تعريف فضيلة الشيخ د. عامر بهجت بـ
(شروح مقررات حقيبة التأهيل الفقهي الحنبلي)
https://youtu.be/NCK_fbFIOIs?si=X_neAdiMDVlPRHsW
(شروح مقررات حقيبة التأهيل الفقهي الحنبلي)
https://youtu.be/NCK_fbFIOIs?si=X_neAdiMDVlPRHsW
حالي حين كتابة اختبارات الطلاب، كحال الطالب حين مذاكرته للاختبار!
كلانا يلهينا أيُّ شيء عمّا نحن بصدده، لا سيما وأني من هواة جمع اختبارات الشُّعَبِ كلها في يوم واحد، ثمَّ إنِّي لا أكتب الاختبارات غالبًا إلا ليلة الاختبار، وأتلبَّثُ في وضع الأسئلة، وأصرح للطلبة أحيانًا بأن مقامهم الرفيع يستوجب أن أكتب لهم من الأسئلة ما يليق بمعارفهم الواسعة 😃
نعم، يلهيني في هذه الأوقات أيُّ شيءٍ، فما إن أضع سؤالا إلا وألتفت يمينًا أو شمالًا بحثًا عن كتابٍ أقلّبه -لا بقصد الانتفاع به بطبيعة الحال- أو أعيد ترتيب بعض أجزاء المكتبة أو غير ذلك من المهام الحياتية.
حدثني أحد أصحابي أنه قرأ ذكريات الطنطاوي بأجزائها الثمانية في أيام الاختبارات النهائية، وغنيٌّ عن الذكر أنه رسب في بعض المواد ذلك الفصل الدراسي، وأما أنا فلا تشغلني خيبة الرسوب، وهذه من لذاذات أن تكون معلّمًا، لكنَّ من ورائه خيبةً أخرى، وهي الاستعداد لتصحيح تلك الأوراق، ولو لم يكن هناك منفِّرٌ من التعليم إلا هذا لكفى!
يقول الأديب المازني:
(كنتُ مدرِّس ترجمة، ولغة التلاميذ ركيكةٌ ضعيفة محشوَّةٌ بالأغلاط، وكان عملي يضطرني أن أراجع وأصحح أكثر من مئتين من كراسات هؤلاء التلاميذ، فخفتُ أن آلَفَ الركاكة والضعف على الأيام، وأن يجرَّ ما لا بدَّ من التسامح معهم إلى التسامح مع نفسي، فيهبط مستوى كتابتي وينحطَّ أسلوبي ويعتوره الوهن من بعض جهاته، فيفقد الاستواء، ويعود كالطريق الذي لم يُعبَّد، بعضُه سهلٌ وبعضه حَزْنٌ، ولا تكاد القدم تطمئن إلى انتظامه مسافةً حتى تعترضها الحُفَر والنُّقَر.
وتلك آفة التدريس، فإن المدرِّس من طول تحرِّيه أن ينزل إلى مستوى العقول التي يلقِّنُها قد يهوي هو نفسُه إلى هذا المستوى بعد أعوام إذا قصَّر في الاطلاع أو كَسِل عنه.
ومن أجل هذا أقسمتُ ألَّا أقرأ من الكتب إلا أقواها وأسماها وأمتنها، ومن هنا تشددي في النقد تلك الأيام، وما يزال تلاميذي يذكرون لي ما كانوا يكرهونه من صرامة أحكامي عليهم، وقسوتي في تقدير الدرجات لهم).
وددتُ لو أطلتُ هذه الخاطرة العابرة رضوخًا تحت سطوة الإلهاء، لكني مضطر لإكمال كتابة الأسئلة، كما أن هناك ملهياتٍ أخرى تطلب نصيبها من وقت الكتابة وأنوي تجزئة الليل لأجلها أثلاثًا، وهذه اللحظات يراسلني أحد خُلَّص أصحابي حيث بعث إليَّ درسًا سجَّله وكتب إليّ قائلًا: (لو لو لو سمعتَ لحظاتٍ منه، وتقترح تعديلًا في طريقة الشرح فلا تحرمني).
فأرسلت له: (جئتَ في الوقت المناسب!).
كلانا يلهينا أيُّ شيء عمّا نحن بصدده، لا سيما وأني من هواة جمع اختبارات الشُّعَبِ كلها في يوم واحد، ثمَّ إنِّي لا أكتب الاختبارات غالبًا إلا ليلة الاختبار، وأتلبَّثُ في وضع الأسئلة، وأصرح للطلبة أحيانًا بأن مقامهم الرفيع يستوجب أن أكتب لهم من الأسئلة ما يليق بمعارفهم الواسعة 😃
نعم، يلهيني في هذه الأوقات أيُّ شيءٍ، فما إن أضع سؤالا إلا وألتفت يمينًا أو شمالًا بحثًا عن كتابٍ أقلّبه -لا بقصد الانتفاع به بطبيعة الحال- أو أعيد ترتيب بعض أجزاء المكتبة أو غير ذلك من المهام الحياتية.
حدثني أحد أصحابي أنه قرأ ذكريات الطنطاوي بأجزائها الثمانية في أيام الاختبارات النهائية، وغنيٌّ عن الذكر أنه رسب في بعض المواد ذلك الفصل الدراسي، وأما أنا فلا تشغلني خيبة الرسوب، وهذه من لذاذات أن تكون معلّمًا، لكنَّ من ورائه خيبةً أخرى، وهي الاستعداد لتصحيح تلك الأوراق، ولو لم يكن هناك منفِّرٌ من التعليم إلا هذا لكفى!
يقول الأديب المازني:
(كنتُ مدرِّس ترجمة، ولغة التلاميذ ركيكةٌ ضعيفة محشوَّةٌ بالأغلاط، وكان عملي يضطرني أن أراجع وأصحح أكثر من مئتين من كراسات هؤلاء التلاميذ، فخفتُ أن آلَفَ الركاكة والضعف على الأيام، وأن يجرَّ ما لا بدَّ من التسامح معهم إلى التسامح مع نفسي، فيهبط مستوى كتابتي وينحطَّ أسلوبي ويعتوره الوهن من بعض جهاته، فيفقد الاستواء، ويعود كالطريق الذي لم يُعبَّد، بعضُه سهلٌ وبعضه حَزْنٌ، ولا تكاد القدم تطمئن إلى انتظامه مسافةً حتى تعترضها الحُفَر والنُّقَر.
وتلك آفة التدريس، فإن المدرِّس من طول تحرِّيه أن ينزل إلى مستوى العقول التي يلقِّنُها قد يهوي هو نفسُه إلى هذا المستوى بعد أعوام إذا قصَّر في الاطلاع أو كَسِل عنه.
ومن أجل هذا أقسمتُ ألَّا أقرأ من الكتب إلا أقواها وأسماها وأمتنها، ومن هنا تشددي في النقد تلك الأيام، وما يزال تلاميذي يذكرون لي ما كانوا يكرهونه من صرامة أحكامي عليهم، وقسوتي في تقدير الدرجات لهم).
وددتُ لو أطلتُ هذه الخاطرة العابرة رضوخًا تحت سطوة الإلهاء، لكني مضطر لإكمال كتابة الأسئلة، كما أن هناك ملهياتٍ أخرى تطلب نصيبها من وقت الكتابة وأنوي تجزئة الليل لأجلها أثلاثًا، وهذه اللحظات يراسلني أحد خُلَّص أصحابي حيث بعث إليَّ درسًا سجَّله وكتب إليّ قائلًا: (لو لو لو سمعتَ لحظاتٍ منه، وتقترح تعديلًا في طريقة الشرح فلا تحرمني).
فأرسلت له: (جئتَ في الوقت المناسب!).
هذا الذي نقله فضيلة الشيخ لبيب نجيب الشافعي -وهو خبير بمذهبه- عن العلامة الإسنوي عندي فيه بعض مراجعة، وسبب ذلك أن الرافعي في شرحه لمسند الشافعي يعزو للأم عزوَ مطلعٍ بلا واسطة، ولا يستعمل في ذلك عبارة: (وعن نصه في الأم) التي ذكر الإسنوي أن الرافعي يستعملها فيما ينقله بواسطة، بل يقول نحو: (قال الشافعي في الأم، روى الشافعي في الأم، سياق كلام الشافعي في الأم، ذكر الشافعي في الأم) ونحو ذلك.
بل إن الرافعي في شرحه للمسند ربما ذكر الحديثَ وبين موضعَه من "الأم" بدقة لبيان الفرق بين موضع الحديث في المسند وموضعه من الأم، وهذا أمر زائدٌ على مجرد النقل، ولا يَرِدُ فيه أن يقال بأنه ينقل بواسطة أو بغيرها، ثم إن الرافعي في أثناء ذلك يذكر تبويبات الأم بألفاظها، ولا يُتوهَّمُ أنه ربما استند في ذلك على مختصر المزني أو البويطي، بل ربما ذكر من الأحاديث والأبواب ما ليس فيهما.
كما أنه ربما قارن بين سياق الأحاديث وترتيبها ما في المسند وما في الأم، ولا يقول ذلك من كان نقله عن الأم بواسطة، لأن البحث هنا ليس في نقلٍ لمسألة أو لجملة، بل في حكايةٍ لترتيب الكتاب وسياق المادة فيه.
ومن تلك المواضع:
- قول الرافعي رحمه الله: (واعلم أن الأحاديث والآثار المودعة في "المسند" من أول استقبال القبلة إلى هذِه الغاية مسوقة على النظم والترتيب الذي أتى به الشافعي في "الأم") (1: 391).
- وقوله: (وقوله: "من كتاب الإمامة" بترجمة الشافعي في "الأم"، والمراد: كتاب الصلاة بالجماعة، ومن هذا الموضع عاد أبو العباس إلى ترتيب "الأم") (1: 420).
- وقوله: (واعلم أن هذا الفصل وما بعده لا يتعلق بالأبواب السابقة، لكن الشافعي رضي الله عنه عقد في "الأم" بابًا بعد صلاة العيدين ترجمه بكتاب الصلاة والصيام الواجب والتطوع) (2: 72).
- وقوله: (وقوله: "من كتاب الجزية"، هكذا ترجم الشافعي في "الأم" الكتابَ، لكنه لم يقصره على ما يتعلق بالجزية، بل أورد فيه أبواب السير) (3: 303).
هذه بعض الشواهد التي وقفت عليها، وغيرها كثير، والقصد من هذه التعليقةِ الإشارةُ إلى أن ما قاله الإسنوي بحاجة لمزيد تأمُّلٍ وتثبت.
وليس البحث في ذلك من نافل القول، لا سيما إذا استحضرنا منزلة الرافعي من المذهب الشافعي، واتخاذ الإسنوي لذلك معيارًا للمفاضلة بين شيخَي المذهب (الرافعي والنووي).
ولا أقصد بما تقدم تخطئة الإسنوي، لأن هناك بعض الاحتمالات التي قد تُؤَوَّل بها هذه المواضع، لكن ظاهرَها ما تقدّم، ولا يُعدَل عن الظاهر بمجرد الاحتمالات.
بل إن الرافعي في شرحه للمسند ربما ذكر الحديثَ وبين موضعَه من "الأم" بدقة لبيان الفرق بين موضع الحديث في المسند وموضعه من الأم، وهذا أمر زائدٌ على مجرد النقل، ولا يَرِدُ فيه أن يقال بأنه ينقل بواسطة أو بغيرها، ثم إن الرافعي في أثناء ذلك يذكر تبويبات الأم بألفاظها، ولا يُتوهَّمُ أنه ربما استند في ذلك على مختصر المزني أو البويطي، بل ربما ذكر من الأحاديث والأبواب ما ليس فيهما.
كما أنه ربما قارن بين سياق الأحاديث وترتيبها ما في المسند وما في الأم، ولا يقول ذلك من كان نقله عن الأم بواسطة، لأن البحث هنا ليس في نقلٍ لمسألة أو لجملة، بل في حكايةٍ لترتيب الكتاب وسياق المادة فيه.
ومن تلك المواضع:
- قول الرافعي رحمه الله: (واعلم أن الأحاديث والآثار المودعة في "المسند" من أول استقبال القبلة إلى هذِه الغاية مسوقة على النظم والترتيب الذي أتى به الشافعي في "الأم") (1: 391).
- وقوله: (وقوله: "من كتاب الإمامة" بترجمة الشافعي في "الأم"، والمراد: كتاب الصلاة بالجماعة، ومن هذا الموضع عاد أبو العباس إلى ترتيب "الأم") (1: 420).
- وقوله: (واعلم أن هذا الفصل وما بعده لا يتعلق بالأبواب السابقة، لكن الشافعي رضي الله عنه عقد في "الأم" بابًا بعد صلاة العيدين ترجمه بكتاب الصلاة والصيام الواجب والتطوع) (2: 72).
- وقوله: (وقوله: "من كتاب الجزية"، هكذا ترجم الشافعي في "الأم" الكتابَ، لكنه لم يقصره على ما يتعلق بالجزية، بل أورد فيه أبواب السير) (3: 303).
هذه بعض الشواهد التي وقفت عليها، وغيرها كثير، والقصد من هذه التعليقةِ الإشارةُ إلى أن ما قاله الإسنوي بحاجة لمزيد تأمُّلٍ وتثبت.
وليس البحث في ذلك من نافل القول، لا سيما إذا استحضرنا منزلة الرافعي من المذهب الشافعي، واتخاذ الإسنوي لذلك معيارًا للمفاضلة بين شيخَي المذهب (الرافعي والنووي).
ولا أقصد بما تقدم تخطئة الإسنوي، لأن هناك بعض الاحتمالات التي قد تُؤَوَّل بها هذه المواضع، لكن ظاهرَها ما تقدّم، ولا يُعدَل عن الظاهر بمجرد الاحتمالات.
إذا رأيتُ من لا علمَ له عن الكتب إلا عناوينها، مع التظاهر ببعض ما صادفتْه عيناه خلسةً من فوائدها = أستذكر البيت الزَّين لأحمد الزَّين:
"وكلُّ ما عنده كُتْبٌ يُعدِّدُها
لم يَدْرِ ممَّا حَوَت غيًّا ولا رَشَدا!"
"وكلُّ ما عنده كُتْبٌ يُعدِّدُها
لم يَدْرِ ممَّا حَوَت غيًّا ولا رَشَدا!"
"الكتبُ التي صنَّفها أصحابُ أحمد من أعدل الكتب في نقل مذهب غيرهم، ومن أبعدها عن الهوى، وأقربها إلى المعرفة بمذاهب الناس، وإن كان قد يقع من بعضهم غلطٌ أو هوى نفس أو قلةُ إنصاف، فلسنا نبرِّئ طائفةً من ذلك، وإنَّما هذا فيهم أقل من غيرهم، والصدقُ والإنصافُ فيهم أكثرُ منه في غيرهم، وإن كان في غيرهم مَن يكون أعلمَ وأصدقَ وأكثرَ إنصافًا من أكثرهم"
ابن تيمية
قاعدة في تفضيل مذهب الإمام أحمد
روى عبد الرزاق في "مصنفه" قال:
أخبرنا الثوري، عن أبيه، عن المغيرة بن شُبَيل، عن طارق بن شهاب، أنه بات عند سلمان ينظر اجتهاده، قال: فقام فصلى من آخر الليل فكأنه لم يرَ الذي كان يظن، فذكر ذلك له، فقال سلمان:
حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنهن كفاراتٌ لهذه الجراحاتِ ما لم تُصَب المقتلة*.
فإذا أمسى الناس كانوا على ثلاث منازل: فمنهم من له ولا عليه، ومنهم من عليه ولا له، ومنهم من لا له ولا عليه.
- فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس، فقام يصلي حتى أصبح، فذلك له ولا عليه.
- ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فركب رأسه في المعاصي، فذلك عليه ولا له.
- ورجل صلى العشاء ونام، فذلك لا له ولا عليه.
*المقتلة: الكبائر.
أخبرنا الثوري، عن أبيه، عن المغيرة بن شُبَيل، عن طارق بن شهاب، أنه بات عند سلمان ينظر اجتهاده، قال: فقام فصلى من آخر الليل فكأنه لم يرَ الذي كان يظن، فذكر ذلك له، فقال سلمان:
حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنهن كفاراتٌ لهذه الجراحاتِ ما لم تُصَب المقتلة*.
فإذا أمسى الناس كانوا على ثلاث منازل: فمنهم من له ولا عليه، ومنهم من عليه ولا له، ومنهم من لا له ولا عليه.
- فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس، فقام يصلي حتى أصبح، فذلك له ولا عليه.
- ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فركب رأسه في المعاصي، فذلك عليه ولا له.
- ورجل صلى العشاء ونام، فذلك لا له ولا عليه.
*المقتلة: الكبائر.
قال الناصح ابن الحنبلي عن الموفق ابن قدامة:
(اشتغل بتصنيف كتاب المغني في شرح الخرقي، فبلغ الأملَ في إتمامه، وهو كتابٌ بليغٌ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه وأجاد فيه، وجمَّل به المذهب).
(اشتغل بتصنيف كتاب المغني في شرح الخرقي، فبلغ الأملَ في إتمامه، وهو كتابٌ بليغٌ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه وأجاد فيه، وجمَّل به المذهب).
"… ثم قدمتُ إلى تطوان سنة ثمانين أو إحدى وثمانين من القرن الثاني عشر، فاشتغلتُ بقراءة العلم، واستغرقتُ أوقاتي كلَّها فيه، ثم لحقتني فاقةٌ شديدةٌ، لأني استحييتُ أن أطلبَ معروفًا من أحد، فبقيتُ كذلك مدةً، فكانت الوالدةُ ترسل لي الخبزَ من البلد، ثم فتح الله بالخير الكثير، هذه سنّةُ الله في خواصّه، كما قال الشاعر:
لا تحسب المجدَ تمرًا أنت آكله
لن تبلغ المجدَ حتى تلعقَ الصَّبِرا
لكنّ حلاوةَ العلم ولوعتَه غيَّبتْ عني مرارةَ الفاقة"
لا تحسب المجدَ تمرًا أنت آكله
لن تبلغ المجدَ حتى تلعقَ الصَّبِرا
لكنّ حلاوةَ العلم ولوعتَه غيَّبتْ عني مرارةَ الفاقة"
ابن عجيبة
Forwarded from قناة •| أحمد السويلم |•
أخَ الرواية ..
هب أنك حصّلت الإجازات العالية، والسماعات النادرة، وجمعت الشيوخ، وقرأت وحضرت وأدركت مجالس السماع.. وأنت بعدُ لم تحفظ القرآن، ولا تحسن الإعراب، ولم تتفقه في دينك كما ينبغي، وليس لك في دراية ما تسمعه اشتغال ولا لك على تفّهم ما ترويه إقبال ..
قل لي بربك ماذا تفيدك مروياتك ومسموعاتك إلا التكثر والانصراف عن المهم، والإعراض عن حقيق العلم ؟
https://www.tgoop.com/AhmadNalSwailem
هب أنك حصّلت الإجازات العالية، والسماعات النادرة، وجمعت الشيوخ، وقرأت وحضرت وأدركت مجالس السماع.. وأنت بعدُ لم تحفظ القرآن، ولا تحسن الإعراب، ولم تتفقه في دينك كما ينبغي، وليس لك في دراية ما تسمعه اشتغال ولا لك على تفّهم ما ترويه إقبال ..
قل لي بربك ماذا تفيدك مروياتك ومسموعاتك إلا التكثر والانصراف عن المهم، والإعراض عن حقيق العلم ؟
https://www.tgoop.com/AhmadNalSwailem
Telegram
قناة •| أحمد السويلم |•
قناة للفوائد واللطائف العلمية، من اختيار/ د. أحمد بن نجيب السويلم
Forwarded from قناة | مِهاد الأُصُول (زياد خياط)
موازنةٌ تيميّة بديعة بين الأئمة الأربعة في أصول الفقه:
لشيخ الإسلام رحمه الله من الموازنات الدقيقة بين منازع الأئمة وطرائقهم في الأصول والفروع ما هو مشهورٌ به، حتى عُدَّ هذا الفنّ من مفاريده؛ لكمال استقرائه، وجودة انتزاعه واستنباطه، وعدله في موازنته وإنصافه.
بل له من الموازنات العجيبة بين بعض أئمة الكلام من المتقدِّمين والمتأخِّرين ما يُعجب منه، حتّى إنه لا يُغادِر من محاسنهم شيئا إلا ذكره ولو صغُر، وهو مقامٌ لا تقوى فيه كثيرٌ من النفوس على ترك المبالغة في الحطِّ والثّلب، بلهَ ذكرَ المحاسن، والتأوُّلَ للزلَّات ومحبةَ الإعذار.
وقد حفَل كتاب الشيخ النَّفيس الصّادر حديثًا «قاعدة في تفضيل مذهب الإمام أحمد وذكر محاسنه والذبّ عنه» بموازنات عالية، ونقدات رفيعة، وإشرافٍ بليغٍ على مسالك الأئمة الأربعة في الأصول والفروع، والتَّنبيه على مجامع المحاسن في طرائقهم، وما لبعضهم على بعض من التفرُّد في أبواب، والزِّيادة في أبواب.
وهو موطنٌ أهتبل نشرَه ملخَّصًا في وقت لاحق إن شاء الله.
هذا.. وإنّني أقدّم عليه هنا جُذاذةً منتزعة من الملحق الذي ذيّل به الشيخ المحقِّق عبدالله السليمان-حفظه الله وجزاه عن أهل العلم خيرا- هذه القاعدة النَّفيسة، وهو فصلٌ في الموازنة بين الأئمة الأربعة في الأصلَيْن: أصول الدِّين، وأصول الفقه، حققه الشيخ سلمه الله عن: «الكواكب الدّراري» لابن عروة الحنبلي رحمه الله.
وأنتزع منه هنا ما يتعلق بالموازنة بين الأئمة الأربعة في أصول الفقه خاصّة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
«الأئمّة الأربعة هم في أصول الفقه والدّين على درجاتٍ:
- إجمالًا وتفصيلًا من مالك.
- وتمييزًا بين الدّليل وغير الدّليل.
- وتقديم الرّاجح على المرجوح.
ولكنّ الشافعيَّ يُفصِّل أصولَه.
- مُفصِّلٌ للكلام في أصول الدِّين والفقه تفصيلا جيِّدًا.
- موافِقٌ [للشافعي] في عامّة أصول الفقه، وكان يقول [عنه]: «حديثٌ صحيح، ورأي صحيح».
- وكان يقول عن مالك: «حديث صحيح، ورأي ضعيف»، مع ما في أصول فقهه من نوعِ اضطرابٍ.
- فالشافعيُّ أتبعُ للنُّصوص المُفصَّلة، لا يخالف حديثًا صحيحًا عمدًا قطُّ، بخلاف مالكٍ في هذا الباب.
- لكن مالكٌ ضبَطَ من قواعد الشريعة ومقاصدها ما لم يضبطْه الشافعيُّ من السِّياسات والمعاملات ورعاية المقاصد والنّيّات.
وهذا أشبه بـ«أصول الدِّين»، كما أنَّ الأحاديث المفصَّلة أشبه بـ«أصول الفقه».
- موافقٌ للشافعيِّ من حيث الجملة في: متابعة الحديث.
- ولمالكٍ في: رعاية المقاصد والنّيّات وقواعد الشريعة.
- لكن قد يحصل من مالك في بعض المواضع تفصيلٌ لا يوجد مثلُه في كلام أحمد؛ وإن كانت أصولُ أحمد توافقه.
- وأصول الفقه تُنبِئ أنّه تعلّمها من الشافعيّ، كما تعلّم الشافعيُّ منه الأصول المفصّلة، وهي الأحاديث الصِّحاح الدالّة على مسائل الفقه». انتهى ملخَّصًا.
«قاعدة في تفضيل مذهب الإمام أحمد وذكر محاسنه والذّبّ عنه» - الملحق (ص٢٦١- ٢٦٣).
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الإمام ابن باز رحمه الله ورضي عنه
Forwarded from قناة سليمان بن ناصر العبودي
مــرآةٌ صافيـة !
سألني صديقٌ عن قول بعض علماء العصر أن من قرأ كتب العلامة العثيمين -رحمه الله- فقد حصَّل 90% من العلم، فقلت: هذه لطائف تشمُّ ولا تحكّ، ولعلَّ هذا العالم الفاضل قَصَدَ ما يحتاجه طالب العلم في زمن تأسيسه من المعارف، فهذا القول بهذا المعنى ليس بعيدًا عن الواقع ..
لكن يستحق الشيخ من الثناء على معارفه أضعافَ ما قيل، فهو علامة بحقّ، لم تكد تنجب الجزيرة منذ قرون مثلَه في شموليَّته وصفاء ذهنه وحسن ترتيبه، ربَّما أنجبتْ أوسعَ حِفظًا أو أكثرَ اطلاعًا أو أعمقَ غَوصًا في جوانب شتى من العلوم، لكن هذا التكامل مع التحقيق والترتيب نادر المثال، وهو ذو نباهة فطرية، ناقدٌ لما تقع عليه عينُه، لو لم يطلب العلوم ففيه ذكاء جبلِّيٌّ لم يستفدْه من المعارف، وإنما قدحت زنادَه المعارف وهذَّبته.
كان غريبًا في زمانه، مَرَّت حولَه أطوار وأحوال، وحالُه واحدٌ في كل حال، يَـحُفُّه التوفيق والتسديد حيثما حلّ رباطه، لو هبت عاصفة جارِفة وركبها أقوام فليست تؤثر فيه إلا مزيدًا من التمسك بما يعرفه من العلم والعمل، ثم بعد هدوء العاصفة يستأنف النفع، وينطلق في مضمارِه كالسَّهم، وهكذا فالمرء مالم يكن حاسِمًا في زِحَام الخيارات، واضِحَ الرؤية عند متاهة السُّبُل فإنه أثره يزول ويضمحلّ، وكما قيل: لا يمكنك أن تصيب الهدف ويدك ترتجف.
ولعلَّه لما عَلِمَ الله حُسْنَ نيَّتِه مدَّه بأسباب التوفيق، وأعانَه ببواعث التسديد، وكان من جملة ذلك التأييد الإلهي المبكِّر أن يَسَّرَ له شيخًا كبيرًا في علمِهِ وقدرِه، هو ابن سعدي صاحب العقلية الإبداعية المنضبطة بقواعد العلم ورسومه، وصادَفَ التلميذُ شيخَه في كهولَتِه واكتمالِهِ فكان يغمر قلبه غمرًا بدِلاء المعارِف، ويسايره في السلوك؛ كان شيخه يملأ العين والقلب ويفيض عنهما، فبلغ به أن يحاكيه في حركاته وسكناته، ويمتثل هديه امتثالا وهو بعدُ شابٌّ صغير، ويشهد بأمِّ عينه جلَد شيخه على التعليم والتأليف، وتلفت انتباهه مثابرتُه وصبره، فكان يسمِّي شيخه لاحقًا: (شيخنا المثابر)، فكان قدوةً صالحةً له في الدأب، واتصال البرامج، والاضطلاع بمهام تنوء بالعصبة أولي القوة، وفتح الله له به رِتاجَ علمِ الفقه.
وتجري على رِسْلِها الأيام لتبرهن أن منهجه الذي سار عليه في الفقه والفتوى من أَمْثَلِ المناهج في الجملة، وأبعدها عن الإشكال، وأقربها إلى تحقيق المقاصد، وأجدرها بجمع ما تفرق من المحاسن، والكمال عزيز، فهو المنهج الذي يجمع بين معرفة مقاصد الفقهاء وتعليلاتهم، مع طول الورود وحسن الاتصال بالينبوع الذي لا ينضب من النصوص الشرعية.
ثم مَنَّ عليه المولى الكريم مرةً أخرى، فكان له موعدٌ مع قفزة علمية وإيمانية بالتقائه دون ميعاد بالجبل الأشمّ ابنِ باز، والتقى الماء على أمر قد قدِر، وذلك على هامش الدراسة في الرياض، فيكمِّل به ما فاته من الاطلاع على السنن والآثار، كما انتفع باتصاله به صلاحًا في القلب كما ذكر بنفسه نحو ذلك، ويَسَّر له أن يرى في شيوخِهِ حقيقة الإعراض عن زهرة الدنيا، وصدق الإقبال على الآخرة، والعزوف الصادق عن محبة العلوّ في الأرض، والزهد بلا تكلّف في ألقاب الثناء، فيمتثل الشابّ، ويتقفَّر الهُدى، ويضيء به جوانح قلبه، وهذه جملة واسعة من أسباب التوفيق والهداية ..
وهو فوق ذلك أوتي جَلَدًا وتركيزًا وصَبرًا فانفتحت له خزانة واسعة من المعارف، وكان ذا عبادةٍ تروى بعض نظائرها في كتب التراجم وحِلية الأولياء، قال الذهبي حينما روى عبادة بعض الأوائل: (هذه عِبادة يُخضع لها)، وقد روي عنه جملة من هذه الأخبار، ثم وفقه الله للإعراض عن الدُّنيا وقد طرقت بَابَه مِرارًا، فلم تلقَ منه إلا ازْوِرارًا، فَصَفَا ذهْنُه، واستقام فِقْهُه، وتجرَّدت مخرجاته عن كثيرٍ من التَّجاذبات والطَّفَرات، فصار قلبه كأنه مرآة صافية مصقولة لا تعكس إلا المعارف الصحيحة.
صبيحة الاثنين ١٩/ ٥ / ١٤٤٧ هـ.
سألني صديقٌ عن قول بعض علماء العصر أن من قرأ كتب العلامة العثيمين -رحمه الله- فقد حصَّل 90% من العلم، فقلت: هذه لطائف تشمُّ ولا تحكّ، ولعلَّ هذا العالم الفاضل قَصَدَ ما يحتاجه طالب العلم في زمن تأسيسه من المعارف، فهذا القول بهذا المعنى ليس بعيدًا عن الواقع ..
لكن يستحق الشيخ من الثناء على معارفه أضعافَ ما قيل، فهو علامة بحقّ، لم تكد تنجب الجزيرة منذ قرون مثلَه في شموليَّته وصفاء ذهنه وحسن ترتيبه، ربَّما أنجبتْ أوسعَ حِفظًا أو أكثرَ اطلاعًا أو أعمقَ غَوصًا في جوانب شتى من العلوم، لكن هذا التكامل مع التحقيق والترتيب نادر المثال، وهو ذو نباهة فطرية، ناقدٌ لما تقع عليه عينُه، لو لم يطلب العلوم ففيه ذكاء جبلِّيٌّ لم يستفدْه من المعارف، وإنما قدحت زنادَه المعارف وهذَّبته.
كان غريبًا في زمانه، مَرَّت حولَه أطوار وأحوال، وحالُه واحدٌ في كل حال، يَـحُفُّه التوفيق والتسديد حيثما حلّ رباطه، لو هبت عاصفة جارِفة وركبها أقوام فليست تؤثر فيه إلا مزيدًا من التمسك بما يعرفه من العلم والعمل، ثم بعد هدوء العاصفة يستأنف النفع، وينطلق في مضمارِه كالسَّهم، وهكذا فالمرء مالم يكن حاسِمًا في زِحَام الخيارات، واضِحَ الرؤية عند متاهة السُّبُل فإنه أثره يزول ويضمحلّ، وكما قيل: لا يمكنك أن تصيب الهدف ويدك ترتجف.
ولعلَّه لما عَلِمَ الله حُسْنَ نيَّتِه مدَّه بأسباب التوفيق، وأعانَه ببواعث التسديد، وكان من جملة ذلك التأييد الإلهي المبكِّر أن يَسَّرَ له شيخًا كبيرًا في علمِهِ وقدرِه، هو ابن سعدي صاحب العقلية الإبداعية المنضبطة بقواعد العلم ورسومه، وصادَفَ التلميذُ شيخَه في كهولَتِه واكتمالِهِ فكان يغمر قلبه غمرًا بدِلاء المعارِف، ويسايره في السلوك؛ كان شيخه يملأ العين والقلب ويفيض عنهما، فبلغ به أن يحاكيه في حركاته وسكناته، ويمتثل هديه امتثالا وهو بعدُ شابٌّ صغير، ويشهد بأمِّ عينه جلَد شيخه على التعليم والتأليف، وتلفت انتباهه مثابرتُه وصبره، فكان يسمِّي شيخه لاحقًا: (شيخنا المثابر)، فكان قدوةً صالحةً له في الدأب، واتصال البرامج، والاضطلاع بمهام تنوء بالعصبة أولي القوة، وفتح الله له به رِتاجَ علمِ الفقه.
وتجري على رِسْلِها الأيام لتبرهن أن منهجه الذي سار عليه في الفقه والفتوى من أَمْثَلِ المناهج في الجملة، وأبعدها عن الإشكال، وأقربها إلى تحقيق المقاصد، وأجدرها بجمع ما تفرق من المحاسن، والكمال عزيز، فهو المنهج الذي يجمع بين معرفة مقاصد الفقهاء وتعليلاتهم، مع طول الورود وحسن الاتصال بالينبوع الذي لا ينضب من النصوص الشرعية.
ثم مَنَّ عليه المولى الكريم مرةً أخرى، فكان له موعدٌ مع قفزة علمية وإيمانية بالتقائه دون ميعاد بالجبل الأشمّ ابنِ باز، والتقى الماء على أمر قد قدِر، وذلك على هامش الدراسة في الرياض، فيكمِّل به ما فاته من الاطلاع على السنن والآثار، كما انتفع باتصاله به صلاحًا في القلب كما ذكر بنفسه نحو ذلك، ويَسَّر له أن يرى في شيوخِهِ حقيقة الإعراض عن زهرة الدنيا، وصدق الإقبال على الآخرة، والعزوف الصادق عن محبة العلوّ في الأرض، والزهد بلا تكلّف في ألقاب الثناء، فيمتثل الشابّ، ويتقفَّر الهُدى، ويضيء به جوانح قلبه، وهذه جملة واسعة من أسباب التوفيق والهداية ..
وهو فوق ذلك أوتي جَلَدًا وتركيزًا وصَبرًا فانفتحت له خزانة واسعة من المعارف، وكان ذا عبادةٍ تروى بعض نظائرها في كتب التراجم وحِلية الأولياء، قال الذهبي حينما روى عبادة بعض الأوائل: (هذه عِبادة يُخضع لها)، وقد روي عنه جملة من هذه الأخبار، ثم وفقه الله للإعراض عن الدُّنيا وقد طرقت بَابَه مِرارًا، فلم تلقَ منه إلا ازْوِرارًا، فَصَفَا ذهْنُه، واستقام فِقْهُه، وتجرَّدت مخرجاته عن كثيرٍ من التَّجاذبات والطَّفَرات، فصار قلبه كأنه مرآة صافية مصقولة لا تعكس إلا المعارف الصحيحة.
صبيحة الاثنين ١٩/ ٥ / ١٤٤٧ هـ.
Forwarded from قناة | مِهاد الأُصُول (زياد خياط)
من #سؤالات_القناة:
❔ هل يُطلَب علم الأصول مذهبيًّا كالفقه أو لا؟ فإننا سمعنا من كثير من الأشياخ أن طلب علم الأصول لا يكون مذهبيًّا.
🖋 الجواب:
الصحيح في طلب الأصول أنه كالفقه، يتدرَّج الطّالبُ فيه مذهبيًّا، وهذه كانت جادّة السابقين، وحتى كتب الأصول التي عُنِيت بالمقارنة بين المذاهب، لم يكن أصحابها بمعزل عن ذلك، فكان أصحابها يخرجون على مذاهبهم ويحققونها في هذه المطولات.
وهذا يدل على أنهم قصدوا بالتأليف المقارن في الأصول عينَ ما قصدوه بالتأليف المقارن في الفقه، وهو: غرض الاحتجاج والانتصار لمذاهبهم وبيان رجحانها على غيرها، وتمهيد طريق الاجتهاد وتذليله للطالبين.
لهذا وضع أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله كتبه على هذا المساق:
📖 «اللُّمع»؛ جرَّده لأصول الشافعية، وقد يشير إشارات قليلة للخلاف.
وفي «شرح اللُّمع» يذكر الخلاف ويستدل ويعترض.
📖 «التَّبصرة»؛ جعله في أصول الفقه المقارن.
وكانت خطته في هذا واضحة؛ فإنه نصَّ في مقدمة اللُّمع على أنه سئل أن يضع كتابا مختصرا في المذهب، مضافا إلى كتاب التبصرة في الخلاف. وكلاهما في الأصول.
وهذا الطريق هو الأجدى على الطالب.
وإنما شاع القول بأنّ علم الأصول لا يُلتَزم فيه بمذهب؛ لأمور:
▫️ الأول: التشابه الظاهر بين أصول الفقه عند الجمهور (الشافعية - المالكية - الحنابلة) فيُظنُّ -لأول وهلة- أنه يمكن الاجتزاء في دراسة الأصول بأي كتاب منها.
ووجود قدر من الاشتراك لا ينفي وجود قدر التمايز، وهو موجود؛ فلكل مذهب مواضع امتياز لا بد من تحصيلها.
وإذا كان ذلك كذلك؛ فدراسة الأصول على مذهب معين أمر محتاج إليه:
▫️ لضبط هذه الامتيازات.
▫️ ولإحكام الربط بين أصول المذهب وفروعه.
▫️ الثاني: إطلاق بعض الأصوليِّين كإمام الحرمين أنَّ الأصوليّ لا يلتزم بمذهب، وهذا الإطلاق لم يفهمه المعاصرون على وجهه؛ فإنَّ كلامه هذا ليس في ابتداء التحصيل أصلا، بل هو فيمن حصَّل وأتقن الأصول وبلغ فيها رتبة الاجتهاد، فهذا لا يلتزم بمذهب.
وأما المتعلم للأصول؛ فعليه التدرج المعتاد، ولا يصح أن يقال له: لا تدرس الأصول على مذهب وهو مبتدئ!
ولن يبلغ المرء رتبة الاستقلال تلك؛ حتى يبدأ متمذهبا، شأنه في الأصول كشأنه في الفقه تماما.
▫️ الثالث: الظنُّ بأنَّ كتب الأصول عند الجمهور ليست مستندة في تأسيس القواعد على فروع المذاهب، بل القواعد عندهم مؤسسة على أدلتها، وليست مخرجة من الفروع.
وأما طريقة الحنفية فهي مخرجة من الفروع، فعلى هذا: تكون دراسة كتب الجمهور غير مذهبية، ودراسة كتب الحنفية مذهبية.
وهذا ظنٌّ فائل استشرى في المعاصرين، وليس بسديد؛ فإنّ كتب الجمهور أيضا مبنيَّة على الفروع، لكن الفرق أنهم في سياق الاستدلال على القواعد يستندون إلى الأدلة ولا يظهرون الاستناد إلى الفروع، والحق أن الفروع حاضرة وإن كانت مضمرة، وهذه الأصول مستخرجة ومستقراة من فروع مذاهبهم، ولكن الفرق في الصياغة لا في حقيقة البناء.
ولهذا كله؛ فالدراسة المذهبية في الأصول هي أول المدارج في تحصيل علم الأصول، كما أن الدراسة المذهبية في الفقه هي أول المدارج في تحصيل علم الفقه. والله الموفق.
#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول
الصحيح في طلب الأصول أنه كالفقه، يتدرَّج الطّالبُ فيه مذهبيًّا، وهذه كانت جادّة السابقين، وحتى كتب الأصول التي عُنِيت بالمقارنة بين المذاهب، لم يكن أصحابها بمعزل عن ذلك، فكان أصحابها يخرجون على مذاهبهم ويحققونها في هذه المطولات.
وهذا يدل على أنهم قصدوا بالتأليف المقارن في الأصول عينَ ما قصدوه بالتأليف المقارن في الفقه، وهو: غرض الاحتجاج والانتصار لمذاهبهم وبيان رجحانها على غيرها، وتمهيد طريق الاجتهاد وتذليله للطالبين.
لهذا وضع أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله كتبه على هذا المساق:
وفي «شرح اللُّمع» يذكر الخلاف ويستدل ويعترض.
وكانت خطته في هذا واضحة؛ فإنه نصَّ في مقدمة اللُّمع على أنه سئل أن يضع كتابا مختصرا في المذهب، مضافا إلى كتاب التبصرة في الخلاف. وكلاهما في الأصول.
وهذا الطريق هو الأجدى على الطالب.
وإنما شاع القول بأنّ علم الأصول لا يُلتَزم فيه بمذهب؛ لأمور:
ووجود قدر من الاشتراك لا ينفي وجود قدر التمايز، وهو موجود؛ فلكل مذهب مواضع امتياز لا بد من تحصيلها.
وإذا كان ذلك كذلك؛ فدراسة الأصول على مذهب معين أمر محتاج إليه:
وأما المتعلم للأصول؛ فعليه التدرج المعتاد، ولا يصح أن يقال له: لا تدرس الأصول على مذهب وهو مبتدئ!
ولن يبلغ المرء رتبة الاستقلال تلك؛ حتى يبدأ متمذهبا، شأنه في الأصول كشأنه في الفقه تماما.
وأما طريقة الحنفية فهي مخرجة من الفروع، فعلى هذا: تكون دراسة كتب الجمهور غير مذهبية، ودراسة كتب الحنفية مذهبية.
وهذا ظنٌّ فائل استشرى في المعاصرين، وليس بسديد؛ فإنّ كتب الجمهور أيضا مبنيَّة على الفروع، لكن الفرق أنهم في سياق الاستدلال على القواعد يستندون إلى الأدلة ولا يظهرون الاستناد إلى الفروع، والحق أن الفروع حاضرة وإن كانت مضمرة، وهذه الأصول مستخرجة ومستقراة من فروع مذاهبهم، ولكن الفرق في الصياغة لا في حقيقة البناء.
ولهذا كله؛ فالدراسة المذهبية في الأصول هي أول المدارج في تحصيل علم الأصول، كما أن الدراسة المذهبية في الفقه هي أول المدارج في تحصيل علم الفقه. والله الموفق.
#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
"نعوذ بالله من العَمَى في البصيرة، أو حَوَلٍ يُرِي الواحدَ اثنين، فإنَّ الأعمى أسلمُ حالًا في إدراكه من الأحول إذا كان مقلدًا للبصير والبصيرُ صحيحُ الإدراك"
ابن تيمية
تضمنت "نشرة المحصّل" لهذا الأسبوع تقريرًا عن المحاضرة التي قدمتها حول (البحث في تاريخ عالم) وذلك بذكر أبرز الأفكار التي تضمنتها
رابط النشرة:
https://mailchi.mp/nadiim/almohassel90
رابط المحاضرة:
https://youtu.be/Amae17Bvb8Q?si=hh_MYgqfPhejXcer
رابط النشرة:
https://mailchi.mp/nadiim/almohassel90
رابط المحاضرة:
https://youtu.be/Amae17Bvb8Q?si=hh_MYgqfPhejXcer
ذكر ابن العربي المالكي في صدر اختصاره لكتاب "شفاء الغليل" للغزالي أربعةَ أمور يظهر بها شرفُ اختصاره، ومنها قوله:
(ثالثها: أن الإمامَ رتَّب الكتاب شافعيًّا، وهذا مختصرٌ مالكيٌّ، فإنَّا ذكرْنا أصولَ مالك كما ذكر أصولَ الشافعي).
فهذا من شواهد عناية العلماء بوصل علم الأصول بمذاهبهم الفقهية.
(ثالثها: أن الإمامَ رتَّب الكتاب شافعيًّا، وهذا مختصرٌ مالكيٌّ، فإنَّا ذكرْنا أصولَ مالك كما ذكر أصولَ الشافعي).
فهذا من شواهد عناية العلماء بوصل علم الأصول بمذاهبهم الفقهية.
