اعلم أن الجماعة المعنية في الأحاديث الواردة في فضل الجماعة أو وجوبها هي صلاة الجماعة في المسجد في وقت الاجتماع؛ لأن المقصد الشرعي منها اجتماع أهل المحلة الواحدة تجديدًا لأواصر الأخوة الإسلامية والألفة، فاعتيادها اعتياد بألف المسلمين بعضهم ببعض. ومن اجتماعهم ينشأ شعورهم بمصالحهم ودفع أضرارهم؛ ولذلك جعلت الشريعة اجتماعات للمسلمين مرتبة في اليوم وفي الأسبوع يجتمع أهل البلد الواحد لصلاة الجمعة، وفي العيدين كذلك، وفي الحج يجتمع طوائف من المسلمين في مكة. فأما صلاة رجل مع آخر أو مع رجال في غير المسجد، أو فيه في غير وقت الاجتماع، فإنما لها من الفضل دون ذلك إلحاقًا لها بالجماعة؛ لأن فيها استبقاء حب التجمع، فألحقت بحكم الجماعة، كما ألحقت صلاة الإمام الراتب وحده في مسجده بصلاة الجماعة.
الطاهر ابن عاشور
الطاهر ابن عاشور
❤19👍3
في تاريخ التراث الإسلامي بعلومه المختلفة لم تتكون على الحقيقة تصورات المؤرخين للعلوم والمذاهب إلا عبر آراء المخالفين/الفرقاء، لا عبر استقراء ونظر حقيقي في آراء أصحاب المذهب أنفسهم باختلاف الطبقات دون الوقوع في أسر تصورٍ محددٍ يهيمن على تلك الرؤية، خذ مثلًا لم يقع تصورنا لأصحاب أبي حنيفة (أهل الرأي) إلا من خلال وصف مخالفيهم (أهل الحديث عمومًا، والشافعي بسطوته خاصة)، ولم يقع تصورنا للمعتزلة إلا من خلال وصف مناؤيهم كالأشعرية والحنبلية وأهل الحديث، وهكذا في عامة التراث.
❤9👍1
صباح الخير::
على ذِكرِ مسألة التكفير والتساهل فيه، وانجرار الشباب إليه،
من الأمور اللافتة جدًا أن الرأي الوحيد/الفرقة (بالاصطلاح الحادث) الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير منه أشد التحذير هم الفرقة التي عرفت تاريخيًّا باسم الخوارج، وكان من وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهم أنهم: (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) وأنَّهم (يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم).
وإذا وسعنا دائرة النظر في رأي تلك الفرقة وطريقتهم لوجدت آثارهم لم تنقرض كليًّا بخلاف ما يظن البعض، وإن كانوا انقرضوا كتمثل فِرقي وكِيان جماعي بالصورة الأكثر انحرافًا، إلا أنّ هذا النمط السلوكي في التعامل مع الناس/المسلمين، والمعرفي في التعامل مع النصوص، لم ينقرض وإنما تحور وسرى في الناس بأشكال مختلفة ومتفاوتة الدرجة عبر التاريخ.
الأمر الآخر الذي أود التنبيه عليه في هذا السياق، وهو متعلق بالنمط السلوكي أن قولَ هؤلاء ورأيهم ليس محصورًا في تسمية المخالفِ كافرًا -صراحةً، بل يندرج تحت كل معاملةٍ لمسلمٍ بغير ما تقتضيه رابطة الإسلام وأخوته، فيناله من ذمِّ هؤلاء بقدرِ ذلك.
وأما النمط المعرفي فيلحق به كلّ قراءة سطحيةٍ للعلم، وكل تقصير عمدي في التخلق بأخلاق العلم.
على ذِكرِ مسألة التكفير والتساهل فيه، وانجرار الشباب إليه،
من الأمور اللافتة جدًا أن الرأي الوحيد/الفرقة (بالاصطلاح الحادث) الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير منه أشد التحذير هم الفرقة التي عرفت تاريخيًّا باسم الخوارج، وكان من وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهم أنهم: (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) وأنَّهم (يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم).
