كثير من استحضار الخطاب الفقهي بمفاهيمه التعاقدية والقضائية في مسائل العلاقات والتعامل فيها كتلك التي بين الرجل وامرأته وجعل تلك النصوص مشاعًا للتراشق بين العامة -من نحو هل يجب علي أن أفعل لزوجي كذا- ترسخ أزمة الزواج ولا تحلها، وإنما الذين ينبغي أن يكون خطابًا عامًا هو معنى الإحسان والعشرة بالمعروف، وأما المفاصلة فلا تكون إلا عند التنازع الفردي، وتلك المفاصلة إن لم تكن شيئًا عارضًا ينتهي إلى الأصل الثابت الإحسان والمعروف فمآلها علاقة مؤذية إن ظلت قائمة ، أو انفصال..
إن الدين - من أفواه بعض الدعاة - مر المذاق كريه التناول: لأنهم يضيفون إليه من نفوسهم المعتلة ما تعافه الطباع السليمة، ولأمر ما يقول الله في كتابه:
﴿ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ .
وهزائم الدين فى بيئات شتى ترجع إلى هذه الإضافات الأرضية لا إلى أصوله السماوية، وعلى المسلمين المعاصرين الالتفات إلى هذه الحقيقة وهم يتصورون دينهم ويصورونه للناس أن فتانين كثيرين انتشروا هنا وهنالك يتحدثون باسم الإسلام وبصرهم بحقائقه كلیل.
الشيخ محمد الغزالي
﴿ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ .
وهزائم الدين فى بيئات شتى ترجع إلى هذه الإضافات الأرضية لا إلى أصوله السماوية، وعلى المسلمين المعاصرين الالتفات إلى هذه الحقيقة وهم يتصورون دينهم ويصورونه للناس أن فتانين كثيرين انتشروا هنا وهنالك يتحدثون باسم الإسلام وبصرهم بحقائقه كلیل.
الشيخ محمد الغزالي
مؤخرا لم تعد تستهويني بعض كتابات من ينقلون من يزعمون أنها شهادات لغربيين على عظم حضارة المسلمين، لا لأنها لا قيمة لها ولا لأن الحضارة لم تكن عظيمة، لكن لأن من يفعل ذلك غالبًا إنما ينقلها من موقع ضعف بشكلٍ انتقائي، وأسلوب خطابي لزغزغة مشاعر العوام، ولو أنه كان قويًا لما احتاج لنقل شهادة أحد ليثبت للناس أي حاجة لا لنا ولا لهم..
يقول ابن حزم رحمه الله في احتجاجه على بعض طوائف المخالفين:
"لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونا، ولا معنى لاحتجاجهم علينا بروياتهم فنحن لا نصدقها، وإنما يجب أن يحتجَّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقه الذي تقام عليه الحجة به سواء صدقه المحتج أو لم يصدقه؛ لأن من صدق بشيء ملزمه القول به، أو بما يوجبه العلم الضروري فيصير الخصم يومئذ مكابرا منقطعا أن ثبت على ما كان عليه".
الفصل
"لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونا، ولا معنى لاحتجاجهم علينا بروياتهم فنحن لا نصدقها، وإنما يجب أن يحتجَّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقه الذي تقام عليه الحجة به سواء صدقه المحتج أو لم يصدقه؛ لأن من صدق بشيء ملزمه القول به، أو بما يوجبه العلم الضروري فيصير الخصم يومئذ مكابرا منقطعا أن ثبت على ما كان عليه".
الفصل
فكرت في هل سيسعفنا العمر لنقرأ ما نريد ونشتهي ونتعلم ما نريد تعلمه؟
ثم أجبت نفسي: أن هذا السؤال وإن كان سؤالا حسنًا، إلا أنه يستبطن نوعًا من البطالة، فالمهم ألا يضيع الإنسان وقتًا في الفاضي وخلاص، ساعتها سيقرأ ما يريد ويكون عمل ما ينفعه!
ثم أجبت نفسي: أن هذا السؤال وإن كان سؤالا حسنًا، إلا أنه يستبطن نوعًا من البطالة، فالمهم ألا يضيع الإنسان وقتًا في الفاضي وخلاص، ساعتها سيقرأ ما يريد ويكون عمل ما ينفعه!
Forwarded from سعد خضر (سعد خضر)
يقول الطاهر بن عاشور:
لشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية، فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها، وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها؛ بله الإقدام عليها رويدا رويدا حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة.
[التحرير والتنوير]
لشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية، فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها، وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها؛ بله الإقدام عليها رويدا رويدا حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة.
[التحرير والتنوير]
بما أننا في وقت قليل اللي صاحي فيه:
فالذي أعتقده أن مشكلة (بعض) الدعاة أو بمصطلح العامة الشيوخ أو المثقفين ثقافة دينية، -مش لازم يكون شيخًا محضا- أو يتبنون خطابًا إصلاحيًا عمومًا أنهم يظنون أن بمحض انتمائهم لخطاب شريف كالدين أو التكلم بالعلم الشرعي فإنهم قد تخلصوا من الآفات الإنسانية كالغباء وضحالة التفكير وفساد النفس، والحقيقة أن هؤلاء ناس من الناس، بل إنك لو تأملت في حال قطاع ليس بالقليل خاصة ممن عندهم جرأة ووثوقية شديدة على التصدر ستجد عندهم الآفات دي عادي جدًا..فإذا انضاف لهذا ضعف الثقافة وقلة العلم كان الفساد عريضًا بأن يقود الناس أحمق غبي..هيلبسهم في الحيطة !
ولا حول ولا قوة إلا بالله
فالذي أعتقده أن مشكلة (بعض) الدعاة أو بمصطلح العامة الشيوخ أو المثقفين ثقافة دينية، -مش لازم يكون شيخًا محضا- أو يتبنون خطابًا إصلاحيًا عمومًا أنهم يظنون أن بمحض انتمائهم لخطاب شريف كالدين أو التكلم بالعلم الشرعي فإنهم قد تخلصوا من الآفات الإنسانية كالغباء وضحالة التفكير وفساد النفس، والحقيقة أن هؤلاء ناس من الناس، بل إنك لو تأملت في حال قطاع ليس بالقليل خاصة ممن عندهم جرأة ووثوقية شديدة على التصدر ستجد عندهم الآفات دي عادي جدًا..فإذا انضاف لهذا ضعف الثقافة وقلة العلم كان الفساد عريضًا بأن يقود الناس أحمق غبي..هيلبسهم في الحيطة !
ولا حول ولا قوة إلا بالله
في مديح المهندسين المره دي:
كنت أتحدث مع صديقي وجاء سيرة المهندسين فأخبرني أنه يؤخذ عليهم مسالة التفكير الرياضي الحدي..
فقلت لهم: هم يفكرون تفكيرًا رياضيا، غيرهم مش بيفكر أصلًا
كنت أتحدث مع صديقي وجاء سيرة المهندسين فأخبرني أنه يؤخذ عليهم مسالة التفكير الرياضي الحدي..
فقلت لهم: هم يفكرون تفكيرًا رياضيا، غيرهم مش بيفكر أصلًا
عجلة الزمان لا ترجع إلى الوراء، وقد حفر الشيخ الألباني اسمه في تاريخ علم الحديث وخط بيده جهده، ومهما انتقده الناس وتمحلوا المقالات لمحوه والغض منه؛ فلن يمحى اسمه…أمرٌ منتهٍ…وأما العلمُ والقول بحقٍ وعدلٍ فيقبل من كل أحدٍ وكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك..
لست مع فكرة إشاعة أخبار الفاحشة والفساد في المجتمع، ومن يتابعني يعلم موقفي من هذا؛ لكن المجتمع الذي يتنكر للفساد الظاهر فيه هو مجتمع أحمق لا يُرجى أن يفكر يومًا بما يصلحه، هذه الدكتورة أخطأت ولا ريب وستعاقب -بحق أو بباطل- لكن دا لا ينبغي أن يجعل الناس تتعامى وتتغافل عن فساد هذا المجتمع وانحلال أخلاقه، وأن واجب العقلاء أن يبحثوا في أسباب هذا بحثًا حقيقيًا، وألا يجعلوه ساحة لإثبات أفكارهم اللوذعية من أسباب سطحية لا تعالج المشكلة..
وربنا يهدي الحال
وربنا يهدي الحال
باستقراء ناقص لكلام العلماء وجدت أن من أكثر المتقدمين من العلماء لهم نصائح منهجية في طلب العلم والتعلم الفعال: الشعبي، الخليل بن أحمد.
ليس المهم آن نتعلم كيف نتكيف مع العيش في عالم لا تهم فيه الحقائق، بل المهم أن نتقف في صف فكرة الحقيقة ونتعلم كيف نقاوم.
لي ماكنتاير، ما بعد الحقيقة
لي ماكنتاير، ما بعد الحقيقة
[رؤية الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- في دراسة الفقه مذهبيًا]:
ويجب أن تدرس المذاهب على أنها وجهات نظر متساوية القيمة وأن تناقش الأدلة وتوزن الاتجاهات بحياد علمي وصدر مفتوح لا مكان فيه للخصومة والجفاء وتفريق الأمة.
وأرى أن يوضع حد للتقطع القائم بين آراء الفقهاء الكبار، وأن يدرس الأزهر ابن تيمية، وابن حزم وغيرهما إلى جانب الأئمة الأربعة .. إننا نواجه طوفانا من الأفكار والموازين الشائعة للحقوق والمصالح ولا مساغ لمقابلة هذا الطوفان بفكر إسلامي واحد، بل يجب أن يقابل بجميع المدارس الفقهية عندنا.
ثم إن الخلود لكتاب الله وسنة رسوله لا لاجتهاد بشر، ويعنى هذا ألا نتحرج من وزن الاجتهادات القديمة وأن ننفض يدنا من بعضها إذا بدا أن لا مجال لبقائه.
ويجب أن تدرس المذاهب على أنها وجهات نظر متساوية القيمة وأن تناقش الأدلة وتوزن الاتجاهات بحياد علمي وصدر مفتوح لا مكان فيه للخصومة والجفاء وتفريق الأمة.
وأرى أن يوضع حد للتقطع القائم بين آراء الفقهاء الكبار، وأن يدرس الأزهر ابن تيمية، وابن حزم وغيرهما إلى جانب الأئمة الأربعة .. إننا نواجه طوفانا من الأفكار والموازين الشائعة للحقوق والمصالح ولا مساغ لمقابلة هذا الطوفان بفكر إسلامي واحد، بل يجب أن يقابل بجميع المدارس الفقهية عندنا.
ثم إن الخلود لكتاب الله وسنة رسوله لا لاجتهاد بشر، ويعنى هذا ألا نتحرج من وزن الاجتهادات القديمة وأن ننفض يدنا من بعضها إذا بدا أن لا مجال لبقائه.
الذي ينفعك أن تتعلم وتجتهد قدر وسعك وأن يسلم الناس من لسانك ويدك، وأن تقول في العلم بعلم وحق وعدل، وأن تبقي أثرًا في الناس من الخير والعلم إن كان ذلك بابك، واعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا وأن ما كان لله بقي، أقبل على العلم بكلك، ولا تغرنك الزخارف والزيوف، واجعل قيمتك من نفسك وعملك، وقل ما تراه يرضي الله ويرضي ضميرك ولو خالفك الناس جميعًا، والله يفصل بين عباده.
يقول الشيخ الألباني عن بعض الأحاديث التي حكم عليها بالحسن ثم بان له خطأ ذلك الحكم:
ومع أنني تحفظت في الاستشهاد به، فقد غلب علي الثقة بقول البيهقي المذكور، فحسنت حديث أبي رافع به في «الإرواء» (٤/٤٠٠/١١٧٣)، والآن وقد طبع - والحمد لله - كتاب البيهقي: «الشعب»، ووقفت فيه على إسناده، وتبين لي شدة ضعفه؛ فقد رجعت عن التحسين المذكور، وعاد حديث أبي رافع إلى الضعف الذي يقتضيه إسناده، وهذا مثال من عشرات الأمثلة التي تضطرني إلى القول بأن العلم لا يقبل الجمود، وأن أستمر على البحث والتحقيق حتى يأتيني اليقين. والحمد لله رب العالمين.
[السلسلة الضعيفة]
ومع أنني تحفظت في الاستشهاد به، فقد غلب علي الثقة بقول البيهقي المذكور، فحسنت حديث أبي رافع به في «الإرواء» (٤/٤٠٠/١١٧٣)، والآن وقد طبع - والحمد لله - كتاب البيهقي: «الشعب»، ووقفت فيه على إسناده، وتبين لي شدة ضعفه؛ فقد رجعت عن التحسين المذكور، وعاد حديث أبي رافع إلى الضعف الذي يقتضيه إسناده، وهذا مثال من عشرات الأمثلة التي تضطرني إلى القول بأن العلم لا يقبل الجمود، وأن أستمر على البحث والتحقيق حتى يأتيني اليقين. والحمد لله رب العالمين.
[السلسلة الضعيفة]
يقول الشيخ الألباني في نصٍّ مطول في مقدمة السلسلة الضعيفة:
ولما كان من طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها العجز العلمي المشار إليه في قوله تعالى: "وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِن عِلْمِهِ إِلّاَ بِما شَاءَ"؛ كانَ بدهيّا جدّاً أن لا يجمُدَ الباحث عند رأي أو اجتهاد له قديم، إذا ما بدا له أن الصواب في غيره من جديد، ولذلك نجد في كتب العلماء أقوالًا متعارضة عن الِإمام الواحد؛ في الحديث وتراجم رواته، وفي الفقه، وبخاصة عن الِإمام أحمد، وقد تميز في ذلك الِإمام الشافعي بما اشتهر عنه أن له مذهبين: قديم وحديث.
وعليه؟ فلا يستغربنَّ القارئ الكريم تراجعي عن بعض الآراء والأحكام التي يُرى بعضها في هذا المجلد تحت الحديث (65) عند الكلام على حديث: " لا تذبحوا إلا مسنة "، وغير ذلك من الأمثلة؛ فإن لنا في ذلك بالسلف أسوة حسنة.
وإن مما يساعد على ذلك فوق ما ذكرت من العجز البشري- أننا نقف ما بين آونة وأخرى على مطبوعات جديدة. كانت أصولها في عالم المخطوطات أو المصورات، بعيدة عن متناول أيدي الباحثين والمحققين، إلا ما شاء الله منها لمن شاء، فيساعد ذلك مَن كان مهتماً بالوقوف على هذه المطبوعات والاستفادة منها على التحقيق أكثر من ذي قبل.
ولهذا وذاك هو السر في بروز كثير من التصحيحات والتعديلات على بعض ما يطبع من مؤلفاتي الجديدة، أو ما يعاد طبعه منها. كهذا المجلد الذي بين يديك، وينتقدني لذلك بعض الجهلة الأغرار...
وبهذه المناسبة أقول:
إني أنصح كل من أراد أن يرد عليَّ- أو على غيري- ويبيًن لي ما يكون قد زلَّ بهِ قلمي، أو اشتط عن الصواب فكري، أن يكون رائده من الرد النصح والإِرشاد، والتواصي بالحق، وليس البغضاء والحسد، فإنها المستأصلة للدِّين.
ولما كان من طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها العجز العلمي المشار إليه في قوله تعالى: "وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِن عِلْمِهِ إِلّاَ بِما شَاءَ"؛ كانَ بدهيّا جدّاً أن لا يجمُدَ الباحث عند رأي أو اجتهاد له قديم، إذا ما بدا له أن الصواب في غيره من جديد، ولذلك نجد في كتب العلماء أقوالًا متعارضة عن الِإمام الواحد؛ في الحديث وتراجم رواته، وفي الفقه، وبخاصة عن الِإمام أحمد، وقد تميز في ذلك الِإمام الشافعي بما اشتهر عنه أن له مذهبين: قديم وحديث.
وعليه؟ فلا يستغربنَّ القارئ الكريم تراجعي عن بعض الآراء والأحكام التي يُرى بعضها في هذا المجلد تحت الحديث (65) عند الكلام على حديث: " لا تذبحوا إلا مسنة "، وغير ذلك من الأمثلة؛ فإن لنا في ذلك بالسلف أسوة حسنة.
وإن مما يساعد على ذلك فوق ما ذكرت من العجز البشري- أننا نقف ما بين آونة وأخرى على مطبوعات جديدة. كانت أصولها في عالم المخطوطات أو المصورات، بعيدة عن متناول أيدي الباحثين والمحققين، إلا ما شاء الله منها لمن شاء، فيساعد ذلك مَن كان مهتماً بالوقوف على هذه المطبوعات والاستفادة منها على التحقيق أكثر من ذي قبل.
ولهذا وذاك هو السر في بروز كثير من التصحيحات والتعديلات على بعض ما يطبع من مؤلفاتي الجديدة، أو ما يعاد طبعه منها. كهذا المجلد الذي بين يديك، وينتقدني لذلك بعض الجهلة الأغرار...
وبهذه المناسبة أقول:
إني أنصح كل من أراد أن يرد عليَّ- أو على غيري- ويبيًن لي ما يكون قد زلَّ بهِ قلمي، أو اشتط عن الصواب فكري، أن يكون رائده من الرد النصح والإِرشاد، والتواصي بالحق، وليس البغضاء والحسد، فإنها المستأصلة للدِّين.
لماذا الشيخ الألباني بالذات عدو لدود لبعض الناس؟
بغض النظر عن الاجتهادات الفقهية التي انتقدها فيه أصحابه أو منتسبون لمدرسته السلفية قبل غيرهم نقدًا علميًا لا بمجرد الشعارات من نحو القول بأن اللامذهبية هي قنطرة اللادينية ونحو هذا الكلام الفارغ؛ فإن عملية التحقيق الحديثي ومعرفة المحفوظ من الحديث من غيرهم -وهي جزء من تحقيق التاريخ بعامة- والتاريخ وتحقيقه والحديث والبحث فيه هما الصخرة التي تتكسر عليها الخرافات التي يراد نسبتها للدين بأسانيد واهية أو برفض النظر فيها ومراجعتها أصلًا تحت دعاوى أن الأمة تلقت ذلك بالقبول..
ولا يقال إن ناسًا آخرين كان لهم اشتغال حديثي كالألباني، لأن للألباني خصيصة أنه أحدث صدى عظيمًا بعمله لم يكن لأحد غيره مثله..
بغض النظر عن الاجتهادات الفقهية التي انتقدها فيه أصحابه أو منتسبون لمدرسته السلفية قبل غيرهم نقدًا علميًا لا بمجرد الشعارات من نحو القول بأن اللامذهبية هي قنطرة اللادينية ونحو هذا الكلام الفارغ؛ فإن عملية التحقيق الحديثي ومعرفة المحفوظ من الحديث من غيرهم -وهي جزء من تحقيق التاريخ بعامة- والتاريخ وتحقيقه والحديث والبحث فيه هما الصخرة التي تتكسر عليها الخرافات التي يراد نسبتها للدين بأسانيد واهية أو برفض النظر فيها ومراجعتها أصلًا تحت دعاوى أن الأمة تلقت ذلك بالقبول..
ولا يقال إن ناسًا آخرين كان لهم اشتغال حديثي كالألباني، لأن للألباني خصيصة أنه أحدث صدى عظيمًا بعمله لم يكن لأحد غيره مثله..
وكما فعل ابن عبد الوهاب وشاه ولي الله؛ ضغَطَ الألبانيُّ البُعدَ المعياري للزمن داخل التاريخ الديني في الإسلام، ومن ثَمَّ رفض المنطق الرجعي للتراث الفكري الإسلامي، واعتبر نفسَه مؤهَّلا لتنقيح كتابات العلماء الكلاسيكيين للإسلام. إلا أنّ الألباني لم يكن يدعو للفوضى الفكرية أو تهميش العلماء، فهو مثل جميع علماء المسلمين يعيِّن بوضوحِ جماعةً محددة تُعرف باسم "أهل العلم" الذين ينبغي على المسلمين في كل عصر أن يرجعوا إليهم في التخصصات الدينية، ولم يكن يرفض جهود العلماء المسلمين الكلاسيكيين. بل في الواقع اعتمد الألباني بالكامل على الانتقادات القديمة للأحاديث ورواتها في إعادة نقده لنصوص الكتب الشهيرة. وعلى الرغم من أنه اعتبر نفسه مؤهلاً بما يكفي لإعادة النظر في النصوص الكلاسيكية إلا أنه لم يستطع إحياء النظر الوثيق الذي كان لدى العلماء المتقدمين لدقائق النقد الحديثي. ومن ثَمَّ فإن كُتب الألباني، مثل سلسلة الأحاديث الضعيفة، تطبِّق آراء علماء الحديث الكلاسيكيين والنقاد المتأخرين للنصوص الكلاسيكية، مثلما فعل ابن أبي الوفاء، ومن ثَمَّ فإن كتبه مليئة بالنقل عن مجموعة كاملة من علماء أهل السنة المعتبرين، منهم الشافعي وابن حجر وابن حزم.
جوناثان براون، قوننة الصحيحين، ص449
جوناثان براون، قوننة الصحيحين، ص449
مما كتبه د. صالح محمد على جزاه الله خيرا وأحسن إليه:
و الشيخ الألباني، رحمه الله، صاح في أصحاب الحديث حتى أيقظهم من نومهم، و لو خالفوه في كل أقواله و كل منهاجه، لبقي له عليهم أنه أيقظهم من نومهم.
وقال:
و الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، كان أخرج المسند و غيره، و لكنه لم يحدث ذلك الضجيج و الدوي الذي أحدثه الشيخ الألباني، و لولا ذلك الدوي الذي أحدثه الشيخ الألباني، لكان انتفاع الناس بالشيخ شاكر و غيره أقل كثيرا مما هو عليه اليوم، لقد دفع الشباب إلى الحديث دفعا، فطلبوه عند الشيخ شاكر و غيره، و كان عمل الشيخ شاكر و غيره حينئذ في خاصة من الناس، و جعله الشيخ الألباني في عامة منهم.
و الشيخ الألباني، رحمه الله، صاح في أصحاب الحديث حتى أيقظهم من نومهم، و لو خالفوه في كل أقواله و كل منهاجه، لبقي له عليهم أنه أيقظهم من نومهم.
وقال:
و الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، كان أخرج المسند و غيره، و لكنه لم يحدث ذلك الضجيج و الدوي الذي أحدثه الشيخ الألباني، و لولا ذلك الدوي الذي أحدثه الشيخ الألباني، لكان انتفاع الناس بالشيخ شاكر و غيره أقل كثيرا مما هو عليه اليوم، لقد دفع الشباب إلى الحديث دفعا، فطلبوه عند الشيخ شاكر و غيره، و كان عمل الشيخ شاكر و غيره حينئذ في خاصة من الناس، و جعله الشيخ الألباني في عامة منهم.