.
في مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺫﺭ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ:
«ﺇﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﺁﺧﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﺩﺧﻮﻝا اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺁﺧﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﻨﺎﺭ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﻣﻨﻬﺎ، ﺭﺟﻞ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: اﻋﺮﺿﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻐﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ، ﻭاﺭﻓﻌﻮا ﻋﻨﻪ ﻛﺒﺎﺭﻫﺎ، ﻓﺘﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻐﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻋﻤﻠﺖ ﻳﻮﻡ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻭﻋﻤﻠﺖ ﻳﻮﻡ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﻔﻖ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻓﺈﻥ ﻟﻚ ﻣﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﺳﻴﺌﺔ ﺣﺴﻨﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺭﺏ، ﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﺃﺷﻴﺎء ﻻ ﺃﺭاﻫﺎ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ»
ﻓﻠﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺿﺤﻚ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺕ ﻧﻮاﺟﺬﻩ.
هذا الحديث يدل على أن تبديل السيئات حسنات ليس مقتصرًا على التائب، بل قد يكون لغيره، برحمة الله.
وهذا يدل على أنه لا مفهوم للآية: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَئكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾.
وَالمسألة خلافية بين أهل السنة، بين من ينفي أصل التبديل، ويتأول الآية أنها تبديل حال التائب من سيئة إلى حسنة.
وبين من يرى أن التبديل واقع ولو بغير توبة.
وبين من يرى الآية لها مفهوم، ويشترط للتبديل التوبة.
في مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺫﺭ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ:
«ﺇﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﺁﺧﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﺩﺧﻮﻝا اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺁﺧﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﻨﺎﺭ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﻣﻨﻬﺎ، ﺭﺟﻞ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: اﻋﺮﺿﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻐﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ، ﻭاﺭﻓﻌﻮا ﻋﻨﻪ ﻛﺒﺎﺭﻫﺎ، ﻓﺘﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻐﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ: ﻋﻤﻠﺖ ﻳﻮﻡ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻭﻋﻤﻠﺖ ﻳﻮﻡ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﻔﻖ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺫﻧﻮﺑﻪ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻓﺈﻥ ﻟﻚ ﻣﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﺳﻴﺌﺔ ﺣﺴﻨﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺭﺏ، ﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﺃﺷﻴﺎء ﻻ ﺃﺭاﻫﺎ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ»
ﻓﻠﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺿﺤﻚ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺕ ﻧﻮاﺟﺬﻩ.
هذا الحديث يدل على أن تبديل السيئات حسنات ليس مقتصرًا على التائب، بل قد يكون لغيره، برحمة الله.
وهذا يدل على أنه لا مفهوم للآية: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَئكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾.
وَالمسألة خلافية بين أهل السنة، بين من ينفي أصل التبديل، ويتأول الآية أنها تبديل حال التائب من سيئة إلى حسنة.
وبين من يرى أن التبديل واقع ولو بغير توبة.
وبين من يرى الآية لها مفهوم، ويشترط للتبديل التوبة.
👍10❤3
.
من أعظم العبادات التي يحبها الله، وأثنى على أهلها، وأمر بها: حسن الظن بالله، وهو من مقتضى العلم بالله، وبصفاته وآياته، وحسن الظنّ بالله فرض على كل مسلم، وواجب على كل مؤمن.
وبعكسه فإن سوء الظن بالله معدود في الكبائر، وهو من الجهل بالله، وبصفاته وبآياته.
وفي الصحيحين ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: «ﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﻇﻦ ﻋﺒﺪﻱ ﺑﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻌﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ، ﺇﻥ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ، ﻭﺇﻥ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻺ، ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻺ ﻫﻢ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺗﻘﺮﺏ ﻣﻨﻲ ﺷﺒﺮا، ﺗﻘﺮﺑﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺫﺭاﻋﺎ، ﻭﺇﻥ ﺗﻘﺮﺏ ﺇﻟﻲ ﺫﺭاﻋﺎ، ﺗﻘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻋﺎ، ﻭﺇﻥ ﺃﺗﺎﻧﻲ ﻳﻤﺸﻲ ﺃﺗﻴﺘﻪ ﻫﺮﻭﻟﺔ».
وفي مسلم ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ، ﻳﻘﻮﻝ: «ﻻ ﻳﻤﻮﺗﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻆﻧ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ».
وعبادة حسن الظن بالله لا تعارض الخوف منه، ولا تعارض سوء الظن بالنفس.
فالمؤمن إذا نظر إلى عمله أساء الظن بنفسه، ولكنه يتذكر رحمة الله وفضله فيستروح لكريم عطائه ﷻ، وهذا حسن الظن بالله.
ﻭهناك فرق بين حسن الظن بالله وبين الاغترار والتمني، وفي الحديث عند أبي داود: «حسن الظن من حسن العبادة».
فاﻟﻈﻦ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﺃﺣﺪ الأمرين ﺑﺴﺒﺐ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘﻐﻠﻴﺐ، ﻓﻠﻮ ﺧﻼ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻤﻐﻠﺐ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻇﻨﺎ ﺑﻞ ﻏﺮﺓ ﻭﺗﻤﻨﻴﺎ.
فالسبب حسن العمل أو تقديم طاعاته بين يدي حسن ظنه.
واﻟﺮﺟﺎء ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺑﺬﻝ اﻟﺠﻬﺪ ﻭاﺳﺘﻔﺮاﻍ اﻟﻮﺳﻊ ﻭاﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ اﻟﻈﻔﺮ ﻭاﻟﻔﻮﺯ.
ﻭأما اﻟﺘﻤﻨﻲ فحديث اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺤﺼﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ عدم الأعمال الصالحة، وتدبر قول الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤئكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾
فإنه سبحانه وصفهم برجاء رحمته، بعد وصفه لهم بالطاعات العظيمة!
ومثله قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَتۡلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ یَرۡجُونَ تِجَـٰرَةࣰ لَّن تَبُورَ﴾.
فمن حسن الظن بالله: الطمع فيما عند الله، ورجاء ثوابه، فيطمع أن يجزيه الله الحسنة بعشر أمثالها ويضاعف له.
ولذا تأمل في الحديث الذي في أول المقال: فقد ذكر الله سبحانه حسن الظن به، ثم ذكر أنه يكرم عبده عند طاعته بمزيد فضل، فيذكره في نفسه، ويذكره في ملإ خير من الملإ الذي ذكره العبد عندهم، ويقبل على عبده إن أقبل العبد على ربه.
ومن حسن الظن بالله: الرغبة إلى الله في الدعاء، وسؤال الله عظيم الأمور، فإنه سبحانه لا يتعاظمه شيء، وتأمل دعاء سليمان ﷺ: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾.
فإن سؤاله المغفرة لم يمنعه أن يسأل ربه أمرًا عظيما كهذا الملك الذي لا يكون لأحد من بعده!
فمن تأدّب بأدب الأنبياء في الدعاء أكثر الدعاء وأعظمه.
ومن حسن الظن بالله ألا يعلق دعاءه بالمشيئة.
ومن حسن الظن بالله: ألا يقنط من رحمته إذا احتوشته البلايا، بل يعتقد أن الفرج آت.
فانتظار الفرج من حسن الظن بالله.
وقد كان من حسن ظن بعض الصحابة بالله: ما كان في قصة الذي قذف زوجته، فقال له النبي ﷺ: البينة أو حد في ظهرك! فقال: "والله لينزلن الله ما يبرئ ظهري"! فنزلت آية الملاعنة!
ومنه قصة أنس بن النضر، حين قال: "والله لا تكسر ثنية الربيع"! فرضي القوم بالأرش.
ومنه قصة سفيان الثوري مع أبي جعفر المنصور، حين أقسم على الله ليهلكنه قبل دخول مكة، فأمات الله أبا جعفر!
ومن حسن الظن بالله: الفأل الحسن، فيرجو الله عند سماع ما يعجبه.
ومن حسن الظن بالله: أن يرجو تحقق ما وعده الله للمؤمنين، خاصة عند الموت، وقد قال العبد الصالح سليمان التيمي لابنه عند الموت: اقرأ علي أحاديث الرخص، لأموت وأنا أحسن الظن بربي.
ومن حسن الظن بالله أن يرجو ربه عند التوبة أن يقبل الله توبته، وألا ييأس من رحمة الله.
ومن حسن الظن بالله: النفقة في وجوه البر والإحسان، وقد قيل: إن لله ﻋﺒﺎﺩًا ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺑﻀﺎﺋﻌﻬﻢ، ﻭإن ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩًا ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺣﺴﻦ ظنهم بربهم!
وكان يقال لأهل حسن الظن بالله: هم الأسخياء!
ومن حسن الظن بالله: ألا يركن على الأسباب الظاهرة، بل يكون ركونه إلى الله.
ومن حسن الظن بالله: أن يحسن ظنه بربه عند الأقدار التي يكره، وأن الله قدرها لخير.
ومن حسن الظن بالله: التوكل على الله!
وقد جعله ابن القيم من درجات التوكل، وقال: "ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﻪ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ. ﺇﺫ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﺎء ﻇﻨﻚ ﺑﻪ، ﻭﻻ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺮﺟﻮﻩ. ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ".
ومن حسن الظن بالله أن يتمنى لقاء ربه.
ولقد بلغ حسن ظن بعض كبراء الأمة مبلغًا عجيبًا، فقال اﻟﻔﻀﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺽ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻘﻮﻝ: "ﻟﻮ ﺃﺩﺧﻠﻨﻲ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﺼﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﻳﺴﺘﻪ"!
=
من أعظم العبادات التي يحبها الله، وأثنى على أهلها، وأمر بها: حسن الظن بالله، وهو من مقتضى العلم بالله، وبصفاته وآياته، وحسن الظنّ بالله فرض على كل مسلم، وواجب على كل مؤمن.
وبعكسه فإن سوء الظن بالله معدود في الكبائر، وهو من الجهل بالله، وبصفاته وبآياته.
وفي الصحيحين ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: «ﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﻇﻦ ﻋﺒﺪﻱ ﺑﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻌﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ، ﺇﻥ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ، ﻭﺇﻥ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻺ، ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻺ ﻫﻢ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺗﻘﺮﺏ ﻣﻨﻲ ﺷﺒﺮا، ﺗﻘﺮﺑﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺫﺭاﻋﺎ، ﻭﺇﻥ ﺗﻘﺮﺏ ﺇﻟﻲ ﺫﺭاﻋﺎ، ﺗﻘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻋﺎ، ﻭﺇﻥ ﺃﺗﺎﻧﻲ ﻳﻤﺸﻲ ﺃﺗﻴﺘﻪ ﻫﺮﻭﻟﺔ».
وفي مسلم ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ، ﻳﻘﻮﻝ: «ﻻ ﻳﻤﻮﺗﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻆﻧ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ».
وعبادة حسن الظن بالله لا تعارض الخوف منه، ولا تعارض سوء الظن بالنفس.
فالمؤمن إذا نظر إلى عمله أساء الظن بنفسه، ولكنه يتذكر رحمة الله وفضله فيستروح لكريم عطائه ﷻ، وهذا حسن الظن بالله.
ﻭهناك فرق بين حسن الظن بالله وبين الاغترار والتمني، وفي الحديث عند أبي داود: «حسن الظن من حسن العبادة».
فاﻟﻈﻦ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﺃﺣﺪ الأمرين ﺑﺴﺒﺐ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘﻐﻠﻴﺐ، ﻓﻠﻮ ﺧﻼ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻤﻐﻠﺐ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻇﻨﺎ ﺑﻞ ﻏﺮﺓ ﻭﺗﻤﻨﻴﺎ.
فالسبب حسن العمل أو تقديم طاعاته بين يدي حسن ظنه.
واﻟﺮﺟﺎء ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺑﺬﻝ اﻟﺠﻬﺪ ﻭاﺳﺘﻔﺮاﻍ اﻟﻮﺳﻊ ﻭاﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ اﻟﻈﻔﺮ ﻭاﻟﻔﻮﺯ.
ﻭأما اﻟﺘﻤﻨﻲ فحديث اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺤﺼﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ عدم الأعمال الصالحة، وتدبر قول الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤئكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾
فإنه سبحانه وصفهم برجاء رحمته، بعد وصفه لهم بالطاعات العظيمة!
ومثله قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَتۡلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ یَرۡجُونَ تِجَـٰرَةࣰ لَّن تَبُورَ﴾.
فمن حسن الظن بالله: الطمع فيما عند الله، ورجاء ثوابه، فيطمع أن يجزيه الله الحسنة بعشر أمثالها ويضاعف له.
ولذا تأمل في الحديث الذي في أول المقال: فقد ذكر الله سبحانه حسن الظن به، ثم ذكر أنه يكرم عبده عند طاعته بمزيد فضل، فيذكره في نفسه، ويذكره في ملإ خير من الملإ الذي ذكره العبد عندهم، ويقبل على عبده إن أقبل العبد على ربه.
ومن حسن الظن بالله: الرغبة إلى الله في الدعاء، وسؤال الله عظيم الأمور، فإنه سبحانه لا يتعاظمه شيء، وتأمل دعاء سليمان ﷺ: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾.
فإن سؤاله المغفرة لم يمنعه أن يسأل ربه أمرًا عظيما كهذا الملك الذي لا يكون لأحد من بعده!
فمن تأدّب بأدب الأنبياء في الدعاء أكثر الدعاء وأعظمه.
ومن حسن الظن بالله ألا يعلق دعاءه بالمشيئة.
ومن حسن الظن بالله: ألا يقنط من رحمته إذا احتوشته البلايا، بل يعتقد أن الفرج آت.
فانتظار الفرج من حسن الظن بالله.
وقد كان من حسن ظن بعض الصحابة بالله: ما كان في قصة الذي قذف زوجته، فقال له النبي ﷺ: البينة أو حد في ظهرك! فقال: "والله لينزلن الله ما يبرئ ظهري"! فنزلت آية الملاعنة!
ومنه قصة أنس بن النضر، حين قال: "والله لا تكسر ثنية الربيع"! فرضي القوم بالأرش.
ومنه قصة سفيان الثوري مع أبي جعفر المنصور، حين أقسم على الله ليهلكنه قبل دخول مكة، فأمات الله أبا جعفر!
ومن حسن الظن بالله: الفأل الحسن، فيرجو الله عند سماع ما يعجبه.
ومن حسن الظن بالله: أن يرجو تحقق ما وعده الله للمؤمنين، خاصة عند الموت، وقد قال العبد الصالح سليمان التيمي لابنه عند الموت: اقرأ علي أحاديث الرخص، لأموت وأنا أحسن الظن بربي.
ومن حسن الظن بالله أن يرجو ربه عند التوبة أن يقبل الله توبته، وألا ييأس من رحمة الله.
ومن حسن الظن بالله: النفقة في وجوه البر والإحسان، وقد قيل: إن لله ﻋﺒﺎﺩًا ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺑﻀﺎﺋﻌﻬﻢ، ﻭإن ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩًا ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺣﺴﻦ ظنهم بربهم!
وكان يقال لأهل حسن الظن بالله: هم الأسخياء!
ومن حسن الظن بالله: ألا يركن على الأسباب الظاهرة، بل يكون ركونه إلى الله.
ومن حسن الظن بالله: أن يحسن ظنه بربه عند الأقدار التي يكره، وأن الله قدرها لخير.
ومن حسن الظن بالله: التوكل على الله!
وقد جعله ابن القيم من درجات التوكل، وقال: "ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﻪ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ. ﺇﺫ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﺎء ﻇﻨﻚ ﺑﻪ، ﻭﻻ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺮﺟﻮﻩ. ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ".
ومن حسن الظن بالله أن يتمنى لقاء ربه.
ولقد بلغ حسن ظن بعض كبراء الأمة مبلغًا عجيبًا، فقال اﻟﻔﻀﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺽ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻘﻮﻝ: "ﻟﻮ ﺃﺩﺧﻠﻨﻲ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﺼﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﻳﺴﺘﻪ"!
=
❤13👍7
=
ومن حسن الظن بالله: أن يعتقد أن الله لن يخذل أمة نبيه ﷺ وقد قال اﺑﻦ ﻋﻮﻥ: "ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺣﺪا ﻛﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺟﺎء ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻭﺃﺷﺪ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﻪ".
فمن حسن الظن أن يعتقد أن أمة محمد ﷺ لا تجتمع على ضلالة، وأنه سيبقى منها طائفة منصورة، وأن الله لن يسوء محمدًا ﷺ فيها.
وقد بلغ من الخذلان ببعض غلاة التبديع في هذه الأيام كثرة التندر بشأن الأمة، والسخرية من الحديث عن شأنها وحقها والاهتمام بأمرها، لما قد حشي قلبه من اعتقاد ابتداع الناس بل تكفيرهم.
ومن حسن الظن بالله: أن يعتقد المؤمن أن الله لن يجمعه مع الكفار في النار! وﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﻜﺎﺭ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻧﻪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ: ﺃﻥ ﻻ ﺗﺠﻤﻌﻚ ﻭاﻟﻔﺠﺎﺭ ﺩاﺭ ﻭاﺣﺪﺓ!
ﻭﺩﻋﺎ ﺭﺟﻞ ﺑﻌﺮﻓﺎﺕ ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ ﺗﻌﺬﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﻜﻨﺖ ﺗﻮﺣﻴﺪﻙ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﺛﻢ ﺑﻜﻰ! ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺇﺧﺎﻟﻚ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﻌﻔﻮﻙ! ﺛﻢ ﺑﻜﻰ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﻟﺌﻦ ﻋﺬﺑﺘﻨﺎ ﺑﺬﻧﻮﺑﻨﺎ ﻟﺘﺠﻤﻌﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮاﻡ طالما ﻋﺎﺩﻳﻨﺎﻫﻢ ﻓﻴﻚ!
ﻭﺃﺧﺮﺝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ قال: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻟﺼﻴﺮﻓﻲ: ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺫﺭ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺇﺫا ﺗﻼ: ﴿ﻭﺃﻗﺴﻤﻮا ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﻬﺪ ﺃﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺒﻌﺚ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ﴾.
ﻗﺎﻝ: ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﻬﺪ ﺃﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ﻟﻴﺒﻌﺜﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ، ﺃﺗﺮاﻙ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻘِﺴﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺩاﺭ ﻭاﺣﺪﺓ؟
ﻗﺎﻝ ابن أبي الدنيا: ﻭﺑﻜﻰ ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ ﺑﻜﺎء ﺷﺪﻳﺪًا.
والله أعلم.
ومن حسن الظن بالله: أن يعتقد أن الله لن يخذل أمة نبيه ﷺ وقد قال اﺑﻦ ﻋﻮﻥ: "ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺣﺪا ﻛﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺟﺎء ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻭﺃﺷﺪ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﻪ".
فمن حسن الظن أن يعتقد أن أمة محمد ﷺ لا تجتمع على ضلالة، وأنه سيبقى منها طائفة منصورة، وأن الله لن يسوء محمدًا ﷺ فيها.
وقد بلغ من الخذلان ببعض غلاة التبديع في هذه الأيام كثرة التندر بشأن الأمة، والسخرية من الحديث عن شأنها وحقها والاهتمام بأمرها، لما قد حشي قلبه من اعتقاد ابتداع الناس بل تكفيرهم.
ومن حسن الظن بالله: أن يعتقد المؤمن أن الله لن يجمعه مع الكفار في النار! وﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﻜﺎﺭ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻧﻪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ: ﺃﻥ ﻻ ﺗﺠﻤﻌﻚ ﻭاﻟﻔﺠﺎﺭ ﺩاﺭ ﻭاﺣﺪﺓ!
ﻭﺩﻋﺎ ﺭﺟﻞ ﺑﻌﺮﻓﺎﺕ ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ ﺗﻌﺬﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﻜﻨﺖ ﺗﻮﺣﻴﺪﻙ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﺛﻢ ﺑﻜﻰ! ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺇﺧﺎﻟﻚ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﻌﻔﻮﻙ! ﺛﻢ ﺑﻜﻰ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﻟﺌﻦ ﻋﺬﺑﺘﻨﺎ ﺑﺬﻧﻮﺑﻨﺎ ﻟﺘﺠﻤﻌﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮاﻡ طالما ﻋﺎﺩﻳﻨﺎﻫﻢ ﻓﻴﻚ!
ﻭﺃﺧﺮﺝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ قال: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻟﺼﻴﺮﻓﻲ: ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺫﺭ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺇﺫا ﺗﻼ: ﴿ﻭﺃﻗﺴﻤﻮا ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﻬﺪ ﺃﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺒﻌﺚ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ﴾.
ﻗﺎﻝ: ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺟﻬﺪ ﺃﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ﻟﻴﺒﻌﺜﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ، ﺃﺗﺮاﻙ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻘِﺴﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺩاﺭ ﻭاﺣﺪﺓ؟
ﻗﺎﻝ ابن أبي الدنيا: ﻭﺑﻜﻰ ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ ﺑﻜﺎء ﺷﺪﻳﺪًا.
والله أعلم.
❤17👍4😢3
.
من شكر الله على العلم الازدياد في الطاعة، وقد ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻗﻼﺑﺔ: "ﺇﺫا ﺃﺣﺪﺙ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎ ﻓﺄﺣﺪﺙ ﻟﻪ ﻋﺒﺎﺩﺓ! ﻭﻻ ﻳﻜﻦ ﻫﻤﻚ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺙ ﺑﻪ".
جامع بيان العلم وفضله (١/ ٦٥٣)
من شكر الله على العلم الازدياد في الطاعة، وقد ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻗﻼﺑﺔ: "ﺇﺫا ﺃﺣﺪﺙ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎ ﻓﺄﺣﺪﺙ ﻟﻪ ﻋﺒﺎﺩﺓ! ﻭﻻ ﻳﻜﻦ ﻫﻤﻚ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺙ ﺑﻪ".
جامع بيان العلم وفضله (١/ ٦٥٣)
👍21❤8😢2🤝1
.
لما أرسل الله موسى ﷺ إلى فرعون، قال له: ﴿ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾
ولقد كان موسى ﷺ يعرف فرعون جيدًا!
ومع ذلك يخبره ربه بثقل التكليف! وعظم المواجهة!
﴿إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾
لكن موسى ﷺ لم يتلوَ على ربه! ولم يسأل تغيير التكليف! أو تبديل الوجهة إلى طاغية آخر!
بل قال: ﴿رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِی صَدۡرِی وَیَسِّرۡ لِیۤ أَمۡرِی﴾، إلى آخر دعائه.
إذا عظمت عليك التكاليف، وكثرت هموم الدعوة والإصلاح، فلا تتولّ!
وعليك بكثرة الدعاء واللجأة لله!
لما أرسل الله موسى ﷺ إلى فرعون، قال له: ﴿ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾
ولقد كان موسى ﷺ يعرف فرعون جيدًا!
ومع ذلك يخبره ربه بثقل التكليف! وعظم المواجهة!
﴿إِنَّهُۥ طَغَىٰ﴾
لكن موسى ﷺ لم يتلوَ على ربه! ولم يسأل تغيير التكليف! أو تبديل الوجهة إلى طاغية آخر!
بل قال: ﴿رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِی صَدۡرِی وَیَسِّرۡ لِیۤ أَمۡرِی﴾، إلى آخر دعائه.
إذا عظمت عليك التكاليف، وكثرت هموم الدعوة والإصلاح، فلا تتولّ!
وعليك بكثرة الدعاء واللجأة لله!
👍20❤15💔4
.
في ختام سورة النحل، وصى ﷲ أهل الدعوة والإصلاح بوصايا، ومنها قوله: ﴿وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾.
فذكّرهم بأربعة أمور:
• أمرهم: بالصبر، ﴿وَٱصۡبِرۡ﴾.
• ثم دلّهم على ما يعين على الصبر، فإن الصبر شاقة مراكبه، والمؤمن مفتقر إلى المدد الرباني، والتوكل على ﷲ في صبره.
فقال: ﴿وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِ﴾.
ولذا يقترن الصبر والتوكل في القرآن في مواضع.
• ثم نهى عن الحزن: ﴿وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ﴾.
فنهاه أن يحزن على ما كان من أذى أعداء الدعوة في الماضي.
• ثم نهى عن الضيق، على ما يتوقع ويكون من مكر أعداء الدعوة في المستقبل.
فقال: ﴿وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾.
- والتوكل على الله وترك الحزن على الماضي والضيق على المستقبل مما يعين على الصبر.
في ختام سورة النحل، وصى ﷲ أهل الدعوة والإصلاح بوصايا، ومنها قوله: ﴿وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾.
فذكّرهم بأربعة أمور:
• أمرهم: بالصبر، ﴿وَٱصۡبِرۡ﴾.
• ثم دلّهم على ما يعين على الصبر، فإن الصبر شاقة مراكبه، والمؤمن مفتقر إلى المدد الرباني، والتوكل على ﷲ في صبره.
فقال: ﴿وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِ﴾.
ولذا يقترن الصبر والتوكل في القرآن في مواضع.
• ثم نهى عن الحزن: ﴿وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ﴾.
فنهاه أن يحزن على ما كان من أذى أعداء الدعوة في الماضي.
• ثم نهى عن الضيق، على ما يتوقع ويكون من مكر أعداء الدعوة في المستقبل.
فقال: ﴿وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾.
- والتوكل على الله وترك الحزن على الماضي والضيق على المستقبل مما يعين على الصبر.
❤17👍6👏3💔2
.
من منهج السلف الصالح التماس العذر للمؤمنين، وتوسيع العذر ما أمكن، وحمل المحتمل من الأفعال على أكرم المحامل.
فعن ﻣﻴﻤﻮﻥ بن مهران، ﻗﺎﻝ: "ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺃﺥ ﻟﻲ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻗﻂ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻘﺎﻁ اﻟﻤﻜﺮﻭﻩ ﻋﻨﻪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ: ﻟﻢ ﺃﻗﻞ، ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺘﺬﺭ، ﺃﺑﻐﻀﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ".
(حلية الأولياء ٤/ ٨٥)
ثم قارن هذا بفعل بعض المتسننة المعاصرين الذين يجعلون من تضييق العذر، وحمل الأفعال المحتملة على أقبح المحامل؛ منهجًا للسلف! حاشاهم.
من منهج السلف الصالح التماس العذر للمؤمنين، وتوسيع العذر ما أمكن، وحمل المحتمل من الأفعال على أكرم المحامل.
فعن ﻣﻴﻤﻮﻥ بن مهران، ﻗﺎﻝ: "ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺃﺥ ﻟﻲ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻗﻂ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻘﺎﻁ اﻟﻤﻜﺮﻭﻩ ﻋﻨﻪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ: ﻟﻢ ﺃﻗﻞ، ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺘﺬﺭ، ﺃﺑﻐﻀﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ".
(حلية الأولياء ٤/ ٨٥)
ثم قارن هذا بفعل بعض المتسننة المعاصرين الذين يجعلون من تضييق العذر، وحمل الأفعال المحتملة على أقبح المحامل؛ منهجًا للسلف! حاشاهم.
👍23💯6🤝2
Forwarded from قطوف الريحان
قال زيد بن سنان الأسدي:
«إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين، يتعلم الوقيعة في الناس، متى يُفلح؟».
[ترتيب المدارك ٤/ ١٠٤].
https://www.tgoop.com/Hamzawy_Ahm
«إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين، يتعلم الوقيعة في الناس، متى يُفلح؟».
[ترتيب المدارك ٤/ ١٠٤].
https://www.tgoop.com/Hamzawy_Ahm
Telegram
قطوف الريحان
قناة علمية تنشر فوائد الشيخ أحمد بن محمد الحمزاوي حفظه الله وبحوثه ومقالاته..
[يدير القناة أحد تلاميذ الشيخ]
[يدير القناة أحد تلاميذ الشيخ]
👍12
.
يُعلّم الله الأمة حكما من أحكام الطلاق، إذا كان هناك ولد يحتاج للرضاع: ﴿فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَا﴾
أرادا فصالا: أي أراد الطليقان فطم الولد.
فليتراضيا بتشاور في مصلحة الولد!
هكذا تعلمنا الشريعة:
إنه طلاق وانهدام أسرة!
ومع ذلك يبقى التشاور والتراضي للمصلحة!
أين الذين إذا اختصموا قطعوا كل سبيل لمصالح المسلمين، ولم يرعوا خيرًا لغيرهم، ولم يبقوا إلا الصراع والنفور والعداوات؟
ولربما كان هناك عمل دعوي، أو نشاط إصلاح، فيختصم المختصمون فيهدمون كل ذلك، ولا يبقون للدعوة حظًا.
يُعلّم الله الأمة حكما من أحكام الطلاق، إذا كان هناك ولد يحتاج للرضاع: ﴿فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَا﴾
أرادا فصالا: أي أراد الطليقان فطم الولد.
فليتراضيا بتشاور في مصلحة الولد!
هكذا تعلمنا الشريعة:
إنه طلاق وانهدام أسرة!
ومع ذلك يبقى التشاور والتراضي للمصلحة!
أين الذين إذا اختصموا قطعوا كل سبيل لمصالح المسلمين، ولم يرعوا خيرًا لغيرهم، ولم يبقوا إلا الصراع والنفور والعداوات؟
ولربما كان هناك عمل دعوي، أو نشاط إصلاح، فيختصم المختصمون فيهدمون كل ذلك، ولا يبقون للدعوة حظًا.
👍16💔3
.
من أدب المتقيات ألا تكلف زوجها ما ليس له به قدرة، خاصة في باب الزينة والتجمل، فإنّ الزينة محبوبة للمرأة، والزوج يريد من زوجته أن تكون على حال حسنى من الجمال، ولكن لتكن خفيفة على زوجها، متحببة له بما تيسر.
وعند ابن أبي شيبة ﻋﻦ ﺭﺟﺎء ﺑﻦ ﺣﻴﻮﺓ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ بن جبل رضي الله عنه، ﻗﺎﻝ: "ﺇﻧﻜﻢ اﺑﺘﻠﻴﺘﻢ بفتنة اﻟﻀﺮاء ﻓﺼﺒﺮﺗﻢ، ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺒﺘﻠﻮﻥ بفتنة اﻟﺴﺮاء، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﻮﻑ ﻣﺎ ﺃﺗﺨﻮﻑ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻨﺴﺎء! ﺇﺫا ﺗﺴﻮﺭﻥ اﻟﺬﻫﺐ، ﻭﻟﺒﺴﻦ ﺭﻳﻂ اﻟﺸﺎﻡ، ﻓﺄﺗﻌﺒﻦ اﻟﻐﻨﻲ، ﻭﻛﻠﻔﻦ اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪ".
من أدب المتقيات ألا تكلف زوجها ما ليس له به قدرة، خاصة في باب الزينة والتجمل، فإنّ الزينة محبوبة للمرأة، والزوج يريد من زوجته أن تكون على حال حسنى من الجمال، ولكن لتكن خفيفة على زوجها، متحببة له بما تيسر.
وعند ابن أبي شيبة ﻋﻦ ﺭﺟﺎء ﺑﻦ ﺣﻴﻮﺓ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ بن جبل رضي الله عنه، ﻗﺎﻝ: "ﺇﻧﻜﻢ اﺑﺘﻠﻴﺘﻢ بفتنة اﻟﻀﺮاء ﻓﺼﺒﺮﺗﻢ، ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺒﺘﻠﻮﻥ بفتنة اﻟﺴﺮاء، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﻮﻑ ﻣﺎ ﺃﺗﺨﻮﻑ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻨﺴﺎء! ﺇﺫا ﺗﺴﻮﺭﻥ اﻟﺬﻫﺐ، ﻭﻟﺒﺴﻦ ﺭﻳﻂ اﻟﺸﺎﻡ، ﻓﺄﺗﻌﺒﻦ اﻟﻐﻨﻲ، ﻭﻛﻠﻔﻦ اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪ".
❤22👍10💯6
.
رفع الله لأهل العلم الذي دل عليه عموم قوله: ﴿یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ﴾؛ إنما هو لأهل العمل به، المبينين للحق، لقوله عن عالم بني إسرائيل: ﴿وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُۥۤ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُۚ﴾.
رفع الله لأهل العلم الذي دل عليه عموم قوله: ﴿یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ﴾؛ إنما هو لأهل العمل به، المبينين للحق، لقوله عن عالم بني إسرائيل: ﴿وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُۥۤ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُۚ﴾.
👍11❤6
﴿كَذَ ٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ﴾
تأمّل: ﴿كذلك كنتم من قبل﴾!
يتدبرها المؤمن، فيرحم بها مَن خالفه،
وتخبت بها نفسه فلا يشمخ على الخلق.
تأمّل: ﴿كذلك كنتم من قبل﴾!
يتدبرها المؤمن، فيرحم بها مَن خالفه،
وتخبت بها نفسه فلا يشمخ على الخلق.
👍21
🚩 إعلان للحفاظ 🚩
🔈 يعلن وقف تحفيظ السنة عن بدء التسجيل في:
🌴 *الحلقات الفصلية لحفظ السنة النبوية*🌴
من خلال برنامج فضيلة شيخنا: يحيى بن عبدالعزيز اليحيى، في كتبه التالية:
1- الجمع بين الصحيحين.
2- الجمع بين زوائد السنن الخمس.
3- الجمع بين زوائد المسانيد الخمسة.
4- الجمع بين زوائد الصحاح الثلاثة والمعاجم الثلاثة.
🗓️ تبدأ الحلقات -بمشيئة الله- في يوم الأحد 21/ 2/ 1446.
📋 *شروط القبول*
1- اجتياز اختبار القرآن الكريم كاملا (للمستجدين)
2- اجتياز الاختبار في المجلد السابق (لغير المستجدين).
🚩 تبدأ اختبارات القبول يوم الثلاثاء 16/ 2/ 1446.
*البرنامج متاح لمن أراد الحفظ أو المراجعة*
📝 آلية العمل:
- الحلقات الحضورية، تكون في الحرمين الشريفين (مكة والمدينة).
- وعن بعد، في بقية المدن داخل السعودية وخارجها.
- في الحلقات عن بعد: يكون التسميع عبر الاتصال الصوتي.
- اختبار في نهاية المجلد.
- مراجعة يومية وأسبوعية للمحفوظ.
للاستفسار:
واتس فقط : 0546763302
رابط التسجيل:
https://forms.gle/Y8k5EkRzGqWmJyVa8
🔈 يعلن وقف تحفيظ السنة عن بدء التسجيل في:
🌴 *الحلقات الفصلية لحفظ السنة النبوية*🌴
من خلال برنامج فضيلة شيخنا: يحيى بن عبدالعزيز اليحيى، في كتبه التالية:
1- الجمع بين الصحيحين.
2- الجمع بين زوائد السنن الخمس.
3- الجمع بين زوائد المسانيد الخمسة.
4- الجمع بين زوائد الصحاح الثلاثة والمعاجم الثلاثة.
🗓️ تبدأ الحلقات -بمشيئة الله- في يوم الأحد 21/ 2/ 1446.
📋 *شروط القبول*
1- اجتياز اختبار القرآن الكريم كاملا (للمستجدين)
2- اجتياز الاختبار في المجلد السابق (لغير المستجدين).
🚩 تبدأ اختبارات القبول يوم الثلاثاء 16/ 2/ 1446.
*البرنامج متاح لمن أراد الحفظ أو المراجعة*
📝 آلية العمل:
- الحلقات الحضورية، تكون في الحرمين الشريفين (مكة والمدينة).
- وعن بعد، في بقية المدن داخل السعودية وخارجها.
- في الحلقات عن بعد: يكون التسميع عبر الاتصال الصوتي.
- اختبار في نهاية المجلد.
- مراجعة يومية وأسبوعية للمحفوظ.
للاستفسار:
واتس فقط : 0546763302
رابط التسجيل:
https://forms.gle/Y8k5EkRzGqWmJyVa8
Google Docs
تسجيل الطلاب في الحلقات الفصلية لعام 1446
برنامج تحفيظ السنة عبر كتب الشيخ يحيى بن عبدالعزيز اليحيى، تحت إشراف "وقف تحفيظ السنة".
تبدأ الحلقات يوم الأحد، الموافق: 21/ 2/ 1446 هـ.
يشترط لقبول المستجدين في الحلقات: حفظ القرآن الكريم كاملا بضبط وإتقان واجتياز الاختبار فيه. ويشترط لغيرهم إتمام حفظ الفرع…
تبدأ الحلقات يوم الأحد، الموافق: 21/ 2/ 1446 هـ.
يشترط لقبول المستجدين في الحلقات: حفظ القرآن الكريم كاملا بضبط وإتقان واجتياز الاختبار فيه. ويشترط لغيرهم إتمام حفظ الفرع…
👍8❤7
.
لما أخرج مسلم حديث ﻋﺎﺋﺸﺔ قالت: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺳﺪﺩﻭا ﻭﻗﺎﺭﺑﻮا ﻭﺃﺑﺸﺮﻭا، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﺃﺣﺪا ﻋﻤﻠﻪ»!
ﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻻ ﺃﻧﺖ؟ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ!
ﻗﺎﻝ: «ﻭﻻ ﺃﻧﺎ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻧﻲ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﺣﻤﺔ، ﻭاﻋﻠﻤﻮا ﺃﻥ ﺃﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﺩﻭﻣﻪ ﻭﺇﻥ ﻗﻞ».
وهو الحديث الذي يدل على أن عمل المؤمن ليس الذي يدخله الجنة!
وأن المؤمن مأمور بالتسديد والمقاربة، فلا يغلو ولا يقصر.
لما أخرج مسلم الحديث الماضي؛ أخرج بعده حديث اﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ، ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺻﻠﻰ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻔﺨﺖ ﻗﺪﻣﺎﻩ!
ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﺃﺗﻜﻠﻒ ﻫﺬا؟ ﻭﻗﺪ ﻏﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻚ ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ!
ﻓﻘﺎﻝ: «ﺃﻓﻼ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺒﺪا ﺷﻜﻮﺭا»!
وهو في البخاري أيضا.
ليتزن المؤمن الذي يسمع حديث النبي ﷺ بأن العمل ليس الذي يدخله الجنة، فلا يقصر في العمل، فقد كان قدوته الذي قال: «ﻭﻻ ﺃﻧﺎ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻧﻲ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﺣﻤﺔ»
يقوم حتى تتفطر قدماه.
وفي لفظ: "حتى ترم" في البخاري ومسلم.
وفي لفظ: "حتى انتفخت"، في مسلم.
وفي لفظ: "حتى تزلع"، في النسائي.
لما أخرج مسلم حديث ﻋﺎﺋﺸﺔ قالت: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺳﺪﺩﻭا ﻭﻗﺎﺭﺑﻮا ﻭﺃﺑﺸﺮﻭا، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﺃﺣﺪا ﻋﻤﻠﻪ»!
ﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻻ ﺃﻧﺖ؟ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ!
ﻗﺎﻝ: «ﻭﻻ ﺃﻧﺎ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻧﻲ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﺣﻤﺔ، ﻭاﻋﻠﻤﻮا ﺃﻥ ﺃﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﺩﻭﻣﻪ ﻭﺇﻥ ﻗﻞ».
وهو الحديث الذي يدل على أن عمل المؤمن ليس الذي يدخله الجنة!
وأن المؤمن مأمور بالتسديد والمقاربة، فلا يغلو ولا يقصر.
لما أخرج مسلم الحديث الماضي؛ أخرج بعده حديث اﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ، ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺻﻠﻰ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻔﺨﺖ ﻗﺪﻣﺎﻩ!
ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﺃﺗﻜﻠﻒ ﻫﺬا؟ ﻭﻗﺪ ﻏﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻚ ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ!
ﻓﻘﺎﻝ: «ﺃﻓﻼ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺒﺪا ﺷﻜﻮﺭا»!
وهو في البخاري أيضا.
ليتزن المؤمن الذي يسمع حديث النبي ﷺ بأن العمل ليس الذي يدخله الجنة، فلا يقصر في العمل، فقد كان قدوته الذي قال: «ﻭﻻ ﺃﻧﺎ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻧﻲ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﺣﻤﺔ»
يقوم حتى تتفطر قدماه.
وفي لفظ: "حتى ترم" في البخاري ومسلم.
وفي لفظ: "حتى انتفخت"، في مسلم.
وفي لفظ: "حتى تزلع"، في النسائي.
❤16👍7
.
(تواضع العلماء)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي مصنف ابن أبي شيبة ورواه النسائي في الكبرى عن ﻋﺎﺋﺸﺔ انها ﻗﺎﻟﺖ: "ﺇﻧﻜﻢ ﻟﺘﺪﻋﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ اﻟﺘﻮاﺿﻊ".
(ابن أبي شيبة، برقم ٣٤٧٣٩، النسائي في الكبرى، برقم ١١٨٥٢).
وأولى الناس بهذا الخلق الشريف أهل العلم والدعوة والإصلاح، وقد روى البيهقي في المدخل عن عمر ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ قال: "ﺗﻌﻠﻤﻮا اﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺗﻌﻠﻤﻮا ﻟﻠﻌﻠﻢ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻭاﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺗﻮاﺿﻌﻮا ﻟﻤﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ ﺟﺒﺎﺭﻱ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻤﻜﻢ ﻣﻊ ﺟﻬﻠﻜﻢ"!
(المدخل ٥٣٩).
وفي مصنف ابن أبي شيبة ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ السختياني، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ اﻟﺘﺮاﺏ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ تواضعًا ﻟﻠﻪ!
(مصنف ابن أبي شيبة، برقم ٣٥٦٨٤)
وقد جاء مثل ذلك عن حماد بن زيد.
(الجامع للخطيب ١/ ٣٥١)
ولاشك أن وضع التراب على الرأس ليس من السنة، ولم تأت به أدلة الشرع، ولكن تأمل أصل الأمر عند هذا الإمام الصالح أيوب السختياني، فإنه نظر إلى شأن العالم، وما منَ الله به على العالم من منة العلم، وما ينبغي أن يقابل العالم هذه النعمة! وأن من تمام ذلك عنده -رحمه الله- أن يدفع عن نفسه رعونة الفخر بالعلم حتى يضع التراب على رأسه!
والتواضع من أبواب الحكمة، قال سفيان: "ﻛﺎﻥ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ المتواضعين ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻻ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ اﻟﻤﺘﻜﺒﺮﻳﻦ"!
(تاريخ جرجان ٢١٦)
ومن أعظم أنواع التواضع غمط النفس ولو في اختصاصها العملي والعلمي إذا وجد المقتضى! فإن من فُتح له في علم حُبّبَ له أن يراه أفضل علم وأشرف عبادة!
وقد قال ابن مجاهد: كنت عند أبي العباس ثعلب، فقال: يا أبا بكر، اشتغل أهل القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو؛ فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة! فانصرفت من عنده تلك الليلة، فرأيت النبي ﷺ في المنام، فقال: "أقرئ أبا العباس عني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل"!
(تاريخ بغداد ٦/ ٤٤٨)
قال أبو عبد الله الروذباري: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، أو أنه أراد أن جميع العلوم مفتقرة إليه.
ومن عظيم ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم من التواضع؛ أنهم كانوا لا يمتنعون أن يأخذ أحدهم العلم عن طلابه!
ولذا كتب المحدثون في علوم الحديث في كتابة الشيخ عن تلميذه، وصار ذلك فرعًا من فروع علوم الحديث، يؤلفون فيه وينبهون عليه، ويسمونه: رواية الأكابر عن الأصاغر، ومنه رواية الآباء عن الأبناء.
والتلطف بالطالب، والتواضع له من خصال العالم الصالح، وقد ذكر محمد بن بشر العكري أنه حضر عند المزني فجاء رجل فقبل رأسه، فأخذ المزني يد الرجل فقبلها!
(الجامع للخطيب ١/ ٣٥١)
ولطالما كان شيخنا العلّامة عبد الله بن جبرين إذا أراد أحد أن يقبّل رأسه تمنّع، فإن غلبه أحد على ذلك، سارع هو لتقبيل رأس الطالب!
وكان مالك على سلطنته في العلم يتواضع لطلابه وأصحابه، فلما قدم عليه ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ -ﻓﻘﻴﻪ اﻟﻘﻴﺮﻭاﻥ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ- واﺗﺎﻩ ﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻤﺴﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎﻳﺎﺕ ﻓﻘﺮﺋﺖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻣﺎﻟﻚ: ﺃﺟﺒﻬﻢ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻓﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺑﻠﺪﻙ!
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ: ﺑﺤﻀﺮﺗﻚ؟
ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ! ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻴﻚ!
وابن فروخ فقد كان له مقام زكيّ في هذا، وكان يجهد ألا تظهر في النّاس منزلته، ولا يشتهر فيهم جاهه، وقد ﻛﺎﻥ اﻟﻨﺎﺱ يسارعون لصحبته ﻭﻳﺠﻠﺴﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﺫا ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺩاﺭﻩ، ﻭﻳﻤﺸﻮﻥ ﻣﻌﻪ، ﻭﻳﻐﺘﻨﻤﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻣﺘﻰ أتى اﻟﺠﺎﻣﻊ، فكان إذا ﻭﺻﻞ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺗﺸﺎﻏﻞ ﺑﻤﺴﺢ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﺧﺎﺭﺝ اﻟﻤﺴﺠﺪ! ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻤﻦ ﻣﻌﻪ: اﺩﺧﻠﻮا ﺭﺣﻤﻜﻢ اﻟﻠﻪ. ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ!
وقد كان لهذا الرجل الصالح حكايات عجيبة ذكرها القاضي عياض، فقد ذكر ﺳﺤﻨﻮﻥ أن اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اختلف مع اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻮﻟﻴﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﻏﻴﺮ ﻋﺪﻝ اﻟﻘﻀﺎء، ﻓﺄﺟﺎﺯ اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﻲ، ﻭﺃﺑﺎﻩ اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ، ﻭﻛﺘﺒﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻟﻚ!
ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮﺃ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ: ﻭﻟﻲ اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ؟
ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ!
ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭاﺟﻌﻮﻥ، ﻓﺄﻻ ﻫﺮﺏ! ﻓﺄﻻ ﻓﺮّ، ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻄﻊ ﻳﺪاﻩ؟!
ﺃﺻﺎﺏ اﻟﻔﺎﺭﺳﻲ، ﻭﺃﺧﻄﺄ اﻟﺬﻱ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺮﺑﻲ".
ترتيب المدارك (٣/ ١٠٢)
ولما حضر أبو الثناء الأصفهاني عند ابن تيمية، وعنده مجلس في العمدة في الأحكام الصغرى، قال ابن تيمية: ما نتكلم وأنت حاضر!
(مسالك الأبصار، لابن فضل الله العمري - ٩/ ٢٢٩).
=
(تواضع العلماء)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي مصنف ابن أبي شيبة ورواه النسائي في الكبرى عن ﻋﺎﺋﺸﺔ انها ﻗﺎﻟﺖ: "ﺇﻧﻜﻢ ﻟﺘﺪﻋﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ اﻟﺘﻮاﺿﻊ".
(ابن أبي شيبة، برقم ٣٤٧٣٩، النسائي في الكبرى، برقم ١١٨٥٢).
وأولى الناس بهذا الخلق الشريف أهل العلم والدعوة والإصلاح، وقد روى البيهقي في المدخل عن عمر ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ قال: "ﺗﻌﻠﻤﻮا اﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺗﻌﻠﻤﻮا ﻟﻠﻌﻠﻢ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻭاﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺗﻮاﺿﻌﻮا ﻟﻤﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ ﺟﺒﺎﺭﻱ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻤﻜﻢ ﻣﻊ ﺟﻬﻠﻜﻢ"!
(المدخل ٥٣٩).
وفي مصنف ابن أبي شيبة ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ السختياني، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ اﻟﺘﺮاﺏ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ تواضعًا ﻟﻠﻪ!
(مصنف ابن أبي شيبة، برقم ٣٥٦٨٤)
وقد جاء مثل ذلك عن حماد بن زيد.
(الجامع للخطيب ١/ ٣٥١)
ولاشك أن وضع التراب على الرأس ليس من السنة، ولم تأت به أدلة الشرع، ولكن تأمل أصل الأمر عند هذا الإمام الصالح أيوب السختياني، فإنه نظر إلى شأن العالم، وما منَ الله به على العالم من منة العلم، وما ينبغي أن يقابل العالم هذه النعمة! وأن من تمام ذلك عنده -رحمه الله- أن يدفع عن نفسه رعونة الفخر بالعلم حتى يضع التراب على رأسه!
والتواضع من أبواب الحكمة، قال سفيان: "ﻛﺎﻥ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ المتواضعين ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻻ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ اﻟﻤﺘﻜﺒﺮﻳﻦ"!
(تاريخ جرجان ٢١٦)
ومن أعظم أنواع التواضع غمط النفس ولو في اختصاصها العملي والعلمي إذا وجد المقتضى! فإن من فُتح له في علم حُبّبَ له أن يراه أفضل علم وأشرف عبادة!
وقد قال ابن مجاهد: كنت عند أبي العباس ثعلب، فقال: يا أبا بكر، اشتغل أهل القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو؛ فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة! فانصرفت من عنده تلك الليلة، فرأيت النبي ﷺ في المنام، فقال: "أقرئ أبا العباس عني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل"!
(تاريخ بغداد ٦/ ٤٤٨)
قال أبو عبد الله الروذباري: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، أو أنه أراد أن جميع العلوم مفتقرة إليه.
ومن عظيم ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم من التواضع؛ أنهم كانوا لا يمتنعون أن يأخذ أحدهم العلم عن طلابه!
ولذا كتب المحدثون في علوم الحديث في كتابة الشيخ عن تلميذه، وصار ذلك فرعًا من فروع علوم الحديث، يؤلفون فيه وينبهون عليه، ويسمونه: رواية الأكابر عن الأصاغر، ومنه رواية الآباء عن الأبناء.
والتلطف بالطالب، والتواضع له من خصال العالم الصالح، وقد ذكر محمد بن بشر العكري أنه حضر عند المزني فجاء رجل فقبل رأسه، فأخذ المزني يد الرجل فقبلها!
(الجامع للخطيب ١/ ٣٥١)
ولطالما كان شيخنا العلّامة عبد الله بن جبرين إذا أراد أحد أن يقبّل رأسه تمنّع، فإن غلبه أحد على ذلك، سارع هو لتقبيل رأس الطالب!
وكان مالك على سلطنته في العلم يتواضع لطلابه وأصحابه، فلما قدم عليه ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ -ﻓﻘﻴﻪ اﻟﻘﻴﺮﻭاﻥ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ- واﺗﺎﻩ ﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻤﺴﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎﻳﺎﺕ ﻓﻘﺮﺋﺖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻣﺎﻟﻚ: ﺃﺟﺒﻬﻢ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻓﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺑﻠﺪﻙ!
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ: ﺑﺤﻀﺮﺗﻚ؟
ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ! ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻴﻚ!
وابن فروخ فقد كان له مقام زكيّ في هذا، وكان يجهد ألا تظهر في النّاس منزلته، ولا يشتهر فيهم جاهه، وقد ﻛﺎﻥ اﻟﻨﺎﺱ يسارعون لصحبته ﻭﻳﺠﻠﺴﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﺫا ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺩاﺭﻩ، ﻭﻳﻤﺸﻮﻥ ﻣﻌﻪ، ﻭﻳﻐﺘﻨﻤﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻣﺘﻰ أتى اﻟﺠﺎﻣﻊ، فكان إذا ﻭﺻﻞ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺗﺸﺎﻏﻞ ﺑﻤﺴﺢ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﺧﺎﺭﺝ اﻟﻤﺴﺠﺪ! ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻤﻦ ﻣﻌﻪ: اﺩﺧﻠﻮا ﺭﺣﻤﻜﻢ اﻟﻠﻪ. ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ!
وقد كان لهذا الرجل الصالح حكايات عجيبة ذكرها القاضي عياض، فقد ذكر ﺳﺤﻨﻮﻥ أن اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اختلف مع اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻮﻟﻴﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﻏﻴﺮ ﻋﺪﻝ اﻟﻘﻀﺎء، ﻓﺄﺟﺎﺯ اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﻲ، ﻭﺃﺑﺎﻩ اﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ، ﻭﻛﺘﺒﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻟﻚ!
ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮﺃ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ: ﻭﻟﻲ اﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ؟
ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ!
ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭاﺟﻌﻮﻥ، ﻓﺄﻻ ﻫﺮﺏ! ﻓﺄﻻ ﻓﺮّ، ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻄﻊ ﻳﺪاﻩ؟!
ﺃﺻﺎﺏ اﻟﻔﺎﺭﺳﻲ، ﻭﺃﺧﻄﺄ اﻟﺬﻱ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺮﺑﻲ".
ترتيب المدارك (٣/ ١٠٢)
ولما حضر أبو الثناء الأصفهاني عند ابن تيمية، وعنده مجلس في العمدة في الأحكام الصغرى، قال ابن تيمية: ما نتكلم وأنت حاضر!
(مسالك الأبصار، لابن فضل الله العمري - ٩/ ٢٢٩).
=
👍13❤5
=
والتواضع في العلم من أسباب التوفيق والإعانة، وبضده قد تسدّ أبواب التوفيق، ومن طريف ما في الباب أن ابن حمدون ذكر في حاشيته على شرح المكودي (١/ ٢٣)، في شرحه لقول ابن مالك:
"فائقة ألفية ابن معطي"، قال: "ويروى أن ابن مالك زاد بعد هذا:
فائقة منها بألف بيت!
ثم وقف!
ولم يستطع الزيادة على هذا الشعر أيامًا!
فرأى شخصًا في منامه، فقال: سمعت أنك تضع ألفية في النحو؟
قال ابن مالك: نعم!
فقال: إلى أين وصلت؟
فقال: إلى "فائقة منها بألف بيت"!
فقال: ما منعك من إتمام هذا البيت؟
فقال له: عجزت منذ أيام!
فقال له: أتريد إتمامه؟
قال له: نعم!
فقال له: "والحي قد يغلب ألف ميت"!
فقال له: لعلك أنت ابن معطي!
قال له: نعم!
فاستحيا منه!
فلما أصبح أسقط ذلك الشطر وقال: "وهو بسبْق حائزًا تفضيلاً! إلخ.
والإنصاف أن نظم ابن مالك أجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب".
ومن ألطف أنواع التواضع العلمي أن يرجع العالم عن خطئه، ولا يستنكف أن ينوه بمن صحح له خطأه!
ومن جميل ما يروى في هذا أن الدارقطني ذكر أنه حضر عند الإمام أبي ﺑﻜﺮ اﺑﻦ اﻷﻧﺒﺎﺭﻱ اﻟﻨﺤﻮﻱ، وهو من هو في علمه وفضله، وﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨﺤﻮ ﻭاﻷﺩﺏ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺣﻔﻈًﺎ ﻟﻪ.
فحضر الدارقطني ﻣﺠﻠﺲ إملاء له في ﻳﻮﻡ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻓﺼﺤّﻒ ابن الأنباري اﺳﻤًﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺣﺪﻳﺚ، ﺇﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺒﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺣﻴﺎﻥ، ﺃﻭ ﺣﻴﺎﻥ ﻓﻘﺎﻝ: ﺣﺒﺎﻥ.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ الدارقطني: ﻓﺄﻋﻈﻤﺖ ﺃﻥ ﻳُﺤﻤﻞ ﻋﻦ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺟﻼﻟﺘﻪ ﻭﻫﻢ!
ﻭﻫﺒﺘﻪ ﺃﻥ ﺃﻭﻗﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ!
ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻘﻀﻰ اﻹﻣﻼء، ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻤﻠﻲ ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻟﻪ ﻭﻫﻤﻪ، ﻭﻋﺮّﻓﺘﻪ ﺻﻮاﺏ اﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ، ﻭاﻧﺼﺮﻓﺖ.
ﺛﻢ ﺣﻀﺮﺕ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﻠﺴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ابن الأنباري ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻠﻲ: ﻋﺮّﻑ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ، ﺃﻧﺎ ﺻﺤّﻔﻨﺎ اﻻﺳﻢ اﻟﻔﻼﻧﻲ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﻠﻴﻨﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻛﺬا ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻧﺒﻬﻨﺎ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﺎﺏ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮاﺏ، ﻭﻫﻮ ﻛﺬا!
ﻭﻋﺮّﻑ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﺎﺏ ﺃﻧﺎ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻷﺻﻞ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎﻩ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ!
تاريخ بغداد (٤/ ٢٩٩)
وقريب من ذلك ألا يستكبر العالم أن يرجع إذا أخطأ في حق طالب أو صاحب.
ومن مفاخر ما يذكر في تراجم علمائنا، أنه ﻛﺎﻥ ﻳُﻘﺮﺃ ﻋﻨﺪ الفقيه ابن هبيرة -الوزير الصالح- اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ، ﻓﺤﻀﺮ ﻓﻘﻴﻪ ﻣﺎﻟﻜﻲ وذكرت ﻣﺴﺄﻟﺔ، ﻓﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻊ ﻭﺃﺻﺮّ!
ﻓﻘﺎﻝ له اﻟﻮﺯﻳﺮ ابن هبيرة: ﺃﺣﻤﺎﺭ ﺃﻧﺖ! ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻯ اﻟﻜﻞ ﻳﺨﺎﻟﻔﻮﻧﻚ؟!
ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻐﺪ، ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ: ﺇﻧﻪ ﺟﺮﻯ ﻣﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ، ﻓﻠﻴﻘﻞ ﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ، ﻓﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺇﻻ ﻛﺄﺣﺪﻛﻢ!
ﻓﻀﺞّ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء!
ﻭاﻋﺘﺬﺭ اﻟﻔﻘﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺎ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻻﻋﺘﺬاﺭ!
ﻭﺟﻌﻞ الوزير العالم ابن هبيرة ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﻘﺼﺎﺹ اﻟﻘﺼﺎﺹ!
ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ: ﺇﺫ ﺃﺑﻰ اﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﺎﻟﻔﺪاء!
ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻮﺯﻳﺮ: ﻟﻪ ﺣﻜﻤﻪ!
ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻔﻘﻴﻪ: ﻧﻌﻤﻚ ﻋﻠﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﺄﻱ ﺣﻜﻢ ﺑﻘﻲ ﻟﻲ؟
ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺑﺪ!
ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻲ ﺩﻳﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ!
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ مائتي ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﺎﺋﺔ ﻹﺑﺮاء ﺫﻣﺘﻪ، ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻹﺑﺮاء ﺫﻣﺘﻲ.
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
ومما له اتصال بذلك وهو من التواضع العلمي، ألا يظهر المفيد للمستفيد عظيم إفادته، وألا يستطيل بتلك الفائدة، ومما يذكر في ترجمة اﻟﺨﻠﻴﻞ الفراهيدي، وكان إمامًا في العربية، عابدًا، صالحًا، معظّمًا للسنة، قانعًا متواضعًا، ﻗﺎﻝ ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ: ﻛﺎﻥ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺇﺫا ﺃﻓﺎﺩ ﺇﻧﺴﺎﻧًﺎ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻟﻢ ﻳﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﻓﺎﺩﻩ!
ﻭﺇﻥ اﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺷﻴﺌًﺎ، ﺃﺭاﻩ ﺑﺄﻧﻪ اﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ!
ﻭﻛﺎﻥ الوزير الصالح الحنبلي ابن هبيرة ﺇﺫا اﺳﺘﻔﺎﺩ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻓﺎﺩﻧﻴﻪ ﻓﻼﻥ.
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
ومن تواضع أكابر العلماء، ألا يستنكف من قضاء حوائج أهله وسوقه، وقد كان النبي ﷺ يكون في مهنة أهله، كما في البخاري.
وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه، كما في مسند أحمد.
وفي ترجمة أبي ﺑﻜﺮ اﻟﻌﻠﺜﻲ، أنه كان ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﻮاﺋﺠﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺮﻓﻪ.
=
والتواضع في العلم من أسباب التوفيق والإعانة، وبضده قد تسدّ أبواب التوفيق، ومن طريف ما في الباب أن ابن حمدون ذكر في حاشيته على شرح المكودي (١/ ٢٣)، في شرحه لقول ابن مالك:
"فائقة ألفية ابن معطي"، قال: "ويروى أن ابن مالك زاد بعد هذا:
فائقة منها بألف بيت!
ثم وقف!
ولم يستطع الزيادة على هذا الشعر أيامًا!
فرأى شخصًا في منامه، فقال: سمعت أنك تضع ألفية في النحو؟
قال ابن مالك: نعم!
فقال: إلى أين وصلت؟
فقال: إلى "فائقة منها بألف بيت"!
فقال: ما منعك من إتمام هذا البيت؟
فقال له: عجزت منذ أيام!
فقال له: أتريد إتمامه؟
قال له: نعم!
فقال له: "والحي قد يغلب ألف ميت"!
فقال له: لعلك أنت ابن معطي!
قال له: نعم!
فاستحيا منه!
فلما أصبح أسقط ذلك الشطر وقال: "وهو بسبْق حائزًا تفضيلاً! إلخ.
والإنصاف أن نظم ابن مالك أجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب".
ومن ألطف أنواع التواضع العلمي أن يرجع العالم عن خطئه، ولا يستنكف أن ينوه بمن صحح له خطأه!
ومن جميل ما يروى في هذا أن الدارقطني ذكر أنه حضر عند الإمام أبي ﺑﻜﺮ اﺑﻦ اﻷﻧﺒﺎﺭﻱ اﻟﻨﺤﻮﻱ، وهو من هو في علمه وفضله، وﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨﺤﻮ ﻭاﻷﺩﺏ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺣﻔﻈًﺎ ﻟﻪ.
فحضر الدارقطني ﻣﺠﻠﺲ إملاء له في ﻳﻮﻡ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻓﺼﺤّﻒ ابن الأنباري اﺳﻤًﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺣﺪﻳﺚ، ﺇﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺒﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺣﻴﺎﻥ، ﺃﻭ ﺣﻴﺎﻥ ﻓﻘﺎﻝ: ﺣﺒﺎﻥ.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ الدارقطني: ﻓﺄﻋﻈﻤﺖ ﺃﻥ ﻳُﺤﻤﻞ ﻋﻦ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺟﻼﻟﺘﻪ ﻭﻫﻢ!
ﻭﻫﺒﺘﻪ ﺃﻥ ﺃﻭﻗﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ!
ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻘﻀﻰ اﻹﻣﻼء، ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻤﻠﻲ ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻟﻪ ﻭﻫﻤﻪ، ﻭﻋﺮّﻓﺘﻪ ﺻﻮاﺏ اﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ، ﻭاﻧﺼﺮﻓﺖ.
ﺛﻢ ﺣﻀﺮﺕ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﻠﺴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ابن الأنباري ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻠﻲ: ﻋﺮّﻑ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ، ﺃﻧﺎ ﺻﺤّﻔﻨﺎ اﻻﺳﻢ اﻟﻔﻼﻧﻲ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﻠﻴﻨﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻛﺬا ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻧﺒﻬﻨﺎ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﺎﺏ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮاﺏ، ﻭﻫﻮ ﻛﺬا!
ﻭﻋﺮّﻑ ﺫﻟﻚ اﻟﺸﺎﺏ ﺃﻧﺎ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻷﺻﻞ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎﻩ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ!
تاريخ بغداد (٤/ ٢٩٩)
وقريب من ذلك ألا يستكبر العالم أن يرجع إذا أخطأ في حق طالب أو صاحب.
ومن مفاخر ما يذكر في تراجم علمائنا، أنه ﻛﺎﻥ ﻳُﻘﺮﺃ ﻋﻨﺪ الفقيه ابن هبيرة -الوزير الصالح- اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ، ﻓﺤﻀﺮ ﻓﻘﻴﻪ ﻣﺎﻟﻜﻲ وذكرت ﻣﺴﺄﻟﺔ، ﻓﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻊ ﻭﺃﺻﺮّ!
ﻓﻘﺎﻝ له اﻟﻮﺯﻳﺮ ابن هبيرة: ﺃﺣﻤﺎﺭ ﺃﻧﺖ! ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻯ اﻟﻜﻞ ﻳﺨﺎﻟﻔﻮﻧﻚ؟!
ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻐﺪ، ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ: ﺇﻧﻪ ﺟﺮﻯ ﻣﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ، ﻓﻠﻴﻘﻞ ﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ، ﻓﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺇﻻ ﻛﺄﺣﺪﻛﻢ!
ﻓﻀﺞّ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء!
ﻭاﻋﺘﺬﺭ اﻟﻔﻘﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺎ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻻﻋﺘﺬاﺭ!
ﻭﺟﻌﻞ الوزير العالم ابن هبيرة ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﻘﺼﺎﺹ اﻟﻘﺼﺎﺹ!
ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ: ﺇﺫ ﺃﺑﻰ اﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﺎﻟﻔﺪاء!
ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻮﺯﻳﺮ: ﻟﻪ ﺣﻜﻤﻪ!
ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻔﻘﻴﻪ: ﻧﻌﻤﻚ ﻋﻠﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﺄﻱ ﺣﻜﻢ ﺑﻘﻲ ﻟﻲ؟
ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺑﺪ!
ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻲ ﺩﻳﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ!
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ مائتي ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﺎﺋﺔ ﻹﺑﺮاء ﺫﻣﺘﻪ، ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻹﺑﺮاء ﺫﻣﺘﻲ.
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
ومما له اتصال بذلك وهو من التواضع العلمي، ألا يظهر المفيد للمستفيد عظيم إفادته، وألا يستطيل بتلك الفائدة، ومما يذكر في ترجمة اﻟﺨﻠﻴﻞ الفراهيدي، وكان إمامًا في العربية، عابدًا، صالحًا، معظّمًا للسنة، قانعًا متواضعًا، ﻗﺎﻝ ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ: ﻛﺎﻥ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺇﺫا ﺃﻓﺎﺩ ﺇﻧﺴﺎﻧًﺎ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻟﻢ ﻳﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﻓﺎﺩﻩ!
ﻭﺇﻥ اﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺷﻴﺌًﺎ، ﺃﺭاﻩ ﺑﺄﻧﻪ اﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ!
ﻭﻛﺎﻥ الوزير الصالح الحنبلي ابن هبيرة ﺇﺫا اﺳﺘﻔﺎﺩ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻓﺎﺩﻧﻴﻪ ﻓﻼﻥ.
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
ومن تواضع أكابر العلماء، ألا يستنكف من قضاء حوائج أهله وسوقه، وقد كان النبي ﷺ يكون في مهنة أهله، كما في البخاري.
وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه، كما في مسند أحمد.
وفي ترجمة أبي ﺑﻜﺮ اﻟﻌﻠﺜﻲ، أنه كان ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﻮاﺋﺠﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺮﻓﻪ.
=
👍15❤8
=
ومن صفة العلماء القرب من الطلاب، والقيام بحق الناس، وعيادة مرضاهم، وقضاء حوائجهم.
وقد كان هذا نمط العلماء الرشيد، وكان المترجمون في تراجم العلماء يسطرون ذلك في صفة العالم، وينوّهون به في سيرته، ولذا كثر حديثهم عن قيام العالم بشأن العامة، ومخالطتهم، وعدم الاستنكاف من ممازجتهم، ومن ذلك:
أن أبا ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻤﻌﺎﻓﺮﻱ، كان قد عرف بقيامه بحقوق اﻟﻤﺮﺿﻰ، وتعاهدهم ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ.
(ترتيب المدارك ٧/ ٣٣)
ومنهم ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻌﻠﻮﻱ اﻟﻤﻮﺳﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺮاﺓ، فقد كان متواضعًا ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭاﻟﺨﻴﺮ، يتفقد اﻟﻔﻘﺮاء، ﻭﻳﺮاﻋﻴﻬﻢ، ﻭﻳﺒﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺸﻲء ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻲء.
(التحبير في المعجم الكبير، ١/ ٥٦٨)
وكان ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻖ اﻹﺷﺒﻴﻠﻲ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ، ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﺠﺎﻧﺔ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺇﻻ ﺳﺄﻝ ﻋﻨﻪ، ﻭﻣﺸﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺁﻧﺴﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ.
(بغية الملتمس ٣٩١)
وقد كان المحدث الثقة ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﻨﺪه، ﻃﻮﻳﻞ اﻟﺮﻭﺡ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺒﺔ، ﻃﻴّﺐ اﻟﺨﻠﻖ ﻣﺤﺴﻨًﺎ ﻣﺘﻮاضعًا، وﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺑﻮ اﻷﺭاﻣﻞ.
(سير أعلام النبلاء، ١٣/ ٥٠٩)
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﻘﺮﺃ عند الوزير الصالح الفقيه ابن هبيرة ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﺄﻋﺠﺒﻪ، حتى ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ: ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺯﻭﺟﻪ ﺑﺎﺑﻨﺘﻲ، ﻓﻐﻀﺒﺖ اﻷﻡ!
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
وفي ترجمة الفقيه الشافعي -الشهيد بإذن الله- ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ القوصي، أنه كان ﻳﺨﺪﻡ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻤﺮﺿﻰ، ﻭﻳﻄﺒﺦ ﻟﻬﻢ!
(أعيان العصر ٤/ ١٩٠).
وكان الفقيه الحنبلي الكبير منصور البهوتي ﻓﻰ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺟﻤﻌﺔ ﻳﺠﻌﻞ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻭﻳﺪﻋﻮ طلابه وأصحابه ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺩﺳﺔ، ﻭاﺫا ﻣﺮﺽ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻋﺎﺩﻩ، ﻭﺃﺧﺬﻩ اﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﺮّﺿﻪ اﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻰ!
(خلاصة الأثر، ٤/ ٤٢٦)
ومن صفة تواضع العلماء ألا يستحيوا من ذكر ما كانوا عليه من حاجة وفقر.
ويعجبني هنا ما جاء في سيرة اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮﺓ الفقيه الوزير العالم العامل.
أنه ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻌﻢ اﻟﻠﻪ، ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻓﻲ حال وزارته وﻣﻨﺼﺒﻪ ﺷﺪﺓ ﻓﻘﺮﻩ اﻟﻘﺪﻳﻢ!
ﻭﻗﺎﻝ: ﻧﺰﻟﺖ ﻳﻮﻣًﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺟﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻲ ﺭﻏﻴﻒ ﺃﻋﺒﺮ ﺑﻪ!
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
وقد كان شيخ مشايخنا عبد الرحمن السعدي، على حال عظيمة من التواضع والقرب من الناس، وكان يضع في دفتر صغير معه مواعيد زياراته لأهل عنيزة، ويسجل فيها: ولادة فلان، وختان فلان، حتى يخصهم بزيارة، وكان يجعلها زيارات خفيفة يقوم بها بحق الناس، ولا يذهب عليه وقته.
ومن ذلك أنه كان في يوم من الأيام جالسًا يتعشى مع ابنه أحمد، فطرق عليه الباب، فذهب أحمد فوجد رجلا، فقال الرجل:
الشيخ موجود؟
فقال أحمد: الشيخ غير موجود! سوف يأتي بعد شوي!
فذهب الرجل، ورجع أحمد يكمل عشاءه مع الشيخ.
فقال له الشيخ من عند الباب؟
قال أحمد: رجل يسأل عنك! وقلت له: إنك غير موجود!
وكان قصده ألا ينزعج الشيخ على عشائه!
قال الشيخ لابنه أحمد معنفًا: ليش تعمل هذا العمل؟ وليش تقول إني غير موجود؟
يا وليدي أحب لي أن أقوم وأجيب السائل من جلستي على العشاء.
فقام الشيخ -رحمه الله- من العشاء غاضبا ولم يكمل عشاءه.
(مجموع مؤلفات السعدي، ١/ ٤٠٢)
ومن أهل التواضع الكريم، شيخ مشايخنا العلامة عبد الله بن حميد، رحمه الله، فإنه حين ترك القضاء في بريدة، وتفرغ للتدريس، خصص في يومي الاثنين والخميس درسًا في السوق، فكان يدرّس ويتحلق الناس حوله، ولما جاء ليجلس أول يوم؛ أراد أحدهم أن يفرش له بساطًا صغيرًا، فامتنع!
وقال: أجلس على الأرض كما يجلس الناس!
فقيل له: الأرض فيها بعض روث الإبل!
فقال: الحمد لله روث ما يؤكل لحمه طاهر! فجلس على الأرض وتحلق الناس حوله".
(تاج القضاة في عصره، ٢٠٤)
وحدثني شيخنا أحمد الحمزاوي المغربي أنه لما حفظ القرآن وهو صغير في القرية، لم يكن يعرف العلم ولا طريق العلم، وحفظ القرآن دون تجويد ولا عناية بمخارج الحروف، وقدّر له أن يلتقي بالعالم المحقق الكبير تقي الدين الهلالي، فطلب منه أن يدرس عنده، وقد ناهز الشيخ التسعين، يقول شيخنا: فكان يدرسني التجويد، ويصبر عليّ، ويترفق بي وأنا فتى صغير!
ومثله في ذلك شيخنا المعمر العابد محمد العليط، فإنه كان يأتيه الشخص لا يقيم الحرف، وشيخنا فوق الثمانين، فيصبر على تعليمه، وتلقينه حتى يبرع!
ولست أنسى موقف شيخنا وحيد بن عبد السلام بالي -العالم المصري المعروف- وكان يدَرّس اللغة العربية في متوسطة الفرعين بضواحي خميس مشيط، وكان آية في مداراة الناس وملاطفتهم، ودرسنا الشيخ في الثالث المتوسط، فقال: سأحدد لكم أسئلة في الاختبار، لن يأتيكم سؤال من خارجها!
فأعظمت ذلك! وظننته يدخل في الغش! لصغر سني وعدم فقهي، فقلت للشيخ: يا شيخ هذا غشّ!
فنظر الشيخ إليّ بحنو وابتسام ولم يعنفني، ولم يردّ عليّ قولي!
بل قال للطلاب:
محمد يقول: هذا غش! وخلاص ما دام قاله محمد فهو كما قال!
وألغى الفكرة!
هكذا لم يُرِد الشيخ أن يكسر في نفس الفتى غيرته الإيمانية! ولا أن يهدم فيها إنكار المنكر! مع إنه كان فقيهًا عالمًا يعرف خطأ كلامي، وخلل إنكاري.
=
ومن صفة العلماء القرب من الطلاب، والقيام بحق الناس، وعيادة مرضاهم، وقضاء حوائجهم.
وقد كان هذا نمط العلماء الرشيد، وكان المترجمون في تراجم العلماء يسطرون ذلك في صفة العالم، وينوّهون به في سيرته، ولذا كثر حديثهم عن قيام العالم بشأن العامة، ومخالطتهم، وعدم الاستنكاف من ممازجتهم، ومن ذلك:
أن أبا ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻤﻌﺎﻓﺮﻱ، كان قد عرف بقيامه بحقوق اﻟﻤﺮﺿﻰ، وتعاهدهم ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ.
(ترتيب المدارك ٧/ ٣٣)
ومنهم ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻌﻠﻮﻱ اﻟﻤﻮﺳﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺮاﺓ، فقد كان متواضعًا ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭاﻟﺨﻴﺮ، يتفقد اﻟﻔﻘﺮاء، ﻭﻳﺮاﻋﻴﻬﻢ، ﻭﻳﺒﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺸﻲء ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻲء.
(التحبير في المعجم الكبير، ١/ ٥٦٨)
وكان ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻖ اﻹﺷﺒﻴﻠﻲ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ، ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﺠﺎﻧﺔ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺇﻻ ﺳﺄﻝ ﻋﻨﻪ، ﻭﻣﺸﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺁﻧﺴﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ.
(بغية الملتمس ٣٩١)
وقد كان المحدث الثقة ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﻨﺪه، ﻃﻮﻳﻞ اﻟﺮﻭﺡ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﺒﺔ، ﻃﻴّﺐ اﻟﺨﻠﻖ ﻣﺤﺴﻨًﺎ ﻣﺘﻮاضعًا، وﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺑﻮ اﻷﺭاﻣﻞ.
(سير أعلام النبلاء، ١٣/ ٥٠٩)
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﻘﺮﺃ عند الوزير الصالح الفقيه ابن هبيرة ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﺄﻋﺠﺒﻪ، حتى ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ: ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺯﻭﺟﻪ ﺑﺎﺑﻨﺘﻲ، ﻓﻐﻀﺒﺖ اﻷﻡ!
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
وفي ترجمة الفقيه الشافعي -الشهيد بإذن الله- ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ القوصي، أنه كان ﻳﺨﺪﻡ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻤﺮﺿﻰ، ﻭﻳﻄﺒﺦ ﻟﻬﻢ!
(أعيان العصر ٤/ ١٩٠).
وكان الفقيه الحنبلي الكبير منصور البهوتي ﻓﻰ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺟﻤﻌﺔ ﻳﺠﻌﻞ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻭﻳﺪﻋﻮ طلابه وأصحابه ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺩﺳﺔ، ﻭاﺫا ﻣﺮﺽ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻋﺎﺩﻩ، ﻭﺃﺧﺬﻩ اﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﺮّﺿﻪ اﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻰ!
(خلاصة الأثر، ٤/ ٤٢٦)
ومن صفة تواضع العلماء ألا يستحيوا من ذكر ما كانوا عليه من حاجة وفقر.
ويعجبني هنا ما جاء في سيرة اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮﺓ الفقيه الوزير العالم العامل.
أنه ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻌﻢ اﻟﻠﻪ، ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻓﻲ حال وزارته وﻣﻨﺼﺒﻪ ﺷﺪﺓ ﻓﻘﺮﻩ اﻟﻘﺪﻳﻢ!
ﻭﻗﺎﻝ: ﻧﺰﻟﺖ ﻳﻮﻣًﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺟﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻲ ﺭﻏﻴﻒ ﺃﻋﺒﺮ ﺑﻪ!
(سير أعلام النبلاء، ١٥/ ١٧٢)
وقد كان شيخ مشايخنا عبد الرحمن السعدي، على حال عظيمة من التواضع والقرب من الناس، وكان يضع في دفتر صغير معه مواعيد زياراته لأهل عنيزة، ويسجل فيها: ولادة فلان، وختان فلان، حتى يخصهم بزيارة، وكان يجعلها زيارات خفيفة يقوم بها بحق الناس، ولا يذهب عليه وقته.
ومن ذلك أنه كان في يوم من الأيام جالسًا يتعشى مع ابنه أحمد، فطرق عليه الباب، فذهب أحمد فوجد رجلا، فقال الرجل:
الشيخ موجود؟
فقال أحمد: الشيخ غير موجود! سوف يأتي بعد شوي!
فذهب الرجل، ورجع أحمد يكمل عشاءه مع الشيخ.
فقال له الشيخ من عند الباب؟
قال أحمد: رجل يسأل عنك! وقلت له: إنك غير موجود!
وكان قصده ألا ينزعج الشيخ على عشائه!
قال الشيخ لابنه أحمد معنفًا: ليش تعمل هذا العمل؟ وليش تقول إني غير موجود؟
يا وليدي أحب لي أن أقوم وأجيب السائل من جلستي على العشاء.
فقام الشيخ -رحمه الله- من العشاء غاضبا ولم يكمل عشاءه.
(مجموع مؤلفات السعدي، ١/ ٤٠٢)
ومن أهل التواضع الكريم، شيخ مشايخنا العلامة عبد الله بن حميد، رحمه الله، فإنه حين ترك القضاء في بريدة، وتفرغ للتدريس، خصص في يومي الاثنين والخميس درسًا في السوق، فكان يدرّس ويتحلق الناس حوله، ولما جاء ليجلس أول يوم؛ أراد أحدهم أن يفرش له بساطًا صغيرًا، فامتنع!
وقال: أجلس على الأرض كما يجلس الناس!
فقيل له: الأرض فيها بعض روث الإبل!
فقال: الحمد لله روث ما يؤكل لحمه طاهر! فجلس على الأرض وتحلق الناس حوله".
(تاج القضاة في عصره، ٢٠٤)
وحدثني شيخنا أحمد الحمزاوي المغربي أنه لما حفظ القرآن وهو صغير في القرية، لم يكن يعرف العلم ولا طريق العلم، وحفظ القرآن دون تجويد ولا عناية بمخارج الحروف، وقدّر له أن يلتقي بالعالم المحقق الكبير تقي الدين الهلالي، فطلب منه أن يدرس عنده، وقد ناهز الشيخ التسعين، يقول شيخنا: فكان يدرسني التجويد، ويصبر عليّ، ويترفق بي وأنا فتى صغير!
ومثله في ذلك شيخنا المعمر العابد محمد العليط، فإنه كان يأتيه الشخص لا يقيم الحرف، وشيخنا فوق الثمانين، فيصبر على تعليمه، وتلقينه حتى يبرع!
ولست أنسى موقف شيخنا وحيد بن عبد السلام بالي -العالم المصري المعروف- وكان يدَرّس اللغة العربية في متوسطة الفرعين بضواحي خميس مشيط، وكان آية في مداراة الناس وملاطفتهم، ودرسنا الشيخ في الثالث المتوسط، فقال: سأحدد لكم أسئلة في الاختبار، لن يأتيكم سؤال من خارجها!
فأعظمت ذلك! وظننته يدخل في الغش! لصغر سني وعدم فقهي، فقلت للشيخ: يا شيخ هذا غشّ!
فنظر الشيخ إليّ بحنو وابتسام ولم يعنفني، ولم يردّ عليّ قولي!
بل قال للطلاب:
محمد يقول: هذا غش! وخلاص ما دام قاله محمد فهو كما قال!
وألغى الفكرة!
هكذا لم يُرِد الشيخ أن يكسر في نفس الفتى غيرته الإيمانية! ولا أن يهدم فيها إنكار المنكر! مع إنه كان فقيهًا عالمًا يعرف خطأ كلامي، وخلل إنكاري.
=
❤25👍13
المقالة السابعة_240826_091649.pdf
286.8 KB
• المقالة السابعة: الدقة الحادّة والإحكام الجادّ عند المحدثين.
❤7
=
وممن أدركناه من أهل التواضع الكبير لطلاب العلم شيخنا د. سعيد بن حماد فقيه الخميس، فقد كان يأخذ في المباحثة العلمية معي وأنا فتى في أول الجامعة، فيسألني عن قراءاتي، ويتلطف بي إن رأى في يدي كتابًا، فيستفهم عن فوائده، ويبدي لي فرحه بالفائدة، ويثني عليها، ولا يمتنع أن يذكر استفادته من أي أحدٍ أبدًا.
ومن رؤوس المتواضعين شيخنا البروفسور الأصولي يحيى السعدي، أحد علماء ووجهاء أبها، أمتع الله به، فقد كنت آتيه وهو وكيل كلية الشريعة، فأكلمه في بعض الشأن في الكلية، فلا يقهر ولا ينهر، وأنا فتى لم يطرّ لي شارب ولا لحية، بل يأخذ سماعة الهاتف ثم يهاتف في قضاء حاجة من أتيت في حاجته.
وهو إن زاره أحد في بيته، قام على ضيافته، بنفسه، وطبخ له أمامه، وصنع قهوة ضيفه وشايه بيده، لا يستنكف أن يقوم على خدمة ضيوفه، وهم من طلابه والمستفيدين منه، وهو على منزلته في العلم والجاه والمال وقد وخطه الشيب، أبقاه الله.
وكان شيخنا المعمر محمد العليّط إذا سمع فائدة من طلابه دوّنها، لا يترفع عن ذلك.
ومثله في ذلك الشيخ الفقيه الأصولي عالم الدلم وليد السعيدان، فلا أحصي عدد المرات التي رأيته في مجالسه يدوّن عمن هو أصغر منه الفوائد التي تؤنقه، ويستعيدها منه، ويستمليه.
وجمعني مجلس بالأستاذ الفاضل الأديب المؤرخ أحمد علاونة -الأردني بلدًا- صاحب الكتب الكثيرة في التاريخ، خاصّة كتاب: ذيل الأعلام، وهو تكملة لكتاب الأعلام للزركلي.
فقال له أحد فضلاء الحضور: لماذا لم تسمّ كتابك: تكملة الأعلام؟ فهي أحسن من اسم: (الذيل)!
فقال الأستاذ أحمد: هو استعمال في التراث، وهو أيضًا: أكثر تواضعًا!
وكنت قد سمعت شيخنا الكبير المحقق: ياسر بن فتحي آل عيد، يقول: سمّيت كتابي: (فضل الرحيم الودود في تخريج أبي داود)، ولم أسمه: (فتح الرحيم)، لما فيه من التزكية!
ومن تتبع أخبار علمائنا في التواضع وهضم النفس أتعبه ذلك، ووجد أننا أمة ليس لعلمائها وفضلائها نظير في هذا، وأن علماءها قد جمعوا بين الفضل والعلم والطهر وبين غمط النفس وهضم حقها وإسقاط حظها.
والله المستعان.
وممن أدركناه من أهل التواضع الكبير لطلاب العلم شيخنا د. سعيد بن حماد فقيه الخميس، فقد كان يأخذ في المباحثة العلمية معي وأنا فتى في أول الجامعة، فيسألني عن قراءاتي، ويتلطف بي إن رأى في يدي كتابًا، فيستفهم عن فوائده، ويبدي لي فرحه بالفائدة، ويثني عليها، ولا يمتنع أن يذكر استفادته من أي أحدٍ أبدًا.
ومن رؤوس المتواضعين شيخنا البروفسور الأصولي يحيى السعدي، أحد علماء ووجهاء أبها، أمتع الله به، فقد كنت آتيه وهو وكيل كلية الشريعة، فأكلمه في بعض الشأن في الكلية، فلا يقهر ولا ينهر، وأنا فتى لم يطرّ لي شارب ولا لحية، بل يأخذ سماعة الهاتف ثم يهاتف في قضاء حاجة من أتيت في حاجته.
وهو إن زاره أحد في بيته، قام على ضيافته، بنفسه، وطبخ له أمامه، وصنع قهوة ضيفه وشايه بيده، لا يستنكف أن يقوم على خدمة ضيوفه، وهم من طلابه والمستفيدين منه، وهو على منزلته في العلم والجاه والمال وقد وخطه الشيب، أبقاه الله.
وكان شيخنا المعمر محمد العليّط إذا سمع فائدة من طلابه دوّنها، لا يترفع عن ذلك.
ومثله في ذلك الشيخ الفقيه الأصولي عالم الدلم وليد السعيدان، فلا أحصي عدد المرات التي رأيته في مجالسه يدوّن عمن هو أصغر منه الفوائد التي تؤنقه، ويستعيدها منه، ويستمليه.
وجمعني مجلس بالأستاذ الفاضل الأديب المؤرخ أحمد علاونة -الأردني بلدًا- صاحب الكتب الكثيرة في التاريخ، خاصّة كتاب: ذيل الأعلام، وهو تكملة لكتاب الأعلام للزركلي.
فقال له أحد فضلاء الحضور: لماذا لم تسمّ كتابك: تكملة الأعلام؟ فهي أحسن من اسم: (الذيل)!
فقال الأستاذ أحمد: هو استعمال في التراث، وهو أيضًا: أكثر تواضعًا!
وكنت قد سمعت شيخنا الكبير المحقق: ياسر بن فتحي آل عيد، يقول: سمّيت كتابي: (فضل الرحيم الودود في تخريج أبي داود)، ولم أسمه: (فتح الرحيم)، لما فيه من التزكية!
ومن تتبع أخبار علمائنا في التواضع وهضم النفس أتعبه ذلك، ووجد أننا أمة ليس لعلمائها وفضلائها نظير في هذا، وأن علماءها قد جمعوا بين الفضل والعلم والطهر وبين غمط النفس وهضم حقها وإسقاط حظها.
والله المستعان.
❤23👍10💔2