وإذا وسعنا دائرة النظر في رأي تلك الفرقة وطريقتهم لوجدت آثارهم لم تنقرض كليًّا بخلاف ما يظن البعض، وإن كانوا انقرضوا كتمثل فِرقي وكِيان جماعي بالصورة الأكثر انحرافًا، إلا أنّ هذا النمط السلوكي في التعامل مع الناس/المسلمين، والمعرفي في التعامل مع النصوص، لم ينقرض وإنما تحور وسرى في الناس بأشكال مختلفة ومتفاوتة الدرجة عبر التاريخ.
الأمر الآخر الذي أود التنبيه عليه في هذا السياق، وهو متعلق بالنمط السلوكي أن قولَ هؤلاء ورأيهم ليس محصورًا في تسمية المخالفِ كافرًا -صراحةً، بل يندرج تحت كل معاملةٍ لمسلمٍ بغير ما تقتضيه رابطة الإسلام وأخوته، فيناله من ذمِّ هؤلاء بقدرِ ذلك.
وأما النمط المعرفي فيلحق به كلّ قراءة سطحيةٍ للعلم، وكل تقصير عمدي في التخلق بأخلاق العلم.
❤16👍13
نمط التحزب والعصبية للشيوخ والآراء هو نمط كامن في البنية العقلية والنفسية لعامةِ الناس، وما المذاهب الإسلامية قديمها وحديثها بخلو من ذلك، على تفاوتٍ بينها الدرجةِ ونوعية المسائل وظهورِ ذلك، فالذي ينتقد تحزب جماعة لشيخهم -وهو محقٌ في هذا- عنده تحزب من نوع آخر في حقيقة الأمرِ..
❤12👍2
مشكلة مناقشة المسألة النسوية/النسائية كنظرية معرفية وما يتعلق بقضية المرأة=صعب في واقعنا العربي -مصر خاصة- لأنك على الحقيقة لست تناقش بنى مفاهيمية على المستوى المعرفي والتأويلي للنص الديني والتراثي فقط، وإنما أنت عندك مشاكل تربوية ومجتمعية ونفسية -سواء على مستوى الرجل أو المرأة أو الأسرة ككل- عميقة التجذر في المجتمع. فبعض النساء تتوسل ما يتقرر لها من حقوق وما ليس عليها لتبرر الإشكالات التربوية والنفسية والأخلاقية، وهو ما يجعل بعض الرجال تعارض أشد المعارضة النظر الحقوقي في تلك المسائل، لوجود الإشكالات آنفة الذكر التي تؤثر على رغبة في السكن كمطلب إنساني ومقصد في العلاقة ومرورًا بالنزوع التسلطي الناتج عن المشكلات المجتمعية والأخلاقية والنفسية آنفة الذكر.
❤11👍1🫡1
من مقاصد الشريعة الستر على المسلمين في المعاصي ما لم يخش ضرٌ على الأمة؛ لأن في الستر مصالح كثيرة،
منها: إبعاد المقترف عن استخفاف الناس به وكراهيتهم له،
ومنها أنَّ في التسميع بالعاصي مظنة قصد التشويه به، فيحدث من ذلك سوء نية للمشهر به،
ومنها أن إشاعة المعاصي تسهل أمرها على متجنبها؛ إذ النقائص تسهل بكثرة مرتكبيها، يقول من تنزع نفسه إليها: أن له نظائر وأسوة في غيره فبإشاعتها توقظ عيون الدعارة والفساد، وهذا مما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19]،
ومنها أن من حصلت منه المعصية على وجه الفلتة إذا ستر أمره بقي له وقاية مروءته فلعله لا يعاود تلك المعصية فإذا افتضح زال ذلك الاتقاء، فقال: أنا الغريق خوفي من البلل،
ومنها أن التشهير يحدث عداوة بين المشهر والمشهر به، وذلك ينافي مقصد الإسلام من دوام الألفة والمحبة بين المسلمين.
الطاهر ابن عاشور
منها: إبعاد المقترف عن استخفاف الناس به وكراهيتهم له،
ومنها أنَّ في التسميع بالعاصي مظنة قصد التشويه به، فيحدث من ذلك سوء نية للمشهر به،
ومنها أن إشاعة المعاصي تسهل أمرها على متجنبها؛ إذ النقائص تسهل بكثرة مرتكبيها، يقول من تنزع نفسه إليها: أن له نظائر وأسوة في غيره فبإشاعتها توقظ عيون الدعارة والفساد، وهذا مما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19]،
ومنها أن من حصلت منه المعصية على وجه الفلتة إذا ستر أمره بقي له وقاية مروءته فلعله لا يعاود تلك المعصية فإذا افتضح زال ذلك الاتقاء، فقال: أنا الغريق خوفي من البلل،
ومنها أن التشهير يحدث عداوة بين المشهر والمشهر به، وذلك ينافي مقصد الإسلام من دوام الألفة والمحبة بين المسلمين.
الطاهر ابن عاشور
❤29👍6👏1
حكم عروسة المولد وحصان المولد:
قال الشبراملسي:
"الصور التي تتخذ من الحلوى لترويجها فلا يحرم بيعها ولا فعلها، ثم رأيت الشيخ عميرة نقل ذلك عن البلقيني فليراجع"
قال الشبراملسي:
"الصور التي تتخذ من الحلوى لترويجها فلا يحرم بيعها ولا فعلها، ثم رأيت الشيخ عميرة نقل ذلك عن البلقيني فليراجع"
👍7❤5🤯3
على ذكر مسألة التصوير وتحويل الصور بالذكاء الاصطناعي الذي أخذت يومي العيد وانقضت، الحقيقة لما أثيرت المسألة بعد أن استخدمها الناس، لم يلفت الانتباه الجدل الفقهي من حيث هو جدل علمي ونقاش، وإنما الباعث النفسي لدى بعض الناس في السؤال عن الحكم، هذا السؤال في حقيقته لا يلزم أن يكون دائمًا سؤالا بريئًا عن حكمٍ شرعي، وإنما في أحد جوانبه سؤال يكشف عن نفسية السائل وطبيعة تعامله مع الدين، ونزوعه النفساني للتدقيق في مسائلَ معينة دون غيرها إما لطبيعته أو لموقفٍ من انبساط الناس والمجتمع في فعلٍ ما فيثير هذا شيئًا لديه، وقد انتبه ابن عمر لهذا النوع من السائلين المستفتين فيما رواه البخاري:
حيث سأله سائلٌ عن المحرم قال شعبة أحسبه يقتل الذباب فقال: أهلُ العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله ﷺ.
فهنا سائل يترك عظائم الأمور ويشتغل بدقائقها، مما يدل على خللٍ بيِّنٍ وظاهر في فهمه للدين وترتيب سلم الأولويات لديه.
حيث سأله سائلٌ عن المحرم قال شعبة أحسبه يقتل الذباب فقال: أهلُ العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله ﷺ.
فهنا سائل يترك عظائم الأمور ويشتغل بدقائقها، مما يدل على خللٍ بيِّنٍ وظاهر في فهمه للدين وترتيب سلم الأولويات لديه.
❤36👍15👏4👌2
تخلق الإنسان بالأخلاق الحسنةِ وحسن قيامه بطاعة الله سبحانه وانكفافه عن المعاصي وإصلاحه ما بينه وبين نفسه وبين الناس، وإتيانه المستحبات من الطاعات وإحسانه إلى أهله وولده، كل تلك الأمور مقصودة شرعًا وفطرة وخلقًا لذاتها، بغض النظرِ عن كونه أسباب في التمكين أو النصرة على العدو أو مفارقة الغرب ومخالفته أو أو...من هذا الكلام الذي أكثره عبث ولا علاقة له ببعض وإنما كل واحدٍ يتخذُ من قضيته التي يؤمنُ بها سبيلًا إما لابتزاز الناس بجعل فكرته سبب الانتصار على العدو أن سببًا للنكاية في الخلق...
أنت تحسن لله ولنفسك..
أنت تحسن لله ولنفسك..
