MAAJLS Telegram 70
.


تفسير سورة البقرة من آية (٨٧ إلى آية ٩٣)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فلما ذكر الله تحريف بني إسرائيل للكتاب، ثم ذكر تعطيلهم للكتاب وتركهم له، بين أنهم صنعوا ذلك مع ما أوتي أنبياؤهم من المؤيدات.

فقد تتابعت فيهم الرسل، وهذا يقوي الأخذ بالشرائع وليس تركها.
حتى بعث عيسى عليه السلام، فأيده الله بالمعجزات العظيمة، وأيده بجبريل ﷺ.
ثم ذكر معاذيرهم التي يتعذرون بها لرد الوحي.

فذكر من معاذيرهم عذرا له شُعَب:
فذكر خصلة الكبر التي تفرع عنها كل شر.

- فقد تفرع عن كبرهم، ورؤية أنفسهم: تصامّهم عن سماع الحق، حتى قالوا: قلوبنا مقفلة عن سماع كلامك يا محمد.

- وتفرع عن ذلك: كفرهم بالكتاب الجديد لأنه أنزل على غيرهم، بعد أن كانت أعناقهم متطاولة له، بغيًا وحسدًا، والحسد خصلة تنتج عن الكبر، فإن صاحبها يرى في نفسه استحقاقه لهذه النعمة، لما يرى في نفسه من فضيلة، ثم يحسد من يؤتى تلك النعمة.

- وتفرع عن ذلك الاستغناء عن الوحي، ودعواهم الاكتفاء بما عندهم.

فقال تعالى: {وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَقَفَّیۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ}
{وقفينا}: أي ﺃﺗﺒﻌﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺧﻠﻒ ﺑﻌﺾ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻔﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫا ﺳﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﺛﺮﻩ.

واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺟﻤﻞ ﺫﻛﺮ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺛﻢ ﻓﺼﻞ ﺫﻛﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﻷﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ ﺟﺎءﻭا ﺑﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻣﺘﺒﻌﻴﻦ ﻟﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻴﺴﻰ، ﻷﻥ ﺷﺮﻋﻪ ﻧﺴﺦ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﺮﻉ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ.

ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﺃﻳّﺪﻧﺎﻩ ﺑﺮﻭﺡ اﻟﻘﺪﺱ}، هو جبريل، ذكره غير واحد السلف.
ﻭﺳﻤﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺭﻭﺣﺎ لأن به الحياة، ﻭﺃﺿﺎﻓﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﺪﺱ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺭﻭﺣﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﻻﺩﺓ ﻭاﻟﺪ ﻭﻟﺪﻩ.
اﻟﻤﺮاﺩ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ اﻟﻘﺪﺱ اﻟﺮﻭﺡ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺠﻮﺩ ﻭﺭﺟﻞ ﺻﺪﻕ ﻓﻮﺻﻒ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺸﺮﻳﻔﺎ ﻟﻪ ﻭﺑﻴﺎﻧﺎ ﻟﻌﻠﻮ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.ﺳﻤﻲ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﻴﺎ ﺑﻪ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻴﺎ اﻟﺒﺪﻥ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﻓﺈﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻤﺘﻮﻟﻲ ﻹﻧﺰاﻝ اﻟﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻭاﻟﻤﻜﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢﻛﺎﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﻹﺭاﺩﺗﻬﻢ اﻟﺮﻓﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻃﻠﺒﻬﻢ ﻟﺬاﺗﻬﺎ ﻭاﻟﺘﺮﺅﺱ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﻭﺃﺧﺬ ﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﻞ ﺗﺒﻄﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻜﺬﺑﻮﻧﻬﻢ ﻷﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻮﻫﻤﻮﻥ ﻋﻮاﻣﻬﻢ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻛﺎﺫﺑﻴﻦ ﻭﻳﺤﺘﺠﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻭﺳﻮء اﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
والتأييد الملائكي قد ذكر الله في كتابه أنواعا منه، كالقتال مع المؤمنين، وتثبيتهم.
وأعلى التأييد تأييد جبريل ﷺ.
ومن التأييد العلني ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺇﻥ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻤﺔ ﺑﺎﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﻟﻞﻣﻠﻚ ﻟﻤﺔ ﻓﺄﻣﺎ ﻟﻤﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﺈﻳﻌﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﺗﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻣﺎ ﻟﻤﺔ اﻝﻣﻠﻚ ﻓﺈﻳﻌﺎﺩ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧّﻪ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻓﻠﻴﺤﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﺟﺪ اﻷﺧﺮﻯ ﻓﻠﻴﺘﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ اﻟﺮﺟﻴﻢ، ﺛﻢ ﻗﺮﺃ: {اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻌﺪﻛﻢ اﻟﻔﻘﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻛﻢ ﺑﺎﻟﻔﺤﺸﺎء}».


ثم قال سبحانه: {أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ ۝ وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ}.

إنه الكبر، رأس كل خطيئة من خطاياهم، ولقد بلغ بهم الكبر مبلغًا صاروا معه إلى قسمين:
مكذبين للرسل، وقتلة لهم.

وهنا في قوله تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ}، فذكر الله ﷻ أنّ من أسباب ردهم للشرع:
مخالفته لهواهم.
وقد وصفهم الله بوصف عجيب!
فنفوسهم طفولية النزعة، فتراهم إذا لم يوافق هواهم شيء ضاقت نفوسهم كبرا.
وهل يملك النبي ﷺ أن يغير الوحي، وأن يأتي بغير ما شرعه الله؟
إن الدعوات والشرائع لا تخضع لأهواء الداخلين، ولا لرغباتهم.
وإن حصول الكبر لعدم وجود الموافق للهوى نوع من الكبر عجيب.

فالكبر نوعان:
كبر على الناس، وكبر على الحق.
فالمتكبر يتكبر إما غمطًا للناس، وإما بطرًا للحق.
فبتكبر لتميّز يراه في نفسه، وهذا الذي يعرفه الناس ويرونه من المتكبرين.
وإما أن يتكبر المتكبر لعدم موافقة الحق هواه، فيستكبر على الحق، وذاك شأن من النفوس عجيب.
وفي صحيح مسلم قال ﷺ: «الكبر بطر الحق، وغمط الناس».

• وقد دعاهم كبرهم أن يقولوا: {وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ}، ﻭاﻟﻐﻠﻒ ﺑﻀﻢ ﻓﺴﻜﻮﻥ ﺟﻤﻊ ﺃﻏﻠﻒ، ﻭﻫﻮ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﻐﻼﻑ، ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﻏﻠﻔﻪ ﺇﺫا ﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻏﻼﻓﺎ، ﻭﻫﻮ اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻟﻠﺸﻲء، ﻭاﻟﺴﺎﺗﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺻﻮﻝ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ ﻟﻪ.
فمن أسباب رد الحق التي ذكرها الله عن بني إسرائيل:
دعوى القلوب الغلف!
ولم تجرِ عادة الناس أن يعترفوا بفساد قلوبهم، ولا بقسوتها عن الحق! فلماذا قال بنو إسرائيل ذلك؟
ويظهر أنهم لم يقصدوا بهذا الوصف وصفًا مذمومًا، ولكن المقصود أن دعوتك يا محمد لا تنفذ إلى عقولنا ووعيينا.
=



tgoop.com/maajls/70
Create:
Last Update:

.


تفسير سورة البقرة من آية (٨٧ إلى آية ٩٣)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فلما ذكر الله تحريف بني إسرائيل للكتاب، ثم ذكر تعطيلهم للكتاب وتركهم له، بين أنهم صنعوا ذلك مع ما أوتي أنبياؤهم من المؤيدات.

فقد تتابعت فيهم الرسل، وهذا يقوي الأخذ بالشرائع وليس تركها.
حتى بعث عيسى عليه السلام، فأيده الله بالمعجزات العظيمة، وأيده بجبريل ﷺ.
ثم ذكر معاذيرهم التي يتعذرون بها لرد الوحي.

فذكر من معاذيرهم عذرا له شُعَب:
فذكر خصلة الكبر التي تفرع عنها كل شر.

- فقد تفرع عن كبرهم، ورؤية أنفسهم: تصامّهم عن سماع الحق، حتى قالوا: قلوبنا مقفلة عن سماع كلامك يا محمد.

- وتفرع عن ذلك: كفرهم بالكتاب الجديد لأنه أنزل على غيرهم، بعد أن كانت أعناقهم متطاولة له، بغيًا وحسدًا، والحسد خصلة تنتج عن الكبر، فإن صاحبها يرى في نفسه استحقاقه لهذه النعمة، لما يرى في نفسه من فضيلة، ثم يحسد من يؤتى تلك النعمة.

- وتفرع عن ذلك الاستغناء عن الوحي، ودعواهم الاكتفاء بما عندهم.

فقال تعالى: {وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَقَفَّیۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ}
{وقفينا}: أي ﺃﺗﺒﻌﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺧﻠﻒ ﺑﻌﺾ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻔﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫا ﺳﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﺛﺮﻩ.

واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺟﻤﻞ ﺫﻛﺮ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺛﻢ ﻓﺼﻞ ﺫﻛﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﻷﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ ﺟﺎءﻭا ﺑﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻣﺘﺒﻌﻴﻦ ﻟﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻴﺴﻰ، ﻷﻥ ﺷﺮﻋﻪ ﻧﺴﺦ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﺮﻉ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ.

ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﺃﻳّﺪﻧﺎﻩ ﺑﺮﻭﺡ اﻟﻘﺪﺱ}، هو جبريل، ذكره غير واحد السلف.
ﻭﺳﻤﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺭﻭﺣﺎ لأن به الحياة، ﻭﺃﺿﺎﻓﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﺪﺱ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺭﻭﺣﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﻻﺩﺓ ﻭاﻟﺪ ﻭﻟﺪﻩ.
اﻟﻤﺮاﺩ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ اﻟﻘﺪﺱ اﻟﺮﻭﺡ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺠﻮﺩ ﻭﺭﺟﻞ ﺻﺪﻕ ﻓﻮﺻﻒ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺸﺮﻳﻔﺎ ﻟﻪ ﻭﺑﻴﺎﻧﺎ ﻟﻌﻠﻮ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.ﺳﻤﻲ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﻴﺎ ﺑﻪ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻴﺎ اﻟﺒﺪﻥ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﻓﺈﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻤﺘﻮﻟﻲ ﻹﻧﺰاﻝ اﻟﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻭاﻟﻤﻜﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢﻛﺎﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﻹﺭاﺩﺗﻬﻢ اﻟﺮﻓﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻃﻠﺒﻬﻢ ﻟﺬاﺗﻬﺎ ﻭاﻟﺘﺮﺅﺱ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﻭﺃﺧﺬ ﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﻞ ﺗﺒﻄﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻜﺬﺑﻮﻧﻬﻢ ﻷﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻮﻫﻤﻮﻥ ﻋﻮاﻣﻬﻢ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻛﺎﺫﺑﻴﻦ ﻭﻳﺤﺘﺠﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻭﺳﻮء اﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
والتأييد الملائكي قد ذكر الله في كتابه أنواعا منه، كالقتال مع المؤمنين، وتثبيتهم.
وأعلى التأييد تأييد جبريل ﷺ.
ومن التأييد العلني ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺇﻥ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻤﺔ ﺑﺎﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﻟﻞﻣﻠﻚ ﻟﻤﺔ ﻓﺄﻣﺎ ﻟﻤﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﺈﻳﻌﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﺗﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻣﺎ ﻟﻤﺔ اﻝﻣﻠﻚ ﻓﺈﻳﻌﺎﺩ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧّﻪ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻓﻠﻴﺤﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﺟﺪ اﻷﺧﺮﻯ ﻓﻠﻴﺘﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ اﻟﺮﺟﻴﻢ، ﺛﻢ ﻗﺮﺃ: {اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻌﺪﻛﻢ اﻟﻔﻘﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻛﻢ ﺑﺎﻟﻔﺤﺸﺎء}».


ثم قال سبحانه: {أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ ۝ وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ}.

إنه الكبر، رأس كل خطيئة من خطاياهم، ولقد بلغ بهم الكبر مبلغًا صاروا معه إلى قسمين:
مكذبين للرسل، وقتلة لهم.

وهنا في قوله تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ}، فذكر الله ﷻ أنّ من أسباب ردهم للشرع:
مخالفته لهواهم.
وقد وصفهم الله بوصف عجيب!
فنفوسهم طفولية النزعة، فتراهم إذا لم يوافق هواهم شيء ضاقت نفوسهم كبرا.
وهل يملك النبي ﷺ أن يغير الوحي، وأن يأتي بغير ما شرعه الله؟
إن الدعوات والشرائع لا تخضع لأهواء الداخلين، ولا لرغباتهم.
وإن حصول الكبر لعدم وجود الموافق للهوى نوع من الكبر عجيب.

فالكبر نوعان:
كبر على الناس، وكبر على الحق.
فالمتكبر يتكبر إما غمطًا للناس، وإما بطرًا للحق.
فبتكبر لتميّز يراه في نفسه، وهذا الذي يعرفه الناس ويرونه من المتكبرين.
وإما أن يتكبر المتكبر لعدم موافقة الحق هواه، فيستكبر على الحق، وذاك شأن من النفوس عجيب.
وفي صحيح مسلم قال ﷺ: «الكبر بطر الحق، وغمط الناس».

• وقد دعاهم كبرهم أن يقولوا: {وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ}، ﻭاﻟﻐﻠﻒ ﺑﻀﻢ ﻓﺴﻜﻮﻥ ﺟﻤﻊ ﺃﻏﻠﻒ، ﻭﻫﻮ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﻐﻼﻑ، ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﻏﻠﻔﻪ ﺇﺫا ﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻏﻼﻓﺎ، ﻭﻫﻮ اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻟﻠﺸﻲء، ﻭاﻟﺴﺎﺗﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺻﻮﻝ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ ﻟﻪ.
فمن أسباب رد الحق التي ذكرها الله عن بني إسرائيل:
دعوى القلوب الغلف!
ولم تجرِ عادة الناس أن يعترفوا بفساد قلوبهم، ولا بقسوتها عن الحق! فلماذا قال بنو إسرائيل ذلك؟
ويظهر أنهم لم يقصدوا بهذا الوصف وصفًا مذمومًا، ولكن المقصود أن دعوتك يا محمد لا تنفذ إلى عقولنا ووعيينا.
=

BY رياض الصالحين القرآنيـة


Share with your friend now:
tgoop.com/maajls/70

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Find your optimal posting schedule and stick to it. The peak posting times include 8 am, 6 pm, and 8 pm on social media. Try to publish serious stuff in the morning and leave less demanding content later in the day. Private channels are only accessible to subscribers and don’t appear in public searches. To join a private channel, you need to receive a link from the owner (administrator). A private channel is an excellent solution for companies and teams. You can also use this type of channel to write down personal notes, reflections, etc. By the way, you can make your private channel public at any moment. How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) A few years ago, you had to use a special bot to run a poll on Telegram. Now you can easily do that yourself in two clicks. Hit the Menu icon and select “Create Poll.” Write your question and add up to 10 options. Running polls is a powerful strategy for getting feedback from your audience. If you’re considering the possibility of modifying your channel in any way, be sure to ask your subscribers’ opinions first. Telegram Channels requirements & features
from us


Telegram رياض الصالحين القرآنيـة
FROM American