في "تفسير ابن أبي حاتم":
"عن سعيد بن جبير قال: ما بلغني حديث عن رسول الله ﷺ على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله عز وجل، حتى بلغني أنه قال: لا يسمع بي أي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار. قال سعيد: فقلت: أين هذا في كتاب الله؟ حتى أتيت على هذه الآية: ﴿ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده﴾، قال: من أهل الملل كلها".
"عن سعيد بن جبير قال: ما بلغني حديث عن رسول الله ﷺ على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله عز وجل، حتى بلغني أنه قال: لا يسمع بي أي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار. قال سعيد: فقلت: أين هذا في كتاب الله؟ حتى أتيت على هذه الآية: ﴿ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده﴾، قال: من أهل الملل كلها".
"اختصاص [الصلوات] الخمس بهذه الأوقات تعبُّدٌ عند أكثر العلماء، وأبدى غيرهم له حِكَمًا من أحسنها: تذكُّر الإنسان بها نشأته؛ إذ ولادته كطلوع الشمس، ونشؤه كارتفاعها، وشبابه كوقوفها عند الاستواء، وكهولته كمَيْلِها، وشيخوخته كقربها للغروب، وموته كغروبها وفيه نقص فيزاد عليه، وفناء جسمه كانمحاق أثرها وهو الشفق الأحمر فوجبت العشاء حينئذ تذكيرًا بذلك، كما أن كماله في البطن وتهيئته للخروج كطلوع الفجر الذي هو مقدمة لطلوع الشمس المُشَبَّه بالولادة". (تحفة المحتاج ٤٢٨/١، وانظر: نهاية المحتاج ١/ ٣٦١-٣٦٢).
#فقه_الشافعية
#فقه_الشافعية
❤2
(التلفيق) هو أعظمُ مصيبة بُلي بها المسلمون في تاريخهم العلمي والعملي، لما لم ترضَ طائفة منهم بالاستمساك بالأمر الواضح والوقوف عنده، ولم تحسن المقارنة الفارقة والتحقيق الهادي إلى الصواب، بل هجمت على أبواب الردود والمناظرات بغير عُدَّة، وركبت مسالك الخطر بغير مركب وثيق.
فأولٌ يناظر أهل الملل ثم يلفِّق من أقوالهم وأقوال غيرهم مذهبًا.
وثانٍ يناظر الأول ثم يلفِّق من قوله وقول غيره مذهبًا.
وثالث يرد على الثاني ويلعنه ثم يلفِّق من قوله وقول غيره مذهبًا.
ورابع وخامس، وقبلُ وبعدُ.
ثم يكون دور عامة المشتغلين إما إظهار الاستمساك وإضمار التردد، أو التقلُّب بين هذه التلفيقات طلبًا لليقين، كما يتقلُّب طالب النوم على كل جنب وناحية طلبًا للنوم ثم لا يجده، وسبيل التوفيق في ترك التلفيق.
فأولٌ يناظر أهل الملل ثم يلفِّق من أقوالهم وأقوال غيرهم مذهبًا.
وثانٍ يناظر الأول ثم يلفِّق من قوله وقول غيره مذهبًا.
وثالث يرد على الثاني ويلعنه ثم يلفِّق من قوله وقول غيره مذهبًا.
ورابع وخامس، وقبلُ وبعدُ.
ثم يكون دور عامة المشتغلين إما إظهار الاستمساك وإضمار التردد، أو التقلُّب بين هذه التلفيقات طلبًا لليقين، كما يتقلُّب طالب النوم على كل جنب وناحية طلبًا للنوم ثم لا يجده، وسبيل التوفيق في ترك التلفيق.
هل يلزم الرد كتابة على كل مجهول يرسل السلام مجرَّدًا، مع كون كثير من هؤلاء لا تؤمَن فتنتهم، ويغلب عليهم سوء القصد أو سوء الأدب، أم يكفي الرد باللفظ دون الكتابة جمعًا بين اتباع الأمر الشرعي ودفع الابتلاء بهم وزجرهم عن هذا التصرف؟
قال النووي في شرح مسلم (٢١١/١٥): "وكذا لو بلغه سلام في ورقة من غائب، لزمه أن يرد السلام عليه باللفظ على الفور إذا قرأه".
