MESBAH_QOM Telegram 1153
أرسل أحد الإخوة ما كتبتُه حول مزاعم سعيد فودة فيما نسبه للشيعة من جواز التّحالف مع أعداء الإسلام ضدّ المسلمين، فردّ ردّاً يدلّ على قلّة إنصافه حيث أصرّ على أنّه لم يكذب فيما قاله، وكلّ ما طلبناه هو توثيق نسبة هذه الفتاوى التي نسبها لهم، فلم يذكر مصدراً ولا أحال إلى كتابٍ معتمدٍ، بل ضمّن ردَّه أكاذيب أخرى.
أوّلاً: زعم أنّه لم ينسب ما قاله إلى إجماع الشّيعة فقال: (وأنا لم أنسب هذا القول للشيعة كلهم بل قلت إن هذا أقوال بعض فقهائهم ولكنهم فقهاء وأعلام كبار لديهم، ولم أدع إجماعهم على هذا التصرف).
أقول: وإنْ كانت عبارته في المقطع السّابق خاليةً من ذكر الإجماع، لكنّه نسبه إلى الشّيعة، فقال: "الشيعة يجيزون في فتاواهم الفقهية أن يتحالفوا مع أعداء الإسلام..الخميني قالها، وغير واحدٍ قالها"، وفي مقام نسبة فتوى إلى مذهب لا يخلو الأمر من أن تكون الفتوى إجماعيّة، أو مشهورة وعليها الجمهور، أو فتوى شاذّة انفرد بها بعضهم، والمصحّح للنسبة هو الأوّل والثّاني، دون الثّالث، فإنّ المذاهب لا تؤاخَذُ بكلّ قولٍ قيل في أوساطها.
ومع ذلك فهذه الفتوى المنسوبة لا أثر لها في فقه الشيعة الإماميّة لا على مستوى الإجماع ولا الشّهرة ولا غير ذلك، وما نسبه للسيّد الإمام الخمينيّ كذبٌ محضٌ لا أثر له في فقهه، بل الموجود هو العكس، وبيانات السيّد الإمام في وجوب نصرة المسلمين في فلسطين وغيرها كثيرةٌ لا تُحصَى، والمقاطع المرئيّة لا زالت موجودةً، فبأيّ حديثٍ بعده يؤمنون؟!
إذن: ما هو منشأ هذه الكذبة التي كذبها سعيد فودة؟!
الظّاهر من كتاباته السّابقة أنّ عمدة مستنده في هذا الباب هو الاتّكاء على ما يُنسب للشّيعة الإماميّة في قضيّة غزو المغول لبغداد في القرن السّابع الهجريّ، حيث ذكر في كتابه (مستقبل العلاقة مع الشّيعة، ص21-27) كلاماً طويلاً حول هذه القضيّة، وحاصلها أنّ نصير الدّين الطوسيّ قد ساعد المغول في غزو بغداد وقتل المسلمين، وهي الرّواية التي روّجها ابن تيميّة وابن قيّم الجوزيّة، وهما من خصوم الشّيعة، وليس لهذه الدّعوى شاهدٌ يوجب تصديقها، بل إنّ الباحث السّعوديّ (سعد بن محمّد حذيفة الغامديّ) في كتابه (سقوط الدولة العباسيّة ودور الشّيعة بين الحقيقة والاتّهام) قد شكّك في صدق هذه الدّعوى.
ثم ذكر فودة في كتابه كلاماً للسيّد الإمام الخمينيّ وفسَّرَهُ بأنّ السيّد مؤيّد لغزو المغول وقتل أهل السنة في بغداد، وهذا نصُّ ما نقله: (قال الخمينيّ في الحكومة الإسلاميّة: فرض الأئمّةُ عليهم السّلام على الفقهاء فرائض مهمّة جداً، وألزمهم أداء الأمانة وحفظها، فلا ينبغي التمسّك بالتقيّة في كلّ صغيرة وكبيرة، فقد شُرعت التقيّة للحفاظ على النفس أو الغير من الضّرر في مجال فروع الأحكام، أمّا إذا كان الإسلام كلُّه في خطر فليس في ذلك متّسع للتقيّة والسكوت، ماذا ترون لو أجبروا فقيهاً على أن يُشرِّع أو يبتدع؟! فهل ترون أنّه يجوز له ذلك تمسّك بقوله عليه السّلام: "التقيّة ديني ودين آبائي"، ليس هذا من موارد التقيّة أو من مواضعها، وإذا كانت ظروف التقيّة تُلزم أحداً منّا بالدّخول في ركب السّلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك، حتّى لو أدّى الامتناع إلى قتله، إلّا أن يكون في دخوله الشّكليّ نصرٌ حقيقيٌّ للإسلام والمسلمين، مثل دخول عليّ بن يقطين ونصر الدين الطوسيّ رحمهما الله).
فترى أنّ السيّد الإمام الخمينيّ يقول بحُرمة معاونة الظّالم -مسلماً كان أو كافراً-، وهذا هو الحكم الأساسيّ في هذه القضيّة، ويستثني من ذلك بعنوان ثانويّ، فيما لو كان في الدخول في الوزارة موجباً لنفعٍ يعود إلى الإسلام والمسلمين، وأين هذا ممّا ادّعاه سعيد فودة بحقّ نصير الدين الطوسيّ؟!
فالسيّد الخميني لم يقل إنّ نصير الدين الطوسيّ ساهم في قتل أهل السنّة، وإنّما كان يبيّن الوجه الشرعيّ في الدخول في وزارتهم تقيّةً حفظاً للدماء أو نفعاً لمصالح الإسلام، وأين هذا مما افتراه فودة؟
ولبيان القضيّة من تمام جهاتها نقول:
أوّلاً: إنّ المعروف في تاريخ نصير الدّين الطوسيّ هو قربه من هولاكو وتولّيه الوزارة، وأمّا ما يُنسَبُ إليه من المشاركة في قتل المسلمين فغير ثابتٍ، ومجرّد وزارته في دولة ظالمة لا يعني تأييده لهم في كلّ ما خاضوا فيه، بل كان ذلك حقناً لدمه ودماء المسلمين بعد ظهور علامات الزوال على دولة العباسيّين، ولا يخفى أنّ ارتباط العالِمِ بدولة الظالمين قد تكون له منافع ينتفع بها المسلمون من قبيل كفّ الظالم عن سفك المزيد من الدّماء، ورفع المظالم في القضاء، وقضاء حوائج المسلمين، وتسخير الإمكانات لترويج العلم، وهو ما تشهد به سيرة نصير الدين الطوسيّ.

ثانياً: من الطّريف أنّ سعيد فودة في كتابه المذكور (ص26) عند كلامه عن غزو بغداد قال: (وتسبَّب عن ذلك هروب كثير من العلماء إلى الحِلّة، لأنّ التتار كانوا قد أعطوا أهلها الأمان)، فيا للحُمق! يعترف أنّ التتار آمنوا أهل الحلّة، وقد حُقِنَتْ دماؤهم بذلك الأمان، ولكن لم يذكر من هو الذي ذهب إلى هولاكو مخاطراً



tgoop.com/mesbah_qom/1153
Create:
Last Update:

أرسل أحد الإخوة ما كتبتُه حول مزاعم سعيد فودة فيما نسبه للشيعة من جواز التّحالف مع أعداء الإسلام ضدّ المسلمين، فردّ ردّاً يدلّ على قلّة إنصافه حيث أصرّ على أنّه لم يكذب فيما قاله، وكلّ ما طلبناه هو توثيق نسبة هذه الفتاوى التي نسبها لهم، فلم يذكر مصدراً ولا أحال إلى كتابٍ معتمدٍ، بل ضمّن ردَّه أكاذيب أخرى.
أوّلاً: زعم أنّه لم ينسب ما قاله إلى إجماع الشّيعة فقال: (وأنا لم أنسب هذا القول للشيعة كلهم بل قلت إن هذا أقوال بعض فقهائهم ولكنهم فقهاء وأعلام كبار لديهم، ولم أدع إجماعهم على هذا التصرف).
أقول: وإنْ كانت عبارته في المقطع السّابق خاليةً من ذكر الإجماع، لكنّه نسبه إلى الشّيعة، فقال: "الشيعة يجيزون في فتاواهم الفقهية أن يتحالفوا مع أعداء الإسلام..الخميني قالها، وغير واحدٍ قالها"، وفي مقام نسبة فتوى إلى مذهب لا يخلو الأمر من أن تكون الفتوى إجماعيّة، أو مشهورة وعليها الجمهور، أو فتوى شاذّة انفرد بها بعضهم، والمصحّح للنسبة هو الأوّل والثّاني، دون الثّالث، فإنّ المذاهب لا تؤاخَذُ بكلّ قولٍ قيل في أوساطها.
ومع ذلك فهذه الفتوى المنسوبة لا أثر لها في فقه الشيعة الإماميّة لا على مستوى الإجماع ولا الشّهرة ولا غير ذلك، وما نسبه للسيّد الإمام الخمينيّ كذبٌ محضٌ لا أثر له في فقهه، بل الموجود هو العكس، وبيانات السيّد الإمام في وجوب نصرة المسلمين في فلسطين وغيرها كثيرةٌ لا تُحصَى، والمقاطع المرئيّة لا زالت موجودةً، فبأيّ حديثٍ بعده يؤمنون؟!
إذن: ما هو منشأ هذه الكذبة التي كذبها سعيد فودة؟!
الظّاهر من كتاباته السّابقة أنّ عمدة مستنده في هذا الباب هو الاتّكاء على ما يُنسب للشّيعة الإماميّة في قضيّة غزو المغول لبغداد في القرن السّابع الهجريّ، حيث ذكر في كتابه (مستقبل العلاقة مع الشّيعة، ص21-27) كلاماً طويلاً حول هذه القضيّة، وحاصلها أنّ نصير الدّين الطوسيّ قد ساعد المغول في غزو بغداد وقتل المسلمين، وهي الرّواية التي روّجها ابن تيميّة وابن قيّم الجوزيّة، وهما من خصوم الشّيعة، وليس لهذه الدّعوى شاهدٌ يوجب تصديقها، بل إنّ الباحث السّعوديّ (سعد بن محمّد حذيفة الغامديّ) في كتابه (سقوط الدولة العباسيّة ودور الشّيعة بين الحقيقة والاتّهام) قد شكّك في صدق هذه الدّعوى.
ثم ذكر فودة في كتابه كلاماً للسيّد الإمام الخمينيّ وفسَّرَهُ بأنّ السيّد مؤيّد لغزو المغول وقتل أهل السنة في بغداد، وهذا نصُّ ما نقله: (قال الخمينيّ في الحكومة الإسلاميّة: فرض الأئمّةُ عليهم السّلام على الفقهاء فرائض مهمّة جداً، وألزمهم أداء الأمانة وحفظها، فلا ينبغي التمسّك بالتقيّة في كلّ صغيرة وكبيرة، فقد شُرعت التقيّة للحفاظ على النفس أو الغير من الضّرر في مجال فروع الأحكام، أمّا إذا كان الإسلام كلُّه في خطر فليس