جديدة قوية وموحدة، مع الاحتفاظ قطعا بالأصل الثابت، وهو السيادة للدولة التي يحكمها أبناؤها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
#سوريا
#سوريا_الجديدة
#سوريا_حرة
alquds.co.uk/%d8%b3%d8%a7%d
هذه الزوبعة في حقيقة الأمر لا مبرر لإثارتها، لأن ما أتت به مصادم لواقع الدول المعاصرة، التي تستعين بخبرات من خارج حدود الوطن للاستفادة منها، أو تعين في الوظائف العامة مواطنين يقيمون على أرضها وينتمون إلى جنسيات أخرى، دون أن ينال ذلك من سيادتها.
لا يشترط أن يتولى المناصب في الدولة، مَن كانت جذوره ممتدة في أرضها، فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية أقوى وأغنى دول العالم، يتبوأ منصب وزير الدفاع فيها لويد جيمس أوست، وهو من أصل افريقي.
الممثل واللاعب الأشهر في تاريخ رياضة كمال الأجسام، أرنولد شوارزينيغر، تولى منصب عمدة كاليفورنيا الأمريكية، فهو الحاكم الثامن والثلاثون لهذه الولاية، على الرغم من أنه من مواليد النمسا، كذلك فإن رالف نادر سياسي أمريكي ومحاضر لامع في الستينيات، ترشح لرئاسة أمريكا ست مرات عن حزب الخضر، رغم أن أبويه من لبنان، وغيره كثير من العناصر في المنابر الإعلامية الأمريكية مع كونهم من جنسيات وأصول مختلفة.
وفي الوطن العربي هناك العديد ممن تولوا مناصب في غير البلاد التي نشأوا فيها وأتوا منها، منهم على سبيل المثال سمير الرفاعي رئيس الوزراء الأردني الأسبق، هذا الرجل من مواليد صفد في فلسطين.
شبكة الجزيرة القطرية التي قدمت نموذجا عربيا مشرفا يلمع في سماء الإعلام العالمي، وأصبحت على قدم المساواة مع شبكات الإعلام الغربي، كثير من القائمين عليها من العرب غير القطريين.
كرة القدم التي لم تعد مجرد لعبة، وغدت مجالا ذا أبعاد سياسية وثقافية واقتصادية وقومية، لماذا لا نعترض إذا تولى مدربون أجانب تدريب منتخباتنا الوطنية؟ لماذا لا تتعالى الأصوات حينها بضرورة أن يُقدم المدرب الوطني ولو كان أقل كفاءة؟
إن المعيار في تعيين العناصر للوظائف العامة هو القدرة والثقة، أو القوة والأمانة، كما جاء في القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى مع الفتاتين اللتين سقا لهما (قالت إحداهما يا أبت استأجِره إن خير من استأجرت القوي الأمين).
نعم ابن الأرض هو أولى بها، ولكن إن كانت هناك حاجة إلى من هو أكثر منه كفاءة من خارج هذه الأرض، فليس هناك أدنى مشكلة في تعيينه من أجل الصالح العام، طالما أنه لا يقدح في سيادة الدولة.
لم تكن تلك القضية تمثل شيئا ذا بال قبل تقسيمات سايكس بيكو، التي وضعت تلك الحدود والحواجز بعد تفتيت الوطن العربي، ولنا أن نعلم أن بعض من تولى مشيخة الأزهر الشريف في مصر من ذوي أصول عربية أخرى، مثل الشيخ محمد الخضر، الذي تولى منصب شيخ الأزهر وهو تونسي المولد جزائري الأصل.
ولكن مع الأسف الشديد، انتقلت هذه الأسوار والحواجز والحدود التي صنعها الاحتلال إلى الوجدان العربي، فلم يعد كثير منا يتقبل فكرة الذوبان في مفهوم الأمة الواحدة.
العالم كله يتكتل ويتحد سوانا، الاتحاد الأوروبي كسر الحواجز وفتح الحدود ووحّد العملة، وأصبحت دولُهُ كتلة واحدة، ونحن هنا نسخط على تعيين الإدارة السورية لشخصيات من خارج الحدود السورية.
هناك قبائل مشتركة بين الدول لها اللكنات نفسها، والعادات والتقاليد نفسها، تمثل وحدة واحدة، وزعت على الأقطار، كالقبائل التي توزع بنوها بين سوريا والأردن، فوفقا لتقسيمات سايكس بيكو فإن السوريين ينبغي أن لا يستعينوا بأبناء هذه القبائل الموجودين على الأراضي الأردنية، وينبغي للأردنيين أن لا يستعينوا بمن يعيشون على الأراضي السورية، مع أنها قبائل واحدة.
