شعرت كما لو أن نهاية حياتي كانت تحدق في وجهي. كانت الشهور والسنوات تتساقط واحدة إثر أخرى وأنا مصاب بملل شديد.
— جنوب الحدود، غرب الشمس
— جنوب الحدود، غرب الشمس
"أعرف رغبة الإنسان في أن يحول كل كلماته إلى صمت طويل، أن يكوّرها في حلقه كغصَّة إن كان سينطقها بلا فائدة؛ فالكلمة إما أن تُلفظ وتُقدَّر، أو لا تُقال"
الكفاح لأجل العيش معركة مشرفة ، الاستمرار في بذل الجهد رغم الاستنزاف و الانبعاث المستديم رغم النفاد و مقاومة الاستحالة و الثبات قدر الامكان ، الوقوف في وجه الريح العاتية بشمعة هزيلة و عدم الاسترسال في رغبة الزوال و الانطفاء رغم لذة هيمنتها لبسالة كبيرة .. في مرحلة ما يمكن للروح أن تنضج بعد أن تحترق بالشكل الكافي ، نضجها قد يجيء في شكل حالة سكون ، تهدأ الملامح و يخشع الصوت و تختزل الكلمات و تندر القصص التي كانت تروى في سنوات ماضيات بكثير من الاسترسال ، يمكن للروح أن تبدو طاعنة أو خاملة أو أقل حياة و لكن الامر عكس ذلك الروح لا تموت و لا تقترب من الموت أبدا انها تصير أكثر كثافة كلما مر الفناء الى جوارها ، الروح التي تخرج من معارك الحياة الطاحنة مهترئة و خالية من الملامح هيا الأكثر كمالا و هيا الاكثر انسلاخا من اللذات و الاكثر احتمالا للمكاره .. هكذا يتحول الكفاح لأجل العيش من كونه شهوة لكونه تهذيبا للنفس و صقلا للروح ..
رتبت كل شيء في البيت، الغرفة، الملابس، الكتب، الرفوف، أكواب القهوة، الأوراق المتراكمة، جدول أعمالي، مهام الأسبوع، الصور في هاتفي ايضًا، انتهت الفوضى. كل شيء في مكانه الصحيح الآن إلا أنا، بحسرةٍ أمسك رأسي بكلتا يدي.. وأردد كيف، أفعلها في الداخل يا ﷲ!"
حينما يغيبُ النور عن قلبي، تُصبح الرّوح غابةً مهجورة، يترصّدها الظلام الموحش، والقلق الطويل، بل ويفيض منها ذاك الوجد اللّاسع والمحرق. كأنَ موطن هذهِ الروح المسكينة قطعة َجليداً منسيه في الغابةِ المظلمة .
لا شيءٍ يدعوني للقلق سوا نفسي. أنا أقلق من نفسي دائماً فهذه الاعماق الراكده صارت تُرعبني و لا شيءٍ يرعبني سواها.. لا الليل يشبهني و لا الظلام يدعوني إليه ولا الظلال ترتاحُ لي ، فـ أنا أكادُ أشبه صمت المكاتب المهجوره..
Forwarded from RANIA
على الرغم من أن الساعة كانت السادسة صباحاً ، إلا أن السماء كانت مظلمة بالفعل. الضباب، الذي أصبح أكثر كثافة ، طمس كل التفاصيل بأجنحته الراكدة، التي ثقبها على مسافات مختلفة الوهج المنير للشمس وقضبان الضوء المنبعثة من النوافذ المعتمة. كان الطريق مبللًا بالمطر، ويتلألأ تحت مصابيح الشارع، مثل بحيرة تعكس خيوطًا من الأضواء. هبت ريح مريرة، محملة بجزيئات جليدية، على وجهي، وشكل عويلها نغمات عالية لسيمفونية عزفتها الأمواج المنتفخة التي اصطدمت بأرصفة المنازل بالأسفل. لم يخلوا هذا الصباح من أي من شاعرية للشتاء .
كان عذباً
كان عذباً
إن العزوف عن الكتابة لوقت طويل يجعل الحروف تنقم عن صاحبها.. تترائ الكلمات و معانيها من بعيد كما لو كانت تلوح في الضباب.. ما نريد قوله لا يقال بأي شكل.. ما نشعر به يظل حبيسا منتظرا للحظة السخاء اللغوي التي ستقتلع السدادة فيزفر الحلق بتلك الغصة.. و نتنفس حديثا لا يهم تصنيفه .. لكنه نحن في تلك اللحظة أو في لحظات عديدة متراصة في طابور انتظار الحرية.
لقد اشتقت لتلك اللحظة الثمينة التي لم تستطع اوجاع العالم انتزاعها
و إنتزعها سأمي … سأمي المتكرر أمام مواجهة نفس الشيء رغم تغير زاوية وصفه.. لقد اشتقت لكني كنت واعية لحقيقة أني لم أكن اقدم مضمونا لا أناقش جديداً و لا افضفض عن حدث مغاير.. الوجع أمر يثير السأم.. لا جمال فيه رغم سنين الادعاء.. و الأمل الذي يغلف اليأس تحته كعلب الهدايا الفارغة.. الغياب كان فجوة في الصدر لكن.. هل ملأ الكلام الكثير تلك الفجوة يوما..
لقد اشتقت لتلك اللحظة الثمينة التي لم تستطع اوجاع العالم انتزاعها
و إنتزعها سأمي … سأمي المتكرر أمام مواجهة نفس الشيء رغم تغير زاوية وصفه.. لقد اشتقت لكني كنت واعية لحقيقة أني لم أكن اقدم مضمونا لا أناقش جديداً و لا افضفض عن حدث مغاير.. الوجع أمر يثير السأم.. لا جمال فيه رغم سنين الادعاء.. و الأمل الذي يغلف اليأس تحته كعلب الهدايا الفارغة.. الغياب كان فجوة في الصدر لكن.. هل ملأ الكلام الكثير تلك الفجوة يوما..
ولكني اليوم غير الأمس تماماً، لقد تجّردت من شغف المجازفة، وعاطفة اللوم والعتاب، وأنني على استعداد تام على أن لا أملك من دنياي إلا نفسي لا أكثر .”