يَا تُرَى.. هَل كُنتُ يوماً مُلهِمَة؟

تتساءلين إن كنتِ مُلهِمة؟!
رسائلكِ -يا روحي- تستفزّ فيّ الحرف لأكتبه والجمال -الذي زرعته فيّ بها- لأجسّده فيخرج مُختالًا مُتباهيًا فيه لمحةً من غروركِ المُتصنَّع المُحبّب إليٍ. 💜

-هي صاحِبي الخفيّ، وقَلبي المتواجِد خارج جسدي، وصَدر البيت الذي أنا عجزه، وفَرقَدي الذي يتبعني وأتبعه، وشَريكة حُزني، وياسمينتي، وقهوتي الحلوة التي مرَّرَتها الأيام.-

أفدي التي تعرِفُ جَوَّ قلبي وذوقه، فتأتي لهُ بما يتفتّحُ فيه بمثل الزّهر والرّيحان، وتجعلهُ فوّاحاً.. كُلّما أخذتُ إليهِ نفَساً فإنّهُ يهتزّ ويعبِق!
ويا حُسنها إذ تدري بغروري أنّهُ زائدٌ على نفسي ليسَ منها، وأنّهُ فنّ من الدلال تستعذبهُ الرّوح فتهفو إليه ولا تنفر 🤍
مُنَى.. التي تُجيد مناداتي، وتحفظ أسمائي وألقابي وتزيد عليها من نسيم قلبها فتُناديني على ضيقِ صدري "رَوح ورَيحان"

كنتُ صاحبها الخفيّ؛ تنشُر من حرفي ويعرفني جَمعُها بالوسمِ الأنيق في رسائلها إليّ، وأمّا اليوم.. فهذه هويّتي تنكشف، وليعلمَ النّاس أنّي صاحبة البَنفسجَة مُنى! 😌

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. حيَّاكِ اللهُ وبيَّاكِ وحمى حِماك ورقَّاكِ وبوأَكِ محلًا يقصر عن عُلاه الفرقدان.
سعدتِ في المسير والإقامة ٬ ولا عميت ولا سخنت عليكِ ولا قذيت بك عين السلامة ٬ دمتِ في عافيةٍ غير عافية ٬ ونعمةٍ سابغةٍ ظافية. وطابت الأسماء منكِ والكُنى حَباكِ الله بلطفٍ وهنا ٬ يأتي إليكِ من هنا ومن هنا.
...
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد..
جذبتني افتتاحيتك الكريمة وديباجتك فصيحة اللفظ بهيّة المُحيّا بليغة المَعنى حتى أنها بلغت شغاف قلبي فأوردتهُ أعذب الشعورِ وأصفاهُ وأكرم حِسٍّ وأنقاهُ وشُغلتُ بها عمّا سواها من استفسارات وأسئلة، ولي عُذري في هذا فإنّي شخصية مولعة بالحُسن أتبعهُ فكيف وقد جاءني في رسالة؟!

-إحدى الرسائل المُطرّزة باللُطف!-
#رسائل_الغرباء.

- مضَت مني هذهِ الليلة على ثلاثةِ أحوال كنتُ فيها بالثُّلثِ الأول كئيبةً غضبى، ثُم هدَأتُ فكنتُ مع الثّاني باردةً ساكنة، وفي الأخيرِ فإنّي استضحكتُ وانشرحَ صدري، وأحسستُ بنفسي سعةً ورَوح.. فأطلقتُ في خوافقها عصافير قلبي تشدُو وتهدِل من أوّل الصُّبح، ونفضتُ ذاكرتي فترنّمتُ بما أحفظ من المُؤنسة ولا تعذليه.
وأخذني ذلكَ إلى حديثٍ دارَ بيننا.. فذهبتُ أبحثُ عنه، ووجدتُ معهُ رسالةً عبِقَة يفوحُ منها طيبُ الرّيحانِ إذ وصفتِني به، فتعطّر بها صباحي وأشرقت شمسهُ تُضيء بصدري مع نورِ تلكَ الذّكرى
وكنتُ قد نويتُ الكتابة إليكِ في معنى الغربة والغياب، فإنّ روحي تئنّ منها وتتألّم، ولم أجِد إلى تسكينها عبارة.. فتركتُها حتى تغيّرَ بيَ الحالُ إلى انشراح، وقلتُ:
ما طويتُ ظلمة الليل بينَ جنبيّ حتى أنشرها في رِسالة، ولو كانَ من ذلكَ حرف بليغ فإنّي أدعهُ لصفحةٍ أُخرى لا يصلُ إليها من النّور سطر مُضيء، وقد طلعَت هذهِ الرّسالةُ بالجمالِ فلا ندعها تنتهي بالألم..

وصباحُ الخَير أيّتها البنفسجة الرقيقة! 💜
..
- إن كنت حرّمتِ على نفسك ذكر الحُزن وودّعته مع الليل مُشفقة على مثل هذه الرسالة أن يشوبها جانبٌ منه ومُشفقةً عليّ أن يمسّني طرفه؛ فإنني -يا مَيسي- داخلي مُكبّلٌ بالحزن، لا إصباح يجليه ولا ليلٌ يأخذهُ ويذهب، يفيضُ بي فتفيض أدمعي، ويغيضُ فأُدثّره بدثار الصمت، وأنا بينهما أجيئُ وأذهب حاملةً قلبي على كفّي مُشفقة على ما أصابه من وَهن.
فإن غفلَ عني حُزني قليلا؛ خرجتُ من دثار الصمتِ واستروحتُ بالكتابة تارة وبحديثي معكِ تارة، فأجدني كأنني حديثة العهد بالكلام فأتلعثم في حرف وأبدل حرفًا، لكنكِ تفطنين إلى حديث قلبي الفصيح وتغضين الطرف عن حديث لساني المُتلعثم، لطالما عرفتِ أثر الصمتِ عليّ وشاركتنيه في حينٍ وأحايين.. نُصغي كلانا إلى لعثمتي فنضحك، وهذه الضحكة المَسروقة -لو تعلمين- سببًا في إشراق روحي.
لطالما حدثتني نفسي أنكِ ستملين يومًا من صَمتي وتؤثرين أُنس الحديث على وحشة الصمت وترحلين كما البقيّة، فأستعيذُ من حديثها وأُعلّل قلبي بأنكِ باقية لأجله.

..
- إن كانَ مِنَ النّاسِ من تستهويه الكلمةُ البليغة في الحديثِ الرّائق، وتهفو إليها روحهُ وتستأنس؛ فتدعُ على ذلكَ عزيزاً وتأخُذ بعزيز، فإنّي من النّاسِ الذين يتكلّمُ فيهم الصّمتُ أبلغَ من تلكَ الكلمة، فلا تُحدّثكِ نفسكِ بأنّي أترككِ وأمضي، فإن كانَ لها في ذلكَ سبب أرحلُ به، فلقلبكِ ألفُ سببٍ يُبقيني إليهِ وهُو بنفسجيّ عَبِق يأخذ رِقّتهُ من الزَّهر.

وقد آلمتِني إذ تظنّينَ بي أهجركِ على هذا، وكما علّلتِ نفسكِ فأنا أُعلّلها بكونكِ ترينني شيئا من الإلهام.. إذا غابَ تأخّرتْ معهُ فكرةٌ بديعة، وإذا حضرَ تكونُ منهُ رسالة؟
والآن أخبريني.. هل استطعتُ أن أسرق ضحكةً جميلة تُشرِقُ منها روحكِ الحُلوَة؟

آهٍ من الحُزنِ! ما أراهُ بتاركٍ هذهِ الأنفُس الضّعيفة وفيها من الحياة أمل أخضر، ولقد نحاول أن نمسِكَ فلا نكتب عنه، ولكن أرانا وضعناه وطوّفنا حولهُ، فنحنُ نلمسهُ بكُلّ معنى.

#رسائلها_ورسائلي ١١

سُبحانَك، أيكُونُ لي إذ تقضي بالرّحمةِ ويُؤلمني الجهلُ بحكمتِكَ إلّا أن أشكُرَ وأصبِر حتّى تُعرّفني اختياركَ وتُريني الخيرَ فيه؟

أسألُكَ بنُورِ وجهكَ الذي أشرقَتْ لهُ السماوات والأرض؛ أن تجعل لي مخرجاً ممّا أنا فيه يا رحيم! 💔

🎈مُعايدات🎈

- عرفتُ الفرحة الثّانية وذُقتها حينَ صارتْ لي هذه الصُّحبةُ البليغة أكتبُ إليهم ويكتبونَ إليّ، ووجدتُ في نفسي شعوراً حُلواً يجعلُ دنوّ العيد أرقّ وألطف على قلبي؛ إذ أنّ لي في هذا الصّبح كلمة أكتُبها لحبيبتي أُعايدها بها
كنتِ في دُعائي قبل الشّهرِ وفيه، وفي بهجةِ هذا اليومِ الضّاحك، وفي سُرور السّاعة التي أكتُبُ فيها إليكِ 🤍
كُلّ عامٍ وأنتِ بخيرٍ.. بنفسَجْ، وكُلّ عامٍ أنتِ رقيقة عذبة، وأنتِ قريبةٌ إلى قلبي وعبقةٌ زاهية. 💙


- العيدُ عندي في قُرب الأحبّة، ولأن موقعك عندي هو قلبي فأنتِ أقرب إليّ مني، وكل يوم في قربكِ هو عيدٌ عندي.. أقولُ كيف عساي أهنئها وأعايدها؟ وأي كلمات تليقُ بشخصها وقلبها الذي آثرني وأحبّني! تعرفين قلّة زادي في حضرتك وقصور كلماتي.. لكنكِ في كل مرة تُبادرين بمُعايدتي بكلمات رقيقة لطيفة تزيل كل تردّدٍ بداخلي وتدعوني لمٌبادلتك بلُطف يُشابه لُطفك أو أقلّ منه فأنتِ سيّدة اللُطف عندي.

عساهُ عيدًا مُباركًا، للأحبّةِ جامعًا، للأحزانِ مُفرقًا، للبهجةِ جالبًا، وللقلوب جابرًا.🤍


- وكانَ عيداً مُباركاً بهذه الدّعواتِ، جامعاً للأحبةِ إذ أتى برسالةٍ منكِ، مفرّقاً للأحزانِ إذ أنّ الكلمات تبسم خجلاً بحرفكِ الأنيق، وجلبَ البهجة وأهلها، وجبر قلبي وغمرني حُبّاً ودفء!
هذا.. وأنا أعرف قلة زادكِ! فكيفَ إذا كنتِ وافرة وقد أكرمتِ قلبي حتى فاض باللطف؟
ما عرفتُ البنفسجةَ تقول غير الصّدق.. فهل أنتِ اليوم تُسعدينني بتغذية غروري؟ 😌
فديتُ الرقيقة الخفيفة؛ لا حرمني الله حُبّكِ وقربك 🤍

#رسائلها_ورسائلي ١٢

وهذهِ الأيّامُ التي لا آتي فيها قلمي، أو لا يأتيني الإلهام بها؛ كأنّها دونَ الزّمانِ أو خارجه، فلا يجري عليها شيء من طبيعة نفسي، ولا أجد إذ أنظُرُ في الكون غير هذا النّفور يُباعد عن قلبي كل شيء، كالسّاعة التي تتخلّى فيها العين النّاعسة فلا تلتذّ بإبصارها فتنة الحرير أو سِحر اللؤلؤ؛ فأقضي دونَ رغبة، كأنّ بين نفسي والدّنيا حجاب.. إذا رغبتُ فناديتُ إليّ فواتح رسالاتي.. فلا يأتيني من كلامها إلا ما يقف من وراء ذلك الحاجز، وإذا كتبت؛ أفيكونُ إلّا نَصّاً.. غيرَ أنّهُ بلا رُوح؟

ليلٌ يلتحفُ بالنجوم، أو نجومٌ تلتحفُ بالليل، لا ندري أيًّا منهُما يلتحفُ بالآخر، لكن ما نعرفهُ أننا لا نستطيع تفرقة أحدهما عن الآخر، لكن يالكثرة الليالي التي لم تحوِ نجومًا! دائمًا يحضرُ الليل، وتتخلّف النجومُ عن الحضورِ وتختبئ، تريدُ اختبار الليل في حبِّه لها، كم كان الليلُ وحيدًا وقتها!، يُحرّم على نفسه مُسامرة القَمرِ خوفًا من غيرة النجوم، من أن تقول تسلّى عنا وتخلّى عن شوقه لنا واستبدل مكانتنا بِحلول القمر.. وهل يقدرُ عاشقٌ على التسلّي أو التخلّي أو استبدال مكانة معشوقه!
لكن النجوم لم تفطِن هذا، ظلّت تختبر الليل بغيابها المُتكرر وأفعالها الطفولية.

لكن هل يتّسعُ صَدرَ الليلِ لأفعالها هذه؟

غادرتني الكتابة وشدَّت رحالها بعيدًا عني، لم أعد تربة خصبة لحروفها ومعانيها.. الإنسانُ منّا إذا سمّمهُ اليأس وتخللهُ الحزن رحلت عنه كل الأشياء على دفعات متتالية، وإن كان لابُد من فَقد فقد كنت أُؤثر رحيل أي شيء دون الكتابة، لكنها كانت آخر الدفعات التي ترحل عني..
الآن فهمت إحساس الشاعر حين قال: "لم يبقَ عندي ما يبتزه الألمُ".
::
منى بنفسج🌺

تذكّرتُ صاحبتي وأنا أُعِدّ لنفسي ألذّ قهوة في أكبر كوب؛ إذ سمّتْني في هاتفها "آنسَة قهوَة" لما علِمتْ من عشقي لها، وكانَ يُعجبني فيها أنّها تُسمّيني بما أُحِبّ، فقبلهُ كنتُ عندها "فُستُق" وفي كُلّ أحاديثنا فأنا لها الرَيحان والياسمين الأبيض.

وهي لي ولكلّ النّاس.. ألطف بنفسجةٍ وأرقّ زَهْرة.

دائمًا تُفاجئني بأحاديثها عني، إذ في كل مرةٍ أدخل قناتها -وهي مرات أجاهد نفسي لأجعلها يومية غير أن انشغالي يكبّلني عنها- أجدُ حديثًا لذيذًا يُشبهها فأقرؤه حتى تطيب نفسي، فإذا وجدتها ذكرتني كنايةً بقصدٍ أو بدون؛ وجدتني أنا وقلبي نتوهّج من السعادة.. فبرغم انشغالي عنها إلا أنها لم تغفل عني يومًا، وهذا يجعلني آتيها على استحياء سائلة عن حالها لتُجيب أنها بخير! وأعلم أن هذه الكلمة عندها وراءها الكثير من الشكوى المكتومة والتي تنتظر مني كلمة "احكيلي" فتتدفّق كل الكلمات الغير مرتبة عندها والمفهومة جدًا عندي!
وما يجعلني مطمئنة حيالها هو أن قلبي عندها وقلبها عندي فلا يُزحزحنا البُعد قدر أنملةٍ ولو طال.

وكل غريبٍ للغريب نسيبُ.
-مساحة لكم-."(

أرى تفرُّق الدروب وتعثّر الخُطى وطول المَسير مُنفردًا، وإن صحَّ النسبُ بين الغرباء كما في قول امرؤ القيس "وكل غريب للغريب نسيب" فالأجدرُ أن يصحَّ بين الوحيدين والمُفردين بدوره..

قد تتساءل وما أدراكِ أنني وحيد؟ أنا بين صحبي وخِلّي..
فأقولُ وهل كل وجودٍ يُسمّى وجودًا؟ كم من وجود كان في أصله عدمُ!

أراك تلهي نفسك بخاطرةٍ هنا وبيت شعرٍ هناك إلّا أنك على حافة التَرك تمامًا.
لا أخفيك أن الترك مُريح، لكن هل ستخلوا من الوسوسة لو تركت؟ وسوسة نفسك إليك
تحثّك على الرجوع لأنك لن تُجابه عواقب ما قررت، فإن أردت رجوعًا ترى أنك ما عدتَ تصلُح لذلك فتزيد الوسوسة، تأنيبًا وتقريظًا تارة أو لامبالاة واستسلام تارة أخرى.
وفي كل الحالات وحدك المُلام.

#رسالة.

..

أعرفُ فيك توغُّلك في الصمتِ وتوغّله فيك، ذلك الصمتُ الذي يجعلك تصدُّ عن العِتاب -عِتابي-، ولو أنّني خُبِّرتُ بأن هناك من يؤثر الصمتَ مثلي وربّما أكثر لما صدقته، غير أني رأيتك وعرفتك -وهل عرفتك؟-..
لم أشعر يومًا بِثقَله عليّ، كان دائمًا استراحةً لي من ركضي وراء الأفكار أو ركضها ورائي، وما أجده الآن هو صمتٌ ثقيلٌ يحمِل بين طياته عتابًا أثقل!

#رسالة.

عزيزي السيّد قلب..

أكتبُ إليكَ وأنا في حالةٍ من العِتاب والشفقة عليك، لا أريدُ أن تكون كلماتي تقريظًا لك فأُخطئ من حيثُ أردتُ أن أُصيب، وأعتَبُ من حيث أردت أن أنصح، غير أن نُصحي لا يكون في محلّه إن أنا سألتُك تغييرًا لِمجرى تعامُلاتك أو إعادة ترتيبٍ لأولوياتك القلبيّة، فمن عساه يفرض سلطته على قلب؟

أراك تُشبه الخيلَ في مُعظم أمره، صَموتٌ كَتوم، يعيش عزيزًا، شامِخًا، مُكرّمًا، صبورًا، وفيًّا يفني نفسَه فِداءً لصاحبه، فإن هَلك؛ هلك دفعةً واحدة، لا يُعطيه مُهلةً لتوديعه، يتركهُ يُصاحب عبرةً لا تَرفأ وحزنًا لا يغيض؛ تأنيبًا لنفسه وألمًا على فراقه..

قد كنت خَيلًا يعدو -ولا تزال-، وأخشى عليك من سُرعةِ العدو، فهلّا تمهّلتَ؟ أراكَ قد شَحُبَ لونُك كثيرا، وشاخت بناتُ ألبُبِك، هل تشيبُ القلوبُ أيضًا؟ أهكذا شَيبُها؟

عزيزي، هل أثقلتُ عليك -بتساؤلاتي- من حيث أردت التخفيف عنك؟ أعذرني، فهذه هي المرة الأولى التي أحدّث فيها قلبًا فضلًا عن كتابة رسالة إليه..

عشرون أردفها الزمانُ ببِضعةٍ
أرهفنني، ومنعن من تجريدي.

-الشريف الرضي،بتصرُّف.

اليوم أكملتُ قدرًا لا بأس به من الأعوام، ذلك القدر الذى أقول عنده "كفى لا أريد المزيد"..مَن كان يدري أن تراكم الأعوام علينا وحسابها من عمرنا -جزافًا- سيكون بهذا القدر من المرارة!، عند النظر إلى ما انقضى من العمر وما أُنجزَ فيه؛ تتضاءل الإنجازات مُقارنةَ بالسنوات فأُردّدُ "يا ضيعة الأعمار تمضي سبهللا!"

ما يُميّز هذا العام المُنصرم أنه كان مليئًا بأشياءٍ لم أعهد أني قد أختبرها يومًا، اكتشفتُ فيّ آفاقًا جديدة لم أكن أعلم أنها موجودة بالفعل! كان في مخيّلتي أنني أتجلّى بوضوح في الجانب الحزين فقط، لأجد أنه -وياللعجب- قد كنت أملك جانبًا مرحًا لطيفًا خفيفًا لا يتّسم بذلك الثقل الذي يتّسم به الجانب الحزين.. وجدتُ أني أؤثر نفسي بالحزن فإذا بدوت للآخرين كان أول ما يرونه مني ابتسامة صافية لا تُنبئ عما وراءها، يومًا قال لي أحدهم ممن يعرفون الحزن فيّ: "كيف لهذه الابتسامة أن يكون وراءها كل هذا الحزن!"

تساؤلات عدّة لا أملك أجوبة لها لنفسي -أولًا- لأعطيها للآخرين.. ولكن حسبي أنني أكتشفها تدريجيًا.

في أواخر هذا العام كنت قد أصبحت مُقلّة في الكتابة لانشغالي الدائم، نظرتُ للأمر بعينٍ غير راضية، حسبته نقصًا وأنه قد أُقفل عليّ، لكني لو نظرت للأمر من جهة أخرى من جهة نفسي مثلا -والتي هي شخصٌ آخر يختلف عني تمامًا- لوجدت أنها مُحقّة، فكم كنتُ أُثرثر وأُثرثر لها بما أكتب! فالآن حان دورها لتُثرثر ودوري لأستريح من الثرثرة وأعطيها المساحة قليلًا، وأغوص في الصمت كثيرًا.

ما سُكِبَ من الأعوام على غفلةٍ مني لا يُبكى عليه، تكفيني مرارة فقده. ولكني تعلمتُ ألا أسكُب الأعوام أبدًا -وإن كانت على غفلة-.

١٩-٨-٢٠٢٢🌻.

https://soundcloud.app.goo.gl/hybS4
مُحاولة لطيفة جدًا وأحببتها جدًا، وجدتُ أن الصوت يُشبه النص كثيرًا في رقّته ونبرته الهادئة، صوتٌ يَصلح لمُحادثة القلوب..🤍