Telegram Web
مفاهيم يجب أن توضح ( 2 ) :
قراءة في واقع المناطق السورية المحررة

الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى :

قبل متابعة البحث أودُّ التعليق على ردِّ أخينا أبي محمد الصادق على منشوري السابق فيما يخص المسائل العلمية كونها ذات صلة بالبحث وسوف أضرب صفحاً عما سوى ذلك.

1- إن لإقرار ولاية المتغلب صورا متعددة فمنها البيعةُ الصريحة ومنها السكوتُ الإقراري والتعامل مع منظومة الحاكم وتراتيبه الإدارية التي لا يمكن لأي مجتمع أن يعيش بدونها، فالوقوف على الحاجز وطلبُ التراخيص ومراجعة الدوائر والتقاضي كلها أمثلةٌ على ذلك. وقد نشأت حكومة الإنقاذ في(2-11-2017) خلال السيطرة الجزئية للهيئة واستكلمت تراتيبها في الشهر الأول من عام (2019) بعد السيطرة الكاملة للهيئة على إدلب، ومنذ ذلك التاريخ وهي تحكم عدداً يُقدَّرُ حسب فريق منسقي الاستجابة السورية بقرابة (4300000) أربعة ملايين وثلاثمائة ألف نسمة في منطقة إدلب وريفها وريفي حماة وحلب بمساحة تقدر بحوالي ( 3500 ) كيلو متراً مربعاً أي قرابة نصف مساحة المناطق المحررة بالنظر إلى أن مساحة منطقة الغصن تبلغ حوالي ( 1700 ) كيلو متراً مربعاً والتي يقطنها قرابة ( 550 ) ألف نسمة  ومساحة منطقة درع الفرات حوالي ( 2200 ) كيلو متراً مربعاً والتي يقطنها قرابة ( 1200000 ) نسمة، فيكون إجمالي مجموع القاطنين في مناطقنا المحررة قرابة ستة ملايين نسمة  منهم 70 % تحت إدارة حكومة الإنقاذ ويكون إجمالي مساحة المناطق المحررة حوالي ( 7400 ) كيلو متراً مربعاً نصفها تقريباً تحت سيطرة الهيئة ولم يتيسر البحث في مساحة وعدد القاطنين لمنطقة نبع السلام فهي أيضاً من المناطق المحررة ل #الثورة_السورية رغم الانقطاع الجغرافي عنها.

والسؤال الجوهري هنا والذي سقتُ لأجله كلَّ تلك الإحصائيات المفيدة للقارئ : هل يمكن لأية منظومةٍ – مهما كانت بدائية – أن تحكمَ لخمسة أعوام هذا العدد من الناس وضمن هذه الرقعة الجغرافية دون أن يكون أهل الحل والعقد فيها قد أقرّوا حكمَها بصورة أو بأخرى؟!! فاستتبابُ الحكم أو التمكّنُ لمدة خمس سنوات لا يمكن حصوله إلا بإقرار أهل الحل والعقد سواءً كان بعضُهم ممثلاً أو معيناً بمؤسسة تحت اسم (الشورى) أو (المؤتمر العام) أو كانوا متفرقين لا تنظِمهم علاقة بالهيئة وسواء طُلبتْ منهم بيعةٌ معلنة أم تُركَ الأمر للإقرار العرفي إذ لا يمكن إدارة حيٍّ بل ولا حتى مدرسةٍ ومشفى فضلاً عن المنطقة المحررة بأسرها دون تحقق هذا.

2 - كان الأولى تجنّبُ الاتهام بلازم القول بأن التأصيل الذي عرضتُه يلزم منه التحريضُ والإغراء بالمتظاهرين فهذا لا يناسب مقام البحث العلمي على فرض كونه لازماً لكلامي فكيف إن لم يكن لازماً أصلاً، فسبب نشر البحث هو النصيحة للمسلمين خشية الوصول إلى حائط مسدود بين المتظاهرين والجهة الحاكمة لأن المتابع لا يحتاج إلى كبيرِ ذكاءٍ وجهدٍ ليدرك أن الشوكة والقوة هي عند الهيئة وأنها ملتفةٌ فيما يظهر حول قيادتها ومنظومةُ الحكم تباشر عملها فلذا آثرنا التنبيهَ إلى المفاسد والتذكيرَ بسرد الحوادث التاريخية والأحكام المتعلقة بهذه الحالة لتحاشي التصعيد بين الطرفين.
ولو استعملتُ طريقةَ الاتهام بلازم القول أو عاقبته ومآله – وما كنت لأفعل – فسأقول : إن الإغراء بالمتظاهرين هو حالُ من يستثمر خروجهم بطلباتٍ محقة واحتجاجٍ على المظالم ليرفع سقوف المطالب على وجه يضرُّ السِّلمَ الأهلي في المحرر دون وجود مقومات الحسم الموصل لتلك السقوف أو توافرها لكن مع أضرار كبرى تعم المحرر.

3 - وقد ختم أخونا أبو محمد رده بقوله : " إذ لا تثبت للمتسلط على جزء من المحرر ولاية تعيين ولا تغلب " ولم أجد ضمن تقسيمات الحاكم في كلام أهل العلم أن التسلط وصف له أحكامه الخاصة فهو ليس سوى رديف للتغلب وقد سبق الكلام عنه وربما يأتي لاحقا بعض التفصيل اللازم حوله لكننا نسأل تنزلاً : إذا كان هذا "التسلط" بشوكة وقائما على مشروع يُوحِّد هذا العدد من الخلق فما حكم إزالة هذا "التسلط" مع فقدان الشوكة و غلبة الظن أن هذه المنظومة ستتداعى؛ فإن قيام منظومات الحكم وحمايتها لا يكون إلا بشوكة وقوة ليست موجودة عند المعترضين؟! فكيف إذا كان ذلك سيشتمل بالضرورة على مواجهة داخلية تُعرّض المحرر للخطر وقد بينا أن هذا "الجزء من المحرر" فيه من المساحة وعدد السكان ما يناهز دولاً صغيرة في زماننا المعاصر !!
واللهَ نسأل أن يلهمنا رشدنا ويجمعنا على الحق

ونتابعُ في ذكر المفاهيم ⬇️
2️⃣ المفهوم الثاني : هل هناك تفريقٌ في مشروعية الخروج بين وجود حالة التجاذب والتنازع وبين استتباب الأمر ؟

والجواب : لا شكَّ بأنّ الفرق ثابتٌ بين الصورتين، فطالما لم تكتمل السيطرةُ يبقى ظهور أيّ طرف آخر مُحتمَلاً سواء كان مؤهلاً أو غير مؤهل، أما إذا استتبَّ الأمر فتصبح كلفة نكىء الجراح وتحريك الفتن وعودة الاقتتال كبيرةً باهظة على المجتمع المسلم.

جاء في الصحيح عن النبي ﷺ : من أتاكم وأمركم جميع  على رجل واحد يريد أن يفرق كلمتكم ...

يقول الجويني: “فإن قيل: فلِمَ منعتم عقد الإمامة لفاسق؟( يقصد ابتداء وأبحتم الاستمرار عليها له) قلنا: أهل العقد على تخيرهم في افتتاح العهد، ومن سوء الاختيار أن يُعيّن لهذا الأمر العظيم والخطب الجسيمِ فاسقٌ، وهم مأمورون بالنظر للمسلمين من أقصى الإمكان، وأما الذهاب إلى الانخلاع بعد الاستمرار والاستتباب مع التعرض للزلاَّت فمُفسِدٌ لقاعدة الولاية، ولا خفاء بذلك عند ذوي الدراية."

3️⃣ المفهوم الثالث : هل توفر البديل مع خلو واقع تعيينه عن المفاسد الراجحة معتبر في كلام أهل العلم؟!

يجيب إمام الحرمين أبو المعالي الجويني رحمه الله على هذا السؤال فيقول:

" وإن علمنا أنه لا يتأتَّى نصب إمام دون اقتحام داهية وإراقة دماء ومصادمة أحوالٍ جمَّةِ الأهوال وإهلاك أنفس ونزف أموال، فالوجه أن يُقاس ما الناس مدفوعون إليه مبتلون به بما يفرض وقوعه في محاولة دفعه، فإن كان الواقع الناجز أكثر مما يُقدَّر وقوعُه في روم الدفع، فيجب احتمال المتوقع له لدفع البلاء الناجز، وإن كان المرتقب المتطلع يزيد في ظاهر الظنون إلى ما الخلق مدفوعون إليه، فلا يسوغ التشاغل بالدفع، بل يتعين الاستمرار على الأمر الواقع، وقد يقدم الإمام مُهمَّا ويؤخِّر آخر." وكلامه صريحُ الدلالة في المقصود

ويذكر (أبو حامد الغزالي) رحمه الله في سياق كلامه عن شروط الحاكم:
" فليت شعري من لا يساعد على هذا ويقضي ببطلان الإمامة في عصرنا لفوات شروطها -وهو عاجز عن الاستبدال بالمتصدي لها بل هو فاقد للمتصف بشروطها- فأيُّ أحواله أحسن؛ أَن يقول: القضاة معزولون والولايات باطلة والأنكحة غير منعقدة وجميع تصرفات الولاة في أقطار العالم غير نافذة، وإنما الخلق كلهم مقدِمون على الحرام؟ أو أن يقول: الإمامة منعقدة، والتصرفات والولايات نافذة بحكم الحال والاضطرار؟ " انتهى كلام الغزالي رحمه الله

وللحديثِ بقيةٌ بإذنه تعالى …
استدراكاً على منشوري السابق المعنون : ( مفاهيم يجب أن توضح  1 )

وحيث إنني ذكرت أن المتغلب يحتاج لإقراره بعد التغلب إلى توافق أهل الحل والعقد عليه فإن الصواب أن المتغلب يعتبر حاكماً بمجرد تغلبه؛ واحتياجه لبيعة أهل الحل والعقد إنما هو لتصحيح ولايته كأئمة العدل كما اختاره (الجويني) و(العز بن عبد السلام)، لكن ينبغي التنويه على أن مسألة احتياجه بعد تغلبه لبيعة أهل الحل والعقد كي يصبح إماماً كأئمة العدل هي ظنية خلافية كما صرح بذلك غير واحد من أهل العلم منهم (الجويني) نفسه في أكثر من موضع هذا أحدها، حيث قال الجويني رحمه الله في (غياث الأمم) الصفحة (٤٢٨) الفقرة (٤٧١ -٤٧٢):

"وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لِفَاسِقٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَوْرَتُهُ لِحَاجَةٍ ثُمَّ زَالَتْ وَحَالَتْ، فَاسْتَمْسَكَ بِعُدَّتِهِ مُحَاوِلًا حَمْلَ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى بَيْعَتِهِ، فَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْمُطَاوَلَةِ وَالْمُصَاوَلَةِ، وَحَمْلُ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ عَلَى الْعَقْدِ لَهُ بِحُكْمِ الِاضْطِرَارِ، وَهَذَا ظُلْمٌ وَغَشْمٌ يَقْتَضِي التَّفْسِيقَ.

فَإِذَا تُصُوِّرَتِ الْحَالَةُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَايَعَ، وَإِنَّمَا التَّصْوِيرُ فِيهِ إِذَا ثَارَ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ تَأَلَّبَتْ عَلَيْهِ جُمُوعٌ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُمْ لَمْ يَسْتَطِعْ، وَكَانَ يَجُرُّ مُحَاوَلَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ فِتَنًا لَا تُطَاقُ، وَمِحَنًا يَضِيقُ عَنِ احْتِمَالِهَا النِّطَاقُ، وَفِي اسْتِقْرَارِهِ الِاتِّسَاقُ وَالِانْتِظَامُ، وَرَفَاهِيَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجِبُ تَقْرِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

والمختار أَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ تَقْرِيرُهُ، فَلَا يَكُونُ إِمَامًا، مَا لَمْ تَجْرِ الْبَيْعَةُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي  هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَظْنُونَةٌ، وَالْمَقْطُوعُ بِهِ وُجُوبُ تقريره." 
انتهى كلام الجويني بتمامه.
ومعنى ( تقريره ) أي : الإقرار به حاكما ومعنى (إماما) أي : كأئمة العدل يقاتل معه ضد البغاة وغيرهم
وإنما ذكرت ذلك ليعلم أن الخلاف فيه حاصل فلا يشتد فيه النكير خصوصا في هذه المسائل الحساسة
ومن أراد الاطلاع على أحكام الإمامة والتولية عامة فهذا ( كتاب الغياثي للجويني ) كاملاً،

ومن أراد الاقتصار في الاطلاع على ما يخص أحكام التغلب فهذا هو مقتطعاً من كتاب الغياثي

ونتابع الحديث في المفاهيم التي نروم توضيحها .
مفاهيم يجب أن توضح ( 3 ) :
قراءة في واقع المناطق السورية المحررة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

4️⃣ التغلب وأحواله :
للتغلب في كلام الفقهاء السابقين ثلاثُ صورٍ جميعها متعلقة بالحاكم المسلم الملتزم بحكم الشريعة ولا ينطبق على طواغيت زماننا الذين حاربوا الشريعة واستبدلوها...

أولها: أن يتغلب على إمام (حاكم) مسلم على قيد الحياة بويع بالطريقة الشرعية ( العهد إليه أو بيعة أهل الحل والعقد ) فالفقهاء على تثبيت ولاية الحاكم الشرعي وعدم انعقاد ولاية المتغلب ولعل هذا من الأسباب التي جعلت للتغلب في التاريخ طابعاً دموياً قائماً على قتل جميع الخصوم حسماً لمادة النزاع لصالح المتغلب كما فعل العباسيون مع الأمويين بحيث يؤول الحكم تماماً إلى المتغلب فيستأنف عقد الشرعية.

وثانيها : أن يتغلب متغلب على متغلب مثله، قال النووي في روضة الطالبين: " إذَا ثَبتَت اْلإمامةُ باْلقَهر و اْلغَلَبِة فجاء آخر فقهره انعزل الأول وصار القاهر الثاني إماماً. "

وإثبات الفقهاء إمامة المتغلب الثاني لم تك محاباةً للحاكم الجديد وإنما لأن الأول قد جاء بتغلب أصلا فكان القول بإثبات ولايته والمنع من الخروج عليه درءاً للمفاسد وحفظاً لنظام الشريعة ومراعاة لمقاصدها فلما غلبه الإمام الثاني حكموا ببطلان ولاية الأول وانتقل حكم منع الخروج إليه للسبب نفسه.

وثالثها : أن يخلو الزمان والحال من إمام فيتصدر من يتغلب.

يقول الإمام(النووي) رحمه الله في روضة الطالبين: " أما الطريق الثالث فهو القهر والاستيلاء، فإذا مات الإمام فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة وقهر الناس بشوكته وجنوده، انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين، فإن لم يكن جامعاً للشرائط بأن كان فاسقًا أو جاهلاً، فوجهان: أصحهما انعقادها لما ذكرنا؛ وإن كان عاصيًّا بفعله."

وقال (الجويني) في (غياث الأمم): " فإن لم يكن في الزمان من يستجمع صفات أهل الاختيار وكان الداعي إلى اتباعه على الكمال المرعي فإذا استظهر بالقوة وتصدى للإمامة كان إماماً حقاً وهو في حكم العاقد والمعقود له والدليل على ذلك أن الافتقار إلى الإمام ظاهر والصالح للإمامة واحد وقد خلا الدهر عن أهل الحل والعقد فلا وجه لتعطيل الزمان عن والٍ يذب عن بيضة الإسلام ويحمي الحوزة وهذا مقطوع به لا يخفى دركه على من يحيط بقاعدة الإيالة ."
 
وعليه: فالتغلب أنواع أشنعه عند العلماء: هو التغلب على حاكم مؤهل بويع بالطريقة الشرعية فجاء آخر فتغلب عليه.
ثم يأتي بعده صورة حاكم متغلب مؤهَّل استتبَّ له الحكم فجاء آخر وتغلب عليه، ثم التغلب على غير المؤهل الذي استتب له الحكم واستبداله بمتغلب مثله أو دونه في الأهلية، ثم التغلب حال الخلو من السلطان.

وإننا نرى أن الحالةَ في مناطقنا المحررة أقربُ إلى التغلب حال الخلوِّ من السلطان، فهو تغلبٌ جرى بين فصائل متنازعة لم تُوفّقْ إلى توحيد كلمتها فتغلبَ أحدها حتى آل أمره إلى إنشاء منظومة حكم بعد خلو المنطقة من ذلك وضرورة رعاية مصالح الناس فيها مع كون السلطة فيها ليست إمامة عامة بل حكماً مخصوصاً بمنطقة، إلا أن كثيرا من الأحكام المذكورة في الإمامة العامة تجري فيها ونزيد عليها مجاورة الثغور والرباط على العدو الكافر المتربص من النظام الباطني والروافض والروس ومع ترجيحنا ذلك فإننا نقول: إن كل ظلم نزل أو بغي حصل أو حقوق ضاعت خلال هذا التغلب من قبل المتغلبِ وحتى المتغلَّب عليهم فهو لازم لمن تلبَّسَ به كلٌ حسب تجاوزِه سوف يراه في صحيفة أعماله وسوف يُسأل عنه يوم القيامة ولا يسقط إلا بالتوبة ورد الحقوق أو التحلل منها.
نقاش كلّي للشروط التي وضعت لإمضاء إمامة المتغلب :

وإذا تتبعنا عِلَل منع التغلب في الشرع سنجد أنها تدور حول أمرين والعلم عند الله :
أولهما : الافتئات على الأمة ومصادرة حقها وحريتها في اختيار الأصلح.
وثانيهما : ما يترتب على ذلك التغلب في الأمة من دماء وعداوة وبغضاء وتفرق في الكلمة وذهاب للقوة والذي في الوقت نفسه هو علة إمضاء ولاية المتغلب عند جميع أهل العلم.

إن الفقهاء لمّا بحثوا شروط عقد الولاية قرروها على وجهها الأمثل الذي هو مقتضى نصوص الكتاب والسنة كي يبقى هذا الدين محفوظاً بنسخته العتيقة ورونقه الأصيل لكن من الناحية العملية من يتتبع اختياراتهم وفتياهم لمن عاصرهم من الخلفاء و الولاة سوف يجدهم قد أسقطوا جُلّ هذه الشروط عدا شروط :
١-العقل والذكورة والإسلام  
٢- والشوكة والقهر وما يستتبعها من استتباب أمر الرعية واجتماع الكلمة عليه.
٣- وأن لا تكون مغصوبة من إمام شرعي متوافر
حتى أنهم أجازوا إمامة العبد والفاسق إذا تحققت تلك الشروط الأربعة وما ذاك إلا مراعاة لمقاصد الشريعة في جمع الكلمة ووحدة الصف وحقن الدماء واعتباراً مما جرى في تاريخ الأمة من فتن ودماء ونزولاً عند الاضطرار الذي عاينوه دوما في حال الأمة.

وإذا نظرتَ إلى ولاية العهد بالتوارث – التي جعلها الفقهاء دليلاً على الشرعية – لوجدت أنها لا تُفضي بالضرورة إلى تولي أصلح الأمة بل جَعلتِ الخلافةَ تؤول في كثير من الأحيان إلى أناس ليسوا أهلا لها فولاية العهد بنيت بالأصل على الشوكة التي تحفظ الحكم وتمنع دخول الدولة في عالم الهرج والفتن ثم تحولت إلى نوع من التوارث الدنيوي الذي تعامل معه الفقهاء على أنه ضرورة مستدامة هي أقل شراً من دوام التناحر.

فوصف التغلب منطبقٌ على معظم من تولى الولاية العامة بعد الخلافة الراشدة وحتى يومنا هذا إلا النادر ك(عمر بن عبد العزيز) والذي أراد التنازل عن الخلافة تحرزاً من آلية توريثها و كيفية صيرورتها إليه فمات قبل أن يفعل ذلك رحمه الله تعالى

لذلك نرى العلاقةَ بين الشرعية والشوكة والتغلب لأيِّ منظومةِ حكمت على مدار تاريخنا الإسلامي ــ عدا الخلافة الراشدة ــ علاقةً جدليةً معقدةً رغم وضوح محدداتها شرعا إلا أن مادتها لا تنحسم إلا بالوقوف بين يدي الله عز وجل، وأما في الدنيا فإنها تقوم على معيار النسبية في اختيار الأصلح حسب القدرة والحال و امتثال الحاكم للشرع. وإن أردت مثالاً لتقريب المقصود فانظر إلى الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما جميعاً وكيف آل الأمر في الدنيا إلى معاوية مع أن عليا هو الأصلح بإجماع المسلمين فإن هذا كلّه لن يلغي الحقائق الأخروية في وصف الفئة العادلة والفئة الباغية والحساب عند الله على أساس ذلك رغم أن الدولة الأموية قد نفع الله بها المسلمين وجرى فيها من الفتوحات ما لم يجر على يد غيرها باتفاق المؤرخين حتى وصلت زمن هشام بن عبد الملك جنوب فرنسا...

فالأوصاف المذكورة عند العلماء في ذم التغلب والمتغلب من فسق وظلم وكبيرة طابعها أُخروي؛ بمعنى تجريم المتغلب وتأثيمه عند الله ودخول التغلب وما رافقه من شرور في صحيفة أعماله وكذلك عدم استحقاقه للإمامة واستئثاره بها عند وجود الأصلح في الأمة وكذلك قراراته الظالمة التي قررها خلال حكمه هذا كله ثابت أخروياً على جميع الأحوال.
أما الجانب المتعلق بالسمع والطاعة بالمعروف وفي شعائر الجهاد والحكم بالعدل – رغم استمرار تلبسه بوصف الفسق في أكثر الأحيان – فأمر قد اتفق عليه الفقهاء إما على تخريج الاختيار لمن استقرّ له الأمر وبويع من أهل الحل والعقد أو على تخريج الاضطرار فيما سوى ذلك، ولو كانوا أجروا لوازم وصف الفسق والظلم والكبيرة على إطلاقه لكان لزمهم النهي عن طاعته بل والنهي عن بيعته اختياراً أو اضطراراً بل ولزم منها عدم تصحيح بيعة الناس له إن حصلت بعد التغلب ، ومن المعلوم أن أحدا من أهل العلم لم يجر على هذا القول في جميع العصور الإسلامية بل كان حال من عاصر المتغلبين من العلماء هو السمع والطاعة والثناء عليهم فيما وافق الشرع وحفظ البيضة ونفع المسلمين مع التأثيم والإنكار عليهم و إثبات المؤاخذة الأخروية في تغلباتهم وما جرى فيها من مفاسد ودماء فوجب التنبه لهذا المعنى.
وحول هذا المعنى يحول كلام (الجويني) رحمه الله وغيره إذ يقول:

" فَالظَّاهِرُ عِنْدِي تَصْحِيحُ تَوْلِيَةِ الْعَهْدِ مِنَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، [إِذَا ثَبَتَ بِقَوْلِ غَيْرِ الْمُوَلِّي"]
اسْتِجْمَاعُ الْمُوَلِّي لِلشَّرَائِطِ المرعية فيه
وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَظْنُونَةٌ، لَيْسَ لَهَا مُسْتَنَدٌ قَطْعِيٌّ، وَلَمْ أَرَ التَّمَسُّكَ بِمَا جَرَى مِنَ الْعُهُودِ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى بَنِيهِمْ ; لِأَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَ مُنْقَرَضِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ شَابَتْهَا شَوَائِبُ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِعْلَاءِ، وَأَضْحَى الْحَقُّ الْمَحْضُ فِي الْإِمَامَةِ مَرْفُوضًا، وَصَارَتِ
الْإِمَامَةُ مُلْكًا عَضُوضًا ."
وللحديث خاتمةٌ ونصيحة تأتي بعون المولى الكريم...
Forwarded from عامر الشيخ
في ليلة وترية من العشر الأواخر من رمضان يرتقي شهداء اعزاز في سوق مزدحم بالمدنيين
أي عداء وحقد يضمره من خطط لذلك ؟!وأي انحدار للإنسانية يعيشه من نفذه ؟!

تعازينا لأهالي الشهداء تقبلهم الله ونسأل الله لجرحانا الشفاء والعافية
ولمن يقتات على هذه المآسي ويجعلها مادة لإذكاء الخصومات أو مناسبة لإطلاق الاتهامات :

دعوا دماء الشهداء وجراح المصابين فهي أجلُّ من ذلك وأعظم

#تفجير_اعزاز
#الثورة_السورية
#ثورتنا_مستمرة
مفاهيم يجب أن توضح (4) والأخيرة:

قراءة في واقع المناطق المحررة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه :

5️⃣  مفهوم الصلح المحمود شرعاً :

إن ما يعيشه عالمنا الإسلامي عامة وسوريا وفلسطين خاصة يثبت أننا نخوض صراعا وجوديا يقتضي إدارة دقيقة للمشهد
فها هم اليهود أعلنوا قبل ساعات قليلة عن بدء عملية عسكرية على رفح سواء أكان ذلك حقيقيا أم على وجه المناورة والضغط فإنه في كلتا الحالتين يدل على عدم الاكتراث بأرواح المسلمين وحسبنا الله ونعم الوكيل وإننا نستودعه غزة وأهلها

والمتابع لحال المحرر يجد استمرار حالة التحريض والاحتقان مع كونه قد يؤول إلى تصدع كبير إن حصل - لا سمح الله - فلن يفرح به إلا مشغلوا النظام الذي يعيش الآن أسوأ حالاته فكيف بنا إن أهديناه بتنازعنا نصراً مجانياً يطيل عمره ويشحذ همته!!

إن تحرير مفهوم الصلح هام جداً لحالة المناطق المحررة فربما يظن كثيرون أن الصلح لا يَسوغُ إلا إذا أعيدت كامل الحقوق وتم تعيين الأمثل وتحقق الأكمل، والصحيح أن الصلح وفق النصوص الشرعية والأمثلة التاريخية هو ما حقق مقاصد الشريعة وحفظ بيضة المسلمين وحقن دماءهم وقوّى شوكتهم أمام عدوهم حتى وإن تضمن ذلك تعيين المفضول وضياع بعض الحقوق وفوات بعض الأحكام وتأجيل بعض الأقضية، فترجيح الصلح يتأتى من إدراك حقيقة الحال والوعي بعواقب المآل وتتبع المصالح العليا للمسلمين وأما الانطلاق من مجرد إثبات الوجود أو الرغبة بعدم الانكسار أو ضغط المصالح الضيقة فلا يؤدي عادة إلا إلى مفاسد كبرى ومنكرات أعظم...

وأرى أن الاعتراض على دعوات الصلح وحفظ السلم الأهلي في المحرر ورفض خطوات الإصلاح بدلا من الإعانة عليها يذكرنا من بعض الوجوه بمن اعترض على صلح الحسن رضي الله عنه من الشيعة بمفهومها الاصطلاحي آنذاك فهو بنظرهم قد أذل المؤمنين بتنازله لمعاوية رضي الله عنه وفرط بدماء جميع من قتل في معارك أبيه (الجمل وصفين وحتى النهروان) ووجد في حينها من اتهمه بالرضوخ لبني أمية وربما حمله المسؤولية عن كل ما جرى بعد ذلك من ظلم وعدوان...

وحقيقة الحال أن الحسن رضي الله عنه بعد أن آلت إليه الخلافة بعد أبيه نظر إلى صفِّه فرآه –على كثرته– متفرقاً وإلى صف معاوية فوجده متماسكاً، وإلى حال المسلمين فوجدهم على فتنة وفرقة وخشي أن تذهب الحرب ببقية قوة المسلمين فآثر الصلح وتنازل لأؤلئك الذين ثبتَ وَصفُهم بالسنة الصحيحة ب(الفئة الباغية) !! فكان صنيعه ممدوحاً بالنص رغم ما نزل بالمسلمين لاحقاً في قتل الحسين ظلماً رضي الله عنه وما جرى بعدها في وقعة الحرة من رزايا ومصائب...

لقد كان الثناء النبوي على صنيع الحسن لأنه حقن الدماء بعد حروب طويلة خسرت الأمة فيها من خيرة رجالها ولأن هذا الصلح حقق الاستقرار لالتقاط الأنفاس وبناء الدولة الإسلامية مع كون ذلك خالطه مفاسد في وقت لاحق ولأن الجهود تحولت من الصراعات بين المسلمين الى عودة راية الجهاد وفتح البلاد ودخول الناس في دين الله أفواجاً.

روى البخاري أن الحسن بن عليٍّ استقبل معاوِيةَ بِكتائبَ أمْثالِ الجبالِ ،فقال عمرُو بْن العاص : إنِّي لأَرى كتائِبَ لاَ تُوَلِّي حتى تَقْتُلَ أقْرانَهَا ،فقالَ لَهُ معاويةُ -وكان واللَّهِ خيرَ الرجُلين -: أيْ عمْرُو ! إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ الناسِ،مَنْ لِي بنسائهِمْ،مَنْ لِي بِضيعَتِهِمْ !
فبعثَ إليهِ رجلين من قريشٍ من بني عبدِ شمسٍ : عبدَ الرحمن بن سمرةَ ، وعبدَ اللَّهِ بنَ عامرِ بن كريزٍ ، فقالَ : اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له،واطلبا إليه.فأَتياهُ فدخلا عليهِ فتكلّما وقالا لهُ فطلبا إليْهِ فقال لهما الحسنُ :إنَا بَنُو عَبْدِ المطَّلِبِ قدْ أصبنا منْ هذا المالِ ،وإِنَّ هذهِ الأُمةَ قدْ عاثتْ فِي دمائها .قالا : فإِنَهُ يعْرض عليْك كذا وكذا ويطلبُ إليكَ ويَسألُكَ.قالَ :فَمن لي بهذا ؟ قالا : نحن لك بِه . فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك بِه ، فصالَحَهُ ،فقالَ الحسن : ولقَدْ سمعْتُ أبا بكْرةَ يقولُ : رأيتُ رسول الله صلى على المنبرِ - والحسنُ بنُ عليٍّ إلى جنبه - وهوَ يقبِلُ على النَّاسِ مرةً، وعليهِ أخرى ويقولُ: ( إنَّ ابني هذا سيِّدٌ ، ولعلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بين فئتين عظيمتينِ من المُسلمينَ ).
إن بناءَ منظومةِ الحكم ضرورةٌ قصوى حتى أن توطيدها في حالة الولاية العامة قد يقدم على واجبات شرعية أخرى كتعجيل القصاص والإقامة الفورية للعدل في وقائع بعينها، وقد اجتهد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يؤخر محاسبة قتلة عثمان رضي الله عنه رغم فداحة الخطب بقتل الخليفة الثالث صهر النبي ﷺ حتى أن علياً استعمل بعض من شارك في قتله على جيشه كالأشتر النخعي في حروبه التي خاضها لتوطيد أمر الخلافة..

ومن المستغرب أن يجهد المخالفون في سلب كافة صور الشرعية الاختيارية أو الاضطرارية عن السلطة الموجودة فيركزون على أن الفصائل بيعاتها مقيدة بالجهاد ويَجهَدون في إخراج المحرر عن صورة التغلب المعهودة عند الفقهاء وينقبون في بطون الكتب بحثاً عن فقدان شروط انعقاد الحكم للمتغلب ويغيب عن أذهانهم التحديات الكبرى التي يواجهها المحرر وأن الحال لا يسمح بتغييرات مثالية وأن استمرار الثورة ومصير الملايين من الناس وفق السنن الكونية مرتبط بوجود سلطة أياً كانت نشأتها والتجاوزات المتلبسة بها والتي لا يمكن تغييرها بضغطة زر و مع أننا نقر بأنها ليست ولاية عامة بل ولاية جزئية مقيدة بمنطقة وبأن أساسها هو بيعات فصائل على جهاد انتقلت إلى حالة تغلب جرت معه مظالم وشرور لكنها انتهت إلى منظومة حكم تحقق كثيراً من الضرورات الدينية والدنيوية بحسب المقدور عليه في ظل تكالب الأعداء على ثورتنا بل وعلى أمتنا الإسلامية، ونرى ضرورة اعتبار المرحلة الحالية للسلطة مرحلة مؤقتة بحاجة إلى العديد من الإصلاحات والتطوير بحيث تتضافر جهود السلطة ومعارضيها للوصول إلى نسختها النهائية دون أن يتم هدمها بصراع داخلي يستنزف قوتها وبالتالي يجب استحضار ذلك كله في أي حراك سيما والعالم بأسره مقبل على تحولات كبرى قد تزيد من التهديدات الوجودية لثورتنا وقد يخلق الله بها فرصاً كبرى لاتساع رقعتها وعودتها سيرتها الأولى..

وما حصل سابقاً من تترسِ أقوامٍ بهيئة تحرير الشام بعد تغلبها على الفصائل واتخاذهم لها غطاء تحتمي به يحصل حالياً في الحراك الشعبي إذ أصبح الجو ملائما لكل مُغرِضٍ أن يلبس لَبوس إنكار المنكر ويستغل حالة العداء الحاصل بين الناس لتمرير أجنداته؛ وقد يتوهم الصالحون أنهم ممسكون بزمام الأمر لكن قد يتفاجؤون لاحقاً إذا انزلقت الأمور إلى المحذور بأنه ليس لهم من الأمر شيء فما دام جو الاستقطاب السلبي حاصلاً فسيوجد لا محالة من يستغله لتمرير أجندات خبيثة كما فعل قتلة عثمان في وقعة الجمل من ضرب الفريقين ببعضهما ولا يخفى أن أعداء الإسلام بعد انتفاضات الربيع العربي قد أنشؤوا العديد من الثورات المضادة التي نجح أكثرها في مسعاه واستعملوا في ذلك كل الوسائل المتاحة بما فيها خلافات الفصائل والمناهج والقوميات والشعوب فأسقطوا حكم مرسي رحمه الله وأودوا بالغنوشي ومن معه في غياهب السجون مما يقتضي من أبناء الثورة السورية أن يحذروا من المكر الكبار ويفوتوا على العدو أية ثغرة للولوج إلى ثورتهم فهذا أهم من إثبات كل طرف ثقل وجوده وصحة طريقته ولو كان ثمن ذلك فناء الثورة وانتصار العدو.

وأختم مقالتي بهذا الأثر المَهِيب عن ابن عمر رضي الله عنهما في شأن بيعة معاوية لابنه يزيد فقد أخرج البخاري في صحيحه أن معاوية رضي الله عنه وقف خطيباً في أهل المدينة قائلا : من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه، قال حبيب بن مسلمة فقلت لعبد الله بن عمر: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان، قال حبيب: حُفِظتَ وعُصِمتَ .
والشاهد أنه كظم غيظه وأمضى أمر معاوية طاعة لله وحرصاً على اجتماع كلمة المسلمين..

اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ اهدنا لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
Forwarded from قناة وليد بن عبدالله العاصمي
‏التداوي بالورد القرآني اليومي أقرب طريق لترك الذنوب التي تأسرنا، لأنَّ القرآن يُصلحنا من الداخل..

يأتي على الذنوب التي نستحليها فيقلبها مرارة، وعلى الشبهات التي تزعجنا فيقلبها طمأنينة، وعلى التكاسل الذي يثقلنا فيقلبه نشاطاً.. نورٌ يتسلل إلى القلب فيضيء.
لو أردنا التعريفَ بعلومِ السّياسةِ فستشتمل على أقسامٍ ثلاثةٍ :

سيكونُ أوّلُها معرفةُ التاريخِ واستقراءُ حركتهِ ودورَتهِ .

والثّاني قراءةُ الحاضرِ بفهمِ السياسةِ وقواعدِها في الزمنِ المعاصرِ .

والثالثُ توقّعُ المستقبلِ وصيرورةِ الأحداث .

ثمّ بعدَ ذلكَ كلِّه لنْ تكونَ سياسةً نافعةً لأهلِها إلا إذا حُدّتْ بعلومِ الوَحْيِ وأوصلتْهم - بنيِّةٍ صالحةٍ - إلى غاياتِه ومقاصدِه .

وليسَ وراءَ ذلكَ مِن مثقالِ ذرَّةٍ مِنْ سياسةٍ شرعيّةٍ بل هو التَخرُّصُ والمُقامرةُ .
وما أكثرَ ما تَشتَبِهُ الإشارةُ إلى اللهِ وبه بالإشارةِ إلى النفسِ والإشارة بها ، فيشيرُ إلى نفسهِ بنفسه ، ظانّاً أنّ إشارَته بالله وإلى الله ، ولا يميّزُ بين هذا وهذا إلا خواصُّ العارفين ، الفقهاءُ في معرفةِ الطريقِ والمقصودِ ، وهاهنا انقطعَ من انقطع واتّصل مَنِ اتّصل ، ولا إله إلا الله ! كم مَنْ تَنوّعَ في الإشارة ، وبالغَ ودَقّقَ ، وحَقّقّ ، ولم تَعْدُ إشارَتُه نفسَه ، وهو لا يعلم ، أشارَ بنفسهِ وهو يظنُّ أنه أشارَ بِربّهِ ، وإنّ فَلتاتِ لسانِه ورائحةَ كلامِه لتنادي عليه : أنا ، وبي ، وعني .

ابن القيم رحمه الله تعالى

مدارج السالكين باب التفريد
نحمدك يا مولانا على جميع الأحوال ونستغفرك :

اللهم مَنْ عذّب أولياءَك بالنّار فأَزِلْ -ومَنْ والاهم - دُولَهم ، وأذقْهم من ويلاتِ الدنيا وعذاباتِها ما تشفي به صدورَ المؤمنين ، ثم أَصْلهمْ سعيرَ نارك يوم القيامة ، فيومَئذٍ لا يعذّبُ بالنار أحدٌ سواكَ ، وحاشاك يا مولانا أن تجمع فيها بين أعدائِك وبينَ مَنْ عذّبوهم ،

وصلّى اللهُ وسلّمَ على النّبي وآلهِ وصحبهِ .

#مجزرة_رفح
#رفح_الآن
#طوفان_الأقصى
#الثورة_السورية
Forwarded from عامر الشيخ
على مدار التاريخ لم تكن الفوضى سوى بوابةً للشرِّ والفتنِ خصوصاً مع غيابِ الرؤيةِ وضياع البوصلة وفقدان التحكم من قِبَل الصالحين و كثرة الأعداء والمتربِّصين المنتشرين بين كلّ الأطراف.
إنّ واجب العقلاءِ والغيورين على الثورة السورية الآن أن يُخمدوا نار الفتنة مع جيراننا الأتراك، وواجب الإخوة الأتراك مراجعةُ المشهد وتحديد المصالح الخاصة والمشتركة وتمييز العدو من الصديق فإنَّهم لن يجدوا عدواً أشدّ من نظام الأسد وحلفائه، ولن يجدوا صديقاً أوفى من الشعب السوري.
أما أنتَ فقد بذلتَ ما في وُسعك ، وقدمتَ بين يديكَ من القرابين لربِّك العديدَ من أهلك ، وخُضْتَ مع الصهاينة المعتدين معركةَ وجودٍ ، فاجتهدْتَ فيها وتحرّيتَ ، وأصبتَ منها وأخطأتَ ، فنسأل اللهَ أن يتقبل منك صوابَك وأن يتجاوزَ عنك خطأك .

‏ثم هاهم من استضافوكَ قد وقعوا في التُّهمة والخِزي ، وقاتلَ اللهُ قوماً ألجؤوك بلؤمهم إلى أحضان أؤلئك ،

‏وهاهم من استهدفوك قد تنادوا مِن جُبْنهم إلى السكونِ والصمت ،

‏وهاهم الذين تَبجّحوا بمساندتهم بالسلاح والعتاد وصفقوا لهم في المحافل على مجازرهم قد تبرؤوا من تحمل المسؤولية والتستر على الجريمة ، وهذا لعمر الله دأب الجبناء الأنذال مع الفرسان الأباة في كل زمان ومكان .

‏أحسن الله لنا العزاء في فقد القائد اسماعيل هنية فقد كان يدفع صائلا مُجمَعاً عليه على ثغرٍ عظيم من ثغور الأمة ، ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء وأن يقيض للمجاهدين في فلسطين خيرا منه .
(حتى إذا أخذتِ الأرضُ زخرُفها وازّينت وظنّ أهلُها أنهم قادرون عليها أتاها أمرُنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تَغْنَ بالأمس)

على مدار العقودِ الأخيرة وبعد استيلائهم على حواضر عدةِ بلدانٍ بموجب اتفاقِهم القديمِ مع الغرب ، أصابَ الزهوُ إيرانَ وذيولَها فغاصوا في رمالِ الأسبابِ المتحرّكةِ وطمعوا فيما لا يستحقون فَحِيل بينهم وبين ما يشتهون وسلّطَ اللهُ عليهم من سلّطهم بالأساس على رقابِ المسلمين

والصهاينةُ الآن يعيشون هذا البطر والتكبر بعد ان ارتكبوا مجازرَ غزةَ فأزهقوا أرواح خمسينَ ألفاً وأصابوا مائة ألفٍ وهجّروا مئاتِ الآلاف والعالمُ يتفرّج دون أية محاسبة وشرعوا يفعلونَ ذلكَ في لبنان بطريقةٍ أخرى تناسب وضعَ حزب إيران وهذا سيقتضي من الصهاينةِ على الغالب عدمَ التوقف و إكمالَ الطريق اغترارا بعالم الأسباب وتحقيقاً لحكمة الله البالغة ولسوفَ يلقونَ المصير نفسه بحول الله ولو بعدَ حينٍ .

نعم لقد فرحنا بهلاكِ زعيمِ حزب إيران وكنّا نريدُ أن يكونَ ذلك بأيدينا لا بأيدي الصّهاينة مع أن أبطالنا المجاهدين في سوريا سبق أن أذاقوا مجرمي الحزب كأسَ المنون قبل أن يستعينوا علينا بروسيا وعصاباتها .

وفي خضمِّ الأحداثِ الراهنة أنصح نفسي وإخواني في المناطق المحررة بما يلي :

1- تعظيمُ الرب تعالى وشهودُ عدلِ الله عز وجلّ وكمالِ قدرته في انتقامه من أعدائه كيفما يشاء وهذا يقتضي لزومَ الطاعة والتقوى في شأننا كلّه .

2- اللجوءُ إلى الله بالدعاء أن يهدينا لما يحب ويرضى في ظل هذا التداخل الرهيب في الصراعات والمصالح ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) .

3- بذلُ الأسباب دون الركونِ إليها مع الحذرِ من الاغترار بها فالله عز وجل يبدّلُ الأحوالَ ويصرّف الأسبابَ كيفَ يشاء فمن تعلّق بغير الله وُكِل إليه والموفّق من اعتصم بالله وتوكّل عليه .

4- الاستعانةُ بالله وشحذُ الهمم والعزائم على استردادِ أرضنا وحقوقنا من النظام المجرم وحلفائِه ومن إيرانَ وذيولِها متوكّلينَ على الله دون مبالغةٍ في تعظيمِ الأسباب ف (كم من فئةٍ قليلةٍ غلبتْ فئةً كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) .

5- إصلاحُ ذاتِ البَين ورصُّ الصفوف والتحلّل من المظالم والرّجوع إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة وتقديمُ المصالح العليا للمسلمين على رواسبِ النزاعاتِ والخلافات والمصالحِ الضّيقة في هذا الظرف الاستثنائي .

(فقُطعَ دابرُ القومِ الذين ظلموا والحمدُ لله رب العالمين)

#الثورة_السورية
#طوفان_الأقصى
#هلاك_زعيم_حزب_إيران_اللبناني
إنّ الشرعَ المطهَّر ينبغي أن يكونَ هو المرجعَ في جميعِ المواقف بعيداً عن الأهواء والمصالحِ الدنيوية وردود الأفعال ، ونحن نعوذ بالله أن نطلبَ رضى المخلوقِ بسخط الخالقِ فنرغبَ - تزلفاً لقومٍ أو خشيةً من آخرينَ - عن التعزيةِ باستشهاد إخوةٍ مجاهدينَ قضَوا وهم يقارعون أعداءَ الأمّة ، فإنه مهما بلغَ خلافُنا معهم فإنّ قضيتَهم بالأساس قضيةٌ صادقةٌ ومشروعةٌ وهذا ينطبق على كلِّ مسلمٍ مجاهدٍ على وجه الأرض يجاهدُ لإعلاء كلمةِ الله ودفاعاً عن المستضعفينَ .

‏ولا عزاءَ في إيرانَ وأذرعِها المجرمة الذينَ عاثوا في الأرض فساداً وفي عقيدةِ المسلمين إفساداً فإنهم كَذَبوا وخادعوا كما فعل المنافقون في المدينة بل فاقوهم بإعلان عقائدِهمُ الفاسدةِ ودعوةِ الناس إليها ونحمد الله الذي قدّر هذه الأحداثَ فهتكَ سترَهم وكشفَ عوراتِهم ويوشكُ من بقيَ من الصادقينَ مخدوعاً بهم أن يكتشفَ حقيقتَهم ويستبينَ سبيلهم أو يذوقَ بنفسِه شرَّهم كما فضحَ اللهُ المنافقينَ أمامَ جميع المؤمنين زمن النبوة فحصل التوقف عن المنافحةِ عنهم وإحسانِ الظنّ فيهم .

‏وأمّا الصهاينةُ ومَن خَلفهم والذين يتيهون الآن تكبّرا وغرورا ويخططون لما بعدَ انتهاء المعركة فإن ما يجري هو إملاءٌ موعودٌ قبل أن يقصمَ الجبّارُ عز وجل ظهورَهم بِعُتُوّهم وبَغيهم وإن ذلكَ وعدٌ غيرُ مكذوب سيجريه الله على أيدي من يشاء من عباده متى شاء وهو إيمانٌ بالغيبِ لن يدركَه عقلُ من لا يوقنُ بخَبرهِ تعالى .

‏اللهم تقبّلْ عبدَك يحيى السنوار ودبّر لأهل غزّةَ وسوريا أمورَهم وأحسنْ عاقبتَهم إنكَ لطيفٌ لِما تَشاء والحمدُ لله على كلِّ حالٍ .

‏⁧ #استشهاد_السنوار
‏⁧ #الثورة_السورية
‏⁧ #طوفان_الأقصى
2024/11/20 10:49:12
Back to Top
HTML Embed Code: