عودة من جديد إلى #ورد_القرآن_اليومي
والتفسير المختصر لسورة البقرة ووصلنا إلى الآية 233
والتفسير المختصر لسورة البقرة ووصلنا إلى الآية 233
❤6👍2
إن شاء الله نستأنف بعد قليل البث الأسبوعي ضمن مجالس التفسير والتدبر وبعد أن انتهينا بفضل الله من مجالس تدبر سورة البقرة نشرع اليوم بإذن الله في مقدمة عن الزهرة التالية من الزهراوين وسورة آل عمران
❤11👍3
الحلقة الصوتية 👆
المجلس الأول من مجالس تدبر سورة #آل_عمران
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/iy084lyYCeM?si=k1R9qvBLj1hs9qxg
المجلس الأول من مجالس تدبر سورة #آل_عمران
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/iy084lyYCeM?si=k1R9qvBLj1hs9qxg
YouTube
المجلس الأول من مجالس تدبر سورة آل عمران ll دكتور محمد علي يوسف ll #العودة_إلى_القرآن
❤9👍1
صورة جديدة وتريند آخر..
لا أعرف كيف يحدث الأمر بالضبط، لكنه يتكرر بنفس السيناريو كل مرة
أجلس في هدوءٍ نسبي، أحاول لملمة شتات أفكاري بعد يوم عملٍ طويل ومُرهق، أبحث عن لحظة صفاءٍ نادرة في هذا العالم الذي يصرخ بلا توقف.
ربما كنتُ أتأمل فنجان قهوتي التي بردت كالعادة، أو أحاول قراءة ما فاتني من أخبار الدنيا أو حتى أنهي شيئا من التزاماتي الكتابية
وفجأة، ودون سابق إنذار، يبدأ الهاتف بالاهتزاز والتنبيه بإلحاحٍ يشبه صافرات الإنذار.
ليس لخبرٍ جلل، ولا لكارثةٍ حلت، ولا لحدثٍ سيغير مجرى التاريخ...
لا ثمة شيء أخطر
"الأسطورة" قد ظهر بـ"طلّة" جديدة!
أجد نفسي غارقاً في بحرٍ من الإشعارات والصور ومقاطع الفيديو يرسلها الأصدقاء الأعزاء أو يشاركونها عبر الأثير على صفحاتهم الشخصية تندرا أو شجبا واعتراضا
وكلها تحمل وجهاً واحداً، وظاهرةً واحدة
الممثل المعتاد يثير الجدل في تريند آخر يجتاح العالم الافتراضي كجرادٍ رقميٍّ لا يُبقي ولا يذر.
صورةٌ جديدة له تنتشر بشكل سريع للغاية كالعادة
هل هو يقف هذه المرة بجوار طائرةٍ خاصة؟
هل يرتدي ساعةً مرصعةً بألماسٍ يكفي لإطعام قرية فقيرة لمدة عام؟
هل يستعرض عضلاته كالعادة بثياب رقيعة لا يرتديها غيره؟
هل يرمي دولاراته في الهواء بعد أن أغرقها يوما في الماء؟
التفاصيل لم تعد مهمة، يا صديقي.
النمط أصبح محفوظاً، ورد الفعل أصبح متوقعاً، والنتيجة واحدة: حالةٌ من الجدل العقيم، وموجةٌ من السخرية الممزوجة بالإعجاب الخفي (أو العلني أحياناً!)، ومزيدٌ من الشهرة لهذا الشاب الذي يبدو أنه اكتشف وصفةً سحرية للبقاء تحت الأضواء، حتى لو كانت هذه الأضواء كاشفةً لعورات فكره المنحرف
ذلك الشعور يتملكني من جديد
شعور بالاختناق يجثم على صدري حين ألحظ أن شيئاً تافهاً تماماً يفرض نفسه عليّ كأنه أمرٌ جلل،
قبل تأمل الصورة القبيحة كنت أعرف طبيعة "الحدث".
النمط المتكرر
و الضجيج الذي سيتبعه.
سيتناقلها الملايين،
سيحللها "خبراء" الموضة والسوشيال ميديا،
سيتعارك عليها المؤيدون والمعارضون في معارك افتراضية لا غالب فيها ولا مغلوب،
وستُستهلك ساعاتٌ ثمينة من أعمارنا في متابعة الـ"لا شيء" مُغلّف بالبريق والصدمة.
أتذكر ما كتبته عنه سابقاً
عن ذلك "الخواء" الذي أراه يقبع خلف كل هذا الاستعراض للقوة والثراء والتحدي.
ذلك الفراغ الروحي الذي لا تملؤه طائراتٌ خاصة ولا سياراتٌ فارهة ولا امتلاك القصور التي تسكنها أسوده ونموره ولا حتى هتافات الملايين التي تتجاهل أخلاقه وأفعاله وفضائحه كل مرة لتهلل له مع كل أغنية وكل مسلسل بل وكل مرور في الشارع .
كنتُ أظن يوما أن هذا الخواء هو ما يدفعه لتكرار نفس النغمة الطفولية عن "كيد الأعداء" و"أنه الملك"، كمحاولةٍ يائسة لإقناع نفسه قبل إقناع الآخرين بأنه سعيدٌ ومستقرٌ وراضٍ.
لكن يبدو أن الفراغ، حين يتعمق، يحتاج إلى صدماتٍ أكبر
إلى استفزازاتٍ أشد
ليُشعر صاحبه بأنه لا يزال موجوداً، بأنه لا يزال قادراً على إثارة ردود الأفعال، حتى لو كانت هذه الردود سلبيةً أو ساخرة. هل هذا الزي الجديد هو مجرد صرخةٍ أخرى من أعماق ذلك الفراغ؟ هل هو محاولةٌ لقول "انظروا إليّ! أنا أفعل ما لا يجرؤ عليه الآخرون!
أنا أكسر كل القواعد!"
ربما.
أنظر إلى الصورة – التي فرضت نفسها على يومي كضريبةٍ رقمية لابد من دفعها – وأشعر بذلك المزيج المعتاد الذي صار يصاحب ظهور هذا الشاب
لن أضع الصورة هذه المرة لشدة رقاعتها لكن أظن أن حالك كحالي شئت أم أبيت، سترغمك الخوارزميات اللعينة على إيذاء عينك بالنظر إليها!
ثم لعلك تجد في فمك ذلك الطعم الذي أجده
مزيجٌ من الأسى العميق، والدهشة المتجددة من قدرة الفراغ على اتخاذ أشكالٍ مبتكرة ومُربكة. السخرية المُرّة والملل
الأسى ليس عليه في الحقيقة فرغم اعتقادي أن ثمة مرض عميق فيما يفعله لكنه مرض اختياري يأبى كما هو واضح أن يعالج منه،
الأسى الأعمق هو على حالنا نحن.
على هذه السهولة المدهشة التي ننجرف بها وراء كل ما هو لامعٌ وفارغ.
على هذا الإصرار العجيب على تحويل الاستعراض الفجّ الذي يظهر مقصده لأي طفل رزق درجة من النباهة إلى "خبر" ذائع
تحويل التباهي الساذج إلى "مادة محمومة للنقاش".
أما السخرية فهي من هذا المشهد الذي يبدو كأنه مصممٌ خصيصاً لإثارة العواصف في فنجان السوشيال ميديا، و لإشعال حرائق الجدل التي يتغذى عليها هو وجمهوره ونقاده على حدٍ سواء.
السخرية من هذا العبث كله، عبث نستهلك فيه أوقاتنا وأعصابنا، كأننا ننتظر منه أن يُقدم لنا حلولا لمشاكلنا أو إجابةً لأزمات حياتنا.
ثم الملل
كل مرة تكرار نفس المشهد بتفاصيل مختلفة
نفس الاستعراض البائس
ثم نفس ردود الأفعال
كأننا نشاهد مسرحيةً هزلية رديئة أُجبرنا على المكث أمامها في العيد للمرة الألف لأن القنوات المحلية المحدودة في التسعينات وأول الألفينات لم تكن تعرض غيرها
لا أعرف كيف يحدث الأمر بالضبط، لكنه يتكرر بنفس السيناريو كل مرة
أجلس في هدوءٍ نسبي، أحاول لملمة شتات أفكاري بعد يوم عملٍ طويل ومُرهق، أبحث عن لحظة صفاءٍ نادرة في هذا العالم الذي يصرخ بلا توقف.
ربما كنتُ أتأمل فنجان قهوتي التي بردت كالعادة، أو أحاول قراءة ما فاتني من أخبار الدنيا أو حتى أنهي شيئا من التزاماتي الكتابية
وفجأة، ودون سابق إنذار، يبدأ الهاتف بالاهتزاز والتنبيه بإلحاحٍ يشبه صافرات الإنذار.
ليس لخبرٍ جلل، ولا لكارثةٍ حلت، ولا لحدثٍ سيغير مجرى التاريخ...
لا ثمة شيء أخطر
"الأسطورة" قد ظهر بـ"طلّة" جديدة!
أجد نفسي غارقاً في بحرٍ من الإشعارات والصور ومقاطع الفيديو يرسلها الأصدقاء الأعزاء أو يشاركونها عبر الأثير على صفحاتهم الشخصية تندرا أو شجبا واعتراضا
وكلها تحمل وجهاً واحداً، وظاهرةً واحدة
الممثل المعتاد يثير الجدل في تريند آخر يجتاح العالم الافتراضي كجرادٍ رقميٍّ لا يُبقي ولا يذر.
صورةٌ جديدة له تنتشر بشكل سريع للغاية كالعادة
هل هو يقف هذه المرة بجوار طائرةٍ خاصة؟
هل يرتدي ساعةً مرصعةً بألماسٍ يكفي لإطعام قرية فقيرة لمدة عام؟
هل يستعرض عضلاته كالعادة بثياب رقيعة لا يرتديها غيره؟
هل يرمي دولاراته في الهواء بعد أن أغرقها يوما في الماء؟
التفاصيل لم تعد مهمة، يا صديقي.
النمط أصبح محفوظاً، ورد الفعل أصبح متوقعاً، والنتيجة واحدة: حالةٌ من الجدل العقيم، وموجةٌ من السخرية الممزوجة بالإعجاب الخفي (أو العلني أحياناً!)، ومزيدٌ من الشهرة لهذا الشاب الذي يبدو أنه اكتشف وصفةً سحرية للبقاء تحت الأضواء، حتى لو كانت هذه الأضواء كاشفةً لعورات فكره المنحرف
ذلك الشعور يتملكني من جديد
شعور بالاختناق يجثم على صدري حين ألحظ أن شيئاً تافهاً تماماً يفرض نفسه عليّ كأنه أمرٌ جلل،
قبل تأمل الصورة القبيحة كنت أعرف طبيعة "الحدث".
النمط المتكرر
و الضجيج الذي سيتبعه.
سيتناقلها الملايين،
سيحللها "خبراء" الموضة والسوشيال ميديا،
سيتعارك عليها المؤيدون والمعارضون في معارك افتراضية لا غالب فيها ولا مغلوب،
وستُستهلك ساعاتٌ ثمينة من أعمارنا في متابعة الـ"لا شيء" مُغلّف بالبريق والصدمة.
أتذكر ما كتبته عنه سابقاً
عن ذلك "الخواء" الذي أراه يقبع خلف كل هذا الاستعراض للقوة والثراء والتحدي.
ذلك الفراغ الروحي الذي لا تملؤه طائراتٌ خاصة ولا سياراتٌ فارهة ولا امتلاك القصور التي تسكنها أسوده ونموره ولا حتى هتافات الملايين التي تتجاهل أخلاقه وأفعاله وفضائحه كل مرة لتهلل له مع كل أغنية وكل مسلسل بل وكل مرور في الشارع .
كنتُ أظن يوما أن هذا الخواء هو ما يدفعه لتكرار نفس النغمة الطفولية عن "كيد الأعداء" و"أنه الملك"، كمحاولةٍ يائسة لإقناع نفسه قبل إقناع الآخرين بأنه سعيدٌ ومستقرٌ وراضٍ.
لكن يبدو أن الفراغ، حين يتعمق، يحتاج إلى صدماتٍ أكبر
إلى استفزازاتٍ أشد
ليُشعر صاحبه بأنه لا يزال موجوداً، بأنه لا يزال قادراً على إثارة ردود الأفعال، حتى لو كانت هذه الردود سلبيةً أو ساخرة. هل هذا الزي الجديد هو مجرد صرخةٍ أخرى من أعماق ذلك الفراغ؟ هل هو محاولةٌ لقول "انظروا إليّ! أنا أفعل ما لا يجرؤ عليه الآخرون!
أنا أكسر كل القواعد!"
ربما.
أنظر إلى الصورة – التي فرضت نفسها على يومي كضريبةٍ رقمية لابد من دفعها – وأشعر بذلك المزيج المعتاد الذي صار يصاحب ظهور هذا الشاب
لن أضع الصورة هذه المرة لشدة رقاعتها لكن أظن أن حالك كحالي شئت أم أبيت، سترغمك الخوارزميات اللعينة على إيذاء عينك بالنظر إليها!
ثم لعلك تجد في فمك ذلك الطعم الذي أجده
مزيجٌ من الأسى العميق، والدهشة المتجددة من قدرة الفراغ على اتخاذ أشكالٍ مبتكرة ومُربكة. السخرية المُرّة والملل
الأسى ليس عليه في الحقيقة فرغم اعتقادي أن ثمة مرض عميق فيما يفعله لكنه مرض اختياري يأبى كما هو واضح أن يعالج منه،
الأسى الأعمق هو على حالنا نحن.
على هذه السهولة المدهشة التي ننجرف بها وراء كل ما هو لامعٌ وفارغ.
على هذا الإصرار العجيب على تحويل الاستعراض الفجّ الذي يظهر مقصده لأي طفل رزق درجة من النباهة إلى "خبر" ذائع
تحويل التباهي الساذج إلى "مادة محمومة للنقاش".
أما السخرية فهي من هذا المشهد الذي يبدو كأنه مصممٌ خصيصاً لإثارة العواصف في فنجان السوشيال ميديا، و لإشعال حرائق الجدل التي يتغذى عليها هو وجمهوره ونقاده على حدٍ سواء.
السخرية من هذا العبث كله، عبث نستهلك فيه أوقاتنا وأعصابنا، كأننا ننتظر منه أن يُقدم لنا حلولا لمشاكلنا أو إجابةً لأزمات حياتنا.
ثم الملل
كل مرة تكرار نفس المشهد بتفاصيل مختلفة
نفس الاستعراض البائس
ثم نفس ردود الأفعال
كأننا نشاهد مسرحيةً هزلية رديئة أُجبرنا على المكث أمامها في العيد للمرة الألف لأن القنوات المحلية المحدودة في التسعينات وأول الألفينات لم تكن تعرض غيرها
👍17❤6👏4
لكن انتظر لحظة... هذه الصورة مختلفة
هذا الزيّ
وهذا الاستعراض
والمكان نفسه والدولة التي تستضيفه
الفعل الفردي لم يعد يُدهشني لشخصٍ يتحرق شوقا للأضواء و الشهرة أو بأي ثمن والذي يذكرني بذلك الملك الذي أقام مسابقة لمن يتحفه بثوب مختلف مميز يرتديه فأقنعه خياطان محتالان بأنهما سيصنعان له ملابس سحرية لا يراها إلا الأذكياء والمخلصون لمنصبهم.
ثم سار الملك عارياً في موكبه، والجميع يُصفقون ويهللون لجمال "الملابس الوهمية" خوفاً من أن يُتهموا بالغباء أو الخيانة، حتى صرخ طفلٌ ببراءة: "الملك عارٍ!".
الحقيقة أن صرخة هذا الطفل على رمزيتها هي ببساطة صرخة الفطرة التي لا يدنسها فقط فعل ( نمبر 1) وإن كان له دور
ولكن يساعد في تدنيسها ذلك التناول المفرط لها وتلك المشاركة اللاشعورية في نشره حتى يحدث الاعتياد والإلف
أعرف أنك ربما ستقول ها أنت أيضا شاركت بمقال طويل وخضت مع الخائضين الذين تنتقد خوضهم
حسنا سأقبل نصيحتك مفترضا أنها نصيحة لا مزايدة لكن سأفعل ذلك بينما أذكرك انني رغم كوني مقلا جدا في التعليق على مثل تلك الأشياء إلا أنها زفرة ألم خرجت من صدري إلى كلمات حرصت ألا أذكر فيها الاسم ولا أن أضع الصورة البشعة
وربما يمكنك اعتبار ما فات كله نقد للذات ألوم فيه نفسي
وما أبرئها
هذا الزيّ
وهذا الاستعراض
والمكان نفسه والدولة التي تستضيفه
الفعل الفردي لم يعد يُدهشني لشخصٍ يتحرق شوقا للأضواء و الشهرة أو بأي ثمن والذي يذكرني بذلك الملك الذي أقام مسابقة لمن يتحفه بثوب مختلف مميز يرتديه فأقنعه خياطان محتالان بأنهما سيصنعان له ملابس سحرية لا يراها إلا الأذكياء والمخلصون لمنصبهم.
ثم سار الملك عارياً في موكبه، والجميع يُصفقون ويهللون لجمال "الملابس الوهمية" خوفاً من أن يُتهموا بالغباء أو الخيانة، حتى صرخ طفلٌ ببراءة: "الملك عارٍ!".
الحقيقة أن صرخة هذا الطفل على رمزيتها هي ببساطة صرخة الفطرة التي لا يدنسها فقط فعل ( نمبر 1) وإن كان له دور
ولكن يساعد في تدنيسها ذلك التناول المفرط لها وتلك المشاركة اللاشعورية في نشره حتى يحدث الاعتياد والإلف
أعرف أنك ربما ستقول ها أنت أيضا شاركت بمقال طويل وخضت مع الخائضين الذين تنتقد خوضهم
حسنا سأقبل نصيحتك مفترضا أنها نصيحة لا مزايدة لكن سأفعل ذلك بينما أذكرك انني رغم كوني مقلا جدا في التعليق على مثل تلك الأشياء إلا أنها زفرة ألم خرجت من صدري إلى كلمات حرصت ألا أذكر فيها الاسم ولا أن أضع الصورة البشعة
وربما يمكنك اعتبار ما فات كله نقد للذات ألوم فيه نفسي
وما أبرئها
👍30😢6❤3
الحلقة الصوتية 👆
لا يخفى عليه شيء
المجلس الثاني من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 1 إلي 6
#العودة_إلى_القرآن
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/430lwXpbGCA?si=FJjlpgkvCPoL8CHr
لا يخفى عليه شيء
المجلس الثاني من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 1 إلي 6
#العودة_إلى_القرآن
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/430lwXpbGCA?si=FJjlpgkvCPoL8CHr
YouTube
لا يخفى عليه شيءll دكتور محمد علي يوسفll تدبر سورة #آل_عمران 2 ll الآيات من1 إلي6 #العودة_إلى_القرآن
لا يخفى عليه شيء
المجلس الثاني من مجالس تدبر سورة #آل_عمران 2
#العودة_إلى_القرآن
المجلس الثاني من مجالس تدبر سورة #آل_عمران 2
#العودة_إلى_القرآن
❤6👍2
بعد يوم عمل طويل في مهنة تدور أحداثها في سنتيمترات محدودة - بل في أجزاء من المليميتر - قررت تناول عبوة من الشيكولاتة الداكنة كنوع من مكافأة النفس
وكعادتي مؤخرا أحاول الالتزام بحد أقصى للسعرات والمكونات الصحية فقلبت العبوة لأقرأ المعلومات المطبوعة على ظهرها..
تلك المعلومات التي تخبرك كم ملعقة سكر ستصب في دمك دون أن تدري ولأعرف على الأقل عدد السعرات التي ستحويها هذه المكافأة
وهنا كانت المفاجأة
ولقد كانت محزنة
لم أكد أتبين حرفا او رقما من المكتوب على ظهر العبوة
كنت دائما طوال عمري مستريحا إلى نظري (الستة على ستة) كما يقولون
لم أعان يوما بفضل الله من تبين التفاصيل عن بعد أو قرب
لم تعضلني قراءة نشرة دواء مكتوبة بذلك الخط الدقيق الذي يبدو كطلاسم السحرة ودون الحاجة لتقطيب الجبين.
غاية ما في الأمر بعد سنوات الدراسة القاسية أن أصابني بعد (الاستيجماتيزم) واحتجت لنظارة طبية بسيطة لأحافظ على حالة عيناي كيلا تتدهور أكثر
الآن تشعر تلك العينان بإرهاق غريب لم تعهده وصعوبة متزايدة في قراءة تلك المكونات الدقيقة
لأول وهلة أرجعت الأمر إلى الإرهاق
أو ربما لضعف الإضاءة
أو لعل هذه العبوة قد بالغ منتجوها في تصغير الكتابة كمؤامرة أخرى على نفسيتي التي لم يكن ينقصها إلا هذا!
فكرت في كل الاحتمالات إلا الاحتمال الحقيقي الذي كان يتربص بي في الظل.
لكن الأمر تكرر
مرة بعد مرة لاحظت أنني لم أعد أستطيع القراءة لفترة طويلة
لافتات الطرق صارت بعض تفاصيلها تفوتني إذا كانت بخط أصغر
بل لقد احتجت لتكبير حجم الخط قليلا في هاتفي ولاحظت أنني صرت أبعده شيئا فشيئا عن عيني لأقرأ بشكل أسهل
ماذا يحدث؟
ما الذي أصابني؟
هنا جاءت لحظة الحقيقة حين قابلت زميلا عزيزا في المستشفى أثناء يوم عمل عادي
أظنك توقعت تخصصه
نعم هو استشاري رمد يقع باب قسمه أمام باب قسمنا مباشرة
أخبرته بملحوظاتي الأخيرة بلا مبالاة مفتعلة وكأن الأمر عادي وهو مجرد تساؤل عابر؛ فكانت تلك النظرة
نظرة ذات مغزى وكأنه قد شخص المشكلة كعادة الخبراء ثم طلب مني بتهذيب أن أدلف إلى قسمهم المتخم بأجهزة غير مطمئنة
أخضعني لبعض الفحوص لم أتعرض لمثلها منذ عقود ثم نظر بتمعن في الأوراق والتقارير التي خرجت منها ثم طلب مني أن يتفحص قاع العين؛ بعدها ألقى سؤاله ببساطة قاطعة كحد السيف: "تجاوزت الأربعين، أليس كذلك؟".
أشرت إلى الشيب الذي يملأ رأسي ولحيتي وأجبته مبتسما: هل حقا تحتاج إلى إجابة مع هذا المشهد الواضح؟ جاوزتها يا عزيزي بخمسة أعوام
بادلني زميلي الابتسامة بطريقة تشي أنه قد رأى هذه الحالة ألف مرة، وقال كلمته بمباشرة وبغير تجميل : "وكيف تتوقع أن ترى الأشياء القريبة بوضوح دون نظارة قراءة؟".
نظارة قراءة؟!
أنا؟!
صاحب النظر الستة على ستة؟!
أنا أرتدي تلك النظارة التي يرتديها أبي حفظه الله حين يقرأ في كتبه وتحرص عليها أمي إذا ارادت تصفح جروب العائلة على الواتس؟
شعرتُ بالإهانة للحظة لكن تذكرت أنني طبيب وأن الرجل لم يتفوه بأي شيء يعد إهانة وما جاوز المهنية قط وليس ذنبه أنني قد كبرت
أردتُ أن أجادله..
أن أبحث عن سبب آخر
أن أعيد اتهام الإرهاق أو مؤامرة المطابع على الأغلفة والتي صغرت الخط لتستهدف نفسيتي لكنني ذكرت نفسي أن أكون أعقل من ذلك..
وجه الطبيب الحاسم نبأني أيضا أنه لن يغير رأيه أبدا..
خرجتُ من عيادة الرمد وفي جيبي وصفة طبية تمتليء بالقطرات التي لم أعهدها ومعها مقياس نظر لأذهب به إلى محل البصريات كي يتحفني بنظارة القراءة المطلوبة
في قلبي شعور غريب بالهزيمة.
هزيمة أمام شيء حتمي لا يقبل التفاوض...
الزمن.
في اليوم التالي استلمت النظارة السميكة التي لا تقارن بنظارتي السابقة الخفيفة الأنيقة
و حين ارتديتها لأول مرة كانت المفاجأة الثانية.
كل شيء صار مختلفا
الحروف التي كانت مزيجا مختلطا أصبحت واضحة متمايزة.
أرقام الساعة التي كنت أعاني في تبينها صارت جلية
والأجمل أن محيط الرؤية في مجال عملي قد اتسع وصار أيضا أوضح وأجمل
ما كل هذه التفاصيل التي كانت تخفى عليّ؟!
كل شيء عاد إلى الحياة كما كان من قبل وبصورة لم أدرك أصلا انني قد فقدتها
وكأنني كنتُ أمشي في ضباب كثيف طوال الفترة الماضية دون أن أدري.
أنا الذي كنتُ أظن أنني أرى، اكتشفتُ أنني لم أكن أرى جيداً على الإطلاق!
كان هذا الاعتراف قاسياً
لقد كبرتُ. لم يعد جسدي هو نفسه، ولم تعد حواسي بتلك الحدة التي كنت أظنها!
.
الزمن، ذلك النهر الجاري الذي لا يتوقف، لم يكتفِ بحمل أيامنا وشهورنا معه بعيداً، بل بدأ يضع بصماته الواضحة على جسدي، بصمات لا يمكنني تجاهلها أو تجميلها.
وهذه النظارة الجديدة، ليست مجرد أداةٍ لتصحيح عيبٍ بصري، بل هي أشبه بعدسةٍ جديدة أرى بها العالم، وتُجبرني على رؤية نفسي بشكلٍ مختلف..
وكعادتي مؤخرا أحاول الالتزام بحد أقصى للسعرات والمكونات الصحية فقلبت العبوة لأقرأ المعلومات المطبوعة على ظهرها..
تلك المعلومات التي تخبرك كم ملعقة سكر ستصب في دمك دون أن تدري ولأعرف على الأقل عدد السعرات التي ستحويها هذه المكافأة
وهنا كانت المفاجأة
ولقد كانت محزنة
لم أكد أتبين حرفا او رقما من المكتوب على ظهر العبوة
كنت دائما طوال عمري مستريحا إلى نظري (الستة على ستة) كما يقولون
لم أعان يوما بفضل الله من تبين التفاصيل عن بعد أو قرب
لم تعضلني قراءة نشرة دواء مكتوبة بذلك الخط الدقيق الذي يبدو كطلاسم السحرة ودون الحاجة لتقطيب الجبين.
غاية ما في الأمر بعد سنوات الدراسة القاسية أن أصابني بعد (الاستيجماتيزم) واحتجت لنظارة طبية بسيطة لأحافظ على حالة عيناي كيلا تتدهور أكثر
الآن تشعر تلك العينان بإرهاق غريب لم تعهده وصعوبة متزايدة في قراءة تلك المكونات الدقيقة
لأول وهلة أرجعت الأمر إلى الإرهاق
أو ربما لضعف الإضاءة
أو لعل هذه العبوة قد بالغ منتجوها في تصغير الكتابة كمؤامرة أخرى على نفسيتي التي لم يكن ينقصها إلا هذا!
فكرت في كل الاحتمالات إلا الاحتمال الحقيقي الذي كان يتربص بي في الظل.
لكن الأمر تكرر
مرة بعد مرة لاحظت أنني لم أعد أستطيع القراءة لفترة طويلة
لافتات الطرق صارت بعض تفاصيلها تفوتني إذا كانت بخط أصغر
بل لقد احتجت لتكبير حجم الخط قليلا في هاتفي ولاحظت أنني صرت أبعده شيئا فشيئا عن عيني لأقرأ بشكل أسهل
ماذا يحدث؟
ما الذي أصابني؟
هنا جاءت لحظة الحقيقة حين قابلت زميلا عزيزا في المستشفى أثناء يوم عمل عادي
أظنك توقعت تخصصه
نعم هو استشاري رمد يقع باب قسمه أمام باب قسمنا مباشرة
أخبرته بملحوظاتي الأخيرة بلا مبالاة مفتعلة وكأن الأمر عادي وهو مجرد تساؤل عابر؛ فكانت تلك النظرة
نظرة ذات مغزى وكأنه قد شخص المشكلة كعادة الخبراء ثم طلب مني بتهذيب أن أدلف إلى قسمهم المتخم بأجهزة غير مطمئنة
أخضعني لبعض الفحوص لم أتعرض لمثلها منذ عقود ثم نظر بتمعن في الأوراق والتقارير التي خرجت منها ثم طلب مني أن يتفحص قاع العين؛ بعدها ألقى سؤاله ببساطة قاطعة كحد السيف: "تجاوزت الأربعين، أليس كذلك؟".
أشرت إلى الشيب الذي يملأ رأسي ولحيتي وأجبته مبتسما: هل حقا تحتاج إلى إجابة مع هذا المشهد الواضح؟ جاوزتها يا عزيزي بخمسة أعوام
بادلني زميلي الابتسامة بطريقة تشي أنه قد رأى هذه الحالة ألف مرة، وقال كلمته بمباشرة وبغير تجميل : "وكيف تتوقع أن ترى الأشياء القريبة بوضوح دون نظارة قراءة؟".
نظارة قراءة؟!
أنا؟!
صاحب النظر الستة على ستة؟!
أنا أرتدي تلك النظارة التي يرتديها أبي حفظه الله حين يقرأ في كتبه وتحرص عليها أمي إذا ارادت تصفح جروب العائلة على الواتس؟
شعرتُ بالإهانة للحظة لكن تذكرت أنني طبيب وأن الرجل لم يتفوه بأي شيء يعد إهانة وما جاوز المهنية قط وليس ذنبه أنني قد كبرت
أردتُ أن أجادله..
أن أبحث عن سبب آخر
أن أعيد اتهام الإرهاق أو مؤامرة المطابع على الأغلفة والتي صغرت الخط لتستهدف نفسيتي لكنني ذكرت نفسي أن أكون أعقل من ذلك..
وجه الطبيب الحاسم نبأني أيضا أنه لن يغير رأيه أبدا..
خرجتُ من عيادة الرمد وفي جيبي وصفة طبية تمتليء بالقطرات التي لم أعهدها ومعها مقياس نظر لأذهب به إلى محل البصريات كي يتحفني بنظارة القراءة المطلوبة
في قلبي شعور غريب بالهزيمة.
هزيمة أمام شيء حتمي لا يقبل التفاوض...
الزمن.
في اليوم التالي استلمت النظارة السميكة التي لا تقارن بنظارتي السابقة الخفيفة الأنيقة
و حين ارتديتها لأول مرة كانت المفاجأة الثانية.
كل شيء صار مختلفا
الحروف التي كانت مزيجا مختلطا أصبحت واضحة متمايزة.
أرقام الساعة التي كنت أعاني في تبينها صارت جلية
والأجمل أن محيط الرؤية في مجال عملي قد اتسع وصار أيضا أوضح وأجمل
ما كل هذه التفاصيل التي كانت تخفى عليّ؟!
كل شيء عاد إلى الحياة كما كان من قبل وبصورة لم أدرك أصلا انني قد فقدتها
وكأنني كنتُ أمشي في ضباب كثيف طوال الفترة الماضية دون أن أدري.
أنا الذي كنتُ أظن أنني أرى، اكتشفتُ أنني لم أكن أرى جيداً على الإطلاق!
كان هذا الاعتراف قاسياً
لقد كبرتُ. لم يعد جسدي هو نفسه، ولم تعد حواسي بتلك الحدة التي كنت أظنها!
.
الزمن، ذلك النهر الجاري الذي لا يتوقف، لم يكتفِ بحمل أيامنا وشهورنا معه بعيداً، بل بدأ يضع بصماته الواضحة على جسدي، بصمات لا يمكنني تجاهلها أو تجميلها.
وهذه النظارة الجديدة، ليست مجرد أداةٍ لتصحيح عيبٍ بصري، بل هي أشبه بعدسةٍ جديدة أرى بها العالم، وتُجبرني على رؤية نفسي بشكلٍ مختلف..
❤14👍9😢2
كأنها همسةٌ من الغيب تُنبئني بأن فصلاً قد انطوى، وفصلاً آخر قد بدأ للتو.
حين ارتديتها وعاد الوضوح إلى عالمي كأن غبار سنينٍ قد انقشع عن نافذةٍ كنتُ أنظر منها دون أن أدري أنها غير صافية؛ لم يكن شعوري مجرد ارتياح.
ذلك المزيج الذي يتركه مرور الزمن في النفس
طعمٌ حلوٌ ومُرٌّ معاً.
حلاوةُ استعادة شيءٍ ظنناه مفقوداً، ومرارةُ الإدراك بأن ما مضى لن يعود كما كان.
إنها تلك اللحظة التي تلمس فيها ندبةً قديمة، فتتذكر الجرح، ولكنك تبتسم لأنك نجوت.
هذه النظارة بوضوحها القاسي أحياناً تُجبرك على رؤية الأشياء كما هي، لا كما تتمنى.
تُريك خطوط الزمن على وجهك في المرآة، وتُريك الحروف الصغيرة التي كنت تتجاهلها على أغلفة الحياة.
تُعيدك إلى أرض الواقع وتُذكرك بأنك لست بطلا خارقا بل مجرد إنسانٍ تسري عليه سُنن الكون و يجري به العمر كما يجري النهر نحو مصبه..
وهنا بدأت الأسئلة المزعجة في الظهور.
إذا كانت عيناي رأسي تحتاجان إلى مساعدة لترى بوضوح ما هو أمامها مباشرة فماذا عن عين البصيرة؟
كم من "الضباب" كان يغطي رؤيتي
كم من "التفاصيل الدقيقة" تجاهلتها مطمئنا إلى أن "الرؤية لا تزال جيدة" وأن "الوقت لا يزال مبكراً"؟
وكم من عدسات أخرى غير مرئية ولا ملموسة قد ارتديتها أحيانا وأحيانا أخرى أبيت أن أرتديها بينما كان لابد أن أفعل؟
تلك العدسات التي نُشكّلها من قناعاتنا المسبقة، وأهوائنا، وتحيزاتنا، وتجاربنا المحدودة، ثم ننظر من خلالها إلى العالم، وإلى الناس، وإلى الحقائق الكبرى، فنرى كل شيءٍ ملوناً بلونها، ونحن نظن أننا نرى الحقيقة المطلقة!
أو ربما لا نرتدي عدسات أصلا ولكن نصر أن نظرنا القاصر الذي يرى الأشياء مهتزة مشوشة هو الصواب المطلق والبصر الحاد ونتجاهل بصلف حقيقة احتياجنا لعدسات من الخبرة والعلم والتجرد
وربما نرتدي "نظارات سوداء قاتمة" زجاجها الكئيب مادته التشاؤم واليأس، فلا نرى في الحياة إلا القبح والمعاناة، وتعمى أعيننا عن كل جمالٍ أو أمل
ولعل نظارات تناقضها نضعها في أحيان أخرى
"نظارات وردية" سبكت من سذاجة ورومانسية حالمة تجعلنا نصر على السقوط في نفس الحفرة مراراً وتكراراً لأن عدساتنا الوردية خدعت رؤيتنا فأبصرناها على غير حقيقتها
توالت النظارات على ذهني باختلاف موادها وتوجيهاتها التي تفترق في كل شيء إلا شيء واحد
أنها تخالف الحقيقة التي ينبغي أن تُرى
يبدو أن ضعف البصر الذي أصابني مع تقدم العمر هو تذكير لطيف بأن كل حواسي وأدواتي قاصرة ومحدودة.
فلماذا أثق بها ثقة مطلقة كما كنت أثق بعيني التي اتضح أنها كانت أضعف مما تصورت؟
أليس الأولى بنا أن أسعى باستمرار لتنظيف هذه العدسات ولفحصها أو لخلعها أحياناً لعلي أبصر بشكل أفضل؟
لا مجال للمكابرة أو للخداع يا صديقي
لابد أن أعترف بهذه الحقائق التي قد تبدو كئيبة..
لكنها رغم ذلك تحوي وميضا آخر يشبه ذلك الذي تراه في عيون الأطفال حين يكتشفون شيئاً للمرة الأولى.
إن هذه العدسات الجديدة لا تُريك فقط ما كنتَ تعجز عن رؤيته بوضوح، بل ربما تُريك أيضاً ما كنتَ لا تراه أصلا بينما هو ماكث أمامك
ستجبرك الملحوظات الجديدة على إبطاء الخطى قليلا لترى مزيدا من تفاصيل الطريق بشكلٍ مختلف
ربما ستلحظ حينئذ ملامح مريحة كنت قد نسيتها في وجه من تحب
ولعلها ستريك نقشةٌ جميلة في سجادةٍ قديمة أعادت لك ذكرى اختلج لها قلبك
وربما ستنبهك إلى نظرة لوم أو دمعةٌ صامتة في عين صديق...
أشياءٌ كانت تضيع في زحمة الرؤية السريعة الشاملة المهزوزة لكنها الآن مع هذه الأداة الجديدة تتجلى بوضوحٍ أكبر..
وبجمالٍ أعمق...
لماذا إذا أنا غاضب من نظارتي السميكة؟
لماذا أبكي بصر الشباب الذي ولّى أو أحزن حين ألحظ بصمات الزمن على جسدي
لماذا لا أعتبر هذه "النظارة" بدايةً لرحلةٍ جديدة
رحلةٍ قد تكون أبطأ، لكن ربما تكون أعمق وأكثر وضوحا
وما دام القلب ينبض والنفس يتردد، فالقصة لم تنتهِ بعد.
الصفحات القادمة لم تزل بيضاء
ما أخطه فيها بحروف أراها بشكل أفضل
قد تكون الألوان أقل بريقاً مما كانت عليه لكن الظلال قد تحمل أبعادا لم أكن لأدركها
وقد تكون الخطوات أقل وثباً لكنها قد تكون أثبت وأكثر رسوخاً.
قد تكون القدرة على قراءة العناوين الكبيرة عن بعد قد ضعفت، لكن ربما ازدادت القدرة على قراءة ما بين السطور
أتراه محاولة لبث الأمل؟
ربما.. وماذا في هذا؟
هي ليست محاولة يائسة لمحو بصمات الزمن، بل يمكنك اعتبارها سعيا لإحسان التعامل مع ما تبقى من وقتٍ وعمر.
هو أمل في زراعة بذورٍ جديدة في أرض الروح
بذورٍ تنمو بهدوء وتؤتي أُكلها في أوانها.
لا داعي إذاً لأن أحدق في نظارتي بتلك النظرة الناقمة كعلامةٍ على الضعف بل فلأراها كشاهدٍ على رحلةٍ مستمرة، وكأداةٍ تُعينني على رؤية ما هو مهمٌ حقاً.
حين ارتديتها وعاد الوضوح إلى عالمي كأن غبار سنينٍ قد انقشع عن نافذةٍ كنتُ أنظر منها دون أن أدري أنها غير صافية؛ لم يكن شعوري مجرد ارتياح.
ذلك المزيج الذي يتركه مرور الزمن في النفس
طعمٌ حلوٌ ومُرٌّ معاً.
حلاوةُ استعادة شيءٍ ظنناه مفقوداً، ومرارةُ الإدراك بأن ما مضى لن يعود كما كان.
إنها تلك اللحظة التي تلمس فيها ندبةً قديمة، فتتذكر الجرح، ولكنك تبتسم لأنك نجوت.
هذه النظارة بوضوحها القاسي أحياناً تُجبرك على رؤية الأشياء كما هي، لا كما تتمنى.
تُريك خطوط الزمن على وجهك في المرآة، وتُريك الحروف الصغيرة التي كنت تتجاهلها على أغلفة الحياة.
تُعيدك إلى أرض الواقع وتُذكرك بأنك لست بطلا خارقا بل مجرد إنسانٍ تسري عليه سُنن الكون و يجري به العمر كما يجري النهر نحو مصبه..
وهنا بدأت الأسئلة المزعجة في الظهور.
إذا كانت عيناي رأسي تحتاجان إلى مساعدة لترى بوضوح ما هو أمامها مباشرة فماذا عن عين البصيرة؟
كم من "الضباب" كان يغطي رؤيتي
كم من "التفاصيل الدقيقة" تجاهلتها مطمئنا إلى أن "الرؤية لا تزال جيدة" وأن "الوقت لا يزال مبكراً"؟
وكم من عدسات أخرى غير مرئية ولا ملموسة قد ارتديتها أحيانا وأحيانا أخرى أبيت أن أرتديها بينما كان لابد أن أفعل؟
تلك العدسات التي نُشكّلها من قناعاتنا المسبقة، وأهوائنا، وتحيزاتنا، وتجاربنا المحدودة، ثم ننظر من خلالها إلى العالم، وإلى الناس، وإلى الحقائق الكبرى، فنرى كل شيءٍ ملوناً بلونها، ونحن نظن أننا نرى الحقيقة المطلقة!
أو ربما لا نرتدي عدسات أصلا ولكن نصر أن نظرنا القاصر الذي يرى الأشياء مهتزة مشوشة هو الصواب المطلق والبصر الحاد ونتجاهل بصلف حقيقة احتياجنا لعدسات من الخبرة والعلم والتجرد
وربما نرتدي "نظارات سوداء قاتمة" زجاجها الكئيب مادته التشاؤم واليأس، فلا نرى في الحياة إلا القبح والمعاناة، وتعمى أعيننا عن كل جمالٍ أو أمل
ولعل نظارات تناقضها نضعها في أحيان أخرى
"نظارات وردية" سبكت من سذاجة ورومانسية حالمة تجعلنا نصر على السقوط في نفس الحفرة مراراً وتكراراً لأن عدساتنا الوردية خدعت رؤيتنا فأبصرناها على غير حقيقتها
توالت النظارات على ذهني باختلاف موادها وتوجيهاتها التي تفترق في كل شيء إلا شيء واحد
أنها تخالف الحقيقة التي ينبغي أن تُرى
يبدو أن ضعف البصر الذي أصابني مع تقدم العمر هو تذكير لطيف بأن كل حواسي وأدواتي قاصرة ومحدودة.
فلماذا أثق بها ثقة مطلقة كما كنت أثق بعيني التي اتضح أنها كانت أضعف مما تصورت؟
أليس الأولى بنا أن أسعى باستمرار لتنظيف هذه العدسات ولفحصها أو لخلعها أحياناً لعلي أبصر بشكل أفضل؟
لا مجال للمكابرة أو للخداع يا صديقي
لابد أن أعترف بهذه الحقائق التي قد تبدو كئيبة..
لكنها رغم ذلك تحوي وميضا آخر يشبه ذلك الذي تراه في عيون الأطفال حين يكتشفون شيئاً للمرة الأولى.
إن هذه العدسات الجديدة لا تُريك فقط ما كنتَ تعجز عن رؤيته بوضوح، بل ربما تُريك أيضاً ما كنتَ لا تراه أصلا بينما هو ماكث أمامك
ستجبرك الملحوظات الجديدة على إبطاء الخطى قليلا لترى مزيدا من تفاصيل الطريق بشكلٍ مختلف
ربما ستلحظ حينئذ ملامح مريحة كنت قد نسيتها في وجه من تحب
ولعلها ستريك نقشةٌ جميلة في سجادةٍ قديمة أعادت لك ذكرى اختلج لها قلبك
وربما ستنبهك إلى نظرة لوم أو دمعةٌ صامتة في عين صديق...
أشياءٌ كانت تضيع في زحمة الرؤية السريعة الشاملة المهزوزة لكنها الآن مع هذه الأداة الجديدة تتجلى بوضوحٍ أكبر..
وبجمالٍ أعمق...
لماذا إذا أنا غاضب من نظارتي السميكة؟
لماذا أبكي بصر الشباب الذي ولّى أو أحزن حين ألحظ بصمات الزمن على جسدي
لماذا لا أعتبر هذه "النظارة" بدايةً لرحلةٍ جديدة
رحلةٍ قد تكون أبطأ، لكن ربما تكون أعمق وأكثر وضوحا
وما دام القلب ينبض والنفس يتردد، فالقصة لم تنتهِ بعد.
الصفحات القادمة لم تزل بيضاء
ما أخطه فيها بحروف أراها بشكل أفضل
قد تكون الألوان أقل بريقاً مما كانت عليه لكن الظلال قد تحمل أبعادا لم أكن لأدركها
وقد تكون الخطوات أقل وثباً لكنها قد تكون أثبت وأكثر رسوخاً.
قد تكون القدرة على قراءة العناوين الكبيرة عن بعد قد ضعفت، لكن ربما ازدادت القدرة على قراءة ما بين السطور
أتراه محاولة لبث الأمل؟
ربما.. وماذا في هذا؟
هي ليست محاولة يائسة لمحو بصمات الزمن، بل يمكنك اعتبارها سعيا لإحسان التعامل مع ما تبقى من وقتٍ وعمر.
هو أمل في زراعة بذورٍ جديدة في أرض الروح
بذورٍ تنمو بهدوء وتؤتي أُكلها في أوانها.
لا داعي إذاً لأن أحدق في نظارتي بتلك النظرة الناقمة كعلامةٍ على الضعف بل فلأراها كشاهدٍ على رحلةٍ مستمرة، وكأداةٍ تُعينني على رؤية ما هو مهمٌ حقاً.
❤20👍6
ولأستمتع بكل بتلك التفاصيل الصغيرة التي يكشفها لي هذا الوضوح الجديد فالرحلة، رغم كل شيء، لا تزال جديرة بأن تُعاش، وأن تُروى.
فلأرتدي نظارتي الجديدة ولأنطلق في هذا الفصل من حياتي بحذرٍ وخطى أهدأ وأبطأ
لكنها لا ينبغي أبدا أن تفتقر لأهم ما يضيء الطريق
لا تفتقر للأمل
فلأرتدي نظارتي الجديدة ولأنطلق في هذا الفصل من حياتي بحذرٍ وخطى أهدأ وأبطأ
لكنها لا ينبغي أبدا أن تفتقر لأهم ما يضيء الطريق
لا تفتقر للأمل
❤18👍7