RAAHEQ Telegram 2073
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع)

لا أعلمُ أحداً في هذه المرحلة الزمنية قد اجتمعت لهُ أبواب الأجور والقُرب من الله سبحانه وتعالى كمثل ما اجتمع لأهل غزة، الذين أُصيبُوا بأنواع الابتلاءات والشدائد،
وأمة الإسلام كاملةً تُستَهدَف عن طريقهم، فهم الثابتون الصابرون، وهم المُبتَلَون بشدائد الابتلاءات، وهم الحماة لهذا الدين وهذه الأمة، فأسألُ الله أن يثبّتهم وأن يُعظِم أجورهم.

ومن أنواع الابتلاءات الشديدة التي نزلت بهم: الابتلاء بالجوع.
وذلك أنّ أعداء الله سبحانه وتعالى من هؤلاء المحتلين قد قطعوا عن أهل غزة -وخاصة المناطق الشمالية- الطعام والمياه والموارد والدواء، وهذا ابتلاء شديد وصعب جداً، فوق القتل والقصف والهدم وفقدان الأنفس والأحباب، وفوق ذلك كله ابتلوا بخذلان القادرين على إمدادهم بما ينقصهم وإغنائهم، والله المستعان.

وسأذكر في هذه الأسطر ما أرجو أن يكون فيه شيء من التثبيت والمواساة لهم.

١- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد رأيت رسول الله ﷺ يظل اليوم يلتوي -يعني من الجوع-، ما يجد دقلا يملأ به بطنه) أخرجه مسلم.
والدقل هو التمر الرديء.

٢- وكان الجوع يصل بالنبي ﷺ أنه لا يستطيع الجلوس في البيت فيذهب ويخرج بحثاً عن شيء يسد به رمقه، كما في صحيح الإمام مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله ﷺ ذات يوم، أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر، وعمر، فقال: " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول الله. قال: " وأنا والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما"
فهذا النبي ﷺ وأبو بكر وعمر، وهم خِيارُ أهل الأرض، خرجوا من بيوتهم ولم يخرجهم من بيوتهم إلا الجوع.
وفي هذا من الأُنس للمُبتَلى بالجوع أن يعلم أن سيد المرسلين وخير خلق الله أجمعين عليه صلاة الله وسلامه كان يلتوي من الجوع ولا يجد ما يسد به رمقه، وكان هو وسادات أصحابه وخيارهم يخرجون من بيوتهم بسبب الجوع يبحثون عن شيء يأكلونه.

٣- وكذلك عامة المهاجرين والأنصار؛ مرّت بهم أحداث اجتمع عليهم فيها ترقب الأعداء مع الجوع والتعب والبرد، كما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ﷺ إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: "اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره "
فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.


فلم يقعدهم الجوع مع شدته، بل كانوا يعملون ويحفرون ويجهّزون ويستعدون للقاء أعداء الله سبحانه وتعالى، وذلك يوم الأحزاب، وهو من أشد أيام الجوع على النبي ﷺ وأصحابه، ومع ذلك كان يشد من أزرهم ويقول: اللهم إن العيش عيش الآخرة، ويردون: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.
٤- وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن جابر رضي الله عنه قال: لما حفر النبي ﷺ وأصحابه الخندق، أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي ﷺ على بطنه حجرا من الجوع.

٥- ولم يكن هذا الجوع في أيام الحروب فقط، بل كان هناك من أصحاب النبي ﷺ من هم فقراء معوزون في السلم والحرب، وهم الذين لُقّبوا بأهل الصفة، وكان منهم أبو هريرة رضي الله عنه، والذي هو من هو في مقامه وقربه من النبي ﷺ وطلبه العلم والحديث، وقد قال عن نفسه رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (لقد رأيتني وإني لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول ﷺ وحجرة عائشة من الجوع مغشيا علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون، وما بي جنون، وما هو إلا الجوع).
فرضي الله عنه، ورفع درجته في الجنة، جاع حتى أغمي عليه!
٦- هذا كله في المدينة، بعد الهجرة والنصرة، وأما في مكة، فقد كان هناك ابتلاء بالجوع كذلك، أيام حصار الشِّعب.
٧- وفي المرحلة المكية كذلك حكى النبي ﷺ عن شهر جوع مرّ به ومعه بلال فقال:
(لقد أُخِفت في الله وما يُخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال) أخرجه الترمذي وصححه.

٨- وعودا إلى المدينة، فقد كان الجوع يأخذ بالنبي ﷺ أحيانا حتى يظهر على وجهه أو صوته، كما في صحيح البخاري عن أبي مسعود رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار يُقال له أبو شعيب أبصر في وجه النبي ﷺ الجوع فدعاه إلى طعام.
وفي صحيح البخاري (قال أبو طلحة لأم سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء ؟ قالت : نعم. فأخرجت أقراصا من شعير)

فيا ربّ صلّ على حبيبك وخليلك محمد، وارض عن أصحابه، واجزهم عنا خير الجزاء؛ على ما ضحوا وصبروا وجاهدوا وثبتوا وتحملوا وبذلوا لأجل دينك ونصرة رسولك.

اللهم وثبّت أهل غزة وأطعمهم واسقهم، وثبت أقدامهم، واخذل من خذلهم.
اللهم إنك قد صبّرتهم على شدة الأعداء فنعوذ بك أن يكسرهم الجوع أو الظمأ،
اللهم ثبتهم وأغثهم واحفظهم،
ولا حول ولا قوة إلا بك.



tgoop.com/raaheq/2073
Create:
Last Update:

(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع)

لا أعلمُ أحداً في هذه المرحلة الزمنية قد اجتمعت لهُ أبواب الأجور والقُرب من الله سبحانه وتعالى كمثل ما اجتمع لأهل غزة، الذين أُصيبُوا بأنواع الابتلاءات والشدائد،
وأمة الإسلام كاملةً تُستَهدَف عن طريقهم، فهم الثابتون الصابرون، وهم المُبتَلَون بشدائد الابتلاءات، وهم الحماة لهذا الدين وهذه الأمة، فأسألُ الله أن يثبّتهم وأن يُعظِم أجورهم.

ومن أنواع الابتلاءات الشديدة التي نزلت بهم: الابتلاء بالجوع.
وذلك أنّ أعداء الله سبحانه وتعالى من هؤلاء المحتلين قد قطعوا عن أهل غزة -وخاصة المناطق الشمالية- الطعام والمياه والموارد والدواء، وهذا ابتلاء شديد وصعب جداً، فوق القتل والقصف والهدم وفقدان الأنفس والأحباب، وفوق ذلك كله ابتلوا بخذلان القادرين على إمدادهم بما ينقصهم وإغنائهم، والله المستعان.

وسأذكر في هذه الأسطر ما أرجو أن يكون فيه شيء من التثبيت والمواساة لهم.

١- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد رأيت رسول الله ﷺ يظل اليوم يلتوي -يعني من الجوع-، ما يجد دقلا يملأ به بطنه) أخرجه مسلم.
والدقل هو التمر الرديء.

٢- وكان الجوع يصل بالنبي ﷺ أنه لا يستطيع الجلوس في البيت فيذهب ويخرج بحثاً عن شيء يسد به رمقه، كما في صحيح الإمام مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله ﷺ ذات يوم، أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر، وعمر، فقال: " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول الله. قال: " وأنا والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما"
فهذا النبي ﷺ وأبو بكر وعمر، وهم خِيارُ أهل الأرض، خرجوا من بيوتهم ولم يخرجهم من بيوتهم إلا الجوع.
وفي هذا من الأُنس للمُبتَلى بالجوع أن يعلم أن سيد المرسلين وخير خلق الله أجمعين عليه صلاة الله وسلامه كان يلتوي من الجوع ولا يجد ما يسد به رمقه، وكان هو وسادات أصحابه وخيارهم يخرجون من بيوتهم بسبب الجوع يبحثون عن شيء يأكلونه.

٣- وكذلك عامة المهاجرين والأنصار؛ مرّت بهم أحداث اجتمع عليهم فيها ترقب الأعداء مع الجوع والتعب والبرد، كما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ﷺ إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: "اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره "
فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.


فلم يقعدهم الجوع مع شدته، بل كانوا يعملون ويحفرون ويجهّزون ويستعدون للقاء أعداء الله سبحانه وتعالى، وذلك يوم الأحزاب، وهو من أشد أيام الجوع على النبي ﷺ وأصحابه، ومع ذلك كان يشد من أزرهم ويقول: اللهم إن العيش عيش الآخرة، ويردون: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.
٤- وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن جابر رضي الله عنه قال: لما حفر النبي ﷺ وأصحابه الخندق، أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي ﷺ على بطنه حجرا من الجوع.

٥- ولم يكن هذا الجوع في أيام الحروب فقط، بل كان هناك من أصحاب النبي ﷺ من هم فقراء معوزون في السلم والحرب، وهم الذين لُقّبوا بأهل الصفة، وكان منهم أبو هريرة رضي الله عنه، والذي هو من هو في مقامه وقربه من النبي ﷺ وطلبه العلم والحديث، وقد قال عن نفسه رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (لقد رأيتني وإني لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول ﷺ وحجرة عائشة من الجوع مغشيا علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون، وما بي جنون، وما هو إلا الجوع).
فرضي الله عنه، ورفع درجته في الجنة، جاع حتى أغمي عليه!
٦- هذا كله في المدينة، بعد الهجرة والنصرة، وأما في مكة، فقد كان هناك ابتلاء بالجوع كذلك، أيام حصار الشِّعب.
٧- وفي المرحلة المكية كذلك حكى النبي ﷺ عن شهر جوع مرّ به ومعه بلال فقال:
(لقد أُخِفت في الله وما يُخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال) أخرجه الترمذي وصححه.

٨- وعودا إلى المدينة، فقد كان الجوع يأخذ بالنبي ﷺ أحيانا حتى يظهر على وجهه أو صوته، كما في صحيح البخاري عن أبي مسعود رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار يُقال له أبو شعيب أبصر في وجه النبي ﷺ الجوع فدعاه إلى طعام.
وفي صحيح البخاري (قال أبو طلحة لأم سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء ؟ قالت : نعم. فأخرجت أقراصا من شعير)

فيا ربّ صلّ على حبيبك وخليلك محمد، وارض عن أصحابه، واجزهم عنا خير الجزاء؛ على ما ضحوا وصبروا وجاهدوا وثبتوا وتحملوا وبذلوا لأجل دينك ونصرة رسولك.

اللهم وثبّت أهل غزة وأطعمهم واسقهم، وثبت أقدامهم، واخذل من خذلهم.
اللهم إنك قد صبّرتهم على شدة الأعداء فنعوذ بك أن يكسرهم الجوع أو الظمأ،
اللهم ثبتهم وأغثهم واحفظهم،
ولا حول ولا قوة إلا بك.

BY مِن رَحِيقِ الكُتُبِ 📚


Share with your friend now:
tgoop.com/raaheq/2073

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

As five out of seven counts were serious, Hui sentenced Ng to six years and six months in jail. How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) A vandalised bank during the 2019 protest. File photo: May James/HKFP. Private channels are only accessible to subscribers and don’t appear in public searches. To join a private channel, you need to receive a link from the owner (administrator). A private channel is an excellent solution for companies and teams. You can also use this type of channel to write down personal notes, reflections, etc. By the way, you can make your private channel public at any moment. Hashtags
from us


Telegram مِن رَحِيقِ الكُتُبِ 📚
FROM American