انتشل الفارسُ سيفه مجددًا وعينيه تتوقد نيران العزم ، مُصرًا على الظفَر في المعركة قبل أن يذعنَ للموت .
اتضح أن معركته لا تحوي طرفين ، حربٌ لا تُرى ، معركة بلا ضجيج السيوف ، رماحٌ خرساء تحتويها أسئلة لا تجيبها الأجوبة ، يقف وحيدًا في ساحةٍ خالية سلاحه روحه و إرادته درعه ولا خصم له فيها غير ذاته ، ولا ساحةُ قتالٍ غير عقله ، حربٌ صامتة تختمر في أعماق جوفِه العديد من التناقضات ، حربٌ مستمرة بين رغباته وآلامه ، حربٌ مبتغاها الحرية ، شعارها عش حُرًا أو مُت ، حُرًا من عبودية النفس و قيود الشهوات وسلاسل الغرائز ، باحثًا عن حريته في عالمه الداخلي ، يظل يتأرجح بين انتصارٍ مؤجل وهزيمة لا تُدرَك .
عِش حُرًا أو مُت ..
- عِ .
عِش حُرًا أو مُت ..
- عِ .
قال تعالى :
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }
صدق الله العظيم .
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }
صدق الله العظيم .
أيها السيد الكريم ، ليس الفقر رذيلة ، وليس الإدمان على السكر فضيلة ، أنا أعرف ذلك أيضًا ، ولكن البؤس رذيلة أيها السيد الكريم ، البؤس رذيلة يستطيع المرء في الفقر أن يظل محافظًا على نُبل عواطفه الفطرية ، أما في البؤس فلا يستطيع ذلك يومًا ، وما من أحد يستطيعه قط ، إذا كنت في البؤس فإنك لا تطرد من مجتمع البشر ضربًا بالعصا ، بل تطرد منه ضربًا بالمكنسة بغية إذلالك مزيدًا من الإذلال والناس على حق في ذلك ، لأنك في البؤس أول من يريد هذا لنفسه .
- دوستويفسكي "الجريمة و العقاب" . .
- دوستويفسكي "الجريمة و العقاب" . .