قال الحسن البصري - رحمه الله :
إن المؤمن تلقاه الزمان بعد الزمان بأمر واحد ووجه واحد وإن المنافق تلقاه متلونا يشاكل كل قوم ويسعى مع كل ريح.
المجالسة ٥/١٢٠
إن المؤمن تلقاه الزمان بعد الزمان بأمر واحد ووجه واحد وإن المنافق تلقاه متلونا يشاكل كل قوم ويسعى مع كل ريح.
المجالسة ٥/١٢٠
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
«ولهذا نرى أنَّ من الخطإ الفاحش ما يقوم به بعض الناس من الكلام على العلماء أو على الأمراء، فيملأ قلوب الناس عليهم بُغضًا وحقدًا، وإذا رأى شيئًا من هؤلاء يرى أنه مُنكر فالواجب عليه النصيحة، وليس الواجب عليه إفشاءَ هذا المنكر أو هذه المخالفة، ونحن لا نشكُّ أنه يوجد خطأٌ من العلماء، ويوجد خطأٌ من الأمراء، سواءً كان متعمَّدًا أو غير متعمَّد، لكن ليس دواء المرض بإحداث مرضٍ أعظمَ منه، ولا زوال الشرِّ بِشَرٍّ أَشَرَّ منه أبدًا، ولم يضرَّ الأمة الإسلامية إلاَّ كلامُها في علمائها وأمرائها، وإلاَّ فما الذي أوجب قتْلَ عثمان ؟».
«لقاء الباب المفتوح» لابن العثيمين (32/10).
«ولهذا نرى أنَّ من الخطإ الفاحش ما يقوم به بعض الناس من الكلام على العلماء أو على الأمراء، فيملأ قلوب الناس عليهم بُغضًا وحقدًا، وإذا رأى شيئًا من هؤلاء يرى أنه مُنكر فالواجب عليه النصيحة، وليس الواجب عليه إفشاءَ هذا المنكر أو هذه المخالفة، ونحن لا نشكُّ أنه يوجد خطأٌ من العلماء، ويوجد خطأٌ من الأمراء، سواءً كان متعمَّدًا أو غير متعمَّد، لكن ليس دواء المرض بإحداث مرضٍ أعظمَ منه، ولا زوال الشرِّ بِشَرٍّ أَشَرَّ منه أبدًا، ولم يضرَّ الأمة الإسلامية إلاَّ كلامُها في علمائها وأمرائها، وإلاَّ فما الذي أوجب قتْلَ عثمان ؟».
«لقاء الباب المفتوح» لابن العثيمين (32/10).
قَالَ ابنُ القيِّمِ:
«ومِن عَلامَاتِ صِحَّةِ القَلبِ؛ أنَّه إذا فَاتهُ وِردُه، وجدَ لِفواتِه ألمًا أعظمَ مِن تألُّمِ الحَريصِ بفوَاتِ مَالِهِ وفَقدِه».
إغاثةُ اللَّهفانِ | ( ١ / ٦٩ )
«ومِن عَلامَاتِ صِحَّةِ القَلبِ؛ أنَّه إذا فَاتهُ وِردُه، وجدَ لِفواتِه ألمًا أعظمَ مِن تألُّمِ الحَريصِ بفوَاتِ مَالِهِ وفَقدِه».
إغاثةُ اللَّهفانِ | ( ١ / ٦٩ )
﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [ سورة الزخرف: 19]
ستكتب كل كلمة وكل موقف وكل حكم يخرج منك .. ستحاسب على كل ما يخرج منك .. بميزان حق وعدل لا يقبل المساومة ولا التعصب ولا التطفيف ولا البخس ولا يتأثرة بكثرة الأنصار الملوحين!
فاحذر أن تجعل شهادتك للمساومة وللمتاجرة، احذر أن تبيع آخرتك بثمن بخس لإرضاء أحد في هذه الدنيا .. احذر أن تخفي حقيقة خشية من بشر، ولا أن تتماهى مع باطل لكون صاحبه قريب شريف!
لتكن حياتك لله جل جلاله، نقي الصدر والنية، صادق السعي والطلب، مستقيم المسيرة بحق وعدل، يخشى الله تعالى قلبه ينبض وجلا .. يترفع عن كل ظلم موجب للفتنة!
فوالله كل قلب لم يعرف الوجل ولم يخش ربه، لن تنفعه أرتال الثناءات والتصفيقات من حوله!
وإن حقيقة النصر والظفر هي في استقامة بدون ركون ولا طغيان، بدون كذب ولا تدليس، بدون خوارم مروءة وظلم مشين، بدون خيانة للنفس وغش للغير، استقامة كما أمر رب السماوات والأرض، عليها نحيا وعليها نموت ولو حاربنا على ذلك كل قوى الظلم والعدوان.
فسنلقى الله جل جلاله على الصدق والإخلاص لا على غرور وعجب وتزكيات مهلكة.
ستكتب كل كلمة وكل موقف وكل حكم يخرج منك .. ستحاسب على كل ما يخرج منك .. بميزان حق وعدل لا يقبل المساومة ولا التعصب ولا التطفيف ولا البخس ولا يتأثرة بكثرة الأنصار الملوحين!
فاحذر أن تجعل شهادتك للمساومة وللمتاجرة، احذر أن تبيع آخرتك بثمن بخس لإرضاء أحد في هذه الدنيا .. احذر أن تخفي حقيقة خشية من بشر، ولا أن تتماهى مع باطل لكون صاحبه قريب شريف!
لتكن حياتك لله جل جلاله، نقي الصدر والنية، صادق السعي والطلب، مستقيم المسيرة بحق وعدل، يخشى الله تعالى قلبه ينبض وجلا .. يترفع عن كل ظلم موجب للفتنة!
فوالله كل قلب لم يعرف الوجل ولم يخش ربه، لن تنفعه أرتال الثناءات والتصفيقات من حوله!
وإن حقيقة النصر والظفر هي في استقامة بدون ركون ولا طغيان، بدون كذب ولا تدليس، بدون خوارم مروءة وظلم مشين، بدون خيانة للنفس وغش للغير، استقامة كما أمر رب السماوات والأرض، عليها نحيا وعليها نموت ولو حاربنا على ذلك كل قوى الظلم والعدوان.
فسنلقى الله جل جلاله على الصدق والإخلاص لا على غرور وعجب وتزكيات مهلكة.
كلام نفيس عن مسالك اتباع الهوى للمعلمي اليماني رحمه الله حيث قال-:
وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرم بذاك الخادش وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لولم يلح لي الخدش ولكن رجلاً آخر أعترض علي به؟ فكيف كان المعترض ممن أكرهه؟
هذا ولم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه.
(القائد إلى تصحيح العقائد"32)
وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرم بذاك الخادش وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لولم يلح لي الخدش ولكن رجلاً آخر أعترض علي به؟ فكيف كان المعترض ممن أكرهه؟
هذا ولم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه.
(القائد إلى تصحيح العقائد"32)
قال ابن العطار تلميذ الإمام النووي -رحمهما الله-:
"وينبغي استنقاصُ المحرّفين من العلماء، والمغيّرين العلم، والمذلين له، والبائعين له بثمن بخسٍ من عَرَضِ الدنيا وشهواتها، ولا يكفر منتقصهم ولا يفسق، بل هو مثاب عليه، خصوصا إذا قصد التنفير عما هم عليه، وإظهار الدين والقيام به".
[الاعتقاد الخالص ص: ١٧٧
ٰ
"وينبغي استنقاصُ المحرّفين من العلماء، والمغيّرين العلم، والمذلين له، والبائعين له بثمن بخسٍ من عَرَضِ الدنيا وشهواتها، ولا يكفر منتقصهم ولا يفسق، بل هو مثاب عليه، خصوصا إذا قصد التنفير عما هم عليه، وإظهار الدين والقيام به".
[الاعتقاد الخالص ص: ١٧٧
ٰ
«التَّقوَىٰ ثَلاثُ مَراتِب:
إحدَاهَا: حِميةُ القلبِ والجَوارِح عَنِ الآثامِ والمُحرَّماتِ.
الثَّانيَةُ: حِميتُها عَنِ المَكرُوهاتِ.
الثَّالِثةُ: الحِميةُ عنِ الفُضُولِ ومَا لا يَعنِي.
فالأُولىٰ تُعطِي العبدَ حيَاتهُ، والثَّانيَةُ تفِيدُه صِحتَّهُ وقوَّتهُ، والثَّالِثةُ تُكسِبهُ سرُورَه، وفَرحَه، وبَهجتَهُ».
ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
[ الفَوائِدُ || ٣٣ ]
إحدَاهَا: حِميةُ القلبِ والجَوارِح عَنِ الآثامِ والمُحرَّماتِ.
الثَّانيَةُ: حِميتُها عَنِ المَكرُوهاتِ.
الثَّالِثةُ: الحِميةُ عنِ الفُضُولِ ومَا لا يَعنِي.
فالأُولىٰ تُعطِي العبدَ حيَاتهُ، والثَّانيَةُ تفِيدُه صِحتَّهُ وقوَّتهُ، والثَّالِثةُ تُكسِبهُ سرُورَه، وفَرحَه، وبَهجتَهُ».
ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
[ الفَوائِدُ || ٣٣ ]
. أيّ النُّفوسِ هي نفوسُنا
. - مِن غير أن نخدعَ أنفسَنا - !؟
نقل الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيّة في كتابِه«الفوائد» قَولَ الزاهد العابد شَقِيقِ بنِ إِبْرَاهِيم-رحمهما الله-:
(أُغلِق بَابُ التَّوْفِيق عَن الْخلق مِن سِتَّة أَشْيَاءَ:
1-اشتغالُهم بِالنعْمَةِ عَن شُكرِها.
2-ورغبتُهم فِي الْعلم ، وتركُهم الْعَمَلَ.
3-والمسارعةُ إِلَى الذَّنب ، وَتَأْخِيرُ التَّوْبَة.
4-والاغترارُ بِصُحْبَة الصَّالِحين ، وَتركُ الِاقْتِدَاء بفِعالهم.
5-وإدبارُ الدُّنْيَا عَنْهُم وهم يَتْبَعُونها.
6-وإقبالُ الْآخِرَةِ عَلَيْهِم وهم مُعْرِضون عَنْهَا).
* ثم علّق-رحمه الله-قائلاً-:
(وأصلُ ذَلِك : عدمُ الرَّغْبَةِ والرهبةِ.
وَأَصلُه : ضعفُ الْيَقِين.
وَأَصلُه : ضعفُ البصيرة .
وَأَصلُه : مَهانةُ النَّفس ، ودناءتُها ، واستبدالُ الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خيرٌ!
وَإِلَّا ؛ فَلَو كَانَت النَّفسُ شريفةً كَبِيرَةً : لم تَرْضَ بالدُّونِ:
فَأصلُ الْخَيْرِ –كُلِّه- بِتَوْفِيق الله ، ومشيئته- :شَرَفُ النَّفس ، ونُبْلُها ، وكِبَرُها ، وأصلُ الشَّرّ : خِسَّتُها، ودناءتُها ، وصِغَرُها؛ قَالَ –تَعَالَى-﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا.وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ ، أَي : أَفْلح مَن كَبَّرها ، وكَثَّرها ، ونَمَّاها بِطَاعَة الله ، وخاب مَن صَغَّرها ، وحَقَّرها بمعاصي اللهِ:
فالنفوسُ الشَّرِيفَةُ لَا تَرْضى من الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَعْلَاهَا ، وأفضلِها ، وأَحمدِها عَاقِبَةً.
والنفوسُ الدنيئةُ تَحُومُ حولَ الدناءاتِ ، وَتَقَعُ عَلَيْهَا كَمَا يَقعُ الذُّبَابُ على الأقذارِ!
فَالنَّفْسُ الشَّرِيفَةُ الْعَلِيَّةُ لَا ترْضى بالظلمِ ، وَلَا بالفواحشِ ، وَلَا بِالسَّرقَةِ والخيانةِ ؛ لِأَنَّهَا أكبرُ مِن ذَلِك، وأَجَلُّ.
وَالنَّفسُ الـمَهِينةُ الحقيرةُ الخَسيسةُ : بالضِّدِّ مِن ذَلِك.
فَكُلُّ نفسٍ تميلُ إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا ويُشاكِلُها.
وَهَذَا معنى قَوْلِه –تَعَالَى-:﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه﴾، أَي : على مَا يُشاكِلُه ويُناسِبُه ؛ فَهُوَ يَعْملُ على طَرِيقَتِه الَّتِي تُناسِبُ أخلاقَه وطبيعتَه.
وكلُّ إِنْسَانٍ يجْرِي على طَرِيقَتِه ومذهبه وعادتِه الَّتِي أَلِفَها ، وجُبِلَ عَلَيْهَا..).
...لطفَك اللهمّ...
كتبه شيخنا علي الحلبي - رحمه الله - بتاريخ :
(07-11-2015)
. - مِن غير أن نخدعَ أنفسَنا - !؟
نقل الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيّة في كتابِه«الفوائد» قَولَ الزاهد العابد شَقِيقِ بنِ إِبْرَاهِيم-رحمهما الله-:
(أُغلِق بَابُ التَّوْفِيق عَن الْخلق مِن سِتَّة أَشْيَاءَ:
1-اشتغالُهم بِالنعْمَةِ عَن شُكرِها.
2-ورغبتُهم فِي الْعلم ، وتركُهم الْعَمَلَ.
3-والمسارعةُ إِلَى الذَّنب ، وَتَأْخِيرُ التَّوْبَة.
4-والاغترارُ بِصُحْبَة الصَّالِحين ، وَتركُ الِاقْتِدَاء بفِعالهم.
5-وإدبارُ الدُّنْيَا عَنْهُم وهم يَتْبَعُونها.
6-وإقبالُ الْآخِرَةِ عَلَيْهِم وهم مُعْرِضون عَنْهَا).
* ثم علّق-رحمه الله-قائلاً-:
(وأصلُ ذَلِك : عدمُ الرَّغْبَةِ والرهبةِ.
وَأَصلُه : ضعفُ الْيَقِين.
وَأَصلُه : ضعفُ البصيرة .
وَأَصلُه : مَهانةُ النَّفس ، ودناءتُها ، واستبدالُ الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خيرٌ!
وَإِلَّا ؛ فَلَو كَانَت النَّفسُ شريفةً كَبِيرَةً : لم تَرْضَ بالدُّونِ:
فَأصلُ الْخَيْرِ –كُلِّه- بِتَوْفِيق الله ، ومشيئته- :شَرَفُ النَّفس ، ونُبْلُها ، وكِبَرُها ، وأصلُ الشَّرّ : خِسَّتُها، ودناءتُها ، وصِغَرُها؛ قَالَ –تَعَالَى-﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا.وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ ، أَي : أَفْلح مَن كَبَّرها ، وكَثَّرها ، ونَمَّاها بِطَاعَة الله ، وخاب مَن صَغَّرها ، وحَقَّرها بمعاصي اللهِ:
فالنفوسُ الشَّرِيفَةُ لَا تَرْضى من الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَعْلَاهَا ، وأفضلِها ، وأَحمدِها عَاقِبَةً.
والنفوسُ الدنيئةُ تَحُومُ حولَ الدناءاتِ ، وَتَقَعُ عَلَيْهَا كَمَا يَقعُ الذُّبَابُ على الأقذارِ!
فَالنَّفْسُ الشَّرِيفَةُ الْعَلِيَّةُ لَا ترْضى بالظلمِ ، وَلَا بالفواحشِ ، وَلَا بِالسَّرقَةِ والخيانةِ ؛ لِأَنَّهَا أكبرُ مِن ذَلِك، وأَجَلُّ.
وَالنَّفسُ الـمَهِينةُ الحقيرةُ الخَسيسةُ : بالضِّدِّ مِن ذَلِك.
فَكُلُّ نفسٍ تميلُ إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا ويُشاكِلُها.
وَهَذَا معنى قَوْلِه –تَعَالَى-:﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه﴾، أَي : على مَا يُشاكِلُه ويُناسِبُه ؛ فَهُوَ يَعْملُ على طَرِيقَتِه الَّتِي تُناسِبُ أخلاقَه وطبيعتَه.
وكلُّ إِنْسَانٍ يجْرِي على طَرِيقَتِه ومذهبه وعادتِه الَّتِي أَلِفَها ، وجُبِلَ عَلَيْهَا..).
...لطفَك اللهمّ...
كتبه شيخنا علي الحلبي - رحمه الله - بتاريخ :
(07-11-2015)
قال ابن الجوزي – رحمه الله - :في كتابه الماتع صيد الخاطر
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فأخبره تقله – أي : فاختبره تبتعد عنه - .
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فأخبره تقله – أي : فاختبره تبتعد عنه - .
ابن القيم رحمه الله يقرر أصل ومنشأ الفتن وبماذا تدفع يامن تريد النجاة
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى:-
الفتنة نوعان :-
فتنة الشبهات . وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات –وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما
ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة وقلة العلم ولا سيما اذااقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى فقل ما شئت في ضلال سيء القصد الحاكم عليه الهوى لاالهدى مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله فهو من الدين قال الله تعالى فيهم )إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ( النجم -23-
- هذه الفتنة مآ لها الى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين . وفتنة اهل البدع . على حسب مراتب بدعهم فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال
- وهذه الفتنة تنشأ تارة من فهم فاسد وتارة من نقل كاذب وتارة من حق ثابت خفي على الرجل فلم يظفر به . وتارة من غرض فاسد وهوى متبع فهي من عمى في البصيرة وفساد في الإ رادة
- لا ينجى من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دق الدين وجله ظاهره وباطنه . عقائده وأعماله حقائقه وشرائعه فيتلقى عنه حقائق الإ يمان وشرائع إلاسلام .
- اما النوع الثاني :- من الفتنة ففتنة الشهوات . وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين في قوله ) كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلا قهم فاستمتعتم بخلاقكم( التوبة -69-
- أي تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها والخلاق هو النصيب المقدر ثم قال )وخضتم كالذي خاضوا( -69- فهذا الخوض با لباطل ، وهو الشبهات فأشار-سبحانه- في هذه الآية الى مايحصل به فساد القلوب والأ ديان من الاستمتاع بالخلاق ، والخوض بالباطل لأن فساد الدين إما أن يكون باعتقاد الباطل وتكلم به أو بالعمل بخلاف العلم الصحيح . فالاول: هوالبدع وماوالاها . والثاني : فسق العمل .
- فالاول : فساد من جهة الشبهات –والثاني : من جهة الشهوات ولهذا كان السلف يقولون(احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا اعمته دنياه ) وكانوا يقولون (احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ) –
- وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل
فالاول :- أصل فتنة الشبهة .
والثاني :- أصل فتنة الشهوة.
- ففتنة الشبهات تدفع باليقين وفتنة الشهوات تدفع بالصبرولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين . –)وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يؤقنون ( – السجدة -24- فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين وبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة .أ.ه
كتاب - ( إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان – ج 2- 160 -162)
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى:-
الفتنة نوعان :-
فتنة الشبهات . وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات –وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما
ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة وقلة العلم ولا سيما اذااقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى فقل ما شئت في ضلال سيء القصد الحاكم عليه الهوى لاالهدى مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله فهو من الدين قال الله تعالى فيهم )إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ( النجم -23-
- هذه الفتنة مآ لها الى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين . وفتنة اهل البدع . على حسب مراتب بدعهم فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال
- وهذه الفتنة تنشأ تارة من فهم فاسد وتارة من نقل كاذب وتارة من حق ثابت خفي على الرجل فلم يظفر به . وتارة من غرض فاسد وهوى متبع فهي من عمى في البصيرة وفساد في الإ رادة
- لا ينجى من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دق الدين وجله ظاهره وباطنه . عقائده وأعماله حقائقه وشرائعه فيتلقى عنه حقائق الإ يمان وشرائع إلاسلام .
- اما النوع الثاني :- من الفتنة ففتنة الشهوات . وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين في قوله ) كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلا قهم فاستمتعتم بخلاقكم( التوبة -69-
- أي تمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها والخلاق هو النصيب المقدر ثم قال )وخضتم كالذي خاضوا( -69- فهذا الخوض با لباطل ، وهو الشبهات فأشار-سبحانه- في هذه الآية الى مايحصل به فساد القلوب والأ ديان من الاستمتاع بالخلاق ، والخوض بالباطل لأن فساد الدين إما أن يكون باعتقاد الباطل وتكلم به أو بالعمل بخلاف العلم الصحيح . فالاول: هوالبدع وماوالاها . والثاني : فسق العمل .
- فالاول : فساد من جهة الشبهات –والثاني : من جهة الشهوات ولهذا كان السلف يقولون(احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا اعمته دنياه ) وكانوا يقولون (احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ) –
- وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل
فالاول :- أصل فتنة الشبهة .
والثاني :- أصل فتنة الشهوة.
- ففتنة الشبهات تدفع باليقين وفتنة الشهوات تدفع بالصبرولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين . –)وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يؤقنون ( – السجدة -24- فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين وبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة .أ.ه
كتاب - ( إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان – ج 2- 160 -162)
قال ابن القيّم رحمه الله:
فكم من مغبوط بحاله انعكس عليه الحال ورجع من حسن المعاملة إلى قبيح الأعمال
فأصبح يقلب كفيه ويضرب باليمين على الشمال
بينما بَدْر أحواله مستنيرا في ليالى التمام, إذ أصابه الكسوف فدخل في الظلام
فبدل بالأنس وحشة
و بالحضور غيبة
و بالإقبال إعراضا
و بالتقريب إبعادا
و بالجمع تفرقة
كما قيل :
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت... و لم تخف سوء ما يأتي به القدر
و سالمتك الليالي فاغتررت بها... و عند صفو الليالي يحدث الكدر
مدارج السالكين.
فكم من مغبوط بحاله انعكس عليه الحال ورجع من حسن المعاملة إلى قبيح الأعمال
فأصبح يقلب كفيه ويضرب باليمين على الشمال
بينما بَدْر أحواله مستنيرا في ليالى التمام, إذ أصابه الكسوف فدخل في الظلام
فبدل بالأنس وحشة
و بالحضور غيبة
و بالإقبال إعراضا
و بالتقريب إبعادا
و بالجمع تفرقة
كما قيل :
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت... و لم تخف سوء ما يأتي به القدر
و سالمتك الليالي فاغتررت بها... و عند صفو الليالي يحدث الكدر
مدارج السالكين.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
"إذا طلعت شمس السنة في قلب العبد قطعت من قلبه ضباب كل بدعة، وأزالت ظلمة كل ضلالة، إذ لا سلطان للظلمة مع سلطان الشمس، ولا يرى العبد الفرق بين السنة والبدعة، ويعينه على الخروج من ظلمتها إلى نور السنة، إلا المتابعة، والهجرة بقلبه كل وقت إلى الله، بالاستعانة والإخلاص، وصدق اللجإ إليه"
مدارج السالكين | ٣٧٩/
"إذا طلعت شمس السنة في قلب العبد قطعت من قلبه ضباب كل بدعة، وأزالت ظلمة كل ضلالة، إذ لا سلطان للظلمة مع سلطان الشمس، ولا يرى العبد الفرق بين السنة والبدعة، ويعينه على الخروج من ظلمتها إلى نور السنة، إلا المتابعة، والهجرة بقلبه كل وقت إلى الله، بالاستعانة والإخلاص، وصدق اللجإ إليه"
مدارج السالكين | ٣٧٩/
﴿قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ﴾
عدل عن (يا أخي) إلى (ابن أمَّ) فخص الأم بالإضافة استعظاماً لحقها واستعطافاً وترقيقاً لقلبه ..وهو تذكير بأقوى أواصر الأخوة وهي آصر الولادة من بطن واحد من لبان واحد .
التحرير والتنوير ١٦/٢٩٢
عدل عن (يا أخي) إلى (ابن أمَّ) فخص الأم بالإضافة استعظاماً لحقها واستعطافاً وترقيقاً لقلبه ..وهو تذكير بأقوى أواصر الأخوة وهي آصر الولادة من بطن واحد من لبان واحد .
التحرير والتنوير ١٦/٢٩٢
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
"فإن الإنسان قد يعرف أن الحق مع غيره ومع هذا يجحد ذلك لحسده إياه، أو لطلب علوه عليه، أو لهوى النفس، ويحمله ذلك الهوى على أن يعتدي عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو في قلبه يعلم أن الحق معه"
مجموع الفتاوى | ١٩١/٧
"فإن الإنسان قد يعرف أن الحق مع غيره ومع هذا يجحد ذلك لحسده إياه، أو لطلب علوه عليه، أو لهوى النفس، ويحمله ذلك الهوى على أن يعتدي عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو في قلبه يعلم أن الحق معه"
مجموع الفتاوى | ١٩١/٧
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه «مفتاح دار السَّعادة» (1/253) ـ وكأنه يتحدث عن حال أبناء زماننا وجهلهم بالعلاج الناجع لعلاج ظلم حكامهم ـ :
«وتَأمَّلْ حِكمتَه تَعالى في أن جعَلَ مُلوكَ العِبادِ وأُمراءَهم ووُلاَتَهم مِن جِنس أَعمالِهم، بل كأنَّ أَعمالَهم ظهرَت في صُوَر وُلاَتهم ومُلوكِهم، فإن استَقامُوا استَقامَت مُلوكُهم، وإن عدَلوا عدَلَت علَيهم، وإن جارُوا جارَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم، وإن ظهَرَ فيهم المَكرُ والخَديعةُ فوُلاَتُهم كذَلكَ، وإن مَنَعوا حُقوقَ الله لدَيهم وبَخِلوا بها مَنعَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم مَا لهم عندَهم مِن الحقِّ وبَخِلوا بها علَيهم، وإن أَخَذوا ممَّن يَستَضعِفونه مَا لاَ يَستَحقُّونه في مُعاملتِهم أَخذَت مِنهم المُلوكُ مَا لاَ يَستَحقُّونه وضَرَبَت علَيهم المُكوسَ والوَظائفَ، وكلُّ مَا يَستَخرِجونَه من الضَّعيفِ يَستَخرِجُه الملوكُ مِنهم بالقوَّةِ، فعمَّالُهم ظهَرَت في صُوَر أَعمالِهم، وليسَ في الحِكمةِ الإلهيَّةِ أن يُوَلَّى على الأَشرارِ الفجَّارِ إلاَّ مَن يَكونُ مِن جِنسِهم، ولمَّا كانَ الصَّدرُ الأوَّلُ خِيارَ القُرونِ وأبرَّها كانَت ولاَتُهم كذَلكَ، فلمَّا شابُوا شابَت لهم الولاَةُ، فحِكمةُ الله تَأبَى أن يُوَلَّي علَينا في مِثل هَذهِ الأَزمانِ مِثلُ مُعاويةَ وعُمرَ بنِ عَبدِ العَزيز فَضلاً عن مِثل أبي بَكرٍ وعُمرَ، بَل ولاَتُنا على قَدْرنا، ووُلاَةُ مَن قَبلَنا على قَدرِهم، وكلٌّ مِن الأَمرَين مُوجبُ الحِكمةِ ومُقتَضاها، ومَن له فِطنةٌ إذَا سافَرَ بفِكرِه في هَذا البابِ رأَى الحِكمةَ الإِلهيَّةَ سائرَةً في القَضاءِ والقَدَر ظَاهرةً وبَاطنةً فيهِ، كما في الخَلقِ والأَمرِ سَواء، فإيَّاكَ أن تظنَّ بظنِّك الفاسدِ أنَّ شَيئًا مِن أَقضيتِه وأَقدارِه عارٍ عن الحِكمةِ البَالغةِ، بل جَميعُ أَقضيَتِه تَعالى وأَقدارِه وَاقعةٌ على أتمِّ وُجوهِ الحِكمةِ والصَّوابِ، ولَكنَّ العُقولَ الضَّعيفةَ مَحجوبةٌ بضَعفِها عن إِدراكِها كما أنَّ الأَبصارَ الخَفاشيَّةَ مَحجوبةٌ بضَعفِها عن ضَوءِ الشَّمس، وهَذهِ العُقولُ الضِّعافُ إذَا صادَفَها الباطِلُ جالَتْ فيه وصالَتْ ونطقَتْ وقالَتْ، كما أنَّ الخُفَّاش إذَا صادَفَه ظلاَمُ اللَّيل طارَ وسارَ.
خَفافِيشُ أَعْشاهَا النَّهارُ بضَوئِهِ ولاَزَمَها قِطَعٌ مِنَ اللَّيْل مُظْلِم».
«وتَأمَّلْ حِكمتَه تَعالى في أن جعَلَ مُلوكَ العِبادِ وأُمراءَهم ووُلاَتَهم مِن جِنس أَعمالِهم، بل كأنَّ أَعمالَهم ظهرَت في صُوَر وُلاَتهم ومُلوكِهم، فإن استَقامُوا استَقامَت مُلوكُهم، وإن عدَلوا عدَلَت علَيهم، وإن جارُوا جارَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم، وإن ظهَرَ فيهم المَكرُ والخَديعةُ فوُلاَتُهم كذَلكَ، وإن مَنَعوا حُقوقَ الله لدَيهم وبَخِلوا بها مَنعَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم مَا لهم عندَهم مِن الحقِّ وبَخِلوا بها علَيهم، وإن أَخَذوا ممَّن يَستَضعِفونه مَا لاَ يَستَحقُّونه في مُعاملتِهم أَخذَت مِنهم المُلوكُ مَا لاَ يَستَحقُّونه وضَرَبَت علَيهم المُكوسَ والوَظائفَ، وكلُّ مَا يَستَخرِجونَه من الضَّعيفِ يَستَخرِجُه الملوكُ مِنهم بالقوَّةِ، فعمَّالُهم ظهَرَت في صُوَر أَعمالِهم، وليسَ في الحِكمةِ الإلهيَّةِ أن يُوَلَّى على الأَشرارِ الفجَّارِ إلاَّ مَن يَكونُ مِن جِنسِهم، ولمَّا كانَ الصَّدرُ الأوَّلُ خِيارَ القُرونِ وأبرَّها كانَت ولاَتُهم كذَلكَ، فلمَّا شابُوا شابَت لهم الولاَةُ، فحِكمةُ الله تَأبَى أن يُوَلَّي علَينا في مِثل هَذهِ الأَزمانِ مِثلُ مُعاويةَ وعُمرَ بنِ عَبدِ العَزيز فَضلاً عن مِثل أبي بَكرٍ وعُمرَ، بَل ولاَتُنا على قَدْرنا، ووُلاَةُ مَن قَبلَنا على قَدرِهم، وكلٌّ مِن الأَمرَين مُوجبُ الحِكمةِ ومُقتَضاها، ومَن له فِطنةٌ إذَا سافَرَ بفِكرِه في هَذا البابِ رأَى الحِكمةَ الإِلهيَّةَ سائرَةً في القَضاءِ والقَدَر ظَاهرةً وبَاطنةً فيهِ، كما في الخَلقِ والأَمرِ سَواء، فإيَّاكَ أن تظنَّ بظنِّك الفاسدِ أنَّ شَيئًا مِن أَقضيتِه وأَقدارِه عارٍ عن الحِكمةِ البَالغةِ، بل جَميعُ أَقضيَتِه تَعالى وأَقدارِه وَاقعةٌ على أتمِّ وُجوهِ الحِكمةِ والصَّوابِ، ولَكنَّ العُقولَ الضَّعيفةَ مَحجوبةٌ بضَعفِها عن إِدراكِها كما أنَّ الأَبصارَ الخَفاشيَّةَ مَحجوبةٌ بضَعفِها عن ضَوءِ الشَّمس، وهَذهِ العُقولُ الضِّعافُ إذَا صادَفَها الباطِلُ جالَتْ فيه وصالَتْ ونطقَتْ وقالَتْ، كما أنَّ الخُفَّاش إذَا صادَفَه ظلاَمُ اللَّيل طارَ وسارَ.
خَفافِيشُ أَعْشاهَا النَّهارُ بضَوئِهِ ولاَزَمَها قِطَعٌ مِنَ اللَّيْل مُظْلِم».
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ -ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ-:
"ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ:
ﺃﻥ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻟﻠﻪ، ﻓﺘﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ، ﻭﻻ ﺗﺮﺟﻮﻫﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺨﺎﻓﻪ ﻓﻴﻬﻢ، ﻭﻻ ﺗﺨﺎﻓﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺤﺴﻦ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺭﺟﺎﺀ ﺛﻮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺗﻬﻢ، ﻭﺗﻜﻒ ﻋﻦ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻣﻨﻬﻢ"
ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭى | ٥١/١ |
"ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ:
ﺃﻥ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻟﻠﻪ، ﻓﺘﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ، ﻭﻻ ﺗﺮﺟﻮﻫﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺨﺎﻓﻪ ﻓﻴﻬﻢ، ﻭﻻ ﺗﺨﺎﻓﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺤﺴﻦ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺭﺟﺎﺀ ﺛﻮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺗﻬﻢ، ﻭﺗﻜﻒ ﻋﻦ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻣﻨﻬﻢ"
ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭى | ٥١/١ |
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
"طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيره وطلبه إلا بحبسين:
حبس قلبه في طلبه ومطلوبه وحبسه عن الالتفات إلى غيره وحبس لسانه عما لا يفيد.
وحبسه على ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته وحبس جوارحه عن المعاصي. والشهوات وحبسها على الواجبات والمندوبات.
فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من السجن إلى أوسع فضاء وأطيبه ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما إلى فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا فكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وإما ذاهب إلى الحبس وبالله التوفيق"
الفوائد | صـ ٥٤
"طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيره وطلبه إلا بحبسين:
حبس قلبه في طلبه ومطلوبه وحبسه عن الالتفات إلى غيره وحبس لسانه عما لا يفيد.
وحبسه على ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته وحبس جوارحه عن المعاصي. والشهوات وحبسها على الواجبات والمندوبات.
فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من السجن إلى أوسع فضاء وأطيبه ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما إلى فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا فكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وإما ذاهب إلى الحبس وبالله التوفيق"
الفوائد | صـ ٥٤
" وكمْ تغافلتُ عن أشياء أعرفُها
وكمْ تجاهلتُ قولاً كان يُؤذيني
وكمْ أقابلُ شخصاً من ملامحهِ
أدري يقيناً وحقّاً لا يُدانيني
وكمْ تغاضيتُ لا جُبناً ولا خوراً
هي المروءةُ من طبعي ومن ديني
جازيتُ بالطيبِ كلّ الناسِ مجتهداً
لعلَّ ربّي عن طيبي سيجزيني "
وكمْ تجاهلتُ قولاً كان يُؤذيني
وكمْ أقابلُ شخصاً من ملامحهِ
أدري يقيناً وحقّاً لا يُدانيني
وكمْ تغاضيتُ لا جُبناً ولا خوراً
هي المروءةُ من طبعي ومن ديني
جازيتُ بالطيبِ كلّ الناسِ مجتهداً
لعلَّ ربّي عن طيبي سيجزيني "
قال ابن القيّم رحمه الله:
"فإنَّ كمال الإنسان مداره في أصلين :معرفة الحق من الباطل ،وإيثاره عليه ،وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلا بقدر تفاوت منازلهم في هذين الأمرين .
"[ كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء) ص 63 ].
"فإنَّ كمال الإنسان مداره في أصلين :معرفة الحق من الباطل ،وإيثاره عليه ،وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلا بقدر تفاوت منازلهم في هذين الأمرين .
"[ كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء) ص 63 ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلي العابث: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه).
مجموع الفتاوى (7/187)
مجموع الفتاوى (7/187)