tgoop.com/mohsinbouakkaze/1453
Last Update:
عند المنبهرين بالفلسفة إنحياز واضح لعدم انتقاد أفكار الفلاسفة، إلا بنقلهم نقد لفيلسوف آخر - حجة السلطة-. ولا بد أن يكون انتقادهم لا يحط من مقام ذلك الفيلسوف، بعدم السخرية من تفاهة فكرته أو مقالته، حتى لو كانت كذلك.
إلا أنهم يبدأون بالتهكم والسخرية عند سماع المقالات الدينية. كالحديث عن الجن والملائكة وغيره، فيجنحون إلى رد ذلك والسخرية منه. ويتحدثون عن تقدم العلم وتجاوز الخرافات، ونحو هذا الخطاب العلموي الذي بات يشكل خطاب سلطة، يسطو على عقول الناس من حيث لا يشعرون.
لكن إذا سمعوا تلك الألفاظ المهولة من قبيل : المثل الأفلاطونية، الصور الأرسطية، شيئية المعدوم المعتزلية، الأنا الديكارتي، النومين الكانطي، الموناد ليبنيزي، الروح الهيجلي... وغير ذلك.
لا يمتلكون أنفسهم أمام هذه الألفاظ، فيظهر عليهم الجبن والتخنث، ثم التعظيم والاجلال للفلاسفة.
رغم أن الجن والملائكة، من حيث المبدأ، صفاتهم أحق بالوجود، إمكانه وعدم امتناعه، من تلك المعدومات التي يثبتها الفلاسفة، والتي لا تملك أي صفة تمكنها من الوجود !
فما المانع من وجود الجن والملائكة وتأثيرهما في باقي الأشياء ؟
فإنك لا ترى الهواء بالعين، لكن تحسه حين تلامس نسماته جلدك. لكن جلدك أيضا لا يحس بالضوء في حين تراه بالعين.
فما المانع من وجود شيء مركب من مادة لا تراه بعينك، لقصور بصرك كما قصرت عن رؤية الهواء، ولا تمسه أو تحسه بجلدك كما قصُرت عن لمس الضوء ؟
ورغم ذلك يكون له تأثير في الموجودات، كما للهواء وللضوء تأثير؟
فإذا كان من الجائز قصور جنس الحواس، وهو مشاهد محسوس في قصور بعض الحواس عن إحساس بعض الموجودات. فلا مانع من قصورها كلها عن إحساس موجود معين.
إلا أن هذه الجن والملائكة، هي موجودات في مكان وزمان، وتتحرك فيهما، وتؤثر وتتأثر، وهذه كلها صفات تجعلها أحق بالوجود قطعًا من النومين الكانطي الذي لا يوجد في مكان وزمان ولا يؤثر ولا يتأثر ( لا يجري عليه مبدأ السببية)، فما الفرق بين هذا النومين والعدم ؟
ونفس الاعتراض يشمل باقي الخرافات الفلسفية.
BY محسن بوعكاز
Share with your friend now:
tgoop.com/mohsinbouakkaze/1453