❤28👍3⚡2
من المظاهر اللافتة في بعض الخطابات المعاصرة زيادة الاحتفاء بنموذج "المرأة المقاتلة" أو "العاملة المكافحة" -وبعضها يحمد بوجه من الوجوه- التي تخوض أدوراً غالبًا ما ارتبطت بأدوار الرجل -ويتم استدعاء نماذج لو في سياق إسلامي لصحابيات قاتلن أو شاركن في نحو جهادٍ- وكأن اكتمال حضور المرأة في المجال العام لا يتحقق إلا بتمثلها لصورة الرجل في أدوراه الكفاحية الصعبة.
ولا تنبع تلك الملاحظة -أو سمة النقدَ إن شئت- من رؤية ذكورية راديكالية أو فكرة أبوية استبدادية- بل من رؤية تعتبر أن لكل من الجنسين أدوارًا تكاملية، فالأصل أن المرأة تحمى وتصان ويذاد عنها ولا تكفل من أدوار الرجولة أو تدفع إلى المواجهة وتحمل أعباءً ليست من صميم دورها الوجودي -سواء في بعده الخَلقي أو الثقافي-.
والحقيقة إن تحويل النموذج الأنثوي إلى صورة معكوسة عن الذكر -مقاتلة متصدرة لأدواره- هو في حقيقته إضعاف للهوية الأنثوية وتشويه لها لا تمكين، واستبطان لرؤية ترى أن القوة والفرادة في الذكورة وحدها، لا أن الأنوثة تحتمل من الخصائص والسمات ما يجعلها متفردة بها,
ولا تنبع تلك الملاحظة -أو سمة النقدَ إن شئت- من رؤية ذكورية راديكالية أو فكرة أبوية استبدادية- بل من رؤية تعتبر أن لكل من الجنسين أدوارًا تكاملية، فالأصل أن المرأة تحمى وتصان ويذاد عنها ولا تكفل من أدوار الرجولة أو تدفع إلى المواجهة وتحمل أعباءً ليست من صميم دورها الوجودي -سواء في بعده الخَلقي أو الثقافي-.
والحقيقة إن تحويل النموذج الأنثوي إلى صورة معكوسة عن الذكر -مقاتلة متصدرة لأدواره- هو في حقيقته إضعاف للهوية الأنثوية وتشويه لها لا تمكين، واستبطان لرؤية ترى أن القوة والفرادة في الذكورة وحدها، لا أن الأنوثة تحتمل من الخصائص والسمات ما يجعلها متفردة بها,
👍19❤15👏1💯1🍓1
وينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر متواضعا، رفيقا فيما يدعو إليه شفيقا رحيما غير فظ ولا غليظ القلب، ولا متعنتا...عدلا فقيها، عالما بالمأمورات والمنهيات شرعا، دينا نزها، عفيفا ذا رأي وصرامة وشدة في الدين، قاصدًا بذلك وجه الله عز جل، وإقامة دينه، ونصرة شرعه، وامتثال أمره، وإحياء سننه، بلا رياء ولا منافقة ولا مداهنة غير متنافس ولا متفاخر، ولا ممن يخالف قوله فعله، ويسن له العمل بالنوافل والمندوبات والرفق، وطلاقة الوجه وحسن الخلق عند إنكاره، والتثبيت والمسامحة بالهفوة عند أول مرة.
ابن مفلح، الآداب الشرعية
ابن مفلح، الآداب الشرعية
❤34👍5
ولا تبال بكثرة خصومك ولا بقدم أزمانهم ولا بتعظيم الناس إياهم ولا بعزتهم؛ فالحق أكثر منهم وأقدم وأعز وأعظم عند كل أحد وأولى بالتعظيم.
وإذا شئت أن تتيقن فساد مراعاة ما ذكرنا فتأمل أهل كل ملة وكل أمة، فإنك تجدهم مطبقين على تعظيم أسلافهم وصفتهم بكل فضيلة وبكل خير وذم أسلاف من خالفهم. وتأمل كل قول يقال، فقد كان القائلون به في أول أمره قليلًا، وأكثر ذلك يرجع إلى واحد ثم كثر أتباعه. وفتش كل قول قديم تجده قد كان ابن ساعة بعد أن لم يكن، ثم مرت عليه الأيام والشهور والسنون والدهور. فاعلم أن مراعاة هذه الأمور من ضعف العقل وقلة العلم.
