tgoop.com/readbr7br/2060
Last Update:
أنا المواطنة العاقّة، التي لم تكتب سطور حبٍّ لمسقط رأسها إلا عندما رأت هذا المكان، الذي احتضن طفولتها وشبابها، مُمددًا على سرير الوداع. كأن المدينة، التي كانت يومًا مليئة بالحياة والحركة، أصبحت اليوم جسدًا منهكًا ينتظر لحظاته الأخيرة، وأنا التي أحببتها يومًا، تركتها خلفي منذ سنين طويلة، أسيرةً لظروف الحياة التي قست علينا معًا.
كنت أحب هذا المكان بصدق، لكنه حبٌّ خفي، لم أكن أدرك عمقه حتى بدأ يتلاشى أمامي. لم أكتب يومًا عنه حين كان يعج بالناس والأصوات، ولم أُعطِه حقه من الكلمات حين كان يفيض بالجمال. كنت أظن أن البعد هو قدرنا، وأنه لا رجوع بعد المسافات. لكنني الآن، وأنا أراه يحتضر، أدركت أنني أنا من تركته يعاني الوحدة، وأنني، رغم ابتعادي الجسدي، كنت دائمًا متعلقة به بقلبي وروحي.
والآن، وأنا أقف أمام هذا المكان الذي كنت يوماً أعتبره البيت والوطن، أراه يغلق صفحاته الأخيرة دون أن أعترف بحبي له إلا في لحظات وداعه. لقد أهملته، كما يهمل الابن العاق أمّه، لكنّ الحبّ العميق الذي حاولت كتمانه طوال السنين يعود الآن، ولو كان متأخرًا.
المكان يموت، وها أنا أكتشف أنني لم أكن قادرة على حبّه كما يستحق إلا حينما فقدت الفرصة.
BY براءةُ العقل~{قارئة}🤎📚
Share with your friend now:
tgoop.com/readbr7br/2060