حلقة غريبة وعجيبة لعبد الله الشريف، لا علاقة لها بمبادئ العقل والمنطق.
بدأت الحلقة بمقدمة مليئة بتلميع شديد لإيران، ليس فقط لموقفها الحالي من ضرب إسرائيل، وإنما تلميع عام للفكر الرافضي، وكأن الأمر ليس مجرد موقف سياسي، بل عقائدي أيضًا.
ومع أن ضرب إيران لإسرائيل في هذه المرحلة لا يأتي دفاعًا عن المقاومة، بل دفاعًا عن نفسها ومصالحها، فإن التلميع الذي قدمه عبد الله الشريف تجاوز الحد، وصار وكأنه تمجيد شامل للفكر الشيعي الرافضي، وكأنها الفرقة الناجية!
الأدهى من ذلك، أنه أوحى في كلامه أن الله قد "استبدلهم بنا"، لا في ميدان الجهاد فقط، بل استبدالًا مطلقًا، وكأنهم أصبحوا هم أهل الإيمان السليم الصحيح!
بل إنه في نفس الحلقة قال ما معناه إن المشايخ ضحكوا علينا حين أخبرونا أن عقائد إيران فاسدة، وأنهم ليسوا من أهل الحق، بل صوّر عقائدهم وكأنها "نقية جدًا جدًا"!
الحلقة ضعيفة جدًا من حيث الاستدلال والبناء. ويبدو أن دافعها الأساسي هو الغضب والنقمة من ضعف المسلمين، ومحاولة تفريغ هذا الغضب في صورة فرح بما تفعله إيران في إسرائيل، حتى لو تعارض ذلك مع المنطق أو التماسك الفكري، بل حتى مع الغلو والإفراط القبيح!
العجيب أن عبدالله نفسه يقر في نفس الحلقة بأن إيران دولة فاجرة وطاغية، ارتكبت الفظائع في سوريا، وساندت بشار الأسد، وسفكت الدماء، وارتكبت أفعالًا إجرامية يندى لها الجبين.. بل ووصفها بالشرك!
فكيف يجتمع هذا كله مع فرحة غامرة وتقديم لإيران وكأنها البديل الرباني للمؤمنين المتخاذلين؟
وما علاقة الفرح بضرب إسرائيل بهذا التقديم العقدي الخطير الذي بدأ به الحلقة؟
هل يكفي أن تضرب إيران إسرائيل -لأسبابها الخاصة- لننسى كل جرائمها، ونصفها بما يوحي بأنها أصبحت في مكانة "الفرقة الناجية"، وأن الله استبدلها بنا؟
وإذا كان الأمر كذلك، فهل لو دخل السيسي في مناوشة مع إسرائيل وضربها ردًا على عدوان، هل سنعتبره هو الآخر مجاهدًا في سبيل الله؟
وهل سيكون المشايخ قد "ضحكوا علينا" حين وصفوه بالطاغية؟
وهل نعتبره حينها ممن استبدلهم الله بالمجاهدين؟!
الحقيقة أن هذه الحلقة تبدو كأنها كُتبت ولم تُراجع،
لم تُقرأ مرة أخرى قبل نشرها، لأن التناقضات التي بُنيت عليها واضحة جدًا، والضعف الذي يملؤها لا يمكن تجاهله، بل وأظن أن عبد الله لو تأملها لربما تراجع عن بعض ما فيها من مبالغات!
بدأت الحلقة بمقدمة مليئة بتلميع شديد لإيران، ليس فقط لموقفها الحالي من ضرب إسرائيل، وإنما تلميع عام للفكر الرافضي، وكأن الأمر ليس مجرد موقف سياسي، بل عقائدي أيضًا.
ومع أن ضرب إيران لإسرائيل في هذه المرحلة لا يأتي دفاعًا عن المقاومة، بل دفاعًا عن نفسها ومصالحها، فإن التلميع الذي قدمه عبد الله الشريف تجاوز الحد، وصار وكأنه تمجيد شامل للفكر الشيعي الرافضي، وكأنها الفرقة الناجية!
الأدهى من ذلك، أنه أوحى في كلامه أن الله قد "استبدلهم بنا"، لا في ميدان الجهاد فقط، بل استبدالًا مطلقًا، وكأنهم أصبحوا هم أهل الإيمان السليم الصحيح!
بل إنه في نفس الحلقة قال ما معناه إن المشايخ ضحكوا علينا حين أخبرونا أن عقائد إيران فاسدة، وأنهم ليسوا من أهل الحق، بل صوّر عقائدهم وكأنها "نقية جدًا جدًا"!
الحلقة ضعيفة جدًا من حيث الاستدلال والبناء. ويبدو أن دافعها الأساسي هو الغضب والنقمة من ضعف المسلمين، ومحاولة تفريغ هذا الغضب في صورة فرح بما تفعله إيران في إسرائيل، حتى لو تعارض ذلك مع المنطق أو التماسك الفكري، بل حتى مع الغلو والإفراط القبيح!
العجيب أن عبدالله نفسه يقر في نفس الحلقة بأن إيران دولة فاجرة وطاغية، ارتكبت الفظائع في سوريا، وساندت بشار الأسد، وسفكت الدماء، وارتكبت أفعالًا إجرامية يندى لها الجبين.. بل ووصفها بالشرك!
فكيف يجتمع هذا كله مع فرحة غامرة وتقديم لإيران وكأنها البديل الرباني للمؤمنين المتخاذلين؟
وما علاقة الفرح بضرب إسرائيل بهذا التقديم العقدي الخطير الذي بدأ به الحلقة؟
هل يكفي أن تضرب إيران إسرائيل -لأسبابها الخاصة- لننسى كل جرائمها، ونصفها بما يوحي بأنها أصبحت في مكانة "الفرقة الناجية"، وأن الله استبدلها بنا؟
وإذا كان الأمر كذلك، فهل لو دخل السيسي في مناوشة مع إسرائيل وضربها ردًا على عدوان، هل سنعتبره هو الآخر مجاهدًا في سبيل الله؟
وهل سيكون المشايخ قد "ضحكوا علينا" حين وصفوه بالطاغية؟
وهل نعتبره حينها ممن استبدلهم الله بالمجاهدين؟!
الحقيقة أن هذه الحلقة تبدو كأنها كُتبت ولم تُراجع،
لم تُقرأ مرة أخرى قبل نشرها، لأن التناقضات التي بُنيت عليها واضحة جدًا، والضعف الذي يملؤها لا يمكن تجاهله، بل وأظن أن عبد الله لو تأملها لربما تراجع عن بعض ما فيها من مبالغات!
الدولة: غاية أم وسيلة؟
من الأخطاء الكبرى في واقعنا العربي، أن يتم التعامل مع "الدولة" على أنها غاية في ذاتها، تعبد من دون الله، وتقدس كأنها كيان مطلق لا يسأل عما يفعل، ولا يحاسب على ما ينتج.
بينما الحقيقة، سواء في الفكر الديني أو في الفكر اللا ديني (بمختلف أطيافه)، أن الدولة ليست غاية، بل وسيلة.
في الفكر الديني الإسلامي، الدولة ليست هدفا نهائيا، بل وسيلة لتحقيق إرادة الله في الأرض: إقامة العدل، حفظ الدين، صيانة الحرمات، وتحقيق الكرامة الإنسانية وفق منهج الوحي.
أما في الفكر الغربي الحديث، فالدولة -كما هي عند فلاسفة العقد الاجتماعي والليبرالية- هي وسيلة لضمان الحقوق الفردية، وعلى رأسها الحرية: حرية الفرد في ممارسة ما يريد، ما دام لا يعتدي على غيره.
لكن حين تصبح الدولة غاية في ذاتها، فإننا نكون بإزاء نظام شمولي أو استبدادي أو مركزي متوحش، لا يسعى لتحقيق أهداف عليا أو قيم سامية، بل يعمل على إحكام السيطرة على المواطن وتحويله إلى تابع مطيع، لا يحق له التفكير خارج "إطار الدولة"، ولا الاعتراض على قراراتها، ولا حتى السؤال عن شرعيتها الأخلاقية.
والمشكلة الأعمق تظهر حين يتحول المواطن نفسه إلى مدافع عن الدولة لمجرد كونها "دولة"، بصرف النظر عن عدلها أو ظلمها، نجاحها أو فشلها، إخلاصها أو خيانتها. يدافع عنها وهي تسحقه، وتفقره، وتهين كرامته، فقط لأنها "دولته"!
وهذا السلوك ليس فطرة طبيعية، بل نتيجة برمجة ثقافية طويلة الأمد، قادتها أدوات الإعلام، والتعليم، والمناهج، والرموز الرسمية، لإقناع المواطن بأن بقاء الدولة بذاتها هو بقاء الوطن، وأن معارضة الدولة تعني خيانة، وأن السؤال جريمة.
بينما الأصل أن الدولة تقاس بمدى تحقيقها للأهداف والغايات التي نشأت من أجلها، سواء كانت دينية المرجعية أو علمانية ليبرالية أم غير ذلك!
إن لم تفعل، فالدولة عندئذ لم تعد "وسيلة" لخدمة المجتمع، بل تحولت إلى "صنم" يقدس بلا مبرر.
ما نشهده اليوم في أغلب بلداننا العربية هو التطبيق الحي لفكرة "تأليه الدولة" وتحويلها من وسيلة إلى غاية بحد ذاتها.
ففي هذه الأنظمة، لم تعد الدولة جهازا إداريا يخدم الشعب، بل أصبحت "صنما سياسيا" يطلب من المواطن أن يقدسه، ويحميه، ويموت دفاعا عنه، حتى لو كان هو الضحية الأولى لظلمه.
ترى المواطن يستنزف اقتصاديا، وتهدر كرامته، وتصادر حرياته، ومع ذلك يدافع عن "الدولة" بمنطق غريب: أنها "الركيزة الوحيدة للاستقرار"، أو "القدر الذي لا يرد".
والأخطر من هذا كله أن يربى الناس على أن بقاء الدولة أهم من بقاء العدالة، وأن أمن النظام أهم من أمن الإنسان، وأن التشكيك في الدولة خيانة ولو كانت فاسدة مستبدة.
وهذا تماما ما يفسر لماذا تنشأ أجيال عاجزة عن المساءلة، مفزوعة من النقد، تقف دائما في صف السلطة حتى ضد مصالحها، لأنها ببساطة تشبعت بفكرة أن الدولة غاية في ذاتها، لا يسأل من يقودها، ولا يحاسب من يعبث بها!
إن العودة إلى الأصل -إلى مفهوم الدولة كوسيلة- هو الخطوة الأولى نحو أي إصلاح حقيقي.
فحين يدرك الناس أن الدولة أداة لخدمتهم، لا سيد عليهم، تتغير المعادلات، وتنشأ دينامية جديدة قائمة على المحاسبة لا التقديس.
من الأخطاء الكبرى في واقعنا العربي، أن يتم التعامل مع "الدولة" على أنها غاية في ذاتها، تعبد من دون الله، وتقدس كأنها كيان مطلق لا يسأل عما يفعل، ولا يحاسب على ما ينتج.
بينما الحقيقة، سواء في الفكر الديني أو في الفكر اللا ديني (بمختلف أطيافه)، أن الدولة ليست غاية، بل وسيلة.
في الفكر الديني الإسلامي، الدولة ليست هدفا نهائيا، بل وسيلة لتحقيق إرادة الله في الأرض: إقامة العدل، حفظ الدين، صيانة الحرمات، وتحقيق الكرامة الإنسانية وفق منهج الوحي.
أما في الفكر الغربي الحديث، فالدولة -كما هي عند فلاسفة العقد الاجتماعي والليبرالية- هي وسيلة لضمان الحقوق الفردية، وعلى رأسها الحرية: حرية الفرد في ممارسة ما يريد، ما دام لا يعتدي على غيره.
لكن حين تصبح الدولة غاية في ذاتها، فإننا نكون بإزاء نظام شمولي أو استبدادي أو مركزي متوحش، لا يسعى لتحقيق أهداف عليا أو قيم سامية، بل يعمل على إحكام السيطرة على المواطن وتحويله إلى تابع مطيع، لا يحق له التفكير خارج "إطار الدولة"، ولا الاعتراض على قراراتها، ولا حتى السؤال عن شرعيتها الأخلاقية.
والمشكلة الأعمق تظهر حين يتحول المواطن نفسه إلى مدافع عن الدولة لمجرد كونها "دولة"، بصرف النظر عن عدلها أو ظلمها، نجاحها أو فشلها، إخلاصها أو خيانتها. يدافع عنها وهي تسحقه، وتفقره، وتهين كرامته، فقط لأنها "دولته"!
وهذا السلوك ليس فطرة طبيعية، بل نتيجة برمجة ثقافية طويلة الأمد، قادتها أدوات الإعلام، والتعليم، والمناهج، والرموز الرسمية، لإقناع المواطن بأن بقاء الدولة بذاتها هو بقاء الوطن، وأن معارضة الدولة تعني خيانة، وأن السؤال جريمة.
بينما الأصل أن الدولة تقاس بمدى تحقيقها للأهداف والغايات التي نشأت من أجلها، سواء كانت دينية المرجعية أو علمانية ليبرالية أم غير ذلك!
إن لم تفعل، فالدولة عندئذ لم تعد "وسيلة" لخدمة المجتمع، بل تحولت إلى "صنم" يقدس بلا مبرر.
ما نشهده اليوم في أغلب بلداننا العربية هو التطبيق الحي لفكرة "تأليه الدولة" وتحويلها من وسيلة إلى غاية بحد ذاتها.
ففي هذه الأنظمة، لم تعد الدولة جهازا إداريا يخدم الشعب، بل أصبحت "صنما سياسيا" يطلب من المواطن أن يقدسه، ويحميه، ويموت دفاعا عنه، حتى لو كان هو الضحية الأولى لظلمه.
ترى المواطن يستنزف اقتصاديا، وتهدر كرامته، وتصادر حرياته، ومع ذلك يدافع عن "الدولة" بمنطق غريب: أنها "الركيزة الوحيدة للاستقرار"، أو "القدر الذي لا يرد".
والأخطر من هذا كله أن يربى الناس على أن بقاء الدولة أهم من بقاء العدالة، وأن أمن النظام أهم من أمن الإنسان، وأن التشكيك في الدولة خيانة ولو كانت فاسدة مستبدة.
وهذا تماما ما يفسر لماذا تنشأ أجيال عاجزة عن المساءلة، مفزوعة من النقد، تقف دائما في صف السلطة حتى ضد مصالحها، لأنها ببساطة تشبعت بفكرة أن الدولة غاية في ذاتها، لا يسأل من يقودها، ولا يحاسب من يعبث بها!
إن العودة إلى الأصل -إلى مفهوم الدولة كوسيلة- هو الخطوة الأولى نحو أي إصلاح حقيقي.
فحين يدرك الناس أن الدولة أداة لخدمتهم، لا سيد عليهم، تتغير المعادلات، وتنشأ دينامية جديدة قائمة على المحاسبة لا التقديس.
ليست كل الأفكار صالحة للاستيراد!
المفاهيم السياسية والاجتماعية لا تُنقل نقلًا آليًا بين المجتمعات، بل يجب أن تنشأ من داخل البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع نفسه.
فلكل مجتمع خصوصياته: ثقافة، عادات، قيم، تاريخ، وهوية دينية وإثنية.
واستيراد مفاهيم نشأت في بيئة مختلفة، ومحاولة تطبيقها كما هي، قد يُفضي إلى نتائج عكسية.
فما قد يكون سببًا في تطوّر مجتمع ما، قد يكون سببًا في تدهور آخر إذا طُبّق خارج سياقه وبيئته التي أنتجته.
ذلك لأن المفاهيم ليست معادلات صمّاء تُزرع في أي تربة، بل هي كائنات فكرية تنمو من البيئة التي وُلدت فيها، وتذبل إذا اقتُلعت من جذورها.
ولهذا، فإن أي إصلاح سياسي أو اجتماعي حقيقي لا بد أن ينطلق من فهم عميق لواقع المجتمع واحتياجاته وهويته، لا من تقليد أعمى لنماذج غربية قد تبدو ناجحة، لكنها لن تُثمر عندنا.. إلا إذا تم سلخ المجتمع من تكوينه الثقافي والديني، فحينها تثمر الحنظل!
وللأسف، فقد قُطعت خطوات كبيرة في هذا "السلخ"، حتى تغيّرت البنية الثقافية للمجتمعات، وصارت أكثر قابلية لتقبّل الفساد الأخلاقي والاجتماعي.
فما كان غريبًا بالأمس، أصبح اليوم "عاديًا" ومقبولًا…
من قبول الظلم الواقع على الإخوة، إلى الرضى بالمذلة في الأوطان، إلى تقبّل قيم غربية مفسدة تتعلق بالمرأة والعلاقات المجتمعية.
إنه نتاج انفصال طويل عن الهوية…
وحين يُفقد الأصل، يصبح كل دخيل بديلاً مشروعًا!
المفاهيم السياسية والاجتماعية لا تُنقل نقلًا آليًا بين المجتمعات، بل يجب أن تنشأ من داخل البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع نفسه.
فلكل مجتمع خصوصياته: ثقافة، عادات، قيم، تاريخ، وهوية دينية وإثنية.
واستيراد مفاهيم نشأت في بيئة مختلفة، ومحاولة تطبيقها كما هي، قد يُفضي إلى نتائج عكسية.
فما قد يكون سببًا في تطوّر مجتمع ما، قد يكون سببًا في تدهور آخر إذا طُبّق خارج سياقه وبيئته التي أنتجته.
ذلك لأن المفاهيم ليست معادلات صمّاء تُزرع في أي تربة، بل هي كائنات فكرية تنمو من البيئة التي وُلدت فيها، وتذبل إذا اقتُلعت من جذورها.
ولهذا، فإن أي إصلاح سياسي أو اجتماعي حقيقي لا بد أن ينطلق من فهم عميق لواقع المجتمع واحتياجاته وهويته، لا من تقليد أعمى لنماذج غربية قد تبدو ناجحة، لكنها لن تُثمر عندنا.. إلا إذا تم سلخ المجتمع من تكوينه الثقافي والديني، فحينها تثمر الحنظل!
وللأسف، فقد قُطعت خطوات كبيرة في هذا "السلخ"، حتى تغيّرت البنية الثقافية للمجتمعات، وصارت أكثر قابلية لتقبّل الفساد الأخلاقي والاجتماعي.
فما كان غريبًا بالأمس، أصبح اليوم "عاديًا" ومقبولًا…
من قبول الظلم الواقع على الإخوة، إلى الرضى بالمذلة في الأوطان، إلى تقبّل قيم غربية مفسدة تتعلق بالمرأة والعلاقات المجتمعية.
إنه نتاج انفصال طويل عن الهوية…
وحين يُفقد الأصل، يصبح كل دخيل بديلاً مشروعًا!
مؤسسات الدولة تدّعي الانجاز والتقدّم، ولصوص الدولة يدّعون الوطنية والشرف.. واهي ماشية.
الاستهلاك في مجتمعاتنا الحديثة: من معيار مادي إلى مقياس للإنسان نفسه!
الاستهلاك بطبيعته كان -ولا يزال- معيارًا لقيمة الإنسان المادية في المجتمع، أي موقعه الاقتصادي ومكانته الطبقية من حيث الغنى أو الفقر.
لكن ما حدث في مجتمعاتنا الرأسمالية الحديثة أن الاستهلاك لم يَعُد مجرد محدِّد للثروة أو المركز الاجتماعي، بل تحوّل إلى معيار لتقييم الإنسان ذاته!
فصار يُنظر إلى الشخص الغني بوصفه "ناجحًا"، ويُسقَط عليه تلقائيًا صفات أخرى مثل الذكاء، والطموح، والجدارة، والاحترام ــ فقط لأنه يستهلك أكثر، ويرتدي أغلى، ويظهر بمظهر من ينتمي إلى "الطبقة الأعلى".
وهكذا، لم يعد الاستهلاك مجرّد أداة قياس مادية، بل أصبح ميزانًا وجوديًا يحكم على الناس:
من يملك فهو ناجح، ومن لا يملك فهو فاشل ــ في نظر المجتمع!
وهذا الانزلاق الخطير جعلنا نختزل الإنسان في قدرته على الشراء، ونقيس القيمة بالشكل لا بالمضمون، وبالعلامة التجارية لا بالعقل أو الأخلاق أو الرسالة.
بل إن هذا الانزلاق جعل سعادة الإنسان مرهونة بالمادة!
فمن لا يملك، يشعر أنه بلا قيمة -بسبب الضغط النفسي الشديد الناتج من نظرة المجتمع له على أنه فاشل-، وحين يشعر أنه بلا قيمة؛ تغمره التعاسة.
أما من يملك، فيعيش شعورًا زائفًا بالقيمة، ناتج عن نظرة المجتمع الرافعة المُعظِّمة، لا عن حقيقة ذاتية أو أخلاقية.
لقد تحول الاستهلاك من مجرّد سلوك اقتصادي إلى نظام رمزي وثقافي، يُصنّف الناس، ويمنحهم شعورًا بالعظمة والسعادة، أو العجز والتعاسة، لا على أساس من الحقيقة، بل على أساس ما يرتدونه، وما يمتلكونه، وما يُظهرونه على الشاشات.
الاستهلاك بطبيعته كان -ولا يزال- معيارًا لقيمة الإنسان المادية في المجتمع، أي موقعه الاقتصادي ومكانته الطبقية من حيث الغنى أو الفقر.
لكن ما حدث في مجتمعاتنا الرأسمالية الحديثة أن الاستهلاك لم يَعُد مجرد محدِّد للثروة أو المركز الاجتماعي، بل تحوّل إلى معيار لتقييم الإنسان ذاته!
فصار يُنظر إلى الشخص الغني بوصفه "ناجحًا"، ويُسقَط عليه تلقائيًا صفات أخرى مثل الذكاء، والطموح، والجدارة، والاحترام ــ فقط لأنه يستهلك أكثر، ويرتدي أغلى، ويظهر بمظهر من ينتمي إلى "الطبقة الأعلى".
وهكذا، لم يعد الاستهلاك مجرّد أداة قياس مادية، بل أصبح ميزانًا وجوديًا يحكم على الناس:
من يملك فهو ناجح، ومن لا يملك فهو فاشل ــ في نظر المجتمع!
وهذا الانزلاق الخطير جعلنا نختزل الإنسان في قدرته على الشراء، ونقيس القيمة بالشكل لا بالمضمون، وبالعلامة التجارية لا بالعقل أو الأخلاق أو الرسالة.
بل إن هذا الانزلاق جعل سعادة الإنسان مرهونة بالمادة!
فمن لا يملك، يشعر أنه بلا قيمة -بسبب الضغط النفسي الشديد الناتج من نظرة المجتمع له على أنه فاشل-، وحين يشعر أنه بلا قيمة؛ تغمره التعاسة.
أما من يملك، فيعيش شعورًا زائفًا بالقيمة، ناتج عن نظرة المجتمع الرافعة المُعظِّمة، لا عن حقيقة ذاتية أو أخلاقية.
لقد تحول الاستهلاك من مجرّد سلوك اقتصادي إلى نظام رمزي وثقافي، يُصنّف الناس، ويمنحهم شعورًا بالعظمة والسعادة، أو العجز والتعاسة، لا على أساس من الحقيقة، بل على أساس ما يرتدونه، وما يمتلكونه، وما يُظهرونه على الشاشات.
أظن أن الضربة تحظى ببروباغندا أكبر من حجمها الحقيقي.
السيناريوهات القادمة كثيرة، وأسوأها أن تستسلم إيران أو تتراجع بما يشبه الاستسلام، وهو أمر مستبعد.. ردود فعل إيران تصعيدية تجاه أمريكا.
رجائي أن يستمر القصف والتصعيد والتركيز باتجاه إسرائيل، لا أن يُحوَّل كاملا إلى قواعد أمريكا في المنطقة، فتتعدد الجوانب عليهم وتكثر بما لا يحتملون.. ربما يفعلون ما يحفظون به بعض الكرامة، ولكن بما لا يحول الحرب بين أمريكا وإيران.
خاصة بعد ما رأيناه مما يعانيه الكيان القزم.
اللهم هيئ الأمور لما فيه صلاح المسلمين ومصلحتهم.
السيناريوهات القادمة كثيرة، وأسوأها أن تستسلم إيران أو تتراجع بما يشبه الاستسلام، وهو أمر مستبعد.. ردود فعل إيران تصعيدية تجاه أمريكا.
رجائي أن يستمر القصف والتصعيد والتركيز باتجاه إسرائيل، لا أن يُحوَّل كاملا إلى قواعد أمريكا في المنطقة، فتتعدد الجوانب عليهم وتكثر بما لا يحتملون.. ربما يفعلون ما يحفظون به بعض الكرامة، ولكن بما لا يحول الحرب بين أمريكا وإيران.
خاصة بعد ما رأيناه مما يعانيه الكيان القزم.
اللهم هيئ الأمور لما فيه صلاح المسلمين ومصلحتهم.
لا مصطلحات العزّة، ولا شعارات البطولة والتضحية، ستنفعك في طريق النصر، إن كنت تُصرّ على تكرار الأخطاء ذاتها: كأن تغفل موازين القوى، أو تبني حول جماعتك جدران العزلة والاحتكار، تعادي بها الناس، بل وحتى من يشترك معك في نفس المنهج والفكر… ثم تُسمّي ذلك "ابتلاءً" أو "غربة"!
صديق بيكلمني، فبقوله مستبعد إن إيران تضرب قواعد أمريكية في الخليج، ومستبعد تبدأ بيها حتى لو هتضربها، وإنما هتضرب قواعد العراق.
قفلنا المكالمة، دقايق ولقيته بيتصل يقولي ضربوا في قطر والبحرين 😃
التحليل السياسي: ↗️↗️ 🫡
قفلنا المكالمة، دقايق ولقيته بيتصل يقولي ضربوا في قطر والبحرين 😃
التحليل السياسي: ↗️↗️ 🫡
توقّف الحرب -للأسف- كان خيبة أمل بالنسبة لي. كنت أرجو استمرارها لأنها كانت تُخفف الضغط عن إخوتنا في غزة، وتُربك الكيان الصهيوني، وتُضعف من تماسكه العسكري والسياسي. لكن... قدر الله وما شاء فعل.
لا أظن أنه من الدقة أن يُقال إن إسرائيل قد انتصرت، حتى بعد الضربة الأمريكية الأخيرة، لأن المشروع النووي الإيراني لم يُدمَّر، ولم تُستهدف بنيته التحتية بالقدر الكافي لإخراجه من المعادلة. على الأرجح، لا تزال مقوّماته الأساسية قائمة، وما زالت إيران طرفًا فاعلًا.. اللهم إلا ما ستظهره المفاوضات القادمة.
أما الجانب المؤلم في هذا التوقف، فهو أن التهدئة -إن ثبتت- تعني على الأرجح غياب أي اشتباك مباشر أو غير مباشر بين إيران (أو أذرعها) وبين الكيان الصهيوني، وهذا يُفضي إلى نتيجة واحدة:
أن تعود غزة وحدها إلى ميدان المعركة، في مواجهة آلة القتل، بينما الجميع يعودون إلى حساباتهم الخاصة.
ولهذا، كنّا نميل إلى استمرار الحرب، لا حبًا في النظام الإيراني، بل انحيازًا سياسيًا ظرفيًا نحو كل ما من شأنه أن يُضعف إسرائيل، ويُخفف عن أهلنا في غزة، مع احتفاظنا الكامل بعداوتنا العقدية والتاريخية لذلك النظام، وثأرنا منها لأسباب لا ينساها الوعي، ولا تُسقطها اللحظة.
الله المستعان...
لا أظن أنه من الدقة أن يُقال إن إسرائيل قد انتصرت، حتى بعد الضربة الأمريكية الأخيرة، لأن المشروع النووي الإيراني لم يُدمَّر، ولم تُستهدف بنيته التحتية بالقدر الكافي لإخراجه من المعادلة. على الأرجح، لا تزال مقوّماته الأساسية قائمة، وما زالت إيران طرفًا فاعلًا.. اللهم إلا ما ستظهره المفاوضات القادمة.
أما الجانب المؤلم في هذا التوقف، فهو أن التهدئة -إن ثبتت- تعني على الأرجح غياب أي اشتباك مباشر أو غير مباشر بين إيران (أو أذرعها) وبين الكيان الصهيوني، وهذا يُفضي إلى نتيجة واحدة:
أن تعود غزة وحدها إلى ميدان المعركة، في مواجهة آلة القتل، بينما الجميع يعودون إلى حساباتهم الخاصة.
ولهذا، كنّا نميل إلى استمرار الحرب، لا حبًا في النظام الإيراني، بل انحيازًا سياسيًا ظرفيًا نحو كل ما من شأنه أن يُضعف إسرائيل، ويُخفف عن أهلنا في غزة، مع احتفاظنا الكامل بعداوتنا العقدية والتاريخية لذلك النظام، وثأرنا منها لأسباب لا ينساها الوعي، ولا تُسقطها اللحظة.
الله المستعان...
مأزق الدولة الحديثة: غياب المعنى وافتقار الروح
تكمن مشكلة الدولة الحديثة في أنها مجرد كيان وظيفي ماديّ، بلا قيمة معنوية، ولا امتداد روحي، ولا رصيد رمزي يمكن أن يُشكّل صلة وجدانية مع المجتمع في لحظات الضعف أو الفشل.
فالعلاقة بين المجتمع والدولة الحديثة هي علاقة نفعية خالصة، قائمة على تبادل المنافع والمكتسبات.
الدولة تقدّم الخدمات، والمجتمع يمنح الطاعة أو الولاء المؤقت، ما دامت النتائج ملموسة.
لكن، حين تفشل هذه الدولة في أداء وظائفها: من الأمن، إلى الاقتصاد، إلى العدالة…
فلا يوجد ما يربط الناس بها، ولا ما يُسكِّن غضبهم، أو يمدّهم بالصبر، لأنها لا تملك محتوى معنويًا أو روحيًا يشفع لها، أو يُعيد ترميم العلاقة مع المجتمع.
أما في الدولة الإسلامية -التي تقوم على تحكيم شرع الله، وإعزاز دينه، ورفعة مكانته- فالمعادلة مختلفة.
فهذه الدولة تملك رصيدًا روحيًا وقيميًا عميقًا لدى المجتمع، يجعل الناس يتجاوزون أحيانًا بعض التقصير المادي أو الإخفاق الإداري، لأنهم يرون فيها مشروعًا يتصل بالآخرة، لا مجرّد كيان دنيويّ.
وحين تضيق المعايش، يتدخل هذا الرصيد المعنوي لتسكين النفوس، وتثبيت الانتماء، وتبرير الصبر.
ولهذا، لا تعاني الدولة الإسلامية من هشاشة المعنى، كما هو حال الدولة الحديثة التي إن سقطت فيها المنفعة، سقط معها كل مبرر للبقاء.
تكمن مشكلة الدولة الحديثة في أنها مجرد كيان وظيفي ماديّ، بلا قيمة معنوية، ولا امتداد روحي، ولا رصيد رمزي يمكن أن يُشكّل صلة وجدانية مع المجتمع في لحظات الضعف أو الفشل.
فالعلاقة بين المجتمع والدولة الحديثة هي علاقة نفعية خالصة، قائمة على تبادل المنافع والمكتسبات.
الدولة تقدّم الخدمات، والمجتمع يمنح الطاعة أو الولاء المؤقت، ما دامت النتائج ملموسة.
لكن، حين تفشل هذه الدولة في أداء وظائفها: من الأمن، إلى الاقتصاد، إلى العدالة…
فلا يوجد ما يربط الناس بها، ولا ما يُسكِّن غضبهم، أو يمدّهم بالصبر، لأنها لا تملك محتوى معنويًا أو روحيًا يشفع لها، أو يُعيد ترميم العلاقة مع المجتمع.
أما في الدولة الإسلامية -التي تقوم على تحكيم شرع الله، وإعزاز دينه، ورفعة مكانته- فالمعادلة مختلفة.
فهذه الدولة تملك رصيدًا روحيًا وقيميًا عميقًا لدى المجتمع، يجعل الناس يتجاوزون أحيانًا بعض التقصير المادي أو الإخفاق الإداري، لأنهم يرون فيها مشروعًا يتصل بالآخرة، لا مجرّد كيان دنيويّ.
وحين تضيق المعايش، يتدخل هذا الرصيد المعنوي لتسكين النفوس، وتثبيت الانتماء، وتبرير الصبر.
ولهذا، لا تعاني الدولة الإسلامية من هشاشة المعنى، كما هو حال الدولة الحديثة التي إن سقطت فيها المنفعة، سقط معها كل مبرر للبقاء.
النقد وسؤال البديل: إشكالية السياق والمثال
وظيفة النقد في أصلها ليست تقديم البديل، بل بيان الخطأ أو الخلل في فعل أو قول أو موقف معين.
أما تقديم البدائل، فهي خطوة تالية، أو فعل آخر مستقل عن فكرة "النقد" ذاتها.
لكن هذا الفهم غُيّب عند كثير من النقّاد، فتوسّعوا في النقد دون إدراك كافٍ للسياقات المحيطة بالفعل أو القول الذي ينتقدونه، متجاهلين أن الفعل أو القول لا يُفهم إلا في سياقه الزمني والمكاني والتاريخي والظرفي.
لذا أصبح كثيرٌ من النقد المعاصر نقدًا مجرّدًا، يُقيم الأفعال والأقوال وفق نماذج مثالية مجردة لما يجب أن يكون، لا وفق طبيعة الواقع الذي أنتج تلك الأفعال.
ومن هنا جاءت الإشكالية:
حين يُطرح سؤال: "ما البديل؟" كرد على نقد معين، فإنه -من حيث الأصل- سؤال منفصل عن النقد،
لكنّه في بعض الأحيان يصبح سؤالًا مشروعًا ومفيدًا، لأنه يكشف أن النقد المقدَّم مثاليّ غير واقعي، وأن الفعل المنتقَد هو الفعل الوحيد الممكن ضمن الظرف المعين.
بمعنى أدق:
قد يكون الفعل أو القول المنتقد خطأً في سياق مثاليّ، لكنه الصواب الممكن في سياق اضطراريّ أو واقع معقّد.
وفي هذه الحال، سؤال "ما البديل؟" ليس تهربًا من النقد، بل تفكيك لأساسه وبيان لقصوره، لأنه يثبت أن النقد بُني على تجاهل للسياق، وعلى مثال لا يمكن تحقيقه في الواقع القائم.
إذن، وإن كانت وظيفة النقد مستقلة عن تقديم البديل، إلا أن نقدًا لا يراعي السياق، ولا يثبت وجود بديل واقعي، هو نقد ساقط من حيث الموضوع والمنهج.
وظيفة النقد في أصلها ليست تقديم البديل، بل بيان الخطأ أو الخلل في فعل أو قول أو موقف معين.
أما تقديم البدائل، فهي خطوة تالية، أو فعل آخر مستقل عن فكرة "النقد" ذاتها.
لكن هذا الفهم غُيّب عند كثير من النقّاد، فتوسّعوا في النقد دون إدراك كافٍ للسياقات المحيطة بالفعل أو القول الذي ينتقدونه، متجاهلين أن الفعل أو القول لا يُفهم إلا في سياقه الزمني والمكاني والتاريخي والظرفي.
لذا أصبح كثيرٌ من النقد المعاصر نقدًا مجرّدًا، يُقيم الأفعال والأقوال وفق نماذج مثالية مجردة لما يجب أن يكون، لا وفق طبيعة الواقع الذي أنتج تلك الأفعال.
ومن هنا جاءت الإشكالية:
حين يُطرح سؤال: "ما البديل؟" كرد على نقد معين، فإنه -من حيث الأصل- سؤال منفصل عن النقد،
لكنّه في بعض الأحيان يصبح سؤالًا مشروعًا ومفيدًا، لأنه يكشف أن النقد المقدَّم مثاليّ غير واقعي، وأن الفعل المنتقَد هو الفعل الوحيد الممكن ضمن الظرف المعين.
بمعنى أدق:
قد يكون الفعل أو القول المنتقد خطأً في سياق مثاليّ، لكنه الصواب الممكن في سياق اضطراريّ أو واقع معقّد.
وفي هذه الحال، سؤال "ما البديل؟" ليس تهربًا من النقد، بل تفكيك لأساسه وبيان لقصوره، لأنه يثبت أن النقد بُني على تجاهل للسياق، وعلى مثال لا يمكن تحقيقه في الواقع القائم.
إذن، وإن كانت وظيفة النقد مستقلة عن تقديم البديل، إلا أن نقدًا لا يراعي السياق، ولا يثبت وجود بديل واقعي، هو نقد ساقط من حيث الموضوع والمنهج.
«وقد استمر الحال على هذا المنوال آلاف السنين، ولم يكن يخطر ببال رجل دين، وما كان من الممكن أن يخطر بباله الوقوف في وجه سيده الحاكم أو الاختلاف معه أو حتى الانفصال عنه. لقد كانت مهمته الوحيدة هي خدمته وتبجيله، أو إضفاء القداسة على سلطته، حتى انتهى الأمر إلى عبادته أو الخضوع الكامل له.»
وأنا أقرأ هذا النص عن تاريخ الدين -بمفهومه العام- والسلطة، ما جاء في بالي غير المداخلة!
وأنا أقرأ هذا النص عن تاريخ الدين -بمفهومه العام- والسلطة، ما جاء في بالي غير المداخلة!
تغطية صحفية | القناة 13 العبرية عن تحقيق أولي لجيش الاحتلال: مقاتل فلسطيني واحد نفذ كمين خانيونس الذي أدى إلى مقتل 7 جنود، والمقاتل تمكن من إدخال عبوته الناسفة إلى قلب المدرعة «الإسرائيلية»، وانسحب من المنطقة المليئة بالجنود دون أن يلحظه أحد منهم، ولا يزال على قيد الحياة.
«ويمكن القول إن السياسة كانت تعني في التاريخ الإسلامي التوفيق الدائم نظريا وعمليا بين الوازع الداخلي الذي هو الإيمان والوازع الخارجي الذي تمثله الدولة وحقيقتها الكبرى أو مثلها الأعلى تحالف السيف والقلم.
فإذا تخلت القوة عن الإيمان، وهي نزعتها الطبيعية، تحولت إلى سيف غزو محض، أي سلب ونهب وفقدت بالتالي طابعها السياسي المدني، صارت غزوا جاهليا أو قيصريا، وإذا تخلى الإيمان عن السيف، تحول إلى خطاب زهد وورع وانسحاب من العالم وانقطاع للعبادة، وهو نزوع الإيمان والإخلاص الطبيعي، إن السياسة في الممارسة العملية لم تكن ممكنة إذن إلا إذا توفر حد أدنى، مهما كانت الظروف والقطيعة الواقعية في بعض الأحيان، من التوافق بين السلطان والإيمان، وهو ما وفرته فكرة الشريعة وتطبيقها كما سوف نرى، فمن دون ذلك يختفي نصاب السياسة في المجتمع الإسلامي، فإذا غلب وازع الايمان كانت أقرب إلى العدل والالتزام بالأوامر والقيم الدينية، وإذا غلب وازع القهر كانت الدولة طاغوتا، أي أقرب إلى آلة القمع المباشر والطغيان.»
فإذا تخلت القوة عن الإيمان، وهي نزعتها الطبيعية، تحولت إلى سيف غزو محض، أي سلب ونهب وفقدت بالتالي طابعها السياسي المدني، صارت غزوا جاهليا أو قيصريا، وإذا تخلى الإيمان عن السيف، تحول إلى خطاب زهد وورع وانسحاب من العالم وانقطاع للعبادة، وهو نزوع الإيمان والإخلاص الطبيعي، إن السياسة في الممارسة العملية لم تكن ممكنة إذن إلا إذا توفر حد أدنى، مهما كانت الظروف والقطيعة الواقعية في بعض الأحيان، من التوافق بين السلطان والإيمان، وهو ما وفرته فكرة الشريعة وتطبيقها كما سوف نرى، فمن دون ذلك يختفي نصاب السياسة في المجتمع الإسلامي، فإذا غلب وازع الايمان كانت أقرب إلى العدل والالتزام بالأوامر والقيم الدينية، وإذا غلب وازع القهر كانت الدولة طاغوتا، أي أقرب إلى آلة القمع المباشر والطغيان.»
الدولة في الإسلام: من الماهية إلى الانفصال.
لم تُطرح في بداية الإسلام حاجةٌ إلى تأسيسٍ نظري لمفهوم الدولة، ولا ظهر فيها جدل حول مشروعيتها أو ضرورتها. والسبب في ذلك أن الإسلام لم ينشأ كدينٍ روحي أو عقدي منفصل عن واقع الجماعة، بل جاء بوصفه مشروعًا حضاريًا شاملًا، تجسّد منذ اللحظة الأولى في جماعة مؤمنة تشكلت منها أمة، وتحققت بها دولة. لم يكن هناك فصل بين العقيدة والتنظيم، بين الدعوة والسياسة، بين الرسالة والسلطان.
ففكرة الدولة لم تكن في الإسلام إضافة لاحقة لكيان الدين وماهيته، بل جزء من بنيته الأصلية؛ ذلك أن الإسلام دعا إلى إقامة المجتمع على أسس من الإيمان والعمل، من التزكية والتنظيم، من الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الجهاد في سبيل الله ونشر الدين. وكل هذه المهام تستلزم وجود جماعة منظمة محكومة بقوانينها الخاصة، أي دولة. لذا، لم يكن هناك مفهوم "الحكم الإسلامي" مقابل "الحكم غير الإسلامي"، بل كان الإسلام نفسه يتضمن تصوره الخاص عن الاجتماع السياسي.
في عهد النبي ﷺ ثم الخلفاء الراشدين، لم تُستخدم المصطلحات السياسية الشائعة في ذلك العصر، كـ "ملك" أو "أمير" أو "رئيس"، رغم أنها كانت معروفة. النبي ﷺ لم يسمِّ نفسه ملكًا أو رئيسًا أو أميرًا، وإنما هو رسول مكلف بمهمة مع أمته أو المجتمع المؤمن، وأبو بكر الصديق لم يسمَّ ملكًا أو أميرًا، بل "خليفة رسول الله"، وهي تسمية تعكس وحدة الرسالة والدولة، وليست مجرد لقب سياسي. عمر بن الخطاب ومن تبعه ساروا على النهج ذاته، فكانت الدولة امتدادًا للرسالة، لا مؤسسة قائمة بذاتها تحتاج إلى شرعنة وتنظير أو تعريف منفصل.
غير أن هذه الوحدة بين الدين والدولة بدأت تتفكك بعد نهاية الخلافة الراشدة، حيث ظهر الفصل التدريجي بين ما هو ديني وما هو سياسي. نشأت الدولة كجهاز سلطوي قد يحتكم إلى الشرع أو لا، وصار الحكم الإسلامي يُنظر إليه كشرط يُضاف إلى الدولة كي تكتسب شرعيتها، لا كجزء من بنيتها الأصلية. ومن هنا بدأت الحاجة إلى التنظير لفكرة الدولة في الإسلام، وظهر التأويل في هذا المجال.
هذا التحول أدى مع مرور الزمن إلى واقع يتعامل مع الدين والدولة كمجالين منفصلين: أحدهما روحي أو أخلاقي، وهو الدين، والآخر سياسي أو إداري، وهي الدولة. وهو واقع لم يكن له وجود في العهد النبوي ولا في الخلافة الراشدة، حيث كانت مقومات الدولة -كما نعرفها اليوم- قائمة بالفعل ضمن الأمة المؤمنة، بدون أن تُسمى "دولة" أو يُفصل الحديث عنها كمؤسسة مستقلة.
إن العودة إلى لحظة التأسيس الأولى في الإسلام تكشف بجلاء أن الدولة لم تكن كيانًا مضافًا أو منفصلًا عن الدين، بل جزءًا من بنيته الداخلية، وجزءًا لا ينفصل عن الرسالة التي جاء بها. فالإسلام أنشأ أمةً مؤمنةً وجماعةً منظمةً، لا عقيدةً فردية تنتظر سلطة خارجية لتطبيقها.
إن الوعي بهذه الحقيقة يُسقط كثيرًا من الإشكالات المعاصرة حول الدولة التي "لا تحكم بما أنزل الله"، أو الحاكم الذي "يفصل بين الدين والسياسة"، أو ضرورة إقامة "حكم إسلامي" كشرط لإسلامية الدولة. فهذه الإشكالات نفسها لم تكن متصورة في العهد النبوي ولا في الخلافة الراشدة، لأن الدولة آنذاك لم تكن شيئًا خارجيًا يُقاس عليه أو يُضاف إلى الإسلام، بل هي من صلبه، من جوهره، من طبيعته.
ومن هنا، فإن النقاشات المعاصرة التي تتعامل مع الدولة كـ"نموذج خارجي" يجب إدخاله في الإسلام أو فصله عنه، تبدو في جوهرها عبثية، لأنها تفترض أصلًا خاطئًا، وهو أن الإسلام وكيان الدولة شيئان منفصلان. والصحيح أن الدولة في الإسلام ليست أداة إدارية محايدة، بل كيان رسالي، يجسد مقاصد الدين، وينظم حركة الأمة بوصفها جماعة هادية شاهدة على الناس.
إن استعادة هذا التصور الأصيل لا تعني استنساخ التجربة التاريخية بحذافيرها، بل استعادة الوعي بالوظيفة الرسالية للدولة، باعتبارها تعبيرًا عن حقيقة الإسلام، لا مجرد غطاء سياسي له. وهذا هو أساس أي مشروع نهضوي يريد للإسلام أن يعود فاعلًا في التاريخ، لا مجرد تراث محفوظ أو خطاب أخلاقي معزول.
لم تُطرح في بداية الإسلام حاجةٌ إلى تأسيسٍ نظري لمفهوم الدولة، ولا ظهر فيها جدل حول مشروعيتها أو ضرورتها. والسبب في ذلك أن الإسلام لم ينشأ كدينٍ روحي أو عقدي منفصل عن واقع الجماعة، بل جاء بوصفه مشروعًا حضاريًا شاملًا، تجسّد منذ اللحظة الأولى في جماعة مؤمنة تشكلت منها أمة، وتحققت بها دولة. لم يكن هناك فصل بين العقيدة والتنظيم، بين الدعوة والسياسة، بين الرسالة والسلطان.
ففكرة الدولة لم تكن في الإسلام إضافة لاحقة لكيان الدين وماهيته، بل جزء من بنيته الأصلية؛ ذلك أن الإسلام دعا إلى إقامة المجتمع على أسس من الإيمان والعمل، من التزكية والتنظيم، من الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الجهاد في سبيل الله ونشر الدين. وكل هذه المهام تستلزم وجود جماعة منظمة محكومة بقوانينها الخاصة، أي دولة. لذا، لم يكن هناك مفهوم "الحكم الإسلامي" مقابل "الحكم غير الإسلامي"، بل كان الإسلام نفسه يتضمن تصوره الخاص عن الاجتماع السياسي.
في عهد النبي ﷺ ثم الخلفاء الراشدين، لم تُستخدم المصطلحات السياسية الشائعة في ذلك العصر، كـ "ملك" أو "أمير" أو "رئيس"، رغم أنها كانت معروفة. النبي ﷺ لم يسمِّ نفسه ملكًا أو رئيسًا أو أميرًا، وإنما هو رسول مكلف بمهمة مع أمته أو المجتمع المؤمن، وأبو بكر الصديق لم يسمَّ ملكًا أو أميرًا، بل "خليفة رسول الله"، وهي تسمية تعكس وحدة الرسالة والدولة، وليست مجرد لقب سياسي. عمر بن الخطاب ومن تبعه ساروا على النهج ذاته، فكانت الدولة امتدادًا للرسالة، لا مؤسسة قائمة بذاتها تحتاج إلى شرعنة وتنظير أو تعريف منفصل.
غير أن هذه الوحدة بين الدين والدولة بدأت تتفكك بعد نهاية الخلافة الراشدة، حيث ظهر الفصل التدريجي بين ما هو ديني وما هو سياسي. نشأت الدولة كجهاز سلطوي قد يحتكم إلى الشرع أو لا، وصار الحكم الإسلامي يُنظر إليه كشرط يُضاف إلى الدولة كي تكتسب شرعيتها، لا كجزء من بنيتها الأصلية. ومن هنا بدأت الحاجة إلى التنظير لفكرة الدولة في الإسلام، وظهر التأويل في هذا المجال.
هذا التحول أدى مع مرور الزمن إلى واقع يتعامل مع الدين والدولة كمجالين منفصلين: أحدهما روحي أو أخلاقي، وهو الدين، والآخر سياسي أو إداري، وهي الدولة. وهو واقع لم يكن له وجود في العهد النبوي ولا في الخلافة الراشدة، حيث كانت مقومات الدولة -كما نعرفها اليوم- قائمة بالفعل ضمن الأمة المؤمنة، بدون أن تُسمى "دولة" أو يُفصل الحديث عنها كمؤسسة مستقلة.
إن العودة إلى لحظة التأسيس الأولى في الإسلام تكشف بجلاء أن الدولة لم تكن كيانًا مضافًا أو منفصلًا عن الدين، بل جزءًا من بنيته الداخلية، وجزءًا لا ينفصل عن الرسالة التي جاء بها. فالإسلام أنشأ أمةً مؤمنةً وجماعةً منظمةً، لا عقيدةً فردية تنتظر سلطة خارجية لتطبيقها.
إن الوعي بهذه الحقيقة يُسقط كثيرًا من الإشكالات المعاصرة حول الدولة التي "لا تحكم بما أنزل الله"، أو الحاكم الذي "يفصل بين الدين والسياسة"، أو ضرورة إقامة "حكم إسلامي" كشرط لإسلامية الدولة. فهذه الإشكالات نفسها لم تكن متصورة في العهد النبوي ولا في الخلافة الراشدة، لأن الدولة آنذاك لم تكن شيئًا خارجيًا يُقاس عليه أو يُضاف إلى الإسلام، بل هي من صلبه، من جوهره، من طبيعته.
ومن هنا، فإن النقاشات المعاصرة التي تتعامل مع الدولة كـ"نموذج خارجي" يجب إدخاله في الإسلام أو فصله عنه، تبدو في جوهرها عبثية، لأنها تفترض أصلًا خاطئًا، وهو أن الإسلام وكيان الدولة شيئان منفصلان. والصحيح أن الدولة في الإسلام ليست أداة إدارية محايدة، بل كيان رسالي، يجسد مقاصد الدين، وينظم حركة الأمة بوصفها جماعة هادية شاهدة على الناس.
إن استعادة هذا التصور الأصيل لا تعني استنساخ التجربة التاريخية بحذافيرها، بل استعادة الوعي بالوظيفة الرسالية للدولة، باعتبارها تعبيرًا عن حقيقة الإسلام، لا مجرد غطاء سياسي له. وهذا هو أساس أي مشروع نهضوي يريد للإسلام أن يعود فاعلًا في التاريخ، لا مجرد تراث محفوظ أو خطاب أخلاقي معزول.