QASAS0 Telegram 873
كان السّلف الصَّالح يُعلِّمون أبناءَهم كتابَ اللّٰه ويدفعون بهم إلى الكتاتيبِ والمساجدِ والمدارس، ويختارون لهم أحسنَ المُؤدِّبين وأجوَدَ المُعلِّمين وأتقنَ المُقرِئين، مُدرِكين ثقلَ الواجب المُلقَى على عاتِقِهم، جاعِلِين نَصب أعينهم قولُ نبيِّنا ﷺ: «خيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ».

فهذا هشام بن عبد الملك يوصي سليمان الكلبي مؤدِّبَ ابنِه، يقول له: «إنَّ ابني هذا هو جلدةُ ما بين عينيَّ، وقد ولَّيتُكَ تأديبَه، فعليك بتقوى اللّٰه، وأَدِّ الأمانةَ، وأوَّلُ ما أوصيك به أن تأخذَه بكتابِ اللّٰه، وأَقرِئْهُ في كلِّ يومٍ عشرًا، يحفظ القرآنَ حفظَ رَجُلٍ يريد الكسبَ».

قال السُّيوطي رحمه ﷲ في التّراتيب الإداريّة: «تعليم الصِّبيان أصلٌ من أصولِ الإسلام، فينشَؤُون على الفطرةِ، ويَسبِقُ إلى قلوبهم أنوارُ الحكمة قبل تمكُّنِ الأهواءِ منها، وسوادِها بأكدارِ المعصية والضَّلالِ».

وقال ابنُ خلدون في مقدِّمته: «اعلم أنَّ تعليمَ الولدان للقرآن شعارٌ من شعائِرِ الدِّين، أخذَ به أهلُ الملَّةِ ودَرَجوا عليه في جميعِ أمصارِهم، لِمَا يَسبِقُ فيه إلى القلوب من رسوخِ الإيمانِ وعقائِدِه...»، وأشار بعد ذلك إلى أنَّ «القرآن أصلُ التَّعليم الَّذي يَنبَنِي عليه ما يحصل بعدَه من المَلَكَات» وسببُ ذلك كما قال: «إنَّ تعليمَ الصِّغَر أشدُّ رسوخًا، وهو أصلٌ لِمَا بعده؛ لأنَّ السَّابقَ الأوَّلَ للقلوب كالأساس للمَلَكَات».

قال ابن باديس رحمه ﷲ في الآثار: «فإنَّنا -والحمدللّٰه- نُربِّي تلامِذَتَنا على القرآنِ من أوَّلِ يَومٍ، ونُوجِّهُ نُفوسَهم إلى القرآنِ في كلِّ يوم، وغايَتُنا الَّتي سَتتحَقَّقُ أن يُكَوِّنَ القرآنُ منهم رجالاً كرجالِ سَلَفِهم».

وكان بعضُ مَن سَلَف يَعُدُّ مِن أسباب بقاء الخيرية في هذه الأمة حفظ أبنائها القرآن؛ قال عبد ﷲ بن عيسى: «لا تزال هذه الأمَّةُ بخيرٍ ما تعلَّم ولدانُها القرآنَ».

لذلك يجب أن يكون أوّل ما يتَعلَّمه الطِّفلُ من العلوم بعد تلقينه الإيمان والتَّوحيد هو القرآن؛ قراءةً وتجويدًا، حفظًا وإتقانًا؛ لأنّ حفظ الصَّبيّ لكتابِ ﷲ في سنِّ الصِّغَر عونٌ له على بقاء الفطرة على سلامتِها، واللِّسان على فصاحتِه، والعقلِ على قوَّةِ تفكيره وسلاسة نظره، ويحضرنا قول الشَّافعي رحمه اللّه: «مَن حفظ القرآن عَظُمَت قيمتُه».



tgoop.com/qasas0/873
Create:
Last Update:

كان السّلف الصَّالح يُعلِّمون أبناءَهم كتابَ اللّٰه ويدفعون بهم إلى الكتاتيبِ والمساجدِ والمدارس، ويختارون لهم أحسنَ المُؤدِّبين وأجوَدَ المُعلِّمين وأتقنَ المُقرِئين، مُدرِكين ثقلَ الواجب المُلقَى على عاتِقِهم، جاعِلِين نَصب أعينهم قولُ نبيِّنا ﷺ: «خيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ».

فهذا هشام بن عبد الملك يوصي سليمان الكلبي مؤدِّبَ ابنِه، يقول له: «إنَّ ابني هذا هو جلدةُ ما بين عينيَّ، وقد ولَّيتُكَ تأديبَه، فعليك بتقوى اللّٰه، وأَدِّ الأمانةَ، وأوَّلُ ما أوصيك به أن تأخذَه بكتابِ اللّٰه، وأَقرِئْهُ في كلِّ يومٍ عشرًا، يحفظ القرآنَ حفظَ رَجُلٍ يريد الكسبَ».

قال السُّيوطي رحمه ﷲ في التّراتيب الإداريّة: «تعليم الصِّبيان أصلٌ من أصولِ الإسلام، فينشَؤُون على الفطرةِ، ويَسبِقُ إلى قلوبهم أنوارُ الحكمة قبل تمكُّنِ الأهواءِ منها، وسوادِها بأكدارِ المعصية والضَّلالِ».

وقال ابنُ خلدون في مقدِّمته: «اعلم أنَّ تعليمَ الولدان للقرآن شعارٌ من شعائِرِ الدِّين، أخذَ به أهلُ الملَّةِ ودَرَجوا عليه في جميعِ أمصارِهم، لِمَا يَسبِقُ فيه إلى القلوب من رسوخِ الإيمانِ وعقائِدِه...»، وأشار بعد ذلك إلى أنَّ «القرآن أصلُ التَّعليم الَّذي يَنبَنِي عليه ما يحصل بعدَه من المَلَكَات» وسببُ ذلك كما قال: «إنَّ تعليمَ الصِّغَر أشدُّ رسوخًا، وهو أصلٌ لِمَا بعده؛ لأنَّ السَّابقَ الأوَّلَ للقلوب كالأساس للمَلَكَات».

قال ابن باديس رحمه ﷲ في الآثار: «فإنَّنا -والحمدللّٰه- نُربِّي تلامِذَتَنا على القرآنِ من أوَّلِ يَومٍ، ونُوجِّهُ نُفوسَهم إلى القرآنِ في كلِّ يوم، وغايَتُنا الَّتي سَتتحَقَّقُ أن يُكَوِّنَ القرآنُ منهم رجالاً كرجالِ سَلَفِهم».

وكان بعضُ مَن سَلَف يَعُدُّ مِن أسباب بقاء الخيرية في هذه الأمة حفظ أبنائها القرآن؛ قال عبد ﷲ بن عيسى: «لا تزال هذه الأمَّةُ بخيرٍ ما تعلَّم ولدانُها القرآنَ».

لذلك يجب أن يكون أوّل ما يتَعلَّمه الطِّفلُ من العلوم بعد تلقينه الإيمان والتَّوحيد هو القرآن؛ قراءةً وتجويدًا، حفظًا وإتقانًا؛ لأنّ حفظ الصَّبيّ لكتابِ ﷲ في سنِّ الصِّغَر عونٌ له على بقاء الفطرة على سلامتِها، واللِّسان على فصاحتِه، والعقلِ على قوَّةِ تفكيره وسلاسة نظره، ويحضرنا قول الشَّافعي رحمه اللّه: «مَن حفظ القرآن عَظُمَت قيمتُه».

BY قصص من الأثر 📚


Share with your friend now:
tgoop.com/qasas0/873

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The creator of the channel becomes its administrator by default. If you need help managing your channel, you can add more administrators from your subscriber base. You can provide each admin with limited or full rights to manage the channel. For example, you can allow an administrator to publish and edit content while withholding the right to add new subscribers. While the character limit is 255, try to fit into 200 characters. This way, users will be able to take in your text fast and efficiently. Reveal the essence of your channel and provide contact information. For example, you can add a bot name, link to your pricing plans, etc. Joined by Telegram's representative in Brazil, Alan Campos, Perekopsky noted the platform was unable to cater to some of the TSE requests due to the company's operational setup. But Perekopsky added that these requests could be studied for future implementation. A new window will come up. Enter your channel name and bio. (See the character limits above.) Click “Create.” When choosing the right name for your Telegram channel, use the language of your target audience. The name must sum up the essence of your channel in 1-3 words. If you’re planning to expand your Telegram audience, it makes sense to incorporate keywords into your name.
from us


Telegram قصص من الأثر 📚
FROM American