Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
5895 - Telegram Web
Telegram Web
بعد صلاة العصر إن شاء الله وفي حدود الساعة الرابعة نستأنف مجلس التدبر الأسبوعي واللقاء الرابع بإذن الله تعالى من لقاءات تدبر سورة آل عمران
👍6🥰3👏2
الحلقة الصوتية 👆
فقل أسلمت وجهي لله..

المجلس الرابع من مجالس تدبر سورة آل عمران
الآيات من 18 إلي 25
#العودة_إلى_القرآن
رابط الحلقة على اليوتيوب 👇
https://youtu.be/jHZQIBLvdwo?si=GIn1pezWQ_9TuTva
8👍2
ساكنٌ غريبٌ يقيم في رأسي بعقد إيجار دائم (رغم اندثار تلك العقود)
ورغم إقامته الدائمة دون دفع إيجار فيبدو أنه لا توجد وسيلة واضحة لطرده
ورغم تطفله إلا إنه لا يقيم بأدبه ولكنه ساكنٌ ثرثار، متقلب المزاج، مزعج لا يكاد ينام أو ترهقه الثرثرة المستمرة
وهو يمتلك قدرة عجيبة على تغيير نبرته في كل مرة ومعها شخصيته أسرع من حرباء متمرسة.
أحياناً، يكون هذا الساكن ناقداً لاذعاً، يُشبه مُعلّقاً رياضياً متحمسا يُحلل كل حركةٍ أقوم بها، ويُصدر أحكاماً قاسية على أدائي في مباراة الحياة اليومية
"كان يجب أن تقول كذا!"
"لقد فشلتَ مرة أخرى!"
"أنت لا تصلح لشيء أبدا"
"يا ليتك لم تفعل كذا وكذا.."
وهكذا...
يستمر الساكن المتطفل في تبكيت دائم على ما يستحق وما لا يستحق
أحياناً أخرى، يتحول إلى مُشجعٍ مثابر يصيح بعبارات تشجيع محمسة
"ربما تستطيع فعلها؟"
"لا بأس، حاول مرة أخرى"
" ثق في نفسك وانفض عنك غبار اليأس".
تتوالى عباراته المشجعة وكأنه ساكن آخر يختلف عن الذي كان يبكتني منذ قليل
في أحيانٍ أخرى، يُفاجئني بصوتٍ حكيمٍ وهادئ، يُشبه صوت جدٍ عجوز يجلس بجانب المدفأة، يُلقي بحكمةٍ عابرة ثم يعود إلى صمته.
أهو هو؟ أم هم مجموعة متباينة تسكن رأسي؟
لست أدري..
من هو هذا الساكن الصاخب في جمجمتي؟
هل هو "أنا" الحقيقي؟
أم هو مجرد صدى لأصوات الآخرين وتوقعاتهم وانتقاداتهم التي تراكمت عبر السنين كأطنان غبار في منزل هُجر لعقود..

هل هو صوت الضمير الذي يحاول إرشادي؟
أم هو صوت النفس الأمارة بالسوء التي تسعى لإغوائي أو بث اليأس في روعي؟
أم ربما هو همس شيطاني الذي يجد متعةً في إثارة قلقي ومخاوفي أو يوقظ أحزاني كما نبأنا الله أن من مقاصده "ليَحزُنَ الذين آمنوا"؟
ربما هو شيء من ذلك
أو هو مزيجٌ من كل ذلك
ربما كل هؤلاء يصطرعون ليتناوب كل منهم على إمساك (الميكروفون) الداخلي في رأسي؟

ربما يكون ذلك هو أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين تحدث عن "لمَّة الملك" و"لمَّة الشيطان" في قلب ابن آدم. لمةٌ من الملك تُبشر بالخير وتُصدّق بالحق، ولمةٌ من العدو تعد بالشر وتُكذب بالحق.
"إن للشَّيطانِ للمَّةً بابنِ آدمَ ، ولِلمَلك لَمَّةٌ ، فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ فإيعادٌ بالشَّرِّ وتَكْذيبٌ بالحقِّ ، وأمَّا لمَّةُ الملَكِ فإيعادٌ بالخيرِ وتصديقٌ بالحقِّ . فمَن وجدَ ذلِكَ فليعلم أنَّهُ منَ اللَّهِ ، فليحمَدِ اللَّهَ ، ومن وجدَ الأخرى فليتعوَّذ منَ الشَّيطانِ . ثمَّ قرأَ : الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا"

حسنا... أعتقد أن هذا يفسر الكثير مما أجد من سكان رأسي
كأن هناك إذاعتين تبثان في ذات الوقت، لكن ما المعيار الذي يضبط أيّ الإذاعتين يرتفع صوتها وأيّها نخفضه أو نُغلقه تماماً.

لا أخفيك سرا؛ الأمر مُرهقٌ
تعيش مع هذا الصوت أكثر مما تعيش مع أي شخصٍ آخر
تستمع إليه أكثر مما تستمع لزوجتك أو أصدقائك
تتأثر به أكثر مما تتأثر بالتريندات أو بنشرات الأخبار.
هو يحاول جاهدا أن يُلون نظرتك للعالم..
يُوجه قراراتك..
يُفسد عليك لحظات صفائك..
ويُؤرقك في لياليك الطويلة.
قلت لك أنه ساكن مزعج لا يعرف آداب الجيرة
المفارقة أنني غالباً ما) أصدّقه
غالبا ما آخذ كلامه على محمل الجد، حتى لو كان مجرد هراءٍ أو وسوسة.
حين يبكتني الناقد اللاذع، أشعر بالدونية والفشل.
وحين يصيح المُشجع المتحمس، أنتشي وأسعد وأثق في قدراتي وأقدم بلا خوف
ثم يتحدث الحكيم فأتأمل كلامه وقد آخذ به أحيانا وقد أتجاهله في أحيان أخرى حيث يتطلب تنفيذ نصحه العاقل
جهداً وتغييراً قد لا أرغب في بذله فيه

أليس هذا غريباً؟
أن نُعطي كل هذه السلطة لصوتٍ مجهول الهوية يسكن في رؤوسنا؟
أن نجعله هو المُشرّع والمُقيّم والجلاد في محكمة ذاتنا الداخلية؟

المشكلة في رأيي ليست في وجود هذا الصوت، بل في كيفية تعاملنا معه.
هل نُسلّم له القيادة؟
أم نتعلم كيف نُميّز بين همساته المختلفة، ونُغربل ما يقول، ونأخذ منه ما هو حقٌ وخير، ونُعرض عن ما هو باطلٌ وشر؟
هل نتعلم كيف نُعلي صوت "لمّة الملك" صوت الفطرة والإيمان والعقل الراجح
صوت الحكمة والفأل الحسن
وهل نتعلم الضد ونُخفض صوت "لمة الشيطان"
صوت الهوى واليأس والوسوسة
الأمر بلا شك يتطلب تدريباً ومجاهدة.

يتطلب وقفاتٍ مع النفس، ولحظاتٍ من "الصمت" الاختياري نحاول فيها أن نُميّز بين الأصوات المتداخلة في رؤوسنا.

يتطلب استعانةً بالله، وذكراً دائماً، وقراءةً للقرآن بتدبر، وصحبةً صالحة تُعيننا على سماع صوت الحق بوضوح من الخارج لنطابقه ونقارنه بما نجد داخل رؤوسنا ونميز الفوارق
يتطلب كذلك أن نتوقف عن جلد الذات بناءً على تبكيت الساكن المزعج
أن نثق برحمة الله ومغفرته التي هي أوسع من كل أخطائنا وتقصيراتنا.
13👍7👏1
ربما لن يصمت هذا الساكن تماماً أبداً ما دمت حيا.
سيبقى هناك، يهمس أحيانا ويصيح أحيانا
ينتقد، و يشجع
يوسوس ويبث اليأس.
هل سأتعلم يوما كيف أتعامل معه؟
كيف أحاوره؟
كيف أنتقي من كلامه ما ينفعني، وكيف ألقي بالباقي في سلة المهملات؟
هل سأتمكن من تحويله من آمر بالسوء مُتحكم أو مزعج إلى مجرد جارٍ مطمئن يعرف حدوده ويلزم قواعده؟
أسئلة كثيرة هي.. أتمنى أن أوفق لإجابة صحيحة على كل منها
لكن إلى هذا الحين عليّ أن أتحمل ذلك الساكن الذي لا يكل ولا يمل ولا يسكت تقريبا حتى أثناء نومي حين يزاحمني أضغاث أحلامي
عليّ أن أتحمله لأنني لا أعرف سبيلا آخر للتعامل معه
فهل عرفت أنت كيف تتعامل مع ساكن رأسك؟
12👍5😢4
#ورد_القرآن_اليومي
الآيتان 253 و 254 من سورة البقرة
👍1
Forwarded from محمود مجاهد
3👍3
التلاوة
الإنسان يتمنى..
هذه حقيقة مطردة
في قلب كل منا أمنيات
تلك الهمسات التي تراود نفسك..
تحلم بها في يقظتك وتناجيها في منامك.
"يا ليتني"
تلك العبارة التي تتردد على ألسنتنا باستمرار وكأنها تعويذةٍ سحرية ستُغيّر واقعنا بضربة حظ.
"يا ليت.."
نقولها ثم نغرق في بحار تلك الأماني
نبني قصوراً من رمالها وننسى أن الرياح قد توجه أمواجها إلى غير ما تشتهي سفننا

في سورة النجم يقول ربنا ﷻ: "أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ؟ * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ".
تساؤل استنكاري يبين أن ليس كل ما تشتهيه نفسك ستدركه وليست كل أمنياتك لك إلا ما شاء الله في الدنيا والآخرة فكل منهما بيده وحده، وما يقع فيهما شيء إلا بمشيئته..
رسالة مباشرة مفادها: استيقظوا أيها الحالمون الذين تظنون أن الكون يسير وفق أهوائكم ورغباتكم
إن ملكوت الدنيا والآخرة بيد الله وحده، يُصرّفه كيف يشاء
يُعطي ويمنع بحكمة مدارها ليس على أمنياتكم ولكن على علمه الذي لا يحيط به مخلوق
"لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِه... الآية".
تصريح قرآني واضح
الأمنية وحدها لا تكفي...
الجنة سلعةٌ غالي لا تُنال بالأحلام الفارغة، بل بالإيمان والعمل الصالح
قيل أن هذه الآية نزلت تفنيدا لأمنية قالها أهل الكتاب:
"لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى"
ظنوا أن أمنياتهم كفيلة بنجاتهم.
فجاء الرد القرآني واضحا: لا مكان للأوهام هنا ولا للتمني العقيم، وأحلام اليقظةٍ أو الانتماءاتٍ الشكلية.
حسنا هذه قواعد يعرفها من له علاقة بالقرآن وتدبره
رغم ذلك تبقى الأمنيات وتقبع تلك الهمسات الدائمة في أركان عقولنا
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها
أصلح الخلق تمنوا
تكررت عبارة يا ليت أو ما يدل عليها في لحظات معينة من حياتهم
السيدة مريم العذراء، في قمة كربها ومخاضها، قالت: "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا".
لحظة ألمٍ بشريٍّ مفهوم، سرعان ما تغلّب عليها إيمانها وتسليمها لله.
حبيب النجار مؤمن سورة يٓس حين قتـ.له قومه وعاين الجنة، قال: "يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ".
والنبي صلى الله عليه وسلم، من شدة حبه لأمته، كاد يُبخع نفسه أسى على من لم يؤمن.
وفي طيات ذلك كانت أمنية
أمنية هداية لقومه
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين".
الأمنية إذا ليست على إطلاقها شيذا مذموما
ما ينبغي الالتفات إليه حقا هو طبيعة تلك الأمنيات وموافقتها لحال الإنسان وواقعه
والأهم...
موافقتها لمراد الله وما يرضيه
ليس كل ما يلمع في سماء الأمنيات هو نجمٌ يستحق أن ترنو إليه وترجو بلوغه
وليس كل ما تتمناه النفس هو بالضرورة خيرٌ لها
بعض الأمنيات قد تكون سراباً خادعاً، أو فخاً مُزيناً، أو حتى قطاراً قد فات بينما لا زال المتمني على رصيف الانتظار غير مدرك أنها صارت أمنية مستحيلة
لن أطيل النفس في ذكر الأمنيات الخبيثة التي تنبعث من قلوبٍ أظلمها الحقد أو الكفر، كتلك التي يصفها القرآن: "أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ"
أمنيات الذين يريدون أن يطفئوا نور الله..
أن يكيدوا للحق وأهله فمكر أولئك يحيق بهم وهو يبور كما أمنياتهم التي ترتدّ خاسئة على أعقابهم.
هذه أمنياتٌ لا تستحق إلا الخيبة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
لكن ثمة أمنيات أخرى خادعة يقع فيها من يغفل عن حقيقتها
الذين يريدون الحياة الدنيا من قوم قارون؛ ضرب الله بهم مثلا في إحدى تلك الأنواع من الأمنيات الخادعة
حين خرج عليهم قارون في زينته، فقال الذين يريدون الحياة الدنيا: "يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون"
ها هي الأمنية واضحة
يا ليت لنا مثله
وتمنوا زينته وقيموا حاله من خلال ماله "إنه لذو حظ عظيم"
فلما تبين لهم مصيره و خسف الله به وبداره الأرض اتضح لهم أن أمنيتهم كانت حقيرة
أمنية قصرت النظر على بريق الدنيا، وأغفلت الآخرة التي يجعلها الله فقط للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا وواضح أن قارون لم يكن من هؤلاء
لكن هذا دأب كثير من أمنيات الدنيا
تقوم فقط على الزينة الظاهرة
ثم نأتي للأماني الأخطر في نظري..
ثلة من الأمنيات أحب أن أسميها الأمنيات المستحيلة
أو إن شئت فسمها "الأمنيات المتأخرة"
تلك التي تأتي بعد فوات الأوان كتنهيدةٍ حارقة تخرج من صدرٍ أدرك الحقيقة متأخراً.
تأمل ذلك المشهد الرهيب يوم القيامة، حين يقف الكافر أمام حسابه ويصرخ: "يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا"
أو حين ينظر المجرم إلى صحيفته السوداء ويندب حظه: "يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي"
8👍8
او حين يتلقى كتابه بشماله فيقول "یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُوتَ كِتَـٰبِیَهۡ () وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِیَهۡ () یَـٰلَیۡتَهَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِیَةَ"
تتكرر "يا ليت"
ويا لها من "يا ليت" موجعة!
"ليت" التي لا تُعيد ما فات، ولا تُصلح ما انكسر.
" وَیَوۡمَ یَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ یَدَیۡهِ یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِیلࣰا"
تأخرت كثيرا
عض بحسرة كما شئت فأمنيتك جاءت متأخرة بعد أن اخترت فلانا خليلا
ماذا؟
لديك ليت أخرى؟
" یَـٰوَیۡلَتَىٰ لَیۡتَنِی لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِیلࣰا"
للأسف لا فائدة إلا الألم
الأمنيات المتأخرة دائما أشد إيلاما
صيحات الندم التي لا تجدي، لأن الوقت قد مضى.
"وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ وُقِفُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُوا۟ یَـٰلَیۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"
في هذا المشهد الختامي وهم يعاينون النار تستمر الأماني
لكن الرد الصاعق يأتي بعدها مبينا أنها مجرد وهم
أماني كاذبة
" بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا۟ یُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّوا۟ لَعَادُوا۟ لِمَا نُهُوا۟ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ"

تلك الثلة من الأمنيات لو تأملت مفرداتها ستجد أصلها طيب فما الذي حولها إلى حسراتٍ متأخرة وأمنيات مستحيلة
ما هو ذلك الفيروس الذي يُصيب الإرادة ويعطل ترجمة هذه الأمنيات إلى واقع؟
"التسويف"
ذلك السجن الذي نبنيه بأيدينا من قضبان "سوف" و"غداً" و"لاحقاً"، ونُحكم إغلاقه بـ"الأمل الطويل" الكاذب.
كم من مرةً تمنيت أمنية مشروطة بوقت؟
"غداً سوف أتوب"
"غداً سوف أبدأ بحفظ القرآن"
"غداً سوف أصل رحمي"
"غداً سوف أصفي ما بيني وبين فلان"
"غداً" و"سوف"
لصوص الأعمار
قاطعو طريق السالكين إلى الله.
نُظل نُمني أنفسنا بـ"غدٍ" أفضل، حتى يأتي "غدُ" الموت فجأة، فنصرخ بأمنية أخرى مستحيلة:
"رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ"
. لكن هيهات!
يأتي الجواب حاسما:" كلا إنها كلمة هو قائلها ومن وارائهم برزخ إلى يوم يبعثون"
هذه هي الإشكالية التي يسأل القرآن عنها كثيرا
لماذا الانتظار
لماذا الأماني المؤجلة
"أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ؟"
لقد كان لديك الوقت، كانت لديك الفرصة لترجمة الأمنية إلى عمل
لكنك اخترت "غداً" الذي لا يأتي أبدا

سجنٌ، قضبانه التأجيل، وأسواره الأمل الطويل.
وثمة طريقة واحدة أو معول واحد يكسر قضبان هذا السجن
معول يكمن في كلمةٍ واحدة
"الآن!"
الآن وليس غدا او بعد غد
"وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ..."
تأمل الكلمة التي تبث الحركة في أوصال جمدتها الأماني
من قبل
وكأنه سباق عليك أن تسارع في مضماره
"وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ"
انطلق الآن من سجن "سوف" وحطّم قضبان التسويف، اكسر أغلال الأمل الطويل.
وانظر إلى أمنياتك التي تزدحم بها روحك.
زنها بميزان الشرع والعقل.
إن كانت أمنيةً صالحة، أمنيةً تُقربك إلى الله، أمنيةً فيها خيرٌ لك وللناس، فلا تكتفِ بأن تحلم بها، بل اسعَ إليها الآن، بالنية الصادقة، والعمل الدؤوب، والتوكل على الله.
حوّلها من مجرد حلمٍ ورديٍّ إلى واقعٍ ملموس
إلى سعيٍ حثيثٍ في دروب الخير.
وإن كانت أمنيةً دنيئة، أمنية شرٍ أو هوى، فاستبدلها الآن بما هو خيرٌ وأبقى.
طهّر قلبك منها، وازرع مكانها أمنياتٍ تليق بعبدٍ يرجو لقاء ربه.
والأهم ألا تنتظر حتى تقف على حافة القبر لتصرخ "يا ليتني".
إن "ليت" لن تُعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولن تنجيك يوم الحساب الذي لا ينفعك فيه إلا سعيك
"وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ"
اسعَ اليوم بما تستطيع، واجعل أمنياتك جسوراً تعبر بها إلى رضوان الله وجنته لا سلاسل ثقيلة تجذب روحك إلى دركات الحسرة التي لا تنتهي.
افعل ذلك اليوم
وليس غدا..
16👍7
في زماننا الرقمي يتسلل وباء صامت، لا ترصده الإحصاءات، لكنه يترك أثره في تنهدات مكتومة، ونظرات إحباط خفية، وشعور مزمن بالتقصير يطاردنا كظلنا.

أنا أسميه وباء "النجاح الكامل والمثالي"
هو أحد أعرض مرض المثالية العضال الذي تضاعفه شاشات اليوم التي في يد كل منا
ذلك الوهم الذي تزرعه فينا هواتفنا عبر وسائل التواصل لتحوّلنا في أغلب الأحيان إلى متفرجين في معرض إنجازات الآخرين
نطالع بقصد أو غير قصد ذلك المعرض البراق ثم ننطلق نفسيا لنلهث في مضمار سباق بلا نهاية
سباق الكمال
سأضرب مثلا بمهنتي كي أكون دقيقا في وصفي..
في طب الأسنان الحديث تعد وسائل التواصل والدعاية ركنا مهما من أركان المهنة حتى أن التصوير كاد أن يكون - أو صار بالفعل - إحدى ركائز المهنة
وهذا لا حرج فيه بل هو مطلب علمي وعملي مهم لتوثيق الحالات والرجوع إليها عند الحاجة الطبية أو حتى القانونية ولا مانع من استغلالها دعائيا مع الالتزام بآداب المهنة وخصوصية المرضى
فأين المشكلة؟
المشكلة يا صديقي في الكم الهائل الذي يفتح عليك كطبيب أسنان ستوجهك الخوارزميات إلى عشرات المقاطع التي تهمك وستجد فيها ما يقارب الكمال المثالي
ليس فقط في كفاءة الحالات المعروضة فهذا إيجابي ويزكي روح المنافسة وتجويد أدائك
لكن رويدا رويدا ستجد نفسك محاصرا نفسك محاصرًا بأبطال خارقين من زملاء المهنة.
هذا "فنان الأسنان" ينشر حالات أقل ما يقال عنها أنها مذهلة (وهذا طبيعي فهو لن ينشر أبدا الحالات الأقل جودة أو التي على قدر أقل من الحسن)
وذاك "عبقري التقنيات" يلقي محاضرة رائعة عن تقنيات لو استطعت شراءها في عيادتك فغالبا ستظل مدينا ما بقي من عمرك وستضطر إلى رفع أسعار الخدمة أضعافا لتوازي تكلفة التقنية بينما يفاصلك المريض المسكين أصلا في أسعار خدماتك الحالية
ستستمر في الـ(سكرول) لتطالع زميلك "نجم الفيديوهات الظريفة" يحوّل مجرد خلع ضرس أو حشوة إلى عرض كوميدي ماتع تتمنى أن لو رزقت معشار خفة دمه
ثم تقابل منشورا لزميلك الذي يفتتح فرعه الجديد الذي لم تعد تدري ترتيبه في فروعه المنتشرة عبر الدولة وبعض الدول المجاورة بارك الله له وزاده
حسنا.... أرجو كما يقولون الأجانب أن ترتدي حذاء خريج جديد أو طبيب أسنان (عادي) يكافح في عيادته المتواضعة، يحاول أن يتكسب قوته بالمتاح ويخفف آلام مرضاه بالوسائل (العادية) التي يملكها
ارتديت حذاءه؟
تقمصت شخصيته
هل تسمع ذلك الصوت الخبيث في رأسه ينادي: "أيها المسكين (المديوكر)، انظر إلى هؤلاء الأفذاذ ما أنت في بحر نجاحاتهم.. مجرد نقطة!"

هنا تكمن المشكلة.
حين نصدّق هذا الهمس، ونقيس قيمتنا بمسطرة شاشات الآخرين وننسى عدة حقائق أوضح من الشمس في وسط النهار

أولها أنه لا يوجد "نجاح كامل" في هذه الدنيا.
النجاح ليس قالباً واحداً، بل هو نسبيٌ وجزئيٌ ومُتفردٌ كبصمات الأصابع.
ذلك الفنان الذي يبدع في حالته المذهلة لا يشترط أن يمتلك مهارة إدارة فريق عمل أو يجيد المسائل المالية
و الأكاديمي الفذ الذي يتألق في قاعات المحاضرات و الكورسات ليس شرطا أن يكون ناجحا في إدارة عيادته الشخصية
و نجم الشاشات الذي تمتعك مقاطعه ربما تكون لديه مشاكل في وجه آخر وهكذا
ناهيك طبعا عن وجوه الحياة الأخرى التي لا تظهر لنا على شاشات هواتفنا

كلٌّ مُيسّرٌ لما خُلق له، ولكلٍّ منا قصته الذاتيه المتفردة وحقله الذي يُجيد حرثه وزرعه، بينما حقولٌ أخرى قد تكون أرضه فيها بوراً.
النجاح ليس في أن تُتقن كل شيء، فهذا وهمٌ وضربٌ من المستحيل، بل في أن تعرف نقاط قوتك فتُنمّيها، وتعرف نقاط ضعفك فتُحاول تداركها أو تتعايش معها بسلام.
هذا ناجحٌ بمهارته، وذاك بعلمه، وثالثٌ بحسن خلقه وتواصله، ورابعٌ بتوازنه بين عمله وحياته...
النجاح ليس أن تكون كل شيء، أو أن تكون فذا في كل شيء
هذا وهمٌ مستحيل.
النجاح أن تعرف موطن قوتك فتنمّيه، وتتقبل حدودك برحابة صدر.
وأن تدرك حقيقة أخرى مهمة
تلك الصور البراقة هي أحد المشاهد النهائية لقصة طويلة مضنية لم تظهرها الشاشات
قصة كفاح وعمل وسهر وتضحيات وعرق وبذل
مشكلة وسائل اليوم أنها تعطيك الثمرة النهائية في لحظات
وطبيعة الإنسان الاستعجال
"خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ"
لذلك حين يرى تلك الثمرة العلمية أو المادية أو العملية فبدون أن يشعر ستتوق نفسه لتحصيلها
وبسرعة
والحق أن التوق ذاته لا بأس به
أما السرعة أو العجلة فبها ألف بأس
ثم حقيقة ثالثة أسميها حقيقة النجاح الصامت
ليس كل نجاح يشترط أن يكون مدويا ملفتا
ثمة نجاحات صامتة لا تلتقطها الكاميرات طبيب يخفف ألم مريض ويتلقى دعواته الصادقة
معلم يزرع قيمة عظيمة في عقل طفل
9👍8
والد يوازن بين عمله وسعيه بين حنوه على عائلته وتربيته لبنيه
موظف يُخلص في عمله ويقضي حاجات الناس راضيا بما قُسم له.
إن شاشات وسائل التواصل بسحرها وتفاصيلها لن تريك شيئا من هذا
أو على الأقل لن تُريك الصورة كاملة.
هي كمسرح يُضيء زاوية واحدة، ويترك الباقي في الظلام.
بشكل أبسط يا صديقي: ما تراه على الشاشة ليس سوى مشهد من مسرحية طويلة.
وسائل التواصل لا تُقدم لنا اللوحة الكاملة. هي كمخرج محترف يُريك خدعةً مُبهرة، ويُركز الضوء على ما يريدك أن تراه، ويُبقي بقية المسرح في الظلام
هكذا تعمل الفلاتر يا عزيزي
وخلف الفلاتر، ثمة معاناة وتحديات لا تُعرض.
و لا أحد كامل
والحياة ليست فقط= "لقطات" مُنتقاة بعناية أو ما يسمى "هايلايتس".
سترى تلك الـ "هايلايتس" وستظنها الحياة كلها. ولو حدث فللأسف سيوقع ذلك كثيرا منا في فخ المقارنات أو يغرقه في وحل الإحباط، أو يدخله في سباق محموم ليحاكي الجميع في الوقت نفسه، فيفقد نفسه في الزحام أو يكتشف أنه لا يستطيع مجاراة الجميع فيدخل إليه الشيطان من باب مظلم يقال له الحسد

هل معنى كلامي أن نكسر هواتفنا ونعيش في كهوف منعزلة؟
هو أحيانا يكون حلا مغريا لكنني أعلم أنه وهم آخر يصعب تحقيقه
ما أراه أن يكون الحل في رحلة إلى الداخل
إلى إعادة ضبط بوصلتنا.
اسأل نفسك: من أنا بعيدًا عن ضجيج ما تراه
ما مواهبي التي أهملتها؟
ما قيمي التي أؤمن بها، لا تلك التي تُمليها التريندات؟
اعرف ذاتك ثم عرف النجاح بقلمك أنت. هل هو في أرقام حساب بنكي أو عدد متابعين وتراكم لايكات، أم هو في إتقان ما تجيد بإخلاص؟
هل هو شهرة، أم نفع متعد تقدمه لإنسان قد لا يعرف عنه مخلوق شيئا... لكن الخالق يعلمه
مقاييسك الخاصة، المستمدة من دينك وقيمك، ومعرفتك بقدراتك وإمكاناتك؛ ستُطفئ بريق الشاشات الزائف.

ركّز على دربك أنت فليست كل سبل الحياة = في ماراثون واحد بل غالبا كلٌ يمشي طريقه، يحمل أحلامه وأثقاله.
أصلح عيوبك، طوّر مهاراتك، وامضِ نحو هدفك بثبات.
ثم افرح لنجاح زملائك وادعُ لهم بالبركة بقلب صافٍ. فهذا يُطهر نفسك من كل ما يحاول الشيطان بثه ويفتح لك أبواب الخير واعلم أن فضل الله واسع، لا ينحصر في صورة واحدة أو مشاهد مثالية لا يشترط أن تجتمع في أحد بعينه
"والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ"
وأخيرًا، ارتشف كأس الرضا بقسمة الله واعلم أن الرضا ليس استسلامًا، بل قوة تُحررك من المقارنات وفيه سلام لا تمنحه شاشات الدنيا.
فكن أنت، سر في دربك واكتب قصة نجاحك بقلمك لا بأقلام خبراء التسويق الرقمي وعلى أضواء شاشاتهم..
19👍14👌2
Forwarded from محمود مجاهد
7👍4
التلاوة
1
#ورد_القرآن_اليومي
الآيتان 257 و 258
👍2👌1
Forwarded from محمود مجاهد
2👍2
2025/07/12 18:19:11
Back to Top
HTML Embed Code: