tgoop.com/latnshor/590
Last Update:
هذه بطاقة انتشرت جزى الله ناشرها خيراً، وقد أعجبتني عناية الكاتب بأحوال السلف، غير أن الإعجاب لا يمنع من إفادة تتعلق بالمعلومات المذكورة.
فأول ما يؤخذ على البطاقة أن صاحبها يذكر أحوال السلف غالباً من تواريخ المؤرخين الذين عاشوا في القرن الثامن أو التاسع والذين يذكرونها بلا إسناد.
مع أن هذه الأحوال موجودة في مصادر عالية، أصحابها ماتوا في القرن الثالث والرابع، ويروون عن السلف بالإسناد، وبُعده عن المصدر الأصل أوقعه في أوهام.
فعلى سبيل المثال: خبر الأسود بن يزيد موجود في «الطبقات» لابن سعد المتوفى عام 230 بسند قوي، ولفظه: "طاف بالبيت ثمانين ما بين حجة وعمرة".
وهو في تاريخ ابن أبي خيثمة المتوفى 279 بسند صحيح، ويلاحظ أن الكاتب وهم فجعلها كلها حجات، والواقع أنها حجات وعمرات.
وكذلك سعيد بن المسيب، ففي «زوائد الزهد» لعبد الله بن أحمد بإسناد له أنه حج أربعين حجة.
والرواية التي اعتمدها الكاتب أصلها في «حلية الأولياء» وهو مصدر متقدم على «سير أعلام النبلاء» بقرون، بإسناد أبي نعيم، وفيه أن سعيد بن المسيب يقول: "وإني قد حججت واعتمرت بضعا وعشرين مرة وإنما كتبت علي حجة واحدة" فهذا مجموع الحجات والعمرات، وليس الحجات فقط، ويوجد اختلاف في الرواية عن سعيد، فرواية «زوائد الزهد» تزيد على رواية «الحلية».
وأما خبر الحسين بن علي ففي «الطبقات» لابن سعد المتوفى عام 230 بسند رجاله ثقات، وفيه أن الحسين حج هذه الحجات ماشياً على قدميه، والعزو لابن سعد أولى من العزو لابن الأثير المتوفى عام 630.
وأما خبر طاووس وأنه حج أربعين حجة فهذا موجود بسند قوي في عدد من المصادر المتقدمة، مثل: «التاريخ» لابن أبي خيثمة و«المعرفة والتاريخ» ليعقوب و«العلل» لعبد الله بن أحمد.
وأما عمرو بن ميمون الأودي ففي «الزهد» للإمام أحمد يقول: "وحج عمرو بن ميمون ستين من بين حجة وعمرة" فالكلام على مجموع الحج والعمرة، وليس الحج لوحده، والعزو للإمام أحمد أولى من العزو للمتأخرين.
وأما خبر سفيان بن عيينة فهو في «الطبقات» لابن سعد، وابن سعد يرويه عن ابن أخي سفيان عنه مباشرة، فالعزو إليه أولى من العزو للذهبي المتوفى في القرن الثامن!
وخبر أيوب السختياني الذي عزاه للمنتظم لابن الجوزي هو في «حلية الأولياء»، وهو مصدر متقدم على «المنتظم»، والخبر هناك بإسناد.
وخبر أبي عثمان النهدي موجود في «المجالسة» للدينوري، بإسناد يمر بابن أبي الدنيا وفيه كلام، وخبره فيه أن الستين كانت ما بين حجة وعمرة وليس فقط حجات.
ومحرز بن سلمة الذهبي قال في «تاريخه»: "يقال أنه حج ثلاثاً وثمانين حجة" وهو تابع بذلك للمزي، فلم يجزما بالأمر، وإنما تشكَّكا، فالأمانة أن يُذكر التشكك.
وممن هم على شرط الكاتب ولم يذكرهم: محمد بن الفضل بن عطية، من الرواة الضعفاء، حج ستاً وثلاثين حجة، كما في «تاريخ بغداد».
وعبد الرحمن بن الأسود، وخبره عند ابن أبي شيبة في «المصنف»، حج ستين ما بين حجة وعمرة ولم يجمع بين حجة وعمرة في سفر واحد.
وكذلك سعيد بن سليمان الملقب بسعدوية، حج ستين حجة كما في «تاريخ بغداد» و«مناقب أحمد».
وعلي الغضائري محدِّث حلب، حج على رجليه أربعين حجة من حلب، كما في «الحلية» لأبي نعيم.
ومكي بن إبراهيم البلخي حج ستين حجة، كما في «تاريخ بغداد».
وهذه إيقاظة في أهمية الرجوع للمصادر الأصلية لمعرفة أخبار السلف.
BY لا-تنشر

Share with your friend now:
tgoop.com/latnshor/590