قايد بن غانم الشابرة

#نصيحة لطالب العلم والداعي إلى الله أن لا يضيع نفسه بسبب الدنيا


قال أَشْعَثُ أَبُو الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، قَالَ لِي شُعْبَةُ:
لَزِمْتَ السُّوْقَ، فَأفلَحتَ، وَلَزِمتُ أَنَا الحَدِيْثَ، فَأَفلَسْتُ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٥/٧]

وقال ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ أَفْلَسَ، بِعْتُ طَسْتَ أُمِّي بِسَبْعَةِ دَنَانِيْرَ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٠/٧]، باع الطست من أجل طلب العلم رحمه الله تعالى ورحم الله أئمة الإسلام.

وقَالَ أَبُو نُوْحٍ قُرَادٌ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا رَأَيتَ المِحْبَرَةَ فِي بَيْتِ إِنْسَانٍ، فَارْحَمْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي كُمِّكَ شَيْءٌ، فَأَطْعِمْهُ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٥/٧].

وقال بعضهم:
قلتُ للفقر: أين أنت مُقيم؟ *** قال لي: في عمائمِ الفقهاءِ
إنَّ بيني وبينهم لَإخاءً *** وعزيزٌ عليَّ تركُ الإخاءِ!

👈فعلى طالب العلم والداعي إلى الله أن يصبر ويصابر وأن يعلم أن هذه هي حال أهل العلم في الغالب وأن الله سيفرج عنه، وينبغي لمن اختار طلب العلم سبيلا في حياته أن يلازم الرضا والقناعة والصبر دائما وأبدا، فسر الاستمرار في طلب العلم ملازمة الرضا والقناعة وبذلك لن تلتفت إلى الدنيا وزخارفها ما دمت راضيا قنوعا بما تيسر.
واعلم أنك يا طالب علم لستَ عالة على أحد كما قد يوسوس لك الشيطان الرجيم من أجل أن يصرفك عن طلب العلم، بل أنت معان بالله ومن الله تعالى كما في حديث طالب العلم وأخيه المحترف حين شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: "لعلك ترزقك به"، أي بسبب أخاك الذي يطلب العلم، وجاء عن بعض السلف قولهم: طلب العلم من أسباب طلب الرزق، فالله هو الذي يسوق الأرزاق للناس ويرزق الكافر قبل المسلم فإحسان الظن بالله يقتضي التوكل عليه في جميع أمرك ومن ذلك رزقك، وأدلة الكتاب والسنة تدل جزما على أن كل ما قد كُتب لك من رزقك ستأخذه حتما ولن تموت حتى تستوفي أجلك ورزقك، وأهم شيء أن لا تستشرف ولا تتطلع إلى مال أحد على الإطلاق وإنما ادع الله وتوكل على الله فجميع الناس فقراء إلى ربهم فالله هو الغني الغنى المطلق والناس هم الفقراء فقرا ذاتيا.
ولا يمنعك ذلك من أن تعمل أحيانا في عمل خفيف لا يشغلك عن أهم المهمات وهو طلب العلم من أجل أن تعف نفسك، والأفضل التفرغ كليا من أجل طلب العلم دام عندك نُهمة فيه إنما إذا اضطررت للتكسب فاعمل للضرورة ولا تطل، واعلم أن بذل وجهك وعلمك لأهل الدنيا من أجل دنياهم زيغ وانحراف ومهانة للعلم الذي تطلبه وتدعو إليه ولنفسك، فوطن نفسك على الكفاف وعلى ما تيسر فأمامك هدف عظيم لا أعظم منه ونبيل وهو الحفاظ على دين الله والسعي في نُصرته ونشره من أجل رضى الله تعالى عنك وأجرك عند الله.
وما قول شُعبة رحمه الله أمير المؤمنين في الحديث حين قال: "مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ أَفْلَسَ" إلا لتوطين طالب العلم نفسه على الخشونة والرضا والقناعة وليس للتخويف من طلب العلم على الإطلاق، واقرأ في كتب الزُهد وفي الكتب التي تتحدث عن الرزق والتوكل على الله وفي سير السلف والعلماء وما كانوا عليه في تراجمهم فإن ذلك خير معين لك بعد الله على الاستمرار في طلب العلم وعدم الإلتفات إلى الدنيا وتضييع ما عندك من علم وخير عظيم حتى ولو كنتَ مبتدءا في الطلب فإن الإمام ربيعة ابن أبي عبد الرحمن الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي قال: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه"، أخرجه البخاري في صحيحه، قال ابن حجر في الفتح: ومراد ربيعة أن من كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه فيترك الاشتغال، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم، أو مراده الحث على نشر العلم في أهله لئلا يموت العالم قبل ذلك فيؤدي إلى رفع العلم، أو مراده أن يشهر العالم نفسه ويتصدى للأخذ عنه لئلا يضيع علمه. انتهى.
قلتُ: وكل ذلك صحيح، فأوصي نفسي وإياك على الاستمرار في طلب العلم فالأمة في أمس الحاجة إلى حُراس الدين والعقيدة، فتعداد المسلمين فوق المليار بينما العلماء والدعاة الناصحين الصادقين قلة قليلة لا تكاد تُذكر مقارنة بأعداد المسلمين الهائلة فكن منهم فإن العلم والتعليم خاصة في زماننا أعظم من الجهاد في سبيل الله بالسنان لكثرة الشبهات والشهوات وقلة الدعاة، والله الموفق.
#ابن_الشابرة
(١٣ محرم ١٤٤٥)
www.tgoop.com/qaidghsh

Telegram

قايد بن غانم الشابرة

هدفنا وهمنا هو نشر العلوم الشرعية دعوةً إلى الله، ونشرا للعلوم، ومزاحمة للباطل والجهل، كتاب وسنة على فهم سلف الأمة:
✍️مقالات علمية ووعظية
📩ونصائح متفرقة
📚ونقولات موثقة
🎙وصوتيات متنوعة
⏬️وغيرها الكثير.

وللتواصل ع الواتسآب 👇:
967775861361

www.tgoop.com/qaidghsh/6497

1.6K viewsقايد بن غانم الشابرة, Jul 31, 2023 at 00:16

#نصيحة لطالب العلم والداعي إلى الله أن لا يضيع نفسه بسبب الدنيا


قال أَشْعَثُ أَبُو الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، قَالَ لِي شُعْبَةُ:
لَزِمْتَ السُّوْقَ، فَأفلَحتَ، وَلَزِمتُ أَنَا الحَدِيْثَ، فَأَفلَسْتُ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٥/٧]

وقال ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ أَفْلَسَ، بِعْتُ طَسْتَ أُمِّي بِسَبْعَةِ دَنَانِيْرَ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٠/٧]، باع الطست من أجل طلب العلم رحمه الله تعالى ورحم الله أئمة الإسلام.

وقَالَ أَبُو نُوْحٍ قُرَادٌ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا رَأَيتَ المِحْبَرَةَ فِي بَيْتِ إِنْسَانٍ، فَارْحَمْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي كُمِّكَ شَيْءٌ، فَأَطْعِمْهُ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٢٢٥/٧].

وقال بعضهم:
قلتُ للفقر: أين أنت مُقيم؟ *** قال لي: في عمائمِ الفقهاءِ
إنَّ بيني وبينهم لَإخاءً *** وعزيزٌ عليَّ تركُ الإخاءِ!

👈فعلى طالب العلم والداعي إلى الله أن يصبر ويصابر وأن يعلم أن هذه هي حال أهل العلم في الغالب وأن الله سيفرج عنه، وينبغي لمن اختار طلب العلم سبيلا في حياته أن يلازم الرضا والقناعة والصبر دائما وأبدا، فسر الاستمرار في طلب العلم ملازمة الرضا والقناعة وبذلك لن تلتفت إلى الدنيا وزخارفها ما دمت راضيا قنوعا بما تيسر.
واعلم أنك يا طالب علم لستَ عالة على أحد كما قد يوسوس لك الشيطان الرجيم من أجل أن يصرفك عن طلب العلم، بل أنت معان بالله ومن الله تعالى كما في حديث طالب العلم وأخيه المحترف حين شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: "لعلك ترزقك به"، أي بسبب أخاك الذي يطلب العلم، وجاء عن بعض السلف قولهم: طلب العلم من أسباب طلب الرزق، فالله هو الذي يسوق الأرزاق للناس ويرزق الكافر قبل المسلم فإحسان الظن بالله يقتضي التوكل عليه في جميع أمرك ومن ذلك رزقك، وأدلة الكتاب والسنة تدل جزما على أن كل ما قد كُتب لك من رزقك ستأخذه حتما ولن تموت حتى تستوفي أجلك ورزقك، وأهم شيء أن لا تستشرف ولا تتطلع إلى مال أحد على الإطلاق وإنما ادع الله وتوكل على الله فجميع الناس فقراء إلى ربهم فالله هو الغني الغنى المطلق والناس هم الفقراء فقرا ذاتيا.
ولا يمنعك ذلك من أن تعمل أحيانا في عمل خفيف لا يشغلك عن أهم المهمات وهو طلب العلم من أجل أن تعف نفسك، والأفضل التفرغ كليا من أجل طلب العلم دام عندك نُهمة فيه إنما إذا اضطررت للتكسب فاعمل للضرورة ولا تطل، واعلم أن بذل وجهك وعلمك لأهل الدنيا من أجل دنياهم زيغ وانحراف ومهانة للعلم الذي تطلبه وتدعو إليه ولنفسك، فوطن نفسك على الكفاف وعلى ما تيسر فأمامك هدف عظيم لا أعظم منه ونبيل وهو الحفاظ على دين الله والسعي في نُصرته ونشره من أجل رضى الله تعالى عنك وأجرك عند الله.
وما قول شُعبة رحمه الله أمير المؤمنين في الحديث حين قال: "مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ أَفْلَسَ" إلا لتوطين طالب العلم نفسه على الخشونة والرضا والقناعة وليس للتخويف من طلب العلم على الإطلاق، واقرأ في كتب الزُهد وفي الكتب التي تتحدث عن الرزق والتوكل على الله وفي سير السلف والعلماء وما كانوا عليه في تراجمهم فإن ذلك خير معين لك بعد الله على الاستمرار في طلب العلم وعدم الإلتفات إلى الدنيا وتضييع ما عندك من علم وخير عظيم حتى ولو كنتَ مبتدءا في الطلب فإن الإمام ربيعة ابن أبي عبد الرحمن الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي قال: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه"، أخرجه البخاري في صحيحه، قال ابن حجر في الفتح: ومراد ربيعة أن من كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه فيترك الاشتغال، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم، أو مراده الحث على نشر العلم في أهله لئلا يموت العالم قبل ذلك فيؤدي إلى رفع العلم، أو مراده أن يشهر العالم نفسه ويتصدى للأخذ عنه لئلا يضيع علمه. انتهى.
قلتُ: وكل ذلك صحيح، فأوصي نفسي وإياك على الاستمرار في طلب العلم فالأمة في أمس الحاجة إلى حُراس الدين والعقيدة، فتعداد المسلمين فوق المليار بينما العلماء والدعاة الناصحين الصادقين قلة قليلة لا تكاد تُذكر مقارنة بأعداد المسلمين الهائلة فكن منهم فإن العلم والتعليم خاصة في زماننا أعظم من الجهاد في سبيل الله بالسنان لكثرة الشبهات والشهوات وقلة الدعاة، والله الموفق.
#ابن_الشابرة
(١٣ محرم ١٤٤٥)
www.tgoop.com/qaidghsh

BY قايد بن غانم الشابرة