وفي أسنى المطالب للشيخ زكريا (٤٧٤/٨): "(و) يجب على الغائب (الرد) فورًا باللفظ في الرسول، وبه أو بالكتابة في الكتاب".
وقال المناوي في فيض القدير (٣١/٤): "إذا كتب لك رجل بالسلام في كتاب ووصل إليك وعلمته بقراءتك أو بقراءة غيرك؛ وجب عليك الرد باللفظ أو المراسلة، وبه صرَّح جمع من الشافعية، وهو مذهب ابن عباس".
وقال ابن عابدين في حاشيته (٤١٥/٦) تعليقًا على قول صاحب (الدر المختار): "ويجب رد جواب كتاب التحية كرد السلام". قال: "المتبادر من هذا أن المراد رد سلام الكتاب لا رد الكتاب". واعتمد على ما نقلته لك من كلام الشافعية.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (٣٠٦/١): "ولو سلَّم الغائب عن العين من وراء جدار أو ستر: السلام عليك يا فلان، أو سلم الغائب عن البلد برسالته أو كتابه؛ وجبت الإجابة عند البلاغ عندنا وعند الشافعية لأن تحية الغائب كذلك". وقد علمت أنها تكون باللفظ عند الشافعية.
وعليه فإني أكتفي بردِّ السلام على هولاء باللفظ من غير كتابة، ولا أفتح بابًا للانشغال بمجاهيل لا أعلم ملةَ الواحد منهم ولا جنسَه ولا صدقَه فيما يدعي أو علمَه بما يقول، ولا أنتظر من أحدهم بيانًا لوجوب رد السلام، مع إصراره على عدم الإفصاح عن حقيقته وحقيقة حاله.
والله أعلم.
قال النووي في شرح مسلم (٢١١/١٥): "وكذا لو بلغه سلام في ورقة من غائب، لزمه أن يرد السلام عليه باللفظ على الفور إذا قرأه".
وفي أسنى المطالب للشيخ زكريا (٤٧٤/٨): "(و) يجب على الغائب (الرد) فورًا باللفظ في الرسول، وبه أو بالكتابة في الكتاب".
وقال المناوي في فيض القدير (٣١/٤): "إذا كتب لك رجل بالسلام في كتاب ووصل إليك وعلمته بقراءتك أو بقراءة غيرك؛ وجب عليك الرد باللفظ أو المراسلة، وبه صرَّح جمع من الشافعية، وهو مذهب ابن عباس".
وقال ابن عابدين في حاشيته (٤١٥/٦) تعليقًا على قول صاحب (الدر المختار): "ويجب رد جواب كتاب التحية كرد السلام". قال: "المتبادر من هذا أن المراد رد سلام الكتاب لا رد الكتاب". واعتمد على ما نقلته لك من كلام الشافعية.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (٣٠٦/١): "ولو سلَّم الغائب عن العين من وراء جدار أو ستر: السلام عليك يا فلان، أو سلم الغائب عن البلد برسالته أو كتابه؛ وجبت الإجابة عند البلاغ عندنا وعند الشافعية لأن تحية الغائب كذلك". وقد علمت أنها تكون باللفظ عند الشافعية.
وعليه فإني أكتفي بردِّ السلام على هولاء باللفظ من غير كتابة، ولا أفتح بابًا للانشغال بمجاهيل لا أعلم ملةَ الواحد منهم ولا جنسَه ولا صدقَه فيما يدعي أو علمَه بما يقول، ولا أنتظر من أحدهم بيانًا لوجوب رد السلام، مع إصراره على عدم الإفصاح عن حقيقته وحقيقة حاله.
والله أعلم.
👍3
إذا نفِد مخزونك من التسامح #يا_بني فالتمسه عند المتسامحين مع الملل والنحل كلها، المُعادين أهل الإسلام خاصة، فعندهم مخزون تسامح كبير لا يُنفقونه في مصارفه، خُذْ قدر حاجتك منه، ثم اغسله سبع غسلات إحداهن بتراب قبل استعماله في محله.
👌3👍1
#يا_بني، مع شيوع ثقافة (استحقاق) لا تُنسَب إلى شرعٍ ولا تستمسك بعقل؛ فإني أخاف عليك أن تفرض لنفسك على والديك ما ليس لك بحق، وأن ترى الحب والبعض والولاء والتقديم ينبغي أن يكون خالصًا لك وإن كنتَ من أهل الإعراض عن أمر ربك إعراضًا يجاوز الغفلةَ إلى النفاق، والجهلَ إلى الشقاق، وإني أعيذهما من الإقرار بما يفرضه هواك، وأن يرياه لازمًا لحقِّ البنوَّة.
وإني أقرأ على كل مبتلى منهما هذه الآيات، ومعناها الذي "يدل على أن الموافقَ في الدين ألصقُ ما يكون وإن كان في غاية البُعد في النسب، والمخالف فيه أبعدُ ما يكون وإن كان في غاية القُرب في النسب"، كما قال البقاعي رحمه الله تعالى؛ لئلا يقصِّرا في الولاء والإحسان لمستحقِّه رعايةً لخاطر من لا يستحق.
وإني أقرأ على كل مبتلى منهما هذه الآيات، ومعناها الذي "يدل على أن الموافقَ في الدين ألصقُ ما يكون وإن كان في غاية البُعد في النسب، والمخالف فيه أبعدُ ما يكون وإن كان في غاية القُرب في النسب"، كما قال البقاعي رحمه الله تعالى؛ لئلا يقصِّرا في الولاء والإحسان لمستحقِّه رعايةً لخاطر من لا يستحق.
قال لي: أراك تتجنب شهود مجالس الخطبة وعقد النكاح، فما السبب؟
قلت: ما الذي يمنعك من السفر إلى بعض البلاد أو شهود بعض مجامع الناس؟
قال: غلبة فتن النساء، وتهتُّك الرجال، وأذى المحتالين والسُّرَّاق.
قلت: وأنا يمنعني غلبة النفاق في هذه المجالس، والذي وقفت على شواهد له بنفسي، وسمعت أخرى من غيري.
وأنا أكره أن أسمع رجلًا يتحدث مع آخر وكأنه من خاصة أهله فقده زمانًا ثم وجده، وبعد أول خلاف يجعله من أبناء إبليس حسِبه إنسانًا.
وأكره أن يظهر أحدٌ الرجولة بين الرجال وهو يضمر في نفسه غضب الثور، وخبث الضبع وحماقته، وطمع شاة أشعب، يظهرها إذا خلا بأهله.
ولستُ بالمسارِع إلى الظن، لكن المبالغة في التجمُّل تدل على قُبح ما ورائها، وأنا مللت رؤية ولادة البغضاء من بطن دعوى المحبة، وانكشاف الطمع من وراء حجاب البذل، وتقاطر الأذى من سحاب المعاضدة.
نصيحة لكل خاطب لنفسه أو لولده: عَيْشُكَ متبتِّلًا خير لك من تطميع الناس في أمرٍ لا تملكه.
قلت: ما الذي يمنعك من السفر إلى بعض البلاد أو شهود بعض مجامع الناس؟
قال: غلبة فتن النساء، وتهتُّك الرجال، وأذى المحتالين والسُّرَّاق.
قلت: وأنا يمنعني غلبة النفاق في هذه المجالس، والذي وقفت على شواهد له بنفسي، وسمعت أخرى من غيري.
وأنا أكره أن أسمع رجلًا يتحدث مع آخر وكأنه من خاصة أهله فقده زمانًا ثم وجده، وبعد أول خلاف يجعله من أبناء إبليس حسِبه إنسانًا.
وأكره أن يظهر أحدٌ الرجولة بين الرجال وهو يضمر في نفسه غضب الثور، وخبث الضبع وحماقته، وطمع شاة أشعب، يظهرها إذا خلا بأهله.
ولستُ بالمسارِع إلى الظن، لكن المبالغة في التجمُّل تدل على قُبح ما ورائها، وأنا مللت رؤية ولادة البغضاء من بطن دعوى المحبة، وانكشاف الطمع من وراء حجاب البذل، وتقاطر الأذى من سحاب المعاضدة.
نصيحة لكل خاطب لنفسه أو لولده: عَيْشُكَ متبتِّلًا خير لك من تطميع الناس في أمرٍ لا تملكه.
