Telegram Web
كتاب المعارف لابن قتيبة ( ت ٢٧٦ ) لو كان في عصرنا لصح أن يسمى: " ما لا يسع المثقف جهله ".

ومن فوائده أنه لما ذكر أصحاب الرأي ذكر منهم الإمام مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي.

ومصطلح الرأي من المصطلحات التي تحتاج لدراسة استقرائية لاستعمالات المتقدمين له ودلالالتها.
كناش الأنظار والفوائد
كتاب المعارف لابن قتيبة ( ت ٢٧٦ ) لو كان في عصرنا لصح أن يسمى: " ما لا يسع المثقف جهله ". ومن فوائده أنه لما ذكر أصحاب الرأي ذكر منهم الإمام مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي. ومصطلح الرأي من المصطلحات التي تحتاج لدراسة استقرائية لاستعمالات المتقدمين له…
قال مصطفى الزرقا: (إن أشهر مجتهد في الحجاز هو مالكٌ بلا ريب، وفقهه يعد في مدرسة أهل الرأي على الرغم من كثرة روايته للحديث) المدخل الفقهي العام (1: 197).

وقد أخذ ذلك عن أبي زهرة في كتابه عن الإمام مالك كما ذكر ذلك في كتابه «الفقه الإسلامي ومدارسه» (ص: 60-61).

وأما عدُّ ابن قتيبةمالكًا في أهل الرأي في كتابه "المعارف" (ص: 494، 498) فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يريد بذلك قسمة الفقهاء إلى أهل الرأي وأهل الحديث، وإنما يريد قسمة العلماء من الفقهاء وغيرهم بملاحظة غلبة الدراية والرواية، فكان أن عدَّ مالكًا من أهل الرأي لغلبة الدراية عليه مع إمامته في الحديث.

هذا، وكما كان للعراقيين اختصاصٌ بالرأي فقد كان للمدنيين اختصاصٌ به، لكن من حنسٍ آخر غير ما شُهِر به العراقيون، وممن أشار إلى ذلك أبو زهرة إشارةً حسنةً مميزًا فيها بين «كمِّ» و «نوعِ» الرأي المستعمل لدى كلٍّ من العراقيين والمدنيين، فقال:
(لقد جرى على أقلامِ بعض العلماء أن أهلَ الحديث أكثرهم بالحجاز، وأكثر أهل الرأي كان بالعراق، وأساسُ ذلك أن فقهاء المدينة كانوا يرمون فقهاء العراق ببعدهم عن السنة وأنهم يفتون في الدين بآرائهم، وفقهاء العراق ينكرون ذلك. والحقيقة أن الرأي كان بالعراق، والحديث أيضًا كان به، وكان بالمدينة رأيٌ بجوار الحديث، بَيْدَ أنهما يفترقان في أمرين:
أحدهما: في أن مقدار الرأي عند أهل العراق أكثر منه عند أهل الحجاز.
وثانيهما: في نوع الاجتهاد بالرأي، فأكثر الاجتهاد بالرأي عند أهل العراق كانوا يسيرون فيه على منهاج القياس، وأما الرأي عند أهل الحجاز فكان يسير على منهاج المصلحة، وقد تبع ذلك أنْ كثُرَت التفريعات الفقهية في العراق والإفتاء فيما لم يقع لاختبار الأقيسة، وذلك ما يسمى بالفقه التقديري، ولم يوجد ذلك النوع من الفقه بالمدينة، لأن الأساسَ كان المصلحة، وهي لا تتحقق إلا في الوقائع، فلا يجيء فيها الفرض والتقدير) .
فهنا يذكر رحمه الله أن لكل مدرسة مادَّةً من الرأي وإن اختلفَ نوعُها، ثم إنه تبعًا لذلك النوع اختلف مقدار الرأي عند كل طائفة فاتسع العراقيون في إعمال مادة الرأي تبعًا لنوع الرأي المستعمَل عندهم.
ويقول د. عبد المجيد محمود: (كلا المذهبين يستعين بالرأي في اجتهاده إذًا، غاية الأمر أن منهجهما في هذا الرأي مختلف، فالمذهب الحنفي يلجأ إلى القياس لاستخراج الحكم فيما لا نص فيه، على حين يتجه المذهب المالكي إلى تعرُّف المصلحة فيما يرد عليه من مسائل ليس فيها قرآن ولا سنة) .
وقد يقال بأن هذا الجنس من الرأي المتصل بالمصلحة هو المعنى الذي لُوحِظَ في عدِّ ابن قتيبة مالكًا من أهل الرأي ، فهذا إن صحَّ -وما قدمتُه أولى- فبملاحظة اتساع قول مالكٍ في المصالح والمقاصد، مع حاكمية العمل المدني في قبوله للأخبار، حتى إنه ليترك العمل بالخبر الثابت عنده للعمل المدني المتقدم.
يقول ابن تيمية: (الشافعي اتَّبَعَ النصوصَ المفصَّلةَ، لا يخالف حديثًا صحيحًا عمدًا قط، بخلاف مالكٍ في هذا الباب ، لكنْ مالكٌ ضبط من قواعد الشريعة ومقاصدها ما لم يضبطه الشافعي من السياسات والمعاملات ورعاية المقاصد والنيات) .
فالحاصل أن الرأي الذي يُنسَب له مالك ليس هو الرأيَ الذي شاع لدى العراقيين والمتصل بالتفريع والاتساع في القياس والاعتراض على الأخبار بموجب الأصول المحصلة لديهم، وإنما مردُّه إلى جانبٍ من المصلحة، فالنسبة هنا وإن اتفقت ظاهرًا إلا أنها تختلف مضمونًا.
* تنبيه:
الكلام عن قسمة العلماء إلى أهل الرأي وأهل الحديث، وتحرير معنى الرأي، لدى الكتبة في تاريخ الفقه، فيه كثير من المجازفات والإنشائيات، ومما ينبغي التنبه له الخلفية الفقهية لمن يقرر ذلك، فالدكتور عبدالمجيد محمود مثلا، وهو من أحسن من كتب في ذلك، يتكلم بنفسٍ ميّال للمدرسة العراقية، فكان يقرر كثيرا من الأمور بنفس اعتذاري/تبريري لمنهج العراقيين، وقريبٌ منه مصطفى الزرقا.

وطالعت قريبا بحثًا تناول قضايا منهجية متصلة بذلك، فكان صاحبه شديد النزوع لمقررات العراقيين، مما أثر سلبا في قراءته للمشهد الفقهي في الحقبة المبكرة، على أن ذلك حسنٌ في بعض جوانبه، لأن مثل هذا النزوع يجعل من صاحبه شديد الحرص على ابتعاث المفردات والنقول القاصية والدانية لتقرير فكرته، وفي ذلك إفادة لغيره بإيقافهم على نهايات ما يمكن بلوغه من دلائل وشواهد في تقرير مثل هذه الأفكار المتحيزة، ليعرضها مع أضدادها على مسالك منهجية صارمة.

ولذا فإن من الضروري الخروج من إسار كتب تاريخ الفقه وكثير من الأبحاث المعاصرة التي ارتهنت لها دون مزيد تحرير، واستنطاق المصادر المبكرة واستثارة استعمالاتها لمصطلح "الرأي" لتمييز مراتبه وأنواعه ومحال نقده ونقد الأعلام المنتسبين له.
أضحى الفقه في زماننا أيسرَ وأسهلَ من ذي قبل، يكفي لتكون فقيهًا ذا نظر ثاقب وفقه متين أن تلهج بمفردات أدب الخلاف، والعدل مع المخالف، واللين والرفق وسائر مفردات المعاجم الأخلاقية.

ولا حرجَ عليك لو فعلتَ ذلك دون تعانٍ ونظرٍ لكتب الفقه، فالفقه ليس هنالك، بل هو حيث ولَّيتَ وجهك شطرَه، من العلمِ -حيث لا يهتف بالعمل- بأدب الخلاف والرفق بالمخالف، والبصرِ بـ (مفردات) الأخلاق والآداب، والاستطالةِ على الآخرين بتلك المفردات.

ليس الفقهُ هو فقهَ الأصول والقواعد المستثمرَ للنصوص الفقهية والعلل القياسية المراعيَ للواقع والمآلات، بل الفقه المتين هو الفقه الذي لا يُحتَاج فيه إلى شيءٍ من ذلك.

كم قصَّر الفقهاء السالفون حين أخلوا قواعد ترجيحهم من مسلك الترجيح بجبر الخواطر، وكم بالغوا حين وضعوا للفقه والتفقه شروطًا ثقالًا، وحين لم يجعلوا "عدم الإنكار في مسائل الاجتهاد" هي قاعدةَ الفقه الوحيدة دون غيرها من القواعد المخترعة .. كم قصروا بصنيعهم ذلك، فالفقه ليس هنالك .. وقد كان يكفيهم أنْ لو وضعوا معجما أخلاقيا مختصرا يشتمل على مفردات الآداب والأخلاق، ليتخرَّج متفقّه زماننا به في مدة وجيزة، دون أن يشترطوا التمثُّل بتلك الآداب حتى لا يحرّجوا على الأمة ويضعوا الأغلال العائقة دون احتفالها بفقهائها.
من الأفكار البحثية المتصلة بالإمام الشافعي:
"جمع ودراسة الأخبار والآثار التي أعلَّها الإمام الشافعي"

ولم أقف حتى الآن على رسالةٍ في ذلك، وهو موضوعٌ جديرٌ بالعناية.

وقد رصدت كثيرًا من الدراسات والأبحاث المتعلقة بعلم الحديث عند الشافعي، منها أبحاثٌ في جمع الرواة الذين تكلم الشافعي فيهم جرحًا وتعديلًا، ودراسات حول مرويات الشافعي، وأبحاث حول ما توقَّف الشافعي في ثبوته وعلَّق القول به على تبيُّن حاله، وغير ذلك .. لكن لم أقف على رسالة تتصل بما ذكرتُ، فأرجو ممن وقف على رسالةٍ في ذلك أن يدلَّني -دلَّه الله على كل خير-، وإن لم يكن ثمةَ بحث فليت أحد المتمكنين من علم الحديث ينشط لذلك في رسالة، وهي -فيما أقدِّره- تحتمل رسالة دكتوراه.

ومن أنحاء دراسة ذلك:
1- دراسة مصطلح الشافعي في الإعلال ومدى وفاق/خلاف ألفاظه مع ألفاظ أهل طبقته وما استقرَّ عليه الاصطلاح بعد ذلك.
2- مدى وفاق/ خلاف أحكامه لأئمة المحدثين، وسبب خلافه إن كان [مثلًا: كثيرٌ مما أعله الشافعي بجهالة راويه يكون ذلك الراوي معروفًا عند غيره من المحدثين]
3- مدى استقلال الشافعي بالحكم على الأحاديث من اعتماده على غيره، وذلك أن الشافعي ربما استقلَّ بالإعلال، وربما نقل ذلك عن أهل العلم بالحديث، وربما يصرح ببعض من ينقل عنه ذلك كنقله عن شيخه إسماعيل بن علية إعلال حديث الجلد بن أيوب عن أنس رضي الله عنه في أقل الحيض وأكثره.
4- إبراز علة الأحاديث التي أعلَّها الشافعي إعلالًا مجملًا.
5- رصد أكثر العلل حضورًا لدى الشافعي، وتفسير ذلك، وأكثر ما صادفتُه لدى الشافعي الإعلال بالإرسال (=الانقطاع) والجهالة.
6- إحصاء الأحاديث التي أعلَّها الشافعي من حيث مخارجها، مكيةً كانت أو مدنيَّة أو عراقية أو غير ذلك.

وهناك أنحاء أخرى في دراسة هذا الموضوع يمكن استخراجها بإدارة النظر والفكر وتتبع ما تضمنته كتب الشافعي من ذلك.
الكتاب الذي (تأملتَه) هو صديقك الذي لا يزال يؤنسك ويمدّك .. وأما الكتاب الذي (قرأتَه) فهو عابر سبيل، تبقى ذكراه حينًا ثم تمضي

‏استبقِ مقروءاتك بتأمّلها، ولا تسابِق بها جبرًا لخاطر تغريدةٍ تحصي فيها قائمة مقروءاتك السنوية!
يكاد يكون فرق ما بين طلاب العلم قدرة الواحد منهم على "استبقاء الهم العلمي" والحفاظ على "لياقته" في التحصيل، وما من هلالٍ يمرّ إلا ونتسامع بانطفاء جذوة همّةٍ كانت يومًا حديثَ النادي.

‏ومع ازدياد الشواغل وكثرة الصوارف يتأكد على المرء طلبُ ما يستبقي به همّه، وطلبُ كل أحدٍ بحسبه.
"أدعو كلَّ طالب علم نبيل هُمَام وهَمَّام وأرجو منه أن يقرأ ترجمة الإمام أسد بن الفرات في كتاب ترتيب المدارك [3: 291-409] أو رياض النفوس لأبي بكر المالكي [1: 254-273] ففيها يقف على مآثر متنوعة -له ولشيوخه- في العِلم والنُّبْل والكياسة والأدب والجهاد والشجاعة والشهادة والتقوى والتواضع وتحمّل المشاق في تحصيل العلم والمكارم، فهي ترجمة نابضة حافزة، لا يشبع من قراءتها مَن قرأها"

عبد الفتاح أبو غدة
نصح الإمام أحمد الحميديَّ بمجالسة الشافعي قائلا له:
‏"اذهب حتى تجالسه، حتى إذا تكلمتَ تُفهِّم"

‏ومثل هذا تجده في تراجم بعض الأعيان، بأنهم حين لازموا فلانًا من الأعلام فتق أفواههم بالعلم وصاروا بالتلقي عنه ذوي حجة وبيان

‏وأنتَ، فاطلب من يذلّل عقلك للفهم ولسانك للتفهيم، وقليلٌ ما هم
علمتُ قريبًا بقناة أخي الحبيب أ. مصطفى هندي في التلقرام، وأفدت واستمتعت بمطالعة ما فيها من أفكار مهمة ونقول مثرية، وأنصح بها كل مشتغل بالمجال الفكري، ولا سيما المهتم بقضايا وتاريخ الفكر الغربي، والمجالات البينية/المتداخلة بين العلوم الشرعية والإنسانية، وكذا ما يتصل بحقل الترجمة

https://www.tgoop.com/MostafaHendy2021
.
الغنيمة الفقهية الباردة

اكتمل رفع شرح دليل الطالب لشيخنا الفقيه أحمد بن ناصر القعيمي -حفظه الله وزاده علما وبركة وتوفيقا- على قناته في اليوتيوب

مقسَّمًا مدعومًا بالمتن والتشجير

هنيئا لمن عكف عليه واتخذ منه سلمًا لقفزة فقهيَّة
https://youtube.com/playlist?list=PLmMs1l4JDBTD67Vxye1p2eDJ4uW1cjABZ
على المرء أن يفكر طويلا في الإسهام النوعي الذي سيقدمه في مجال تخصصه، ويدير نظره في كمّ ذلك الإسهام وكيفه، ويسعى جهده في تحقيق ذلك، مع العناية بمراجعة ذلك الإسهام وترشيده وتطويره .. ولن يتهيأ ذلك لمن جعل همّه ووقته نَهْبًا لعلوم متفرقة، فضلًا عمّن تشعّث همه في الدنيا وملذّاتها
قناة مشاري بن سعد الشثري
الموازنة_بن_المختصرات_الأصولية_مشاري_الشثري.pdf
نسخة PDF من كتابي: (الموازنة بين المختصرات الأصولية) متاحة للنشر والتداول
أنشأت حسابا في تويتر خاصا بكتاب "الأم" للإمام الشافعي، تعريفًا به، وانتقاءً لفوائده، وتعليقًا على جملة من نصوصه، ودلالةً على الدراسات المتصلة به، وغير ذلك مما يكشف خبايا هذه الموسوعة الجليلة ويثير كنوزها

https://twitter.com/alemam_alshaf3i?s=11

قناة طلال الحسّان.
حديث عن العبقرية..pdf
جزى الله أخي الشيخ طلال الحسان خيرا كثيرا على هذه الكتابة الجميلة والدلالة على الكتاب 🌹
2025/07/13 19:23:00
Back to Top
HTML Embed Code: