بعد صلاة العصر إن شاء الله موعدنا مع البث القرآني الأسبوعي ضمن سلسلة التدبر والمجلس السادس من مجالس تدبر سورة آل عمران
❤6😢1
الحلقة الصوتية 👆
هنالك دعا زكريا ربه..
المجلس السادس من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 33 إلي 44
#العودة_إلى_القرآن
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/G1Xf8Aj3lYk?si=zlMs0CZnAIAxqlLa
هنالك دعا زكريا ربه..
المجلس السادس من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 33 إلي 44
#العودة_إلى_القرآن
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/G1Xf8Aj3lYk?si=zlMs0CZnAIAxqlLa
YouTube
هنالك دعا زكريا ربه ll دكتور محمد علي يوسف ll سورة #آل_عمران 6 الآيات من 33 إلي44 #العودة_إلى_القرآن
هنالك دعا زكريا ربه..
المجلس السادس من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 33 إلي 44
#العودة_إلى_القرآن
المجلس السادس من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 33 إلي 44
#العودة_إلى_القرآن
❤1👍1
عشية تلك البعثة وبينما كان النبي ﷺ يجهزهم ويهيأهم للمهمة التي هم مقبلون عليها جاءت اللحظة المهمة
لحظة اختيار من سيقودهم
في هذه البعثة قرر النبي أن يكون معيار الاختيار أمرا غير مألوف لديهم.
لقد استقرأهم
كل رجل منهم سيذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ما معه من القرآن
جاء دور شاب منهم من أحدثهم سنًا سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما معك يا فلان؟»
قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة
هنا كرر النبي سؤاله وخصصه، قال: «أمعك سورة البقرة؟»
قال: نعم..
عندئذ قال النبي صلى الله عليه وسلم :«فاذهب فأنت أميرهم»
قالها مباشرة حاسمة قاطعة بعد أن تأكد من إجابة الصحابي الشاب
إنه من أصحاب البقرة..
أولئك الذين سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وناداهم حين اشتدت الحرب وحمي الوطيس يوم حنين
أين أصحاب البقرة؟
أولئك الذين أخذوا البركة
نعم... البقرة أخذها بركة. هكذا وصفها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرؤا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة"
الزهرة الأولى من الزهراوين والغمامة من الغمامتين اللتين تظلان صاحبهما يوم القيامة
سنام القرآن وغرته التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لكل شيء سنامًا، وسنام القرآن سورة البقرة ، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة»
مقام خاص جدا كما لعلك تبينت مما سبق من أحاديث تمثل عينة بسيطة من أحاديث فضائل هذه السورة
مقام عظيم ليس فقط لأنها السورة الأطول على الإطلاق وفيها ذلك الكم الضخم من الأحاديث التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فضائل هذه السورة العظيمة
وليس فقط لاحتوائها على أعظم آية في كتاب الله؛ آية الكرسي
وليس ذلك فقط لموضعها في أول المصحف بعد فاتحة الكتاب واختيار الله جل وعلا أن تكون هذه هي البداية لمن يمسك بمصحف ويقرأ
وليس فقط للتوقيت المهم الذي نزلت فيه جُل آياتها وذلك في بداية العهد المدني حين صارت للإسلام لأول مرة؛ دولة، وصار للمسلمين قوة ومقام بين الأمم
لا شك أن كل ما سبق يعد من أوضح الأسباب التي تجعل لهذه السورة هذا المقام الخاص
لكن احتواء السورة على قيمة كبرى من قيم هذا للدين وعرضها التفصيلي لنماذج التعامل مع هذه القيمة ثم الاختبارات الكبرى الخاصة بهذه الأمة وتعاملها مع تلك القيمة = أخص خصائص هذه السورة بالنسبة لي..
هذه القيمة هي الإسلام لله ﷻ
الاستسلام الطوعي
القيمة التي سُمي هذا الدين تيمنا بها
الإسلام
في أطول سورة من سور كتاب الله يبرز هذا المعنى
تطويع النفس للامتثال والخضوع
الاستسلام المتضمن للاعتراف الواضح بالعبودية وأن هذا الكون ليس له إلا ملك واحد وملك واحد وأن كل من سواه ما هم إلا عباد لا يملكون إلا الطاعة والانقياد
هذا المعنى الذي تلخصه الكلمة التي اختارها الله ﷻ لتكون اسما تحمله هذه الأمة ووسما لعقيدتها وملتها
الإسلام
سور كثيرة في كتاب الله وآيات يصعب إحصاؤها رسخت لهذا المعنى وأسست بنيانه وحذرت من نقيضه لكن أوضح نماذج هذا الترسيخ تبرز في هذه السورة وكأن موضعها وتوقيت نزولها وقيمتها تحمل تلك الإشارة الضمنية
من أول المصحف وفي أول العهد المدني تذكروا..
أنتم مسلمون
مستسلمون طوعا
هذا هو المعنى المبدئي وإجابة الدعاء الذي توسط الصفحة السابقة في المصحف و الذي أمرتم أن تتضرعوا لربكم في كل يوم وفي كل ركعة
"اهدنا الصراط المستقيم"
تأتيكم الإجابة مباشرة في الصفحة التالية "ذلك الكتاب لا رب فيه هدى للمتقين"
ها هنا الهداية التي تطلبون وفي هذا الكتاب مبتغاكم الذي تأملون
وقوامه وعماده في عبوديتكم واستسلامكم
ولابد أن تدركوا ذلك كقاعدة كبرى تتأسس عليها أمتكم
بعد هجرة النبى صلى الله عليه و سلم وفى مطلع تأسيس أول دولة فى تاريخ هذه الأمة وفي إطار مجموعة كبيرة من المتغيرات والإختلافات بين عناصر هذا المجتمع الوليد
هذا المجتمع الذى كان يتكون من عناصر شتى بعضها شديد التناقض بل يصل بعضها أحيانا إلى حد التنافر والتعادى
فما بين مسلمين و مشركين لا يزالون على كفرهم ووثنيتهم ويهود استوطنوا المدينة و تشابكت فيها مصالحهم منذ عقود كل ذلك جنبا إلى جنب مع الصنف الجديد الذى بدأ يبرز لأول مرة فى هذا المجتمع الناشىء
الصنف الذى اختار أن يظهر خلاف ما يبطن حرصا على مصالحه و مقامه فى هذا المجتمع
المنافقون!
و مع هذا الخليط غير المتجانس بل المتنافر المتصارع أحيانا؛ يأتى التحدى الأصعب الذى تمر به أى أمة وليدة وهو رسم الإطار والنسق الذى ستسير عليه هذه الأمة وأفرادها وتنقلهم من هذه الحالة المتشابكة إلى ما أراده الله منهم
تغيرهم
إنه جماع للقواعد والقوانين و الأصول التي سيحترمها و يسير عليها أبناء هذه الأمة الجديدة على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم لتصهرهم في بوتقة واحدة يتجاوزون بها هذه الظروف الصعبة و التحديات المقلقة التي نزلت أثناءها هذه السورة
لحظة اختيار من سيقودهم
في هذه البعثة قرر النبي أن يكون معيار الاختيار أمرا غير مألوف لديهم.
لقد استقرأهم
كل رجل منهم سيذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ما معه من القرآن
جاء دور شاب منهم من أحدثهم سنًا سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما معك يا فلان؟»
قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة
هنا كرر النبي سؤاله وخصصه، قال: «أمعك سورة البقرة؟»
قال: نعم..
عندئذ قال النبي صلى الله عليه وسلم :«فاذهب فأنت أميرهم»
قالها مباشرة حاسمة قاطعة بعد أن تأكد من إجابة الصحابي الشاب
إنه من أصحاب البقرة..
أولئك الذين سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وناداهم حين اشتدت الحرب وحمي الوطيس يوم حنين
أين أصحاب البقرة؟
أولئك الذين أخذوا البركة
نعم... البقرة أخذها بركة. هكذا وصفها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرؤا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة"
الزهرة الأولى من الزهراوين والغمامة من الغمامتين اللتين تظلان صاحبهما يوم القيامة
سنام القرآن وغرته التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لكل شيء سنامًا، وسنام القرآن سورة البقرة ، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة»
مقام خاص جدا كما لعلك تبينت مما سبق من أحاديث تمثل عينة بسيطة من أحاديث فضائل هذه السورة
مقام عظيم ليس فقط لأنها السورة الأطول على الإطلاق وفيها ذلك الكم الضخم من الأحاديث التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فضائل هذه السورة العظيمة
وليس فقط لاحتوائها على أعظم آية في كتاب الله؛ آية الكرسي
وليس ذلك فقط لموضعها في أول المصحف بعد فاتحة الكتاب واختيار الله جل وعلا أن تكون هذه هي البداية لمن يمسك بمصحف ويقرأ
وليس فقط للتوقيت المهم الذي نزلت فيه جُل آياتها وذلك في بداية العهد المدني حين صارت للإسلام لأول مرة؛ دولة، وصار للمسلمين قوة ومقام بين الأمم
لا شك أن كل ما سبق يعد من أوضح الأسباب التي تجعل لهذه السورة هذا المقام الخاص
لكن احتواء السورة على قيمة كبرى من قيم هذا للدين وعرضها التفصيلي لنماذج التعامل مع هذه القيمة ثم الاختبارات الكبرى الخاصة بهذه الأمة وتعاملها مع تلك القيمة = أخص خصائص هذه السورة بالنسبة لي..
هذه القيمة هي الإسلام لله ﷻ
الاستسلام الطوعي
القيمة التي سُمي هذا الدين تيمنا بها
الإسلام
في أطول سورة من سور كتاب الله يبرز هذا المعنى
تطويع النفس للامتثال والخضوع
الاستسلام المتضمن للاعتراف الواضح بالعبودية وأن هذا الكون ليس له إلا ملك واحد وملك واحد وأن كل من سواه ما هم إلا عباد لا يملكون إلا الطاعة والانقياد
هذا المعنى الذي تلخصه الكلمة التي اختارها الله ﷻ لتكون اسما تحمله هذه الأمة ووسما لعقيدتها وملتها
الإسلام
سور كثيرة في كتاب الله وآيات يصعب إحصاؤها رسخت لهذا المعنى وأسست بنيانه وحذرت من نقيضه لكن أوضح نماذج هذا الترسيخ تبرز في هذه السورة وكأن موضعها وتوقيت نزولها وقيمتها تحمل تلك الإشارة الضمنية
من أول المصحف وفي أول العهد المدني تذكروا..
أنتم مسلمون
مستسلمون طوعا
هذا هو المعنى المبدئي وإجابة الدعاء الذي توسط الصفحة السابقة في المصحف و الذي أمرتم أن تتضرعوا لربكم في كل يوم وفي كل ركعة
"اهدنا الصراط المستقيم"
تأتيكم الإجابة مباشرة في الصفحة التالية "ذلك الكتاب لا رب فيه هدى للمتقين"
ها هنا الهداية التي تطلبون وفي هذا الكتاب مبتغاكم الذي تأملون
وقوامه وعماده في عبوديتكم واستسلامكم
ولابد أن تدركوا ذلك كقاعدة كبرى تتأسس عليها أمتكم
بعد هجرة النبى صلى الله عليه و سلم وفى مطلع تأسيس أول دولة فى تاريخ هذه الأمة وفي إطار مجموعة كبيرة من المتغيرات والإختلافات بين عناصر هذا المجتمع الوليد
هذا المجتمع الذى كان يتكون من عناصر شتى بعضها شديد التناقض بل يصل بعضها أحيانا إلى حد التنافر والتعادى
فما بين مسلمين و مشركين لا يزالون على كفرهم ووثنيتهم ويهود استوطنوا المدينة و تشابكت فيها مصالحهم منذ عقود كل ذلك جنبا إلى جنب مع الصنف الجديد الذى بدأ يبرز لأول مرة فى هذا المجتمع الناشىء
الصنف الذى اختار أن يظهر خلاف ما يبطن حرصا على مصالحه و مقامه فى هذا المجتمع
المنافقون!
و مع هذا الخليط غير المتجانس بل المتنافر المتصارع أحيانا؛ يأتى التحدى الأصعب الذى تمر به أى أمة وليدة وهو رسم الإطار والنسق الذى ستسير عليه هذه الأمة وأفرادها وتنقلهم من هذه الحالة المتشابكة إلى ما أراده الله منهم
تغيرهم
إنه جماع للقواعد والقوانين و الأصول التي سيحترمها و يسير عليها أبناء هذه الأمة الجديدة على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم لتصهرهم في بوتقة واحدة يتجاوزون بها هذه الظروف الصعبة و التحديات المقلقة التي نزلت أثناءها هذه السورة
❤5👍4
من هنا تبرز تلك الركيزة الرئيسية والأصل الأكبر الذى ترسخه سورة البقرة وهو كما أسلفت = الإسلام لله عز وجل
ذلك القانون الإلهى الذى ينبغي أن يرضخ إليه أفراد المجتمع ويخضعون لأمره و نهيه طوعا
سورة البقرة ببساطة تضعنا أمام خيار من ثلاثة لها علاقة بهذا الأصل الواضح
أصل الاستسلام الطوعي
تُتبين هذه الخيارات من خلال القصص الرئيسية التى تطرحها سورة البقرة و التى اختار أبطال كل قصة خيارا منهم
ثم تضع السورة المجتمع المسلم فى جزئها الثانى أمام عدد من الإختبارات أو الابتلاءات؛ تتمثل فى تشريعات رئيسية وأحكام تفصيلية عرضتها السورة
ثم تختم باختبار ربما هو الأهم بين هذه الإختبارات
وليسأل كل متدبر للسورة نفسه بعد تأملها: هل سأتجاوز هذه الاختبارات؟
هل سأختار الخيار الصحيح؟
أم هي الأخرى عياذا بالله؟
سورة البقرة لو نظرت إليها نظرة إجمالية ستجد أنها تتكون من مقدمة تصنيفية ذكر الله فيها الأصناف التى بيناها في السطور السابقة و يتكون منها المجتمع المدنى الجديد بعناصر تحوي مؤمنين و كافرين و
منافقين ويـ.هـ.ود وكل منهم ورد ذكره في مقدمة السورة وحتى الجزء القصصي الذي يبدأ بذكر نبي الله آدم عليه السلام
ثم شوط طويل جدا يعد الجزء الأكبر من القرآن الذي فصل قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل
ثم ذكر مهم أيضا لقصة بي الله إبراهيم عليه السلام
ثم تنتصف السورة تقريبا ليبدأ جزء الأحكام و التكاليف الشرعية
ثم الخاتمة والابتلاء الأخير الذي يتوج كل هذا المسار ليوجه لتلك القيمة التغييرية التي نتحدث عنها
في الجزء القصصي وهو البداية ستجد أن القصص الرئيسية تتشارك فى وقوع تكليفات معينة ثم تتباين ردود الأفعال تجاه هذا التكليف
فى قصة نبي الله آدم عليه السلام ستجد التكليف ابتداء بسكنى الجنة مع الابتعاد عن شجرة بعينها "وَقُلۡنَا یَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"
طبعا في نموذج سيدنا آدم بصفته نبي الطاعة هي الأصل؛ لكن هذه الطاعة شابتها معصية لأمر الله بسبب زلة من الشيطان" فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ
ثم انتهت هذه المرحلة بالمسارعة إلى العودة و التوبة والإنابة إلى المولى جل و علا
" فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "
بعد ذلك يأتي النموذج الأكثر تفصيلا والقصة الأطول في السورة
بنو إسرائيل الذين تبرز في قصتهم الجريمة الأوضح والتي تناقض هذه القيمة التي تغرسها السورة
جريمة التمرد والعصيان..
الرفض التام لكل أشكال الاستسلام الطوعي
تلك كانت الجريمة الأكثر تكرارا في قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل ضمن علاقتهم بربهم
ظلت هذه الجريمة تطل بوجهها القبيح في جُل تفاصيل قصصهم المتنوع في القرآن وتكاد تكون العلامة المميزة لهم ولشخصياتهم مهما تجملت وتزينت وتنكرت وتطورت
لقد كنت دائما أتعجب من نموذج التمرد المستمر، والعصيان الدائم الذى ضربه الله فى كتابه مثلا ببني إسـ.ر.ائـ.يـل!
قوم أجرى الله لهم كما هائلا من النعم والخوارق والآيات وأخذ عليهم العهود والمواثيق مرارًا، فلم يمنعهم كل ذلك أن يعلنوا تمردهم صريحا فجا بقولهم الفاصل:
"سمعنا وعصينا"
ومتى قالوه
مباشرة بعد آية مذهلة ومعجزة مهيبة تنخلع لهولها القلوب
رفع جبل الطور فوقهم كأنه ظلة وأخذ الميثاق عليهم
ميثاق بسيط هو لكنه على بساطته حازم حاسم
خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا..
اسمعوا أوامره وأطيعوا وامتثلوا
سمعنا وعصينا
تخيل في مثل هذا المشهد المهيب وتكون الإجابة هكذا بكل وضوح ودون مواربة
التمرد على الله والتعالي على شرعته في أوضح الصور وأفحش النماذج
القضية إذاً ليست في مجرد العصيان فمن ذا معصوم بعد الأنبياء؟!
الكل يعصي ويزل ويخطيء
الفكرة في العصيان كمنهج
كعقيدة
كأسلوب حياة
سمعنا ..
إقرار بالسماع وببلوغ العلم آذانهم
لكنه لن يجاوز الآذان
لن يصل إلى القلب أو تمارسه الجوارح
وليس هذا عن تقصير يُرجى جبره أو غفلة يأمل المرء زوالها أو ضعف يُمني الإنسان نفسه أن يقوى يوما
بل هو عصيان مقصود وتمرد ممنهج وعن سبق الإصرار وسالف الترصد
ولعل أشد الأمثلة فضحا لذلك التمرد فى قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل؛ هو موقف البقرة والذي به سميت السورة
ذلك الموقف الذى بدأ بأمر يسير للغاية:
"إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"
هكذا أُطلق اللفظ بتنكيره الذى يفيد العموم؛
مجرد بقرة؛
أى بقرة!
مسألة بسيطة، واضحة، تخلو من التكلف، ومصدرها معلوم موثوق لا يوجد أدنى شك في مصداقيته ولا تعرف تهمة تقدح في عدالته أو تطعن على نزاهته
ذلك القانون الإلهى الذى ينبغي أن يرضخ إليه أفراد المجتمع ويخضعون لأمره و نهيه طوعا
سورة البقرة ببساطة تضعنا أمام خيار من ثلاثة لها علاقة بهذا الأصل الواضح
أصل الاستسلام الطوعي
تُتبين هذه الخيارات من خلال القصص الرئيسية التى تطرحها سورة البقرة و التى اختار أبطال كل قصة خيارا منهم
ثم تضع السورة المجتمع المسلم فى جزئها الثانى أمام عدد من الإختبارات أو الابتلاءات؛ تتمثل فى تشريعات رئيسية وأحكام تفصيلية عرضتها السورة
ثم تختم باختبار ربما هو الأهم بين هذه الإختبارات
وليسأل كل متدبر للسورة نفسه بعد تأملها: هل سأتجاوز هذه الاختبارات؟
هل سأختار الخيار الصحيح؟
أم هي الأخرى عياذا بالله؟
سورة البقرة لو نظرت إليها نظرة إجمالية ستجد أنها تتكون من مقدمة تصنيفية ذكر الله فيها الأصناف التى بيناها في السطور السابقة و يتكون منها المجتمع المدنى الجديد بعناصر تحوي مؤمنين و كافرين و
منافقين ويـ.هـ.ود وكل منهم ورد ذكره في مقدمة السورة وحتى الجزء القصصي الذي يبدأ بذكر نبي الله آدم عليه السلام
ثم شوط طويل جدا يعد الجزء الأكبر من القرآن الذي فصل قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل
ثم ذكر مهم أيضا لقصة بي الله إبراهيم عليه السلام
ثم تنتصف السورة تقريبا ليبدأ جزء الأحكام و التكاليف الشرعية
ثم الخاتمة والابتلاء الأخير الذي يتوج كل هذا المسار ليوجه لتلك القيمة التغييرية التي نتحدث عنها
في الجزء القصصي وهو البداية ستجد أن القصص الرئيسية تتشارك فى وقوع تكليفات معينة ثم تتباين ردود الأفعال تجاه هذا التكليف
فى قصة نبي الله آدم عليه السلام ستجد التكليف ابتداء بسكنى الجنة مع الابتعاد عن شجرة بعينها "وَقُلۡنَا یَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"
طبعا في نموذج سيدنا آدم بصفته نبي الطاعة هي الأصل؛ لكن هذه الطاعة شابتها معصية لأمر الله بسبب زلة من الشيطان" فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ
ثم انتهت هذه المرحلة بالمسارعة إلى العودة و التوبة والإنابة إلى المولى جل و علا
" فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "
بعد ذلك يأتي النموذج الأكثر تفصيلا والقصة الأطول في السورة
بنو إسرائيل الذين تبرز في قصتهم الجريمة الأوضح والتي تناقض هذه القيمة التي تغرسها السورة
جريمة التمرد والعصيان..
الرفض التام لكل أشكال الاستسلام الطوعي
تلك كانت الجريمة الأكثر تكرارا في قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل ضمن علاقتهم بربهم
ظلت هذه الجريمة تطل بوجهها القبيح في جُل تفاصيل قصصهم المتنوع في القرآن وتكاد تكون العلامة المميزة لهم ولشخصياتهم مهما تجملت وتزينت وتنكرت وتطورت
لقد كنت دائما أتعجب من نموذج التمرد المستمر، والعصيان الدائم الذى ضربه الله فى كتابه مثلا ببني إسـ.ر.ائـ.يـل!
قوم أجرى الله لهم كما هائلا من النعم والخوارق والآيات وأخذ عليهم العهود والمواثيق مرارًا، فلم يمنعهم كل ذلك أن يعلنوا تمردهم صريحا فجا بقولهم الفاصل:
"سمعنا وعصينا"
ومتى قالوه
مباشرة بعد آية مذهلة ومعجزة مهيبة تنخلع لهولها القلوب
رفع جبل الطور فوقهم كأنه ظلة وأخذ الميثاق عليهم
ميثاق بسيط هو لكنه على بساطته حازم حاسم
خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا..
اسمعوا أوامره وأطيعوا وامتثلوا
سمعنا وعصينا
تخيل في مثل هذا المشهد المهيب وتكون الإجابة هكذا بكل وضوح ودون مواربة
التمرد على الله والتعالي على شرعته في أوضح الصور وأفحش النماذج
القضية إذاً ليست في مجرد العصيان فمن ذا معصوم بعد الأنبياء؟!
الكل يعصي ويزل ويخطيء
الفكرة في العصيان كمنهج
كعقيدة
كأسلوب حياة
سمعنا ..
إقرار بالسماع وببلوغ العلم آذانهم
لكنه لن يجاوز الآذان
لن يصل إلى القلب أو تمارسه الجوارح
وليس هذا عن تقصير يُرجى جبره أو غفلة يأمل المرء زوالها أو ضعف يُمني الإنسان نفسه أن يقوى يوما
بل هو عصيان مقصود وتمرد ممنهج وعن سبق الإصرار وسالف الترصد
ولعل أشد الأمثلة فضحا لذلك التمرد فى قصة بني إسـ.ر.ائـ.يـل؛ هو موقف البقرة والذي به سميت السورة
ذلك الموقف الذى بدأ بأمر يسير للغاية:
"إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"
هكذا أُطلق اللفظ بتنكيره الذى يفيد العموم؛
مجرد بقرة؛
أى بقرة!
مسألة بسيطة، واضحة، تخلو من التكلف، ومصدرها معلوم موثوق لا يوجد أدنى شك في مصداقيته ولا تعرف تهمة تقدح في عدالته أو تطعن على نزاهته
❤3👍3
إنه نبيهم الذى رأوا على يديه آيات ومعجزات للأسف لم تشفع له لديهم حين أمرهم بذبح بقرة!
بل الحقيقة أنه ليس هو من أمرهم، هو فقط أبلغهم أمر ربهم
فكان رد الفعل السريع والفج حين قابلوا دعوته، وبلاغه بسوء ظن واتهام تجلى فى قولهم:"أتتخذنا هزوا"!
نعلم جميعا ماذا حدث بعد ذلك؛ وكيف أنهم تكلفوا، وتنطعوا، وافتعلوا تشابها وهميا. فتارة يطلبون بيانها، وتارة يسألون عن لونها، ثم عن وصفها، وفى كل مرة كانت تأتى الإجابة مصدَّرة بالجملة البسيطة الواضحة تسبق الوصف الذى عنه يستفهمون..
"إنه يقول إنها بقرة"
جملة متكررة بسيطة واضحة فيها التأكيد على أمرين؛ الأول = "إنه يقول"
إن الآمر هنا هو الله و مصدر التلقى هاهنا هو النص الإلهى
الأمر الثانى = أنها مجرد بقرة
أى بقرة.
فافعلوا ما تؤمرون..
هذا هو المقصد الأسمى لجل التشريعات
افعل ما تؤمر
امتثل
استسلم
اعبد
المشكلة أنهم يدركون ذلك
ويصرون على ضده ونقيضه
لقد أصروا على افتعال اختلاف متكلف، وشددوا فشدَّد الله عليهم، وظهر ذلك جليا فى قولهم "إن البقر تشابه".
الحق أنه لم يتشابه؛ لكن العلة الحقيقية كانت فى غياب إرادة الامتثال
في غياب العبودية والاستسلام الطوعي لله
في الاعتراف الداخلي أن هناك ملك وهناك عبد وأن للملك أن يأمر عبده وعلى العبد الطاعة
إن افتراض الاختلاف، واشتباه الأمر؛ لا يدعو أى عاقل إلي ترك الفعل نفسه، ولكن العبرة بالرغبة فى التنفيذ التى إن وجدت فإن الأمور بعد ذلك تكون يسيرة
يسيرة إلا على القلوب القاسية كالحجارة، أو أشد قسوة.
ولقد تبينت الحقيقة بعد ذلك وظهر أن العلة هي غياب إرادة الطاعة والامتثال وذلك في قول الله الجامع الذي أظهر من خلاله خلاصة الأمر وأصله وجذوره
"فذبحوها وما كادوا يفعلون".
وما كادوا يفعلون
هاهنا مربط الفرس، ومكمن المشكلة، وموطن الداء،
إن الخلل الحقيقي إنما هو في مدى إسلامهم لله جل وعلا،
في مستوى استسلامهم لأمره
في درجة امتثالهم لمراده
{وما كادوا يفعلون}
جملة جامعة مانعة، تُعبر عن مجمل خصالهم، ومختصر نعوتهم،
الحقيقة الجلية أنهم يرفضون حكم الله عليهم، ويجدون حرجًا في صدورهم من سلطانه، وضعفًا في اليقين بموعوده، فهم للأسف قوم متمردون،
عن أمر ربهم ناشزون،
شعارهم سمعنا وعصينا
وهذا هو النقيض الواضح للمعنى النقي الذي ينبغي أن يتغير به المؤمن
معنى الإسلام
فى المقابل تأتي قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام لتجد الضد من ذلك تماما ولتلمس بوضوح تمام الإسلام والخضوع المطلق لأمر الله مهما كان صعبا على النفس
تأمل حين وصف الله حاله أمام الاختبارات المتتالية من أوامر و نواهى منذ أول ذكر له في السورة
"وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ "
لقد أتم إبراهيم عليه السلام كل إجابة لكل اختبار وعلى أكمل وجه
إنه حقا إبراهيم الذي وفى
حتى ما قد يبدو مستحيلا على غيره كذبح ولده وتركه مع امه قبل ذلك بسنين فى العراء لا لشىء إلا لأن الله أمره بهذا
إن لم يكن هذا هو تمام الإسلام لله فما إذا
"إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "
هكذا أوضحت السورة القيمة التي نتحدث عنها بشكل قاطع في حياة سيدنا إبراهيم
أسلم؛ بعدها فورا أسلمت
ولا يكتفي بنفسه بل يوصي أبناءه وأحفاده من بعده
"وَوَصَّىٰ بِهَاۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ بَنِیهِ وَیَعۡقُوبُ یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ. أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ"
تأمل تكرار لفظ الإسلام والمسلمين بمشتقاته في قصة نبي الله إبراهيم
النموذج المراد والملة المختارة التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه
والناظر في حياة سيدنا إبراهيم سيجد هذا الملمح بارزا جدا
شخص يحيا مستسلما خاضعا لكل ما يريده الله منه
منذ صباه ما كلًّ و ما ملًّ و ما ذل
تارة يكسر أصنام قومه
وتارة يصبر على إلقاء فى النار
و تارة يهاجر من بلد إلى أخرى و يجوب مشارق الأرض و مغاربها قابضا على دينه
لسان حاله ثابت لا يتبدل أمام كل أمر
سمعا و طاعة لمولاى
هاجر فى الله.
سمعا و طاعة لمولاى
اترك ولدك و امرأتك فى الصحراء .
سمعا و طاعة لمولاى
اذبح ولدك .
سمعا وطاعة لمولاى
ارفع القواعد من البيت .
سمعا و طاعة لمولاى
أذن فى الناس بالحج
في كل مرة الإجابة نفسها لا تتبدل
سمعا و طاعة لمولاى
حتى وهو ابن الثمانين عاما يأمره الله بالختان فيختتن بالقدوم و دون أدنى مناقشة
بل الحقيقة أنه ليس هو من أمرهم، هو فقط أبلغهم أمر ربهم
فكان رد الفعل السريع والفج حين قابلوا دعوته، وبلاغه بسوء ظن واتهام تجلى فى قولهم:"أتتخذنا هزوا"!
نعلم جميعا ماذا حدث بعد ذلك؛ وكيف أنهم تكلفوا، وتنطعوا، وافتعلوا تشابها وهميا. فتارة يطلبون بيانها، وتارة يسألون عن لونها، ثم عن وصفها، وفى كل مرة كانت تأتى الإجابة مصدَّرة بالجملة البسيطة الواضحة تسبق الوصف الذى عنه يستفهمون..
"إنه يقول إنها بقرة"
جملة متكررة بسيطة واضحة فيها التأكيد على أمرين؛ الأول = "إنه يقول"
إن الآمر هنا هو الله و مصدر التلقى هاهنا هو النص الإلهى
الأمر الثانى = أنها مجرد بقرة
أى بقرة.
فافعلوا ما تؤمرون..
هذا هو المقصد الأسمى لجل التشريعات
افعل ما تؤمر
امتثل
استسلم
اعبد
المشكلة أنهم يدركون ذلك
ويصرون على ضده ونقيضه
لقد أصروا على افتعال اختلاف متكلف، وشددوا فشدَّد الله عليهم، وظهر ذلك جليا فى قولهم "إن البقر تشابه".
الحق أنه لم يتشابه؛ لكن العلة الحقيقية كانت فى غياب إرادة الامتثال
في غياب العبودية والاستسلام الطوعي لله
في الاعتراف الداخلي أن هناك ملك وهناك عبد وأن للملك أن يأمر عبده وعلى العبد الطاعة
إن افتراض الاختلاف، واشتباه الأمر؛ لا يدعو أى عاقل إلي ترك الفعل نفسه، ولكن العبرة بالرغبة فى التنفيذ التى إن وجدت فإن الأمور بعد ذلك تكون يسيرة
يسيرة إلا على القلوب القاسية كالحجارة، أو أشد قسوة.
ولقد تبينت الحقيقة بعد ذلك وظهر أن العلة هي غياب إرادة الطاعة والامتثال وذلك في قول الله الجامع الذي أظهر من خلاله خلاصة الأمر وأصله وجذوره
"فذبحوها وما كادوا يفعلون".
وما كادوا يفعلون
هاهنا مربط الفرس، ومكمن المشكلة، وموطن الداء،
إن الخلل الحقيقي إنما هو في مدى إسلامهم لله جل وعلا،
في مستوى استسلامهم لأمره
في درجة امتثالهم لمراده
{وما كادوا يفعلون}
جملة جامعة مانعة، تُعبر عن مجمل خصالهم، ومختصر نعوتهم،
الحقيقة الجلية أنهم يرفضون حكم الله عليهم، ويجدون حرجًا في صدورهم من سلطانه، وضعفًا في اليقين بموعوده، فهم للأسف قوم متمردون،
عن أمر ربهم ناشزون،
شعارهم سمعنا وعصينا
وهذا هو النقيض الواضح للمعنى النقي الذي ينبغي أن يتغير به المؤمن
معنى الإسلام
فى المقابل تأتي قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام لتجد الضد من ذلك تماما ولتلمس بوضوح تمام الإسلام والخضوع المطلق لأمر الله مهما كان صعبا على النفس
تأمل حين وصف الله حاله أمام الاختبارات المتتالية من أوامر و نواهى منذ أول ذكر له في السورة
"وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ "
لقد أتم إبراهيم عليه السلام كل إجابة لكل اختبار وعلى أكمل وجه
إنه حقا إبراهيم الذي وفى
حتى ما قد يبدو مستحيلا على غيره كذبح ولده وتركه مع امه قبل ذلك بسنين فى العراء لا لشىء إلا لأن الله أمره بهذا
إن لم يكن هذا هو تمام الإسلام لله فما إذا
"إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "
هكذا أوضحت السورة القيمة التي نتحدث عنها بشكل قاطع في حياة سيدنا إبراهيم
أسلم؛ بعدها فورا أسلمت
ولا يكتفي بنفسه بل يوصي أبناءه وأحفاده من بعده
"وَوَصَّىٰ بِهَاۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ بَنِیهِ وَیَعۡقُوبُ یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ. أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ"
تأمل تكرار لفظ الإسلام والمسلمين بمشتقاته في قصة نبي الله إبراهيم
النموذج المراد والملة المختارة التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه
والناظر في حياة سيدنا إبراهيم سيجد هذا الملمح بارزا جدا
شخص يحيا مستسلما خاضعا لكل ما يريده الله منه
منذ صباه ما كلًّ و ما ملًّ و ما ذل
تارة يكسر أصنام قومه
وتارة يصبر على إلقاء فى النار
و تارة يهاجر من بلد إلى أخرى و يجوب مشارق الأرض و مغاربها قابضا على دينه
لسان حاله ثابت لا يتبدل أمام كل أمر
سمعا و طاعة لمولاى
هاجر فى الله.
سمعا و طاعة لمولاى
اترك ولدك و امرأتك فى الصحراء .
سمعا و طاعة لمولاى
اذبح ولدك .
سمعا وطاعة لمولاى
ارفع القواعد من البيت .
سمعا و طاعة لمولاى
أذن فى الناس بالحج
في كل مرة الإجابة نفسها لا تتبدل
سمعا و طاعة لمولاى
حتى وهو ابن الثمانين عاما يأمره الله بالختان فيختتن بالقدوم و دون أدنى مناقشة
❤6👍3👏1
هكذا كانت حياة سيدنا إبراهيم
نموذج الإتمام والاستيفاء
لذا بعد قصته توجه الوصية للنبى ﷺ و أمته بالحرص على هذه الملة والطريقة في الحياة
" وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"
بعد هذه القصص واضحة المغزى يأتى الشطر الثاني من السورة بشوط طويل من الأحكام والتكاليف تعد قواعد وقوانين تسير عليها الأمة الوليدة ويستقيم بها دينهم ودنياهم
لكن ثمة معنى آخر شامل بخلاف القواعد المسيرة لدين الأمة ودينها
هذه الأحكام بمثابة اختبارات متعددة وابتلاءات يُمتحن بها هذا الأصل
أصل الاستسلام
أحكام تعبدية كالصلاة وتغيير القبلة و الصيام و الحج و الإنفاق و أحكام معاملات داخلية كالزواج و الطلاق و الرضاع و الوصية و الربا و المداينة و الرهن وكذلك أحكام معاملات خارجية كالجهاد و الأشهر الحرم وبعض القوانين والحدود كالقصاص و تحريم الخمر والميسر وطائفة من أحكام الحلال و الحرام
هذه الأحكام بخلاف كونها دستورا و تشريعا سيقوم عليه المجتمع الجديد بالمدينة على أساس واضح من العدل؛ فإنها ابتلاء للأمة فى قضية الإسلام لله
و كأن السورة توجه سؤالا للمسلم بعد أن عرض عليه نماذج من ابتلوا من قبله و ةاستخلفوا فى الأرض ابتداء بآدم و انتهاء ببنى إسرائيل
بعدما رأيتم هذه النماذج أيهم تختارون؟
ذلكم السؤال الذى ينبغي لمتدبر سورة البقرة أن يطرحه بينما يعرض حاله على أحكام سورة البقرة و غيرها من أحكام الشرع
هل أنا مسلم مستسلم لأمر الله كإبراهيم عليه السلام لا أحيد قيد أنملة
أم ربما حالي كآدم قد أزل مرة أو أعصى لكنني أسارع بالتوبة و لا أكابر
أم هو النموذج المخيف الذى فصلته السورة بيانا لخطورته وربما لأنه للأسف النموذج الذى سيقع فيه كثير ممن يرفضون حكم الله فيهم ويتمردون عليه ومم ثم يسلكون سبيل المغضوب عليهم و لسان حالهم كشياطينهم "سمعنا و عصينا"
من هنا توجه السورة رسالة أخيرة وباختبار شديد وابتلاء عظيم حين أنزل الله
"لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٨٤]
مقتضى الآية وظاهر تكليفها أن كل خواطر الإنسان الخفية هي كما الأعمال الظاهرة
يحاسب عليها.
إذا رأى المرء مالاً وخطر له سرقته و لم يسرقه هل يحاسب على ذلك؟
إذا عرضت له امرأة وخطر في باله وقوعا في الفاحشة ولم يفعل هل يعد زانيا؟
كان هذا مقتضى ظاهر الآية و أول ما تبادر إلى أذهان الصحابة
ولقد شق ذلك عليهم كما ورد في صحيح الإمام مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، ثُمَّ قَالُوا : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ : الصَّلاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلا نُطِيقُهَا
فكيف كانت إجابة النبي ﷺ
لقد رسخ هذا المفهوم الذي بينته السورة وبشكل حاسم وقاطع
" أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ، بَلْ قُولُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"
تأمل المقابلة التي أوضحها النبي وذلك التفعيل الراضح لكل ما سبق وذكرنا
سمعنا وأطعنا
هذا هو شعار المسلم المستسلم الخاضع المنقاد لأمر الله
قال ابو هريرة : فَلَمَّا قَرَأَهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أثْرِهَا : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ،
فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ، قَالَ : نَعَمْ
نموذج الإتمام والاستيفاء
لذا بعد قصته توجه الوصية للنبى ﷺ و أمته بالحرص على هذه الملة والطريقة في الحياة
" وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"
بعد هذه القصص واضحة المغزى يأتى الشطر الثاني من السورة بشوط طويل من الأحكام والتكاليف تعد قواعد وقوانين تسير عليها الأمة الوليدة ويستقيم بها دينهم ودنياهم
لكن ثمة معنى آخر شامل بخلاف القواعد المسيرة لدين الأمة ودينها
هذه الأحكام بمثابة اختبارات متعددة وابتلاءات يُمتحن بها هذا الأصل
أصل الاستسلام
أحكام تعبدية كالصلاة وتغيير القبلة و الصيام و الحج و الإنفاق و أحكام معاملات داخلية كالزواج و الطلاق و الرضاع و الوصية و الربا و المداينة و الرهن وكذلك أحكام معاملات خارجية كالجهاد و الأشهر الحرم وبعض القوانين والحدود كالقصاص و تحريم الخمر والميسر وطائفة من أحكام الحلال و الحرام
هذه الأحكام بخلاف كونها دستورا و تشريعا سيقوم عليه المجتمع الجديد بالمدينة على أساس واضح من العدل؛ فإنها ابتلاء للأمة فى قضية الإسلام لله
و كأن السورة توجه سؤالا للمسلم بعد أن عرض عليه نماذج من ابتلوا من قبله و ةاستخلفوا فى الأرض ابتداء بآدم و انتهاء ببنى إسرائيل
بعدما رأيتم هذه النماذج أيهم تختارون؟
ذلكم السؤال الذى ينبغي لمتدبر سورة البقرة أن يطرحه بينما يعرض حاله على أحكام سورة البقرة و غيرها من أحكام الشرع
هل أنا مسلم مستسلم لأمر الله كإبراهيم عليه السلام لا أحيد قيد أنملة
أم ربما حالي كآدم قد أزل مرة أو أعصى لكنني أسارع بالتوبة و لا أكابر
أم هو النموذج المخيف الذى فصلته السورة بيانا لخطورته وربما لأنه للأسف النموذج الذى سيقع فيه كثير ممن يرفضون حكم الله فيهم ويتمردون عليه ومم ثم يسلكون سبيل المغضوب عليهم و لسان حالهم كشياطينهم "سمعنا و عصينا"
من هنا توجه السورة رسالة أخيرة وباختبار شديد وابتلاء عظيم حين أنزل الله
"لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٨٤]
مقتضى الآية وظاهر تكليفها أن كل خواطر الإنسان الخفية هي كما الأعمال الظاهرة
يحاسب عليها.
إذا رأى المرء مالاً وخطر له سرقته و لم يسرقه هل يحاسب على ذلك؟
إذا عرضت له امرأة وخطر في باله وقوعا في الفاحشة ولم يفعل هل يعد زانيا؟
كان هذا مقتضى ظاهر الآية و أول ما تبادر إلى أذهان الصحابة
ولقد شق ذلك عليهم كما ورد في صحيح الإمام مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، ثُمَّ قَالُوا : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ : الصَّلاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلا نُطِيقُهَا
فكيف كانت إجابة النبي ﷺ
لقد رسخ هذا المفهوم الذي بينته السورة وبشكل حاسم وقاطع
" أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ، بَلْ قُولُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"
تأمل المقابلة التي أوضحها النبي وذلك التفعيل الراضح لكل ما سبق وذكرنا
سمعنا وأطعنا
هذا هو شعار المسلم المستسلم الخاضع المنقاد لأمر الله
قال ابو هريرة : فَلَمَّا قَرَأَهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أثْرِهَا : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ،
فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ، قَالَ : نَعَمْ
❤4👍3
رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قَالَ : نَعَمْ
رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قَالَ : نَعَمْ
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، قَالَ : نَعَمْ
فى رواية قال قد فعلت
هذا الأثر يلخص ما نتحدث عنه وما رسخته السورة بإيجاز
هاهنا أمر قد يتنافى ظاهره مع طاقتك أو فهمك
وربما يطرأ إلى نفسك و يسارع إلى عقلك أنه يستحيل تنفيذه أو أنه غير مناسب لقدرتك
لكن مع ذلك المطلوب منك أن يسلم ...
يستسلم ..
يسمع و يطيع
و لا شك أن المرء لضعفه قد يزل و يخطىء و هذه طبيعة البشر
لذلك يشفع سمعنا و أطعنا ب "غفرانك ربنا و إليك المصير"
فأنا أقبل الأمر يا رب و لا أتمرد أو أعصى لكننى أطلب المغفرة لتقصير وارد و غير مقصود
هذا هو المبدأ الذى ينبغى أن تكون لدى المسلم القناعة الكاملة به
سمعا وطاعة
استسلام وانقياد
لذلك لما اختار الصحابة هذا الخيار؛ نزل التخفيف من الله الرحيم وبين أن الإنسان مكلف بما كسب أو اكتسب و نسخت الآية و زال الابتلاء
إنه ببساطة شعار السورة الأوضح و توصيتها الأساسية "سمعنا و أطعنا" أو الإسلام المطلق و الإذعان الكامل لشرع الله و القبول به
حتى و إن حدث التقصير أو الزلل فأصل الإنقياد والقبول يزين المؤمن و يجعله أهلا للقب الذى يحمله
لقب مسلم
الحلقة الثانية من #قبل_أن_تتلو
رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قَالَ : نَعَمْ
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، قَالَ : نَعَمْ
فى رواية قال قد فعلت
هذا الأثر يلخص ما نتحدث عنه وما رسخته السورة بإيجاز
هاهنا أمر قد يتنافى ظاهره مع طاقتك أو فهمك
وربما يطرأ إلى نفسك و يسارع إلى عقلك أنه يستحيل تنفيذه أو أنه غير مناسب لقدرتك
لكن مع ذلك المطلوب منك أن يسلم ...
يستسلم ..
يسمع و يطيع
و لا شك أن المرء لضعفه قد يزل و يخطىء و هذه طبيعة البشر
لذلك يشفع سمعنا و أطعنا ب "غفرانك ربنا و إليك المصير"
فأنا أقبل الأمر يا رب و لا أتمرد أو أعصى لكننى أطلب المغفرة لتقصير وارد و غير مقصود
هذا هو المبدأ الذى ينبغى أن تكون لدى المسلم القناعة الكاملة به
سمعا وطاعة
استسلام وانقياد
لذلك لما اختار الصحابة هذا الخيار؛ نزل التخفيف من الله الرحيم وبين أن الإنسان مكلف بما كسب أو اكتسب و نسخت الآية و زال الابتلاء
إنه ببساطة شعار السورة الأوضح و توصيتها الأساسية "سمعنا و أطعنا" أو الإسلام المطلق و الإذعان الكامل لشرع الله و القبول به
حتى و إن حدث التقصير أو الزلل فأصل الإنقياد والقبول يزين المؤمن و يجعله أهلا للقب الذى يحمله
لقب مسلم
الحلقة الثانية من #قبل_أن_تتلو
❤6👍5
حين تُغلق الصفحة الأخيرة من سورة البقرة، ذلك السِفر المهيب الذي رسخ من خلاله دستور الأمة الوليدة وأرسى قواعد بنائها الشامخ في مدينة رسول الله صلى الله عليه؛ ستشعر وكأنك تتنفس الصعداء بعد رحلة تأسيسٍ شاقة ومجيدة.
لكن ما أن تقلب الصفحة حتى تُطالع مفتتح سورة أخرى قرينة لها وسيتسلل إلى قلبك شعورٌ مختلف،
شعورٌ بالترقب والحذر
وكأنك انتقلتَ من أصوات البناء وقواعد التأسيس إلى ضجيج المعركة التي تحتدم عند خطوط الدفاع الأمامية..
الدفاع عن تلك الأمة الوليدة
إنها سورة آل عمران
السورة الرفيقة لسورة البقرة والقرينة لها
الزهرة الثانية من "الزهراوين"
السورة التي تأتي لتُكمل المهمة، ليس بإضافة لبناتٍ جديدة من البناء التشريعي وحسب ولكن بوضع سياجٍ حصينٍ حول هذا البناء الجديد، وتعيين حارسٍ يقظٍ لا يغفل على ثغوره التي ستهدد لا محالة .
هاتان السورتان، البقرة وآل عمران، كأنهما توأمٌ روحي، تتنفسان معاً
تتكاملان في رسم ملامح منهج التأسيس للأمة في بداياتها
حتى أن نبينا صلى الله عليه وسلم وصفهما بألفاظ مشتركة
وصفهما بالغمامتين أو الظلتين، جناحا نجاةٍ يُظللان صاحبهما يوم تدنو الشمس من الرؤوس ويفرّ المرء من أخيه.
فيا لفضل من حملهما في صدره، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم بيبن استحقاقه بهما إمارة الجيوش!
أي سرٍّ يكمن في هذا الاتصال في هذا التقديم الرباني لهاتين الجوهرتين في مستهلّ الكتاب؟
أظهر الإجابات على هذا السؤال تتضح من موضوع السورتين وأهم ما ميز كل منهما
البقرة شيدت "الهيكل" العظيم للإسلام عبر ترسيخ معنى الاستسلام الكامل لله والخضوع والطاعة لأوامره وتشريعاته التي تقيم العدل في الأمة
فهل سيُترك هذا البناء ليعلو ويزدهر أم ستكون المحاولات لهدمه؟
لا شك أن ثمة أعداء لن يرضيهم قيام هذا البناء السامق
هنا تأتي آل عمران لتفصل معالم "خطة الدفاع" ضد خطرين داهمين ومحاولتين محوريتين لهدم البناء
خطرين مستمرين ما فتئا يتربصان بكل بناءٍ يُراد له أن يقوم على الحق والعدل. خطرٌ معنوي ناعمٌ يتسلل من الداخل كالسمٍّ الزعاف
وخطرٌ مادي صلبٌ يقتحم من الخارج بوضوح فاجر
إنهما ببساطة حرب الأفكار والشبهات، وحرب السيوف والمواجهات.
سورة آل عمران بآياتها المحكمة وبيانها المعجز، تتصدى لهاتين الحربين بتفصيل لا يكاد يجتمع إلا فيها
أما المعركة الأولى والأطول في السورة والتي تمثل ما يقرب من ثلثيها فهي معركة غزو العقول من خلال سلاح التشكيك والشبهة
وما أخبثها من حربٍ تلك التي لا تُرى فيها السيوف ولا تُسمع فيها صرخات الجرحى، لكنها قد تترك خراباً أشد وأنكى!
حرب الشبهات وفيروسات الشك وقذائف التأويلات الفاسدة؛ تتسلل إلى القلوب والعقول كضبابٍ سام، يغشي البصائر، ويزلزل ثوابت اليقين.
إنها المعركة الأخطر، لأنها تستهدف الأساس... تستهدف الإيمان نفسه.
ولأنها الأخطر والأشد تأثيرا "والفتنة أكبر من القتل" كانت الآيات الأكثر في السورة والشوط الأطول منها هي تلك التي تتحدث عن هذه المعركة
سورة آل عمران تدخل مباشرة إلى هذا الصراع العقدي مبينة محله
"فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ...".
إنه "الزيغ"، ذلك الميل المتعمد عن الحق، الذي يدفع أصحابه للتمسك بالمتشابه وترك المحكم، لا بحثاً عن الحقيقة، بل فتنةً للناس وتبريراً لأهوائهم.
ثم تُقدم السورة درع الوقاية وسلاح الدفاع: "وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا..."
إنه إرجاع المتشابه للمحكم واليقين أن الوحي كله من عند الله سواء ظهر لك مقصوده أو اشتبه عليك
ثم الاعتصام بالدعاء المُلِحّ: "رَّبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا...".
كأنها السورة تهمس في أذنك: يا من تخوض بحر الشبهات المتلاطم، لا تركب الأمواج بغير علمٍ راسخ، ولا تبحر بغير دعاءٍ صادق،
وإلا غرقت!
ثم تأخذك السورة في مشهدٍ حواريٍّ فريد، هو امتداد لسبب النزول الأشهر المتعلق بهذا الشوط من السورة
تلك المناظرةٍ رفيعة المستوى التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم ووفد نصارى نجران.
ستلحظ في هذا الشوط الأطول في السورة طريقة النقاش والجدل بالتي أحسن بهدوء الواثقين وثبات الموقنين.
السورة تُعرض قصة المسيح عليه السلام كما هي في سجلات السماء
عبدٌ لله ورسوله وكلمته ألقاها وروح منه
تعرض السورة القصة من البداية
من الجدة "امرأة عمران" التي نذرت ما في بطنها محررا
من قبول الله للمنذورة الطاهرة البتول
من الأم العفيفة العابدة "مريم" عليها السلام
ثم الآية والمعجزة
لكن ما أن تقلب الصفحة حتى تُطالع مفتتح سورة أخرى قرينة لها وسيتسلل إلى قلبك شعورٌ مختلف،
شعورٌ بالترقب والحذر
وكأنك انتقلتَ من أصوات البناء وقواعد التأسيس إلى ضجيج المعركة التي تحتدم عند خطوط الدفاع الأمامية..
الدفاع عن تلك الأمة الوليدة
إنها سورة آل عمران
السورة الرفيقة لسورة البقرة والقرينة لها
الزهرة الثانية من "الزهراوين"
السورة التي تأتي لتُكمل المهمة، ليس بإضافة لبناتٍ جديدة من البناء التشريعي وحسب ولكن بوضع سياجٍ حصينٍ حول هذا البناء الجديد، وتعيين حارسٍ يقظٍ لا يغفل على ثغوره التي ستهدد لا محالة .
هاتان السورتان، البقرة وآل عمران، كأنهما توأمٌ روحي، تتنفسان معاً
تتكاملان في رسم ملامح منهج التأسيس للأمة في بداياتها
حتى أن نبينا صلى الله عليه وسلم وصفهما بألفاظ مشتركة
وصفهما بالغمامتين أو الظلتين، جناحا نجاةٍ يُظللان صاحبهما يوم تدنو الشمس من الرؤوس ويفرّ المرء من أخيه.
فيا لفضل من حملهما في صدره، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم بيبن استحقاقه بهما إمارة الجيوش!
أي سرٍّ يكمن في هذا الاتصال في هذا التقديم الرباني لهاتين الجوهرتين في مستهلّ الكتاب؟
أظهر الإجابات على هذا السؤال تتضح من موضوع السورتين وأهم ما ميز كل منهما
البقرة شيدت "الهيكل" العظيم للإسلام عبر ترسيخ معنى الاستسلام الكامل لله والخضوع والطاعة لأوامره وتشريعاته التي تقيم العدل في الأمة
فهل سيُترك هذا البناء ليعلو ويزدهر أم ستكون المحاولات لهدمه؟
لا شك أن ثمة أعداء لن يرضيهم قيام هذا البناء السامق
هنا تأتي آل عمران لتفصل معالم "خطة الدفاع" ضد خطرين داهمين ومحاولتين محوريتين لهدم البناء
خطرين مستمرين ما فتئا يتربصان بكل بناءٍ يُراد له أن يقوم على الحق والعدل. خطرٌ معنوي ناعمٌ يتسلل من الداخل كالسمٍّ الزعاف
وخطرٌ مادي صلبٌ يقتحم من الخارج بوضوح فاجر
إنهما ببساطة حرب الأفكار والشبهات، وحرب السيوف والمواجهات.
سورة آل عمران بآياتها المحكمة وبيانها المعجز، تتصدى لهاتين الحربين بتفصيل لا يكاد يجتمع إلا فيها
أما المعركة الأولى والأطول في السورة والتي تمثل ما يقرب من ثلثيها فهي معركة غزو العقول من خلال سلاح التشكيك والشبهة
وما أخبثها من حربٍ تلك التي لا تُرى فيها السيوف ولا تُسمع فيها صرخات الجرحى، لكنها قد تترك خراباً أشد وأنكى!
حرب الشبهات وفيروسات الشك وقذائف التأويلات الفاسدة؛ تتسلل إلى القلوب والعقول كضبابٍ سام، يغشي البصائر، ويزلزل ثوابت اليقين.
إنها المعركة الأخطر، لأنها تستهدف الأساس... تستهدف الإيمان نفسه.
ولأنها الأخطر والأشد تأثيرا "والفتنة أكبر من القتل" كانت الآيات الأكثر في السورة والشوط الأطول منها هي تلك التي تتحدث عن هذه المعركة
سورة آل عمران تدخل مباشرة إلى هذا الصراع العقدي مبينة محله
"فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ...".
إنه "الزيغ"، ذلك الميل المتعمد عن الحق، الذي يدفع أصحابه للتمسك بالمتشابه وترك المحكم، لا بحثاً عن الحقيقة، بل فتنةً للناس وتبريراً لأهوائهم.
ثم تُقدم السورة درع الوقاية وسلاح الدفاع: "وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا..."
إنه إرجاع المتشابه للمحكم واليقين أن الوحي كله من عند الله سواء ظهر لك مقصوده أو اشتبه عليك
ثم الاعتصام بالدعاء المُلِحّ: "رَّبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا...".
كأنها السورة تهمس في أذنك: يا من تخوض بحر الشبهات المتلاطم، لا تركب الأمواج بغير علمٍ راسخ، ولا تبحر بغير دعاءٍ صادق،
وإلا غرقت!
ثم تأخذك السورة في مشهدٍ حواريٍّ فريد، هو امتداد لسبب النزول الأشهر المتعلق بهذا الشوط من السورة
تلك المناظرةٍ رفيعة المستوى التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم ووفد نصارى نجران.
ستلحظ في هذا الشوط الأطول في السورة طريقة النقاش والجدل بالتي أحسن بهدوء الواثقين وثبات الموقنين.
السورة تُعرض قصة المسيح عليه السلام كما هي في سجلات السماء
عبدٌ لله ورسوله وكلمته ألقاها وروح منه
تعرض السورة القصة من البداية
من الجدة "امرأة عمران" التي نذرت ما في بطنها محررا
من قبول الله للمنذورة الطاهرة البتول
من الأم العفيفة العابدة "مريم" عليها السلام
ثم الآية والمعجزة
❤2👍1
المسيح عليه السلام
وتقطع السورة في شوط المناظرة بحقيقة لا جدال فيها
" إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡقَصَصُ ٱلۡحَقُّۚ وَمَا مِنۡ إِلَـٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"
ثم لا تهمل السورة الحجة العقلية البسيطة والعميقة فتقام ببساطة ووضوح
"إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ...". منطقٌ يُلجم الخصم، ويكشف زيف التأليه المبني على غير أساس.
وعندما يُصرّ المعاند على لجاجته، يأتي التحدي الأخير، الذي لا يجرؤ عليه إلا من كان الحق حليفه واليقين متجذرا في قلبه
المباهلة!
" فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ".
أي يقينٍ هذا الذي يجعل صاحبه مستعداً لأن يدعو باللعنة على نفسه إن لم يكن على الحق؟
إنه يقين الأنبياء، ومن سار على نهجهم فاتصل قلبه مباشرة بالسماء.
لكن المعركة الفكرية ليست فقط تفنيداً للشبهات، بل هي أيضاً دعوةٌ بالحكمة والموعظة الحسنة والبحث عن نقاط الالتقاء، عن "الكلمة السواء" التي تجمع الكل على عبادة الله وحده ونبذ الشرك
"قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ"
لكن كالعادة يأتي التوجيه بالاستعلان العقدي إن لم يحدث الاجتماع
"... فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُولُوا۟ ٱشۡهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ"
وفي خضم هذا كله، لا تغفل السورة عن تعليمنا الإنصاف، حتى مع المخالفين، فتُميّز بين أهل الكتاب، فمنهم الأمين ومنهم الخائن،
" وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"
ومنهم القائم آناء الليل يتلو آيات الله ويسجد.
" لَیۡسُوا۟ سَوَاۤءࣰۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ أُمَّةࣱ قَاۤىِٕمَةࣱ یَتۡلُونَ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ وَهُمۡ یَسۡجُدُونَ"
إنها قاعدة "لَيْسُوا سَوَاءً..."
قاعدةٌ قرآنيةٌ تُرسّخ العدل وتنبذ التعميم الجائر.
لكن مع كل ذلك تكرر السورة في شوطها الأول التأكيد على الاستعلان العقدي وحقيقة أن الدين عند الله الإسلام وأن..
"وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"
ثم في نهايات هذا الشوط يأتي التحذير الحاسم للمؤمنين
إياكم مع هذا الجدل المناظرة أن تتبعوا أهواء القوم أو تسترسلوا كثيرا خلف شبهاتهم، فذلك طريق الردة والخسران.
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةࣰ مِّن دُونِكُمۡ لَا یَأۡلُونَكُمۡ خَبَالࣰا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ }
فبعد أن جاءكم العلم والبينة، لا تلتفتوا إلى الوراء واعلموا أن الصبر هو الزاد الذي لا يضركم معه كيدهم بإذن الله
"إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَیِّئَةࣱ یَفۡرَحُوا۟ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ"
ثم تبدأ بعد هذه الآية مباشرة آيات تتحدث عن المعركة الأخرى فيتعالى فجأة صليل السيوف وتدوي قعقات الحرب المعروفة التي تتبادر إلى الذهن مشاهدها بمجرد ذكر اللفظ
إنها طريقة أعداء الحق، حين تفشل حُججهم وتتهاوى شبهاتهم، ثم يلجأون إلى اللغة الأخرى
لغة القوة،
هنا، تنتقل بنا آل عمران من هدوء الحوار الفكري إلى وهج المعركة المادية،
إلى جبل "أُحد"
والآيات التي تمثل ثلث السورة تقريبا وتتحدث عن هذه الغزوة أحداثها ليست مجرد روايةٍ تاريخية لأحداث غزوة، بل هي تشريحٌ دقيقٌ للنفس المؤمنة في لحظات النصر والانكسار بل هي مدرسةٌ متكاملة في فقه المصيبة أو الهزيمة وأسباب تداركها والخروج منها.
العجيب أن السورة في هذا الشوط لا تبدأ بذكر الهزيمة بل مشهد تبويء النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين مقاعدهم واستعدادهم للقتال
وتقطع السورة في شوط المناظرة بحقيقة لا جدال فيها
" إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡقَصَصُ ٱلۡحَقُّۚ وَمَا مِنۡ إِلَـٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"
ثم لا تهمل السورة الحجة العقلية البسيطة والعميقة فتقام ببساطة ووضوح
"إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ...". منطقٌ يُلجم الخصم، ويكشف زيف التأليه المبني على غير أساس.
وعندما يُصرّ المعاند على لجاجته، يأتي التحدي الأخير، الذي لا يجرؤ عليه إلا من كان الحق حليفه واليقين متجذرا في قلبه
المباهلة!
" فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ".
أي يقينٍ هذا الذي يجعل صاحبه مستعداً لأن يدعو باللعنة على نفسه إن لم يكن على الحق؟
إنه يقين الأنبياء، ومن سار على نهجهم فاتصل قلبه مباشرة بالسماء.
لكن المعركة الفكرية ليست فقط تفنيداً للشبهات، بل هي أيضاً دعوةٌ بالحكمة والموعظة الحسنة والبحث عن نقاط الالتقاء، عن "الكلمة السواء" التي تجمع الكل على عبادة الله وحده ونبذ الشرك
"قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ"
لكن كالعادة يأتي التوجيه بالاستعلان العقدي إن لم يحدث الاجتماع
"... فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُولُوا۟ ٱشۡهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ"
وفي خضم هذا كله، لا تغفل السورة عن تعليمنا الإنصاف، حتى مع المخالفين، فتُميّز بين أهل الكتاب، فمنهم الأمين ومنهم الخائن،
" وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"
ومنهم القائم آناء الليل يتلو آيات الله ويسجد.
" لَیۡسُوا۟ سَوَاۤءࣰۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ أُمَّةࣱ قَاۤىِٕمَةࣱ یَتۡلُونَ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ وَهُمۡ یَسۡجُدُونَ"
إنها قاعدة "لَيْسُوا سَوَاءً..."
قاعدةٌ قرآنيةٌ تُرسّخ العدل وتنبذ التعميم الجائر.
لكن مع كل ذلك تكرر السورة في شوطها الأول التأكيد على الاستعلان العقدي وحقيقة أن الدين عند الله الإسلام وأن..
"وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"
ثم في نهايات هذا الشوط يأتي التحذير الحاسم للمؤمنين
إياكم مع هذا الجدل المناظرة أن تتبعوا أهواء القوم أو تسترسلوا كثيرا خلف شبهاتهم، فذلك طريق الردة والخسران.
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةࣰ مِّن دُونِكُمۡ لَا یَأۡلُونَكُمۡ خَبَالࣰا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ }
فبعد أن جاءكم العلم والبينة، لا تلتفتوا إلى الوراء واعلموا أن الصبر هو الزاد الذي لا يضركم معه كيدهم بإذن الله
"إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَیِّئَةࣱ یَفۡرَحُوا۟ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ"
ثم تبدأ بعد هذه الآية مباشرة آيات تتحدث عن المعركة الأخرى فيتعالى فجأة صليل السيوف وتدوي قعقات الحرب المعروفة التي تتبادر إلى الذهن مشاهدها بمجرد ذكر اللفظ
إنها طريقة أعداء الحق، حين تفشل حُججهم وتتهاوى شبهاتهم، ثم يلجأون إلى اللغة الأخرى
لغة القوة،
هنا، تنتقل بنا آل عمران من هدوء الحوار الفكري إلى وهج المعركة المادية،
إلى جبل "أُحد"
والآيات التي تمثل ثلث السورة تقريبا وتتحدث عن هذه الغزوة أحداثها ليست مجرد روايةٍ تاريخية لأحداث غزوة، بل هي تشريحٌ دقيقٌ للنفس المؤمنة في لحظات النصر والانكسار بل هي مدرسةٌ متكاملة في فقه المصيبة أو الهزيمة وأسباب تداركها والخروج منها.
العجيب أن السورة في هذا الشوط لا تبدأ بذكر الهزيمة بل مشهد تبويء النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين مقاعدهم واستعدادهم للقتال
❤4👍1
" وَإِذۡ غَدَوۡتَ مِنۡ أَهۡلِكَ تُبَوِّئُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ مَقَـٰعِدَ لِلۡقِتَالِۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ"
ثم ما هم به البعض من فشل وتراجع ثم استدعاء مشهد آخر أبعد نسبيا
مشهد بدر
السورة تُذكر ابتداء بنصر "بدر"
بذلك اليوم الذي نصر الله فيه المؤمنين وهم قلةٌ مستضعفة
" وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرࣲ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةࣱۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"
وكأنها ابتداء تغرس في القلوب حقيقة أن النصر ليس بالعدد أو العدة، بل هو من عند الله وحده الذي أرسل آلاف الملائكة المسومين لنصرة عباده
"وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَىِٕنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ"
ثم، وقبل أن تخوض في تفاصيل أُحد، تأتي آيات قد تبدو عجيبة أيضا في هذا السياق
آياتٍ عن التقوى والطاعة والاستغفار والبعد عن الربا والفواحش....ثم بعدها مباشرة تأتي آيات تتحدث عن المصيبة والقرح العظيم الذي مس المؤمنين
قد يبدو هذا الترتيب غريباً.. فما علاقة هذه الأمور في وسط الحديث عن غزوتين بالقتال؟
وكيف انقلب نصر بدر إلى مصيبة في أحد؟
إنها الحقيقة العميقة يا عزيزي
الهزيمة العسكرية غالباً ما تكون قشرةً خارجية لهزيمةٍ داخلية
هزيمةٍ أمام شهوات النفس المزينة والتي تحدثت عنها السورة في بدايتها
هزيمة أمام حب الدنيا،
أمام معصية الله ورسوله.
وهذا بالضبط ما كشفته غزوة أُحد
"...مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلْءَاخِرَةَ...".
إنه الصراع الدائم في قلب كل مؤمن، بين نداء الأرض ونداء السماء
والنتيجة تتحدد بمقدار صدق التوجه وقوة الإيمان.
حب الدنيا الذى يورث المعصية بل قد يؤدى إلى الوقوع فى المعصية ومخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
و هذا السبب الرئيسى فى تحول النصر يوم أحد إلى هزيمة .
أحد في البداية كانت نصرأ مؤزرا و مقتلة عظيمة للمشركين كادت أن تفوق بدرا بنص الآية
" وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ"
لكن هذا الحسّ والانتصار المبدئي تحول مجراه بعد الفشل و التنازع و العصيان
" حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ"
لكن آل عمران كسائر القرآن لا تعنى بجلد الذات أو البكاء على اللبن المسكوب كما يقولون .
ما حدث قد حدث والمهم الآن تقديم ما ينفع
السورة في أكثر آياتها شيئا من ثلاثة لخصتهم آية واحدة
{ هَـٰذَا بَیَانࣱ لِّلنَّاسِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣱ لِّلۡمُتَّقِینَ}
فبعد المصائب أو الهزائم يتفاوت رد الفعل على قدر الدين و صلابته في نفوس الناس
رد فعل أهل التقوى و الإيمان وأصحاب الهموم الكبرى؛ يختلف عن عموم الناس ممن لا يحملون رسالة ولا ينشغلون بهموم أمتهم
إن عموم الناس قد تصيبهم بعد المصائب الكبرى والهزائم الثقيلة أشكال مختلفة من الحيرة وتطرأ عليهم تساؤلات؛ فيكون أول ما يتبادر إلى أذهانهم
ماذا حدث
ولماذا حدث ؟
أما أهل التقوى و الدين و حملة رسالته ممن يحملون همه على عواتقهم فيصيبهم شعور مختلف و تطرأ عليهم ردود فعل مغايرة
شعور بالحزن الشديد النابع عن هم الأمة الذى تجيش به صدورهم
و شعور بالرغبة فى التغيير و معرفة الخلل لإصلاحه
تنتظم آيات هذا القسم من السورة حول هذه الأمور الثلاثة
البيانو هو كما قال الله "بيان للناس"
للناس عامة الذين قد لا يفهمون ما حدث ويحتاجون لوضوح فى الرؤية و معرفة الحكمة كى لا يفتنوا عن دينهم
بينما خص المتقين بأمرين مختلفين و هما:
الهدى... وهو التوجيه و الإرشاد لهؤلاء الايجابيين الذين يريدون الإصلاح و التغيير
و الموعظة وفيها الرفق و المواساة لأولئك المحزونين الذين تتفطر قلوبهم كمدا لما لحق بأمتهم
لاحظ مرة أخرى أن النوعين الأخيرين جعلهما الله للصنف الذى ميزه عن الناس صنف "المتقين"
أما عن البيان و التوضيح للحكمة مما حدث فنجد آيات عديدة يظهر فيها التعليل جليا منها:
"وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {}
وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {}
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
ثم ما هم به البعض من فشل وتراجع ثم استدعاء مشهد آخر أبعد نسبيا
مشهد بدر
السورة تُذكر ابتداء بنصر "بدر"
بذلك اليوم الذي نصر الله فيه المؤمنين وهم قلةٌ مستضعفة
" وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرࣲ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةࣱۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"
وكأنها ابتداء تغرس في القلوب حقيقة أن النصر ليس بالعدد أو العدة، بل هو من عند الله وحده الذي أرسل آلاف الملائكة المسومين لنصرة عباده
"وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَىِٕنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ"
ثم، وقبل أن تخوض في تفاصيل أُحد، تأتي آيات قد تبدو عجيبة أيضا في هذا السياق
آياتٍ عن التقوى والطاعة والاستغفار والبعد عن الربا والفواحش....ثم بعدها مباشرة تأتي آيات تتحدث عن المصيبة والقرح العظيم الذي مس المؤمنين
قد يبدو هذا الترتيب غريباً.. فما علاقة هذه الأمور في وسط الحديث عن غزوتين بالقتال؟
وكيف انقلب نصر بدر إلى مصيبة في أحد؟
إنها الحقيقة العميقة يا عزيزي
الهزيمة العسكرية غالباً ما تكون قشرةً خارجية لهزيمةٍ داخلية
هزيمةٍ أمام شهوات النفس المزينة والتي تحدثت عنها السورة في بدايتها
هزيمة أمام حب الدنيا،
أمام معصية الله ورسوله.
وهذا بالضبط ما كشفته غزوة أُحد
"...مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلْءَاخِرَةَ...".
إنه الصراع الدائم في قلب كل مؤمن، بين نداء الأرض ونداء السماء
والنتيجة تتحدد بمقدار صدق التوجه وقوة الإيمان.
حب الدنيا الذى يورث المعصية بل قد يؤدى إلى الوقوع فى المعصية ومخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
و هذا السبب الرئيسى فى تحول النصر يوم أحد إلى هزيمة .
أحد في البداية كانت نصرأ مؤزرا و مقتلة عظيمة للمشركين كادت أن تفوق بدرا بنص الآية
" وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ"
لكن هذا الحسّ والانتصار المبدئي تحول مجراه بعد الفشل و التنازع و العصيان
" حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ"
لكن آل عمران كسائر القرآن لا تعنى بجلد الذات أو البكاء على اللبن المسكوب كما يقولون .
ما حدث قد حدث والمهم الآن تقديم ما ينفع
السورة في أكثر آياتها شيئا من ثلاثة لخصتهم آية واحدة
{ هَـٰذَا بَیَانࣱ لِّلنَّاسِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣱ لِّلۡمُتَّقِینَ}
فبعد المصائب أو الهزائم يتفاوت رد الفعل على قدر الدين و صلابته في نفوس الناس
رد فعل أهل التقوى و الإيمان وأصحاب الهموم الكبرى؛ يختلف عن عموم الناس ممن لا يحملون رسالة ولا ينشغلون بهموم أمتهم
إن عموم الناس قد تصيبهم بعد المصائب الكبرى والهزائم الثقيلة أشكال مختلفة من الحيرة وتطرأ عليهم تساؤلات؛ فيكون أول ما يتبادر إلى أذهانهم
ماذا حدث
ولماذا حدث ؟
أما أهل التقوى و الدين و حملة رسالته ممن يحملون همه على عواتقهم فيصيبهم شعور مختلف و تطرأ عليهم ردود فعل مغايرة
شعور بالحزن الشديد النابع عن هم الأمة الذى تجيش به صدورهم
و شعور بالرغبة فى التغيير و معرفة الخلل لإصلاحه
تنتظم آيات هذا القسم من السورة حول هذه الأمور الثلاثة
البيانو هو كما قال الله "بيان للناس"
للناس عامة الذين قد لا يفهمون ما حدث ويحتاجون لوضوح فى الرؤية و معرفة الحكمة كى لا يفتنوا عن دينهم
بينما خص المتقين بأمرين مختلفين و هما:
الهدى... وهو التوجيه و الإرشاد لهؤلاء الايجابيين الذين يريدون الإصلاح و التغيير
و الموعظة وفيها الرفق و المواساة لأولئك المحزونين الذين تتفطر قلوبهم كمدا لما لحق بأمتهم
لاحظ مرة أخرى أن النوعين الأخيرين جعلهما الله للصنف الذى ميزه عن الناس صنف "المتقين"
أما عن البيان و التوضيح للحكمة مما حدث فنجد آيات عديدة يظهر فيها التعليل جليا منها:
"وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {}
وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {}
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
❤3👍3
" وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ {} وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ
مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ"
" وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"
تأمل في الآيات السابقة ومثيلاتها ستدرك أن المشترك هو التعليل
التوضيح
البيان وشرح الحكمة
ثم ستجد آيات فيها الهدى و التوجيه والإرشاد
ذلك ببيان أسباب الهزيمة والحلول المطروحة للخروج منها
"حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ"
"إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ"
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"
آيات تبين بوضوح إشكالات كبرى؛ إن وجدت كانت الهزائم وإن اجتنبت
ثم تأتي آيات الموعظة و المواساة و التخفيف عن المؤمنين المكلومين في إخوانهم الذي فقدوا
"وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
" وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً"
مواعظ تُواسي القلوب المكلومة، وتُجفف الدموع الحائرة، وتُبشر الشهداء بمنزلةٍ لا يفوقها إلا منزلة النبيين والصديقين
"وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"
كلماتٍ تُحوّل مرارة الهزيمة إلى حلاوة الاصطفاء، وتُبدّل الحزن فرحاً واستبشاراً!
وتستمر الموعظة..
"وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم"
وآيات أخرى كثيرة تحمل تلك المواساة الرقيقة التي تداوي قلوبا أدماها البلاء كما قدمت "بياناً للناس"، تُفسّر لهم سُنن الله في التداول بين الأمم، وفي حكمة الابتلاء بالشدائد. وقدمت لهم "هدى" يرسم لهم طريق الخروج من الأزمة، ويُبيّن لهم أن الجنة ثمنها غالٍ، لا يُنال إلا بالجهاد والصبر على المكاره:
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ".
وها هنا مفتاح رئيسي من أهم مفاتيح السورة التي تبين التوصية الكبرى في مواجهة الحربين
الصبر والثبات
وهذا هو ما يربط بين الجدال العميق أول السورة وبين غبار المعركة الدامي في آخرها؟
الصبر والثبات
سورة آل عمران هي بحقٍ سورة الثبات الشامل.
ثباتُ العقيدة أمام رياح الشك.
ثباتُ المنهج أمام إغراءات المساومة.
ثباتُ الأقدام في ساحة الوغى.
ثباتُ القلب أمام فتنة الدنيا وزخرفها.
ثباتُ الروح على طاعة الله ورسوله حتى في أحلك الظروف.
ثباتُ الأمة على الوحدة والاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة.
ثباتٌ في السراء بالشكر، وثباتٌ في الضراء بالصبر.
وبعد أن تنتهي الرحلة مع غزوة أحد والبيان والهدى والموعظة؛ نفاجأ بعودة أخرى فى خاتمة السورة لأهل الكتاب لكن هذه المرة مع اليـ.هـ.ود وشبهات من نوع آخر تتعلق بما يميز القوم
سوء الأدب مع الله
"لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ"
تسرد لنا السورة فى خاتمتها طرفا آخر لشبهاتهم وجولة أخيرة مع الحرب الفكرية التى كما أكدت مسارات السورة؛ هي الأخطر
مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ"
" وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"
تأمل في الآيات السابقة ومثيلاتها ستدرك أن المشترك هو التعليل
التوضيح
البيان وشرح الحكمة
ثم ستجد آيات فيها الهدى و التوجيه والإرشاد
ذلك ببيان أسباب الهزيمة والحلول المطروحة للخروج منها
"حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ"
"إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ"
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"
آيات تبين بوضوح إشكالات كبرى؛ إن وجدت كانت الهزائم وإن اجتنبت
ثم تأتي آيات الموعظة و المواساة و التخفيف عن المؤمنين المكلومين في إخوانهم الذي فقدوا
"وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
" وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً"
مواعظ تُواسي القلوب المكلومة، وتُجفف الدموع الحائرة، وتُبشر الشهداء بمنزلةٍ لا يفوقها إلا منزلة النبيين والصديقين
"وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"
كلماتٍ تُحوّل مرارة الهزيمة إلى حلاوة الاصطفاء، وتُبدّل الحزن فرحاً واستبشاراً!
وتستمر الموعظة..
"وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم"
وآيات أخرى كثيرة تحمل تلك المواساة الرقيقة التي تداوي قلوبا أدماها البلاء كما قدمت "بياناً للناس"، تُفسّر لهم سُنن الله في التداول بين الأمم، وفي حكمة الابتلاء بالشدائد. وقدمت لهم "هدى" يرسم لهم طريق الخروج من الأزمة، ويُبيّن لهم أن الجنة ثمنها غالٍ، لا يُنال إلا بالجهاد والصبر على المكاره:
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ".
وها هنا مفتاح رئيسي من أهم مفاتيح السورة التي تبين التوصية الكبرى في مواجهة الحربين
الصبر والثبات
وهذا هو ما يربط بين الجدال العميق أول السورة وبين غبار المعركة الدامي في آخرها؟
الصبر والثبات
سورة آل عمران هي بحقٍ سورة الثبات الشامل.
ثباتُ العقيدة أمام رياح الشك.
ثباتُ المنهج أمام إغراءات المساومة.
ثباتُ الأقدام في ساحة الوغى.
ثباتُ القلب أمام فتنة الدنيا وزخرفها.
ثباتُ الروح على طاعة الله ورسوله حتى في أحلك الظروف.
ثباتُ الأمة على الوحدة والاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة.
ثباتٌ في السراء بالشكر، وثباتٌ في الضراء بالصبر.
وبعد أن تنتهي الرحلة مع غزوة أحد والبيان والهدى والموعظة؛ نفاجأ بعودة أخرى فى خاتمة السورة لأهل الكتاب لكن هذه المرة مع اليـ.هـ.ود وشبهات من نوع آخر تتعلق بما يميز القوم
سوء الأدب مع الله
"لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ"
تسرد لنا السورة فى خاتمتها طرفا آخر لشبهاتهم وجولة أخيرة مع الحرب الفكرية التى كما أكدت مسارات السورة؛ هي الأخطر
❤4👍2