زينة العالِم التأني، وآية الجاهل المسارعة إلى الجواب، والاستكثار من القطع:

قال ابن عطية -رحمه الله- في تفسيره:

"وأما المقرءون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى؛ كقول بعضهم: «أعوذ بالله المجيد من الشيطان المريد»، ونحو هذا مما لا أقول فيه: نعمت البدعة، ولا أقول إنه لا يجوز".

‏قاعدة:

"ما يُقصد به الأكل أو التداوي وإن كان له ريح طيِّبة؛ كالتفاح، والأُتْرُجِّ -بضم الهمزة والراء وتشديد الجيم على الأفصح- ويقال: الأُترنج، والقرنفل، والدارصيني [وهو القرفة]، والسنبل، وسائر الأبازير الطيبة كالمصطكى: لم يحرم، ولم تجب فيه فدية؛ لأنه إنما يُقصد منه الأكل أو التداوي". (مغني المحتاج، ٢٩٦/٢)

أقول: وعليه فلا حرج في استعمال العلك والمعجون المطعَّم بريح النعناع والقرفة ونحوهما؛ لأنه لا يُقصد بهما الطيب.

‎#فقه_الشافعية

إذا رأيتني #يا_بني لا يعجبني غير الفَخَار والمطاولة بك، ولا يسرُّني غير التجمُّل بك في مزدحَم الصور لا الحقائق، ولا يرضيني إلا أن أجدك لسانًا ينصر حقِّي وباطلي، ويدًا تبطش بظالمي ومظلومي؛ فلا مانع عندي أن تُضمِر في نفسك أني لا أحبك على الحقيقة، فإن محبتي لك على الحقيقة قاضية بالرضا عنك إذا سلِم دينك وصحَّت مروءتك، والرضا عن نفسي إذا أدَّيْتُ حقَّكَ قبل سؤالك حقِّي، والرضا عن الله أن وهبني إياك.

إذا دلَلْتَ #يا_بني على سوء خُلقك، وقلة عقلك، وضيق صدرك؛ فلن ينفي ذلك عنك علو شأن أبيك، ولا جلالة شيوخك، ولا شرف قومك؛ إذ الإقرار أعظم دليل وأفصح شاهد، ولا يُنازع بالقرائن البعيدة عن المطلوب.

وإذا عدلتَ عن اعتماد هذه القرائن، واتخذتَ التعاليَ جُنَّة، والإعراضَ وسيلةً، والتحقيرَ سلاحًا؛ فقد تدرَّعت بالورق، وتحصَّنت بالهواء، وتسلَّحتَ بأهداب عينيك!

أخي طالب العلم، إذا نشرتَ خبرَ كتاب لا يطلبه غير الخاصة؛ فأنت بصير بأن الناس في أمر منشورك ثلاثة:

(خاصة) يعنيهم أمر الكتاب وما فيه من حق يؤخذ أو باطل يُرد، فيعلقون بالسؤال عن مكان وجوده، وفضل طبعته اللاحقة على السابقة، ونحو هذا، وهم في حصن إن شاء الله.

(وعامة) لا يلتفتون إلى مثله، ولا يطمعون فيما دونه أو فوقه، بل لا يُعنى كثير منهم بما هو أوجب وأقرب، فهم غير ملتفتين إلى ذكره من قريب أو بعيد، وهذا خير لهم.

(وأشباح) يقتحمون أمر الخاصة ليفتنوا العامَّة، فيُغرون القاصر بطلبه والنظر فيه بذكر ما يُستغرَب ويُستنكَر، ويستفزُّون الفاضل الحليم بالولولة عليه، ثم لا يطمئنون حتى تموج العامة في الخاصة.

‏في البسملة:

"إظهار مخالفة المشركين الذين يفتتحون أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين، وهو مَفْزَع الخائف،
ودلالةٌ من قائله على انقطاعه إلى الله،
وأنسٌ للسامع،
وإقرارٌ بالألوهية،
واعترافٌ بالنعمة،
واستغاثةٌ بالله، وعبادةٌ له".

(أحكام القرآن لإلكيا الهراسي ٥/١، وانظر: أحكام القرآن للجصاص، ١٨/١).

قاعدة:

‏قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:

"الزهد كله بين كلمتين من القرآن، قال الله تعالى: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ}.

ومن لم يَأْسَ على الماضي، ولم يفرح بالآتي؛ فقد أخَذ الزهد بطرَفيْه".

(ربيع الأبرار للزمخشري، ١٧١/٢)

كيف يصير الأحمق مؤثرًا والعاقل مغمورًا؟

قال سهل بن هارون:

"ولم يؤتَ الأحمق من التدبير المستبطن للدهاء ولطلب الحيلة إلا وذو الحِجى فيه أقوى سببًا، وأبلغ مرامًا، وأوفر فيما يريد فيه حظًّا، ولكن شرف همة اللبيب وكرم طبعه يحجبانه عن استعمال فهمه فيما نظر فيه الأحمق ونطق بحيرته، وكثيرًا ما تجد ذلك في شرار الناس وسقاط الإماء".

قاعدة:

‏"من شدَّد وغلَّظ في شرائط التوبة وارتكاب الصغائر فليس ذلك منهم على إيجاب الوعيد، بل ذلك على تعظيم الذنب في وجوب حق الله في الانتهاء عما نهى عنه، ولم يجعلوا في الذنوب صغيرةً إلا عند نسبة بعضها الى بعض، فطالبوا النفوس بإيفاء حق الله تعالى والانتهاء عما نهى الله عنه ...". (ص٣٤-٣٥)

‏"فإنه سبحانه علَّل عذاب المنافقين به [أي الكذب] في قوله: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} ولم يقل بما كانوا يصنعون من النفاق؛ إيذانًا بأن الكذب قاعدة مذهبهم وأُسُّه، فينبغي تجنُّبُه لمنافاته لوصف الإيمان والتصديق". (فيض القدير للمناوي، ٣/ ١٧٢-١٧٣)

‏كلمة (المَخيط) أو (المُحيط) في وصف اللباس المحظور للمحرم، هي من باب ملاحظة الوصف الجامع لما ورد في السنة النبوية، لا من باب التحكُّم ولا الابتداع، حيث ذكر النبي ﷺ أمثلة تشترك في كونها ملبوسًا مفصَّلًا على قدر البدن، فعُلِم أن "الواجب ستر البدن بما يلتفُّ لا بما يُلبَس"، ولهذا يستعمل الفقهاء في اللباس المحظور لفظ اللُبس، وفي الإحرام لفظتيْ الاتزار والارتداء.

واستخراج الوصف الجامع -كاستخراج الأصل الجامع والقاعدة والضابط والفرق- سنة متبعة وجادة مطروقة عند العلماء، وتنقيب بعض طلاب العلم في أُسسها يفيد تشويشًا لا تحقيقًا، ومثله تنقيب بعضهم في الأوصاف الجامعة للمفطرات.

ومن تمام النعمة على طالب العلم أن يجمع الله له بين عِلْمٍ يدفعُه وعقلٍ يقيِّدُه.

‏في كتب المتقدمين الفقهية مواضع وافرة لتفسير الحديث النبوي -تفسير ألفاظه ومعانيه، لا مجرد الاستدلال به- ولعل جمعها ودراستها دراسة مقارنة يصلح رسالة علمية للمتخصص في الحديث النبوي وفقه السنة، فلينظر -بالنسبة لكتب الشافعية- في تعليقتيْ القاضي أبي الطيب الطبري والقاضي حسين، وحاوي الماوردي، وبحر المذهب للروياني، وغيرها.

‎#أفكار_بحثية

دوام الغفلة #يا_بني داء لا يُداوى بكثرة الاعتذار، ومعرَّة لا يمحوها نسبة بعض الجِلَّة إليها. فكلما قلَّ العقل في الناس، وكسدت فيهم سوق الحِلْم، ونُشِر فيهم لواءُ الجهل، وعظُم استفزاز أدواء النفوس لهم؛ عظُمت عندهم الصغيرة، وصغُرت الكبيرة.

فلا أراك تكثر الوقوف في مواضع سيرهم، أو التردد في مواضع سكونهم، أو رفع الصوت في محل غضِّهم، أو الضحك في زمان حزنهم والعكس، ونحو هذا، وإقلالك المخالطة عند تعذر زوال الداء سترٌ لك مع إظهار الاحتشام ما أمكن، واستشارة الطبيب المختص لازمة في بعض الأحوال.

من الأدواء المستشرية في المشتغلين بالعلم: حضور ذكر ومهابة من قرُب زمانه منهم لا من بعُد وإن كان أجلَّ وأفضل، حتى وإن قرُب زمانه من القرون الفاضلة واتصل سنده بها أو كان منها.

والحق أن هذا من قصور العقل الذي يجعل الحاضر حقيقة أو حكمًا أهْيَب وأجلَّ من الغائب حقيقة أو حكمًا، وشاهده ومثاله: الصبي الذي يهاب حضور والده أو معلِّمه فيُمسك عن العبث بين يديه، ولا يهاب حضور الجمع من الناس أو الجِلَّة منهم وإن كانوا أحرى برعاية الأدب في حضورهم، وأولى بالإنصات إلى كلامهم.

وأخسُّ دركاته النفاق الذي يغلب فيه خوفُ المخلوق الحاضر والحياء منه الخوفَ من الله والحياء منه، أعاذنا الله وإياكم منه.

قلت هذا في نفسي وأنا أشاهد (تنانير) المحرمين في منى بغير نكير ولا سؤال ولا احتياط، ولو أخذ أحدٌ في مسألة بنص إمام من الأئمة الأربعة عين الأدلة ترعاه لكن لم يذكره المعاصرون ولا يعرفه تابِعوهم؛ لأنكروا عليه إنكارهم على الصبي أكلَ ما يلتقط من الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أخي طالب العلم، ليس في منصب الإفتاء خيرٌ تتعجَّله، ولا شرفٌ لن تصيب غيره إن ضيَّعته، حتى تسابق إليه بغير تأهُّل، وتنتصب له بغير توجُّه طلب، بل لو كنتَ في المحل العالي من التأهل، ووجدت من يكفيك أمره لتجمع ذهنك على جمع العلم وتقريبه لطالبه والعمل به؛ لكنتَ في حيِّز العافية، وحصن السلامة.

وإنه ليحزنني أن أرى طلابًا بعضهم لم يجاوز المستويات الأولى في كليات الشريعة يتلاعبون بوراثة النبوة، ويتصدَّون لأسئلة الناس برُكن من العلم هاوٍ، وعقل يأوي إِلى جرف هارٍ، وهي آفةٌ أُسُّها اختلاط مقامات الإفتاء والتعليم والبحث والمذاكرة والوعظ ببعضها، بحيث يختلط أمرها على غير البصير، ويحتال بالنفوذ من بعضها إلى بعضها الآخر قليل الديانة.

ممن أرى لهم على طالب العلم حق الدعاء في يوم عرفة: أصحاب القنوات التي قرَّبت البعيد لطالب العلم، ووصلته بأكابر أهل العلم والمسندين؛ كالمشايخ محمد الجبيلي، وسعيد آل برمان، وصلاح بن فتحي، وعبدالله الجبرتي، وآخرين لا أعرفهم لكن الله يعلمهم، ووالله إنهم غمرونا بفضلهم غمرهم الله بفضله وإحسانه وعفوه في الدارين.

قاعدة:

المُستفِزُّ اللئيمُ أعظمُ الناس ادعاءً لسعة الصدر!

"ولا يجوز عَقْدُ الرِّداء، ولا أن يَزُرَّهُ، ولا يَخُلَّهُ بخِلال أو مِسَلَّة، ولا يربط خيطًا في طرفه ثم يربطه في طرفه الآخر، فافهم هذا؛ فإنه مما يتساهل فيه عوام الحجاج، ولا تغترَّ بقول إمام الحرمين: (يجوز عَقْدُ الرداء كالإزار)؛ فإنه شاذٌّ مردودٌ مخالفٌ لنصِّ الشافعي وأصحابه، وقد روى الشافعي تحريم عَقْدِ الرداء عن ابن عمر رضي الله عنهما". (الإيضاح للنووي، ص١٢٠)

#فقه_الشافعية

المستحب في التلبية عندنا:

- تكرار تلبية النبي ﷺ ثلاثًا.

- ثم الصلاة على النبي ﷺ بعدها بصوت أخفض.

- ثم سؤال الله تعالى رضوانه والجنة، والاستعاذة به من النار، والدعاء بما أحَبَّ لنفسه ولمن أحَبَّ.

وهكذا في كل مرة.

انظر: الإيضاح للنووي (ص١١٤-١١٦)، وتحفة المحتاج لابن حجر (٦٣/٤).

#فقه_الشافعية

تفقَّد نفسك عند #الدعاء في خمسة:

١- اللسان: وهو محل اللفظ، فلا تدعُ بإثم ولا بقطيعة رحم، وراعِ أشرف وأجمع ألفاظ الدعاء والثناء، ولا تغفل عن الصلاة على النبي ﷺ بين يديه وأثناءَه وآخره.

٢- القلب: وهو محل التوجُّه الباطن، فتدعو بقلب متوجِّه إلى الله، منقطعٍ إليه، مستحضرٍ معنى العبودية بالدعاء، متقرِّبٍ به، مفرَّغٍ من علائق الدنيا وأشخاصها.

٣- البدن: وهو محل التوجُّه الظاهر، فتراعي أشرف الحالات من طهارة الحدث والخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة، ونحوها.

٤ و٥- الزمان والمكان: وهما الظرف الحاوي لما تقدَّم، فتتحرَّى للدعاء أشرف الساعات والأيام والليالي، وأشرف المواضع، مما ورد استحباب الدعاء ورجاء إجابته فيه.

#دعاء_يوم_عرفة