tgoop.com/maajls/120
Last Update:
﷽
تفسير سورة البقرة من آية ١٣٩ إلى آية ١٤١
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لما ذكر الله سبحانه مقالة اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ: ﻛﻮﻧﻮا ﻫﻮﺩا ﺃﻭ ﻧﺼﺎﺭﻯ ﺗﻬﺘﺪﻭا، ﻭﺯﻋﻤﻮا ﺃﻥ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﻜﻢ، ﻭﻛﺘﺎﺑﻬﻢ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻜﻢ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻛﺘﺎﺑﻜﻢ، ﻭﺯﻋﻤﻮا ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻠﻪ، قال: {قُلۡ أَتُحَاۤجُّونَنَا فِی ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ}.
فأنكر عليهم هذه الحجة التي أرادوا بها ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺩﻋﻮﺓ اﻹﺳﻼﻡ ﺑﻼ ﺩﻟﻴﻞ ﺳﻮﻯ الزعم ﺃﻥّ اﻟﻠﻪ اختصهم.
وجاء الجواب على رتب ثلاث:
أولا:
يقال لهم: إن اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺭﺑﻜﻢ، فنحن وأنتم سواء في المربوبية، ﻓﻠﻤﺎﺫا ﻻ ﻳﻤﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ؟
فلا ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻜﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ، ﻭﻫﺬﻩ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ، ﻓﻠﻢ ﺗﺮﺟﺤﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﺑﻞ اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ.
ثانيا:
ثم قال: {ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻭﻟﻜﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ}، فكانت تتمة المحاجة أن يقال: أن ﻣﺮد ﺭﺿﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ بالعمل، ﻓﺈﺫا ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻛﺮﻣﻜﻢ ﻷﺟﻞ اﻷﻋﻤﺎﻝ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ؛ ﻓﻠﻌﻠﻪ ﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻷﺟﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻓﺘﻌﺎﻟﻮا ﻓﺎﻧﻈﺮﻭا ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻭاﻧﻈﺮﻭا ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ.
ثالثا:
ثم قال:
{ونحن له مخلصون}، فإنكم إذا نظرتم في أعمالنا وأعمالكم ستجدون ﺣﺎﻟﻨﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﺼﻼﺡ ﻣﻨﻜﻢ.
فبأي اﻟﺤﺠﺘﻴﻦ ﺗﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ، ﺃﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻮﺣﺪﻭﻥ، ﺃﻡ ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ ﺩﻳﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺘﺒﻌﻮﻥ؟
ثم انتقل لأمر آخر في المحاجة، فقال سبحانه:
{أَمۡ تَقُولُونَ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطَ كَانُوا۟ هُودًا أَوۡ نَصَـٰرَىٰۗ قُلۡ ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ ٱللَّهُۗ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَـٰدَةً عِندَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ}.
فكيف يكونون هودًا أو نصارى وهم ﻛﺎﻧﻮا ﺃﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ وعيسى ﷺ؟
وهنا اﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻟﻠﺘﻮﺑﻴﺦ ﻭاﻹﻧﻜﺎﺭ، لجهلهم بكتبهم وشرائعهم، واﻟﺠﻬﻞ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﺷﺮاﺋﻌﻬﻢ.
ﻭاﻷﻣﺔ ﺇﺫا اﻧﻐﻤﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ ﻏﺮﻭﺭا ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﺑﺮ اﻋﺘﻘﺪﺕ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﻢ ﻣﻊ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭاﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ.
ﻭﻗﺪ اﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: ﻗﻞ ﺃﺃﻧﺘﻢ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻡ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺟﻬﻠﺘﻪ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﻭﻛﺘﻤﺘﻪ ﺧﺎﺻﺘﻬﻢ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﻦ ﺃﻇﻠﻢ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﻢ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺻﺔ اﻷﺣﺒﺎﺭ ﻭاﻟﺮﻫﺒﺎﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﻛﻮا ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻣﺘﻬﻢ ﻣﺴﺘﺮﺳﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺨﻄﺄ ﻭاﻟﻐﺮﻭﺭ ﻭاﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﻫﻢ ﺳﺎﻛﺘﻮﻥ ﻻ ﻳﻐﻴﺮﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺇﺭﺿﺎء ﻟﻬﻢ ﻭاﺳﺘﺠﻼﺑﺎ ﻟﻤﺤﺒﺘﻬﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﺇﺫا ﻃﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ﺗﻌﻮﺩﺗﻪﻭﻇﻨﺖ ﺟﻬﺎﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺠﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺻﻼﺡ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺮﻯ اﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ ﻗﺪ ﺃﺗﻮا ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺑﻪ اﻷﻭﻟﻮﻥ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﺇﻧﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺁﺑﺎءﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺔ ﻭﺇﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺁﺛﺎﺭﻫﻢ ﻣﻘﺘﺪﻭﻥ
وفيه التقرير ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺎﺫﺑﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ.
{تِلۡكَ أُمَّةࣱ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ}
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٣٦-١٤١]
فذكر أن إبراهيم وذريته الصالحين قوم قد مضوا، ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻭﻋﻈﺎ ﻟﻬﻢ ﻭﺯﺟﺮا ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ اﻵﺑﺎء ﻓﻜﻞ ﻭاﺣﺪ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻌﻤﻠﻪ، ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ ﺑﺘﺮﻙ اﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺔ ﻓﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﻭاﻧﻈﺮﻭا ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻋﺎﻛﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻔﻊ ﻟﻜﻢ ﻭﺃﻋﻮﺩ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻜﻢ.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
BY رياض الصالحين القرآنيـة
Share with your friend now:
tgoop.com/maajls/120