Telegram Web
التعصب للمذهب ورد الدليل الشرعي مما يشين صاحبه وإن بلغ درجة عالية في العلم.
في قوله تعالى: (لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ)
قال الزمخشري في تعصب لمذهبه الاعتزالي في نفي رؤية المؤمنين لربهم: (وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه الله تعالى وجاءت بحديث مرقوع، (إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه).
وقد تعقبه الآلوسي مغلظا له القول: (وقول الزمخشري عامله الله تعالى بعدله: إن الحديث مرقوع بالقاف أي مفترى لا يصدر إلا عن رقيع فإنه متفق على صحته وقد أخرجه حفاظ ليس فيهم ما يقال).
والحديث في صحيح مسلم.
📚قناة د.محسن المطيري
التعصب للمذهب ورد الدليل الشرعي مما يشين صاحبه وإن بلغ درجة عالية في العلم. في قوله تعالى: (لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ) قال الزمخشري في تعصب لمذهبه الاعتزالي في نفي رؤية المؤمنين لربهم: (وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه…
وبمناسبة ذكر عقيدة الزمخشري فإن هذا الكتاب للشيخ العسكر قد بين مزايا الكشاف وعيوبه، وهو أنموذج في دراسة مناهج المفسرين، وفيه فتوى نقلتها للشيخ عبدالرحمن البراك يتبين فيها الحكم بعلم وعدل عند أهل السنة مع المخالفين، وهذا ملخصها بعد بيانه لعقيدة الزمخشري التي جمعت بين تعطيل الصفات ونفي القدر.
في سياق سرد أدلة المفاضلة بين الغني الشاكر والفقير الصابر، قال ابن القيم: (فالزهد في الدنيا لا ينافي الغنى، بل زهد الغني أكمل من زهد الفقير، فإن الغنى زهد عن قدرة، والفقير عن عجز، وبينهما بون بعيد، ولهذا قال بعض السلف: الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي جاءت الدنيا إلى تحت قدميه فزهد فيها وقد كان رسول ﷺ في حال غناه أزهد الخلق…وقد روى الترمذي عن النبي ﷺ قال: (الزهادة ليست في الدنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق مما في يدي الله، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب في ثوابها لو أنها بقيت لك).
عدة الصابرين: ٥٠٢
محراب الانتظار.

شريعة الإسلام شريعة كاملة شاملة أتت أحكامها بما يصلح كل أحوال الإنسان وتفاصيل حياته
يمر بالإنسان حالة من التعب والرغبة في السكون يريد أن يجلس
بدون شيء
بدون كلام
بدون حديث
بدون استماع
بدون قراءة
بل حتى بدون تأمل وتفكير
ومع ذلك فتحت له الشريعة في هذه الحال فرصة للتعبد
حين يذهب للمسجد فيصلي ركعتين ويجلس
صامتا بلا كلام ولا عمل ولا تفكير ولا استماع ولا حوار
ينتظر فحسب.
نعم لو قرأ أو صلى أو ذكر كان له أجور أخرى.
لكن بهذه الفعل المجرد في طاعة وعبادة كبرى
هو كالمصلي والملائكة تدعو له.
لا يوجد انتظار أجمل ولا أسهل ولا أعظم أثرا من هذا الانتظار

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ ، مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ " 
رواه مسلم
بين إنصاف شيخ الإسلام وذم الطاعنين في الأئمة: سئل شيخ الإسلام عن الشهادة للأعيان بالولاية والجنة، فكان من ضمن جوابه: (وأما من شاع له لسان صدق في الأمة بحيث اتفقت الأمة على الثناء عليه فهل يشهد له بذلك؟ هذا فيه نزاع بين أهل السنة والأشبه أن يشهد له بذلك
ثم في موضع آخر ذكر المسألة وعد أسماء أعلام فقال: (بل من استفشى من بين الناس إيمانه وتقواه واتفق المسلمون على الثناء عليه كعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وسفيان الثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وعبد الله بن المبارك وغيرهم. شهدنا لهم بالجنة؛ لأن في الصحيح: {أن النبي ﷺ مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت وجبت..). الجزء الحادي عشر من الفتاوى : (٦٥_٥١٨)
أشواق القلوب إلى البيت:
في قوله تعالى: ﴿وإذ جعلنا البيت مثابة للناس﴾، قال مجاهد وغيره: لا يَنصَرِف عنه مُنصَرِفٌ وهو يرى أنه قد قَضى منه وطَرًا. قال ابن عاشور في نكتة التعبير بالأفئدة في قوله تعالى: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) (والمراد: فاجعل أناسا يهوون إليهم، فأقحم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد.). التحرير والتنوير
من عجيب سيرة شيخ الإسلام في كثرة الاستغفار واللجوء والتضرع عند انغلاق فهم معاني القرآن:
يقول ابن عبدالهادي نقلا عن بعض قدماء أصحابه: (ولقد سمعته في مبادئ أمره يقول: إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل علي، فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل، حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل)
ويقول: (وكان رحمه الله يقول: ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم إبراهيم علمني. وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرغ وجهي في التراب، وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني).
العقود الدرية: ١٠، ٣٨
سئل شيخ الإسلام عن الأفضل للسالك: العزلة أو الخلطة؟ فأجاب وختم بضابط كثيرا ما يكرره في المفاضلة بين النوافل: (والله بعث محمدا بالكتاب والحكمة وجعله رحمة للعباد وهديا لهم يأمر كل إنسان بما هو أصلح له فعلى المسلم أن يكون ناصحا للمسلمين يقصد لكل إنسان ما هو أصلح له. وبهذا تبين لك أن من الناس من يكون تطوعه بالعلم أفضل له ومنهم من يكون تطوعه بالجهاد أفضل ومنهم من يكون تطوعه بالعبادات البدنية كالصلاة والصيام أفضل له والأفضل المطلق ما كان أشبه بحال النبي ﷺ باطنا وظاهرا.).
الفتاوى: (٤٢٨/١٠).
يقول شيخ الإسلام: (والمحسن عليه أن يبتغي بذلك وجه الله ولا يطلب من مخلوق لا في الدنيا ولا في الآخرة. كما قال تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} وقال: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله} ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية؛ ففي الحديث {من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه} ولهذا كانت عائشة إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول: اسمع ما دعوا به لنا؛ حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا ويبقى أجرنا على الله).
الفتاوى مختصرا: (١١١/١١).
في قوله تعالى: (وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدۡرُكَ بِمَا یَقُولُونَ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ)
(صلاة الكرب، وإذا حزب الأمر:
وفي هذه الآية: دليل على مشروعية الصلاة عند الشدة وحزب الأمر والهم.. فتشرع الصلاة حتى يزول ذلك السبب،
وقد كان النبي ﷺ يفزع إلى الصلاة إذا حزبه أمر، فكان يصلي قبيل لقاء العدو، وعند اجتماع الأحزاب، قال حذيفة: «رجعت إلى النبي ﷺ ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي، وكان رسول الله ﷺ إذا حزبه أمر صلى»).
التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٦٦٠/٤).
من لطيف استنباطات ابن القيم في قصة الهدهد مع سليمان في قوله تعالى: (أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ).
قال: (وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض، قال صاحب الكشاف: (وفي إخراج الخبء أمارة على أنه من كلام الهدهد؛ لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السماوات والأرض، جلت قدرته ولطف علمه، ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل مختص بصناعة أو فن من العلم في روائه). شفاء العليل: (٢٣٦/١).
وفي هذا الكتاب فصل بديع في هداية الحيوان فيه لطائف وفوائد نافعة.
سئل شيخ الإسلام عن المفاضلة بين العلم والعبادة، وما يجده بعضهم من لذة عند الذكر أكثر من تكرار باب فقهي، وذكر لطيفة عن رابعة العدوية أن فقيها أخذ يكرر باب الحيض إلى الصباح فلما أصبحت قالت له: يا هذا وصل الواصلون إلى ربهم وأنت مشتغل بحيض النساء..
فأجاب بفضل العلم وأنه أعظم ما يزيد الإيمان، وتفضيل العلماء على العبّاد، ثم ذكر أن العلم هو الموروث عن ﷺ وذكر أقسامه الثلاثة: (علم بالله وأسمائه وصفاته وفي مثله أنزل الله سورة الإخلاص وآية الكرسي.
والقسم الثاني: العلم بما أخبر الله به مما كان من الأمور الماضية وما يكون من الأمور المستقبلة وما هو كائن الأمور الحاضرة وفي مثل هذا أنزل الله آيات القصص والوعد والوعيد وصفة الجنة والنار. والقسم الثالث: العلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب والجوارح من الإيمان بالله من معارف القلوب وأحوالها وأقوال الجوارح وأعمالها وهذا العلم يندرج فيه العلم بأصول الإيمان وقواعد الإسلام ويندرج فيه العلم بالأقوال والأفعال الظاهرة ويندرج فيه ما وجد في كتب الفقهاء من العلم بأحكام الأفعال الظاهرة فإن ذلك جزء من جزء من جزء من علم الدين). وذكر قواعد مهمة في المفاضلة بين الأعمال، والجواب على نفاسته في ست صفحات في الفتاوى: (٣٩٧/١١)
تتفاوت فراسة المؤمنين في معرفة أهل النفاق بقدر علمهم وهدايتهم (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) أي: فرقانا بين الحق والباطل.
في قوله تعالى: (فَما لَكم في المُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) وبخ الله بعض الصحابة في التبرير لهم مع ظهور حالهم، والفاء في (فمالكم) قال ابن عاشور:
(تفريع عن أخبار المنافقين التي تقدمت، لأن ما وصف من أحوالهم لا يترك شكا عند المؤمنين في خبث طويتهم وكفرهم، أو هو تفريع عن قوله ومن أصدق من الله حديثا. وإذ قد حدث الله عنهم بما وصف من سابق الآي، فلا يحق التردد في سوء نواياهم ونفاقهم.. والاستفهام للتعجيب واللوم).
قال ابن القيم: (كاد القرآن أن يكون كله في شأن المنافقين، لكثرتهم على ظهر الأرض).
مما يستحق المدارسة: رسالة العبودية لشيخ الإسلام ففيها معان عظيمة، يقول: (وكل من علق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه أو يرزقوه أو أن يهدوه خضع قلبه لهم؛ وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك؛ وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم متصرفا بهم؛ فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر؛ فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد؛ وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها. وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها لا سيما إذا درت بفقره إليها؛ وعشقه لها؛ فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور؛ الذي لا يستطيع الخلاص منه بل أعظم فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن…فأما من استعبد قلبه صورة محرمة: امرأة أو صبيا فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه. وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى فدوام تعلق القلب بها بلا فعل الفاحشة أشد ضررا عليه ممن يفعل ذنبا ثم يتوب منه ويزول أثره من قلبه وهؤلاء يشبهون بالسكارى والمجانين.). الفتاوى: (١٨٥/١٠).
قال ابن القيم: (وجماع الطرق والأبواب التي يصاب منها القلب وجنوده: أربعة، فمن ضبطها، لم يشمت به عدوه، وهي: الحرص، والشهوة، والغضب، والحسد.
فهذه الأربعة هي أصول مجامع طرق الشر والخير،

فـ آدم أبو البشر ﷺ أخرج من الجنة بالحرص وأبو الجن أخرج منها بالحسد.
وأما الغضب فهو غول العقل، وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته.
فإذا كان حرصه على ما ينفعه، وحسده منافسة في الخير، وغضبه لله وعلى أعدائه، وشهوته مستعملة فيما أبيح له كان ذلك عونا له على ما أمر به، ولم تضره هذه الأربعة؛ بل ينتفع بها أعظم الانتفاع).
التبيان في أيمان القرآن مختصرا: ٦٣٠
ورطة المشاهير الطيبين ...

بعض الطيبين يقدم محتوى عفويا وربما كان مفيدا  قصة أو قصيدة أو تجربة خاصة
فتطير بها المواقع ويشتهر شهرة ينوء بها
وهو طيب في ذاته
وليس لديه أهلية ليقدم محتوى مفيدا
وليس هو تافها ليقدم طرحا تافها...
فيزين له الشيطان أن يواصل النصح والتوجيه وربما الوعظ والتعليم
تحت وطأة الشهوة الخفية بالبقاء مشهورا وإغراء الظهور
فينتقل إلى ورطة الفرية على الله والكذب على شرعه ودينه والقول على ربه بغير علم.
وهذه ورطة مهلكة أشد من هلكة التفاهة نفسها.
تواضع الكبار: قال أبو حفص البزار في تواضع شيخ الإسلام: (وأما تواضعه؛ فما رأيت ولا سمعت بأحد من أهل عصره مثله في ذلك، كان يتواضع للكبير والصغير، والجليل والحقير، والغني الصالح والفقير. وكان يدني الفقير الصالح ويكرمه ويؤنسه ويباسطه بحديثه المستحلى زيادة على مثله من الأغنياء..وكان لا يسأم ممن يستفتيه أو يسأله، بل يقبل عليه ببشارة وجه ولي عريكة، ويقف معه حتى يكون هو الذي يفارقه…ولقد بالغ معي حال إقامتي بحضرته في التواضع والإكرام، حتى إنه لا يذكرني باسمي، بل يلقبني بأحسن الألقاب، ويظهر لي خصوصا بين أصحابي من الإكرام والتبجيل والإدناء منه، بحيث لا يتركني أجلس إلا إلى جانبه، قصيرا كان مجلسه أو طويلا، خاصا أو عاما. ولازمني في حال قراءتي صحيح البخاري…. ولازمني فيها، وحضر القراءة كلها يضبطها بنسخة كانت بيده…وأظهر لي من حسن الأخلاق والمبالغة في التواضع، بحيث إنه كان إذا خرجنا من منزله بقصد القراءة يحمل هو بنفسه النسخة ولا يدع أحدا منا يحملها عنه. وكنت أعتذر إليه من ذلك خوفا من سوء الأدب، فيقول: لو حملته على رأسي لكان ينبغي. ألا أحمل ما فيه كلام رسول وكان يجلس تحت الكرسي ويدع صدر المجالس، حتى إني لأستحي من مجلسه هناك، وأعجب من شدة تواضعه، ومبالغته في إكرامي بما لا أستحق وتقديمي عليه في المجلس. ولولا قراءتي حديث رسول الله ﷺ وعظم حرمتها لما كان ينبغي لي ذلك. وكان هذا حاله في التواضع والتنازل والإكرام لكل من يرد عليه، أو يصحبه، أو يلقاه. حتى إن كل من لقيه يحكي عنه من المبالغة في التواضع نحوا مما حكيته وأكثر من ذلك. فسبحان من وفقه وأعطاه، وأجراه على خلال الخير
وأمضاه). الأعلام العلية: ٧٦٨
في استنباط بديع على بيان مراتب المدعوين يقول ابن القيم في قوله تعالى: (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ)
(ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو، فإنه إما أن يكون طالبا للحق راغبا فيه محبا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه، فهذا يدعى بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة ولا جدال.
وإما أن يكون معرضا مشتغلا بضد الحق ولكن لو عرفه عرفه وآثره واتبعه فهذا يحتاج مع الحكمة إلى الموعظة بالترغيب والترهيب.
وإما أن يكون معاندا معارضا فهذا يجادل بالتي هي أحسن فإن رجع إلى الحق وإلا انتقل معه من الجدال إلى الجلاد إن أمكن. فلمناظرة المبطل فائدتان
أحدهما: أن يرد عن باطله ويرجع إلى الحق.
الثانية: أن ينكف شره وعداوته ويتبين للناس أن الذي معه باطل). الصواعق المرسلة: (١٢٧٦/٤).
2024/11/15 02:14:34
Back to Top
HTML Embed Code: