Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
1597 - Telegram Web
Telegram Web
فتوح التصنيف، وفتوح التدريس ..
في التصنيفِ فُتوحٌ تحصلُ للعالِمِ لا تحصُلُ له بغيرِه، لذلك كان الإمامُ النوويُّ رحمه الله يُوصِي به المتأهِّلَ له، فيقول: «وينبغي أن يعتني بالتصنيفِ إذا تأهّل له، فبِهِ يطلعُ على حقائقِ العلمِ ودقائقِه ويثبتُ معه؛ لأنه يضطره إلى كثرة التفتيشِ والمطالعةِ والتحقيقِ والمراجعة والاطلاعِ على مختلِف كلامِ الأئمةِ ومتفقِه، وواضحه من مُشْكِلِهِ، وصحيحه من ضعيفه ...».
على أنَّ في التدريسِ كذلك فتحًا لا يحصُل بالتصنيفِ، فرُبَّما كان للعالِمِ تلاميذُ يسألونه على مواضع لا نقلَ فيها، فيعملُ فيها نظرَهُ، ويأتي بالأبحاثِ الأبكارِ، على نحوٍ قد لا يحصُل له لو كانَ مقتصرًا على التصنيفِ فقط.
فقد يفتح الله على التلميذِ بتوليدِ مسألةٍ لا سيَّما في الفقه لا نقلَ فيها عن الأئمة السَّابقين، فإذا كانَ المسئولُ متأهلًا أعملَ نظرَهُ على وفقِ كلامِهِم، وتحرَّرَ له حكمٌ غيرُ مسطورٍ.
لذا كانَ ثعلب يقول: «إنما يتسعُ عِلمُ العالِم بحسب حذق من يسأله، فيطالبه بحقائق الكلام، وبمواضع النكت، لأنه إذا طالبه بحقائق الكلام احتاج إلى البحث والتنقير والنظر والفكر، فيتجدَّد حفظه، وتتسع معرفته، وتقوى قريحتُه، ويتذكر ما تقدم».
وكثيرًا ما يقع في كتب الحواشي في مذهبنا قولهم: «ووقع السؤال في الدرسِ عن كذا وكذا».
وفي التدريسِ يُصلح العالمُ مؤلفه إذا ألفَ ويُحَبِّرُهُ.
يقول الشيخ ابن حجر الهيتميُّ رحمه الله عن كتابه «فتح الجواد: «وهو في هذه المدة يزداد الإصلاحُ فيه كلما قُرِئَ عليَّ، ويكثر من أهل النسخ الشكايةُ من ذلك عليَّ، وأنا أعتذر لهم بأن الذي علمناه من محققي مشايخنا الخارِجِينَ عن قضية نفوسهم والمُعْرِضِينَ عن مقتضى علومهم وناموسهم، وعن قالةِ قومٍ أشربت قلوبهم محبة الباطل وترهاته: كيف يرجع الكبير للصغير حتى في إصلاح مؤلفاته ؟ وما دروا أن العلوم لكونها منحًا إلهية ومواهبَ اختصاصية قد يدخر الله فيها لمن لا يؤبه له ما لم يدخره للأكابر إعلامًا بأن واسع فضله لا يتقيد بأول ولا بأخر ولا بكابر ولا بصاغر، فلذلك تنقحَ وازدادَ صلاحُه وقَوِيَ رجاءُ قَبوله وعمومُ النفع به».
وحكى عن شيخه شيخ الإسلام زكريَّا الأنصاريِّ رحمه الله أنه كان أسرعَ مُعَاصِرِيه إلى قَبُول ما يُوجِبُ إصلاحًا في كتبه، وأنه لَمّا أكثر منه ألحَّ عليه كثيرٌ من الطلبة في تركه فلم يلتفت إليه حتى جاء إليه إنسان بنسخة من «شرح المنهج» بالغ في تحسينها وقد كادت أن يتعطل النفع بها من كثرة الإصلاح فقال له: «اكتب غيرَها»، وأعطاه ما استعان به على ذلك، على ما كان دأبه من الإحسان البالغ إلى الطلبة وغيرهم لا سيما من يأتيه في شيء من كتبه بما يقتضي إصلاحًا، ولذا تزاحمت الفضلاء عليها حتى بلغت من التحرير ما لم يبلغه غيرُها.
لذا فمن عجائبِ شيخ الإسلام زكريَّا الأنصاريِّ رحمه الله أن قُرِئَ عليه «شرح البهجة الوردية» الكبير عليه ثمانية وخمسين مرة.
وقد وقع نظيرُ هذا التحبير والتحرير للحافظ ابن حجر $ في «فتح الباري».
يقول رحمه الله: «لمَّا كان بعد خمس سنين أو نحوها وقد بُيِّضَ منه مقدار الربع على طريقة مثلى، اجتمع عندي مِنْ طلبة العلم المهرة جماعةٌ وافقوني على تحرير هذا الشرح، بأن أكتب الكرَّاس، ثم يحصِّله كلُّ منهم نسخًا، ثم يقرؤه أحدهم، ويعارض معه رفيقُه مع البحث في ذلك والتَّحرير، فصار السِّفْرُ لا يكمُل منه إلا وقد قُوبل وحرِّر، ولزم من ذلك البطءُ في السَّير لهذه المصلحة، إلى أن يسَّر اللَّه تعالى إكماله في شهر رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة».
وقال تلميذه السخاوي رحمه الله: «وكان الابتداءُ فيه في أوائل سنة سبع عشر وثمانمائة على طريق الإملاء، ثم صار يكتب من خطه مداولة بين الطلبة شيئًا فشيئًا، والاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة والمباحثة، وذلك بقراءة شيخنا العلامة ابن خضر، إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة سوى ما ألحق فيه بعد ذلك، فلم ينته، إلَّا قُبيل وفاة المؤلف بيسير».
غيرَ أنّ التدريسَ نفسَهُ على ما فيه من فتوحٍ قد يأكلُ من وقتِ العالِمِ ما يحولُ بينه وبين إكمال تصانيفِه.
يقولُ علمُ الدين البلقينيُّ رحمه الله في ترجمة والدِه السراج البلقينيِّ رحمه الله: «والسببُ في عدم إكمالِهِ لغالب مصنفاته كما ذكر شيخنا الأخ في ترجمته أنه كان مشتغلًا بالدروس والفتاوى، فلا يتفرغُ إلا قليلًا، لأنه أول النهارِ يكون بالمدارس التي بيده إلى الظهر، ومن العصر إلى المغرب يكتبُ على الفتاوى، فأيَّ وقتِ يتفرغُ ؟ إنما فراغه من الظهر إلى العصر، وبالليل، فبُورِكَ له في ذلك».
وفي كلام الشيخ أبي الحسن اليوسيِّ رحمه الله: «اعلم أن العلماء قد اختلفت أحوالهم في هذا، فمنهم من استغرق زمانه في التدريس فقلَّ تصنيفه، ومنهم من بخلافِه، والكلُّ منفعةٌ للناس».
لذلك كان ابن الجوزيِّ رحمه الله يميلُ إلى التصنيفِ على التدريس؛ إذ بالتصنيف يشافِهُ من لا حصرَ لهم، بخلاف التدريس، فيقول في «صيدِ الخاطر»: «رأيتُ من الرأي القويم أنَّ نفعَ التصانيفِ أكثرُ من نفع التعليم بالمشافهة؛ لأني أشافه في عمري عددًا من المتعلمين، وأشافه بتصنيفي خلقًا لا تحصى ما خُلِقوا بعد».
وكان الشيخُ أبو الحسن اليوسي رحمه الله يُفَصِّلُ فيقول في «القانون»: «أمَّا التدريسُ فنفعٌ حاضِرٌ ينتشرُ به العلمُ في الآفاق، وأما التصنيف فنفعٌ مُدَّخَرٌ يوجد عند الحاجة اليه، وينبغي للعالم أن يراعي حالَ الوقتِ، فإن اتفق وجود طلبة للعلم نجباء فليشتغل بهم ويودع الحكمة صدورهم، وإلا فليودع علمه بُطون الأوراق ولا يبق بطالًا، و إن كان التوسط فالتوسط، وهو الأخذ من كل قسم بطرف، وقد يكون شيءٌ من العلم إن لم يُجْمَع ضاعَ فلا غنى فيه عن التصنيف، كما أنه قد يكون شيء مفروغ منه بما صنف فيه فالتصنيف فيه تكلف».
وثمَّ فتحٌ ثالثٌ لا يحصُلُ للفقيهِ إلا بمُعاشرةِ النَّاس والخلطةِ بمشكلاتِهِم والعلم بواقعِهِم، إمَّا بتولي القضاءِ أو بغيرِه.
يقول ابن عبد السلام المالكي رحمه الله في «شرح مختصر ابن الحاجب الفروعي»: «إنما الغرابة في استعمال كليات علم الفقه وانطباقها على جزئيات الوقائع بين الناس، وهو عسير على كثير من الناس، فتجد الرجل يحفظ كثيرًا من العلم، ويَفْهَمه، ويُعَلّمه لغيره، فإذا سئل عن واقعة لبعض العوام من مسائل الصلاة أو مسألة من مسائل الأيمان لا يحسن الجواب عنها، بل ولا يفهم مراد السائل عنها إلا بعد عسر».
ففي التصنيفِ للمتأهِّلِ له فتحٌ، وفي التدريسِ فتحٌ، وفي الخلطةِ بقدرِها المُحتاج إليه فتحٌ.
وقبل هذا الفتوحِ كلِّها: فتح الله عليه بين يديه شيخه وانتفاعُه به واعتقادُه فيه، فله عليه الفضلُ، وبه حصلَ له ابتداءُ النفع.
وبعد ختم «شرح إيساغوجي» للفَنَاري قال لي شيخنا الناصرُ اللّقّاني: «اقرأ عليَّ العَضُد؛ فإنَّ الناسَ إنما يستصعبون فيه مقدماته المنطقية ونحوها، وأنت صرتَ تُدرك ذلك وتفهَمُهُ».
الشيخ ابن حجر الهيتميّ رحمه الله ..
«ولم يكمُل من مصنفاتِه إلا القليلُ؛ لأنه كان يشرع في الشيء فلِسَعَةِ علمه يَطُول عليه الأمرُ، حتى كتب من شرح البخاري على نحو من عشرين حديثًا مجلّدين ...»، «فلو قُدِّرَ أن يكمله لكان يأتي في مائتي مجلدة»
الحافظ ابن حجر عن السراج البلقينيّ رحمهما الله.
كُن لنعمة الله عليك في دينِك أشكَرَ منك لنعمةِ الله عليك في دُنياك ...
سَلّام بن أبي مُطيع رحمه الله ..
2
الإمام ابن زياد المقصري الزبيدي:

كان رحمه الله ﻻ ﻳﻘﻌﺪ ﻟﻠﺘﺪﺭﻳﺲ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﺎﻟﻊ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺒﺴﻮﻃﺔ ﻛﺎﻟﻮﺳﻴﻂ ﻭاﻟﺨﺎﺩﻡ ﻭاﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﻮﻗﺎﺩ ﻭﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﺴﻤﻬﻮﺩﻱ ﻭاﻟﺮﻭﺿﺔ ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻌﺪ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻋﻦ اﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻟﻌﺪﻡ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ.

#سعيد_الجابري

نقلا عن النور السافر

https://www.tgoop.com/saeed_algabry
قلبي بحبَّ المصطفى مُتعلّقٌ … يا طيبَ ما في القلبِ من أشواقِ
الرُّعب من جنود الله، فانظر كيف نزلَ بقلوبهم، وما يعلم جنودَ ربّك إلا هو ...
ليس المُحاصَرُ من يُجاهِدُ صابرَا .. ويَدُكّ حصنَ عدوّه مُستبسِلَا
لا ناصرَ إلا الله، هذه محنة تمايز بين المؤمنين والمنافقين تمايُز البياض والسّواد.
محنة يتجّلى لك فيها تداعي الأمم على الأمة تداعي الأكلة إلى قصعتِها، وموالاة بعضِهم بعضًا، فهم ملة واحدة، يوالي بعضُهم بعضًا، ويناصر بعضهم بعضًا.
محنة تهوّن عليك الحياة، وتحقرها في عينك.
ما أشبه اليوم بيوم الأحزاب، حينما اجتمعت أحزابُهم على أهل الإيمان.
ما أشبه أحزابهم يومئذ بهم اليوم.
وما أشبه المنافقين بالمنافقين، ما زالوا يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا، ويقولون: يا أهل يثرب لا مُقَامَ لكم فارجعوا، ويقولون: إن بيوتنا عورة، وحدودنا عورة، وأمننا القومي عورة.
فالدعاء الدّعاء، والنصرة بالمستطاع، والالتجاء إلى الله أن يفك الأمة من هذا الأسر.
نصرُ الله قريبٌ، يستدنيه المؤمنون، ويعملون له، ويفرحون ببشائره، ويحتسبون ما يصيبُهم في الطريق إليه ..
بعيدٌ عن أعين المنافقين وقلوبهم، يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا ..
اللهمّ انصر عبادك المرابطين، وثبت أقدامهم، واخذل عدوّك وعدوّهم ..
1
من يُسْلِمِ اليوم للذؤبانِ إخوته
غدًا إذا جاعت الذؤبانُ مأكولُ
من أجلِّ النِعم: أن يُرزقَ المرءُ الفهمَ عن الله تعالى في البلاء والعافية.
8
الغالبُ من أحوال علماء المذاهب الأربعة أنَّ الواحد منهم لا يَشرح إلا ما في مذهبه، وأما ما في مذهب غيره فشرحُه له ليس مما ينبغي؛ لأن وظيفة الشارح ليست مجردَ فهم العبارة وتقريرها.
وإنما وظيفته: بيانُ معتمدِ المذهب، وأن ذلك المتن هل يُطابقه أو لا، وذلك يستدعي معرفة قواعد ذلك المذهب، وما لشيوخه في تلك المسألة من نقدٍ وردٍّ وموافقةٍ للقواعد ومخالفة لها.
وهذا لا يتأتى من دَخِيل في ذلك المذهب عَمِدَ إلى متن من متونه، ثم نظرَ كلامَ شراحِه واختصره مقلدًا لهم فيما يقولونه من غير تعقب منه له؛ إذ لا يصلح التعقب إلا لمن امتزج لحمُه ودمُه بذلك المذهب، وأخذ عن أهله، ورد عليهم ورَدُّوا عليه، ولازمهم في إقرائِه وتقريرِه المددَ المتطاولة حتى يعرف خباياه ويقف على زواياه، ويحيط بمقدماته ومقاصده وأصوله ومعاقده.
ابن حجر الهيتميّ رحمه الله ...
1
ما ضعف بدنٌ قط عن مَبلغ نيته، فقدِّموا النية ثم اتبعوها.
سفيان الثوريّ رحمه الله ..
1
ولا حاجة مع النقل إلى التخريج، نعم ربما لا يبلغ النقلُ المُخَرِّجَ، فيقع الحافرُ على الحافرِ ..
الرافعي رحمه الله
مِمَّا خالفَ فيه الباجوريُّ الرمليَّ ..
معلومٌ أنه يقعُ في الحواشي الشافعية مخالفاتٌ لما اعتمده الرمليُّ رحمه الله، تارةٌ يكون هذا مع التنبيه، وتارة بغير تنبيهٍ، تارة مع علم المحشي بنصِّ الرمليِّ في المسألة، وتارةً مع عدم وقوفه عليه، لكونِهِ ليس في كتبِه المتداولة، بل نقله عنه أحد تلامذتِه، أو وقع في كتابٍ غير متداولٍ من كتب الرمليِّ.
والغالب الشائع في حاشية العلامة الباجوري على «فتح القريب» متابعة العلامة الرمليِّ، ولا يحكى رأي الشيخ ابن حجر رحمه الله إلا مضعفًا، أو جامعًا بينه وبين قول الشيخ الرمليِّ، أو مرشدًا إليه لتقليدِه؛ كعادة عامة المحشين المصريين.
وغير الغالب أنه يقع منه مخالفاتٌ لما اعتمده الشيخ الرمليُّ رحمه الله.
ولعلنا نذكرُ هذه المسائلَ تباعًا في مقالاتٍ، تكونُ تقريرًا لطالب العلم على هذه المواضع.
ومن هذه المواضع في كتاب التيمم: خلافُهم في اشتراط أمن خروج الوقتِ في وجوبِ التردد إلى الماء إذا توهَّمَهُ في حدِّ الغوثِ من يلزَمُهُ القضاءُ.
فقد نصَّ الشيخ الباجوريُّ رحمه الله على اشتراطِ أمنِ خروج الوقتِ في حقِّهِ، وعبارته فيما يشترط الأمنُ عليه في التردد إلى حد الغوث: «ويشترط أمنُهُ على نفسٍ وعضوٍ ومنفعةٍ ومالٍ وإن قلَّ واختصاصٍ، سواءٌ كان له أو لغيره، وإن لم يلزمه الذب عنه، وعلى خروج الوقت سواءٌ كان يسقط الفرض بالتيمم أو لا»
فقولُهُ: «سواءٌ كان يسقط الفرضُ بالتيمُّمِ أم لا» غالبُ الظنِّ أنه تابعَ فيه الشيخ الحفنيَّ، فقد حكى عنه البجيرميُّ ذلك في «حاشيتِهِ على شرح المنهج».
وهو مخالفٌ لما نقله ابن قاسم عن الرمليِّ رحمه الله، ولِمَا نصَّ عليه في «شرح العُباب».
أمَّا نقلُ ابن قاسم ذلك عن الرمليِّ .. ففي «حاشيته على شرح المنهج» قال: « سألتُ الرمليِّ عن ذلك فقال: ظاهرُ إطلاقِهِم أن المقيمَ يطلبُ وإنْ خرج الوقتُ، حتى في مسألة التوهم، فنأخذ بذلك حتى يُوجَدَ ما يخالفه».
ونصَّ الرمليُّ رحمه الله على ذلك في «شرح العُباب» فقال في اشتراط أمن فوت المكتوبة لوجوب طلب الماء في حدِّ الغوثِ لمن توهم وجودَه: «ومحلُّ ذلك: إذا كان ممن لا تسقط صلاتُهُ بالتيمُّمِ، فإن كان ممن لا تسقط صلاتُهُ به لَزِمَهُ طلبُ الماءِ وإن خرج الوقتُ».
بل هذا قضيةُ كلام الشيخ ابن حجر رحمه الله في «فتح الجواد» و«الإمداد».
ووافقهَمُا الشيخ الشوبريُّ رحمه الله، فقد كتبَ على قولِ «شرح المنهج»: «(وإلا) بأن كانَ ثَمَّ وهدة أو جبل (تردَّدَ إن أمن) مع ما يأتي اختصاصًا وما لا يجب بذله لماء طهارته (إلى حد غوث)»، فقالَ: «قوله: (مع ما يأتي) أي: في حد القرب، من جملة ما يأتي أمنُ الوقتِ، ومحلُّ اشتراطِه فيمن لا يلزمه القضاء، أمَّا من يلزمه القضاءُ فلا يشترط فيه أمنُ الوقت، وهذا هو المعتمد من نزاع طويل».
أمَّا العلامة ابنُ قاسم رحمه الله فقد اختلفت تصانيفُهُ في هذه المسألة:
ففي «حاشيته على شرح المنهج» أوردَ المسألة، ثمَّ ذكرَ فيها بحثًا له حاصلُهُ أنه إن كانَ متوهِّمًا بالمعنى الأصوليِّ أو شاكًّا .. شرط أمنُ خروج الوقتِ؛ إذ لا ينبغي أن يخرج الصَّلاة عن الوقتِ بمجرد التوهم، وإن كان غلب على ظنه وجودُهُ فيتجه الطلبُ وإن خرج الوقتُ، وبعد إيرادِ هذا البحثِ قال: «ثم سألت الرمليَّ عن ذلك فقال: ..».
أمَّا في «حاشيته على العُبَاب» فقد بحثَ اشتراط أمنَ الوقتِ في هذه المسألة فقال: «وإن توهمه [أي: المقيم] في حدِّ الغوثِ فهل يجبُ طلبُهُ وإن خاف خروجَ الوقتِ أو لا؟ محلُّ نظرٍ، ويتجه الثاني؛ لعدم تحقق الماءِ، فلا يخرج الصلاةَ بسببه عن وقتِها».
المرادُ بالمقيم في هذه الباب كما هو معلومٌ: من يلزمه القضاءُ ولو مسافرًا.
فالحاصلُ أنَّ تسوية الشيخ البيجوريِّ بين من يلزمُهُ القضاءُ ومن لا يلزمُهُ القضاءُ في اشتراطِ أمن خروج الوقتِ إذا توهَّمَ وجود الماء في حدِّ الغوثِ .. مخالفةٌ لما نقله ابن قاسم عن الرمليِّ، ولمنصوصه في «شرح العباب»، وهو قضية كلام الشيخ ابن حجر في «شرحي الإرشاد: الإمداد وفتح الجواد»، ووافقهما الشوبريُّ رحمه الله.
وقد سبق الشيخَ البيجوريَّ رحمه الله إلى ذلك: الشيخُ الحفنيُّ، وكذا ابنُ قاسِمٍ في «حاشيته على العُباب»، خلافًا لما في «حاشيته على شرح المنهج».
لذلك فإن الشيخ الطلاويَّ رحمه الله قالَ في «تقريره على حاشية البجيرميِّ على شرح المنهج» عن شيخه الإنبابي بعد ذكر كلام الشوبري: «هذا ما نص عليه الرمليُّ في (ِشرح العُباب) وابن حجر في (شرح الإرشاد)، فهو المُعَوَّلُ عليه، وإن اعتمد الحفنيُّ ومثله الشيخ عوض وغيرهما عدم التفصيل بين من يلزمه القضاء ومن لا يلزمُهُ القضاءُ في اشتراط الأمن على الوقت عند التوهُّمِ في حد الغوث».
نفع الله بنا وبكم ...
غدًا يموتُ المرءُ ..
وينكشف عنه كلُّ هذا الزَّيف، ويرى كلَّ أمر على حقيقتِه، ويكتشف أنَّ هذا الذي أنفق فيه عمرَه ترابٌ فوق ترابٍ، وأنَّ هؤلاء الذين أرضاهُم بسخط ربِّه سبحانه ترابٌ يمشي على تُرابٍ.
ولم يبقَ له إلا أعمالٌ مسطورة في صحيفتِه، فالنَّاس: فَرِحٌ ومحزون، قائلٌ يقولُ: «ربّ ارجعون لعلي أعملُ صالحًا فيما تَرَكْت»، وقائلٌ يقولُ: «الحمد لله الذي أذهبَ عنَّا الحَزَن».
طاشَ هذا الترابُ الذي شُغِل به، ورجَحَ الميزانُ بركعاتٍ وإحسانٍ وبـرٍّ وصدقةٍ وبكاءٍ قد تقبَّله الله سبحانه بقبولٍ حسَنٍ بفضله ومنته ...
فقد عرفتَ .. فاعمل.
7
2025/07/13 15:33:35
Back to Top
HTML Embed Code: