Telegram Web
( #الصلاة_في_المساجد_التي_بها_أضرحة .. )

الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة الأولياء والصالحين صحيحية ومشروعة ، وما يثار من أنها باطلة هو قول مبتدع لا سند له ،بل انها تصل إلي درجة الإستحباب ، وذلك بالكتاب والسنة وفعل الصحابة ، وإجماع الأمة الفعلي .
فمن القرآن قوله تعالي "فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا" ..
وسياق الآية يدل علي أن القول الأول هو قول المشركين ،وأن القول الثاني هو قول الموحدين ،وقد حكي الله تعالي القولين دون إنكار ،فدل ذلك علي إمضاء الشريعة لهما ،بل إن سياق قول الموحدين يفيد المدح ، بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك ، بينما جاء قول الموحدين قاطعآ وأن مرادهم ليس مجرد البناء بل المطلوب إنما هو المسجد .
قال الإمام الرازي في تفسير {لنتخذن عليهم مسجدا} أي نعبد الله فيه ،ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد" أه‍ .
والشهاب الخفاجي في حاشيته علي تفسير البيضاوي :"في هذه دليل علي إتخاذ المساجد علي قبور الصالحين" أه‍ .

و من السنة : حديث أبي بصير رضي الله تعالي عنه ،الذي رواه عبد الرازق عن معمر ،وابن اسحاق في "السيرة" عن الزهري عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله تعالي عنهم : أن أبا جندل ابن سهيل بن عمرو دفن أبا بصير لما مات وبني علي قبره مسجدا "بسيف البحر" وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة ، وهذا اسناد صحيح ،كله أئمة ثقات ،ومثل هذا الفعل لا يخفي علي رسول الله ،ومع ذلك فلم يرد أنه صلي الله عليه وسلم أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه .

كما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال "في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا" أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير ، وقال الحافظ ابن حجر في مختصر زوائد البزار : هو إسناد صحيح .
وقد ثبت في الأثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دفنا في الحجر من البيت الحرام ،وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين و اعتمده علماء السير : كابن إسحاق في " السيرة" و ابن جرير الطبري في "تاريخه" ،والسهيلي في "الروض الأنف" و ابن الجوزي في " المنتظم" ، وابن الأثير في "الكامل" ،الذهبي في "تاريخ الإسلام" وابن كثير في " البداية والنهاية" .. وغيرهم من مؤرخي الاسلام ، وأقر النبي ذلك ولم يأمر بنبش هذه القبور وإخراجها من مسجد الخيف أو من المسجد الحرام .
وأما فعل الصحابة : فقد حكاه الامام مالك في "الموطأ" بلاغا صحيحا عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي صلي الله عليه وسلم ، فقال:" فقال ناس : يدفن عند المنبر وقال آخرون يدفن في البقيع ، فجاء أبو بكر الصديق رضي الله تعالي عنه فقال : سمعت سول الله يقول : ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه" فحفر له فيه " أه‍ .،
والمنبر من المسجد قطعا ، ولم ينكر أحد من الصحابة هذا الاقتراح ، وإنما عدل عنه أبو بكر إمتثالا لأمر النبي صلي الله عليه وسلم وأن يدفن حيث قبضت روحه الشريفة ، فدفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله تعالي عنها المتصلة بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون ، وهذا هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرات أضرحة الاولياء والصالحين في زماننا .

وأما دعوي الخصوصية في ذلك للنبي ، فهي غير صحيحة ، لأنها دعوي لا دليل عليها ، بل هي باطلة قطعا بدفن سيدنا أبو بكر و سيدنا عمر رضي الله عنهما في هذه الحجرة التي كانت السيدة عائشة تعيش فيها وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة ، فكان ذلك إجماعا ن الصحابة رضوان الله عليهم علي جوازه .

ومن إجماع الأمة الفعلي وإقرار علمائها لذلك ، صلاة المسلمين سلفا و خلفا في مسجد سيدنا رسول الله والمساجد التي بها أضرحة من غير نكير ، وإقرار العلماء من لدن الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة الذين وافقوا علي إدخال الحجرة النبوية الشريفة إلي المسجد النبوي سنة ثمان وثمانين للهجرة ، و ذلك بأمر الوليد ابن عبدالملك لعامله علي المدينة حينئذ عمر ابن عبدالعزيز رحمه الله ، ولم يعترض منهم إلا سعيد بن المسيب ، لا لأنه يري حرمة الصلاة في المساجد التي بها قبور بل لأنه كان يريد أن تبقي حجرات النبي كما هي يطلع عليها المسلمون حتي يزهدوا في الدنيا ويعلموا كيف كان يعيش نبيهم صلي الله عليه وسلم .

وأما حديث عائشة في الصحيحين أن النبي صل الله عليه وسلم قال :" لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"فالمساجد : جمع مسجد والمسجد في اللغة : مصدر ميمي يصلح للدلالة علي المكان والزمان والحديث ، ومعني اتخاذ القبور مساجد : أي السجود لها علي وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للاصنام والاوثان
كما فسرته الرواية الصحيحة الأخري للحديث عند ابن سعد في " الطبقات الكبري" عن أبي هريرة رضي الله تعالي عنه مرفوعا بلفظ " اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما ... إلخ" بيان لمعني جعل القبر وثنا ، والمعني : اللهم لا تجعل قبري وثنا يسجد له ويعبد كما سجد قوم لقبور أنبيائهم .
قال الامام البيضاوي :" لما كانت اليهود والنصاري يسجدون لقبور أنبيائهم ،تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة ، ويتوجهون في الصلاة نحوها ، واتخذوها اوثانا ،لعنهم الله ومنع المسلمين عن ذلك ونهاهم عنه ، أما من اتخذ مسجدا بجوار صالح أو صلي في مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه ووصول أثر من آثار عبادته إليه -لا التعظيم له والتوجه- فلا حرج عليه ، ألا تري أن مدفن إسماعيل في المسجد الحرام ثم الحطيم ، ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحري المصلي بصلاته ، والنهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمنبوشة ، لما فيها من النجاسة " أه‍

وبناء علي ذلك فإن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة الأولياء والصالحين جائزة ومشروعة ، بل ومستحبة أيضا ، والقول بتحريمها او بطلانها قول باطل لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ...
والله تعالي أعلي وأعلم ..
--------------------------
من فتاوي #علي_جمعة في عدد قديم من مجلة "منبر الإسلام"
وجدت لما تفضلتم به جوابا مفيدا شاملا فيه البغية والغنية إن شاء الله تعالى.

هل تجـوز الصــــلاة في القبــــــور، وما حكم الصلاة في المساجـــد التي بها أضرحــة، وهل يعد ذلك من قبيل اتخاذ القبر مسجـــــــداً ؟
المجيب على السؤال فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية سابقا.

الجواب:

إن قضية المساجد التي بها قبور، قضية فقهية فرعية استغلها الجهال ومبتغو الفتنة أسوأ استغلال حيث جعلوها سببًا في التفريق بين المسلمين، والتنابذ بالألقاب فذهب هذا يسب هذا ويقول إنه قبوري، أو مبتدع، أو مشرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ونحن نجمع شتات الكلام في هذه المسألة عسى الله أن يفتح بهذا الكلام أعينًا عميًا، وآذنًا صمًا.

فإن هناك خلطًا بين أمور متفرقة أحدث لبسًا في التعامل مع هذه المسألة، وجعلنا كلما تكلمنا فيها لا نصل إلى شيء، ولكننا سنوضح هنا تلك الأمور، ونفرق بينها، فالصلاة في القبور ليست هي الصلاة بالمسجد الذي به ضريح، وليست هي اتخاذ القبر مسجدًا؛ ولذلك نفرق بين ثلاثة أمور :

الصلاة في القبور.
الصلاة في المسجد الذي به ضريح.
اتخاذ القبر مسجدًا.
أولاً : الصلاة في القبور :



القبر : مدفن الإنسان، يقال :قبره يقبره ويقبره، قبرًا ومقبرًا : دفنه، وأقبره : جعل له قبرا، والمقبرة، بفتح الباء وضمها : موضع القبور أي موضع دفن الموتى. والقابر : الدافن بيده.

