tgoop.com/maribnews1/7858
Last Update:
مصطفى نصر يكتب: مأرب.. حكاية مدينة تحلم أن تكون في الواجهة!
السائق الذي سيقلنا إلى مأرب يعرف الطريق جيداً، لكن كثرة الحفر على الأسفلت تجعله متحفزاً بصورة مستمرة. في مدخل المحافظة من طريق منفذ العبر الذي يربط اليمن بالسعودية يرتسم شريان أسفلتي جميل تجري فيه أعمال البناء بدعم سعودي، لكن سرعان ما ينقطع لتعود مجدداً إلى “الحفر القاتلة“ وفقاً لتعبير السائق.
لأول وهلة ذكرتني مأرب بصنعاء، حيث تزدحم الشوارع بالسيارات، وتكتظ الأسواق بالناس، والأتربة، وحركة الشارع العفوية التي تقترب من الفوضى!
كانت الساعة الخامسة مساء ونحن نقترب من المدينة التي سأراها لأول مرة. المرة الوحيدة التي زرت فيها مأرب كانت قبل عشرين عاماً؛ حيث جئنا إلى المستشفى الوحيد لأخذ قريب قضى حياته في حادث مروري بالقرب منها. أتذكرها شارعاً وحيداً مظلما!
الجميع يتحدث هنا كيف كانت مأرب وأين صارت اليوم، على صعيد البنية والتلاحم والتحدي والحلم المشترك!
من شارع رئيسي أوحد؛ المساحة المعبدة فيه بالأسفلت ألف متر فقط إلى مدينة تزدان بالأنوار، وشوارع فسيحة، وتشجير بلمسة جمالية تتفرد بها مدينتان فقط في اليمن حالياً هما سيئون ومأرب، و قد تليهما المخا قريبا.
صحيح أنها ما تزال مدينة مخنوقة بحصار جماعة الحوثي من جوانب عدة، وتتوزع فيها أكبر مخيمات النزوح “أكثر من مائتي مخيم“، لكنك تلحظ ببساطة مدينة عقدت العزم أن تحمل بيد السلاح وباليد الأخرى معول بناء!
يحدثك الكثير هنا عن اللواء سلطان العرادة الذي كان يوجّه بشق الطرقات فيما تسمع أصوات الرصاص في جبهات قريبة من المدينة في بواكير الحرب التي استنزفت البلاد كلها. وحدها مأرب حولت هذه المحنة إلى منحة وتحدي، وصارت وجهة يهوي إليها الملايين ممن شردتهم الحرب ونكل بهم الحوثيون.
الكثافة السكانية وتوفر السيولة المالية في مأرب خلقت نشاطاً استهلاكياً كبيراً، لكنه لم يتحول بعد إلى اقتصاد إنتاجي باستثناء بعض المنتجات الزراعية، حيث ما تزال معظم البضائع تأتي من مناطق سيطرة جماعة الحوثي
قدمت مأرب العشرات من أبنائها، وسكب اليمنيون من كل مكان دماءهم على ترابها، فأثمر ذلك روحاً جمعية غاية في الانسجام والتعايش!
الكثافة السكانية وتوفر السيولة المالية في مأرب خلقت نشاطاً استهلاكياً كبيراً، لكنه لم يتحول بعد إلى اقتصاد إنتاجي باستثناء بعض المنتجات الزراعية، حيث ما تزال معظم البضائع تأتي من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بما في ذلك مبيعات “القات“ الذي يشكل أكبر نسبة إنفاق يومي في المحافظة.
لقاء اللواء العرادة
يحظى اللواء العرادة بإجماع وثقة القاطنين في مأرب، وهي حالة لا تتكرر كثيراً في تاريخ اليمن المليء بالصراعات السياسة والعسكرية، وقد قلت له في لقائي الأول به “هذا يضع عليك مسؤولية كبيرة في دعم وتنفيذ رؤية لتنمية مستدامة في مأرب“.
مقترحات لإنشاء مدينة صناعية، ووضع إطار للشراكة بين السلطة المحلية والقطاع الخاص بحيث يسهم الجميع في تنمية مأرب وازدهارها
جلسنا لما يقرب من ساعة نناقش الشأن الاقتصادي وقضاياه؛ باعتباره الهم الشاغل ليس لمأرب وحدها وإنما لليمنيين جميعا، فمع حالة السلام الهش الذي تشهده اليمن تفاقمت الأزمة الاقتصادية بصورة لم تكن معهودة حتى في أوج الصراع المسلح!
قدمنا له مقترحات لإنشاء مدينة صناعية، ووضع إطار للشراكة بين السلطة المحلية والقطاع الخاص بحيث يسهم الجميع في تنمية مأرب وازدهارها، وهي قناعة نؤمن عبرها أنه لن تتحقق التنمية ما لم يطلق العنان للقطاع الخاص ليكون شريكاً في الإنتاج والبناء. ولهذه الشراكة متطلباتها وشروطها التي قد لا تكون موجودة في مأرب اليوم.
قرأ اللواء العرادة المقترحات واحداً تلو الأخر بعناية، كانت مكونة من صفحة واحدة تلخص عملنا في مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي لدعم التنمية منذ سنوات، قال بعدها: “فلنبدأ ونتبع استراتيجية عسكرية في هذا الجانب مفادها أن نركز على مناطق الضعف عند العدو، سنبدأ بما هو ممكن“. أجبته بأن من بدأ المشوار حتماً سيصل، ومن يمتلك الإرادة لا تعجزه التحديات، فالمدينة التي خلقت من رحم الحرب بحاجة إلى جهود كبيرة لكي تصل إلى مستوى أبعد من ذلك.
توجس!
شكل تقدم الحوثيين في آخر جولة من المعارك إلى مشارف مدينة مأرب أحد العوامل التي عملت على فرملة الكثير من الأنشطة الاستثمارية التي بدأت بالتدفق إلى المدينة، لكن هذا ليس العائق الوحيد، فالسلطة المحلية في مأرب لا تمتلك أراضي دولة إذ تعد معظم الأراضي تحت ملكية القبائل وهذه أحد أعقد مشكلات مأرب اليوم وغدا.
تتمتع مدينة مأرب بأمن تبدو صرامته واضحة، كهرباء، ومياه، وكتلة بشرية من الكفاءات التي شردتها الحرب يعيش معظمهم حالة تيه أو حلم عودة قد لا يأتي قريبا
BY أخبار مأرب Maribnews
Share with your friend now:
tgoop.com/maribnews1/7858