MANBARHOSYANE3 Telegram 750
#اخلاق
#العفو_الرحمة

🍃شبكة المعارف الإسلامية
🍃العفو والرحمة

مقدمة:
عفا: في أَسماءِ الله تعالى "العَفُوّ"ُ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ.

يُقال: عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ. قال الليث: العَفْوُ عَفْوُ الله عزّ وجلّ عن خَلْقِه، والله تعالى العَفُوُّ الغَفُور.

وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ عنه2.

إنّ من الفضائل الأخلاقية التي لا يصل الإنسان إلى مراتب الكمال دونها، هي صفة العفو عن زلّات الآخرين وهفواتهم، وترك الانتقام منهم.

وهي من الصفات الإلهية والإنسانية، وعكسها أي الانتقام من الصفات الحيوانية، لذلك نجد أنبياء الله وأوليائه المتّقين الذين يمثّلون بصدق معاني الإنسانية يتّصفون بها. ومن هنا نرى أنّ القرآن الكريم يجعلها من صفات المحسنين، يقول سبحانه: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

وعلى العكس من ذلك نجد أنّ الكافرين والمنافقين والفسّاق الجهلة والحكّام الظلمة يتّسمون بصفة الانتقام.

الحثّ على العفو في الإسلام:

هذا والآيات القرآنية والروايات الإسلامية زاخرة في بيان فضيلة العفو والصفح وذمّ روح الانتقام والثأر، وفي سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة المعصومين عليهم السلام في هذا الباب الكثير من النماذج الراقية.

يقول سبحانه: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾3.

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾4.

يظهر من الآيتين المباركتين الحثّ على فضيلة العفو وأرجحيّته على المعاقبة بالمثل، فإنّ العفو قد يكون له إيجابيّات أكثر من المعاقبة بالمثل، وذلك حسب اختلاف الأشخاص والحالات. فعلى الإنسان الحكيم أن يُعْمِل حكمته لكي يعرف متى يعاقب بالمثل ومتى يعفو.

بين العفو والعقاب:

هناك موارد يكون العفو والصفح فيها سبباً لجرأة المجرمين والمنحرفين، ولا شكّ أنّه لا أحد يرى في العفو في مثل هذه الموارد فضيلة أخلاقية، بل إنّ حفظ نظام المجتمع والنهي عن المنكر والتصدّي لمنع وقوع الجريمة تقتضي عدم التساهل مع المجرم، وترك العفو في مثل هذه الموارد، بل العمل بمقتضى العدل وما يفرضه من العقاب على المجرم.

ونجد في الأحاديث الإسلامية أيضاً إشارة إلى هذا الاستثناء، ومن ذلك ما ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العَفوُ يُفسِدُ مِنَ اللَّئِيمِ بِقَدَرِ إِصلاحِهِ مِنَ الكَرِيمِ"5.

ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله: "العَفوُ عَنِ المُقِرِّ لا عَنِ المُصِرِّ عَفو"6.

وأيضاً ورد في الحديث الشريف عن هذا الإمام عليه السلام أيضاً قوله: "جـازِ بِالحَسَنَةِ، وَتَجـاوَزَ عَنِ السَّيئَةِ مـا لَم يَكُن ثَلماً فِي الدِّينِ أَو وَهناً فِي سُلطـانِ الإسلامِ".

ففي مثل هذه الموارد يجب التحرّك على مستوى إلحاق الجزاء العادل بالمسيء.

وجاء في حديث آخر عن الإمام زين العابدين عليه السلام في تأييد هذا المعنى، حيث قال: "حَقُ مَنْ أَسـاءَكَ أَنْ تَعفُوَ عَنهُ، وَإِنْ عَلِمتَ أَنَّ العَفوَ عَنهُ يضِرُّ انتصرت، قـالَ اللهُ تَبـارَكَ وَتَعـالَى: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ﴾7.

ولكن لا ينبغي أن يكون وجود هذا الاستثناء سبباً لسوء التصرّف في بعض الموارد، وأن يجعلها بعض الناس ذريعة للانتقام في مورد العفو، بحجّة أنّ العفو هنا يتسبب في زيادة الجرأة لدى المذنب والمجرم، بل ينبغي النظر بإخلاص، وبعيداً عن حالات التعصّب، إلى أصل العفو والصفح وموارد الاستثناء بدقّة كبيرة، والعمل طبق هذه الموارد والاستثناءات.

العفو عن الأرحام:

ومن الموارد التي يحسن فيها العفو، التعامل مع الارحام، فينبغي أن يحكّم التسامح بينهم، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾8.

نقرأ في هذه الآية خطاباً لجميع المؤمنين في دائرة الاختلافات والنزاعات العائلية، ولا شكّ أنّه لولا وجود العفو والصفح في أجواء العائلة من قبل الأب والولي على أمور الأهل والأطفال، أو كان كلّ فرد من أفراد الأسرة يتحرّك في تعامله مع الآخرين من موقع الانتقام وأخذ الحقّ والمقابلة بالمثل، فإنّ هذه الأجواء الأسريّة ستتحوّل إلى مكان يعيش فيها الأفراد القلق والاضّطراب الدائم وعدم الأمن والراحة، وبالتالي يتسبّب ذلك في انهدام العائلة وتلاشيها.

الصفح:



tgoop.com/manbarhosyane3/750
Create:
Last Update:

#اخلاق
#العفو_الرحمة

🍃شبكة المعارف الإسلامية
🍃العفو والرحمة

مقدمة:
عفا: في أَسماءِ الله تعالى "العَفُوّ"ُ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ.

يُقال: عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ. قال الليث: العَفْوُ عَفْوُ الله عزّ وجلّ عن خَلْقِه، والله تعالى العَفُوُّ الغَفُور.

وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ عنه2.

إنّ من الفضائل الأخلاقية التي لا يصل الإنسان إلى مراتب الكمال دونها، هي صفة العفو عن زلّات الآخرين وهفواتهم، وترك الانتقام منهم.

وهي من الصفات الإلهية والإنسانية، وعكسها أي الانتقام من الصفات الحيوانية، لذلك نجد أنبياء الله وأوليائه المتّقين الذين يمثّلون بصدق معاني الإنسانية يتّصفون بها. ومن هنا نرى أنّ القرآن الكريم يجعلها من صفات المحسنين، يقول سبحانه: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

وعلى العكس من ذلك نجد أنّ الكافرين والمنافقين والفسّاق الجهلة والحكّام الظلمة يتّسمون بصفة الانتقام.

الحثّ على العفو في الإسلام:

هذا والآيات القرآنية والروايات الإسلامية زاخرة في بيان فضيلة العفو والصفح وذمّ روح الانتقام والثأر، وفي سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة المعصومين عليهم السلام في هذا الباب الكثير من النماذج الراقية.

يقول سبحانه: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾3.

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾4.

يظهر من الآيتين المباركتين الحثّ على فضيلة العفو وأرجحيّته على المعاقبة بالمثل، فإنّ العفو قد يكون له إيجابيّات أكثر من المعاقبة بالمثل، وذلك حسب اختلاف الأشخاص والحالات. فعلى الإنسان الحكيم أن يُعْمِل حكمته لكي يعرف متى يعاقب بالمثل ومتى يعفو.

بين العفو والعقاب:

هناك موارد يكون العفو والصفح فيها سبباً لجرأة المجرمين والمنحرفين، ولا شكّ أنّه لا أحد يرى في العفو في مثل هذه الموارد فضيلة أخلاقية، بل إنّ حفظ نظام المجتمع والنهي عن المنكر والتصدّي لمنع وقوع الجريمة تقتضي عدم التساهل مع المجرم، وترك العفو في مثل هذه الموارد، بل العمل بمقتضى العدل وما يفرضه من العقاب على المجرم.

ونجد في الأحاديث الإسلامية أيضاً إشارة إلى هذا الاستثناء، ومن ذلك ما ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العَفوُ يُفسِدُ مِنَ اللَّئِيمِ بِقَدَرِ إِصلاحِهِ مِنَ الكَرِيمِ"5.

ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله: "العَفوُ عَنِ المُقِرِّ لا عَنِ المُصِرِّ عَفو"6.

وأيضاً ورد في الحديث الشريف عن هذا الإمام عليه السلام أيضاً قوله: "جـازِ بِالحَسَنَةِ، وَتَجـاوَزَ عَنِ السَّيئَةِ مـا لَم يَكُن ثَلماً فِي الدِّينِ أَو وَهناً فِي سُلطـانِ الإسلامِ".

ففي مثل هذه الموارد يجب التحرّك على مستوى إلحاق الجزاء العادل بالمسيء.

وجاء في حديث آخر عن الإمام زين العابدين عليه السلام في تأييد هذا المعنى، حيث قال: "حَقُ مَنْ أَسـاءَكَ أَنْ تَعفُوَ عَنهُ، وَإِنْ عَلِمتَ أَنَّ العَفوَ عَنهُ يضِرُّ انتصرت، قـالَ اللهُ تَبـارَكَ وَتَعـالَى: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ﴾7.

ولكن لا ينبغي أن يكون وجود هذا الاستثناء سبباً لسوء التصرّف في بعض الموارد، وأن يجعلها بعض الناس ذريعة للانتقام في مورد العفو، بحجّة أنّ العفو هنا يتسبب في زيادة الجرأة لدى المذنب والمجرم، بل ينبغي النظر بإخلاص، وبعيداً عن حالات التعصّب، إلى أصل العفو والصفح وموارد الاستثناء بدقّة كبيرة، والعمل طبق هذه الموارد والاستثناءات.

العفو عن الأرحام:

ومن الموارد التي يحسن فيها العفو، التعامل مع الارحام، فينبغي أن يحكّم التسامح بينهم، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾8.

نقرأ في هذه الآية خطاباً لجميع المؤمنين في دائرة الاختلافات والنزاعات العائلية، ولا شكّ أنّه لولا وجود العفو والصفح في أجواء العائلة من قبل الأب والولي على أمور الأهل والأطفال، أو كان كلّ فرد من أفراد الأسرة يتحرّك في تعامله مع الآخرين من موقع الانتقام وأخذ الحقّ والمقابلة بالمثل، فإنّ هذه الأجواء الأسريّة ستتحوّل إلى مكان يعيش فيها الأفراد القلق والاضّطراب الدائم وعدم الأمن والراحة، وبالتالي يتسبّب ذلك في انهدام العائلة وتلاشيها.

الصفح:

BY قسم المحاضرات/خطباء المنبر الحسيني


Share with your friend now:
tgoop.com/manbarhosyane3/750

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

A vandalised bank during the 2019 protest. File photo: May James/HKFP. As of Thursday, the SUCK Channel had 34,146 subscribers, with only one message dated August 28, 2020. It was an announcement stating that police had removed all posts on the channel because its content “contravenes the laws of Hong Kong.” But a Telegram statement also said: "Any requests related to political censorship or limiting human rights such as the rights to free speech or assembly are not and will not be considered." Just at this time, Bitcoin and the broader crypto market have dropped to new 2022 lows. The Bitcoin price has tanked 10 percent dropping to $20,000. On the other hand, the altcoin space is witnessing even more brutal correction. Bitcoin has dropped nearly 60 percent year-to-date and more than 70 percent since its all-time high in November 2021. Telegram message that reads: "Bear Market Screaming Therapy Group. You are only allowed to send screaming voice notes. Everything else = BAN. Text pics, videos, stickers, gif = BAN. Anything other than screaming = BAN. You think you are smart = BAN.
from us


Telegram قسم المحاضرات/خطباء المنبر الحسيني
FROM American