●من أخذ عنه أبو حامد الغزالي -رحمه الله- حسنَ الترتيب في مصنفاته الفقهية●
لا تخفى منزلة مصنفات أبي حامدٍ الغزالي في فقه الشافعية، وعلى رأسها كتبه الثلاثة (الوجيز، والوسيط، والبسط)، وما امتازت به من جمال الترتيب، وجودة التقسيم، وحسن التبويب، وهذه سمةٌ في عامة مصنفات أبي حامد -رحمه الله-.
وقد بيّن جمال الدين الإسنوي -رحمه الله- من استفاد منه أبو حامد ذلك الترتيب والتنظيم والتقسيم، فقال في المهمات في شرح الروضة والرافعي ١ / ١٠٦:
"ولكنه [يعني الغزالي] لما صنف الوسيط استمد أيضاً من ثلاثة كتب أخرى:
أحدها: الإبانة للفُوراني، ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه، وهو ترتيب الأبواب والفصول والتقاسيم، وكان فعله لذلك توفيقاً من الله، لما فيه من إراحة الناس، لأن الرافعي قد اضطر إلى متابعته، لكونه شارحاً، وكذلك النووي، لكونه مختصِراً، وعلى كلامهما المعول، فكان ذلك سبباً للتسهيل على الناس في إخراج الأبواب والمسائل".
والفُوراني هو أبو القاسم عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فُوران المروزي، من أعلام الشافعية وأعيانهم ومقدَّميهم، وهو من أصحاب الوجوه في المذهب، وكان كثير التلاميذ، توفي سنة ٤٦١.
وكتاب الإبانة عن فروع الديانة لم أقف عليه مطبوعاً، وسمعت أنه حُقِّق أو قطعةٌ منه.
ولتلميذه أبي سعد عبدالرحمن بن مأمون بن علي المتولي -المتوفى سنة ٤٧٨- كتاب (تتمة الإبانة)، اعتنى فيه بشرح مسائل كتاب شيخه -الإبانة-، والتفريع عليه والتعليل لها وتتميم ما فاته واستدراك ما وقع في نسخ المعلقين عنه. قال في مقدمته: "فإن الشيخ الإمام السعيد أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني المروزي -رحمه الله- جدَّ واجتهد في تلخيص مذهب الإمام أبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي -رحمة الله عليه- وتهذيب مسائله، ورتبها ترتيباً لم يسبق إليه، فحصر الأبواب والفصول والمسائل والفروع طلباً لتسهيل حفظها وتيسير ضبطها، وسمى المجموعَ (كتابَ الإبانة عن فروع الديانة) إلا أنه ما أملى الكتاب على أصحابه، وإنما ذكره في الدرس، فاختلفت عبارات المعلقين عنه واضطربت النسخ بسبب ذلك، ثم إنه آثر الاختصار، فترك تعليل الأقوال المنصوصة، والوجوه المخرجة في أكثر المواضع، واختصر على حكاية المذهب، وكنت أنا من جملة المختلفين إلى مجلسه والمستفيدين من علمه، فرأيت أن أتأمل مجموعه فأضيف إليه تعليل الأقوال والوجوه وأُلحق به ما شذ عنه من الفروع، وأستدرك ما وقع في النسخ من الخلل من جهة المعلقين عنه؛ مراعاةً لحرمته وقضاء لحقه، فألَّفْْتُ مجموعاً على ترتيب كتابه، سميته (تتمة الإبانة)، وسألت الله التوفيق في إتمامه، فإنه خير موفق ومعين".
وكتاب التتمة حقِّق في رسائل علمية، ولا أدري هل الموجود لكل الكتاب أو لقطعةٍ منه؟ كما أن جزءاً منه مطبوع.
والله الموفِّق،،
لا تخفى منزلة مصنفات أبي حامدٍ الغزالي في فقه الشافعية، وعلى رأسها كتبه الثلاثة (الوجيز، والوسيط، والبسط)، وما امتازت به من جمال الترتيب، وجودة التقسيم، وحسن التبويب، وهذه سمةٌ في عامة مصنفات أبي حامد -رحمه الله-.
وقد بيّن جمال الدين الإسنوي -رحمه الله- من استفاد منه أبو حامد ذلك الترتيب والتنظيم والتقسيم، فقال في المهمات في شرح الروضة والرافعي ١ / ١٠٦:
"ولكنه [يعني الغزالي] لما صنف الوسيط استمد أيضاً من ثلاثة كتب أخرى:
أحدها: الإبانة للفُوراني، ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه، وهو ترتيب الأبواب والفصول والتقاسيم، وكان فعله لذلك توفيقاً من الله، لما فيه من إراحة الناس، لأن الرافعي قد اضطر إلى متابعته، لكونه شارحاً، وكذلك النووي، لكونه مختصِراً، وعلى كلامهما المعول، فكان ذلك سبباً للتسهيل على الناس في إخراج الأبواب والمسائل".
والفُوراني هو أبو القاسم عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فُوران المروزي، من أعلام الشافعية وأعيانهم ومقدَّميهم، وهو من أصحاب الوجوه في المذهب، وكان كثير التلاميذ، توفي سنة ٤٦١.
وكتاب الإبانة عن فروع الديانة لم أقف عليه مطبوعاً، وسمعت أنه حُقِّق أو قطعةٌ منه.
ولتلميذه أبي سعد عبدالرحمن بن مأمون بن علي المتولي -المتوفى سنة ٤٧٨- كتاب (تتمة الإبانة)، اعتنى فيه بشرح مسائل كتاب شيخه -الإبانة-، والتفريع عليه والتعليل لها وتتميم ما فاته واستدراك ما وقع في نسخ المعلقين عنه. قال في مقدمته: "فإن الشيخ الإمام السعيد أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني المروزي -رحمه الله- جدَّ واجتهد في تلخيص مذهب الإمام أبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي -رحمة الله عليه- وتهذيب مسائله، ورتبها ترتيباً لم يسبق إليه، فحصر الأبواب والفصول والمسائل والفروع طلباً لتسهيل حفظها وتيسير ضبطها، وسمى المجموعَ (كتابَ الإبانة عن فروع الديانة) إلا أنه ما أملى الكتاب على أصحابه، وإنما ذكره في الدرس، فاختلفت عبارات المعلقين عنه واضطربت النسخ بسبب ذلك، ثم إنه آثر الاختصار، فترك تعليل الأقوال المنصوصة، والوجوه المخرجة في أكثر المواضع، واختصر على حكاية المذهب، وكنت أنا من جملة المختلفين إلى مجلسه والمستفيدين من علمه، فرأيت أن أتأمل مجموعه فأضيف إليه تعليل الأقوال والوجوه وأُلحق به ما شذ عنه من الفروع، وأستدرك ما وقع في النسخ من الخلل من جهة المعلقين عنه؛ مراعاةً لحرمته وقضاء لحقه، فألَّفْْتُ مجموعاً على ترتيب كتابه، سميته (تتمة الإبانة)، وسألت الله التوفيق في إتمامه، فإنه خير موفق ومعين".
وكتاب التتمة حقِّق في رسائل علمية، ولا أدري هل الموجود لكل الكتاب أو لقطعةٍ منه؟ كما أن جزءاً منه مطبوع.
والله الموفِّق،،
قال إسحاق بن راهويه -رحمه الله-:
وأما قارئ القرآن حفظاً أو نظراً فإنه يستحب له أن لا يجاوز أربعين يوماً حتى يكون خاتماً فيه مرّة، لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدَالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن يقرأه في أربعين حين سأله: أني جمعت القرآن ففي كم أقرؤه؟ فبدأه: "اقرأه في أربعين". فالرخصة لمن جمع القرآن هذا الوقت أكثره، مع أن أكثر الرواية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث سأله، قال له: "اقرأه في شهر". ونرجو في أربعين لما ذكر في الحديث.
وأما الذي نستحب لمن حمل القرآن حتى حفظ أن يقرأه في السبع أو الثمان، وإن كان في ثلاث فهو أفضل، ولا يقرؤه في دون ثلاث إلا أن يحب في الأحايين ختم القرآن ليدعو دعوة يطمع في الإجابة، كنحو دخوله الكعبة، أو ليلة القدر وما أشبه ذلك، فأما الإدمان ففي ثلاث.
مسائل الإمام أحمد وإسحاق برواية الكوسج 9 / 4820
وأما قارئ القرآن حفظاً أو نظراً فإنه يستحب له أن لا يجاوز أربعين يوماً حتى يكون خاتماً فيه مرّة، لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدَالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن يقرأه في أربعين حين سأله: أني جمعت القرآن ففي كم أقرؤه؟ فبدأه: "اقرأه في أربعين". فالرخصة لمن جمع القرآن هذا الوقت أكثره، مع أن أكثر الرواية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث سأله، قال له: "اقرأه في شهر". ونرجو في أربعين لما ذكر في الحديث.
وأما الذي نستحب لمن حمل القرآن حتى حفظ أن يقرأه في السبع أو الثمان، وإن كان في ثلاث فهو أفضل، ولا يقرؤه في دون ثلاث إلا أن يحب في الأحايين ختم القرآن ليدعو دعوة يطمع في الإجابة، كنحو دخوله الكعبة، أو ليلة القدر وما أشبه ذلك، فأما الإدمان ففي ثلاث.
مسائل الإمام أحمد وإسحاق برواية الكوسج 9 / 4820
قال العلامة قاسم بن قطلوبغا -رحمه الله-:
والعجب من الحافظ أبي محمد بن حزم كيف يستدل بقول الصحابي الواحد من طريق ضعيفة شاذة في مقابلة قول الجمهور، وإن تكن الحجة عليه يقول: "لا حجة في قول أحد دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
نزهة الرائض في تخريج أحاديث الفرائض ص٥٧.
والعجب من الحافظ أبي محمد بن حزم كيف يستدل بقول الصحابي الواحد من طريق ضعيفة شاذة في مقابلة قول الجمهور، وإن تكن الحجة عليه يقول: "لا حجة في قول أحد دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
نزهة الرائض في تخريج أحاديث الفرائض ص٥٧.
الروض المربع - كتاب الصلاة 15
عثمان أباحسين
الروض المربع - كتاب الصلاة ١٥ -آخر باب شروط الصلاة
Forwarded from عثمان أباحسين
■فضل يوم عرفة■
●في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ).
وفي الترمذي: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير).
●قال الحافظ ابن عبدالبر -رحمه الله- في التمهيد 6 / 41: "وفي الحديث أيضاً دليلٌ على أن دعاء يوم عرفة مجابٌ كله في الأغلب".
●قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في لطائف المعارف ص609: "ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده؛ لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة".
●فالله -سبحانه- واسعٌ كريمٌ منان، وهو ذو الفضل العظيم، فما خُصَّ به يوم عرفة من الفضائل، وما يُنزِل الله فيه من الرحمات، وما يحصل فيه من المغفرة والعتق من النيران، وما يكون فيه من إجابة الدعوات = كل ذلك ليس خاصاً بالحجاج، بل هو -بفضل الله- عام لكل المسلمين، ولا سيما من اشتعلت في قلبه لواعج الشوق إلى شهود المناسك، وتحسر على فوات تلك المشاهد، وتمنى أن لو كان مع حجاج بيت الله واقفاً في تلك العرصات لكن حالت دون ذلك الأعذار والحوائل، فمن كرم الله -سبحانه- أنه يُثيب على ما يقوم في القلوب من صالح النوايا والعزائم، ويكتب همَّ عبدِه بالخير حسنةً، ويشكر عبدَه على ما يقوم في قلبه من الصدق ومحبة الخير فلا يضيعه هباءً، ولو كان في بيته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن بالمدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم ، قالوا: يا رسول الله ، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة ، حبسهم العذر ).
●قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 5 / 248: (وقد تكون الرحمة التي تنزل على الحجاج عشية عرفة وعلى من شهد الجمعة = تنتشر بركاتها إلى غيرهم من أهل الأعذار، فيكون لهم نصيب من إجابة الدعاء وحظٌ مع من شهد ذلك،كما في شهر رمضان، فهذا موجود لمن يحبهم ويحب ما هم فيه من العبادة، فيحصل لقلبه تقرب إلى الله ويودُّ لو كان معهم).
