tgoop.com/rabetaa/9932
Last Update:
فرادة الإمارة.. نظام ومكتسبات
فرادة الإمارة.. نظام ومكتسبات
لا شيء في النظام الأفغاني يشبه غيره من نظم الحكم في العالم؛ فبتصنيفات النظم، لا هو شمولي، ولا هو ديمقراطي، لا هو مدني ولا هو عسكري، لا هو علماني ولا هو ثيوقراطي.
والطريقة التي جاء بها ربما كانت مشابهة في ظاهرها مع بعض النظم، إلا أنها تفردت بكونها عبر جهاد إسلامي، حرر البلاد دون أن تكون حركته مدينة لدولة عظمى أو إقليمية، أبرم اتفاقاً مع الاحتلال، لكنه لم يسمح له بأي نفوذ سياسي أو عسكري، ولم يخضع لأية إملاءات تمس طبيعة حكمه القادمة أو علاقاته الخارجية أو سياسته الداخلية. لديه قدر من المرونة غير أنه لا يساوم على أحكام الشريعة، واختياراته الفقهية، ولو جلبت له بعض المتاعب.
أمطره أعداؤه بكل أنواع الاتهامات، ما بين الإرهاب، والتخلف، والرجعية، والاستبداد، ومعاداة المرأة.. إلخ، لكنه مضى في سبيله لا يبالي بكل هذا، اختط طريقه وسار عليه بكل صلابة وتمسك.
يدخل نظام الإمارة الإسلامية في أفغانستان عامه الرابع، وقد حقق استتباباً للأمن لم يسبق له مثيل منذ أربعين عاماً، وسياسة داخلية رشيدة فيما يتعلق بالأعراق والطوائف، فرغم جذور الحركة التي يغلب عليها قومية الباشتون إلا أنها تمكنت من تحقيق قدر واضح من الانسجام القومي في البلاد، وأزالت مخاوف الأقليات الأوزبكية والطاجيكية والهزارة والبلوش والتركمان من استئثار عرق الباشتون على الحكم، أو ممارسة سياسة تمييزية ضد الأقليات.
ويبدأ نظام الإمارة الإسلامية عامه هذا، وقد حقق طفرة اقتصادية كبيرة، شملت مجالات الزراعة والتصنيع والتجارة الخارجية والبنى التحتية، وقد نجح في منع زراعة المخدرات تقريباً (بنسبة تزيد عن 95% بحسب تقرير الأمم المتحدة)، متوسعاً في زراعة القمح والفواكه والزعفران وغيرها، واستصلح عشرات الآلاف من الهكتارات، وحقق اكتفاء ذاتياً في العديد من السلع الأساسية، ويستعد لاستصلاح وري 3 مليون هكتار بعد البدء بشق قناة قوشتيبة التي يمتد طولها لنحو 280 كم، والتي تُعد من أهم المشاريع الحيوية التي تنفذها طالبان (تم تنفيذ المرحلة الأولى منها وجاري العمل بالثانية)، مما يؤمّل أن يُطلق ثورة زراعية حقيقية في ثلاث ولايات شمالية وهي مزار الشريف وجوزجان، وسار بول وهي المناطق المعروفة بخصوبة أراضيها. وأنشأ العديد من السدود لاستصلاح الأراضي وتوليد الكهرباء، واهتم بالثروة الحيوانية فضاعف إنتاج الأبقار والدواجن بنسب عالية، وزاد كثيراً من التجارة الخارجية مع دول الجوار، وجذب استثمارات هائلة، بعد نجاحه في إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار، وقوتي الصين وروسيا، وبعض الدول العربية الغنية، ولعل أبرز استثماراته الواعدة خط غاز تابي الذي سيوفر لأفغانستان 5 مليارات متر مكعب من الغاز، واستخراج النفط بمعدل نحو 0.14 مليون برميل يومياً بزيادة مقدارها 2000% عن ما سبق، وتوسع في الصناعات لاسيما الزراعية والدوائية، وحقق نجاحاً ملحوظاً في صعيد توليد الكهرباء والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في بلد كان يعتمد على دول الجوار في مده بـ90% من الطاقة الكهربية اللازمة للاستهلاك المحلي، وتوسع في مجال الطاقة المتجددة النظيفة (طاقتي الرياح والشمسية والمياه). وأعاد لسوق الأحجار الكريمة بريقه بعد منع الاحتكار والاستنزاف والنهب الذي كان يحصل في السابق، وأقام العديد من المناجم، وأهمها منجم "عيناك" لإنتاج النحاس، وهو ثاني أكبر منجم نحاس في العالم، ورفع من قيمة العملة الوطنية، وضبط الأسعار وتمكن من تخفيضها، كما عبدت وتعبد نحو 50 طريقاً ومحوراً في طول البلاد وعرضها، كما أطلق "أمير المؤمنين" مشروعاً ضخماً لجذب الاستثمار في مدن صناعية جديدة واعدة، وفي المجال التعليمي بنى أكثر من عشرين ألف مؤسسة تعليمية شرعية في العام الماضي وحده، ويسعى لتطوير المؤسسات التعليمية الأخرى، وطور من قدرات الجيش والقوات الخاصة، وخرج طيارين "مجاهدين" لكيلا يقتصر اعتماده على طياري النظام السابق، ونما بالقوات الأمنية والاستخبارية، وتمكن من بسط سيادته على كافة الأراضي الأفغانية، وتأمين حدودها ضد المهربين والمسلحين المخربين.
وقبل ذلك كله، أقام نظاماً اقتصادياً إسلامياً – وفق اجتهاد علماء الإمارة – وطبق الحدود، وقنن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقام نظاماً شورياً خرج من رحم المدارس الدينية التي عملت على تأهيل أبنائها علمياً وتربوياً. وهو بذلك يتمتع بانسجام فكري وفقهي؛ فعقيدة أهله واحدة كحركة، وكبعد عصبي، وفقهي كذلك، فلا وجود كبيراً للخلافات الفقهية والمذهبية، في القسم الأكبر من البلاد (قومية الباشتون تحديداً، وما يجري في فلكها).
وأمام نظام الإمارة الإسلامية مستقبل واعد مأمول؛ فإذا هو سار على هذا النحو؛ فإن ذلك النظام سيصبح نموذجاً وتجربة رائدة، وسيقوى ويرتفع شأنه في الإقليم والعالم.
BY رابطة علماء المسلمين
Share with your friend now:
tgoop.com/rabetaa/9932