﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)﴾
الحمد لله الذي نصر عباده المستضعفين.
الحمد لله لا نوفيه حمدًا.
الحمد لله الذي نصر عباده المستضعفين.
الحمد لله لا نوفيه حمدًا.
-
( إن الله يمهل ولا يهمل )
عن أَبي موسى الأشعَريِّ رضيَ الله عنه،
قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّ اللَّهَ لَيُملي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذا أَخَذَهُ
لَم يُفلِتـهُ». قالَ: ثُمَّ قَرَأَ:
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ
ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: ١٠٢].
ـــ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ـــ
( إن الله يمهل ولا يهمل )
عن أَبي موسى الأشعَريِّ رضيَ الله عنه،
قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّ اللَّهَ لَيُملي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذا أَخَذَهُ
لَم يُفلِتـهُ». قالَ: ثُمَّ قَرَأَ:
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ
ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: ١٠٢].
ـــ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ـــ
-
في هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ ﷺ مِنَ
التَّمادِي في الظُّلمِ ويُعلِمُنا أنَّ اللهَ تعالى
يُملِي للظَّالمِ، ويُمهِـلَ له حتَّى يَتمادَى
في ظُلمِه -والعياذُ باللهِ- فلا يُعالِجُه
العُقوبةَ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفِلته، أي: لم
يُطلِقه، ولم يَنفَلِت منه، ولا يُخَلِّصه؛
لكثرةِ مَظالِمه إن كان مُشركًا، أو لم
يُخَلِّصه مُدَّةً طويلةً إن كان مُؤمنـًا.
ثُـمَّ قرَأَ ﷺ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
[هود: ١٠٢]، أي: ومِثلُ ذلك الأَخذِ أخذُ
اللهِ الأُممَ السَّالفةَ في حالِ كونِها ظالمةً
وأخذُه سبحانه وَجيعٌ صَعبٌ على
المأخوذِ، وفي هذا تَحذيرٌ عظيمٌ مِن
الظُّلمِ -بالكُفرِ أو بغَيرِه- لِنفسِـه أو لِغيرِه،
وتحذيرٌ لكلِّ أهلِ قريةٍ ظالمةٍ.
المؤمن إذا رأى الظالم يزداد ظلمًا لا
يشك بقدرة الله عليه، وإنما يزداد يقينًا
بحلم الله عليه وحكمته في إمهاله.
(فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدًا):
لا تستعجل عقوبة الظالم وإنما ارقبها.
وابشر أيها المظلوم، فإن الله ناصرك،
وإن احتمى ظالمك، وفرَّ واختبأ، وإن
كان له من يدافع عنه من أمثاله، فإن له
يومًا لـن يفلت منه!
وما أدراك ما ذلك اليـوم!!
قال سفيان بن عيينة رحمه الله:
'أول ما كُتب في الزبور: ويلٌ للظلمة' ⁽١⁾
وقال القاضي شريحٌ رحمه الله:
"سيعلم الظلمة حق من انتقصوا، إن
الظالم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر
النصر، والثواب" ⁽٢⁾.
اللهــم انصر عبادك، واهلك الطغاة
والظّلمة في كل مكان، ومن أراد فسادًا
أو فتنة، ولا تؤاخذنا بما بفعل السفاء
فينا، وارحمنا وأنت أرحم الراحميـن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المجالسة للدينوري (٤٣٩).
٢- حلية الأولياء (١٣٢/٤).
-
في هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ ﷺ مِنَ
التَّمادِي في الظُّلمِ ويُعلِمُنا أنَّ اللهَ تعالى
يُملِي للظَّالمِ، ويُمهِـلَ له حتَّى يَتمادَى
في ظُلمِه -والعياذُ باللهِ- فلا يُعالِجُه
العُقوبةَ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفِلته، أي: لم
يُطلِقه، ولم يَنفَلِت منه، ولا يُخَلِّصه؛
لكثرةِ مَظالِمه إن كان مُشركًا، أو لم
يُخَلِّصه مُدَّةً طويلةً إن كان مُؤمنـًا.
ثُـمَّ قرَأَ ﷺ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
[هود: ١٠٢]، أي: ومِثلُ ذلك الأَخذِ أخذُ
اللهِ الأُممَ السَّالفةَ في حالِ كونِها ظالمةً
وأخذُه سبحانه وَجيعٌ صَعبٌ على
المأخوذِ، وفي هذا تَحذيرٌ عظيمٌ مِن
الظُّلمِ -بالكُفرِ أو بغَيرِه- لِنفسِـه أو لِغيرِه،
وتحذيرٌ لكلِّ أهلِ قريةٍ ظالمةٍ.
المؤمن إذا رأى الظالم يزداد ظلمًا لا
يشك بقدرة الله عليه، وإنما يزداد يقينًا
بحلم الله عليه وحكمته في إمهاله.
(فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدًا):
لا تستعجل عقوبة الظالم وإنما ارقبها.
وابشر أيها المظلوم، فإن الله ناصرك،
وإن احتمى ظالمك، وفرَّ واختبأ، وإن
كان له من يدافع عنه من أمثاله، فإن له
يومًا لـن يفلت منه!
وما أدراك ما ذلك اليـوم!!
قال سفيان بن عيينة رحمه الله:
'أول ما كُتب في الزبور: ويلٌ للظلمة' ⁽١⁾
وقال القاضي شريحٌ رحمه الله:
"سيعلم الظلمة حق من انتقصوا، إن
الظالم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر
النصر، والثواب" ⁽٢⁾.
اللهــم انصر عبادك، واهلك الطغاة
والظّلمة في كل مكان، ومن أراد فسادًا
أو فتنة، ولا تؤاخذنا بما بفعل السفاء
فينا، وارحمنا وأنت أرحم الراحميـن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المجالسة للدينوري (٤٣٩).
٢- حلية الأولياء (١٣٢/٤).
-
-
قيام الليل| دليل الشكر الحقيقي
عن المُغيرةِ رضي الله عنه، قالَ:
إِن كانَ النَّبـيُّ ﷺ لَيَقومُ ليُصَلِّيَ حَتَّى
تَرِمَ قَدَماهُ - أَو ساقاهُ - فَيُقالُ لَهُ فَيَقولُ:
«أَفَلا أَكونُ عَبدًا شَكورًا».
ــ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ــ
قيام الليل| دليل الشكر الحقيقي
عن المُغيرةِ رضي الله عنه، قالَ:
إِن كانَ النَّبـيُّ ﷺ لَيَقومُ ليُصَلِّيَ حَتَّى
تَرِمَ قَدَماهُ - أَو ساقاهُ - فَيُقالُ لَهُ فَيَقولُ:
«أَفَلا أَكونُ عَبدًا شَكورًا».
ــ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ــ
-
الشكر هو: المجازاة على الإحسان،
والثناء الجميل على من يقدم الخير
والإحسان، وأجل من يستحق الشكر
والثناء على العبـاد هو الله جل جلاله؛
لما له من عظيم النعَم والمنن على
عبـاده في الدِّين والدنيا، وقد أمرنا
الله تعالى بشكره على تلك النعم، وعدم
جحودها، فقال:
(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي
وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة: ١٥٢]، وأعظم من
قام بهذا الأمر، فشكر ربَّه، حتى استحق
وصف "الشاكر" و "الشكور" هم الأنبيـاء
والمرسلون عليهم السلام.
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لحالِ النبيِّ ﷺ
في العِبادةِ واجتهادِه فيها؛ فإنَّهﷺ كان
يَقومُ مِن اللَّيلِ حتَّى تَرِمَ قَدَماهُ، أي:
تَتورَّمَ وتَنتفِخَ، ولَمَّا سُئِل عن سَببِ هذا
الاجتهادِ وقد غَفَر اللهُ له ذَنبَه، قال:
أفلا أكونُ عَبدًا شَكورًا؟
فمَن عَظُمَت عليه نِعَمُ اللهِ، وجَبَ عليه
أن يَتلقَّاها بعَظيمِ الشُّكرِ، لا سيَّما أنبيائِه
وصَفوتِه مِن خَلقِه الَّذين اختارَهم،
وخَشيةُ العِبادِ للهِ على قَدرِ عِلمِهم به؛
فمعنى قولِه ﷺ: «أفلا أكونُ عبدًا
شَكورًا»، أي: كيف لا أشكُرُه وقد أنعَمَ
علَيَّ وخصَّني بخيرَيِ الدَّارينِ؟!
قال ابن بطَّال رحمه الله:
قال الطبري: والصّواب في ذلك: أن
شكر العبـد هو: إقراره بأن ذلك من الله
دون غيره، وإقرار الحقيقـة: الفعل،
ويصدقه العمل، فأما الإقرار الذي يكذبه
العمل، فإن صاحبه لا يسـتحق اسم
الشاكر بالإطلاق، ولكنه يقال شكر
باللسان، والدليل على صحة ذلك: قوله
تعالى:(اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) [سبأ: ١٣]
ومعلوم أنه لم يأمرهم، إذ قال لهم ذلك،
بالإقرار بنعمه؛ لأنهم كانوا لا يجحدون
أن يكون ذلك تفضـلاًّ منه عليهم، وإنما
أمرهم بالشكر على نعمه بالطاعة له
بالعمل، وكذلك قال ﷺ حين تفطرت
قدماه في قيام الليـل:
( أفلا أكون عبدًا شكوراً ).
[شرح صحيح البخارى (١٠/ ١٨٣ - ١٨٤)]
وفي هذا دليـل على أن الشكر هو القيام
بطاعة الله، وأنَّ الإنسان كلما أزداد في
طاعة ربه عزَّ وجلَّ فقد ازداد شكرًا
للـه عزَّ وجلَّ، وليس الشكر بأن يقول
الإنسـان بلسانه: أشكر الله، أحمد الله؛
فهذا شكر باللسان،
لكن الكلام هنا على الشكر الفعلي الذي
يكون بالفعل بأن يقوم الإنسـان بطاعة
اللـه بقدر ما يستطيع.
ــــ ▾ ▾ ▾ ــــ
فكيف ترجمت شكر ربك على كل
ما أنعم عليك من عموم النعم التي
لا تحصى؟؟
-
الشكر هو: المجازاة على الإحسان،
والثناء الجميل على من يقدم الخير
والإحسان، وأجل من يستحق الشكر
والثناء على العبـاد هو الله جل جلاله؛
لما له من عظيم النعَم والمنن على
عبـاده في الدِّين والدنيا، وقد أمرنا
الله تعالى بشكره على تلك النعم، وعدم
جحودها، فقال:
(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي
وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة: ١٥٢]، وأعظم من
قام بهذا الأمر، فشكر ربَّه، حتى استحق
وصف "الشاكر" و "الشكور" هم الأنبيـاء
والمرسلون عليهم السلام.
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لحالِ النبيِّ ﷺ
في العِبادةِ واجتهادِه فيها؛ فإنَّهﷺ كان
يَقومُ مِن اللَّيلِ حتَّى تَرِمَ قَدَماهُ، أي:
تَتورَّمَ وتَنتفِخَ، ولَمَّا سُئِل عن سَببِ هذا
الاجتهادِ وقد غَفَر اللهُ له ذَنبَه، قال:
أفلا أكونُ عَبدًا شَكورًا؟
فمَن عَظُمَت عليه نِعَمُ اللهِ، وجَبَ عليه
أن يَتلقَّاها بعَظيمِ الشُّكرِ، لا سيَّما أنبيائِه
وصَفوتِه مِن خَلقِه الَّذين اختارَهم،
وخَشيةُ العِبادِ للهِ على قَدرِ عِلمِهم به؛
فمعنى قولِه ﷺ: «أفلا أكونُ عبدًا
شَكورًا»، أي: كيف لا أشكُرُه وقد أنعَمَ
علَيَّ وخصَّني بخيرَيِ الدَّارينِ؟!
قال ابن بطَّال رحمه الله:
قال الطبري: والصّواب في ذلك: أن
شكر العبـد هو: إقراره بأن ذلك من الله
دون غيره، وإقرار الحقيقـة: الفعل،
ويصدقه العمل، فأما الإقرار الذي يكذبه
العمل، فإن صاحبه لا يسـتحق اسم
الشاكر بالإطلاق، ولكنه يقال شكر
باللسان، والدليل على صحة ذلك: قوله
تعالى:(اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) [سبأ: ١٣]
ومعلوم أنه لم يأمرهم، إذ قال لهم ذلك،
بالإقرار بنعمه؛ لأنهم كانوا لا يجحدون
أن يكون ذلك تفضـلاًّ منه عليهم، وإنما
أمرهم بالشكر على نعمه بالطاعة له
بالعمل، وكذلك قال ﷺ حين تفطرت
قدماه في قيام الليـل:
( أفلا أكون عبدًا شكوراً ).
[شرح صحيح البخارى (١٠/ ١٨٣ - ١٨٤)]
وفي هذا دليـل على أن الشكر هو القيام
بطاعة الله، وأنَّ الإنسان كلما أزداد في
طاعة ربه عزَّ وجلَّ فقد ازداد شكرًا
للـه عزَّ وجلَّ، وليس الشكر بأن يقول
الإنسـان بلسانه: أشكر الله، أحمد الله؛
فهذا شكر باللسان،
لكن الكلام هنا على الشكر الفعلي الذي
يكون بالفعل بأن يقوم الإنسـان بطاعة
اللـه بقدر ما يستطيع.
ــــ ▾ ▾ ▾ ــــ
فكيف ترجمت شكر ربك على كل
ما أنعم عليك من عموم النعم التي
لا تحصى؟؟
-
-
▾ الإيمان في المعركة هو المرجح ▾
عن البَراءِ بـنِ عازِبٍ رضي الله عنهما،
قالَ: حدَّثَني أصحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ مِمَّن
شَهِدَ بَدرًا: أنَّهُم كانوا عِدَّةَ أصحابِ
طالوتَ الَّذينَ جازوا مَعهُ النَّهَرَ؛ بضعةَ
عَشَرَ وثَلاثَ مِئَةٍ. قالَ البَراءُ: لا واللهِ،
ما جاوَزَ مَعهُ النَّهَرَ إلَّا مُؤمِنٌ.
صحيح البخاري ٣٩٥٧
▾ الإيمان في المعركة هو المرجح ▾
عن البَراءِ بـنِ عازِبٍ رضي الله عنهما،
قالَ: حدَّثَني أصحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ مِمَّن
شَهِدَ بَدرًا: أنَّهُم كانوا عِدَّةَ أصحابِ
طالوتَ الَّذينَ جازوا مَعهُ النَّهَرَ؛ بضعةَ
عَشَرَ وثَلاثَ مِئَةٍ. قالَ البَراءُ: لا واللهِ،
ما جاوَزَ مَعهُ النَّهَرَ إلَّا مُؤمِنٌ.
صحيح البخاري ٣٩٥٧
-
الجهـاد في سبيل الله مِن أشقِّ الأعمال
وأعظَمِها أجرًا، ولا يَقوى عليه إلَّا مؤمنٌ
صادِق الإيمان.
وفي هذا الحديث يَذكُرُ البراء بن عازب
رضي الله عنهمـا عدَدَ أصحاب
رسول الله ﷺ الَّذين شَهِدوا معه غزوة
بَدر، وكانت في رمضان من السَّنة
الثَّانية من الهجرة، وفي هذه الغزوة
نَصَر الله رسوله ﷺ والصَّحابة على
قريش.
وكان البراء بـن عازب رضي الله عنه
يومَها صَبيًّا صغيرًا لا يَقوى على
الجهاد، فرَدَّه النَّبيُّ ﷺ، ومِن ثَمَّ فهو
يُحدِّثُ بهذا عن أصحاب رسول الله
الَّذين شَهِدوا المعركة مع رسول اللهﷺ
فيُخبِرُ أنَّهم كانوا نفسَ عدَدِ أصحاب
طالوت الَّذين جازوا معه النَّهر، وكان
عددهم بِضعة عشر وثلاث مِئة..
والبِضعُ: ما بين الثَّلاثة والتِّسعة،
وطالوت هو الملِكُ الَّذي بعَثَه الله لبني
إسرائيـل ليقاتلوا معه جالوت، وقد ذكر
الله تعالى خَبرَهم في القرآن:
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ
مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ
مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ
اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا
مِنْهُمْ} [البقرة: ٢٤٩].
أي: إنَّكم ستمُرُّون على نهر، فلا يشرب
منه أحدٌ إلَّا غُرفةً بيـدِه، فشرِب
مُعظمُهم إلَّا قليـلًا منهم، فلم يكن من
الذين اجتازوا معه النَّهر ولم يشربوا،
إلَّا مُؤمِنٌ حقًّا.
ويُقسِمُ البراء بن عازب رضي الله عنهما
أنَّه ما جاوز النَّهر مع طالوت إلَّا مَن كان
مؤمنًا، وإنَّما حلف تأْكيدًا للخَبر.
وهذه القلة المؤمنة التي جاوزت معه
النهر كانوا يعلمون كثرة العدو وقوته،
لكنهم عندما رأوه رأي العين أحس
بعضهم بالضعف، وفي مثل هذه الحالة
لا يصمد إلا من اكتمل إيمانـه واتصل
قلبه بربه، وهنا برزت الفئة القليلة
المتصلة بربها ذات الموازين الربانية
قائليـن: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً
كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِيـنَ ﴾
[البقرة: ٢٤٩].
يعني أن الأمر لله تعالى، والعزيز من
أعزه الله، والذليـل من أذله الله،
فلا تُغني الكثرةُ مع خذلان الله،
ولا تضر القلة مع نصر الله، والله مع
الصابرين بالنصر والمعونة والتوفيق،
فأعظم جالب لمعونة الله
صبر العبد لله، فوقعت الموعظة في
قلوبهـم وأثرت معهم.
»» عند وجود الفئة المؤمنة الصابرة
تنقلب موازين القوى.
-
الجهـاد في سبيل الله مِن أشقِّ الأعمال
وأعظَمِها أجرًا، ولا يَقوى عليه إلَّا مؤمنٌ
صادِق الإيمان.
وفي هذا الحديث يَذكُرُ البراء بن عازب
رضي الله عنهمـا عدَدَ أصحاب
رسول الله ﷺ الَّذين شَهِدوا معه غزوة
بَدر، وكانت في رمضان من السَّنة
الثَّانية من الهجرة، وفي هذه الغزوة
نَصَر الله رسوله ﷺ والصَّحابة على
قريش.
وكان البراء بـن عازب رضي الله عنه
يومَها صَبيًّا صغيرًا لا يَقوى على
الجهاد، فرَدَّه النَّبيُّ ﷺ، ومِن ثَمَّ فهو
يُحدِّثُ بهذا عن أصحاب رسول الله
الَّذين شَهِدوا المعركة مع رسول اللهﷺ
فيُخبِرُ أنَّهم كانوا نفسَ عدَدِ أصحاب
طالوت الَّذين جازوا معه النَّهر، وكان
عددهم بِضعة عشر وثلاث مِئة..
والبِضعُ: ما بين الثَّلاثة والتِّسعة،
وطالوت هو الملِكُ الَّذي بعَثَه الله لبني
إسرائيـل ليقاتلوا معه جالوت، وقد ذكر
الله تعالى خَبرَهم في القرآن:
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ
مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ
مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ
اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا
مِنْهُمْ} [البقرة: ٢٤٩].
أي: إنَّكم ستمُرُّون على نهر، فلا يشرب
منه أحدٌ إلَّا غُرفةً بيـدِه، فشرِب
مُعظمُهم إلَّا قليـلًا منهم، فلم يكن من
الذين اجتازوا معه النَّهر ولم يشربوا،
إلَّا مُؤمِنٌ حقًّا.
ويُقسِمُ البراء بن عازب رضي الله عنهما
أنَّه ما جاوز النَّهر مع طالوت إلَّا مَن كان
مؤمنًا، وإنَّما حلف تأْكيدًا للخَبر.
وهذه القلة المؤمنة التي جاوزت معه
النهر كانوا يعلمون كثرة العدو وقوته،
لكنهم عندما رأوه رأي العين أحس
بعضهم بالضعف، وفي مثل هذه الحالة
لا يصمد إلا من اكتمل إيمانـه واتصل
قلبه بربه، وهنا برزت الفئة القليلة
المتصلة بربها ذات الموازين الربانية
قائليـن: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً
كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِيـنَ ﴾
[البقرة: ٢٤٩].
يعني أن الأمر لله تعالى، والعزيز من
أعزه الله، والذليـل من أذله الله،
فلا تُغني الكثرةُ مع خذلان الله،
ولا تضر القلة مع نصر الله، والله مع
الصابرين بالنصر والمعونة والتوفيق،
فأعظم جالب لمعونة الله
صبر العبد لله، فوقعت الموعظة في
قلوبهـم وأثرت معهم.
»» عند وجود الفئة المؤمنة الصابرة
تنقلب موازين القوى.
-
-
❏ الترويج للشر ونشر السوء ❏
عن جَريرِ بنِ عَبدِ اللهِ رضي الله عنه،
قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:
مَن سَنَّ في الإِسـلامِ سُنَّةً حَسَنةً، فَلَهُ
أَجرُها وأَجرُ مَن عَمِلَ بِها بَعـدَهُ، مِن غَيرِ
أَن يَنقُصَ مِن أُجورِهِم شَيءٌ، ومَن سَنَّ
في الإسلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عَلَيهِ وِزرُها
ووِزرُ مَن عَمِلَ بِها مِن بَعـدِهِ، مِن غَيرِ أَن
يَنقُصَ مِن أَوزارِهِـم شَيءٌ.
صحيح مسلم ١٠١٧
❏ الترويج للشر ونشر السوء ❏
عن جَريرِ بنِ عَبدِ اللهِ رضي الله عنه،
قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:
مَن سَنَّ في الإِسـلامِ سُنَّةً حَسَنةً، فَلَهُ
أَجرُها وأَجرُ مَن عَمِلَ بِها بَعـدَهُ، مِن غَيرِ
أَن يَنقُصَ مِن أُجورِهِم شَيءٌ، ومَن سَنَّ
في الإسلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عَلَيهِ وِزرُها
ووِزرُ مَن عَمِلَ بِها مِن بَعـدِهِ، مِن غَيرِ أَن
يَنقُصَ مِن أَوزارِهِـم شَيءٌ.
صحيح مسلم ١٠١٧
-
في هذا الحديثِ يَروي جَريرُ بنُ
عبدِ الله البَجَليُّ رضي الله عنه، أنَّ
رَسولَ الله ﷺ قالَ: «مَن سنَّ في
الإسـلام سُنَّةً حَسنةً»، أي: أتى بطَريقةٍ
مَرضيَّةٍ يَشهَدُ لها أصلٌ مِن أُصولِ الدِّينِ،
أو صار باعثًا وسَببًا لتَرويجِ أمرٍ ثابتٍ
في الشَّرعِ، فاقتَدى به غيرُه فيه؛ فله
ثَوابُ العملِ بها، وأجرُ مَن عَمِل بها مِن
بعدِ ما سَنَّ، مِن غيرِ أن يَنقُصَ مِن ثَوابِ
وأُجورِ العاملينَ بها شَيءٌ، قَليلٌ
ولا كَثيرٌ؛ لأنَّه أجرٌ على تَسـبُّبِه في
عَملِهم ولا أجرٌ على عَمَلِهم.
◂ وقد أفلح من سـلك هذا الدرب فهو
ينال بفضل الله وكرامته منازل عالية
لا يبلغها بعمله لوحـده.
«ومَن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سَيِّئةً»، أي:
فَعَل فِعلًا قَبيحًا وطَريقةً غيرَ مَرضيَّـةٍ
لا يَشهَدُ لها أصلٌ مِن أُصولِ الدِّينِ، وبدَأ
العملَ بها قبلَ غيرِه، فاقتَدى به فيه؛
كان عليه إثمُهـا، وإثمُ مَن عَمِل بها مِن
بعدِه، مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِن
آثامِهم شَيءٌ.
◂ نشـر الحرام وترويج المنكر وكل ما
لا يُرضي اللـه جل ثناؤه فهو ذنب
عظيم، عليه ذنب نشـره للشر وذنب
كل من اتبعه وعمل بما شاع ونشر إلى
يوم القيامة.
= فلا تتابعوا في الباطل، لا تتابعوا في
المنكر، لا تتابعوا في الشر، لا تعمل
رتويـت لأي شيء، ولا تعمل إعادة
إرسال لأي شيء؛ لأنك ستكون سببًا،
أنت تأثم ويزداد إثـم غيرك، الحديث
هذا فيه الابتداء بالخيرات، وسن السنن
الحسنة لمزاحمة الأباطيل والبدع
والشر والمنكر، الآن الذي انفتح على
الناس، انفتحت على الناس أبوابه من
كل حدب وصوب.
هذا الحديـث يبين لنا أن المتسبب في
الفعل له مثل ثواب العالم، سـواء في
الخير أو في الشر، ويؤكد هذا المعنى
حديث آخر، قال ﷺ: مَن دعا إلى هدًى،
كان له من الأجر مثل أجور من تبعه،
لا ينقص ذلك من أجورهم شـيئًا، ومَن
دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثم مثل
آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهـم
شيئًا. [رواه مسلم: ٢٦٧٤]
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا
مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وأن يجعلنا
ممن سنوا السـنن الحسنة، ونسأله
سبحانه أن يرزقنا الإخلاص في القول
والعمل، ونسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر
منها وما بطن، وأن لا يجعلنا من
المعينين على الإثم والعدوان، إنه سميع
مجيب قريب.
-
في هذا الحديثِ يَروي جَريرُ بنُ
عبدِ الله البَجَليُّ رضي الله عنه، أنَّ
رَسولَ الله ﷺ قالَ: «مَن سنَّ في
الإسـلام سُنَّةً حَسنةً»، أي: أتى بطَريقةٍ
مَرضيَّةٍ يَشهَدُ لها أصلٌ مِن أُصولِ الدِّينِ،
أو صار باعثًا وسَببًا لتَرويجِ أمرٍ ثابتٍ
في الشَّرعِ، فاقتَدى به غيرُه فيه؛ فله
ثَوابُ العملِ بها، وأجرُ مَن عَمِل بها مِن
بعدِ ما سَنَّ، مِن غيرِ أن يَنقُصَ مِن ثَوابِ
وأُجورِ العاملينَ بها شَيءٌ، قَليلٌ
ولا كَثيرٌ؛ لأنَّه أجرٌ على تَسـبُّبِه في
عَملِهم ولا أجرٌ على عَمَلِهم.
◂ وقد أفلح من سـلك هذا الدرب فهو
ينال بفضل الله وكرامته منازل عالية
لا يبلغها بعمله لوحـده.
«ومَن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سَيِّئةً»، أي:
فَعَل فِعلًا قَبيحًا وطَريقةً غيرَ مَرضيَّـةٍ
لا يَشهَدُ لها أصلٌ مِن أُصولِ الدِّينِ، وبدَأ
العملَ بها قبلَ غيرِه، فاقتَدى به فيه؛
كان عليه إثمُهـا، وإثمُ مَن عَمِل بها مِن
بعدِه، مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِن
آثامِهم شَيءٌ.
◂ نشـر الحرام وترويج المنكر وكل ما
لا يُرضي اللـه جل ثناؤه فهو ذنب
عظيم، عليه ذنب نشـره للشر وذنب
كل من اتبعه وعمل بما شاع ونشر إلى
يوم القيامة.
= فلا تتابعوا في الباطل، لا تتابعوا في
المنكر، لا تتابعوا في الشر، لا تعمل
رتويـت لأي شيء، ولا تعمل إعادة
إرسال لأي شيء؛ لأنك ستكون سببًا،
أنت تأثم ويزداد إثـم غيرك، الحديث
هذا فيه الابتداء بالخيرات، وسن السنن
الحسنة لمزاحمة الأباطيل والبدع
والشر والمنكر، الآن الذي انفتح على
الناس، انفتحت على الناس أبوابه من
كل حدب وصوب.
هذا الحديـث يبين لنا أن المتسبب في
الفعل له مثل ثواب العالم، سـواء في
الخير أو في الشر، ويؤكد هذا المعنى
حديث آخر، قال ﷺ: مَن دعا إلى هدًى،
كان له من الأجر مثل أجور من تبعه،
لا ينقص ذلك من أجورهم شـيئًا، ومَن
دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثم مثل
آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهـم
شيئًا. [رواه مسلم: ٢٦٧٤]
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا
مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وأن يجعلنا
ممن سنوا السـنن الحسنة، ونسأله
سبحانه أن يرزقنا الإخلاص في القول
والعمل، ونسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر
منها وما بطن، وأن لا يجعلنا من
المعينين على الإثم والعدوان، إنه سميع
مجيب قريب.
-
-
المؤمـن يستفيد من
↲ التجارب وٰ الأخطاء ↳
عن أَبي هُرَيرةَ، عَنِ النَّبـيِّ ﷺ أَنَّهُ قالَ:
(لا يُلدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحرٍ واحِدٍ مَرَّتَينِ)
ــ مُتَّفَـقٌ عَلَيهِ ــ
المؤمـن يستفيد من
↲ التجارب وٰ الأخطاء ↳
عن أَبي هُرَيرةَ، عَنِ النَّبـيِّ ﷺ أَنَّهُ قالَ:
(لا يُلدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحرٍ واحِدٍ مَرَّتَينِ)
ــ مُتَّفَـقٌ عَلَيهِ ــ
-
على المؤمِنِ أن يكونَ حازمًا حذِرًا؛
لا يُؤتَى مِن ناحيةِ الغفلـةِ، فيُخدَعَ مرَّةً
بعدَ أُخرى ويقَعَ في مَكـروهٍ، وقد يكونُ
ذلك في أمرِ الدِّيـنِ كما يكونُ في أمرِ
الدُّنيا، وهو أَولاهما بالحذَرِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبـيُّ ﷺ:
«لا يُلدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحرٍ واحِدٍ
مَرَّتَينِ»، واللَّدغُ: ما يكونُ مِن ذواتِ
السُّمومِ. والجُحرُ: المكانُ الضَّيِّق، وهذا
الكلامُ على التشبيهِ بأنَّ الإنسـانَ عادةً
ما يَحذَرُ من كُلِّ دابَّةٍ لادغةٍ مُؤذِيةٍ،
وخاصَّةً إذا جَرَّب لَدغَها ونجَّاه اللهُ منها
في أوَّلِ مَرَّةٍ، فيزيد حَذَرُه وحِرصُه على
التوقِّي والابتعادِ عن هذه الدابَّةِ،
وكذلك المؤمِـنُ إذا نُكِبَ من وجهٍ
فلا ينبغي أن يعودَ لِمِثلِـه.
وسببُ هذا الحديثِ هو أنَّ أبا عزة
الجمحي كان شاعرًا يهجو النبـي ﷺ،
فأسر يوم بدر فعاهد رسولَ الله ألا
يُحرِّض عليه ولا يهجوه، فمنَّ عليه
النبي وأطلقه فلحق بقومه، ثم رجع
إلى التحريض والهجاء، ثم أسر يوم
أحد، فسأله أن يمن عليه وتوسل إليه
وذكر فقره وعياله، فقال لـه ﷺ:
(لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت
بمحمد مرتين) وقال أيضًا:
(لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)
ثم أمر به فقتل.
كان أرحم الناس بالناس،
ولكن لم تخدعه توسلات مجرم،
أو مراوغات عدو..
وتلك هي الرحمة، وما سواها غفلة..
لماذا خُصَّ المؤمـنُ بهذه الوصية؟!
وإنما خُصَّ المؤمـنُ بهذه الوصيَّة
الحكيمة؛ لما يغلب عليه من سـلامة
النيَّة وحُسن الظن، فيقع في الشَّرَك
من حيث لا يدري.
وقال النووي: "ومعناه المؤمن الممدوح،
وهو الكيس الحـازم الذي لا يُستغفل،
فيُخدع مرة بعد أخرى، ولا يَفطِن لذلك"
وليس المراد من ذلك أن يصل بالمؤمـن
إلى منزلةٍ من الخُبث والمكر وسوءِ
الظنِّ، فإنَّ هذه من صفات المنافقيـن
الذين يَمقُتهم الله ورسوله، وإنما يريد
الكياسة التي نبَّهنا إليها، وهي التي
تُعرِّفه الشرَّ لئلَّا يقع فيه، وتُبصِّره
عواقب الأمور؛ ليكون منها على حَذَر.
↵ التعلم من الأخطاء مطلوب شـرعًا ..
والإيمـان بالله يقوّم العقل ويقلل خطأه،
وأقوى الناس إيمانًا أقلهم خطأ.
-
على المؤمِنِ أن يكونَ حازمًا حذِرًا؛
لا يُؤتَى مِن ناحيةِ الغفلـةِ، فيُخدَعَ مرَّةً
بعدَ أُخرى ويقَعَ في مَكـروهٍ، وقد يكونُ
ذلك في أمرِ الدِّيـنِ كما يكونُ في أمرِ
الدُّنيا، وهو أَولاهما بالحذَرِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبـيُّ ﷺ:
«لا يُلدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحرٍ واحِدٍ
مَرَّتَينِ»، واللَّدغُ: ما يكونُ مِن ذواتِ
السُّمومِ. والجُحرُ: المكانُ الضَّيِّق، وهذا
الكلامُ على التشبيهِ بأنَّ الإنسـانَ عادةً
ما يَحذَرُ من كُلِّ دابَّةٍ لادغةٍ مُؤذِيةٍ،
وخاصَّةً إذا جَرَّب لَدغَها ونجَّاه اللهُ منها
في أوَّلِ مَرَّةٍ، فيزيد حَذَرُه وحِرصُه على
التوقِّي والابتعادِ عن هذه الدابَّةِ،
وكذلك المؤمِـنُ إذا نُكِبَ من وجهٍ
فلا ينبغي أن يعودَ لِمِثلِـه.
وسببُ هذا الحديثِ هو أنَّ أبا عزة
الجمحي كان شاعرًا يهجو النبـي ﷺ،
فأسر يوم بدر فعاهد رسولَ الله ألا
يُحرِّض عليه ولا يهجوه، فمنَّ عليه
النبي وأطلقه فلحق بقومه، ثم رجع
إلى التحريض والهجاء، ثم أسر يوم
أحد، فسأله أن يمن عليه وتوسل إليه
وذكر فقره وعياله، فقال لـه ﷺ:
(لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت
بمحمد مرتين) وقال أيضًا:
(لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)
ثم أمر به فقتل.
كان أرحم الناس بالناس،
ولكن لم تخدعه توسلات مجرم،
أو مراوغات عدو..
وتلك هي الرحمة، وما سواها غفلة..
لماذا خُصَّ المؤمـنُ بهذه الوصية؟!
وإنما خُصَّ المؤمـنُ بهذه الوصيَّة
الحكيمة؛ لما يغلب عليه من سـلامة
النيَّة وحُسن الظن، فيقع في الشَّرَك
من حيث لا يدري.
وقال النووي: "ومعناه المؤمن الممدوح،
وهو الكيس الحـازم الذي لا يُستغفل،
فيُخدع مرة بعد أخرى، ولا يَفطِن لذلك"
وليس المراد من ذلك أن يصل بالمؤمـن
إلى منزلةٍ من الخُبث والمكر وسوءِ
الظنِّ، فإنَّ هذه من صفات المنافقيـن
الذين يَمقُتهم الله ورسوله، وإنما يريد
الكياسة التي نبَّهنا إليها، وهي التي
تُعرِّفه الشرَّ لئلَّا يقع فيه، وتُبصِّره
عواقب الأمور؛ ليكون منها على حَذَر.
↵ التعلم من الأخطاء مطلوب شـرعًا ..
والإيمـان بالله يقوّم العقل ويقلل خطأه،
وأقوى الناس إيمانًا أقلهم خطأ.
-
-
《 ڪيف نتعامل مع حاجات الناس 》
عن جابِر بنِ عَبدِاللهِ رضي الله عنهما،
قال: ما سُئِلَ رَسـولُ اللهِ ﷺ شَيئًا قَطُّ،
فَقالَ: لا.
ـ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ـ
《 ڪيف نتعامل مع حاجات الناس 》
عن جابِر بنِ عَبدِاللهِ رضي الله عنهما،
قال: ما سُئِلَ رَسـولُ اللهِ ﷺ شَيئًا قَطُّ،
فَقالَ: لا.
ـ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ـ
-
كان النبـيُّ ﷺ أوسَعَ النَّاسِ جودًا
وأكرَمَهم يدًا، وكان يَبذُلُ أموالَه فيما
يُقرِّبُ إلى اللهِ سُبحانه وتَعالَى.
وفي هذا الحديثِ
يُخبِرُ جابرُ بـنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما
أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ ما طُلِبَ مِنهُ شيءٌ
مِن مَتاعِ الدُّنيـا، وغيرِها ممَّا يَستطيعُ
في أيِّ وقتٍ تقديمَهُ، «فقال: لا»؛ فإمَّا
أن يُعطيَ ما يُطلَبُ مِنهُ إن كانَ عِندَهُ،
وإلَّا سَكَتَ، أو اعتَذَرَ ودَعـا، أو وَعَد أن
يَقضيَ حاجةَ السَّائلِ عندَ تَوفُّرِها،
والحاصلُ أنَّه ﷺ كان لا يَرُدُّ سـائلًا
بدونِ عُذرٍ، وليس المرادُ أنَّه لم يَنطِق
كلمةَ «لا» قطُّ في حالةِ العُـذرِ والعُسرِ.
قال ابن هبيرة: هذا يدل على أن
التوفيـق: في تَجَنُّبِ " لا " ما استطاع!
[ الإفصاح ٢٧٩/٨ ]
إن النفس البشـرية تحتاج لتهذيب
وتزكية مسـتمرة حتى تزن الأمور
بميزانهـا الصحيح؛ فليس من الأدب
قول لا لكل داعي وسائل ومحتاج، فمن
أسـتطاع نفع غيره فليفعل فهذا دأب
قدوتنا محمد ﷺ، وهذا من كمال
أخلاقه فلا يمتنع من تلبية حاجات
الناس لا تكبرًا ولا تكاسلًا فيستجيب
لهم مهما كانت حاجاتهم.
فقد نفع حتى أمة في عقلها شيء
"فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة
فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت
حتى أقضي لك حاجتـك".
[ صحيح مسـلم ٢٣٢٦ ]
فلم ينتقص من كونها أمة ولا من كون
في عقلها شيء بل سار معها حتى تتم
أمرها، وأيكم أكثر شغلًا من رسول الله
قاد الأمة وأُرسـل للإنس والجن،
ولا أتقى منه ولا أعلم بـالله منه مع ذلك
يؤثر غيره وينفعـه، فمن كان لأخيه
عنده حاجه فلينفعـه إن استطاع؛ جاء
في الحديث: ( والله في عون العبد
ما كان العبد في عون أخيـه ).
[ صحيح مسـلم ٢٦٩٩ ]
-
كان النبـيُّ ﷺ أوسَعَ النَّاسِ جودًا
وأكرَمَهم يدًا، وكان يَبذُلُ أموالَه فيما
يُقرِّبُ إلى اللهِ سُبحانه وتَعالَى.
وفي هذا الحديثِ
يُخبِرُ جابرُ بـنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما
أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ ما طُلِبَ مِنهُ شيءٌ
مِن مَتاعِ الدُّنيـا، وغيرِها ممَّا يَستطيعُ
في أيِّ وقتٍ تقديمَهُ، «فقال: لا»؛ فإمَّا
أن يُعطيَ ما يُطلَبُ مِنهُ إن كانَ عِندَهُ،
وإلَّا سَكَتَ، أو اعتَذَرَ ودَعـا، أو وَعَد أن
يَقضيَ حاجةَ السَّائلِ عندَ تَوفُّرِها،
والحاصلُ أنَّه ﷺ كان لا يَرُدُّ سـائلًا
بدونِ عُذرٍ، وليس المرادُ أنَّه لم يَنطِق
كلمةَ «لا» قطُّ في حالةِ العُـذرِ والعُسرِ.
قال ابن هبيرة: هذا يدل على أن
التوفيـق: في تَجَنُّبِ " لا " ما استطاع!
[ الإفصاح ٢٧٩/٨ ]
إن النفس البشـرية تحتاج لتهذيب
وتزكية مسـتمرة حتى تزن الأمور
بميزانهـا الصحيح؛ فليس من الأدب
قول لا لكل داعي وسائل ومحتاج، فمن
أسـتطاع نفع غيره فليفعل فهذا دأب
قدوتنا محمد ﷺ، وهذا من كمال
أخلاقه فلا يمتنع من تلبية حاجات
الناس لا تكبرًا ولا تكاسلًا فيستجيب
لهم مهما كانت حاجاتهم.
فقد نفع حتى أمة في عقلها شيء
"فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة
فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت
حتى أقضي لك حاجتـك".
[ صحيح مسـلم ٢٣٢٦ ]
فلم ينتقص من كونها أمة ولا من كون
في عقلها شيء بل سار معها حتى تتم
أمرها، وأيكم أكثر شغلًا من رسول الله
قاد الأمة وأُرسـل للإنس والجن،
ولا أتقى منه ولا أعلم بـالله منه مع ذلك
يؤثر غيره وينفعـه، فمن كان لأخيه
عنده حاجه فلينفعـه إن استطاع؛ جاء
في الحديث: ( والله في عون العبد
ما كان العبد في عون أخيـه ).
[ صحيح مسـلم ٢٦٩٩ ]
-