في ذلك متّسع للتقيّة والسكوت، ماذا ترون لو أجبروا فقيهاً على أن يُشرِّع أو يبتدع؟! فهل ترون أنّه يجوز له ذلك تمسّك بقوله عليه السّلام: "التقيّة ديني ودين آبائي"، ليس هذا من موارد التقيّة أو من مواضعها، وإذا كانت ظروف التقيّة تُلزم أحداً منّا بالدّخول في ركب السّلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك، حتّى لو أدّى الامتناع إلى قتله، إلّا أن يكون في دخوله الشّكليّ نصرٌ حقيقيٌّ للإسلام والمسلمين، مثل دخول عليّ بن يقطين ونصر الدين الطوسيّ رحمهما الله).
فترى أنّ السيّد الإمام الخمينيّ يقول بحُرمة معاونة الظّالم -مسلماً كان أو كافراً-، وهذا هو الحكم الأساسيّ في هذه القضيّة، ويستثني من ذلك بعنوان ثانويّ، فيما لو كان في الدخول في الوزارة موجباً لنفعٍ يعود إلى الإسلام والمسلمين، وأين هذا ممّا ادّعاه سعيد فودة بحقّ نصير الدين الطوسيّ؟!
فالسيّد الخميني لم يقل إنّ نصير الدين الطوسيّ ساهم في قتل أهل السنّة، وإنّما كان يبيّن الوجه الشرعيّ في الدخول في وزارتهم تقيّةً حفظاً للدماء أو نفعاً لمصالح الإسلام، وأين هذا مما افتراه فودة؟
ولبيان القضيّة من تمام جهاتها نقول:
أوّلاً: إنّ المعروف في تاريخ نصير الدّين الطوسيّ هو قربه من هولاكو وتولّيه الوزارة، وأمّا ما يُنسَبُ إليه من المشاركة في قتل المسلمين فغير ثابتٍ، ومجرّد وزارته في دولة ظالمة لا يعني تأييده لهم في كلّ ما خاضوا فيه، بل كان ذلك حقناً لدمه ودماء المسلمين بعد ظهور علامات الزوال على دولة العباسيّين، ولا يخفى أنّ ارتباط العالِمِ بدولة الظالمين قد تكون له منافع ينتفع بها المسلمون من قبيل كفّ الظالم عن سفك المزيد من الدّماء، ورفع المظالم في القضاء، وقضاء حوائج المسلمين، وتسخير الإمكانات لترويج العلم، وهو ما تشهد به سيرة نصير الدين الطوسيّ.

ثانياً: من الطّريف أنّ سعيد فودة في كتابه المذكور (ص26) عند كلامه عن غزو بغداد قال: (وتسبَّب عن ذلك هروب كثير من العلماء إلى الحِلّة، لأنّ التتار كانوا قد أعطوا أهلها الأمان)، فيا للحُمق! يعترف أنّ التتار آمنوا أهل الحلّة، وقد حُقِنَتْ دماؤهم بذلك الأمان، ولكن لم يذكر من هو الذي ذهب إلى هولاكو مخاطراً

BY مصباح الهداية


Share with your friend now:
tgoop.com/mesbah_qom/1153

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Among the requests, the Brazilian electoral Court wanted to know if they could obtain data on the origins of malicious content posted on the platform. According to the TSE, this would enable the authorities to track false content and identify the user responsible for publishing it in the first place. Telegram desktop app: In the upper left corner, click the Menu icon (the one with three lines). Select “New Channel” from the drop-down menu. Concise Done! Now you’re the proud owner of a Telegram channel. The next step is to set up and customize your channel. Telegram Android app: Open the chats list, click the menu icon and select “New Channel.”
from us


Telegram مصباح الهداية
FROM American