والقبر محترم شرعًا توقيرًا للميت، ومن ثم اتفق الفقهاء على كراهة وطء القبر والمشي عليه، لما ثبت « أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى أن توطأ القبور»([1]). لكن المالكية خصوا الكراهة بما إذا كان مسنمًا، كما استثنى الشافعية والحنابلة وطء القبر للحاجة من الكراهة، كما إذا كان لا يصل إلى قبر ميته إلا بوطء قبر آخر.

أما عن حكم الصلاة في المقابر فذهب الحنفية إلى أنه تكره الصلاة في المقبرة، وبه قال الثوري والأوزاعي، لأنها مظان النجاسة، ولأنه تشبه باليهود، إلا إذا كان في المقبرة موضع أعد للصلاة ولا قبر ولا نجاسة فلا بأس.

وقال المالكية : تجوز الصلاة بمقبرة عامرة كانت أو دارسة، منبوشة أم لا، لمسلم كانت أو لمشرك.

وفصل الشافعية الكلام فقالوا : لا تصح الصلاة في المقبرة التي تحقق نبشها بلا خلاف في المذهب، لأنه قد اختلط بالأرض صديد الموتى، هذا إذا لم يبسط تحته شيء، وإن بسط تحته شيء تكره. وأما إن تحقق عدم نبشها صحت الصلاة بلا خلاف؛ لأن الجزء الذي باشره بالصلاة طاهر، ولكنها مكروهة كراهة تنزيه؛ لأنها مدفن النجاسة. وأما إن شك في نبشها فقولان؛ أصحهما : تصح الصلاة مع الكراهة؛ لأن الأصل طهارة الأرض فلا يحكم بنجاستها بالشك، وفي مقابل الأصح : لا تصح الصلاة؛ لأن الأصل بقاء الفرض في ذمته، وهو يشك في إسقاطه، والفرض لا يسقط بالشك.

وقال الحنابلة : لا تصح الصلاة في المقبرة قديمة كانت أو حديثة، تكرر نبشها أو لا، ولا يمنع من الصلاة قبر ولا قبران؛ لأنه لا يتناولها اسم المقبرة وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدًا. وروي عنهم أن كل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه. ونصوا على أنه لا يمنع من الصلاة ما دفن بداره ولو زاد على ثلاثة قبور، لأنه ليس بمقبرة.

هذا بشأن كلام الفقهاء في مسألة الصلاة في المقبرة، والمقابر دون التعرض لمسألة الصلاة في المساجد التي يجاورها الأضرحة.



ثانيا : الصلاة في المسجد الذي به ضريح :



والصلاة بالمسجد الذي به ضريح أحد الأنبياء - عليهم السلام - أو الصالحين، فهي صحيحة، ومشروعة، وقد تصل إلى درجة الاستحباب ويدل على هذا الحكم عدة أدلة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وفعل الصحابة، وإجماع الأمة العملي.

فمن القرآن الكريم قوله تعالى : ﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾([2])، ووجه الاستدلال بالآية أنّها أشارت إلى قصّة أصحاب الكهف، حينما عثر عليهم الناس فقال بعضهم: نبني عليهم بُنيانًا، وقال آخرون: لنتّخذنّ عليهم مسجدًا.

والسياق يدل على أن الأوّل: قول المشركين، والثاني: قول الموحّدين، والآية طرحت القولين دون استنكار، ولو كان فيهما شيء من الباطل لكان من المناسب أن تشير إليه وتدل على بطلانه بقرينة ما، وتقريرها للقولين يدل على إمضاء الشريعة لهما، بل إنّها طرحت قول الموحدين بسياق يفيد المدح، وذلك بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك، بينما جاء قول الموحدين قاطعًا (لنتّخذنّ) نابعًا من رؤية إيمانية، فليس المطلوب عندهم مجرد البناء، وإنّما المطلوب هو المسجد. وهذا القول يدلّ على أن أولئك الأقوام كانوا عارفين بالله معترفين بالعبادة والصلاة.

قال الرازي في تفسير (لنتّخذنّ عليه مسجدًا) نعبد الله فيه، ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد([3]).
وقال الشوكاني: ذكر اتخاذ المسجد يُشعر بأنّ هؤلاء الذين غلبوا على أمرهم هم المسلمون، وقيل: هم أهل السلطان والملوك من القوم المذكورين، فإنهم الذين يغلبون على أمر من عداهم، والأوّل أولى([4]). وقال الزجاجي: هذا يدلّ على أنّه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشو؛، لأن المساجد للمؤمنين، هذا بخصوص ما ذكر في كتاب الله فيما يخص مسألة بناء المسجد على القبر.

ومن السنة حديث أبي بصير الذي رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قالا : «إن أبا بصير انفلت من المشركين بعد صلح الحديبية، وذهب إلى سيف البحر، ولحق به أبو جندل بن سهيل بن عمرو، أنفلت من المشركين أيضا، ولحق بهم أناس من المسلمين حتى بلغوا ثلاثمائة وكان يصلي بهم أبو بصير.

وكان يقول : الله العلي الأكبر ** من ينصر الله ينصر

فلما لحق به أبو جندل، كان يؤمهم، وكان لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها، وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش إلى النبي صلي الله عليه وسلم تناشده الله والرحم، إلا أرسل إليهم، فمن أتاك منهم فهو آمن، وكتب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهم من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم، فقدم كتاب رسول صلي الله عليه وسلم على أبي جندل، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده يقرأه، فدفنه أبو جندل مكانه، وبنى على قبره مسجدًا »([5]).

أما فعل الصحابة رضي الله عنهم يتضح في موقف دفن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك رضي لله عنه عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن الحبيب صلي الله عليه وسلم فقال : «فقال ناس : يدفن عند المنبر، وقال آخرون : يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه »([6])، ووجه الاستدلال أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم اقترحوا أن يدفن صلي الله عليه وسلم عند المنبر وهو داخل المسجد قطعًا، ولم ينكر عليهم أحد هذا الاقتراح، بل إن أبا بكر رضي الله عنه اعترض على هذا الاقتراح ليس لحرمة دفنه صلي الله عليه وسلم في المسجد، وإنما تطبيقًا لأمره صلي الله عليه وسلم بأن يدفن في مكان قبض روحه الشريف صلي الله عليه وسلم.

وبتأملنا إلى دفنه صلي الله عليه وسلم في ذلك المكان نجد أنه صلي الله عليه وسلم قُبض في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، وهذه الحجرة كانت متصلة بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمين، فوضع الحجرة بالنسبة للمسجد كان – تقريبًا - هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرة فيها ضريح لأحد الأولياء في زماننا، بأن يكون ضريحه متصل بالمسجد والناس يصلون في صحن المسجد بالخارج.

وهناك من يعترض على هذا الكلام ويقول : إن هذا خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم، والرد عليه أن الخصوصية في الأحكام بالنبي صلي الله عليه وسلم تحتاج إلى دليل، والأصل أن الحكم عام ما لم يرد دليل يثبت الخصوصية، ولا دليل، فبطلت الخصوصية المزعومة في هذا الموطن، ونزولاً على قول الخصم من أن هذه خصوصية للنبي صلي الله عليه وسلم - وهو باطل كما بينا - فالجواب أن هذه الحجرة دفن فيها سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، ومن بعده سيدنا عمر رضي الله عنه، والحجرة متصلة بالمسجد، فهل الخصوصية انسحبت إلى أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أم ماذا ؟ والصحابة يصلون في المسجد المتصل بهذه الحجرة التي بها ثلاثة قبور، والسيدة عائشة رضي الله عنها تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يعد هذا فعل الصحابة وإجماع عملي لهم.

ومن إجماع الأمة الفعلي وإقرار علمائها لذلك، صلاة المسلمين سلفاً وخلفاً في مسجد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، والمساجد التي بها أضرحة بغير نكير، وإقرار العلماء من لدن الفقهاء السبعة بالمدينة الذين وافقوا على إدخال الحجرة الشريفة إلى المسجد النبوي، وهي بها ثلاثة قبور، ولم يعترض منهم إلا سعيد بن المسيب رضي الله عنه ولم يكن اعتراضه لأنه يرى حرمة الصلاة في المساجد التي بها قبور، وإنما اعترض؛ لأنه يريد أن تبقى حجرات النبي صلي الله عليه وسلم كما هي يطلع عليها المسلمون؛ حتى يزهدوا في الدنيا، ويعلموا كيف كان يعيش نبيهم صلي الله عليه وسلم.
يقول شيخنا "الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم":
إنشاء ضريح على قبر رجل صالح أو صاحب خصيصة مميزة أمر مشروع، بما ثبت في البخاري، من أن الرسول ﷺ..
وضع حَجَرًا كبيرًا خاصًّا على قبر (عثمانَ بنِ مَظعون)،
وقال ﷺ: "أتعَلَّم -أي أعرِف- به قبرَ أخي".

فالكلام في منع هذا الجانب تشغيب وفتنة،
فالحديث صريح في جواز تمييز قبر أهل الخصايص..
بما يناسب كل عصر، ولكل زمن ما يناسبه من اجتهاد في حكم مشروع أو أمر مباح.

فليست هذه الأضرحة مساجدَ أبدًا،
ولا هذه المساجد التي في جوارها أضرحةً أبدًا،
فالضريح ضريح مستقل تمامًا،
والمسجد مسجد مستقل تمامًا، وإن تلاصقا،

وإذَن فقد سقط التشويش والتخليط..
الذي يموهون به فى هذا الجانب.

أما عن الصلاة في المساجد ذات الأضرحة:
بدايةً..
نُقَرِّر أنَّ أحاديثَ النهي عن اتخاذ القبور مساجد..
(أحاديث ثابتة)..
لها قدرها ووزنها العلمي، فلا جدال حولها،
وإنما الجدال حول (مفهومها) كما أسلفنا..
فاتخاذ القبور مساجد معناه:
أن الرجل يصلي للقبر مثلًا،
وقد يدخل فيه صلاة الرجل فوق القبر،
أو يجعله أمامه كأنه يعبده تشبهًا بالأوثان،

وعليه يُحمَل حديث لَعْنِ اليهودِ والنصارى،
حيث اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ،
يسجدون فيها لهم لا لله عز وجل،

فوجود القبر في مكان خاص مستقل به..
لا يمكن أبدا أن يسمی مسجدًا،
ولا أن يقع تحت هذه الأحكام،

فالمسجد كما كررنا مسجد، والقبر قبر،
هذا غير هذا، مهما تلاصقا وتجاورا.
ــــــــــــــــــــــــ
*تعليق على ما ذكرته:*

*1. المعاملة الحسنة أساس الحياة الزوجية:*

إن *المعاملة الحسنة* و *الاحترام المتبادل* بين الزوجين هما *الركيزتان الأساسيتان* لبناء حياة زوجية سعيدة ومُستقرة. في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، نجد دعوة عظيمة من الإسلام للمرأة في *احترام زوجها* و *تقديره*. لكن من المهم أن نُفهم أن هذا الحديث لا يعني أن الزوجة تصبح دون شخصية أو حقوق، بل هو دعوة لتعزيز *التعاون* و *الاحترام* المتبادل في إطار العلاقة الزوجية. *الإحسان* في المعاملة و *التقدير* هما أساس الاستقرار النفسي والعاطفي بين الزوجين.

*2. العلاقة الزوجية ودرء الفتن:*

*احترام الزوج* و *الاعتراف بفضله* يعزز العلاقة ويُغلق أبواب *الشيطان* وأي فتن قد تطرأ على الحياة الزوجية. فإذا كانت الزوجة تُظهر الاحترام لزوجها، فإن ذلك يخلق *بيئة من الحب والطمأنينة*، مما يقلل من فرص الوقوع في *المعاصي* مثل *الزنا* أو *الخيانة*. وفي المقابل، فإن *السلوك السيئ* مع الزوج مثل *التجاهل* أو *اللامبالاة* قد يُسهم في فتح *الطرق أمام الشيطان* لزرع الفتن والشرور في القلوب.

*3. التضحية والتفاهم في العلاقة الزوجية:*
الحديث عن *انتظار الزوجة لزوجها ليلاً لتأكل معه* ليس مجرد *تفصيل صغير* في الحياة اليومية، بل هو تعبير عن *التضحية* و *الاهتمام*. هذه *الإيماءات الصغيرة* تؤدي إلى *تقوية الرابطة* بين الزوجين وتجعل العلاقة أكثر *ديمومة*. عندما *تعطي الزوجة الأولوية* لزوجها، وتضع *سعادته* و *راحته* في أولوياتها، فإن ذلك يقوي *علاقة الحب* بينهما ويُظهر *احترامًا متبادلًا*.

*4. تحصين العلاقة الزوجية من الفتن:*

فيما يتعلق بـ *الزنا*، فإن *الحصانة ضد الفتن* تبدأ من *الاحترام المتبادل* في العلاقة الزوجية. عندما *يُقدّر كل طرف الآخر* و *يُحترم*، فإن ذلك يُحسن من *التفاهم* و *الانسجام*، ويقلل من فرص الانجراف وراء *الفتن* أو *الأغراءات الخارجية*. الزيادة في *الحب والتفاهم* بين الزوجين، والاعتناء ببعضهم البعض، يُعتبران من *أقوى الحصانات* ضد الانزلاق في *المحرمات*.

*5. دور احترام الزوج في تعزيز محبة الزوج:*

إن *محبة الزوج* هي *نتيجة طبيعية* من *الاحترام* و *التقدير*. إذا شعر الزوج بأن *زوجته تحترمه* وتُقدره، فإن ذلك يُعزز *محبته* لها ويُزيد من *رغبة* كلا الطرفين في *الاهتمام* ببعضهما البعض. وعليه، فإن *الاحترام* ليس فقط وسيلة للحفاظ على *الاستقرار العاطفي* بل هو أيضًا *أساس لحياة زوجية سعيدة* قائمة على *المودة* و *الرحمة* كما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:
*"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّيَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً"* (الروم: 21).

*خلاصة القول:*

*الاحترام المتبادل* بين الزوجين هو *الركيزة الأساسية* لبناء علاقة صحية وآمنة. وعلى الزوجة أن تعي تمامًا أن *الاحترام* و *التقدير* لزوجها ليسا فقط من *عوامل السعادة الزوجية*، بل أيضًا من *الوسائل التي تحصن حياتها الزوجية* وتحميها من *الفتن*. عندما تُظهر الزوجة *الاحترام* و *الاهتمام* بزوجها، فإن ذلك ينعكس على *العلاقة بينهما* ويُعزز من *محبته* و *رغبته في الحفاظ على العلاقة*، وبالتالي *تحصينها* من *المشاكل* و *الفتن* التي قد تؤدي إلى الانحرافات الخطيرة.

دكتور محمد سعيد السلمو

#من_وحي_الواقع

#
*تحذير من الغفلة في هذه الليلة:*

إن *الغفلة* عن ذكر الله و *الانشغال بالدنيا*، خاصة في *الليالي المباركة*، من أكبر *الأخطار* التي قد تحرم المسلم من *بركات* تلك الليالي. في هذه الليلة، وفي كل ليلة، يجب أن نكون *مع جماعة الذاكرين*، *الذين يذكرون الله* في كل وقت وحين، ويشغلون أوقاتهم بقراءة القرآن، والصلاة، والدعاء، والصدقة، فذلك هو طريق *النجاة* والطهارة.

*التحذير النبوي:*

*حديث النبي صلى الله عليه وسلم* الذي ذكرته، يُظهر مدى خطورة *الغفلة* والابتعاد عن العبادة، فيقول:
"تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير. ويبعث على حي من أحيائهم ريح، فتنسفهم كما تنسف من كان قبلكم، باستحلالهم الخمر وضربهم بالدفوف."

هذا الحديث يُحذر من *الانشغال بالدنيا* و *الابتعاد عن العبادة*، ويُظهر كيف أن *الغفلة* قد تؤدي إلى *عقوبة* عظيمة، حيث أن الله سبحانه وتعالى يبعث على هؤلاء القوم *عذابًا* يعقب *غفلتهم* و *استحلالهم للمعاصي*.

*العبادات التي يجب الإكثار منها في هذه الليلة:*

1. *الذكر*:
يجب أن *نكثر من ذكر الله* في هذه الليلة، سواء بالتسبيح أو الاستغفار أو التحميد. قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم وتضربوا أعناقكم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذكر الله".

2. *قراءة القرآن*:
*القرآن* هو *شفيع* لنا يوم القيامة، وقراءته في هذه الليلة تُضاعف الثواب. قال الله تعالى في القرآن:
*"إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"* (الإسراء: 9).

3. *الدعاء*:
*الدعاء* هو *سلاح المؤمن* في كل وقت، وفي هذه الليلة، يجب على المسلم أن يرفع يديه إلى الله ويطلب منه كل ما يُحب ويرجو. سواء كان *دعاءً فرديًا* أو *دعاء جماعيًا*، فهو من أسباب *الرحمة والمغفرة*.

4. *التصدق*:
*الصدقة* من أعظم الأعمال التي تُحببنا إلى الله، وتفتح لنا أبواب البركة في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصدقة تطفئ غضب الله وتدفع ميتة السوء".

*نصيحة للابتعاد عن الغفلة:*

- *الانشغال بالدنيا*، *الأكل والشرب*، و *اللعب واللهو*، إذا طغت على قلب الإنسان، قد تؤدي إلى *الغفلة عن ذكر الله*. علينا أن نحرص على أن لا تكون هذه الليالي *فرصة للغفلة* بل *فرصة للتقرب إلى الله* و *الاستزادة من الطاعات*.

- *تحصين النفس* من المعاصي وخاصة *استحلال الخمر* و *الموسيقى* و *الدفوف*، فإنها من أسباب *العقوبة* في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث النبوي.

*الختام*:
لنحرص في هذه الليلة على أن نكون من *الذاكرين* و *الذاكرات*، وأن لا نكون من الغافلين الذين *يُنسون* ذكر الله في وقت يمكن أن تكون فيه *الرحمة والمغفرة* أقرب ما تكون إلى قلب المؤمن. فلنكن من أهل *الطاعة* و *العبادة*، ولنحرص على أن لا نقع في *شباك الشيطان* و *الغفلة*.

*اللهم اجعلنا من أهل الذكر، ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وارزقنا مغفرتك ورحمتك في هذه الليلة المباركة.*
الدكتور محمد سعيد صبحي السلمو

#من_وحي_الواقع
*تكرار العمرة في نفس اليوم أو الشهر بإحرام واحد:*

- *الجواب*: لا يجوز تكرار العمرة في نفس اليوم أو الشهر بإحرام واحد.
- عمرة واحدة فقط يمكن أداؤها في إحرام واحد.
- إذا أراد الشخص أداء العمرة مرة أخرى، عليه أن يخرج من حدود الميقات (أي من الحرم) ليحرم من جديد، لأنه لا يمكن أداء عمرة متعددة في إحرام واحد.

*العمرة عن غيره:*

- *الجواب*: نعم، يمكن أداء العمرة عن غيره بشرط أن يكون الشخص الذي تؤدى عنه العمرة *حيًا*، فيجوز أداء العمرة عنه إذا كان عاجزًا (كالمريض أو المسن الذي لا يستطيع السفر) أو إذا كان متوفى، فيجوز أداء عمرة *نيابة عنه*.
- في حال كان الشخص المتوفى، يُؤدى عنه العمرة عن طريق الإحرام والقيام بجميع مناسك العمرة نيابة عنه، فيقوم الشخص الذي يؤدي العمرة بالدعاء له أثناء أداء المناسك.

*ملاحظة*: إذا كانت العمرة عن ميت، يجب أن يتم ذلك بإذن من الأسرة أو الوصي الشرعي للمتوفى.

*اللهم تقبل منا ومنكم صالح الأعمال.*
نعم، *يمكن للشخص أن يؤدي أكثر من عمرة في يوم واحد* إذا أحرم من الميقات لكل عمرة على حدة.

لكن، لا يمكن تكرار العمرة في نفس الإحرام. *إحرام واحد لا يسمح بأداء أكثر من عمرة واحدة*. لذا، إذا أراد الشخص أداء عمرة ثانية في نفس اليوم، عليه أن يخرج من حدود الحرم ويعود إلى الميقات، فيحرم مرة أخرى.

*الطريقة الصحيحة لتكرار العمرة في نفس اليوم:*
1. *يجب أن يخرج الشخص من حدود الحرم* (أي من مكة المكرمة).
2. *يجب أن يحرم من الميقات* (الميقات الذي مر منه عند قدومه إلى مكة).
3. بعد الإحرام من الميقات، يمكنه أداء العمرة الثانية.

*مثال:*
- إذا قام شخص بأداء العمرة في الصباح ثم خرج إلى *التنعيم* (أو أي مكان خارج حدود الحرم) وأحرم مرة أخرى، يمكنه أداء عمرة ثانية في نفس اليوم.

*ملاحظة:*
- هذا الأمر متبع عند بعض العلماء ويعتمد على المذهب الفقهي الذي يتبعه الشخص.
في المذهب الحنفي، *لا يمكن تكرار العمرة في نفس اليوم* حتى وإن جدد الشخص إحرامه من الميقات.

في المذهب الحنفي، العمرة واحدة فقط تُقبل في يوم واحد. حتى لو أحرم الشخص مرة أخرى من الميقات، *يعتبر الإحرام الثاني غير مجزٍ*، ولن تحسب العمرة الثانية في نفس اليوم.

السبب:
- *الإحرام* في المذهب الحنفي يجب أن يكون له *غاية معينة*، وهي أداء العمرة، فإذا تم الإحرام مرة واحدة، لا يُشترط تكراره في نفس اليوم.
- *العمرة لا تُجدد* إلا في حال الخروج من الحرم (أي المغادرة إلى خارج مكة أو الميقات) ثم العودة مجددًا.

لذلك، في المذهب الحنفي، *يعتبر الإحرام المكرر في نفس اليوم غير لازم* أو غير مُعتبر لعمرة أخرى.
نعم، في المذهب الحنفي، *يجوز تكرار العمرة في نفس الشهر* بشرط أن *يجدد الإحرام من الميقات* لكل مرة.

التوضيح:
- المذهب الحنفي يسمح للمسلم *بتكرار العمرة* في نفس الشهر أو في أيام متعددة، إذا جدد الإحرام من الميقات.
- في هذه الحالة، يُعتبر كل إحرام جديد *بداية عمرة جديدة*، وبالتالي يمكن أداء العمرة أكثر من مرة في نفس الشهر.

لكن يجب مراعاة أنه يتم تجديد الإحرام من الميقات، ويشترط أن تكون العمرة الثانية (أو الثالثة...) بعد إتمام العمرة الأولى.

خلاصة:
- *نعم، يجوز تكرار العمرة في نفس الشهر* بشرط أن يُجدد الإحرام من الميقات.
موقعي الجديد
من يرغب بالاشتراك
فليخبرني كي اساعده بالانضمام
الاشتراك مجاني
عندما يتم العمل بالموقع سيكون دروات بالعقيدة والفقه باسلوب مبسط يناسب الجميع واسعار مناسبة إن شاء الله
ويوجد مقالات ومقاطع مجانا
https://Saidalsalmou.com
2025/01/20 06:39:16
Back to Top
HTML Embed Code: