tgoop.com/fekaha/4847
Last Update:
أو مسلمًا، يعني، فقال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يُكب في النار على وجهه).
•متفق عليه.
فنبهه النبي ﷺ بقوله، أو مسلما، إلى الحكم له برتبة الإسلام التي يحكم بها لكل من صلح ظاهره، ولا يحكم له بالإيمان، لأنه مبني على معرفة ما في باطن العبد.
إذ هو راجع إلى صلاح الباطن الذي به كمال صلاح الظاهر، وهذا شيء لا يطلع عليه الناس.
_ والله تعالى يقول :
{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: ٣٢].
والتزكية من العباد لأنفسهم المنهي عنها في الآية، هي إخبارهم عن أنفسهم بكونها زاكية، واعتقاد ذلك، بل المرجع في ذلك إلى الله -عز وجل- العالم بحقائق الأمور، وخفايا الصدور.
_ ولهذا قال -سبحانه-:
{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.
_ كما قال تعالى:
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٤٩].
ثم إن الإيمان إذا دخل في القلب، وتمكن فيه، حجز صاحبه عن المعاصي، ومنعه من الذنوب.
_ ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث المتقدم:
(يامعشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم).
ففيه تنبيه على أن غيبة المسلمين، والتجسس عليهم، وتتبع عوراتهم، ومساوئهم، أمارة على نقص الإيمان القلبي وضعفه، لأنه لو كان قويًّا لحجز عن هذه الفعال.
_ عن أبي جعفر محمد بن علي -رحمهم الله- أنه سئل عن قول النبي ﷺ:
(لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن فقال أبو جعفر: هذا الإسلام ودَوَّرَ دارة واسعة، وهذا الإيمان ودَوَّرَ دارة صغيرة في وسط الكبيرة، فإذا زنى أو سرق خرج من الإيمان إلى الإسلام، ولا يُخرجه من الإسلام إلا الكفر بالله).
•انتهى كلامه.
فالإيمان القلبي الصادق أعظم حاجز للعبد، وأقوى رادع له، يكفه عن الذنوب ويحجزه عن الوقوع في المعاصي.
ولهذا فحاجة العبد ماسة وضرورته ملحة إلى تعلم أصول الإيمان، والعناية بها، واتخاذ الأسباب الميسرة لوصولها إلى قلبه.
وأن يجاهد نفسه في تعلم حقائق الإيمان الباطنة، مما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وما يتعلق بملائكته وأنبيائه ورسله وقدره، وغير ذلك من أصول الإيمان وبذل الجهد في اتخاذ الأسباب الجالبة لذلك.
_ قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-:
(والله تعالى قد جعل لكل مطلوب سببًا وطريقا يوصل إليه، والإيمان أعظم المطالب وأهمها وأعمها).
وقد جعل الله تعالى له مواد كبيرة تجلبه وتقويه، كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه.
ومواده التي تجلبه وتقويه أمران:
١- مجمل
٢- ومفصل.
١- أما المجمل:
فهو التدبر لآيات الله المتلوة من الكتاب والسنة، والتأمل لآياته الكونية على اختلاف أنواعها، والحرص على معرفة الحق الذي خلق له العبد، والعمل بالحق، فجميع الأسباب مرجعها إلى هذا الأصل العظيم.
٢- وأما التفصيل:
فالإيمان يحصل، ويقوى بأمور كثيرة، منها بل أعظمها:
١)- معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة.
٢)- والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله فيها.
_ فقد ثبت في الصحيحين عنه ﷺ أنه قال:
(إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة).
-أي: من حفظها، وفهم معانيها، واعتقدها، وتعبد لله بها دخل الجنة.
والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون.
•فعُلم أن ذلك أعظم ينبوع، ومادة لحصول الإيمان وقوته وثباته.
ومعرفة الأسماء الحسنى هي أصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها،
ومنها:
٣)- تدبر القرآن على وجه العموم:
فإن المتدبر لا يزال يستفيد من علوم القرآن ومعارفه ما يزداد به إيمانًا.
_ كما قال تعالى:
{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [سُورَةُ الأَنفَالِ: ٢].
وكذلك إذا نظر إلى انتظامه وإحكامه، وأنه يصدق بعضه بعضًا، ويوافق بعضه بعضًا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف، تيقن أنه:
{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: ٤٢].
وأنه لو كان من عند غير الله لَوُجِد فيه من التناقض والاختلاف أمور كبيرة.
_ قال تعالى:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٨٢].
وهذا من أعظم مقويات الإيمان.
فالتدبر للقرآن من أعظم الطرق والوسائل الجالبة للإيمان والمقوية له.
_ قال تعالى:
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سُورَةُ صٓ: ٢٩].
فاستخراج بركة القرآن التي من أهمها حصول الإيمان سبيله وطريقه تدبر آياته وتأملها.
_ وكذلك معرفة أحاديث النبي ﷺ وما تدعو إليه من علوم الإيمان وأعماله، كلها من محصلات الإيمان ومقوياته.
فكلما ازداد العبد معرفة بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ازداد إيمانه ويقينه.
BY شرح كتاب أحاديث إصلاح القلوب
Share with your friend now:
tgoop.com/fekaha/4847