فنسأل الله أن يمن علينا من واسع عطائه وكرمه، وأن يرحمنا برحمته، ويغفر لنا ذنوبنا، ويجعلنا من عتقائه من النار.
●في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ).
وفي الترمذي: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير).
●قال الحافظ ابن عبدالبر -رحمه الله- في التمهيد 6 / 41: "وفي الحديث أيضاً دليلٌ على أن دعاء يوم عرفة مجابٌ كله في الأغلب".
●قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في لطائف المعارف ص609: "ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده؛ لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة".
●فالله -سبحانه- واسعٌ كريمٌ منان، وهو ذو الفضل العظيم، فما خُصَّ به يوم عرفة من الفضائل، وما يُنزِل الله فيه من الرحمات، وما يحصل فيه من المغفرة والعتق من النيران، وما يكون فيه من إجابة الدعوات = كل ذلك ليس خاصاً بالحجاج، بل هو -بفضل الله- عام لكل المسلمين، ولا سيما من اشتعلت في قلبه لواعج الشوق إلى شهود المناسك، وتحسر على فوات تلك المشاهد، وتمنى أن لو كان مع حجاج بيت الله واقفاً في تلك العرصات لكن حالت دون ذلك الأعذار والحوائل، فمن كرم الله -سبحانه- أنه يُثيب على ما يقوم في القلوب من صالح النوايا والعزائم، ويكتب همَّ عبدِه بالخير حسنةً، ويشكر عبدَه على ما يقوم في قلبه من الصدق ومحبة الخير فلا يضيعه هباءً، ولو كان في بيته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن بالمدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم ، قالوا: يا رسول الله ، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة ، حبسهم العذر ).
●قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 5 / 248: (وقد تكون الرحمة التي تنزل على الحجاج عشية عرفة وعلى من شهد الجمعة = تنتشر بركاتها إلى غيرهم من أهل الأعذار، فيكون لهم نصيب من إجابة الدعاء وحظٌ مع من شهد ذلك،كما في شهر رمضان، فهذا موجود لمن يحبهم ويحب ما هم فيه من العبادة، فيحصل لقلبه تقرب إلى الله ويودُّ لو كان معهم).
فنسأل الله أن يمن علينا من واسع عطائه وكرمه، وأن يرحمنا برحمته، ويغفر لنا ذنوبنا، ويجعلنا من عتقائه من النار.
■الإجماع على مشروعية التكبير المقيد في عيد الأضحى■
● قال الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية الحسن بن ثواب: "أذهبُ في التكبير من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق"، فقيل له: إلى أي شىء تذهب؟ قال: "بالإجماع، عمر وعلي وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس". العدة للقاضي أبي يعلى 4 / 1060
● قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.
وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بل يُكتفى بالعمل به". فتح الباري 9 /22. ونبه ص24 على أن الإجماع الذي نقله الإمام إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح، وأما آخر وقته فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم.
● فينبغي للمسلم أن يحرص على إظهار هذه الشعيرة، ويحتسب الأجر في تعليم الجاهل وتنبيه الغافل، فإذا فرغ من صلاة الفجر يوم عرفة رفع صوته بالتكبير بعد سلامه مباشرة، وقبل أن يشرع في الأذكار التي تُقال عقب الصلاة، وهذا لغير الحجاج، أما الحجاج فيبدأ التكبير المقيد في حقهم من ظهر يوم العيد،
ويستمر التكبير المقيد إلى صلاة العصر من اليوم الثالث عشر، وليس في التكبير حدٌّ ولا عدد ولا صيغة لازمة، بل الأمر في ذلك واسع.
نسأل الله الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته،،
● قال الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية الحسن بن ثواب: "أذهبُ في التكبير من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق"، فقيل له: إلى أي شىء تذهب؟ قال: "بالإجماع، عمر وعلي وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس". العدة للقاضي أبي يعلى 4 / 1060
● قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.
وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بل يُكتفى بالعمل به". فتح الباري 9 /22. ونبه ص24 على أن الإجماع الذي نقله الإمام إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح، وأما آخر وقته فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم.
● فينبغي للمسلم أن يحرص على إظهار هذه الشعيرة، ويحتسب الأجر في تعليم الجاهل وتنبيه الغافل، فإذا فرغ من صلاة الفجر يوم عرفة رفع صوته بالتكبير بعد سلامه مباشرة، وقبل أن يشرع في الأذكار التي تُقال عقب الصلاة، وهذا لغير الحجاج، أما الحجاج فيبدأ التكبير المقيد في حقهم من ظهر يوم العيد،
ويستمر التكبير المقيد إلى صلاة العصر من اليوم الثالث عشر، وليس في التكبير حدٌّ ولا عدد ولا صيغة لازمة، بل الأمر في ذلك واسع.
نسأل الله الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته،،
Forwarded from عثمان أباحسين
●فضل العمل الصالح في يوم عيد الأضحى●
يوم عيد النحر داخل في أيام العشر التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من سائر الأيام، بل هو أفضلها وأعظمها وأشرفها -على الأرجح، وقيل: يوم عرفة-، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر).
لذا ينبغي للمسلم أن يكثر في يوم العيد من الأعمال الصالحة بأنواعها من الذكر والتكبير والدعاء وتلاوة القرآن والصلاة والصدقة وصلة الأرحام وغير ذلك -مع ذبح الأضاحي وصلاة العيد-، وأن لا تغلب عليه فيه الغفلة. كما ينبغي أن يأخذ بحظه من قيام الليل وصلاة الوتر وتلاوة القرآن والدعاء ليلة العيد.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
يوم عيد النحر داخل في أيام العشر التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من سائر الأيام، بل هو أفضلها وأعظمها وأشرفها -على الأرجح، وقيل: يوم عرفة-، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر).
لذا ينبغي للمسلم أن يكثر في يوم العيد من الأعمال الصالحة بأنواعها من الذكر والتكبير والدعاء وتلاوة القرآن والصلاة والصدقة وصلة الأرحام وغير ذلك -مع ذبح الأضاحي وصلاة العيد-، وأن لا تغلب عليه فيه الغفلة. كما ينبغي أن يأخذ بحظه من قيام الليل وصلاة الوتر وتلاوة القرآن والدعاء ليلة العيد.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
●سعة علم الإمام أحمد -رحمه الله- بأقوال الصحابة -رضي الله عنهم-●
تقدُّم الإمام أحمد -رضي الله عنه- في باب الأخبار مرفوعها وموقوفها أشهرُ من أن ينوَّه به، فقد حاز فيه السبق، وفاق غيره من الأئمة، حتى صار له فيه القِدْح المعلَّى، وأظهرُ ذلك وأبينُه ما يتعلق بالعلم بآثار الصحابة ومعرفة أقوالهم ومذاهبهم، فله بذلك فضلُ معرفة ومزيدُ اختصاص. ومما قاله الأئمة وأهل العلم في تقرير هذه الفضيلة لهذا الإمام -رضي الله عنه-:
-قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 20 / 229: " وأحمد كان أعلم من غيره بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان".
-وقال الحافظ ابن ماكولا -رحمه الله- في الإكمال 2 / 563: "كان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين".
-وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتابه الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة (2 / 629 من مجموع رسائله): "وأمَّا علمُه -رضي الله عنه- بالسنة فهذا أمرٌ اشتهر وذاع، ووقع عليه الوفاق والإجماع، وأنَّه حامل لواء السنة والحديث، وأعلم الناس في زمانه بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين".
ولمزيد اختصاصه -رحمه الله ورضي عنه- بآثار الصحابة تميَّز عن أقرانه وإخوانه من الحفاظ بما نبه عليه الحافظ ابن رجب إذ قال: "وهذا وإن شاركه كثيرٌ من الحفاظ في معرفة علل الحديث المرفوعة، فلم يصل أحدٌ منهم إِلَى معرفته بعلل الآثار الموقوفة". وعلل الأخبار إنما يوقف عليها -كما يعرفه أهل الشأن- بتتبع الطرق وسبر الروايات ثم الموازنة بينها، مما يقتضي -بطبيعة الحال- سعة اطلاعٍ وقوة استحضار وخبرة برجال الرواية ومعرفة بالأسانيد، مع كمال تيقُّظٍ وتفطنٍ.
ومما يستوقفك في هذا الشأن حتى يستولي عليك العجب أن الإمام أحمد -رحمه الله- كان يقول: "إنه ما من مسألة يُسأل عنها إلا وقد تكلم الصحابة فيها أو في نظيرها"، كما نقل ذلك عنه الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 19 / 285. فهل يعجب المرء من سعة الرواية وغزارة الحفظ؟ أو يعجب مما فتح الله به عليه من مُكنةٍ في إدراك النظائر وإلحاق الوقائع بأشباهها من المسائل التي أفتى فيها الصحابة؟ وليس بخافٍ أن هذا لا يحصل -بعد عون الله وتوفيقه- إلا بقوة فقه ونظر عميق وغوصٍ في المعاني ودرك لمآخذ تلك الفتاوى وعللها -وإن دقَّت-، فتلك الكلمة ناطقة شاهدة -والشواهد كثيرة- على جمعه الحفظ والفهم، ونيله شرفي الرواية والفقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
رحم الله الإمام أحمد وسائر أئمة الإسلام، ورضي الله عنهم، ورفع درجاتهم، وجزاهم عنَّا خيراً، ونفعنا بعلومهم.
تقدُّم الإمام أحمد -رضي الله عنه- في باب الأخبار مرفوعها وموقوفها أشهرُ من أن ينوَّه به، فقد حاز فيه السبق، وفاق غيره من الأئمة، حتى صار له فيه القِدْح المعلَّى، وأظهرُ ذلك وأبينُه ما يتعلق بالعلم بآثار الصحابة ومعرفة أقوالهم ومذاهبهم، فله بذلك فضلُ معرفة ومزيدُ اختصاص. ومما قاله الأئمة وأهل العلم في تقرير هذه الفضيلة لهذا الإمام -رضي الله عنه-:
-قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 20 / 229: " وأحمد كان أعلم من غيره بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان".
-وقال الحافظ ابن ماكولا -رحمه الله- في الإكمال 2 / 563: "كان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين".
-وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتابه الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة (2 / 629 من مجموع رسائله): "وأمَّا علمُه -رضي الله عنه- بالسنة فهذا أمرٌ اشتهر وذاع، ووقع عليه الوفاق والإجماع، وأنَّه حامل لواء السنة والحديث، وأعلم الناس في زمانه بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين".
ولمزيد اختصاصه -رحمه الله ورضي عنه- بآثار الصحابة تميَّز عن أقرانه وإخوانه من الحفاظ بما نبه عليه الحافظ ابن رجب إذ قال: "وهذا وإن شاركه كثيرٌ من الحفاظ في معرفة علل الحديث المرفوعة، فلم يصل أحدٌ منهم إِلَى معرفته بعلل الآثار الموقوفة". وعلل الأخبار إنما يوقف عليها -كما يعرفه أهل الشأن- بتتبع الطرق وسبر الروايات ثم الموازنة بينها، مما يقتضي -بطبيعة الحال- سعة اطلاعٍ وقوة استحضار وخبرة برجال الرواية ومعرفة بالأسانيد، مع كمال تيقُّظٍ وتفطنٍ.
ومما يستوقفك في هذا الشأن حتى يستولي عليك العجب أن الإمام أحمد -رحمه الله- كان يقول: "إنه ما من مسألة يُسأل عنها إلا وقد تكلم الصحابة فيها أو في نظيرها"، كما نقل ذلك عنه الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى 19 / 285. فهل يعجب المرء من سعة الرواية وغزارة الحفظ؟ أو يعجب مما فتح الله به عليه من مُكنةٍ في إدراك النظائر وإلحاق الوقائع بأشباهها من المسائل التي أفتى فيها الصحابة؟ وليس بخافٍ أن هذا لا يحصل -بعد عون الله وتوفيقه- إلا بقوة فقه ونظر عميق وغوصٍ في المعاني ودرك لمآخذ تلك الفتاوى وعللها -وإن دقَّت-، فتلك الكلمة ناطقة شاهدة -والشواهد كثيرة- على جمعه الحفظ والفهم، ونيله شرفي الرواية والفقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
رحم الله الإمام أحمد وسائر أئمة الإسلام، ورضي الله عنهم، ورفع درجاتهم، وجزاهم عنَّا خيراً، ونفعنا بعلومهم.
قال إبراهيم بن هانئ: قال لي أبو عبدالله -يعني الإمام أحمد- : يا أبا إسحاق ترك الناس فهم القرآن.
الآداب الشرعية ٢ / ٧١
الآداب الشرعية ٢ / ٧١
في سنن الدارمي (١٣٣)
عن زبيد قال:
(ما سألت إبراهيم -يعني النخعي- عن شيء إلا عرفت الكراهية في وجهه)!
أين هذه الحال من حال من عافاهم الله فأبوا إلا أن يركبوا الصعب والذلول ويتقحّموا ما يحسنون وما لا يحسنون من مسائل العلم والشريعة.
نسأل الله أن يرزقنا التقوى والورع.
عن زبيد قال:
(ما سألت إبراهيم -يعني النخعي- عن شيء إلا عرفت الكراهية في وجهه)!
أين هذه الحال من حال من عافاهم الله فأبوا إلا أن يركبوا الصعب والذلول ويتقحّموا ما يحسنون وما لا يحسنون من مسائل العلم والشريعة.
نسأل الله أن يرزقنا التقوى والورع.
Forwarded from عثمان أباحسين
■من تلبيس إبليس على الفقهاء■
قال العلامة ابن الجوزي -رحمه الله-:
"كان الفقهاء فِي قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث فما زال الأمر يتناقص حتى قَالَ المتأخرون: يكفينا أن نعرف آيات الأحكام من القرآن وأن نعتمد عَلَى الكتب المشهورة فِي الحديث كسنن أبي داود ونحوها، ثم استهانوا بهذا الأمر ، وصار أحدهم يحتج بآية لا يعرف معناها وبحديث لا يدري أصحيح هو أم لا، وربما اعتمد عَلَى قياس يعارضه حديث صَحِيح ولا يعلم؛ لقلة التفاته إِلَى معرفة النقل، وإنما الفقه استخراج من الْكِتَاب والسنة فكيف يستخرج من شيء لا يعرفه؟! ومن القبيح تعليق حكمٍ عَلَى حديث لا يدري أصحيح هو أم لا؟ ولقد كانت معرفة هَذَا تصعب ويحتاج الإنسان إِلَى السفر الطويل والتعب الكثير حتى تعرف ذلك، فصنفت الكتب وتقررت السنن وعُرف الصحيح من السقيم ولكن غلب عَلَى المتأخرين الكسل بالمرة عَنْ أن يطالعوا علم الحديث، حتى إني رأيت بعض الأكابر من الفقهاء يَقُول فِي تصنيفه عَنْ ألفاظ فِي الصحاح: لا يجوز أن يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا، ورأيته يحتج فِي مسألة فيقول: دليلنا مَا روى بعضهم أن رَسُول الله قَالَ كذا، ويجعل الجواب عَنْ حديث صَحِيح قد احتج به خصمه أن يَقُول: هَذَا الحديث لا يُعرف. وهذا كله جناية عَلَى الإسلام.
ومن تلبيس إبليس عَلَى الفقهاء: أن جلّ اعتمادهم عَلَى تحصيل علم الجدل يطلبون بزعمهم تصحيح الدليل عَلَى الحكم والاستنباط لدقائق الشرع وعلل المذاهب، ولو صحت هذه الدعوى منهم لتشاغلوا بجميع المسائل، وإنما يتشاغلون بالمسائل الكبار ليتسع فيها الكلام، فيتقدم المناظر بذلك عند الناس فِي خصام النظر، فهمُّ أحدهم بترتيب المجادلة والتفتيش عَلَى المناقضات، طلباً للمفاخرات والمباهاة، وربما لم يعرف الحكم فِي مسألة صغيرة تعم بِهَا البلوى".
تلبيس إبليس ١٠٦ - ١٠٧
قال العلامة ابن الجوزي -رحمه الله-:
"كان الفقهاء فِي قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث فما زال الأمر يتناقص حتى قَالَ المتأخرون: يكفينا أن نعرف آيات الأحكام من القرآن وأن نعتمد عَلَى الكتب المشهورة فِي الحديث كسنن أبي داود ونحوها، ثم استهانوا بهذا الأمر ، وصار أحدهم يحتج بآية لا يعرف معناها وبحديث لا يدري أصحيح هو أم لا، وربما اعتمد عَلَى قياس يعارضه حديث صَحِيح ولا يعلم؛ لقلة التفاته إِلَى معرفة النقل، وإنما الفقه استخراج من الْكِتَاب والسنة فكيف يستخرج من شيء لا يعرفه؟! ومن القبيح تعليق حكمٍ عَلَى حديث لا يدري أصحيح هو أم لا؟ ولقد كانت معرفة هَذَا تصعب ويحتاج الإنسان إِلَى السفر الطويل والتعب الكثير حتى تعرف ذلك، فصنفت الكتب وتقررت السنن وعُرف الصحيح من السقيم ولكن غلب عَلَى المتأخرين الكسل بالمرة عَنْ أن يطالعوا علم الحديث، حتى إني رأيت بعض الأكابر من الفقهاء يَقُول فِي تصنيفه عَنْ ألفاظ فِي الصحاح: لا يجوز أن يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا، ورأيته يحتج فِي مسألة فيقول: دليلنا مَا روى بعضهم أن رَسُول الله قَالَ كذا، ويجعل الجواب عَنْ حديث صَحِيح قد احتج به خصمه أن يَقُول: هَذَا الحديث لا يُعرف. وهذا كله جناية عَلَى الإسلام.
ومن تلبيس إبليس عَلَى الفقهاء: أن جلّ اعتمادهم عَلَى تحصيل علم الجدل يطلبون بزعمهم تصحيح الدليل عَلَى الحكم والاستنباط لدقائق الشرع وعلل المذاهب، ولو صحت هذه الدعوى منهم لتشاغلوا بجميع المسائل، وإنما يتشاغلون بالمسائل الكبار ليتسع فيها الكلام، فيتقدم المناظر بذلك عند الناس فِي خصام النظر، فهمُّ أحدهم بترتيب المجادلة والتفتيش عَلَى المناقضات، طلباً للمفاخرات والمباهاة، وربما لم يعرف الحكم فِي مسألة صغيرة تعم بِهَا البلوى".
تلبيس إبليس ١٠٦ - ١٠٧
■ تحذير أبي المعالي الجويني من الدخول في علم الكلام ■
في طبقات الشافعية للإسنوي ١ / ٦٠ في ترجمة أبي الغنائم الأُرْمَوِيّ:
"وجلس إلى إمام الحرمين، وسأله أن يقرأ عليه شيئاً من علم الكلام، فنهاه عن ذلك، وقال: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما قرأتُه".
في طبقات الشافعية للإسنوي ١ / ٦٠ في ترجمة أبي الغنائم الأُرْمَوِيّ:
"وجلس إلى إمام الحرمين، وسأله أن يقرأ عليه شيئاً من علم الكلام، فنهاه عن ذلك، وقال: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما قرأتُه".
(سؤال الله -عز وجل- حسنَ الخُلُق والإكثار من ذلك)
-أخرج الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده من حديث عائشة وكذا من حديث ابن مسعود -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "اللهم أحسنت خَلْقِي، فأحسن خُلُقِي".
-وأخرج ابن حبان -رحمه الله- في صحيحه حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وترجم له بـ(ذكر ما يستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا تحسينَ خلقه كما تفضل عليه بحسن صورته).
-وأخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في الأدب المفرد (290) بسنده عن أم الدرداء -رضي الله عنها- قالت: قام أبو الدرداء -رضي الله عنه- ليلةً يصلي، فجعل يبكي، ويقول: "اللهم أحسنتَ خَلقِي فحسِّن خُلُقي" حتى أصبح.
فقلتُ: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق!
فقال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلُقُه حتى يدخله حسنُ خلقه الجنة، ويسيء خلقه حتى يدخله سوءُ خلقه النار، والعبد المسلم يُغفر له وهو نائم.
قلت: يا أبا الدرداء كيف يغفر له وهو نائم؟
قال: يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله -عز وجل- فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه.
فاللهم نسألك أن ترزقنا حسن الخلق، وأن تهدينا لأحسن الأخلاق، وتصرف عنا سيئها.
-أخرج الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده من حديث عائشة وكذا من حديث ابن مسعود -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "اللهم أحسنت خَلْقِي، فأحسن خُلُقِي".
-وأخرج ابن حبان -رحمه الله- في صحيحه حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وترجم له بـ(ذكر ما يستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا تحسينَ خلقه كما تفضل عليه بحسن صورته).
-وأخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في الأدب المفرد (290) بسنده عن أم الدرداء -رضي الله عنها- قالت: قام أبو الدرداء -رضي الله عنه- ليلةً يصلي، فجعل يبكي، ويقول: "اللهم أحسنتَ خَلقِي فحسِّن خُلُقي" حتى أصبح.
فقلتُ: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق!
فقال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلُقُه حتى يدخله حسنُ خلقه الجنة، ويسيء خلقه حتى يدخله سوءُ خلقه النار، والعبد المسلم يُغفر له وهو نائم.
قلت: يا أبا الدرداء كيف يغفر له وهو نائم؟
قال: يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله -عز وجل- فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه.
فاللهم نسألك أن ترزقنا حسن الخلق، وأن تهدينا لأحسن الأخلاق، وتصرف عنا سيئها.
⚫️تنبيه الحافظ ابن رجب -رحمه الله- على خللٍ دخَل على شروح الحديث المتأخرة⚫️
نقل الحافظ ابن رجب -رحمه الله- ما جمع به أبو بكر الإسماعيلي بين أحاديث النهي عن التشبيك بين الأصابع في الصلاة أو حالَ انتظارها وبين حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ذي اليدين وما ورد فيه من تشبيك النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه، ثم ساق بقيةَ كلام الإسماعيلي وفيه نقلٌ لقولٍ في بيان المعنى الذي لأجله نُهِي عن التشبيك بين الأصابع حال الصلاة أو انتظارها، فقال في فتح الباري 2/ 587 – 588:
"قال [يعني الإسماعيلي]: وقد قيل إن من كان في صلاة ومنتظرَ الصلاةِ في جماعة فهم على ائتلاف، فإذا شبَّك لم يؤمن أن يتطير بهم عدوهم بأنهم سيختلفون، ألا تراه في حديث عبد الله بن عمرو يقول: (مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وصاروا هكذا) وشبك بين أصابعه، ولم يؤمن أن يكون ذلك سبباً أو أمارة لاختلافهم، كما أمرهم بأن يستووا في صفوفهم، وقال: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم). انتهى ما ذكره".
ثم علق عليه ابن رجب -ناقداً له- بقوله:
"وهو مناسبة بعيدة جداً؛ فإن التشبيك كما مُثِّل به الاختلافُ والافتراق = فقد مُثِّل به الائتلافُ والتعاون والتناصر، كما في حديث أبي موسى الذي خرجه البخاري في أول الباب، فليس كراهته لمشابهته لِمَثَل الافتراق بأولى من عدم كراهته لمشابهته لِمَثَل التعاون والتعاضد والتناصر.
ومثل هذه المعاني توجد كثيراً في كتب شروح الحديث المتأخرة، وأكثرها مدخول، ولم يكن علماء سلف الأمة يقعون في شيء من ذلك، وكذلك لم أستكثر من ذكر مثلِه في هذا الكتاب، وإنما ذكرتُ هذا لأن الإسماعيلي مع تقدمه ذكره في صحيحه، ونبهت على ما فيه". انتهى كلام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-.
فينبغي لطالب العلم أن ينتبه لمثل هذه المعاني المدخولة والتوجيهات البعيدة، ومما يعينه على تمييزها الارتياضُ على كلام من تقدم من أئمة السلف في بيان معاني الأحاديث والاستنباط منها، كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم من الأئمة -رضوان الله عليهم-.
ومما تحسُن الإشارة له في هذا المقام أن الحافظ ابن رجب -رحمه الله- له عناية بالتنبيه على الخلل الذي دخل أنواع العلوم، في كتابه بيان فضل علم السلف على الخلف وفي غيره، فيجدر تتبع ذلك ومطالعته. وبالله التوفيق،
نقل الحافظ ابن رجب -رحمه الله- ما جمع به أبو بكر الإسماعيلي بين أحاديث النهي عن التشبيك بين الأصابع في الصلاة أو حالَ انتظارها وبين حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ذي اليدين وما ورد فيه من تشبيك النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه، ثم ساق بقيةَ كلام الإسماعيلي وفيه نقلٌ لقولٍ في بيان المعنى الذي لأجله نُهِي عن التشبيك بين الأصابع حال الصلاة أو انتظارها، فقال في فتح الباري 2/ 587 – 588:
"قال [يعني الإسماعيلي]: وقد قيل إن من كان في صلاة ومنتظرَ الصلاةِ في جماعة فهم على ائتلاف، فإذا شبَّك لم يؤمن أن يتطير بهم عدوهم بأنهم سيختلفون، ألا تراه في حديث عبد الله بن عمرو يقول: (مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وصاروا هكذا) وشبك بين أصابعه، ولم يؤمن أن يكون ذلك سبباً أو أمارة لاختلافهم، كما أمرهم بأن يستووا في صفوفهم، وقال: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم). انتهى ما ذكره".
ثم علق عليه ابن رجب -ناقداً له- بقوله:
"وهو مناسبة بعيدة جداً؛ فإن التشبيك كما مُثِّل به الاختلافُ والافتراق = فقد مُثِّل به الائتلافُ والتعاون والتناصر، كما في حديث أبي موسى الذي خرجه البخاري في أول الباب، فليس كراهته لمشابهته لِمَثَل الافتراق بأولى من عدم كراهته لمشابهته لِمَثَل التعاون والتعاضد والتناصر.
ومثل هذه المعاني توجد كثيراً في كتب شروح الحديث المتأخرة، وأكثرها مدخول، ولم يكن علماء سلف الأمة يقعون في شيء من ذلك، وكذلك لم أستكثر من ذكر مثلِه في هذا الكتاب، وإنما ذكرتُ هذا لأن الإسماعيلي مع تقدمه ذكره في صحيحه، ونبهت على ما فيه". انتهى كلام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-.
فينبغي لطالب العلم أن ينتبه لمثل هذه المعاني المدخولة والتوجيهات البعيدة، ومما يعينه على تمييزها الارتياضُ على كلام من تقدم من أئمة السلف في بيان معاني الأحاديث والاستنباط منها، كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم من الأئمة -رضوان الله عليهم-.
ومما تحسُن الإشارة له في هذا المقام أن الحافظ ابن رجب -رحمه الله- له عناية بالتنبيه على الخلل الذي دخل أنواع العلوم، في كتابه بيان فضل علم السلف على الخلف وفي غيره، فيجدر تتبع ذلك ومطالعته. وبالله التوفيق،
▪️تأديب السائل وتنبيهه إذا سأل عمّا لا ينفع▪️
قال المرُّوذي: قال أبو عبدالله [الإمام أحمد -رحمه الله-]: سألني رجلٌ مرة عن يأجوج ومأجوج: أمسلمون هم؟ = فقلتُ له: أحْكَمْتَ العلمَ حتى تسأل عن ذا؟!
الآداب الشرعية 2 / 72
قال المرُّوذي: قال أبو عبدالله [الإمام أحمد -رحمه الله-]: سألني رجلٌ مرة عن يأجوج ومأجوج: أمسلمون هم؟ = فقلتُ له: أحْكَمْتَ العلمَ حتى تسأل عن ذا؟!
الآداب الشرعية 2 / 72
●المسائل تفتح خزائن العلم●
قال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن مسألة، فقال:
"يقال: إن العلم خزائن، والمسألة تفتحه، دعني حتى أنظر فيها".
طبقات الحنابلة ٢ / ٥٥٦
وهذا بيِّن، فإن كثيراً من أهل العلم يظهر في إجاباته عن المسائل التي تُلقى عليه من سعة علمه ودقة فقهه ما لا يظهر في تدريسه وتعليمه.
قال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن مسألة، فقال:
"يقال: إن العلم خزائن، والمسألة تفتحه، دعني حتى أنظر فيها".
طبقات الحنابلة ٢ / ٥٥٦
وهذا بيِّن، فإن كثيراً من أهل العلم يظهر في إجاباته عن المسائل التي تُلقى عليه من سعة علمه ودقة فقهه ما لا يظهر في تدريسه وتعليمه.
●من فقه مخاطبة العوام●
قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في جواب عن فتيا تتعلق بصفة الكلام للباري -سبحانه-:
"والواجب أمر العامة بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، ومنعهم من الخوض في التفصيل الذي يوقع بينهم الفرقة والاختلاف؛ فإن الفرقة والاختلاف من أعظم ما نهى الله عنه ورسوله".
الفتاوى ١٢ / ٢٣٧
قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في جواب عن فتيا تتعلق بصفة الكلام للباري -سبحانه-:
"والواجب أمر العامة بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، ومنعهم من الخوض في التفصيل الذي يوقع بينهم الفرقة والاختلاف؛ فإن الفرقة والاختلاف من أعظم ما نهى الله عنه ورسوله".
الفتاوى ١٢ / ٢٣٧
● التكاثر المذموم ●
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
"والتكاثر تفاعل من الكثرة، أيْ مكاثرة بعضكم لبعض، وأعرض عن ذكر المتكاثَر به إرادةً لإطلاقه وعمومه، وأن كل ما يكاثِر به العبدُ غيرَه -سوى طاعة الله ورسوله وما يعود عليه بنفع معادِه- فهو داخل في هذا التكاثر. والتكاثر في كل شيء من مالٍ أو جاهٍ أو رئاسة أو نسوة أو حديث أو علم ولا سيما إذا لم يحتج إليه، والتكاثر في الكتب والتصانيف وكثرة المسائل وتفريعها وتوليدها، والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره، وهذا مذموم إلا فيما يقرب إلى الله تعالى، فالتكاثر فيه منافسةٌ في الخيرات ومسابقة وإليها".
تفسير سورة التكاثر (من مجموع رسائل ومسائل للإمام ابن القيم).
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا، وأن يجعل رضا الله أكبر همِّنا وغاية مقصدنا.
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
"والتكاثر تفاعل من الكثرة، أيْ مكاثرة بعضكم لبعض، وأعرض عن ذكر المتكاثَر به إرادةً لإطلاقه وعمومه، وأن كل ما يكاثِر به العبدُ غيرَه -سوى طاعة الله ورسوله وما يعود عليه بنفع معادِه- فهو داخل في هذا التكاثر. والتكاثر في كل شيء من مالٍ أو جاهٍ أو رئاسة أو نسوة أو حديث أو علم ولا سيما إذا لم يحتج إليه، والتكاثر في الكتب والتصانيف وكثرة المسائل وتفريعها وتوليدها، والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره، وهذا مذموم إلا فيما يقرب إلى الله تعالى، فالتكاثر فيه منافسةٌ في الخيرات ومسابقة وإليها".
تفسير سورة التكاثر (من مجموع رسائل ومسائل للإمام ابن القيم).
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا، وأن يجعل رضا الله أكبر همِّنا وغاية مقصدنا.
▪️كلام نفيس للإمام ابن تيمية -رحمه الله- في حقيقة النصر، وهل القتل ينافي النصر؟▪️
في اختيارات ابن تيمية لابن عبدالهادي ص70:
"وقال بعد أن ذكر قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢)} قال: وهذا يشكل على بعض الناس، فيقول: الرسل قد قُتل بعضهم، فكيف يكونون منصورين؟
فيقال: القتل إذا كان على وجهٍ فيه عزة الدين وأهله كان هذا من كمال النصر، فإنَّ الموت لا بدَّ منه، فإذا مات ميتةً يكون بها سعيدًا في الآخرة فهذا غاية النصر، كما كان حال نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فإنَّه استشهد طائفةٌ من أصحابه فصاروا إلى أعظم كرامةٍ، ومن بقي كان عزيزًا منصورًا، وكذلك كان الصحابة يقولون للكفار: أخبرنا نبيُّنا أنَّ من قُتل منَّا دخل الجنة، ومن عاش منَّا ملك رقابكم.
فالمقتول إذا قُتل على هذا الوجه كان ذلك من تمام نصره ونصر أصحابه، ومن هذا الباب حديث الغلام الذي رواه مسلم، لمَّا اتَّبع دين الراهب وترك دين الساحر، وأرادوا قتله مرةً بعد مرةٍ فلم يستطيعوا، حتى أعلمهم بأنَّه يُقتل إذا قال الملك: بسم الله رب الغلام. ثمَّ يرميه، ولمَّا قُتل آمن الناس كلُّهم، فكان هذا نصرًا لدينه.
ولهذا لمَّا قُتل عمر بن الخطاب شهيدًا بين المسلمين قُتل قاتله، وعثمان لمَّا قُتل شهيدًا قُتل قتلتُه وانتصرت طائفته، وكذلك علي لمَّا قتله الخوارج مستحلِّين قتلَه كانوا ممَّن أمر الله ورسوله بقتالهم، وكانوا مقهورين مع أهل السنة والجماعة.
فلم يمنع ذلك عن الإسلام وأهله، لا سيَّما والنبيون الذين قتلوا كان الله ينتقم ممَّن قتلهم، حتَّى يقال إنَّه قتل على دم يحيى بن زكريا سبعون ألفًا".
اللهم أنجِ المسلمين في فلسطين، وفرِّج همهم، واحقن دماءهم، وانصرهم على عدوهم..
اللهم عليك باليهود الظالمين، اللهم اهزمهم وأنزل عليهم عذابك ورجزك..
في اختيارات ابن تيمية لابن عبدالهادي ص70:
"وقال بعد أن ذكر قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢)} قال: وهذا يشكل على بعض الناس، فيقول: الرسل قد قُتل بعضهم، فكيف يكونون منصورين؟
فيقال: القتل إذا كان على وجهٍ فيه عزة الدين وأهله كان هذا من كمال النصر، فإنَّ الموت لا بدَّ منه، فإذا مات ميتةً يكون بها سعيدًا في الآخرة فهذا غاية النصر، كما كان حال نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فإنَّه استشهد طائفةٌ من أصحابه فصاروا إلى أعظم كرامةٍ، ومن بقي كان عزيزًا منصورًا، وكذلك كان الصحابة يقولون للكفار: أخبرنا نبيُّنا أنَّ من قُتل منَّا دخل الجنة، ومن عاش منَّا ملك رقابكم.
فالمقتول إذا قُتل على هذا الوجه كان ذلك من تمام نصره ونصر أصحابه، ومن هذا الباب حديث الغلام الذي رواه مسلم، لمَّا اتَّبع دين الراهب وترك دين الساحر، وأرادوا قتله مرةً بعد مرةٍ فلم يستطيعوا، حتى أعلمهم بأنَّه يُقتل إذا قال الملك: بسم الله رب الغلام. ثمَّ يرميه، ولمَّا قُتل آمن الناس كلُّهم، فكان هذا نصرًا لدينه.
ولهذا لمَّا قُتل عمر بن الخطاب شهيدًا بين المسلمين قُتل قاتله، وعثمان لمَّا قُتل شهيدًا قُتل قتلتُه وانتصرت طائفته، وكذلك علي لمَّا قتله الخوارج مستحلِّين قتلَه كانوا ممَّن أمر الله ورسوله بقتالهم، وكانوا مقهورين مع أهل السنة والجماعة.
فلم يمنع ذلك عن الإسلام وأهله، لا سيَّما والنبيون الذين قتلوا كان الله ينتقم ممَّن قتلهم، حتَّى يقال إنَّه قتل على دم يحيى بن زكريا سبعون ألفًا".
اللهم أنجِ المسلمين في فلسطين، وفرِّج همهم، واحقن دماءهم، وانصرهم على عدوهم..
اللهم عليك باليهود الظالمين، اللهم اهزمهم وأنزل عليهم عذابك ورجزك..