tgoop.com/fawaid_madi/48
Last Update:
#التفريغ
هذا الكلام الذي سمعناه كاملا من المصنف رحمه الله كلام عظيم، ودستور ومنهج ينبغي أن يسير عليه المسلم في حياته، وألا يحيد عنه، وهو أن يذعن المسلم لله ولرسوله، ولما جاء عن الله وعن رسوله، ولا يدخل الخيالات والمعقولات، وكما قال: لا ينبغي للمسلم أن يتقدم بين يدي الله ورسوله؛ فإن الله تبارك وتعالى نهانا أن نقدم بين يدي الله ورسوله كما في صورة الحجرات، والتقدم بين يدي الله ورسوله هو عدم الرضا بما جاء عن الله وعن رسوله، وفي أخص ما يختص به سبحانه تبارك وتعالى وهو صفاته العليا، فإن هذه الصفات لا يعرف ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى، وكل من حاد عن هذا الطريق فإنه ضال مضل في دعواه، وهذا هو حال كلّ طوائف أهل البدع الذين انحرفوا عن جادة الصواب في تقرير مسائل الاعتقاد، فنبذوا القرآن والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة، واتكؤوا على قوانين اليونان ومعقولاتهم، وقدموا المعقول على المنقول، ونازعوا الله تعالى في وصف نفسه فإن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف، نازعوه وقالوا بلسان حالهم لا بلسان مقالهم: إنك لا تحسن وصف نفسك. ولأجل هذا أولوا هذه الصفات، وقالوا عن صفات الله بغير ما قال الله تبارك وتعالى، فهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى كلام عظيم جدا، فإنه قال: وسبب ضلالهم أي طوائف أهل البدع الذين انحرفوا عن سلوك الجادة وسلوك المنهج القويم في تقرير مسائل الاعتقاد، قال: وسبب ضلالهم أنهم تقدموا بين يدي الله ورسوله، واتهموا الوحيين فيما نطق به، ووزنوهما بعقولهم السخيفة وأذهانهم البعيدة وقوانينهم الفاسدة التي هي ليست من الله في شيء، ولا من علوم الإسلام في ظل ولا فيء، وإنما هي أوضاع مختلفة أدخلها الأعادي على أهل الإسلام لقصد إظهار الفساد ولغرس شجرة الإلحاد المثمرة وتعطيل الباري عز وجل عن صفات كماله وعلوه واعتقاد الحلول والاتحاد.
كلّ هذا يا إخواني سببه ماذا؟ الإعراض عن الوحيين.
وإن تعجب فاعجب بخرجة من ينتسب إلى دعوة السلف، ومجانبة السلف وعلماء السلف في إجازة أو القول بجواز الإنكاري العلني على الحكام! نابذا وراءه تلك الأحاديث الصريحة التي تنهى عن الإعلان بالنكير على الحكام، ذلك لأن صاحب الشريعة محمد صلي الله عليه وسلم أعلمه الله عز وجل بأن النكير على الحكام وأولياء الأمور علنا يؤول إلى الفساد؛ لأجل هذا إذا نظرنا إلى وقائع التاريخ التي ثبتت في كتب السنة، فإننا لا نجد إنكار الصحابة والتابعين لهم بإحسان علنا على الحكام، وإنما يناصحونهم بحضورهم.
ومَن أقوى ما يتمسك به القائلون بجواز الإنكار، وبعضهم يقول بوجوب الإنكار وهم مَن سلك طريق الخوارج، لأن الخوارج ليس لإمام عليهم طاعة، وعندهم ما يزينون به باطلهم، ويلبسونه لبوس الحق وهو ادعاؤهم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبقولهم بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجبون الإنكار على الحكام في غَيبتهم وليس في حضورهم، ومتمسكهم في ذلك قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لمروان بن الحكم وإنكاره عليه البداءة بالخطبة قبل الصلاة في يوم عيد، والذي يقرأ طرق حديث أبي سعيد يجد أن الإمام مالك رحمه الله تعالى في الموطأ ذكر اللفظ الذي أورده وهو أن أبا سعيد الخدري خرج مع مروان في يوم عيد، خرج معه في يوم عيد، (خرج معه) أي رافقه إلى المصلى، وكان مروان أميرا على المدينة، و لما وصل مروان وأبو سعيد إلى المصلى وجد أبو سعيد منبرا بني ليعتليه مروان بن الحكم، وكان عند أبي سعيد معلوم أنه لا ينبغي إخراج المنبر يوم العيد إلى المصلى. نعم لو كان في المسجد يعتليه الإمام لأن المنبر من خصائص المسجد؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينبه الأمة على أمر في غير عيد ولا جمعة اعتلى المنبر وقال ما بال أقوام؟
لكن في يوم عيد وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى المصلى ويصلي العيد، والمصلى هو الجبّانة التي نسميها نحن الجبانة وهو المكان الخالي فيصلي العيد خارج المسجد، وكان لا يخرج المنبر وكان يقف على لبنات صلى الله عليه وسلم، فأنكر ابو سعيد هذا أولا، ثم لما مرأى مروان متجها مباشرة الى المنبر وكان معه جبذه من ردائه، فقال له هكذا: الصلاة قبل الخطبة. وهذا كان بينه وبينه ولم يكن بصراخ ولا تشهير، وإنما كان بين أبي سعيد ومروان، فاعتذر مروان بعذر تشير الرواية أنه غير مقبول عند أبي سعيد، وهو أن مروان ذكر بأن الناس لو صلى وترك الخطبة بعد الصلاة انصرف الناس، وليس له أن يلزمهم، لماذا؟ لأنه كان يعلم أن النبي صلي وسلم كان إذا صلى العيد و اعتلى المنبر كان يقول "إنا سنخطب فمن شاء فليجلس ومن شاء انصرف" و لأجل ما كانت تحوم من أمور سياسية في ذلك الوقت ظن مروان الناس سينصرفون، وهكذا فعل عبد الله بن مسعود أيضا في بيان السنة أمام عثمان، وبحضور أصحابه، ولم يعلم عن السلف أو الصحابة والتابعين لهم بإحسان وعلماء السلف أنهم كانوا يتكلمون وينكرون على الحكام من على المنابر أو غيرها في غيابهم والتشهير بذلك؛ لما يعلمونه من أن التحكم
BY فوائد الشيخ عبد الخالق ماضي
Share with your friend now:
tgoop.com/fawaid_madi/48