tgoop.com/othmabah/357
Last Update:
■القاضي ابن زَرْبٍ بين تركيز البدايات ورسوخ النهايات■
● القاضي أبو بكر محمد بن يبقى بن محمد بن زَرْب (ت 381هـ) -رحمه الله- من كبار فقهاء المالكية في الأندلس، وكان قاضي قرطبة، جاء في ترجمته في ترتيب المدارك 7 / 114 وغيره أنه كان من أحفظ أهل زمانه لمسائل مذهب مالك وأفقههم به، وأنه كان دقيق التفقه، وأن القاضي ابن السليم كان يقول له: لو رآك عبد الرحمن بن القاسم لعجب منك يا أبا بكر. واسمه كثير الذِكر في مصنفات المالكية، ولأقواله عندهم قدر، ولفتاواه وأقضيته منزلة ومقام كبير.
● وإذا قرأت في أخباره وأحواله تجد من الأمور المنهجية التي التزمها وكان لها -بعد توفيق الله- أثرٌ بالغ على تحصيله وما آل إليه من الرسوخ وما حازه من التمكّن = ما نقله أبو علي الحداد، إذ نقل عن القاضي أبي بكر ابن زرب أنه ذكر لهم أنه لم يكن يدرس في زمان دراسته في كل يومٍ إلا ست أوراق، وأنه كان يقول: الدرس القليل الدائم مع التدبر والبحث عن المعاني خير من الدرس الكثير. عيون الإمامة ونواظر السياسة ص74.
● فطالب العلم في البدايات أحوج ما يكون إلى جمع النفس والهمّ على لبِّ العلم ومتينه، وذلك يكون بتقليل المقدار مع جودة التحفظ وحسن التفهم وطول التفكر، فهو أحوج إلى ذلك من حاجته إلى سعة المقروآت وتتبع الشروح والاسترسال مع الأقوال وتشتيت النفس بين متفرق الفروع والمسائل، فليس أنفع لطالب العلم في البداية من الحزم المنهجي على هذا النحو، فعليك بهذا يا طالب العلم، والزم هذه الجادة، ولا تصدنَّك عن ذلك مرارة التكرار، ولا يصرفنَّك عنه بريق المطبوعات وجديدها، ولا ما تراه في وسائل التواصل من قوائم القراءة الطويلة، أو مشاريعها الجماعية -إذا تعارضت مع منهجيتك-، فرأس المال الحقيقي لطالب العلم ما يؤصل به نفسه من الدراسة المنهجية في بداية الطلب، فهو الذي يرسي دعائم العلم في قلبه ويوطده في صدره ويصنع عقله، ولا تستعجل ولا تضجر فما آفة أضر على طالب العلم من الاستعجال والضجر.
نسأل الله الهداية والسداد، والتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.
BY عثمان أباحسين
Share with your friend now:
tgoop.com/othmabah/357