❤1
أحب لك #يا_بني أن تدعو الله متقرِّبًا بالدعاء متحبِّبًا فرِحًا بتوفيق الله لك إلى مناجاته مؤمِّلًا القبول لا تخاف إلا من حجاب الذنوب دون هذه المنزلة، ولا أحب لك أن تكون في الدعاء طالبًا منتظِرًا فحسب، وأُبغض أن تكون ممتحِنًا مجرِّبًا.
#ساعه_استجابه
#ساعه_استجابه
❤6
هو منصف جدًا، يعترف بزهد عمرو بن عبيد، ونُبْل ابن أبي دؤاد، ورئاسة ابن سينا، وفضل ابن أبي الحديد، وولاية ابن عربي. حتى إذا بلغ ابن تيمية وموافقيه نفد مخزون الإنصاف عنده، ولم يجد في قعر كيسه غير بقية من أخلاق (غير) الرجال يستعملها مع كل من يُظن منه السعي إلى حفظ سور الشريعة، وتعظيم أمر السنن في نفوس المسلمين.
بعض الدروشة رماد تحته نار نفاق، وبعض التزهُّد معادن للفجور، وبعض الحب بغضٌ مصبوغ!
بعض الدروشة رماد تحته نار نفاق، وبعض التزهُّد معادن للفجور، وبعض الحب بغضٌ مصبوغ!
❤7👍4
هكذا تُزال الشُبَه #يا_بني، بسؤال من يُمسِّكُكَ معاقدَ التسليم، ويبصِّرك منازل الرضا، ويصرف نظرك عن زينة الشكوك ومفاتن الشُّبَه؛ "لأن انتهاءها [أي مسألة القدر] عند أرباب العلم والعمل إلى قوله تعالى: {لا يُسأل عمَّا يفعل}"، كما قال في (مرقاة المفاتيح). ثم يكون انصرافك بكُلِّيَّتِك إلى العمل المطلوب قاطعًا لك عن ملاقاة الشُّبَه ومُفاكهة الفتن.
أما ردُّ دقائق الإيمان وجلائله إلى مهرطق لبس قبعة مفكِّر، أو دابَّة أُلقي عليها مِدْرَعة فيلسوف؛ فهي مخاطرة أحمق بأنفس رؤوس أمواله في أخسر الأسواق.
أما ردُّ دقائق الإيمان وجلائله إلى مهرطق لبس قبعة مفكِّر، أو دابَّة أُلقي عليها مِدْرَعة فيلسوف؛ فهي مخاطرة أحمق بأنفس رؤوس أمواله في أخسر الأسواق.
❤1
يعيب من لم يفهم حقيقة المذهبية الفقهية على أهلها أنهم -بزعمه- يصيرون آخرًا إلى تتبع الرخص والتنقل بين المذاهب، ولو سبر كلامهم لعلِم أن واقعهم ينافي زعمَه، وأن الأجدر بهذه التهمة من لم ينضبط بقاعدة واضحة، حتى رأينا من يزعم أنه من طلاب العلم إذا نُهي عن معاملة ظاهرة الفساد أو قول ظاهر الشذوذ احتج بفتوى الشيخ فلان، ولم يصِر إلى دليل ولا مدلول.
وحقيقة كلام أرباب المذاهب: أنهم لا يجيزون الفتوى بغير الصحيح المعتمد، ويجيزون إرشاد السائل إلى القول المقابل إذا قوي مأخذه للحاجة ورفع الحرج، ولهم في ذلك تفاصيل تجدها في مثل كتاب السمهودي "العقد الفريد"، وكتاب ابن الجمَّال "فتح المجيد".
وهذا الذي كانت عليه مدارس العلم في ديار الإسلام قاطبة قبل شيوع لغة القطع بغير حدٍّ، وفوران دماء الترجيح بغير علة، حتى قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في تقرير له كما في الفتاوى (٢١/٢): "المسألة الخلافية إذا وقعت فيها الضرورة -ما هي بشهوة- جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه الرخصة"، واقرن قوله هذا بما ثبت عنه في حق من اقتحم الفتوى بأقوال شذَّت عن جماهير أهل العلم؛ لتعلم أن دائرة الاختيار والعمل محصورة فيما استقامت نسبته إلى مذاهب الأئمة، واتضحت سبيله إلى أصولهم وأدلتهم، دون ما كان منقطع النسبة إلى السلف، مبنيًا على ظاهر حديث لم يُعمل به قط.
وحقيقة كلام أرباب المذاهب: أنهم لا يجيزون الفتوى بغير الصحيح المعتمد، ويجيزون إرشاد السائل إلى القول المقابل إذا قوي مأخذه للحاجة ورفع الحرج، ولهم في ذلك تفاصيل تجدها في مثل كتاب السمهودي "العقد الفريد"، وكتاب ابن الجمَّال "فتح المجيد".
وهذا الذي كانت عليه مدارس العلم في ديار الإسلام قاطبة قبل شيوع لغة القطع بغير حدٍّ، وفوران دماء الترجيح بغير علة، حتى قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في تقرير له كما في الفتاوى (٢١/٢): "المسألة الخلافية إذا وقعت فيها الضرورة -ما هي بشهوة- جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه الرخصة"، واقرن قوله هذا بما ثبت عنه في حق من اقتحم الفتوى بأقوال شذَّت عن جماهير أهل العلم؛ لتعلم أن دائرة الاختيار والعمل محصورة فيما استقامت نسبته إلى مذاهب الأئمة، واتضحت سبيله إلى أصولهم وأدلتهم، دون ما كان منقطع النسبة إلى السلف، مبنيًا على ظاهر حديث لم يُعمل به قط.
ينبغي أن يُفهم هذا الرأي في سياقه، فهو ليس مدحًا للسفيه لذاته، ولا إقرارًا له على سفهه، ولا رضًا بأن يؤول أمره إلى منازعة الفقيه منصبَ الإفتاء والقول، والافتيات على سلطة القاضي والحاكم، وإنما هو ملاحظة لحكمة الله ولطفه في وجود أمثاله، وحصول النفع والدفع بهم في أحوال، مع لزوم الإنكار عليهم، والأخذ بيد المنتصِح منهم للارتقاء عن منزلة السفهاء.
تنبيه: من الغبن #يا_بني أن تنفق من عمرك عقدًا أو اثنين في الذي تظنُّه علمًا؛ من الخوض في أعراض أئمة المسلمين والفصل بينهم ونشرِ ما طوي وطيِّ ما نُشِر، ثم تخبرك نفسك بعدُ أنك لم تكن غير سفيه متجرِّئ على التقدُّم بين يدي الكبار!
تنبيه: من الغبن #يا_بني أن تنفق من عمرك عقدًا أو اثنين في الذي تظنُّه علمًا؛ من الخوض في أعراض أئمة المسلمين والفصل بينهم ونشرِ ما طوي وطيِّ ما نُشِر، ثم تخبرك نفسك بعدُ أنك لم تكن غير سفيه متجرِّئ على التقدُّم بين يدي الكبار!
أخي #طالب_العلم، توقَّف عن ترديد قول الإمام أحمد -رحمه الله-: "كذب من ادعى الإجماع" لمناسبة ولغير مناسبة، واتقِّ الله أن يكون باعثك على الاستدلال القاصر بها نصرة قول شاذ أحياه معظَّم من العصريين.
وإني أوصيك ابتداءً بهاتين الرسالتين، ففيهما مقدمات نافعة لفهم حقيقة الإجماع عند الإمام أحمد، ومراد قوله المتقدم وسياقه، ودراسة أكثر من مائة إجماع ثابتة عنه في الأصول والفروع، وإحالات وإشارات تهدي من رام التوسُّع في هذه المسألة.
#كتاب_أنصح_به
وإني أوصيك ابتداءً بهاتين الرسالتين، ففيهما مقدمات نافعة لفهم حقيقة الإجماع عند الإمام أحمد، ومراد قوله المتقدم وسياقه، ودراسة أكثر من مائة إجماع ثابتة عنه في الأصول والفروع، وإحالات وإشارات تهدي من رام التوسُّع في هذه المسألة.
#كتاب_أنصح_به
👍5
بعض المدن لم يضعُف العلم فيها بقلة الطلاب والشيوخ المتقنين، وإنما بقلة المروءة وضعف الديانة في فريق منهم، حتى صار جهدهم في الصد عن إخوانهم، وقطع طريق الإفادة عليهم، وغلق باب التنويه بهم، حتى إذا انتهى العام بغير حصيل تسوَّلوا من يتصدق عليهم من خارجها بيوم علمي أو اثنين أو ثلاثة، وإن كان في المدينة من هو أتقن منه وأفقه.
والأعجب أن ترى مثالية بعض الصادِّين في هذه المنصات، وما يظهر عليهم من الجهد نشر الخير وإعانة أهله، وأنت تستحضر ما تعلمه من القيل والقال في مجالسهم، والقول في الناس بغير علم وبغير عدل.
لهذا أقول لكل من يسألني عن طلاب علم في مدينة ما، يصبر نفسه معهم، ويتقوَّى على حمل العلم بهم: لا تعلِّق أخذك للعلم بوجود هؤلاء، فقد لا تجدهم، أو تُبتلى بأشباههم فتُصرف عن مقصودك، أقبل على العلم بقلبك، واطرد الملل والوحشة والضعف بالتنويع بين البرامج والقراءات والدروس، مع رعاية الأهم والمقدَّم، واجعل لك أصولًا أو فنونًا تتعاهدها وتديم النظر (إليها) لتقطع وارد الشيطان إذا قال لك: ماذا استفدت من هذا العمر المضيَّع.
واحمد الله على مواقع التواصل الاجتماعي، فكم أخرجتنا من عزلة، وأكرمتنا بعلاقة، وأتحفتنا بفائدة، والحمد لله على سائر نعمه.
والأعجب أن ترى مثالية بعض الصادِّين في هذه المنصات، وما يظهر عليهم من الجهد نشر الخير وإعانة أهله، وأنت تستحضر ما تعلمه من القيل والقال في مجالسهم، والقول في الناس بغير علم وبغير عدل.
لهذا أقول لكل من يسألني عن طلاب علم في مدينة ما، يصبر نفسه معهم، ويتقوَّى على حمل العلم بهم: لا تعلِّق أخذك للعلم بوجود هؤلاء، فقد لا تجدهم، أو تُبتلى بأشباههم فتُصرف عن مقصودك، أقبل على العلم بقلبك، واطرد الملل والوحشة والضعف بالتنويع بين البرامج والقراءات والدروس، مع رعاية الأهم والمقدَّم، واجعل لك أصولًا أو فنونًا تتعاهدها وتديم النظر (إليها) لتقطع وارد الشيطان إذا قال لك: ماذا استفدت من هذا العمر المضيَّع.
واحمد الله على مواقع التواصل الاجتماعي، فكم أخرجتنا من عزلة، وأكرمتنا بعلاقة، وأتحفتنا بفائدة، والحمد لله على سائر نعمه.
❤3
التطهير الشرعي والتطهير الطبي:
مرَّ علي مقطع لطبيب كريم يشرح الطريقة الصحيحة لتطهير دورات المياه العامة قبل استخدامها دون إسراف، حيث اكتفى بمسح المقعد بمنديل مبلول، وزعم أن فيه الكفاية والمقنَع.
وهذا المقطع أعادني إلى ذكريات الدراسة في قسم الأحياء الدقيقة، وملاحظتي أن فريقًا من أهل التخصصات الطبية وما في حكمها ومن تأثر بهم من عامة الناس يخلطون بين التطهير المطلوب شرعًا والتطهير المطلوب طِبًّا، فيظن ظانُّهم أن نجاسة البول مثلًا يكفي لإزالتها والحكم بطهارة المحل مسحها بقطنة مبلولة بالكحول ونحوه، ولا يعلمون أن حكم المحل شرعًا أنه متنجِّس وإن زُعم القضاء على ٩٩٪ من جراثيمه.
والمطلوب في إزالة النجاسة شرعًا إزالة عينها وأوصافها (من اللون والطعم والرائحة) بماء طهور، بما يطلق عليه اسم الغسل على تفصيل يُعلم من كتب الفقه.
ونهي الناس عن الإسراف مقصد صحيح، لكن لا تُنازَع به مقاصد أُخَر أعظمها اشتراط طهارة البدن والثوب والمحل لصحة الصلاة، ووجود أثر نجاسة على كرسي يجلس عليه مستخدمه ببدنه يوجب عليه غسله قبل الجلوس من غير إسراف، ولا يكفي فيه المسح وإن زالت في نظر الناظر، ففي الطهارة جانب تعبُّدي لا مدخل فيه للاجتهاد والتغيير، ومثله من يرشد الناس إلى ترك الإسراف في الوضوء فيُحيل غسل الأعضاء إلى مجرد المسح.
ووقوع مثل هذه المخالفة من طبقات المتعلمين شاهد على ضرورة الرجوع في كل علم إلى أهله، وطلب كل حكم من مظانِّه، وعدم الجري مع ما اعتاده الناس وألِفوه، أو أرشدهم إليه من ليس من أهله.
مرَّ علي مقطع لطبيب كريم يشرح الطريقة الصحيحة لتطهير دورات المياه العامة قبل استخدامها دون إسراف، حيث اكتفى بمسح المقعد بمنديل مبلول، وزعم أن فيه الكفاية والمقنَع.
وهذا المقطع أعادني إلى ذكريات الدراسة في قسم الأحياء الدقيقة، وملاحظتي أن فريقًا من أهل التخصصات الطبية وما في حكمها ومن تأثر بهم من عامة الناس يخلطون بين التطهير المطلوب شرعًا والتطهير المطلوب طِبًّا، فيظن ظانُّهم أن نجاسة البول مثلًا يكفي لإزالتها والحكم بطهارة المحل مسحها بقطنة مبلولة بالكحول ونحوه، ولا يعلمون أن حكم المحل شرعًا أنه متنجِّس وإن زُعم القضاء على ٩٩٪ من جراثيمه.
والمطلوب في إزالة النجاسة شرعًا إزالة عينها وأوصافها (من اللون والطعم والرائحة) بماء طهور، بما يطلق عليه اسم الغسل على تفصيل يُعلم من كتب الفقه.
ونهي الناس عن الإسراف مقصد صحيح، لكن لا تُنازَع به مقاصد أُخَر أعظمها اشتراط طهارة البدن والثوب والمحل لصحة الصلاة، ووجود أثر نجاسة على كرسي يجلس عليه مستخدمه ببدنه يوجب عليه غسله قبل الجلوس من غير إسراف، ولا يكفي فيه المسح وإن زالت في نظر الناظر، ففي الطهارة جانب تعبُّدي لا مدخل فيه للاجتهاد والتغيير، ومثله من يرشد الناس إلى ترك الإسراف في الوضوء فيُحيل غسل الأعضاء إلى مجرد المسح.
ووقوع مثل هذه المخالفة من طبقات المتعلمين شاهد على ضرورة الرجوع في كل علم إلى أهله، وطلب كل حكم من مظانِّه، وعدم الجري مع ما اعتاده الناس وألِفوه، أو أرشدهم إليه من ليس من أهله.
👍3❤2
الهاربون من جحيم "الروض المربع"!
حُدِّثت قبل سنوات عن (أ.د) في الفقه امتلأت سيرته بالأبحاث المنشورة والعضويات في مجامع ولجان مشهورة، جاء إلى بلد ليدرِّس في كلية الشريعة فيه، وكان المقرر هو الروض المربع، وتهيأ الطلاب لسيل التصوير المتدفق، ولنهر التعليل الجاري، ولماء التخريج المنهمر، لكنهم لم يجدوا غير كِسَفٍ من الجهل ساقطة عليهم.
ولم أستبعد ما قيل لي وأنا صاحب تجربة في الجلوس إلى (أ.د) آخر ليشرح لنا الروض المربع، ورأيت كيف تداخلت عنده قواعد المذاهب المفترقة، وتفرقت مقاصد الكلام المجتمعة، وضاع الفهم في مسالك هروبه إلى تفاصيل خارجة عن دراسة الفقه.
ومن أسرار هذا الهروب والاضطرار غير المرغوب أن للفقه حقيقتان: (عليا) وهي فهم الكتاب والسنة، و(دنيا) وهي فهم كلام الفقهاء، وهؤلاء ليسوا في العليا ولا في الدنيا، وإنما هم يدورون حول أسوارهما، يقطفون ما دنا منهم ويعيبون ما بعُد، استهلكوا طاقاتهم في تنظير التطوير وأحلام التجديد ومُتَّكأ المقاصد، واستفرغوا أنظارهم في أبحاث النقد والمقارنة والمقاربة، والمتورِّع منهم من اكتفى بمنزلة العامي الذي يسأل عالمًا يبني على جوابه ويلتزم به ويُلزِم، ويقف في بحثه عند حدود نتيجة انتهى إليها سابقه، حتى بنوا هرمًا هشًّا صعدوا فوقه لتراهم العقول ويرشدوها، والهرم يميل بهم كلما هبَّت رياح الفقه العتيق وانبعث ذكره وطارت جُمل متونه في الناس، فهل يذمُّون الهرم؟ لا، بل يعيبون الرياح وما جاءت به، ويهربون منها ما استطاعوا، وينهون عن قربانها إذا سُمِعوا.
لهذا أجدني أفهم قلق بعضهم في هذه المنصات، وألاحظ تسرُّبه من صدورهم في صورة نقد واستدراك، وتغطيته من أفواههم بثوب تجديد ومواكبة.
أخي #طالب_العلم، فقه الكتاب والسنة أجل درجة، والصعود إليها يكون بالإحاطة أولًا بطريق من طرق الفقه المعتبرة، أما وُرَش التفكير، وتدريبات النقد، ولقاءات المهارات، وأبحاث المقارنات، فقصاراها أن تجعلك صحفيًا ذا عناية بشأن الفقه وتاريخه وأبحاثه.
حُدِّثت قبل سنوات عن (أ.د) في الفقه امتلأت سيرته بالأبحاث المنشورة والعضويات في مجامع ولجان مشهورة، جاء إلى بلد ليدرِّس في كلية الشريعة فيه، وكان المقرر هو الروض المربع، وتهيأ الطلاب لسيل التصوير المتدفق، ولنهر التعليل الجاري، ولماء التخريج المنهمر، لكنهم لم يجدوا غير كِسَفٍ من الجهل ساقطة عليهم.
ولم أستبعد ما قيل لي وأنا صاحب تجربة في الجلوس إلى (أ.د) آخر ليشرح لنا الروض المربع، ورأيت كيف تداخلت عنده قواعد المذاهب المفترقة، وتفرقت مقاصد الكلام المجتمعة، وضاع الفهم في مسالك هروبه إلى تفاصيل خارجة عن دراسة الفقه.
ومن أسرار هذا الهروب والاضطرار غير المرغوب أن للفقه حقيقتان: (عليا) وهي فهم الكتاب والسنة، و(دنيا) وهي فهم كلام الفقهاء، وهؤلاء ليسوا في العليا ولا في الدنيا، وإنما هم يدورون حول أسوارهما، يقطفون ما دنا منهم ويعيبون ما بعُد، استهلكوا طاقاتهم في تنظير التطوير وأحلام التجديد ومُتَّكأ المقاصد، واستفرغوا أنظارهم في أبحاث النقد والمقارنة والمقاربة، والمتورِّع منهم من اكتفى بمنزلة العامي الذي يسأل عالمًا يبني على جوابه ويلتزم به ويُلزِم، ويقف في بحثه عند حدود نتيجة انتهى إليها سابقه، حتى بنوا هرمًا هشًّا صعدوا فوقه لتراهم العقول ويرشدوها، والهرم يميل بهم كلما هبَّت رياح الفقه العتيق وانبعث ذكره وطارت جُمل متونه في الناس، فهل يذمُّون الهرم؟ لا، بل يعيبون الرياح وما جاءت به، ويهربون منها ما استطاعوا، وينهون عن قربانها إذا سُمِعوا.
لهذا أجدني أفهم قلق بعضهم في هذه المنصات، وألاحظ تسرُّبه من صدورهم في صورة نقد واستدراك، وتغطيته من أفواههم بثوب تجديد ومواكبة.
أخي #طالب_العلم، فقه الكتاب والسنة أجل درجة، والصعود إليها يكون بالإحاطة أولًا بطريق من طرق الفقه المعتبرة، أما وُرَش التفكير، وتدريبات النقد، ولقاءات المهارات، وأبحاث المقارنات، فقصاراها أن تجعلك صحفيًا ذا عناية بشأن الفقه وتاريخه وأبحاثه.
❤4😢1