NASEEMALRIAD Telegram 2203
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله الذي يحيي ويميت وهو الحيُّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي حفظ هذا الدِّينَ على تعاقُب الأيام والسنين، بما وفَّق إليه أئمةَ العلمِ العاملين.. وأفضلُ الصلاةِ وأكملُ التسليمِ على سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى ورثةِ إمامِ الأنبياءِ والمرسلين، العلماءِ الربَّانيِّين، أئمةِ العلمِ مناراتِ الهدى إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين عن سيدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: (إِنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا).
وثبَتَ عن سيِّدنا عبد اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قال: موتُ علمائِها وفقهائِها.
هذا وقد ورد أنه إذا مات العالم ثُلِمَ في الإسلام ثُلْمَةٌ؛ كما ورد عن التابعيِّ الجليلِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: (موتُ العالمِ ثُلْمَةٌ في الإسلامِ لا يَسُدُّها شيءٌ ما اختلفَ الليلُ والنهار).
ونحن إذْ نستقبل بالرِّضا والتسليم نبأَ وفاةِ العالمِ الربَّانيِّ الجليل، سيدي وأستاذي فضيلة الشيخ محمَّد نديم الشهابي رحمه الله تعالى، والذي تلقَّيتُ عنه العلومَ الشرعيةَ في مدرسة العادليَّة، تحت عنايةِ ورعاية وإشرافِ المرشدِ الكبير مربِّي العارفين ودليلِ السالكين بحالِه وقالِه سيدي فضيلةِ الشيخ عبد القادر عيسى رضي الله تعالى عنه ونفعنا به وبسائر العلماءِ العاملينَ وعبادِ الله الصالحين.
وكان أستاذُنا (فضيلة الشيخ محمد نديم رحمه الله تعالى) حينذاك مديراً لهذه المدرسة، مدرسةِ الإحسان في جامع العادليَّة، وكنا نرى فيه العالمَ العاملَ المربِّي، الحازمَ الشفوقَ، المَهيبَ المتواضعَ، يخدمُ ضيوفَه في داره بنفسِه، ويُحضِّرُ لهم أحذيتهم إذا انصرفوا ولو كانوا من طلابه.
واسعُ الثقافة يُخاطبُ ضيوفَهُ وطلابَهُ كُلًّا باختصاصه، ويَنفذُ من خلال ذلك إلى المنهج المطلوب منهجِ السيرِ والسلوكِ إلى ملك الملوك.
ومن لطائف تربيته للطلاب أنَّه كان يصلي صلاة الضحى في فرص الاستراحة بين الدروس، ففي كلِّ فرصة يصلي أربعَ ركعات، ويصلِّيها في المسجد المخصَّصِ لصلاة الأساتذة والطلاب.. ثم ينصرفُ إلى الإدارة ويجلس مع أساتذة المدرسة في غرفة الإدارة، وكان كُلُّ الأساتذة يفعلون ذلك، من دون أن يُلزِموا الطلاب؛ فكان جُلُّ الطلاب ـ إن لم يكن كلُّهم ـ يتوجَّهونَ إلى المسجد في كلِّ فرصة، ليصلُّوا صلاة الضحى.
وكان رحمه الله تعالى حريصاً على متابعة السُّنن النبويَّة في العبادات والعادات.. مجلسُهُ أبعدُ ما يكون عن الغيبة والنميمة، يكرهُ القيلَ والقال.. إذا تكلَّم أحدٌ في مجلسه وذكرَ أحداً من الخَلقِ بما لا يليقُ، قال له: يا سيد! ذِكْرُ الخلقِ داءٌ، وذِكْرُ الخالقِ دَواءٌ.
قرأنا عليه بعد الانتهاء من مرحلة المدرسةِ الشرعية جُملةً من الكتب الإسلامية، ككتابِ (التسهيل لعلوم التنزيل للإمام ابن جُزَي رحمه الله تعالى)، وكتابِ (بهجةِ النفوس وتحلِّيها بمعرفة ما لها وما عليها... شرح مختصر صحيح الإمام البخاري، للإمام ابن أبي جمرة رحمهما الله تعالى)، وكتابِ (شرح جوهرة التوحيد للإمام الصاوي رحمه الله تعالى)، وكتابِ (تيسير البلاغة للشيخ أحمد القلاش رحمه الله تعالى) وغيرِها.
وكان رحمه الله تعالى مدقِّقاً في تقرير المسائل، يسمعُ أثناء الدرس من الجميع، يَقبل الملاحظةَ من أيِّ واحد، وإذا أعجبته كان يصرِّحُ في أكثر الأحيان ويقول: (أفرحْتَني)، وإذا كانت الملاحظةُ غيرَ مقبولة يُقابلها بابتسامةٍ جميلةٍ، ثم يتابع الدرس.
وعندما شرَّفني اللهُ تعالى بزيارة شيخنا العارفِ بالله سيدي الشيخ عبد القادر عيسى في عمَّان في عام 1409هـ ـ 1989م، وأخبرتُه بهذه الدروس، قال لي: بلِّغْ سلامي على الشيخ نديم وقل له يحافظ على هذه الدروس، فلمَّا بلَّغته رحمه الله تعالى دمعتْ عيناهُ ثم قال: كرِّرْ عليَّ ما قال شيخُنا، فكرَّرتُ، فدمعَتْ عيناه، ثم قال: من فضلك كرِّرْ عليَّ ما قال شيخنا، وعيناهُ تفيضانِ بالدمع، ويضعُ كلتا يديه فوقَ عمامته قائلاً: على الرأس والعين..
وفي إحدى زياراته لشيخنا العارفِ بالله سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي رضي الله عنهما، وفي أثناء المجلس قال له شيخُنا رضي الله عنه: يا شيخ نديم ما هو أفضل حالٍ تحبُّ أن تلقى الله عليه؟ قال: يا سيدي أحبُّ أن ألقى الله وأنا حاضر مع الله.. فقال له: إذاً عليك أن تكون حاضراً مع الله تعالى على الدوام، تلقاهُ إن شاء الله وأنت حاضرٌ معه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}..



tgoop.com/naseemalriad/2203
Create:
Last Update:

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله الذي يحيي ويميت وهو الحيُّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي حفظ هذا الدِّينَ على تعاقُب الأيام والسنين، بما وفَّق إليه أئمةَ العلمِ العاملين.. وأفضلُ الصلاةِ وأكملُ التسليمِ على سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى ورثةِ إمامِ الأنبياءِ والمرسلين، العلماءِ الربَّانيِّين، أئمةِ العلمِ مناراتِ الهدى إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين عن سيدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: (إِنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا).
وثبَتَ عن سيِّدنا عبد اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قال: موتُ علمائِها وفقهائِها.
هذا وقد ورد أنه إذا مات العالم ثُلِمَ في الإسلام ثُلْمَةٌ؛ كما ورد عن التابعيِّ الجليلِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: (موتُ العالمِ ثُلْمَةٌ في الإسلامِ لا يَسُدُّها شيءٌ ما اختلفَ الليلُ والنهار).
ونحن إذْ نستقبل بالرِّضا والتسليم نبأَ وفاةِ العالمِ الربَّانيِّ الجليل، سيدي وأستاذي فضيلة الشيخ محمَّد نديم الشهابي رحمه الله تعالى، والذي تلقَّيتُ عنه العلومَ الشرعيةَ في مدرسة العادليَّة، تحت عنايةِ ورعاية وإشرافِ المرشدِ الكبير مربِّي العارفين ودليلِ السالكين بحالِه وقالِه سيدي فضيلةِ الشيخ عبد القادر عيسى رضي الله تعالى عنه ونفعنا به وبسائر العلماءِ العاملينَ وعبادِ الله الصالحين.
وكان أستاذُنا (فضيلة الشيخ محمد نديم رحمه الله تعالى) حينذاك مديراً لهذه المدرسة، مدرسةِ الإحسان في جامع العادليَّة، وكنا نرى فيه العالمَ العاملَ المربِّي، الحازمَ الشفوقَ، المَهيبَ المتواضعَ، يخدمُ ضيوفَه في داره بنفسِه، ويُحضِّرُ لهم أحذيتهم إذا انصرفوا ولو كانوا من طلابه.
واسعُ الثقافة يُخاطبُ ضيوفَهُ وطلابَهُ كُلًّا باختصاصه، ويَنفذُ من خلال ذلك إلى المنهج المطلوب منهجِ السيرِ والسلوكِ إلى ملك الملوك.
ومن لطائف تربيته للطلاب أنَّه كان يصلي صلاة الضحى في فرص الاستراحة بين الدروس، ففي كلِّ فرصة يصلي أربعَ ركعات، ويصلِّيها في المسجد المخصَّصِ لصلاة الأساتذة والطلاب.. ثم ينصرفُ إلى الإدارة ويجلس مع أساتذة المدرسة في غرفة الإدارة، وكان كُلُّ الأساتذة يفعلون ذلك، من دون أن يُلزِموا الطلاب؛ فكان جُلُّ الطلاب ـ إن لم يكن كلُّهم ـ يتوجَّهونَ إلى المسجد في كلِّ فرصة، ليصلُّوا صلاة الضحى.
وكان رحمه الله تعالى حريصاً على متابعة السُّنن النبويَّة في العبادات والعادات.. مجلسُهُ أبعدُ ما يكون عن الغيبة والنميمة، يكرهُ القيلَ والقال.. إذا تكلَّم أحدٌ في مجلسه وذكرَ أحداً من الخَلقِ بما لا يليقُ، قال له: يا سيد! ذِكْرُ الخلقِ داءٌ، وذِكْرُ الخالقِ دَواءٌ.
قرأنا عليه بعد الانتهاء من مرحلة المدرسةِ الشرعية جُملةً من الكتب الإسلامية، ككتابِ (التسهيل لعلوم التنزيل للإمام ابن جُزَي رحمه الله تعالى)، وكتابِ (بهجةِ النفوس وتحلِّيها بمعرفة ما لها وما عليها... شرح مختصر صحيح الإمام البخاري، للإمام ابن أبي جمرة رحمهما الله تعالى)، وكتابِ (شرح جوهرة التوحيد للإمام الصاوي رحمه الله تعالى)، وكتابِ (تيسير البلاغة للشيخ أحمد القلاش رحمه الله تعالى) وغيرِها.
وكان رحمه الله تعالى مدقِّقاً في تقرير المسائل، يسمعُ أثناء الدرس من الجميع، يَقبل الملاحظةَ من أيِّ واحد، وإذا أعجبته كان يصرِّحُ في أكثر الأحيان ويقول: (أفرحْتَني)، وإذا كانت الملاحظةُ غيرَ مقبولة يُقابلها بابتسامةٍ جميلةٍ، ثم يتابع الدرس.
وعندما شرَّفني اللهُ تعالى بزيارة شيخنا العارفِ بالله سيدي الشيخ عبد القادر عيسى في عمَّان في عام 1409هـ ـ 1989م، وأخبرتُه بهذه الدروس، قال لي: بلِّغْ سلامي على الشيخ نديم وقل له يحافظ على هذه الدروس، فلمَّا بلَّغته رحمه الله تعالى دمعتْ عيناهُ ثم قال: كرِّرْ عليَّ ما قال شيخُنا، فكرَّرتُ، فدمعَتْ عيناه، ثم قال: من فضلك كرِّرْ عليَّ ما قال شيخنا، وعيناهُ تفيضانِ بالدمع، ويضعُ كلتا يديه فوقَ عمامته قائلاً: على الرأس والعين..
وفي إحدى زياراته لشيخنا العارفِ بالله سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي رضي الله عنهما، وفي أثناء المجلس قال له شيخُنا رضي الله عنه: يا شيخ نديم ما هو أفضل حالٍ تحبُّ أن تلقى الله عليه؟ قال: يا سيدي أحبُّ أن ألقى الله وأنا حاضر مع الله.. فقال له: إذاً عليك أن تكون حاضراً مع الله تعالى على الدوام، تلقاهُ إن شاء الله وأنت حاضرٌ معه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}..

BY نسيم الرياض


Share with your friend now:
tgoop.com/naseemalriad/2203

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Just at this time, Bitcoin and the broader crypto market have dropped to new 2022 lows. The Bitcoin price has tanked 10 percent dropping to $20,000. On the other hand, the altcoin space is witnessing even more brutal correction. Bitcoin has dropped nearly 60 percent year-to-date and more than 70 percent since its all-time high in November 2021. The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture. Image: Telegram. On June 7, Perekopsky met with Brazilian President Jair Bolsonaro, an avid user of the platform. According to the firm's VP, the main subject of the meeting was "freedom of expression." Administrators
from us


Telegram نسيم الرياض
FROM American