tgoop.com/fjguj/39520
Last Update:
العالم المزيف! مع كَثرة برامج التّواصل الاجتماعيّ، قلَّت العلاقات بين الآخرين، فنجد هواتفنا ترافقنا ذهاباً وإياباً، تأخذ منّا أجمل اللّحظات وأدق التّفاصيل، فمثلاً:
- تذهب إلى صَديقٍ لتتكلّم معه، وتعطيهِ من اهتمامك، وفجأة! تراه أخرج هاتفه وتصفّحه، وربَّما ضحك له وأنت بجانبه تتكلّم، وكأنّك تُحدِّث الجدار لا إنسان، يعطيك جَسده ولكنّ روحه وعقله على تلك الشّاشة الزائفة.
- يذهب لزيارة أمّه، يسلِّم عليها ويجلس، ثمّ يغفل عنها وهو يتصفّح تلك الرّسائل الّتي وصلته، تتكلّم الأمّ وهو منكبٌّ على هاتفه، بكلّ اهتمام في مقالب ومقاطع سخيفة، ثمّ يخرج ليردّ على هذا وذاك، وتركها وحيدة، وكأنّهُ كفَّر عن ذنبه بكلمة أو كلمتين، الّذي بدأ به أول الأمر!
- تدخل البيت لتَجد زوجةً ممسكةً الهاتف، تَستقبلك بالسَّلام البارد، وكأنّك تُحضرها إلى المدرسة، وتأخذ الحضور والغياب، وتبرّر تقصيرها بكلمة أو كلمتين، ثمّ تُكبُّ رأسها مجدّداً على تلك الشّاشة.
- تجد امرأة تتزيّن بأجمل التّسريحات، وتعطي اهتماماً لزوجها، الّذي تعتقد أنّه سيراها وسيُسعد برؤيتها، ولكنّهُ يتركها ويولّى مدبراً، يَلهثُ خلف شاشة حقيرة، وأمامه امرأة تزيّنت وتجمّلت له، فبقى معها جسديّاً فقط وروحيّاً ركض خلف الوهم، والاستوري، والجروبات، وترك حبيبة وهبت نفسها له بالحلال!
- تخرجُ مع والدها لنزهة عائليّة، فتترك كلّ الحوارات، والشّمل، والودّ، والدّفء، وتلتقط صورة من بعيد لهذا التّجمع، وتضعها على سنابها، وتجلس تنتظر مراقبةً كميّة التّفاعل وعدد اللايكات!
لماذا لم نعدْ نُعطي كلّ ذي حقّ حقّه؟
أيّ شيء تريده لا بُدَّ أن تراه وتفهمه، اجلس مع من تريد بحضورك وشعورك، احضن أسرتك وأنت بعيد عن هاتفك، العلاقات ليست بحضورك، وإنّما بشعورك.
في كتاب مسند الإمام أحمد بن حنبل، يروي الصّحابيّ ابن عباس: أنّ النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلِّم اتخذ خاتماً، فلبسه، ثمّ قال: "شغلني هذا عنكم منذُ اليوم، إليه نظرة، وإليكم نظرة"، ثمّ رمى به.
لاحظه الصّحابة، انتبهوا وسألوه، فقال: أشغلني عنكم.
أشغلني عنكم! يا لذكائه، فداه نفسي، يتخلّى عن خاتم لأجل أصحابه! متى نوقف هواتفنا؟ متى سنلتفتُ لأمورنا جيّداً بعيداً عن هذا الصّنم؟
كلّ شيء يمكن تداركه إلّا الحضور، من فاته أضاع حقّه وحقوقه.
#حياتنا_وحياتهم
#عائشة_العوا
BY *✍️إنتقﺂءآت رﺂقېة♥️*
Share with your friend now:
tgoop.com/fjguj/39520