Telegram Web
𓂃 ִֶָ

ابتدع الناسُ لليافعِ اسمًا لا أصلَ له، وزيّنوه بما لا يُناسبه؛ فسمَّوه "مُراهقًا"، وعلّقوا عليه أعذارًا واهنةً، ليستروا بها خطأً ظاهرًا وتقصيرًا فاضحًا.

أما الشريعة، فهديُها لا يضلّ، ونصُّها لا يقبلُ التأويلَ بالهوى، إذ قال المصطفى ﷺ: "رفعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصغير حتى يكبُرَ، وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق"، فليس فيهم مَن ارتفع عنه التكليفُ إلا لعُذرٍ بيّنٍ لا التباسَ فيه، ولا مدخلَ للوهمِ عليه، فويلٌ لمن سوّغ السُّقوطَ بادّعاء الطفولة، وبئس ما اختلقَ المبتدِعون، وأضلّ ما بهِ يبرّرُ المُدّعون.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
100
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عَنْهُمْ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-:

«فهنا لو نظرت إلى قوله ﷺ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»، لوجدتَ أنَّ الجملة تفيد الحصر؛ لتعريف طرفيها، والجملة الاسمية إذا تعرف طرفاها فهي مفيدة للحصر، وإذا نظرت إلى أن الإسلام أكثر مما ذُكر فقد يلحقك إشكال، كيف يقول: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» مع أن المسلم من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، إلى آخره؟!

فيقال: الإسلام نوعان: إسلام عام، وإسلام خاص،
←فالمراد بالإسلام هنا: الإسلام الخاص بالنسبة لمعاملة الغير، فالمسلم باعتبار معاملة الناس: من سلم المسلمون من لسانه ويده، لكن المسلم على سبيل العموم: من أتى بأركان الإسلام ولوازمه وإن شئت فقل: المسلم في حق الله تعالى هو: من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأتى بأركان الإسلام الخمسة، والمسلم في حق العباد أو المخلوق من سلم المسلمون من لسانه ويده.

كذلك نقول في المهاجر، فالمهاجر من هجر ما نهى الله تعالى عنه، وهذا عام أما الهجرة الخاصة فهي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وعلى هذا: فَهَجْرُ ما نهى الله تعالى عنه أعم من الهجرة الخاصة التي هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام؛ لأن هذه الهجرة داخلة في هجر ما نهى الله تعالى عنه.

وعلى هذا فمن ترك الغيبة امتثالا لأمر الله تعالى فهو مهاجر، ومن ترك الكذب لله فهو مهاجر، وهلم جرا».

-التعليق على صحيح البخاري ١| ٦٤.
مَا للمرأةِ وطلب العلمِ!

"عبارةٌ ظالمةٌ، لاَ ينطقها من عرَفَ تاريخ الإسلامِ الذي كتب عن نساءٍ صالحاتٍ حملن العلم، وتفقّهن في الدّين، وروين الحديث، وبذلنهُ للنّاسِ"
.
يَقُول الشّاعر:

وعالـــمٌ بعلمـــهِ لم يعمَلَـــنّ
مُعذَبٌّ من قبلِ عُبـادِ الوَثـن

نعوذ باللهِ من علمٍ بِدُون عمل!
"رَحِمَ اللهُ أفئِدةَ النِساءِ، أعظَمُ أدعيتِهنَّ أن يَأمَنَّ."
لِيطمَئنَّ قلبُك
- كتاب الدَّاءُ والدَّوَاءُ. من الكُتب النافعَة المُفِيدة التي ينبغِي لطالب العلم، بل ولعامة المسلمين أن يَجعَلوا لهم منه شيئًا يقرؤونَه؛ كتاب: ( الدَّاءُ والدَّوَاءُ ) أو ( الجَوَابُ الكَافِي لِمَن سَأَلَ عَن الدَّوَاء الشافِي )، للإمام المُصلح الحافظ شمس…
لمَّا أعلَم ابنُ القيِّم السَّائلَ في كتابه الدَّاء والدَّواء أنّ حُسنَ الظنِّ هو حسنُ العملِ نفسه، وبيَّنَ له خطأ من يعتمِدُ على جَانِب الرَّجاءِ مُغترًّا بعفو الله سبحانَهُ، مع الإقامةِ على المعاصي، فساقَ أدِلَّةً صحيحةً صريحةً في أن الله سبحانه، شديدُ العقابِ وأنّه لا يُردُّ بأسُه عن القومِ المجرمين، وهذه من جُملةِ الدُّروع التي يُلبسها ابنُ القيمِ للسَّائل حتى لا يلتفِتَ عن هذا الطريق الذي رسمه له بتلبِيسِ ذي خدعة، ثمَّ أخذَ بيدِه ليضعها على صِنفٍ آخر من المُغترِّين يظنُّ أن محبَّةَ الله، عزّ وجل تكمُن في رغدِ العيشِ الذي يحياه، ويخلط بينَ الغرور والاستدراج، ثمَّ قَعَّد له قاعدة مهمة هي ضابِط المسألة:
إذا رأيتَ الله يُنعم عليك وأنت مُقيمٌ على معاصيه، فاعلم أنَّه استدراج!
ويستكملُ الشيخُ إلباسَ السَّائل الدُّرُوع بعد الدُّروع، ثمّ هو يجيب فِي فصلٍ نفِيسٍ جِدًّا عن سببِ وقُوع النَّاس في المعاصي مع عِرفانِهم أن الآخرة خير، وأرجع السبب إلى ضعف العلم وضعف اليقين، وهذا ما عالجه بمشكاة الوحي في كُلِّ فصول هذا الكتاب، وهذا تدريبٌ عملِيّ على ردِّ مقاصد ابن القيم إلى سؤال السائل، فلنجتهِد ولنُلزِم أنفسنا على لزوم العلم، وفهم مقاصد أهل العلم، والله لا يضيع ولا يترك أحدًا حاول واجتهد إلَّا ويضع فِي يديه خيرًا بِمنِّه وإِنعامِه وإكرامِه!
والله وحدهُ المُوفِّق..
.
𓂃 ִֶָ

إذا ما تمسّكتِ بما جاء في صميمِ الدين من عاداتٍ كريمة، وعضَضْتِ عليه بالنواجذ، وسلكتِ سبيلَ العفافِ بالحكمةِ والفطرةِ النقيّة، فذاكَ من شواهدِ القوّةِ لا الضعف، ومن دلائلِ الثباتِ لا التخاذل، كوني في الناسِ قدوةً يُحتذى بها في السترِ والعفاف، وارفعي لواءَ الوفاءِ لوالديكِ، فقد سهرا وتعبا في سبيلِ صلاحِك، فلا تخوني ما وُهِبتِ من ثقة، ولا تنقضي العهدَ الذي بينكِ وبين الله، فليس من الدين، ولا من أخلاقِ العرب، مراسلةُ الرجالِ أو مخالطتُهم في غيرِ ما حاجةٍ مُلحّة، لا في المجالس، ولا في ساحاتِ الفضاءِ الرقمي، {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}.

وإن كنتُ لا أزعمُ لنفسي مقامَ الناصحين، إلّا أنّ الكلمةَ حين تصدرُ عن قلبٍ صادق، قد تقعُ من النفسِ موقعَ الغيثِ في الأرضِ الظمأى.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
لِيطمَئنَّ قلبُك
𓂃 ִֶָ يطرقُ بابَ أبيكِ ثلاثًا، خفافًا بلا إلحاح؛ فإن فُتح له، فبالمودة والسلام، وإن أُغلق دونه الباب، انصرفَ في أدب، ثم عادَ في طلب، وسعى في رضاكِ بكل سبب، فلا ينالكِ إلا بمشقّةٍ وصبر، لأنكِ غاليةُ القدر، لا يليق بكِ إلا من يصونكِ ويحييكِ حياةَ كرام، ويكون…
𓂃 ִֶָ

جاهدي ضعفَ نفسِكِ؛ فإنّ التأخّرَ في الزواجِ ليس عارًا، بل سترٌ لخيرٍ اختارَ اللهُ توقيتَه، لا تنظري للزمنِ وكأنّه حَكَم، بل انظري إليه كاختبار، فكم من تأخيرٍ حملَ في طيّاته عطاءً، وكم من استعجالٍ جرّ بعده البلاءَ، إيّاكِ ووعودًا منمّقةٍ لا تُصدَّق، وكلماتٍ عذبةٍ تُخفي خلفها الخداعَ.


- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

المَرأةُ التِي لا ترى بأسًا بممازحَةِ الرجالِ تستسيغُها، ثم تسهلُ عليها، ثم تألفها، فيذهَبُ حياؤها، وإذا ذهب الحياءُ فلا فائِدة تُرجى مِنها، ولهذا الأمرِ مفاسِدُ عظيمةٌ، فلا تَستهِنَّ بهِ أيتها النساءُ، ولا تستهينوا به في نسائكم أيها الرجالُ.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

من شُغِلَ بأخبار الناس فليس بذي لُبٍّ رشيد، ومن جعل همَّه تتبُّع العثرات، ونبش الزلّات، والانهماك في عيوب غيره، فهو ذو قلبٍ منكسر، يبتغي السلوان في النَّيل من سواه، والمرء ما دام منشغلًا بنفسه، سمت همّته، واستقامت خُطاه؛ أمّا الانصراف عن العمل، والانشغال بأحاديث الناس، فليس من شِيَمِ أولي الألباب، ولا من خِصال أصحاب المروءة، فارفع همّتك، واطوِ عنك صغائر الأمور؛ تكن في أعين الخلق أسمى، وفي عين نفسك أكرم.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
إنما غضبي لديني؛ لا للدنيا..

وعندما يحتد..؛ اعلم أنك تطاولت على أمر من أمور هذا الدين!

فواللهِ، لا أتسامح مع سب أصحاب رسول الله ﷺ، ولا تجدونني ساكتة!

سأضرب بسيف قلمي البتار، واثقة الخطى، مدعمة بأدلة الكتاب والسنة، راسخة كالجبال الرواسي في وجه كل مبتدع؛ رافضيًّا كان أو شيعيًّا؛ يبث سمومه!!

فأعداء هذا الدين كثر، يندسون في أوساط عامة الناس لنشر معتقداتهم وانحرافاتهم!!

وصمت أهل الحق، يسهل عليهم مهمتهم، فلا يجدون مقاومة، ويغتر بهم ضعفاء النفوس ومن قل علمه وإيمانه!!

وتجدون أصحاب البدع ذوي ألسنة معسولة، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم!


وإن الذي يثير غضبي؛ قول بعضنا!: "دعه يتكلم ويتحدث، ولا تبال به، فبالوقت وببقائه معنا؛ ربما يستقيم ويعرف الحق وحده!!".

وأي حق سيعرفه هؤلاء وقد جاؤوا للإفساد لا الإصلاح!

فلا تتساهلوا في أمرهم.

وإني إن لم أقدر على تغيير شيء؛ فالعزلة خيرٌ لي ولديني، مطمئنة النفس أني أديت ما بوسعي.

- أمُّ عبدِ اللهِ
-
أغلقِي البَاب على قلبكِ جيدًا؛ فإنَّها تُمطر فِتنًا فِي الخارِج .
𓂃 ִֶָ

أيها السلفيُّ، إنك تمشي على ميراثٍ من نور، وتَحمل بين جنبيك أمانةً لا تليق بها إلا العزّة والثبات، فإيّاك أن تكون كالسحاب، يلوح حين تُطلب، ثم يغيب يوم يُرتجى منه الوَد، لا تَغرَّنَّك الهيئات، ولا تُعجبك الألقاب؛ فإنّ المرء يُبتلى حين تُناط به الظنون، وتُنتظر منه البصائر، ويُقرأ منه الصدق قبل الكلمة.

إذا دعوتَ إلى الحق، فكن أنت أوّل القائمين به، لا تهتف به لسانًا وتُكذّبه جَوارحك؛ فإنّ الناس إليك ناظرون، يُقرؤون فيك حسن النهج، ويَزنون عليك عظمة السلف؛ فإن زلَّت قدمك، فزلّتك لا تُحسب عليك وحدك، بل تهوي خلفك قلوبٌ كانت بك تستبصر، ونفوسٌ كانت فيك تتأسّى، فكن كالشجرةِ المباركة، أصلُها العقيدة، وفرعُها السنة، وثمرُها سمتٌ وسكينةٌ في الخلق، ما تهتزّ لريح فتنة، ولا تَميل لعاصفة هوى، ترسّخ في الأرض، وتُظلّ من حولها، ويَبقى ذكرها طيّبًا بعد أن تُطوى الصحائف، إنّ الالتزام بالسنّة نورٌ لا يُستعار، وسِمَةٌ لا تُزيَّف، هو هُدى في القلب، إن وُجد أشرق على الجوارح، وإن فُقِد تاهت الخطى ولو كثرت الشعارات. فالسلف ما كانوا يُعرفون بصخب، بل يُعرفون بسكينةٍ تُلزم، وحكمةٍ تُهدى، وعدلٍ يُبهر، فكن أنت مرآة الدين، إن سأل السائل عن السنة، وجدها في خُلقك، وإن استنارت القلوب، كان النور من سلوكك.

لا تكن حجرًا يُعثر به، بل منارةً يُهتدى بها، فإنك إن سِرت على طريقهم، سِرت على صراطٍ سلكه العقلاء، ما بدّلوا وما مالوا، بل ثبتوا بالحكمة، وعلوا بالمروءة، فاثبُت، واصدُق، ولا تهن، واجعل دعوتك تُروى بالحِلم، وتُثمر بالرُّقي، فالأمة اليوم لا تحتاج إلى الجَلبة، بل إلى من يُجمل الحقَّ بالفعل، ويُقرّبه بالقول الحَسن، ويُحيي طريق السلف بسُنّةٍ تُحبّ، لا تُرهِب. كن أنت ذاك الرجل، فذاك هو الإرث، وذاك هو الفَخار.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

غَضَبي لديني لا يُشبه غضبَ الغافلين، ولا يشوبه هوى العاجزين، إنما هو غيرة المُتيقّن، إذا رأى الحُرُمات تُنتهك، والسنن تُسفّه، والصحب يُقذَفون، وعلى رأسهم الطاهرة المطهّرة عائشة، التي برّأها ربها من فوق سبع سماوات، وسكت عنها من في قلبه زيغ، فخاب سعيه وانحرف لسانه.
وإذا سللت قلمي، فلأن صوتَ المبتدع علا، وسُمّ قوله ذاع، وما وجدتُ سلاحًا أمضى من حجةٍ تنبع من كتابٍ نزل بالحق، وسنةٍ مشى بها الصادق الأمين ﷺ، فأنا في موضعي كالطود الراسي، لا أُرجّح بين السّكوت عن الضلال، والوقوف دونه صفًّا كمن يحفظ الثغر.

كثُر أعداء هذا الدين، ليسوا على ظهور الخيل، بل بثيابٍ وديعة، ولُغةٍ معسولة، يُنادون بما يُبهر السمع، ويُهلك الفِطَرة، يتسلّلون إلى العقول كما يتسرّب الدخان، فإذا لم يجدوا من يردّهم، توغّلوا حتى أفسدوا العقول الغافلة، وخدعوا ضعيفي الإيمان.

فتراهم يُجمّلون الباطل، ويُلفّقون الحق، يأتون في صورة الناصح، وما لهم من الهُدى نصيب، ومن الناس من يقول: "دَعه، فلعلّه يهتدي"، وما علم أن العقرب لا تُربّى لتهدأ، وأن الذئب لا يُستأنس بين الغنم، فكيف يُؤمَن من أظهر الإفساد واستبطنه؟

فلا واللهِ، لا أتساهل، ولا أُهادِن، ولا أرجو رضا الخلق في سخطِ الخالق، فإن سكتُّ، كنتُ لهم معينًا، وإن بُحتُ بما في قلبي، فذاك وفاءٌ لصحبٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه، وغضبٌ لأمٍّ صدّيقةٍ، طُعنت وما نقمت إلا على الطهر.

وإن لم يُكتب لي التغيير، فالعزلة درعي، والانزواء عنهم جُنّتي، نفسي قريرةٌ بأنّي نطقت، وذببت، وأبَيت أن أكون سَكوتًا في زمن الجهر، فإنّ الله سائلي لا عن انتصاري، بل عن بلاغي، وهل صَدعتُ به، أم لبّيتُ نداء الصمت المُخادع.

فيا من يحمل همّ الدين، لا تكن إمّعة، بل قُم كالراسيات، واخطُ كأبي بكرٍ حين ثبت، وكعائشة إذ صانت عهد النبي، لا ترضَ الهوان حين يُنال من الدين باسم الحِلم، ولا تخلع لباس الغيرة فتكون في الركب صامتًا تُنافقك المجاملة.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

المرأة الصالحة لا تُرى، ولكن يُرى أثر صلاحها.

- الرافعي.
لا أستحسنُ تبادلَ رمزِ القلبِ بينَ الجنسينِ في هذهِ المنصات؛ لما في ذلك من مساسٍ بوقارِ النفوس، ومجاوزةٍ لخلقِ الحياءِ الذي تصونهُ المروءةُ.
𓂃 ִֶָ

يا بنيّتي، يا ريحانة العمر، وفلذة القلب، صوني دينكِ، فإنه حصنٌ لا يُهدم، ودرعٌ لا يُثلم، وبه تكوني في عزٍّ لا يُدان، وسُؤددٍ لا يُهان، فلا تميلي بقلبكِ لمن لا يخاف الله، ولا تُلقي ثقتكِ لمن لا عهد له ولا أمانة؛ فإنَّ العاقل لا يُسلم قلبه إلا لمن صَدَق، ولا يفتح بابه إلا لمن طرقه بالحلال.

قال الله تعالى: ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ آيةٌ كأنها سياجٌ يسبق الفعل، ونذيرٌ يسبق الندم، ورحمةٌ من الله قبل أن يُمسّ القلب بألمٍ لا يُحتمل.
يا كريمةَ الخلق، لا تكشفي ستركِ لمن يأتيكِ خلسة، فالنور لا يطلب في الظلام، والصلاح لا يُبتغى في الخفاء، وقال تعالى: ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم﴾ فمن ادّعى فهمكِ وتعاطف معكِ دون عهدٍ، فهو صاحب فتنة، لا صاحب حق، ويا من ظُنّ بها الضعف، إن الله أيّدكِ بالإيمان، وربّاكِ على شرعه، وما شرعه لكِ إلا لكرامتك، وما نهاكِ إلا ليصونكِ.

قال الله عزّ وجل: ﴿يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم﴾ فذاك البيان من الله، فيه نفعُ الدنيا، وهدايةُ القلوب، وسلامةُ الطريق، فاثبتي يا بنيّتي، وارفعي رأسكِ بحيائكِ، ولا تفرّطي بعزّ نفسكِ في زمنٍ زاحمت فيه الأهواء العقول، فأنتِ غاليةٌ، لا تُنالين إلا بمهرٍ من دينٍ وخلقٍ وصدقٍ ويقين.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

كن رحيمًا، وإن جاروا عليك، ولا تُعاملهم بالمِثل؛ فإن القلوب المثقلة بالحزن لا تحتمل مزيدًا من الجراح، وإن كان ظاهرها متماسكًا، فباطنها هشٌّ تكسره الكلمة، وتُؤذيه النظرة.

ارفق بالناس؛ فإن في كل قلبٍ قصةً لا تُروى، وألمًا لا يُفصح عنه، وحنينًا لا يُخمده الزمان، لا تنتصر لنفسك بالإيذاء؛ فالنبل كلُّ النبل أن تسمو، وأن تكون بلسمًا لا سُمًّا، وجابرًا لا كاسرًا، وسراجًا لا دخانًا؛ فإن القلوب المكلومة لا تحتمل مزيدًا من الوخز، وإن بدا ظاهرها صلبًا، ففي داخلها من وجع السنين ما يكفيها. فإذا ما جَرَحَتْكَ يدٌ لم تُراعِ، وآذتك كلمةٌ لم تُحسب، فلا تكن ممن يُضاعف الكسر، بل كن ممن يجبره؛ فإنك لا تدري ما خلف الجُرح من سكونٍ مكسور، أو حلمٍ تهاوى.

ارفق بالناس، ولو قسَوا، وكن لطيفًا، ولو شقّوا طريقهم بحدّ الغضب، لا تجعل من المِثل جزاءً؛ فليس كل من آلمك عامدًا، وقد تكون القلوب التي قَسَت في يومٍ ما، أنقى من نبعٍ فجّرته أحزانُ الدهر، فالناس أجساد، والقلوب أسرار، فاجعل من قلبك مأوىً، ومن لسانك سلسبيلًا، ومن وجهك شمسًا لا تنطفئ، وإن قالوا فيك ما لا يُقال، أو فعلوا ما لا يُفعل، فابتسم كأنك تُواسيهم لا تُعاتبهم؛ فالفضل في الرحمة، لا في ردّ الأذى.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

أما آن لكم أن تكفّوا الأذى عن الناس؟

تتناقلون حديثًا لا يرضي ربًّا، ولا يُصلح قلبًا، كأنّما لم تعلموا أن الله جلّ في علاه خَلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرّمه، وجعل له سمعًا وبصرًا وفؤادًا، ونفخ فيه من روحه الطاهرة، ورفعه على كثيرٍ من خلقه، فما لكم تفرحون بعثرات إخوانكم، وتضحكون من أشكالهم وهيئاتهم؟ أتجدون في سقطاتهم مادةً لهزلٍ وسخرية؟ أما خفتم يومًا تُسألون فيه عن ما قلتم، وتُحاسبون على ما همزتم ولمزتم؟

إن أحدكم لم يختر نسبه، ولم يصنع خَلقه بيده، بل خلقه ربُّه كما أراد، في رحمٍ مظلم، ثم أخرجه إلى النور بقدرته، فكيف يرضى عاقلٌ أن يسخر من صِنعةِ ربه، ثم يدّعي أنّ في ذلك خِفة دم؟ بل هي خفة عقلٍ، وثقل ذنبٍ، يُكتب ويُعرض على الله، فكونوا كما يُحبُّ اللهُ من عباده، نظيفي القلب واللسان؛ فإن المرءَ لا يُوزن بثوبه ولا بشكله، ولكن بتقواه وخُلقه، فذلك هو المقياس في الميزان، وذلك هو الفضل عند الرحمن.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
2025/07/14 10:50:16
Back to Top
HTML Embed Code: