Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
1057 - Telegram Web
Telegram Web
المقالة الثامنة_240827_060407.pdf
227.8 KB
المقالة الثامنة: علم الحديث علم تخصص وخبرة!
👍5
المقالة التاسعة_240829_091217.pdf
245.9 KB
المقالة التاسعة: الحفظ والمشافهة طريق عقلية لنقل العلوم.
👏4
.
أهل العلم والفضل في تأثيرهم على أصحابهم وعلى الناس درجات، وقد قال أبو أحمد الزبيري: كنت إذا جلست إلى الحسن بن صالح رجعت وقد نغص على ليلتي!
وكنت إذا جلست إلى سفيان الثوري رجعت وقد هممت أن أعمل عملا صالحا!
وكنت إذا جلست إلى شريك بن عبد الله رجعت وقد استفدت أدبًا حسنًا".
تاريخ بغداد (١٠/ ٣٨٤)

فالحسن بن صالح كان عابدًا خائفًا حزينًا، كثير اللهج بالآخرة والنار، فوجد أبو أحمد أن مجالسته تذهب نفسه أسَفًا وحزنًا، فانتفع به في هذا.
وأما سفيان الثوري وهو العالم النفّاع للخلق، ولذا انتفع به الزبيري في عبادته وعمله.
وأما شَريك فقد كان ممن اشتهر بأدبه، حتى إنه ﻣﺮ باﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ اﻟﻨﺨﻌﻲ، ﻓﺠﻠﺲ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻣﻦ ﺃﺩّﺑﻚ؟
ﻗﺎﻝ: ﺃﺩّﺑﺘﻨﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻭاﻟﻠﻪ!
ﻭﻟﺪﺕ ﺑﺨﺮاﺳﺎﻥ ﺑﺒﺨﺎﺭﻯ، ﻓﺤﻤﻠﻨﻲ اﺑﻦ ﻋﻢ ﻟﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻃﺮﺣﻨﻲ ﻋﻨﺪ بني ﻋﻢ ﻟﻲ بنهر ﺻﺮﺻﺮ، ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺟﻠﺲ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﻓﻌﻠﻖ ﺑﻘﻠﺒﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﺠﺌﺖ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﺨﻬﻢ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﻋﻤّﺎﻩ! اﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ ﺗﺠﺮﻱ ﻋﻠﻲ ﻫﻬﻨﺎ ﺃﺟﺮﻩ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﺃﻋﺮﻑ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻨﺔ ﻭﻗﻮﻣﻲ، ﻓﻔﻌﻞ.
ﻗﺎﻝ: ﻓﻜﻨﺖ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﺃﺿﺮﺏ اللّبِن ﻭﺃﺑﻴﻌﻪ، ﻭﺃﺷﺘﺮﻱ ﺩﻓﺎﺗﺮ ﻭﻃﺮﻭﺳًﺎ ﻓﺄﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻠﻢ ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺛﻢ ﻃﻠﺒﺖ اﻟﻔﻘﻪ ﻓﺒﻠﻐﺖ ﻣﺎ ﺗﺮﻯ.
ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻟﻮﻟﺪﻩ:
ﺳﻤﻌﺘﻢ ﻗﻮﻝ اﺑﻦ ﻋﻤﻜﻢ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﻲ اﻷﺩﺏ ﻭﻻ ﺃﺭاﻛﻢ ﺗﻔﻠﺤﻮﻥ ﻓﻴﻪ! ﻓﻠﻴﺆﺩﺏ ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﻜﻢ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻓﻠﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺎء ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ.
17👍7🔥2🤯1🏆1
.
من الآفات التي تعرض لصاحب العلم؛ الاشتغال بالدنيا عن العلم والتحصيل، وهو داء يُبتلى به بعض أهل التميّز والتقدّم، قال اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: "ﻟﻤﺎ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻤﺪاﺋﻦ ﺃﻗﺒﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻗﺒﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮ، ﻓﻜﺎﻥ ﻋﺎﻣﺔ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ"!
البزار (١٩٩).
والدنيا حلوة خضرة، لها زهرة في النظر، وبهجة في النفوس، ولا يخلص منها المؤمن إلا بجريعة الذقن! ولا يزال منها على شفا هلكة.
ولكن أهل الإمامة في دين ﷲ يستعلون عليها وعلى أهلها، وقد نقل البزار تلميذ ابن تيمية: أنه قد وشى قومٌ عند الملك الناصر أن ابن تيمية يريد الملك! فاستدعاه الملك، فرفع ابن تيمية صوته، وقال: "والله إن ملكك لا يساوي عندي فلسين"!
الأعلام العليّة (٧٢)

وصدق والله! فما الدنيا كلها في مقابل العلم؟
وأين تقع السلطة والمال وزينة الدنيا إذا وُزنت بالإمامة في العلم؟
وأيّ أمر وراء أن ينال الإنسان سعةً من مال أو دنيا ثم تذهب عنه نهمة التحصيل ولذائذ العلم، ومجالسة العلماء، ومؤانسة طلابه، وطيب الاستنباط من كلام ﷲ ورسوله، وخشوع واردات المعارف؟
ثم عد وانظر مآل هذا الرجل -رحمه ﷲ- فهذا علمه إلى يومنا يُنشر ويُذكر، وهذا اسمه تلهج به الألسن دعاء وثناء، وما من أحد من أهل العلم في عصره فمن بعده قد تُرجم له كما تُرجم لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن لطائف ما نقله ابن رجب في ترجمة ابن تيمية، أنه لما مات، صُلي عليه صلاة الغائب في غالب بلاد الإسلام، ونودي بأقصى الصين يوم الجمعة: "الصلاة على ترجمان القرآن"!
ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٥٢٨)

ولقد رأيت بعض من كان مع العلم والكتاب والحفظ، فانصرف إلى الدنيا وتحصيلها فذهب عنه مُدّخر الحكمة، وحلاوة المذاكرة، وخشوع الحال، وحَلّ محلّها سآم المجالسة، وإملال الحديث الدنيوي، وبؤس اللقاء، وبرودة النفس، والله المستعان.
19💯4👍3🔥2
المقالة العاشرة_240901_050807.pdf
248.4 KB
المقالة العاشرة: السنة منقولة بالكتابة كما نقلت بالمشافهة.
👍64
.
كاد غمط النفس في ذات ﷲ وعدم الفخر على الخلق أن يكون السمة الخاصة بعلماء هذه الأمة، والوصف الجامع لهم!
ﻭلما كان ﺃﻭﻝ ﺟﻠﻮس أبي الحسن القابسي ﻟﻠﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻗﺎﻝ:
"ﻟﻌﻤﺮ ﺃﺑﻴﻚ ﻣﺎ ﻧُﺴِﺐ اﻟﻤُﻌﻠّﻰ** ﻟِﻤﻜﺮﻣﺔٍ ﻭﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺮﻳﻢ!
ﻭﻟﻜﻦ اﻟﺮﻳﺎﺽ ﺇﺫا اﻗﺸﻌﺮﺕ** وﺻﻮّﺡ ﻧﺒﺘُﻬﺎ ﺭُﻋِﻲَ اﻟﻬﺸﻴﻢ!
ﺛﻢ ﺑﻜﻰ ﺣﺘﻰ ﺃﺑﻜﻰ اﻟﻨﺎﺱ! ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺎ اﻟﻬﺸﻴﻢ ﺛﻼﺛًﺎ! ﻭاﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺃﻥّ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺧﻀﺮاء ﻣﺎ ﺭُﻋِﻴﺖ ﺃﻧﺎ"!
(ترتيب المدارك ٧/ ٩٤، الوافي بالوفيات ٢١/ ٣٠٢)
13👍3
.
من الخلق العالي والصفة الحسنى لصاحب العلم أن يكون ذا تجرد وطلب لمرضاة الله ومجاهدة على الإخلاص في تلقّي العلم وفي بذله.
وقد اجتمع ذلك في ثلاث كلمات أُثِرت عن الإمام الشافعي:
فذكر ابن حبان في صحيحه (٥/ ٤٩٩) قال: "للشافعي -رحمه الله- ثلاث كلمات ما تكلم بها أحد في الإسلام قبله ولا تفوّه بها أحد بعده إلا والمأخذ فيها كان عنه:
إحداها: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
والثانية: أخبرني محمد بن المنذر بن سعيد عن الحسن بن محمد الصباح الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا قط فأحببت أن يخطئ.
والثالثة: سمعت موسى بن محمد الديلمي بأنطاكية يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: وددت أنّ الناس تعلموا هذه الكتب ولم ينسبوها إلي"!

فقوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي تجرد في التلقي والأخذ.
وقوله: "ما ناظرت أحدا قط فأحببت أن يخطئ"، وقوله: "وددت أن الناس تعلموا هذه الكتب ولم ينسبوها إلي" تجرد في نشر العلم وتبليغه.
فرحمه ﷲ.

ومن تجردهم ما ذكره ابن خزيمة رحمه الله في كتابه التوحيد، حين قال: "ﻗﺪ ﺃﻋﻠﻤﺖ ﻣﺎ ﻻ ﺃﺣﺼﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﺤﻞ ﺃﻥ ﺃﻣﻮّﻩ ﻋﻠﻰ ﻃﻼﺏ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ اﻟﻮاﻫﻲ، ﻭﺇﻧﻲ ﺧﺎﺋﻒ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻘﻲ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ، ﺇﺫا ﻣﻮّﻫﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﻼﺏ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻷﺧﺒﺎﺭ اﻟﻮاﻫﻴﺔ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺠﺔ ﻟﻣﺬﻫﺒﻲ"!
التوحيد، (٢/ ٥٣٣)
14👍5
.
الناس أنماط في أخلاقهم وطباعهم، ولكل نمط داء يفسد على صاحبه قلبه، ولكل صنف من الناس آفات تعرض لهم، ما لم يتداركه بتزكية وتطهير!
وقد لا تعرِض تلك الأدواء لمن يختلف عنهم في طبعه وخلقه.

وداء بعض الأذكياء -من طلاب العلم- العجب بالذكاء والاسترواح إلى التحصيل!
ولقد ترى من يعجبه ذكاؤه وعلمه يعود فيُبْتلى بازدراء المؤمنين!
ثم يبتلى بغيبتهم وتَسَقّط عثراتهم!
قال بشر الحافي: "ﻫﻠﻚ اﻟﻘﺮاء ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻟﺨﺼﻠﺘﻴﻦ: اﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭاﻟﻌﺠﺐ"!
شعب الإيمان للبيهقي (٩/ ١٢٢).
👍12😢51💔1
.
غالب الناس مطبوع على الاستعجال وعدم التريث.
ولئن كانت العجلة من سيء معايب الناس فإنها من صاحب العلم أشد.

ونفوس أكثر الشباب صافية لم تكدرها غبرة صراعات الحياة، لكنها طريّة لم تُلبّثها التجارب! وكما قيل: رأي الشاب شخبة في الإناء وشخبة في الأرض!
ولهذا ترى الشاب العاقل يتخايل ذلك من نفسه، فيتهم رأيه ولا يتعجل في رأي أو فتيا، لاسيما فيما تعلق بمسائل الأمة.
👍183
قناة: محمد آل رميح.
= ومن صفة العلماء القرب من الطلاب، والقيام بحق الناس، وعيادة مرضاهم، وقضاء حوائجهم. وقد كان هذا نمط العلماء الرشيد، وكان المترجمون في تراجم العلماء يسطرون ذلك في صفة العالم، وينوّهون به في سيرته، ولذا كثر حديثهم عن قيام العالم بشأن العامة، ومخالطتهم،…
.
جمعني مجلس بالأستاذ الفاضل الأديب المؤرخ أحمد علاونة -الأردني بلدًا- صاحب الكتب الكثيرة في التاريخ، خاصّة كتاب: ذيل الأعلام، وهو تكملة لكتاب الأعلام للزركلي.
فقال له أحد فضلاء الحضور: لماذا لم تسمّ كتابك: تكملة الأعلام؟ فهي أحسن من اسم: (الذيل)!
فقال الأستاذ أحمد: هو استعمال في التراث، وهو أيضًا: أكثر تواضعًا!

فأعجبتني هذه اللطيفة من هذا الأستاذ الفاضل.

وكنت قد سمعت الشيخ الكبير، والمحقق العالم: ياسر بن فتحي آل عيد، يقول: سمّيت كتابي: (فضل الرحيم الودود في تخريج أبي داود)، ولم أقل: فتح الرحيم، لأن في ذلك مدحًا للنفس، وسميته هكذا تذللاً لله.

فجزاهما الله خيرًا.
16👍8
.
من الآفات التي تعرض لسالك العلم: الميل لقول الشيوخ والأصحاب والطائفة والمذهب والبلد، لا لحقٍ في ذات القول، ولكن لكونه قد صدر عن أولئك المقرّبين!
ومن لمحات التعصب المختبئ:
قبولٌ (لاواعي) لفتيا ورأي المؤالف! وإن كانت مدللة بظواهر الأدلة دون نقد! ويقابله استقصاء النقاش لأدلة رأي وفتيا المخالف!
وفي جنس ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذم اليهود: "لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها".‏
اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٨٤)

وقد وجد بالاختبار أن هذا الأمر سبب عظيم من أسباب الافتراق والخلاف، قال ابن تيمية رحمه الله في أسباب الافتراق: "لأن إحدى الطائفتين لا تعترف للأخرى بما معها من الحق ولا تنصفها"‏.
الاقتضاء، (١/ ١٥٦)
👍24
.
اللهم اجبر قلبي أخي وصديقي الشيخ القاضي خالد المطيري، في وفاة بنتنا غادة.
واجبر قلب أم غادة.
وألهمهم الصبر.

والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا غادة لمحزونون.
💔56😢305👍1🤝1
.
صاحب العلم محتاج إلى التنوع المعرفي، والأخذ بأطراف العلوم، فإن العلم يعود بعضه على بعض بالمعاضدة، وحين يلمّ العالم بشيء من علوم عصره؛ يقوي حجته الشرعية، ويعضد رأيه الفقهي، ويقوم نظره ومذهبه.
•• وقد ذكر السرخسي في المبسوط (١/ ٢٢٤)، في مباحث سجود السهو:
"قال محمد بن الحسن للكسائي وكان ابن خالته: لم لا تشتغل بالفقه؟ مع هذا الخاطر -أي مع هذا الذكاء وسيلان الذهن-!
فقال: من أحكم علماً فذلك يهديه إلى سائر العلوم!
فقال محمد: إني ألقي عليك شيئًا من مسائل الفقه فخرِّج جوابه من النحو؟
فقال: هات!
فقال: ما تقول فيمن سها في سجود السهو ففكّر ساعة؟
فقال: لا سهو عليه!
فقال: من أيّ باب من النحو خرجت هذا الجواب؟
فقال: من باب: أن المُصّغر لا يصّغر!
فتعجب من فطنته!".
👍2015
.
الكمال يتحقق بأمرين: بالبصيرة العلمية بالحق، والقدرة العملية للعمل بالحق ونصرته، وقد جمع الله الأمرين في مدح أنبيائه فقال: ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَـٰدَنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ أُو۟لِی ٱلۡأَیۡدِی وَٱلۡأَبۡصَـٰرِ﴾.
12👍10
قال ابن القيم: "ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻌﻠﻢ إﻻ أنه ﻳﺜﻤﺮ اﻟﻴﻘﻴﻦ اﻟﺬﻱ ﻫﻮ أﻋﻈﻢ ﺣﻴﺎﺓ اﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺑﻪ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﻪ ﻭﻗﻮﺗﻪ ﻭﻧﺸﺎﻃﻪ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻟﻮاﺯﻡ اﻟﺤﻴﺎﺓ".
مفتاح دار السعادة (١/ ٥١١)
23👍7
.
قال ابن تيمية : "ﻭﺑﻜﻞ ﺣﺎﻝ ﻓﺎﻟﻌﺒﺪ ﻣﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﻳﻪ ﻭﻳﻠﻬﻤﻪ ﺭﺷﺪﻩ.
ﻭﺇﺫا ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻢ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻋﻘﻠﻲ، ﻓﻬﻮ ﻣﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺫﻟﻚ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﻳﺠﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ، ﺛﻢ ﻳﺤﺪﺙ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﺑﻬﺎ.
ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﺫﻛﻴﺎء اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺣﺪّﻫﻢ ﻧﻈﺮًا ﻭﻳﻌﻤﻴﻪ ﻋﻦ ﺃﻇﻬﺮ اﻷﺷﻴﺎء.
ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﻠﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺿﻌﻔﻬﻢ ﻧﻈﺮًا ﻭﻳﻬﺪﻳﻪ ﻟﻤﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﺑﺈﺫﻧﻪ، ﻓﻼ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﻪ.
ﻓﻤﻦ اﺗﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻩ ﻭاﺳﺘﺪﻻﻟﻪ ﺃﻭ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﺧﺬﻝ.
ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻲ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻳﺎ ﻣﻘﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﺛﺒﺖ ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻚ»، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻳﻤﻴﻨﻪ: «ﻻ ﻭﻣﻘﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮﺏ».
ﻭﻳﻘﻮﻝ: «ﻭاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ»، ﻭﻳﻘﻮﻝ: «ﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺏ اﻟﻌﺒﺎﺩ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺇﺻﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺑﻊ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﺇﻥ ﺷﺎء ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻤﻪ ﺃﻗﺎﻣﻪ، ﻭﺇﻥ ﺷﺎء ﺃﻥ ﻳﺰﻳﻐﻪ ﺃﺯاﻏﻪ».
ثم قال بعدُ:
"ﻭﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﻛﺎﻹﺭاﺩاﺕ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎﻝ، ﻓﺈﻥّ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺒﺐ ﺇﻟﻴﻪ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺒﻐﺾ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻜﻔﺮ، ﻭﺇﻻ ﻓﻘﺪ ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺤﻖ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺤﺒﻪ ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﺪﻳﻦ اﻟﺠﺎﺣﺪﻳﻦ".
(درء تعارض العقل والنقل، ٩ / ٣٥)
23👍4
.
في صحيح مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ ﻳﻮﻡ ﺧﻴﺒﺮ: «ﻷﻋﻄﻴﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺮاﻳﺔ ﺭﺟﻼ ﻳﺤﺐ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ»!
ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ: ﻣﺎ ﺃﺣﺒﺒﺖ اﻹﻣﺎﺭﺓ ﺇﻻ ﻳﻮﻣﺌﺬ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﺴﺎﻭﺭﺕ ﻟﻬﺎ ﺭﺟﺎء ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻰ ﻟﻬﺎ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﺪﻋﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺇﻳﺎﻫﺎ، ﻭﻗﺎﻝ:
«اﻣﺶِ ﻭﻻ ﺗﻠﺘﻔﺖ، ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ عليك»!
ﻗﺎﻝ: ﻓﺴﺎﺭ ﻋﻠﻲٌ ﺷﻴﺌًﺎ ﺛﻢ ﻭﻗﻒ! ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ!
ﻓﺼﺮﺥ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ! ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫا ﺃﻗﺎﺗﻞ اﻟﻨﺎﺱ؟
ﻗﺎﻝ: «ﻗﺎﺗﻠﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﻬﺪﻭا ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥّ ﻣﺤﻤﺪا ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﺈﺫا ﻓﻌﻠﻮا ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻣﻨﻌﻮا ﻣﻨﻚ ﺩﻣﺎءﻫﻢ ﻭﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ، ﺇﻻ ﺑﺤﻘﻬﺎ ﻭﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ».

•• في هذا الحديث فائدتان جليلتان:
واحدة في الحياد والتجرّد والزهد في الشرف.
والثانية في عظمة الامتثال، والمتابعة للنبي ﷺ، وعدم الخروج عن أمره قيد أنملة!
وهما فضيلتان متفردتان، ومنزلتان عظيمتان.

- ففي خبر عمر -رضي الله عنه- ذكر لفضيلة عظيمة له، ببيان ما كان عليه من الزكاء والطهر حتى إنّه لم يحب الإمارة في عمره الإسلامي كله إلا مرة!

- وفي خبر علي -رضي الله عنه- بيان لعظمة امتثاله، حتى إنه حين سمع أمر النبي ﷺ: «اﻣﺶِ ﻭﻻ ﺗﻠﺘﻔﺖ، ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ عليك»!
وأراد أن يسأل النبي ﷺ، لم يلتفت! لأن النبي ﷺ قال له: «لا تلتفت»!
17👍3
.
روي في الترمذي وأبي داود ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺛﻼﺙ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻬﻦّ:
ﻻ ﻳﺆﻡ ﺭﺟﻞ ﻗﻮﻣﺎ ﻓﻴﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﺩﻭﻧﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻞ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻧﻬﻢ!..»
وجاء بنحوه ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، وﻗﺎﻝ فيه ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ: "ﻫﺬا ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺸﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﻛﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ".

•• هذا حديث عظيم القدر، كريم المنزل، وفيه شأن نادر، وتنبيه عجيب.
ففيه نهي الإمام عن الدعاء بصيغة الإفراد في الدعاء الذي يؤمن عليه المأموم.

وهو يدل على حفاوة الشريعة بحق المسلم على المسلم.
وأنّ من قدّمه الله لفضلية من الفضائل -كالإمامة- فيجب أن يرعى إخوانه في ذلك، وألا يفعل ما يوحش نفوسهم، ويوغر صدورهم.

وفيه دفع للأثَرة والاستبداد، وذم لحب النفس.
وفيه أن من فرط في حق المسلم عليه فقد يكون داخلًا في خيانة الأمانة.
والله المستعان.
22👍7🤔2
.
• مما جاء مقرونًا من أسماء الله في القرآن، الشكور والعليم، في موضعين:
فقال: ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَاۤئرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَیۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِ أَن یَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِیمٌ﴾.
وقوله: ﴿مَّا یَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِیمࣰا﴾
قال ابن تيمية: "لأن العلم يحيط بتفاصيل الأعمال"، أي فالعليم بتفاصيل الأعمال يشكر عباده عليها.
المستدرك على مجموع الفتاوى، (١ / ٣٥).
15👍1
.

من المعاني العظيمة التي أتت بها الأدلة أنّ لتسوية الصفوف أثرًا في اجتماع قلوب المؤمنين!
وأن لترك التسوية أثرًا في نكث انتظام المؤمنين واختلاف قلوبهم!
ففي الصحيحين عن اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ، قال: ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: «ﻟﺘﺴﻮﻥ ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ، ﺃﻭ ﻟﻴﺨﺎﻟﻔﻦ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻦ ﻭﺟﻮﻫﻜﻢ».
وعبر عن اختلاف الوجوه لأنه يظهر في الوجه الكراهة، ﻭينطبع عليه ما يكون من ﺗﻐﻴﺮ ﻗﻠﺒﻪ.
وﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﻮﻑ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻇﻮاﻫﺮﻫﻢ ﻭاﺧﺘﻼﻑ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ﺳﺒﺐ ﻻﺧﺘﻼﻑ اﻟﺒﻮاﻃﻦ.
وقد جاء في سنن أبي داود: «أو ليخالفن ﷲ بين قلوبكم».

ويدل عليه ما في مسلم عن ﺃﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻤﺴﺢ ﻣﻨﺎﻛﺒﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻳﻘﻮﻝ: «اﺳﺘﻮﻭا ﻭﻻ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ».

ومفهوم الحديث جاء ما يدل عليه، كما روي عند اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «اﺳﺘﻮﻭا ﺗﺴﺘﻮﻱ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا، ﻭﺗﻤﺎﺳّﻮا ﺗﺮاﺣﻤﻮا».

وهذا الأمر من عجائب ما دلّت عليه النّصوص، فإن وقوع الاختلاف خارج المسجد لاختلاف الصف داخل المسجد من العجائب.

ولعل ذلك بسبب شؤم مماسّة الشيطان!
ففي سنن أبي داود والنسائي ﻋﻦ ﺃﻧﺲ قال ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺭﺻّﻮا ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ ﻭﻗﺎﺭﺑﻮا ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺣﺎﺫﻭا ﺑﺎﻷﻋﻨﺎﻕ، ﻓﻮاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ ﺇﻧﻲ ﻷﺭﻯ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ اﻟﺼﻒ ﻛﺄﻧﻬﺎ اﻟﺤﺬﻑ»!
والحذف غنم صغار ليس لها آذان، وذنبها صغير، تكون بجنوب الجزيرة، ونسميها عندنا (الصُّمع).

فملاصقة الشيطان، ومماسته ومجاورته في الصف لها أثرها في تسلطه على الإنسان وتمكن تفلّته عليه!
وروى عبد الرزاق ﻋﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻗﺎﻝ: ﻛﻨّﺎ ﻧﺼﻠﻲ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: "ﺳﺪﻭا ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ، ﻟﺘﻠﺘﻘﻲ ﻣﻨﺎﻛﺒﻜﻢ، ﻻ ﻳﺘﺨﻠﻠﻜﻢ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﻨﺎﺕ ﺣﺬﻑ".

ومما يجب التنبّه له: أن ترك التسوية لعذر من الأعذار قد لا يمنع حصول آثار الاختلاف!
وهذا أصل يجب أن يعتني به، وأن تتوارد عليه أقلام أهل العلم.
فقد جاء ما يدل على أنّ ترك الطاعة لعذر لا يمنع من حصول آثار هذا الترك، كما ثبت في الصحيحين قال ﷺ: «ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻦ ﻧﺎﻗﺼﺎﺕ ﻋﻘﻞ ﻭﺩﻳﻦ ﺃﺫﻫﺐ ﻟﻠﺐ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺤﺎﺯﻡ ﻣﻦ ﺇﺣﺪاﻛﻦّ»، ثم ذكر سبب نقص الدين: «ﻭﺗﻤﻜﺚ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﺗﺼﻠﻲ، ﻭﺗﻔﻄﺮ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﻬﺬا ﻧﻘﺼﺎﻥ اﻟﺪﻳﻦ».
فقد نقص دينهنّ مع أنّهن مأمورات بترك الصلاة، وهنّ معذورات بترك الصلاة والصيام، ومع هذا أثّر تركهن للطاعة في دينهنّ مع وجود العذر.

وقد حصلت شكاية مبكرة في الأمة من التقصير في هذا الأمر، فقد ثبت في البخاري ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺃﻧﻪ ﻗﺪﻡ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﺃﻧﻜﺮﺕ ﻣﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻳﻮﻡ ﻋﻬﺪﺕ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ؟
ﻗﺎﻝ: "ﻣﺎ ﺃﻧﻜﺮﺕ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻜﻢ ﻻ ﺗﻘﻴﻤﻮﻥ اﻟﺼﻔﻮﻑ"!

وكان أنس يذكر تغير الناس في هذا ويقارنه بما كان عليه الحال مع نبيهم ﷺ، فروى ابن أبي شيبة ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «اﻋﺘﺪﻟﻮا ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ، ﻓﺈﻧّﻲ ﺃﺭاﻛﻢ ﻣﻦ ﻭﺭاء ﻇﻬﺮﻱ» ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻳﻠﺰﻕ ﻣﻨﻜﺒﻪ ﺑﻤﻨﻜﺐ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻗﺪﻣﻪ ﺑﻘﺪﻣﻪ، ﻭﻟﻮ ﺫﻫﺒﺖ ﺗﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﺮﻯ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻛﺄﻧﻪ ﺑﻐﻞ ﺷﻤﻮﺱ.

وأثر ملابسة الشيطان وملامسته على الإنسان دلت عليها أدلة:
- ففي مسلم عن أبي سعيد ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺇﺫا ﺗﺜﺎءﺏ ﺃﺣﺪﻛﻢ، ﻓﻠﻴﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ».
فهذا تسلط بدخول الشيطان للجوف.

- وفي الصحيحين ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ بن مسعود، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮ ﻋﻨﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺭﺟﻞ ﻧﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ، ﻗﺎﻝ: «ﺫاﻙ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻝ الشيطان ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻴﻪ»!
وهذا تسلط آخر بهذه الهيئة المستقبحة، والأصل حمله على حقيقته لا المجاز.

- ومنه ما جاء في الصحيحين ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ: «ﺇﺫا اﺳﺘﻴﻘﻆ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻓﻠﻴﺴﺘﻨﺜﺮ ﺛﻼﺛﺎ، ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺒﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺸﻮﻣﻪ».
فلولا أن لبيتوتة الشيطان أثرًا لما أمرنا بالاستنثار ثلاثا بعد بيتوتته.

والله أعلم.
14👍7🔥2
2025/07/13 20:59:45
Back to Top
HTML Embed Code: