tgoop.com/maajls/123
Last Update:
وﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ وأبي هريرة وسعيد ومجاهد في قوله تعالى: {ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﻌﻠﻨﺎﻛﻢ ﺃﻣﺔ ﻭﺳﻄﺎ}، ﻗﺎﻝ: ﻋﺪﻭﻻ.
وقوله: {لتكونوا شهداء على الناس}، ﻟﺘﻜﻮﻧﻮا ﺷﻬﺪاء ﻷﻧﺒﻴﺎﺋﻲ ﻭﺭﺳﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻼﻍ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﺕ ﺑﺒﻼﻏﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻻﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻤﻬﺎ.
وﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ: "ﺃﻥ اﻷﻣﻢ، ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ: ﻭاﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﺩﺕ ﻫﺬﻩ اﻝﺃﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻧﺒﻴﺎء ﻛﻠﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻭﻥ اﻟﻠﻪ ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ".
وﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺃﻧﻌﻢ، بلغني ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺣﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻴﻪ".
ثم مدح المؤمنين مدحا مضمنا لتوجيه عظيم، فقال: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}، فأنتم يا أمة محمد ﷺ الذين تقيمون ميزان الناس بميزان الوحي الذي عندكم، وأنتم الذين توجهون لهم النقد على ضلالهم لا هم.
وأنتم الذين تملكون المعيار الحق لتقيّموا تصرفاتهم وأخلاقهم ونظرياتهم!
لقد جاءت الآية تعلم المسلم كيف يكون حين يستمع لنقد المنحرفين ومغامزهم، وتعلمه ألا يستسلم وألا يقف موقف مدافع يرد العادية بضعف، بل يجب أن يعرف موقعه الذي شرفه ﷲ به وأقامه فيه.
ثم جاء الخطاب القرآني مبينا لحكمة من حكم هذا التشريع، ومقصدا من مقاصد هذا الحكم، فقال ﷻ: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}، لقد كان من مقاصد هذه الواقعة ابتلاء المؤمنين، ليتميّز أهل التسليم والخضعان لأمر ﷲ، المستجيبين لشريعته على أي نحو.
وقد دلّت عليه الأدلة، أن الله قد يجعل في الأحكام والآيات الشرعية ما يكون فتنة لأهل الظلم والفسق، كقوله تعالى: {ﻭﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﺮﺅﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺃﺭﻳﻨﺎﻙ ﺇﻻ ﻓﺘﻨﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ}، أي ﻭﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺧﺒﺮﻙ ﻋﻦ اﻟﺮﺅﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺃﺭﻳﻨﺎﻙ؛ إلا فتنة، وذلك ما أخبره به ﷺ من خبر مسراه لبيت المقدس، فكذبه الظالمون.
وكقوله: {أَذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلۡنَـٰهَا فِتۡنَةࣰ لِّلظَّـٰلِمِینَ (٦٣) إِنَّهَا شَجَرَةࣱ تَخۡرُجُ فِیۤ أَصۡلِ ٱلۡجَحِیمِ}
فعن ﻗﺘﺎﺩﺓ قال: ﻟﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﺷﺠﺮﺓ اﻟﺰﻗﻮﻡ اﻓﺘﺘﻦ اﻟﻈﻠﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻳﻨﺒﺌﻜﻢ ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ ﻫﺬا ﺃﻥ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺭ ﺷﺠﺮﺓ، ﻭاﻟﻨﺎﺭ ﺗﺄﻛﻞ اﻟﺸﺠﺮ!
ﻭﻛﺬﻟﻚ تحويل اﻟﻘﺒﻠﺔ افتتن فيها أقوام، ومن عظم أثر هذا الحكم على الناس أنه اﺭﺗﺪّ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺳﻠﻢ، ﻭﺃﻇﻬﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﻔﺎﻗﻬﻢ.
وفي قوله: {وَإِن كَانَتۡ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُ}، بيان لعظيم أثر هذا الحكم على الناس، إلا من عصمه الله.
وقوله: {هَدَى ٱللَّهُ}، يعلم به المسلم أن الوقاية من الضلالة والسلامة من الفتنة والانحراف؛ إنما تكون برحمة الله، وفضله، لا بحول الإنسان وطوله.
والواجب على المسلم والداعي إلى الله والمصلح وحامل العلم أن يستحضر هذا المعنى كثيرًا، وأن يدمن الدعاء بالثبات والسلامة من الفتن والبراءة من الحول والطول.
وقوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻧﺎﺱ ﻟﻤﺎ ﺻﺮﻓﺖ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺤﺮاﻡ: ﻛﻴﻒ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻗﺒﻠﺘﻨﺎ اﻷﻭﻟﻰ؟ ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: {ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﻴﻀﻴﻊ ﺇﻳﻤﺎﻧﻜﻢ}.
والله أعلم.
BY رياض الصالحين القرآنيـة
Share with your friend now:
tgoop.com/maajls/123