tgoop.com/mohamed_salim/1705
Last Update:
وكان لا يتصدر للتدريس إلا من مارس الفنون المتداولة بالأزهر وتلقاها من أفواه المشايخ، وصار متأهلًا للتصدر حلالًا للمشكلات ومعضلات المسائل، فلا يحتاج لاستئذان إلا على جهة الأدب والبركة.
وإنما يُعْلم بعض المشايخ والطلبة، فيحضرون درسَه، ويتراكمون عليه، وهو يتأنق في الابتداء، ويسلك فيه طريق الإغراب والتوغل، وبعض الحاضرين يتعصب عليه ويتعنت، والبعض ينتصر له، وإذا تلعثم في إجابة سائل ربما أقاموه ومَنَعُوهُ من التصدر، وإذا عاند ربما ضربوه.
ثم تساهلوا في ذلك حتى صار من يتصدر لا يكاد يتعرض له أحد، حتى كثر المتصدرون وصار فيهم من لا أهلية فيه.
ثم لما تولى مشيخة الجامع الشيخ مصطفى العروسى تنبه لذلك، وهَمَّ بمنع غير المستحقين للتصدر، وعزم على عمل قانون يجري عليه المشايخ في تصدرهم، ففجأه العزل عن المشيخة في سنة سبع وثمانين ومائتين وألف، وصارت إلى الشيخ محمد المهدي الحفني العباسي الحنفي، فأراد أن يمشى على الطريقة التى كان قد عزم عليها الشيخ مصطفى العروسي لما رأى في ذلك من المصلحة العائدة على العلم بالحفظ وعدم الابتذال.
فاستأذن عزيز مصر الخديوي الأعظم في عمل قانون الامتحان لكل من يريد التدريس من المستجدين، فأذن له، فعقد مجلسًا من أكابر العلماء وشاورهم فى كيفية القانون، وانحط الرأي بينهم على تعيين ستة لذلك من أكابر العلماء من كل أهل مذهب من المذاهب الثلاثة اثنان، وأما مذهب ابن حنبل فأهله بالأزهر بل بمصر عمومًا قليلون أو معدومون.
وعلى جعل الامتحان في أحد عشر فنًّا، هى العلوم المتداولة بالأزهر: التفسير، والحديث، والأصول، والتوحيد، والفقه، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والمنطق.
وأن من يريد الدخول فى الامتحان لا بد أن يكون قد حضر هذه الفنون بالجامع الأزهر، وحضر كبار الكتب مثل «السعد» و«جمع الجوامع»، ثم يقدم عريضة لشيخ الجامع أنه يريد الدخول في حومة العلماء المدرسين، وينتظم في سلك المعلمين المأذونين، وأنه حضر كذا وكذا من الفنون، وحضر «مختصر السعد»، وابتدأ في جمع الجوامع مثلًا.
فيؤخر الشيخ تلك العريضة عنده حتى يستخبر عن أحواله شفاها ممن يعرف حقيقة أمره، ثم يكتب للمشايخ بإعطاء الشهادة في حقه بالكتابة، فيشهد له جمع من المشايخ أقلهم ثمانية، ثم يعين له من كل فن درسًا ويعطيه ميعادًا يطالع فيه، فيعطيه لكل فن يومًا.
وعلى رأس الأحد عشر يومًا ينعقدُ مجلس الامتحان في بيت شيخ الجامع، ويجعلون مريد الامتحان بمنزلة الشيخ، وهم بمنزلة الطلبة له، فيبتدئ في القراءة وهم يسألونه وهو يجيبهم، ولا يحضر في ذلك المجلس غيرُهم، فيمكث غالبًا من أول الساعة الرابعة من النهار إلى الساعة الرابعة من الليل لا يقوم إلا لنحوِ الصلاة والأكلِ.
فإذا أجاب فى كل فن كتبوه من الدرجة الأولى من درجات ثلاث، فيكتبون له الشهادة الكافية، وترسل إلى المعية الخديوية، فتكتب له عريضة تشريف متوجّة بختم الخديو الأعظم تكون معه ...
وإذا أجاب فى أكثر الفنون كتب من الدرجة الثانية، وإذا أجاب في الأقل كتب من الدرجة الثالثة.
وإذا لم يُجِب ذلك الممتحن أقيم من المجلس، ولا يُؤذَنُ له في التدريس.
علي باشا مبارك.
BY قناة الشيخ محمد سالم بحيري
Share with your friend now:
tgoop.com/mohamed_salim/1705