ولا تبال أيضًا وإن كانوا فضلاء على الحقيقة فقد يخطئ الفاضل ما لم يكن معصوما. ولو أن ذلك الفاضل لاح له ما لاح لك لرجع إليك ولو لم يفعل لكان غير فاضل.
ابن حزم
وإذا شئت أن تتيقن فساد مراعاة ما ذكرنا فتأمل أهل كل ملة وكل أمة، فإنك تجدهم مطبقين على تعظيم أسلافهم وصفتهم بكل فضيلة وبكل خير وذم أسلاف من خالفهم. وتأمل كل قول يقال، فقد كان القائلون به في أول أمره قليلًا، وأكثر ذلك يرجع إلى واحد ثم كثر أتباعه. وفتش كل قول قديم تجده قد كان ابن ساعة بعد أن لم يكن، ثم مرت عليه الأيام والشهور والسنون والدهور. فاعلم أن مراعاة هذه الأمور من ضعف العقل وقلة العلم.
ولا تبال أيضًا وإن كانوا فضلاء على الحقيقة فقد يخطئ الفاضل ما لم يكن معصوما. ولو أن ذلك الفاضل لاح له ما لاح لك لرجع إليك ولو لم يفعل لكان غير فاضل.
ابن حزم
❤22👍2👏1
نصيحة جاحظية في العلاقات:
"اعلم أن كثرة العتاب سببٌ للقطيعة، واطراحه كله دليلٌ على قلة الاكتراث لأمر الصديق. فكن فيه بين أمرين: عاتبه فيما تشتركان في نفعه وضره وذلك في الهينات، وتجاف له عن بعض غفلاته تسلم لك ناحيته".
"اعلم أن كثرة العتاب سببٌ للقطيعة، واطراحه كله دليلٌ على قلة الاكتراث لأمر الصديق. فكن فيه بين أمرين: عاتبه فيما تشتركان في نفعه وضره وذلك في الهينات، وتجاف له عن بعض غفلاته تسلم لك ناحيته".
❤39🍓15👍6🤗3
عن قلق نسيان المقروء والاستمرار في القراءة
كثيرا ما يسأل بعض الناسِ عن قلقهِ من نسيان ما يقرأ وعدم قدرته على تذكره، وصار الجوابُ الحاضر عادة إنّ هذا الذي نقرأه ولا نتذكره يشكلُ تفكيرنا بوجهٍ من الوجوه وإن لم نتذكر ألفاظه، ونستفيدُ منه كالطعام نأكله ولا نجدُ أثرَه مباشرة، والذي يظهر بعد تأملٍ وتجربةٍ أن هذا الجوابَ صحيح بشرطٍ وهو أن يكون القارئ مداومًا على القراءة والطلب والنظر في العلمِ، وتكرار التعرض للمعرفة، وأمّا أن تمرّ المعلومة أمر النظرِ دون تفكيرٍ وبفهمٍ غير متعمقٍ فيها ولا ممارسة؛ فإنّ فائدتها تكاد تنعدمُ، ولا يكون مثلها هنا كمثلِ الطعام يبني الجسمَ ولا نرى أثرَه فورًا، وإنما يكون مثلها كمثلِ الطعام نشم ريحه ونستلذُ بِهِ...
ومما يحسن الإرشارةُ إليه، ما نبّه عليه العلماء من آفةِ الانقطاع عن الدرسِ والتعلمِ حيث إن بعض الناس يركنُ أنه كان يذاكر ويقرأ في يومٍِ من الأيامِ إلا أن العلمَ دون درسٍ يُنسى ولا يبقى منه إلا كأثر رسمٍ درسَ، ولا يتركٌ عالمٌ النظرَ في العلمِ إلا ينساه شيئًا فشيئًا حتى يعود عاميًّا كأن لم يقرأه يومًا.
كثيرا ما يسأل بعض الناسِ عن قلقهِ من نسيان ما يقرأ وعدم قدرته على تذكره، وصار الجوابُ الحاضر عادة إنّ هذا الذي نقرأه ولا نتذكره يشكلُ تفكيرنا بوجهٍ من الوجوه وإن لم نتذكر ألفاظه، ونستفيدُ منه كالطعام نأكله ولا نجدُ أثرَه مباشرة، والذي يظهر بعد تأملٍ وتجربةٍ أن هذا الجوابَ صحيح بشرطٍ وهو أن يكون القارئ مداومًا على القراءة والطلب والنظر في العلمِ، وتكرار التعرض للمعرفة، وأمّا أن تمرّ المعلومة أمر النظرِ دون تفكيرٍ وبفهمٍ غير متعمقٍ فيها ولا ممارسة؛ فإنّ فائدتها تكاد تنعدمُ، ولا يكون مثلها هنا كمثلِ الطعام يبني الجسمَ ولا نرى أثرَه فورًا، وإنما يكون مثلها كمثلِ الطعام نشم ريحه ونستلذُ بِهِ...
ومما يحسن الإرشارةُ إليه، ما نبّه عليه العلماء من آفةِ الانقطاع عن الدرسِ والتعلمِ حيث إن بعض الناس يركنُ أنه كان يذاكر ويقرأ في يومٍِ من الأيامِ إلا أن العلمَ دون درسٍ يُنسى ولا يبقى منه إلا كأثر رسمٍ درسَ، ولا يتركٌ عالمٌ النظرَ في العلمِ إلا ينساه شيئًا فشيئًا حتى يعود عاميًّا كأن لم يقرأه يومًا.
❤50👍6😢2🏆2
المفتي ليس مطالبًا بإصابة الحق في نفس الأمر، بل هو مطالب بالاجتهاد في الأدلة بحسب علمه مع كونه يعتقد نفسه أهلًا للفتيا ويرجو إصابة الصواب غالبًا.
الطاهر ابن عاشور، كشف المغطى
الطاهر ابن عاشور، كشف المغطى
❤21👍1
📚تفسير الطاهر ابن عاشور حديث سهل بن سعدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان ففي الفرس، والمرأة والمسكن" يعني الشؤم.
هذا الحديث أحسن حديث في هذا الباب، وأصحُّه وأقواه نسبةً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن راويه توخَّى فيه لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون زيادة ولا نقص، حتَّى أنَّه لما جرى كلام الرسول عليه الصلاة والسلام على إضمار لفظ الشؤم لأنَّه جرى الكلام عليه بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام -حكى الراوي لفظه كما صدر منه، ثمَّ فسَّر معاد الضمير الواقع في الكلام النبوي، بقول الراوي: (يعني الشؤم)، فصار هذا الحديث الذي رواه سهل بن سعد - رضي الله عنه -، هو الحاكم على جميع ما روي في هذا الباب، ومعناه أن الشؤم غير كائن؛ لأنَّ رسول الله لا يخبر عنه بقوله: «إن كان» إلَّا وهو غير واقع، إذ ليس رسول الله بالذي يشكَُ في الشؤم أواقعٌ هو أم لا؟ وإنَّما جاء بصيغة الشرط «بأن» الغالبة في الشروط المعرضة لعدم الوقوع على إيجاز بليغ، وهو إظهار مثار توهُّم الناس الشؤم في أمور ثلاثة هي أظهر الأشياء في حصول الشؤم لو كان شؤم، فمعنى الكلام: الشؤم ليس بموجود فإن كان موجودًا، فأعلق الأشياء بتخيُّله فيها الفرس والمرأة والمسكن، وإنما خصَّ هذه الثلاثة؛ لأنَّها هي الملابسات للإنسان التي يريد منها صاحبها فوق ما يريد من بقية الملابسات، فإنَّ المرء يريد من الأشياء التي يستعملها نفعًا هو ذاتي فيها وهو راض به...
والمرأة يراد منها أن تكون مخلصة له حافة لسره ولعهده، راعية لماله، مجلبة لنسله، وبخاصةً الذكور، موافقة لطبعه، فقد يتَّفق أن تكون طبائعها موافقة له وجارية على مراده فيعدها ميمونة، وقد لا يتَّفق الطبعان ولا تقبل المرأة الانطباع على أخلاق زوجها ولا تلد له فتلحقه منها أضرار تقلُّ وتعظم بحسب مقدار تخلف مقصده فيعدها مشومة عليه؛ ولذلك كانوا يدعون للمعرس بقولهم: «بالرفاء والبنين»، أي: الوفاق، وولادة الأولاد الذكور.
وأمَّا المسكن فهو قرارة المرء، وفيه تعرض له الحوادث، فإن حدث له فيه ما يسره أو ما هو الكثير من أحوال أمثاله من يوم مسرَّة ويوم مساءة حسبه منزلًا مألوفًا، وإن اتفق أن تواردت عليه فيه الهموم أو الأمراض، سمَّاه منزلًا مشومًا.
وهذه الثلاثة يعسر على صاحبها استبدالها لوفرة نفقاتها، ولشدَّة الإلف بها، ولقلَّة إلفاءِ عوض عنها، فكانت مراقبة ما يحصل معها عندهم شديدة؛ ولذلك كثير بين أهل الجاهلية التحدُّث بشؤم هذه الأمور الثلاثة أكثر من غيرها، وذلك من حكم الوهم المحض لا حقيقة له، ولما سبق من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نهاهم عن توهُّم الشؤم خاطب فريقًا رأى منهم إعادة الخوض في إثباته بما يردعهم، فجعله مشكوكًا فيه في خصوص هذه الثلاثة التي يعسر استبدالها كالمنكِّل لهم مبالغة في تأديبهم، وحاشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرَّ ذلك أو أن يشكَّ في تقريره. كيف؟ وذلك يناقض صريح نهيه عن الطيرة ونفيه لوقوعها، وما الشؤم إلَّا فرع منها.
هذا الحديث أحسن حديث في هذا الباب، وأصحُّه وأقواه نسبةً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن راويه توخَّى فيه لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون زيادة ولا نقص، حتَّى أنَّه لما جرى كلام الرسول عليه الصلاة والسلام على إضمار لفظ الشؤم لأنَّه جرى الكلام عليه بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام -حكى الراوي لفظه كما صدر منه، ثمَّ فسَّر معاد الضمير الواقع في الكلام النبوي، بقول الراوي: (يعني الشؤم)، فصار هذا الحديث الذي رواه سهل بن سعد - رضي الله عنه -، هو الحاكم على جميع ما روي في هذا الباب، ومعناه أن الشؤم غير كائن؛ لأنَّ رسول الله لا يخبر عنه بقوله: «إن كان» إلَّا وهو غير واقع، إذ ليس رسول الله بالذي يشكَُ في الشؤم أواقعٌ هو أم لا؟ وإنَّما جاء بصيغة الشرط «بأن» الغالبة في الشروط المعرضة لعدم الوقوع على إيجاز بليغ، وهو إظهار مثار توهُّم الناس الشؤم في أمور ثلاثة هي أظهر الأشياء في حصول الشؤم لو كان شؤم، فمعنى الكلام: الشؤم ليس بموجود فإن كان موجودًا، فأعلق الأشياء بتخيُّله فيها الفرس والمرأة والمسكن، وإنما خصَّ هذه الثلاثة؛ لأنَّها هي الملابسات للإنسان التي يريد منها صاحبها فوق ما يريد من بقية الملابسات، فإنَّ المرء يريد من الأشياء التي يستعملها نفعًا هو ذاتي فيها وهو راض به...
والمرأة يراد منها أن تكون مخلصة له حافة لسره ولعهده، راعية لماله، مجلبة لنسله، وبخاصةً الذكور، موافقة لطبعه، فقد يتَّفق أن تكون طبائعها موافقة له وجارية على مراده فيعدها ميمونة، وقد لا يتَّفق الطبعان ولا تقبل المرأة الانطباع على أخلاق زوجها ولا تلد له فتلحقه منها أضرار تقلُّ وتعظم بحسب مقدار تخلف مقصده فيعدها مشومة عليه؛ ولذلك كانوا يدعون للمعرس بقولهم: «بالرفاء والبنين»، أي: الوفاق، وولادة الأولاد الذكور.
وأمَّا المسكن فهو قرارة المرء، وفيه تعرض له الحوادث، فإن حدث له فيه ما يسره أو ما هو الكثير من أحوال أمثاله من يوم مسرَّة ويوم مساءة حسبه منزلًا مألوفًا، وإن اتفق أن تواردت عليه فيه الهموم أو الأمراض، سمَّاه منزلًا مشومًا.
وهذه الثلاثة يعسر على صاحبها استبدالها لوفرة نفقاتها، ولشدَّة الإلف بها، ولقلَّة إلفاءِ عوض عنها، فكانت مراقبة ما يحصل معها عندهم شديدة؛ ولذلك كثير بين أهل الجاهلية التحدُّث بشؤم هذه الأمور الثلاثة أكثر من غيرها، وذلك من حكم الوهم المحض لا حقيقة له، ولما سبق من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نهاهم عن توهُّم الشؤم خاطب فريقًا رأى منهم إعادة الخوض في إثباته بما يردعهم، فجعله مشكوكًا فيه في خصوص هذه الثلاثة التي يعسر استبدالها كالمنكِّل لهم مبالغة في تأديبهم، وحاشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرَّ ذلك أو أن يشكَّ في تقريره. كيف؟ وذلك يناقض صريح نهيه عن الطيرة ونفيه لوقوعها، وما الشؤم إلَّا فرع منها.
❤9👍3
نصيحة جاحظية في العلاقات -مرة أخرى-
لا تعاقب وادًّا وإن اضطرك الواد، ولا تجعل طول الصحبة سببًا للضجر، واصبر على خلقه خير من جديد غيره. وصداقة المتطرف غرور، وملالة الصديق أَفَنٌ.
لا تعاقب وادًّا وإن اضطرك الواد، ولا تجعل طول الصحبة سببًا للضجر، واصبر على خلقه خير من جديد غيره. وصداقة المتطرف غرور، وملالة الصديق أَفَنٌ.
❤32
عمال أفكر في التغير الذي أصاب المجتمع وأخلاقَه وما لا يخفى من أشكال فساد الأخلاق، وبينما أزور في نفسي معنى أريد كتابة في الحثِّ على أن يكون الإنسان صالحًا في ظلِّ ذلك الانحطاط، وما لذلك من فضلٍ وما فيه من خيرٍ، تذكرت حديث: طوبى للغرباء، وفي بعض روايات الحديث: "الذي يصلحون إذا فسدَ الناس"
هذا الحديث الذي كثيرًا ما استعمل للانعزال والاغتراب عن الخلق والاستعلاء عليهم بغير حقٍّ وبغير الوجه الممدوح فيه، يحملُ تلك البشرى العظيمة للذين يصلحون إذا فسدَ الناس. فهم غرباء لا بظاهر أشكالهم ولا بكلماتٍ يتمايزون بها عن الناس، وإنما قلوب أبتِ الفساد، وأرواحٌ أحب الخيرَ واستمسكت به...فلم يكن صلاحهم غرورًا ولا غربتهم تكبرًا، وإنما مشاعلٌ نورٍ وخيرٍ ورفق،
وفي المزامير:
طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلا. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح.
هذا الحديث الذي كثيرًا ما استعمل للانعزال والاغتراب عن الخلق والاستعلاء عليهم بغير حقٍّ وبغير الوجه الممدوح فيه، يحملُ تلك البشرى العظيمة للذين يصلحون إذا فسدَ الناس. فهم غرباء لا بظاهر أشكالهم ولا بكلماتٍ يتمايزون بها عن الناس، وإنما قلوب أبتِ الفساد، وأرواحٌ أحب الخيرَ واستمسكت به...فلم يكن صلاحهم غرورًا ولا غربتهم تكبرًا، وإنما مشاعلٌ نورٍ وخيرٍ ورفق،
وفي المزامير:
طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلا. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح.
❤37👍3👏1