لو افترضنا مثلا أن سوريا اقتطعت حدود الأردن ودخل من فيها تحت السيادة السورية، فحينئذ سيكون مقبولا أن يتم تعيين أبناء هذه القبائل في المناصب في الدولة السورية، مع أنهم قبل ذلك كانوا أردنيين، فأي منطق في هذا؟
حدود صنعها الاحتلال تغرس فينا هذا الخلل في الإدراك والتفكير وحسابات الأمور؟!
بناء سوريا الجديدة يحتاج إلى جهود كل من يهتم بأمر سوريا، ونحن أبناء أمة واحدة،
يتحتم علينا أن نتعاضد مع إخواننا السوريين من أجل إزالة أنقاض الحكم الفاشي، الذي أدخل البلاد في دوامة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،
وبناء سوريا جديدة قوية وموحدة، مع الاحتفاظ قطعا بالأصل الثابت، وهو السيادة للدولة التي يحكمها أبناؤها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
#سوريا
#سوريا_الجديدة
#سوريا_حرة
alquds.co.uk/%d8%b3%d8%a7%d
بعد اندلاع حرب طوفان الأقصى، وتعرض قطاع غزة للقصف والتدمير من قبل الجيش الصهيوني، بادرت وزيرة التعليم القطري لولوة الخاطر التي كانت تشغل حينذاك منصب وزيرة التعاون الدولي في الخارجية القطرية، بزيارة غزة، دعما للأشقاء في هذه الأرض المنكوبة، لتكون أول مسؤول رسمي على مستوى العالم أجمع، يبادر بزيارة غزة أثناء الحرب.
واليوم، وبعد إقصاء النظام السوري الفاشي، وبداية عهد جديد لسوريا جديدة، قام أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بزيارة رسمية إلى دمشق، ليكون أول زعيم عربي تطأ قدماه أرض سوريا بعد ثورتها المجيدة، وتأتي هذه الزيارة بعد يوم واحد من إعلان تولي أحمد الشرع منصب رئيس الجمهورية السورية الانتقالي، لتواصل قطر العطاء والبذل من أجل سوريا كما عهدناها قيادة وشعبا.
كما جاءت هذه الزيارة الرسمية، بعد لقاء جمع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع القيادة السورية في دمشق منتصف هذا الشهر، لتعزيز الحوار مع الإدارة السورية الجديدة، وعلى إثرها أعلن وزير الخارجية القطري أن بلاده ستقدم الدعم الفني اللازم لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة في سوريا، وقال إن قطر سوف توفر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء على أن تزيد تدريجيا. امتاز الموقف القطري تجاه القضية السورية بالثبات والانحياز لخيارات الشعب السوري، ورفض التطبيع مع النظام الفاشي، ولم يسقط من الذاكرة انسحاب أمير قطر من قمة جدة عام 2023 قبيل الكلمة التي ألقاها بشار الأسد، تعبيرا عن رفض التطبيع معه.
بادرت قطر فور انتصار الثورة على النظام الفاشي بتسيير جسر جوي لمساعدة الأشقاء في سوريا، وكانت أول دولة تقوم بتسيير الرحلات الجوية إلى دمشق.
كما يُحسب لها أنها أول دولة عربية تعلن فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق، بعد غياب سفارتها عن الأراضي السورية 14 عاما، حيث أغلقتها في دمشق في يوليو 2011 بعد سحب السفير، احتجاجا على الممارسات القمعية لبشار الأسد ضد الشعب السوري. زيارة الأمير تميم إلى دمشق بعد إعلان تنصيب الشرع رئيسا في الفترة الانتقالية، بمثابة مباركة لهذا الإجراء من أجل دعم استقرار سوريا وانطلاق مسيرتها النهضوية.
الديوان الأميري قد أصدر بيانا يتعلق بأجواء هذه الزيارة المثمرة، وأوضح تأكيد أمير قطر على عزم بلاده دعم وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وهو الأمر نفسه الذي شددت عليه السعودية خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين.
كما أكد الأمير على مساندة السوريين لتحقيق الوصول إلى دولة تسودها الوحدة والعدالة والحرية، مؤكدا كذلك على ضرورة تشكيل حكومة تمثل جميع الأطياف، مشيدًا في الوقت نفسه بجهود الإدارة السورية الجديدة في تحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة.
قطر تثبت لنا يوما بعد يوم، أنها أول من يلبي نداء الأشقاء، لا ننسى أبدا جهودها في غزة والسودان وسوريا وغيرها من البلدان الشقيقة، وفق سياسة خارجية متوازنة تعمل على تصفير وفض النزاعات وإقامة علاقات جدية مفتوحة مع الجميع على أسس عادلة،
كما لن ينسى العالم أنها كانت ولا زالت قبلة للملهوف والمظلوم،
حفظ الله قطر وشعبها وقيادتها ووفقها إلى كل خير.
وكما اعتدنا نحن قُرّاء المشهد :
#قطر المسلمة العربية الخليجية؛ أول من يُلبّي النداء دائما ..
حفظ الله قطر والسعودية والكويت وسوريا وفلسطين ومصر والأردن واليمن والسودان وسائر بلاد المسلمين
#سوريا
#قطر
#السعودية
#سوريا_حرة
واليوم، وبعد إقصاء النظام السوري الفاشي، وبداية عهد جديد لسوريا جديدة، قام أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بزيارة رسمية إلى دمشق، ليكون أول زعيم عربي تطأ قدماه أرض سوريا بعد ثورتها المجيدة، وتأتي هذه الزيارة بعد يوم واحد من إعلان تولي أحمد الشرع منصب رئيس الجمهورية السورية الانتقالي، لتواصل قطر العطاء والبذل من أجل سوريا كما عهدناها قيادة وشعبا.
كما جاءت هذه الزيارة الرسمية، بعد لقاء جمع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع القيادة السورية في دمشق منتصف هذا الشهر، لتعزيز الحوار مع الإدارة السورية الجديدة، وعلى إثرها أعلن وزير الخارجية القطري أن بلاده ستقدم الدعم الفني اللازم لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة في سوريا، وقال إن قطر سوف توفر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء على أن تزيد تدريجيا. امتاز الموقف القطري تجاه القضية السورية بالثبات والانحياز لخيارات الشعب السوري، ورفض التطبيع مع النظام الفاشي، ولم يسقط من الذاكرة انسحاب أمير قطر من قمة جدة عام 2023 قبيل الكلمة التي ألقاها بشار الأسد، تعبيرا عن رفض التطبيع معه.
بادرت قطر فور انتصار الثورة على النظام الفاشي بتسيير جسر جوي لمساعدة الأشقاء في سوريا، وكانت أول دولة تقوم بتسيير الرحلات الجوية إلى دمشق.
كما يُحسب لها أنها أول دولة عربية تعلن فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق، بعد غياب سفارتها عن الأراضي السورية 14 عاما، حيث أغلقتها في دمشق في يوليو 2011 بعد سحب السفير، احتجاجا على الممارسات القمعية لبشار الأسد ضد الشعب السوري. زيارة الأمير تميم إلى دمشق بعد إعلان تنصيب الشرع رئيسا في الفترة الانتقالية، بمثابة مباركة لهذا الإجراء من أجل دعم استقرار سوريا وانطلاق مسيرتها النهضوية.
الديوان الأميري قد أصدر بيانا يتعلق بأجواء هذه الزيارة المثمرة، وأوضح تأكيد أمير قطر على عزم بلاده دعم وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وهو الأمر نفسه الذي شددت عليه السعودية خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين.
كما أكد الأمير على مساندة السوريين لتحقيق الوصول إلى دولة تسودها الوحدة والعدالة والحرية، مؤكدا كذلك على ضرورة تشكيل حكومة تمثل جميع الأطياف، مشيدًا في الوقت نفسه بجهود الإدارة السورية الجديدة في تحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة.
قطر تثبت لنا يوما بعد يوم، أنها أول من يلبي نداء الأشقاء، لا ننسى أبدا جهودها في غزة والسودان وسوريا وغيرها من البلدان الشقيقة، وفق سياسة خارجية متوازنة تعمل على تصفير وفض النزاعات وإقامة علاقات جدية مفتوحة مع الجميع على أسس عادلة،
كما لن ينسى العالم أنها كانت ولا زالت قبلة للملهوف والمظلوم،
حفظ الله قطر وشعبها وقيادتها ووفقها إلى كل خير.
وكما اعتدنا نحن قُرّاء المشهد :
#قطر المسلمة العربية الخليجية؛ أول من يُلبّي النداء دائما ..
حفظ الله قطر والسعودية والكويت وسوريا وفلسطين ومصر والأردن واليمن والسودان وسائر بلاد المسلمين
#سوريا
#قطر
#السعودية
#سوريا_حرة
إعلان استشهاد الضيف ورفاقه.. دلالات المشهد
==
كل شيء كان يشير إلى انتصار غزة ومقاومتها على العدو الصهيوني، صمود الشعب، واستمرار الفصائل في الإثخان في العدو، وفشل نتنياهو في تحقيق أي من أهدافه، وفرْض المقاومة شروطها على الكيان الإسرائيلي، والنزوح الأسطوري لشعب غزة من الجنوب إلى الشمال، وملحمة تبادل الأسرى التي افتكّت خلالها المقاومة - ولا تزال- بالأسير الإسرائيلي الواحد العشرات من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وهذه الدقة العالية في إدارة مشهد صفقة تبادل الأسرى من قبل المقاومة.
وفي ظل أفراح النصر التي غمرت الفلسطينيين وكل الغيورين من أبناء أمتنا، خرج الملثم أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، ليبث نبأ استشهاد عدد من القيادات البارزة في كتائب القسام، كانوا قد ارتقوا منذ شهور إبان الحرب.
أعلن للمرة الأولى نبأ استشهاد محمد الضيف قائد هيئة أركان القسام، ومروان عيسى نائب قائد أركان القسام، وغازي أبو طماعة قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، ورائد ثابت قائد ركن القوى البشرية، ورافع سلامة قائد لواء خان يونس.
* إعلان نبأ استشهاد هذه المجموعة القيادية المناضلة له عدة دلالات:
أولًا: يتسق هذا الإعلان مع عبقرية أداء المقاومة المعتادة في مراعاة التوقيت، فقد أتى في ذروة أفراح النصر، التي أظهرت التفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة والاعتراف بأنها فخر فلسطين ودرعها الواقي ضد الاحتلال، وهذا من شأنه أن يرفع أسهم المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ويعزز التفافه حولها في غزة وسائر فلسطين المحتلة، إذ أنه يلفت أنظار الشعب الفلسطيني والأمة بأسرها إلى أن المقاومة التي ركّعت الاحتلال لم يكن الثمن الذي قدمته هينا، حيث أخفت جراحها ومضت في طريقها، بعد أن قدمت من أجل القضية الفلسطينية سادتها ورموزها القيادية الرفيعة، لذلك لم أتعجب عندما انطلقت فور هذا الإعلان مسيرات بمدن الضفة الغربية تنعى وتشيد بقادة المقاومة الذين استشهدوا، كما نعاهم الفلسطينيون في مدن عدة عبر مكبرات الصوت على مآذن المساجد.
ثانيًا: الإعلان يتضمن نوعًا من الإذلال والإهانة للعدو الإسرائيلي، إذ أن المقاومة واصلت أداءها القتالي على هذا النحو من الجسارة والقوة التي جعلتها تفرض شروطها على الاحتلال، كل هذا تم في غياب القوة الأساسية الضاربة من قياداتها، فكانت المقاومة كفريق كرة قدم يقول للفريق المنافس: هزمناكم باللاعبين الاحتياطيين.
ثالثا: الإعلان رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي، بأنه مهما أوتي من قوة لضرب المقاومة، فإنها لم ولن تعاني أبدا من الفراغ القيادي، وهذه ميزة كبيرة تميزت بها المقاومة، كلما مات منهم قائد قام قائد آخر، وهذا بلا شك يشير إلى أن المقاومة تقاتل عن عقيدة، هي التي ترفد عناصرها بالشجاعة والبسالة والاستمرار في المضي على الطريق، تبرز تعلقهم بالمنهج لا بالأشخاص، وكأنهم كانوا شاهدين للمقولة الخالدة للصديق أبي بكر رضي الله عنه: «من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، وليس هذا تشبيها للأشخاص بالأشخاص وإنما هو تشبيه للمبادئ بالمبادئ.
رابعًا: هذه المصارحة التي تضمنها الإعلان باستشهاد هذا العدد من القيادات، تدل على أن حركة حماس تدشّن لمرحلة جديدة، ولهيكلة جديدة، تناسب المرحلة المقبلة، تقودها شخصيات جديدة غير معلنة، وهذا بلا شك سوف يرهق استخبارات الكيان الإسرائيلي، وهذا بدوره يحمل رسالة أخرى تؤكد أن الحرب لم تضع بعد أوزارها، وإنما هي بدء مرحلة جديدة على طريق التحرير.
خامسًا: تضمن الإعلان الذي أبرز تلك النماذج الملهمة وتضحياتها، عملية شحن هائلة للفلسطينيين والأمة بأسرها، للاصطفاف خلف القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة.
استشهاد هؤلاء القادة الأبطال، يذكرنا بمعركة مؤتة التي خاضها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث استشهد قائد الجيش زيد بن حارثة، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب، فقاتل حتى استشهد، ثم تولى القيادة عبد الله بن رواحة، والذي قاتل حتى استشهد، لتقع الراية بعد ذلك في يد سيف الله خالد بن الوليد، فهي راية يسلمها البعض إلى البعض، وهكذا المقاومة، يسلم كل قائد الراية إلى غيره عندما تنتهي مهمته في الحياة، بدءًا من الشيخ أحمد ياسين، وحتى محمد الضيف ورفاقه، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
الشرق القطرية
الدوحة
https://al-sharq.com/opinion/02/02/2025/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D9%88%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%87-%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF
==
كل شيء كان يشير إلى انتصار غزة ومقاومتها على العدو الصهيوني، صمود الشعب، واستمرار الفصائل في الإثخان في العدو، وفشل نتنياهو في تحقيق أي من أهدافه، وفرْض المقاومة شروطها على الكيان الإسرائيلي، والنزوح الأسطوري لشعب غزة من الجنوب إلى الشمال، وملحمة تبادل الأسرى التي افتكّت خلالها المقاومة - ولا تزال- بالأسير الإسرائيلي الواحد العشرات من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وهذه الدقة العالية في إدارة مشهد صفقة تبادل الأسرى من قبل المقاومة.
وفي ظل أفراح النصر التي غمرت الفلسطينيين وكل الغيورين من أبناء أمتنا، خرج الملثم أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، ليبث نبأ استشهاد عدد من القيادات البارزة في كتائب القسام، كانوا قد ارتقوا منذ شهور إبان الحرب.
أعلن للمرة الأولى نبأ استشهاد محمد الضيف قائد هيئة أركان القسام، ومروان عيسى نائب قائد أركان القسام، وغازي أبو طماعة قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، ورائد ثابت قائد ركن القوى البشرية، ورافع سلامة قائد لواء خان يونس.
* إعلان نبأ استشهاد هذه المجموعة القيادية المناضلة له عدة دلالات:
أولًا: يتسق هذا الإعلان مع عبقرية أداء المقاومة المعتادة في مراعاة التوقيت، فقد أتى في ذروة أفراح النصر، التي أظهرت التفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة والاعتراف بأنها فخر فلسطين ودرعها الواقي ضد الاحتلال، وهذا من شأنه أن يرفع أسهم المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ويعزز التفافه حولها في غزة وسائر فلسطين المحتلة، إذ أنه يلفت أنظار الشعب الفلسطيني والأمة بأسرها إلى أن المقاومة التي ركّعت الاحتلال لم يكن الثمن الذي قدمته هينا، حيث أخفت جراحها ومضت في طريقها، بعد أن قدمت من أجل القضية الفلسطينية سادتها ورموزها القيادية الرفيعة، لذلك لم أتعجب عندما انطلقت فور هذا الإعلان مسيرات بمدن الضفة الغربية تنعى وتشيد بقادة المقاومة الذين استشهدوا، كما نعاهم الفلسطينيون في مدن عدة عبر مكبرات الصوت على مآذن المساجد.
ثانيًا: الإعلان يتضمن نوعًا من الإذلال والإهانة للعدو الإسرائيلي، إذ أن المقاومة واصلت أداءها القتالي على هذا النحو من الجسارة والقوة التي جعلتها تفرض شروطها على الاحتلال، كل هذا تم في غياب القوة الأساسية الضاربة من قياداتها، فكانت المقاومة كفريق كرة قدم يقول للفريق المنافس: هزمناكم باللاعبين الاحتياطيين.
ثالثا: الإعلان رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي، بأنه مهما أوتي من قوة لضرب المقاومة، فإنها لم ولن تعاني أبدا من الفراغ القيادي، وهذه ميزة كبيرة تميزت بها المقاومة، كلما مات منهم قائد قام قائد آخر، وهذا بلا شك يشير إلى أن المقاومة تقاتل عن عقيدة، هي التي ترفد عناصرها بالشجاعة والبسالة والاستمرار في المضي على الطريق، تبرز تعلقهم بالمنهج لا بالأشخاص، وكأنهم كانوا شاهدين للمقولة الخالدة للصديق أبي بكر رضي الله عنه: «من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، وليس هذا تشبيها للأشخاص بالأشخاص وإنما هو تشبيه للمبادئ بالمبادئ.
رابعًا: هذه المصارحة التي تضمنها الإعلان باستشهاد هذا العدد من القيادات، تدل على أن حركة حماس تدشّن لمرحلة جديدة، ولهيكلة جديدة، تناسب المرحلة المقبلة، تقودها شخصيات جديدة غير معلنة، وهذا بلا شك سوف يرهق استخبارات الكيان الإسرائيلي، وهذا بدوره يحمل رسالة أخرى تؤكد أن الحرب لم تضع بعد أوزارها، وإنما هي بدء مرحلة جديدة على طريق التحرير.
خامسًا: تضمن الإعلان الذي أبرز تلك النماذج الملهمة وتضحياتها، عملية شحن هائلة للفلسطينيين والأمة بأسرها، للاصطفاف خلف القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة.
استشهاد هؤلاء القادة الأبطال، يذكرنا بمعركة مؤتة التي خاضها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث استشهد قائد الجيش زيد بن حارثة، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب، فقاتل حتى استشهد، ثم تولى القيادة عبد الله بن رواحة، والذي قاتل حتى استشهد، لتقع الراية بعد ذلك في يد سيف الله خالد بن الوليد، فهي راية يسلمها البعض إلى البعض، وهكذا المقاومة، يسلم كل قائد الراية إلى غيره عندما تنتهي مهمته في الحياة، بدءًا من الشيخ أحمد ياسين، وحتى محمد الضيف ورفاقه، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
الشرق القطرية
الدوحة
https://al-sharq.com/opinion/02/02/2025/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D9%88%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%87-%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF
Al-Sharq
إعلان استشهاد الضيف ورفاقه.. دلالات المشهد
كل شيء كان يشير إلى انتصار غزة ومقاومتها على العدو الصهيوني، صمود الشعب، واستمرار الفصائل في الإثخان في العدو، وفشل نتنياهو في تحقيق أي من أهدافه، وفر...
من جديد، عاد الحديث مؤخرا عن صفقة القرن، التي ظننا أنه قد أُغلق الحديث عنها بعد مفاوضات وقف إطلاق النار، التي فرضت فيها المقاومة الفلسطينية شروطها على حكومة نتنياهو.
دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الذي تسلم السلطة رسميا منذ أيام للمرة الثانية، أعاد الصفقة إلى الواجهة، بدعوته دولتي مصر والأردن للقبول بهجرة سكان غزة إليهما بشكل مؤقت أو دائم، بدعوى أن غزة لم تعد صالحة للحياة في الوقت الراهن، وهو ما اعتُبر استئنافا لجهوده في تنفيذ صفقة القرن، وهو كذلك ما لاقى ترحابا واسعا في أوساط اليمين الإسرائيلي المتشدد. الدعوة كانت لها تداعيات وأصداء واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية كافة، وأَضْحت موضع تناول إعلامي واسع النطاق.
وفي هذا المقام أود الحديث عن أحد المواقف الإعلامية المتعلقة بدعوة ترامب، وهو موقف الإعلامي المصري محمد ناصر المعارِض للنظام والمقيم خارج مصر، الذي فاجأ الجميع – وهو المعارض الشرس- بإعلان اصطفافه خلف القيادة المصرية في رفض تهجير سكان قطاع غزة، بدافع حرصه على الأمن القومي المصري، كما صرح.
هذا التصريح المفاجئ، أثار موجة من ردود الأفعال التي تدور في فلك اتهامه بالتزلّف للنظام المصري، لتقديم نفسه بصورة جديدة تكفل له الأمان والعودة إلى وطنه، يشترك في هذا الظن الموالون والمعارضون للنظام المصري معا، وبعضهم رأى أنه بداية مراجعة شاملة لجميع آرائه وتوجهاته، والبعض ممن أحسنوا الظن بالرجل قالوا إنه أساء تقدير الموقف، وقليلٌ هم الذين استحسنوا صنيع محمد ناصر، واعتبروه نزاهة وموضوعية وصدقا في موافقة نظام بلده في مسألة تتعلق بمصالح الوطن العليا.
خلافا لرأي الأغلبية في هذا الشأن، أرى أن الإعلامي المصري محمد ناصر، أعاد بموقفه هذا مفهوما للوطنية يكاد يكون مندثرا بفعل الموازين المختلّة وأنماط التقييم المعيبة، التي لا تستند إلى أسس صحيحة، وإنما ترتكز على الأهواء والأيديولوجيات والأجندات. الزوبعة كشفت ثقافتنا العربية التي انحدرت، في عدم تقبّل فكرة النسبية في المواقف، والإلزام بحتميات الكراهية المحضة لكل ما يأتي ممن نعارضه.
الخائضون في هذا الشأن يبررون هجومهم بأن المبادئ لا تتجزأ، وبناء عليه ينبغي على المعارض أن ينبذ كل ما يأتي، أو يصدر عن النظام الذي يعارضه، لكن هذا وهم كبير، فالمبادئ تختلف عن المواقف، الأولى تتسم بالثبات، والثانية متغيرة، تحقيق العدالة مبدأ، وكيفية تحقيقها، أو التعبير عنها مواقف قد تختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر، وعلى المنصف أن يعترف ويقر بالمواقف الإيجابية للمخالف، بصرف النظر عن موقفه النفسي منه.
هذا هو نهج القرآن في التعامل مع المخالف، حيث شهد لبعض اليهود بأداء الأمانة رغم أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالرسالة المحمدية، ومع ذلك أنصفهم وشهد لمحسنهم بالإحسان،
وهو مبدأ العقلاء في التعامل مع مخالفيهم، كما أنه يعبر عن ثقة عالية بالنفس لا تتزعزع بمدح المخالف، وتأييده في ما أحسن فيه. الإعلامي المصري أصّل لفكرة إعلاء مصالح الوطن العليا ووضْعها فوق الخلافات،
وهذا هو الرأي السديد، وإلا كانت معارضته لنظام بلده مجرد هوى وأطماع ومآرب، لأنه من المفترض أن يعارض رغبة منه في تحقيق مصالح الوطن، فماذا لو جاء النظام الذي يعارضه بما فيه مصلحة الوطن، هل يؤيده ويتوافق معه لمصلحة الوطن؟ أم يُعرِض ويصمت لأنه فقط معارِض؟
ولا يتحدث أحد ها هنا عن النوايا، فأنا أكتب عن موقف وتصريح معلن من الرجل، ولست هنا بصدد الدفاع عنه، بقدر ما أحرص على تناول هذا المبدأ والأصل الغائب الذي أصّلَه. كما لا يتحدث أحد ها هنا عن النظام المصري بأنه كما قال البعض يعارض صفقة التهجير صوريا طمعا في رفع الثمن على حد قولهم، فالنظام أعلن بشكل رسمي رفضه للتهجير، وأنه لن يشارك في هذا الظلم، وهذا يكفي، أما البحث في النوايا والخضوع لنظرية المؤامرة مع كل ما يأتينا من المخالفين، فليس ذلك نهج المنصفين العقلاء.
غياب هذا المبدأ أو هذا الأصل يجعلنا ننبذ كل مراجعة وكل مصارحة وكل تغيير في المواقف، وهي طامة كبرى، تنم عن تردي ثقافتنا في التعامل مع المخالفين، وكأننا نتعامل مع تماثيل جامدة لا تُعدّل من وضعيتها.
لماذا نقابل كل تغيير في المواقف بالهجوم؟ لماذا لا نتقبل فكرة أن التموضع من المخالف يكون حسب المواقف وليس وفقا لكونه مخالفا؟ ولماذا لا نقول للمحسن الذي ننتقده أحسنت ولو أحسن في واحدة طالما أنه قد أحسن فيها بالفعل؟ تقديم مصلحة الوطن المتفق عليها هو الأساس، وهي الأرضية التي يمكن أن يلتقي عليها الجميع المؤيد والمعارض.
أعلم يقينا أن هذه الكلمات لن ترضي الكثيرين ممن يتعاملون مع الأنظمة التي يعارضونها وفقا للعاطفة، وأنا على أتم الاستعداد لتحمل تبعات ما أقول، طالما أن قلمي يكتب وفقا لما أراه من حق.
دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الذي تسلم السلطة رسميا منذ أيام للمرة الثانية، أعاد الصفقة إلى الواجهة، بدعوته دولتي مصر والأردن للقبول بهجرة سكان غزة إليهما بشكل مؤقت أو دائم، بدعوى أن غزة لم تعد صالحة للحياة في الوقت الراهن، وهو ما اعتُبر استئنافا لجهوده في تنفيذ صفقة القرن، وهو كذلك ما لاقى ترحابا واسعا في أوساط اليمين الإسرائيلي المتشدد. الدعوة كانت لها تداعيات وأصداء واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية كافة، وأَضْحت موضع تناول إعلامي واسع النطاق.
وفي هذا المقام أود الحديث عن أحد المواقف الإعلامية المتعلقة بدعوة ترامب، وهو موقف الإعلامي المصري محمد ناصر المعارِض للنظام والمقيم خارج مصر، الذي فاجأ الجميع – وهو المعارض الشرس- بإعلان اصطفافه خلف القيادة المصرية في رفض تهجير سكان قطاع غزة، بدافع حرصه على الأمن القومي المصري، كما صرح.
هذا التصريح المفاجئ، أثار موجة من ردود الأفعال التي تدور في فلك اتهامه بالتزلّف للنظام المصري، لتقديم نفسه بصورة جديدة تكفل له الأمان والعودة إلى وطنه، يشترك في هذا الظن الموالون والمعارضون للنظام المصري معا، وبعضهم رأى أنه بداية مراجعة شاملة لجميع آرائه وتوجهاته، والبعض ممن أحسنوا الظن بالرجل قالوا إنه أساء تقدير الموقف، وقليلٌ هم الذين استحسنوا صنيع محمد ناصر، واعتبروه نزاهة وموضوعية وصدقا في موافقة نظام بلده في مسألة تتعلق بمصالح الوطن العليا.
خلافا لرأي الأغلبية في هذا الشأن، أرى أن الإعلامي المصري محمد ناصر، أعاد بموقفه هذا مفهوما للوطنية يكاد يكون مندثرا بفعل الموازين المختلّة وأنماط التقييم المعيبة، التي لا تستند إلى أسس صحيحة، وإنما ترتكز على الأهواء والأيديولوجيات والأجندات. الزوبعة كشفت ثقافتنا العربية التي انحدرت، في عدم تقبّل فكرة النسبية في المواقف، والإلزام بحتميات الكراهية المحضة لكل ما يأتي ممن نعارضه.
الخائضون في هذا الشأن يبررون هجومهم بأن المبادئ لا تتجزأ، وبناء عليه ينبغي على المعارض أن ينبذ كل ما يأتي، أو يصدر عن النظام الذي يعارضه، لكن هذا وهم كبير، فالمبادئ تختلف عن المواقف، الأولى تتسم بالثبات، والثانية متغيرة، تحقيق العدالة مبدأ، وكيفية تحقيقها، أو التعبير عنها مواقف قد تختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر، وعلى المنصف أن يعترف ويقر بالمواقف الإيجابية للمخالف، بصرف النظر عن موقفه النفسي منه.
هذا هو نهج القرآن في التعامل مع المخالف، حيث شهد لبعض اليهود بأداء الأمانة رغم أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالرسالة المحمدية، ومع ذلك أنصفهم وشهد لمحسنهم بالإحسان،
وهو مبدأ العقلاء في التعامل مع مخالفيهم، كما أنه يعبر عن ثقة عالية بالنفس لا تتزعزع بمدح المخالف، وتأييده في ما أحسن فيه. الإعلامي المصري أصّل لفكرة إعلاء مصالح الوطن العليا ووضْعها فوق الخلافات،
وهذا هو الرأي السديد، وإلا كانت معارضته لنظام بلده مجرد هوى وأطماع ومآرب، لأنه من المفترض أن يعارض رغبة منه في تحقيق مصالح الوطن، فماذا لو جاء النظام الذي يعارضه بما فيه مصلحة الوطن، هل يؤيده ويتوافق معه لمصلحة الوطن؟ أم يُعرِض ويصمت لأنه فقط معارِض؟
ولا يتحدث أحد ها هنا عن النوايا، فأنا أكتب عن موقف وتصريح معلن من الرجل، ولست هنا بصدد الدفاع عنه، بقدر ما أحرص على تناول هذا المبدأ والأصل الغائب الذي أصّلَه. كما لا يتحدث أحد ها هنا عن النظام المصري بأنه كما قال البعض يعارض صفقة التهجير صوريا طمعا في رفع الثمن على حد قولهم، فالنظام أعلن بشكل رسمي رفضه للتهجير، وأنه لن يشارك في هذا الظلم، وهذا يكفي، أما البحث في النوايا والخضوع لنظرية المؤامرة مع كل ما يأتينا من المخالفين، فليس ذلك نهج المنصفين العقلاء.
غياب هذا المبدأ أو هذا الأصل يجعلنا ننبذ كل مراجعة وكل مصارحة وكل تغيير في المواقف، وهي طامة كبرى، تنم عن تردي ثقافتنا في التعامل مع المخالفين، وكأننا نتعامل مع تماثيل جامدة لا تُعدّل من وضعيتها.
لماذا نقابل كل تغيير في المواقف بالهجوم؟ لماذا لا نتقبل فكرة أن التموضع من المخالف يكون حسب المواقف وليس وفقا لكونه مخالفا؟ ولماذا لا نقول للمحسن الذي ننتقده أحسنت ولو أحسن في واحدة طالما أنه قد أحسن فيها بالفعل؟ تقديم مصلحة الوطن المتفق عليها هو الأساس، وهي الأرضية التي يمكن أن يلتقي عليها الجميع المؤيد والمعارض.
أعلم يقينا أن هذه الكلمات لن ترضي الكثيرين ممن يتعاملون مع الأنظمة التي يعارضونها وفقا للعاطفة، وأنا على أتم الاستعداد لتحمل تبعات ما أقول، طالما أن قلمي يكتب وفقا لما أراه من حق.
لكن على المعارض أن يعلم بأنه لو كان قد واتته الشجاعة لأن يقول لنظام بلده أسأت عندما أساء، فإنه يحتاج إلى شجاعة مضاعفة، لكي يقول له أحسنت إذا أحسن، تلك الشجاعة التي تفرضها النظرة إلى المصالح الكلية للوطن، فليعارض متى كانت المعارضة تصب في مصلحة الوطن،
وليصطف خلف النظام متى كانت مصلحة الوطن تقتضي ذلك، ولا يعيبه أن يخالف ويُعارض في مسألة أو مسائل ويتفق ويتوافق في أخرى أو أخريات، تلك هي القاعدة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
عندما يصطف المُعارِض خلف النظام
القدس العربي
https://www.alquds.co.uk/%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b5%d8%b7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8f%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d9%90%d8%b6-%d8%ae%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85/
وليصطف خلف النظام متى كانت مصلحة الوطن تقتضي ذلك، ولا يعيبه أن يخالف ويُعارض في مسألة أو مسائل ويتفق ويتوافق في أخرى أو أخريات، تلك هي القاعدة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
===
إحسان الفقيه
عندما يصطف المُعارِض خلف النظام
القدس العربي
https://www.alquds.co.uk/%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b5%d8%b7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8f%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d9%90%d8%b6-%d8%ae%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85/
القدس العربي
عندما يصطف المُعارِض خلف النظام | إحسان الفقيه
من جديد، عاد الحديث مؤخرا عن صفقة القرن، التي ظننا أنه قد أُغلق الحديث عنها بعد مفاوضات وقف إطلاق النار، التي فرضت فيها المقاومة الفلسطينية شروطها على حكومة نتنياهو. دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الذي تسلم السلطة رسميا منذ أيام للمرة الثانية، أعاد الصفقة إلى…